تأملات تدبرية

براهين العقل والإيمان في سورة النمل

براهين وأدلة الإيمان في خمس أسئلة في سورة النمل (أمّن)

د. أحمد نوفل
تفريغ وإعداد موقع إسلاميات حصريًا

(أمّن) وردت خمس مرات، استفهام وكل واحدة وراءها قضية تنبه العقل إلى براهين وأدلة الإيمان:

1- (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴿٦٠﴾) السموات والأرض من حولك، خصص أسئلة عن الخلق، الله هو الخالق الخلاق ليس هناك خالق غيره سبحانه. قد يصنع البشر أشياء لكنهم لا يمكن أن يخلقوا حياة، فالذي يخلق الحياة هو الحيّ سبحانه. (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ) انظر إلى المناظر الطبيعية لتسبح الخالق، نباتات وأشجار متنوعة (مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا) البعض يقولون الطبيعة ولا يقولون الله حتى لا يقروا بالإيمان. القرآن هو الحق المطلق.

2- (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾) الله سبحانه وتعالى هو الذي حجز البحار، هذا خلق معجز محسوب حسابا دقيقا خلقه الله سبحانه وتعالى ولكنهم يقوم يعدلون، ينحرفون عن الله أو عن منهج الله تعالى أو يعدلون يسويّ بالله من لا يتساوى مع الله!

3- (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾) كل مضطر مسلم وغير مسلم، لا تتحدى الخالق في قوانينه في الخلق.

4- (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٣﴾) في ساعة الاضطرار يدعو الإنسان الله، فادعُ الله دعاء المضطر موقنًا بالإجابة منكسرًا بين يدي ربك خاضعًا فهذه دعوة لا تُردّ إن شاء الله. اقرأ على مكان الوجع وادعُ دعاء المضطر جرّب وثق بالله تعالى. (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)

5- (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٦٤﴾) بدأ بالخلق وختم بالخلق، الختام يناسب الختام ذكر بدء الخلق وإعادته وفي الآية الأولى ذكر بدء الخلق (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) تناسق!
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ ﴿٦٧﴾) لم يقل (مبعوثون) وإنما (مخرجون) السورة تركز على الخروج لم ترد إلا في سورة النمل وسورة المؤمنون (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35)).
هناك مجاعات في العالم ولكنها من ظلم الإنسان للإنسان ومن استعباد الإنسان للإنسان ومن نهب ثروات الشعوب المظلومة في الجمهوريات الهالكة تحت يدي الاستعمار مثل جمهوريات افريقيا الوسطى.
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=e8jva0xktrY
**************************
اللمسات البيانية في ختام الآيات (60 – 64) في سورة النمل
د. فاضل السامرائي – برنامج لمسات بيانية
تفريغ موقع إسلاميات حصريًا

(أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)) هذه الأسئلة التي أثاروها هم يعلمونها لأنه قال (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) وربنا قال في آية أخرى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (25) لقمان)، ثم قال (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) وقال في آية أخرى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (63) العنكبوت)، إذن هم يعلمون الجواب لكنهم ينحرفون عن الحق يعني هم قوم يعدلون مع معرفتهم بهذا الأمر، يعدلون يعني ينحرفون عن الطريق وليست من العدل، هم ينحرفون مع معرفتهم بهذا الأمر. هم أجابوا عن السؤال أنه الله، إذن أإله مع الله؟ّ! إذن (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) رغم معرفتهم هم عدلوا عن الحق.

(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61)) أي لا يعلمون شيئاً من الأشياء معتداً به، يعلمون لكن هذا العلم لا يجعلهم يبطلون الشرك فما قيمة هذا العلم؟ّ إذن لا يعلمون شيئاً يُعتدّ به أو قد لا يعرفون هذه الأشياء الدقيقة أنه جعل بين البحرين حاجزاً.

(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)) قليلاً ما تذكرون يعني مع أنهم يدعون الله وينسون ما يشركون لأن ربنا يذكر أن هؤلاء إذا مسهم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه، قليلاً ما تذكرون أي نسيتم هذا الأمر نسيتم أن الله هو الذي نجاكم (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ (23) يونس) إذن نسوا، قليلاً ما تذكرون ما كنتم عليه من حال السوء، نجاكم الله وأيضاً نسيتم. أحياناً يعاهدون الله (لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ثم ينسون. بداية الآيات (أمّن) يقيم الحجة عليهم. معنى (أمن) يعني من يجيب؟ هذه أم المنقطعة وأصلها أم من، (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) هذا سؤال، و(أم) يعني (بل) هذا سؤال آخر، تأتي بأسئلة متوالية بل من يفعل ذلك؟، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ (16) الرعد) قل هل يستوي الأعمى والبصير؟ بل هل تستوي الظلمات والنور؟ هذا سؤال آخر. (بل) إضراب انتقالي. (أمن يجيب المضطر) هذا سؤال معناه من يجيب المضطر؟

(أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) النمل) هذا سؤال (من يرسل الرياح)؟ هذا سؤال أيضاً (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ). في الآيات الأولى ذكر صفاتهم هم قال عنهم (بل هم قوم يعدلون، أكثرهم لا يعلمون، قليلاً ما تذكرون) والآن قال (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) إذن ذكر صفات المخلوقين هؤلاء ثم ذكر صفاته تعالى ونزّهها فقال (تعالى الله عما يشركون).
في بداية الآيات ذكر بعض ما يقوم به لعباده ثم يصدر حكماً في صفاتهم هم (بل هم قوم يعدلون، أكثرهم لا يعلمون، قليلاً ما تذكرون) ذكر صفاتهم هم ثم (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) نزّه نفسه بعد أن ذكرهم وكيف يغيبون عن الحق.

ثم قال (أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64)) مع كل هذه الأشياء والحجج التي ألزمتكم فيها أءله مع الله؟ يقولون نعم، فيقول (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) إإتوا بالدليل بعد أن ألزمتكم الحجة، أنا ذكرت البرهان فاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. كل الأسئلة في الآيات السابقة تدل على عجزهم إذن أقام الحجة عليهم. ثم قال (أإله مع الله) قالوا نعم (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) ص) فقال إذن هاتوا برهانكم، نحن ذكرنا الأدلة وألزمناكم الحجة لما تقولون به فاتوا ببرهانكم.
تغيرت الخاتمة، ذكر الأحكام فيهم وصفاتهم أولاً بأول ثم نزّه نفسه عما يفعل ثم ذكر إءله مع الله؟ قالوا نعم، قل هاتوا برهانكم على ما تقولون، ما برهانكم على ما تقولون به؟. الله تعالى أثبت صنيعته لعباده وأثبت رد فعلهم (بل هم قوم يعدلون، أكثرهم لا يعلمون، قليلاً ما تذكرون) ثم نزه نفسه عنهم وطالبهم بالإتيان بالحجة.

براهين النمل