برنامج بينات

برنامج بينات – 1436هـ – الحلقة 2 – سورة المائدة

الحلقة 2 لبرنامج بينات

رمضان 1436هـ

سورة المائدة 83

تفريغ الأخت أم عبد الرحمن وأخواتها لموقع إسلاميات

رابط الحلقة فيديو

https://www.youtube.com/watch?v=tsaSDskPNx4

 

الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. مشاهدي الكرام ما زال الحديث موصولاً حول آيات سورة المائدة في قول الله عز وجل (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ) وبيّنا فيما مضى كيف أن هؤلاء النصارى قد اتصفوا بصفات جعلتهم أقرب الناس مودة للذين آمنوا (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ) وبيّنا فيما مضى أيضاً أهمية معرفة الحق وأنها إذا باشرت القلوب التي ليس فيها كِبر فإن النفوس تجيش مع هذا الحق وتتأثر به تأثراً بالغاً حتى إن العين التي لا يملك الإنسان إخراج الدمع منها تفيض من كثرة الدمع. هذا بعض ما مررنا عليه في الحلقة الماضية وكنا وقفنا عند فائدة أراد أن يتحدث عنها الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظه الله فقلنا أجّلها إلى هذه الحلقة لعلكم تستمعون إليها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، وهي في قوله تعالى (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ) فيها فائدة أن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بالقرآن الكريم، أنها من أعظم الوسائل في الدعوة إلى الله وهي تلاوة القرآن الكريم، تفسير القرآن الكريم، تقريب معانيه للناس. اليوم وفي القديم أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم كان في أول بعثته لا يزيد على أن يقرأ القرآن للناس، يقرأه على الناس وقصته مع عتبة بن ربيعة عندما قرأ عليه سورة فصلت يعني مشهورة ونظائرها كثيرة والقرآن الكريم في هذا الموضع يشير إلى هذا (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ) يعني القرآن الكريم (تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ) ولذلك نقول هذه فائدة للدعاة الذين يتعاملون مع غير المسلمين من النصارى ومن غيرهم أن يركّزوا على هذه المسألة وهي تلاوة القرآن الكريم، بيان معانيه باللغة التي يفهمها الآخرون وتقريبها. تراجم معاني القرآن الكريم اليوم هي وسيلة مهمة جداً من وسائل الدعوة إلى الله، ولذلك كثير من قصص الذين أسلموا من المعاصرين عندما تقرأ في تراجمهم كيف اقتنع بالإسلام؟ تجد أنها كانت مبدؤها من قراءته لترجمة من معاني القرآن الكريم كانت سبباً في هدايته ودخوله في الإسلام.

الشيخ محمد الخضيري: بل هناك إحصائيات تقول: إن أكبر عامل لإسلام الناس خصوصاً في الدول الغربية هو القرآن الكريم، بل هو القدر المشترك الذي تجتمع حوله قصص الإسلام كلها. قد يتأثر بموقف لكن إذا قرأ الآيات اتضح له الحق، قد يسمع آية فإذا أمعن في بقية الآيات اتضح له الحق، فتجد أن قراءة القرآن هي المدار، ولذلك هذا يحتم علينا أن نؤكد على الدعاة أن يدعوا إلى الله عز وجل بالقرآن، وعلى المسلمين أن يبرزوا هذا القرآن للناس بكل ما أوتوا من قوة، عبر وسائل الإعلام، طباعته باللغات، هل تصدّق أبا عبد الله إنه أحصيت تراجم القرآن أظنها ما بلغت مئتي ترجمة في عامة اللغات، بينما الإنجيل ترجم لأكثر من ألفين وخمسمائة لغة في العالم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى اللهجات المحلية ربما.

الشيخ محمد الخضيري: حتى اللهجات المحلية! يقولون أكثر من ألفين وثلاثمائة أو خمسمائة لغة عالمية مترجم لها الإنجيل، طبعاً عدد اللغات في العالم حسب موقع في الانترنت متخصص في اللغات بلغت سبعة آلاف وخمسمائة لغة، طبعاً ما بين لغة أصلية وبين لهجات بينها فروق طفيفة لكن تسمى بمثابة لغات لأنه أحياناً قد لا يتفاهمون إلا شيئاً طفيفاً. فالإنجيل وصل إلى هذا الرقم والمسلمون لم يصلوا بعد إلا إلى رقم يسير ومتواضع علماً بأنهم يملكون هذا الخير. ما الذي يمنع دول أن تضخ ميزانيات في موضوع تراجم القرآن وتقريبه للعالم وإيصاله للناس بأي صورة كانت؟! والآن عبر الوسائل الحديثة يمكن إيجاد حتى أجهزة تحمل عددًا كبيرًا من التراجم ويقرأها الناس ويستفيدون منها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لاشك أن هذه الآية تدل على هذا، يعني تشير إلى أهمية الاستعانة بالقرآن الكريم وبيان معانيه في الدعوة إلى الإسلام يعني مباشرة. طبعاً أصلاً كل من يدعو إلى الله سبحانه وتعالى قطعاً هو سينطلق من القرآن الكريم، لا شك، لكن نحن نتحدث عن القراءة المباشرة، التلاوة المباشرة للقرآن الكريم، بيان معانيه المباشرة للآخرين في أثناء دعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى، ولذلك عندما أهديت مرة نسخة مترجمة من معاني القرآن الكريم باللغة الانجليزية فقط يعني ليس فيه النص القرآني فأهديتها لرجل قسيس مسؤول عن كنيسة من كنائس في مدينة اسمها مدينة شارلوت في أمريكا وقلت له وأنا أشرح له قلت إذا وقتك يسمح تقرأ ترجمة معاني القرآن الكريم هذا رائع جداً وإذا كان وقتك ضيقًا فيمكن أن تركز على سورة مريم وسورة آل عمران، تقرأ سورة مريم وسورة آل عمران وأخذت منه البريد الالكتروني.

الشيخ محمد الخضيري: لكن لماذا مريم وآل عمران يا أبا عبد الله؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنها سورة آل عمران كما مر معنا تتحدث عن النصارى بتفصيل كثير تتحدث عن آل عمران وهم أسرة مريم.

الشيخ محمد الخضيري: سورة آل عمران.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سورة آل عمران تتحدث عن أسرة مريم عليها السلام ثم ابنها عيسى وتفاصيل كثيرة.

الشيخ محمد الخضيري: تناقش النصارى في قضية التوحيد.

الشيخ مساعد الطيار: وعن أصناف النصارى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم، ثم سورة مريم هي مسماة باسم مريم، والنصارى يستغربون أنهم يجدون سورة في القرآن الكريم باسم مريم في حين أنه لا يوجد في الإنجيل سِفْر خاص بها. ولذلك يقول أحد القساوسة النصارى عندما أسلم فكتب مقالة جميلة جداً لفت فيها النظر إلى قضايا ما ننتبه لها نحن المسلمون، يقول: عندما أخذت القرآن الكريم أول وهلة كنت أتوقع أنني سأجد فيه سورة لعائشة وسورة لخديجة وسورة لأبي طالب أقارب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فذهلت عندما وجدت أن ذكر عيسى في القرآن أكثر من ذكر غيره وأن هناك سورة باسم مريم وسورة بآل عمران يقول هذه تجعل النصراني الذي وصفه الله هنا

الشيخ مساعد الطيار: المحايد

الشيخ عبد الرحمن الشهري: المحايد، المحب للحق، الذي ما عنده أي انطباعات سلبية سابقة أنه ينقاد مباشرة ويسلم، لأن دين الإسلام يحترم عيسى عليه الصلاة والسلام ومريم. فالخلاصة أن استخدام القرآن الكريم وتوظيفه في الدعوة إلى الله وفي دعوة الناس وفي شرح الإسلام للآخرين من أعظم الوسائل التي تجعلهم يدخلون في الإسلام.

الشيخ محمد الخضيري: دعك من هذا أبا عبد الله، عندك شيء أبا عبد الملك؟

الشيخ مساعد الطيار: أكمل.

الشيخ محمد الخضيري: حتى في طوائف المسلمين أفضل وسيلة وجدتها أنا بالدعوة إلى الله عز وجل هي الحديث حول القرآن الكريم، خذ آيات وفسّرها من دون ما تذكر أي قضايا أخرى قد تُصنَّف من خلالها أنك تحمل الفكر الفلاني أو تنتمي للطائفة الفلانية أو غير ذلك مما يقع في نفوس من يستمعون إليك.

الشيخ مساعد الطيار: وقد يكون صاداً للحق.

الشيخ محمد الخضيري: بالضبط، بينما إذا تكلمت في القرآن الجميع ينصت والجميع يُسلِّم ومن خلاله تستطيع الوصول بكل الأفكار التي عندك من الحق طبعاً من خلال الآيات القرآنية التي بين يديك، إذا ربطتها بالقرآن سيكون الربط بشيء مقدّس وعظيم جداً. وأضف إلى ذلك أنه سيرسخ في الذهن لأن الآيات هذه يسمعها باستمرار من أئمة المساجد ويقرأها في ورده الشهري أو السنوي أو الرمضاني فكل ما مرّ بها تذكر ما قيل له أو ما سمعه من ذاك المحاضر أو الخطيب أو المدرّس وهذه فائدة في الدعوة أيضاً، حتى بين المسلمين وليس مع غير المسلمين.

الشيخ مساعد الطيار: أنا كنت أريد أن ألفت النظر إلى آثار تلاوة القرآن أو سماع القرآن على الشخص، هنا ذكر قال (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) وفي سورة الزمر ذكر حالة أخرى (اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ) [سورة الزمر:23] ففيه آثار محسوسة تكون على الإنسان على بدنه وجسده وهي محل مقالة أو بحث أن الإنسان يبحث عن مثل هذه الأمور وهو جانب تأثيري في غالبه جانب تأثيري بمعنى أنه أثر القرآن، وهذا التأثير جانبه سبحان الله أحياناً لا يلزم منه أن يكون الذي يسمع هذا الكتاب عارفاً بالمعاني في الجانب التأثيري لكن سبحان الله ميزة لكلام الله سبحانه وتعالى بمعنى أنك تتلو القرآن على إنسان أعجمي لا يعرف العربية ويتأثر ويحسّ بأن هذا كلام هو لا يستطيع أن يعبّر يقول كلام

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا غريب

الشيخ مساعد الطيار: يعني غريب عليه، وقصص بعضها حتى مصوّر في اليوتيوب تدل على هذا، وهذا كله طبعاً راجع إلى المصدرية التي ذكرتها يا أبا عبد الله قبل، كونه من عند الله سبحانه وتعالى، ولهذا سبحان الله هذه فائدة أضيفها للكلام الذي ذكره أبو عبد الله في قضية مصدرية القرآن في جميع القرآن المصدرية واحدة، ليس هناك شبهة في كون القرآن من عند الله، هناك آيات وهي تدخل في باب المحكم والمتشابه أو الحمل على المتشابه مثل قوله (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) يعني بعضهم قد يستدل بهذه الآية على أنه هذا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو من كلام جبريل على طبعاً ما يزعمون ولكننا نقول: نعم إنه هذه الآية جاءت ولكن كم آية جعلت هذا الكلام من عند الله سبحانه وتعالى؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كثيرة

الشيخ مساعد الطيار: كثيرة جداً

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ) [سورة التوبة:٦]

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم (حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ) وكل هذه الآيات تركها وذهب لمثل هذه الآية مع أن هذه الآية على منهاج العرب وعلى كلامهم مخرّجة ومعروفة، وهو كلامه على أنه مبلّغ وليس كلامه على أنه صادر منه.

الشيخ محمد الخضيري: (لَقَوْلُ رَسُولٍ) والرسول معه رسالة

الشيخ مساعد الطيار: معه رسالة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً قال فيها (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥))[سورة الحاقة]

الشيخ محمد الخضيري: هذا لدفع أي لبس في هذه الآية

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مجرّد رسول

الشيخ محمد الخضيري: أيضاً في قوله (تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) من ماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ).

الشيخ محمد الخضيري: مما يدل على أن الحق إذا عُرف أثّر في النفس، وهذا يبين أنه ينبغي للإنسان أن يعرف الحق الذي نزل من عند الله عز وجل حتى يتأثر به، بعض الناس يقول: يا أخي أنا أسمع القرآن بس ما أتأثر، أنت حقيقة ما تأثرت لأنك ما عرفت، لو عرفت حقيقة هذا الكلام الذي نزل أو معناه أو ما يدل عليه وباشر قلبك والله ليؤثرنّ عليك هذا واحد، مما يؤكد هناك أحياناً أشياء تحول بين الإنسان وبين معرفة الحق ليس هو اللغة أحياناً الصفات النفسية كون الإنسان عنده طغيان أو عنده كبر بسبب الجِدَة والمال والحياة الرغيدة ترى هذه تلبّس القلب بغشاء يمنعه من أن يباشر الحق قلبه، وترى هذه حقيقة بمعنى إنه أحياناً الإنسان يسمع الكلام وصف الجنة وإلا وصف النار وما يؤثر فيه، ليس عدم التأثير لأنه ما فهم، هو فهم لكن هناك غشاء آخر ولذلك هنا قال (وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ) طبعاً وهم لا يستكبرون (تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ) فأنت قد يكون المشكلة عندك في معرفة الحق، وقد يكون المشكلة عندك فيه ران على القلب يمنعه من التأثر بالحق والاستجابة له والتعاطي معه وهذه مشكلة، أنا أظن والله أعلم إنه كثير من الناس اللي يرغبون في أن يبكوا من خشية الله أو يتأثروا بالقرآن ولهم رغبة صادقة في هذا أنهم ما عالجوا قلوبهم من هذه الزاوية وهي زاوية ترقيق القلب وجلوهُ من صدأه بالاستغفار والتوبة والانطراح بين يدي الله والتعلق بالله عز وجل وكثرة الذكر واللهج. كان بعض السلف إذا وجد من قلبه شيء من قسوة اعتكف يستغفر الله عز وجل ويتذكر ذنوبه ويمحوها بالتوبة حتى ينجلي ذلك الصدأ، من حين ما تُقرأ آية تتدفق عينه بالدمعة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم، النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ نفسه بهذا وهو الذي أنزل عليه الوحي فكان لا يترك قيام الليل، ولا يترك ورده من القرآن عليه الصلاة والسلام مع أن الله قد ضمن له أنه لا ينسى القرآن، يعني هو عليه الصلاة والسلام يقرأ ورده ولا يتركه ليس لأجل أن لا ينساه فهو قد ضُمِن له أن لا ينساه (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى (٦)) [سورة الأعلى:٦] لكنه من أجل ما تفضلت يعني ليست مسألة إنك تنقاد للحق أو أنك تفهم القرآن وتعمل به وتبكي من خشية الله مرتبط بأنك مجرد إنك تأخذ المصحف وتقرأ، لا، المسألة لا بد إنك تعالج نفسك معالجة كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم من قيام الليل والانقطاع بين يدي الله وكثرة الاستغفار وكثرة الذكر لا بد منها، ولذلك لما قيل له عن عبد الله بن عمر فقال: «نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل» فعبد الله ما ترك القيام بعد ذلك، فانظر مع إنها قضايا هي ربما ليست في صلب برنامج كثير من الناس اليوم أنه لا يترك قيام الليل إلا أنها كانت أساسيات في حياة هؤلاء السلف الذين ينبغي علينا أن نقتدي بهم، ينبغي علينا أن نجاهد أنفسنا من أجل أن نصل إلى هذه المرحلة، قضية أننا يعني الإنسان يعرف ما في القرآن الكريم وأن تفيض عينه من الدمع إذا سمع القرآن وقرأه.

الشيخ مساعد الطيار: فيه فائدة في قضية هناك مراتب في مسألة سماع الحق الله سبحانه وتعالى قال (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)) المتلقي قد يسمع الحق ولكنه يضلّ عنه يعني لا يرى أنه حق، وقد يسمع الحق ويعلم أنه حق لكنه لا يهتدي به وهذا يقع عند طوائف من المستشرقين وغيرهم، يعني هم من خلال بحوثهم

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عرفوا الحقيقة

الشيخ مساعد الطيار: عرفوا الحق، لكن سبحان الله ما حصلت لهم

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الهداية.

الشيخ مساعد الطيار: الهداية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هداية التوفيق.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم هداية التوفيق، مما يدل على أن هذا الإنسان فيه مثل ما ذكرت قبل يا شيخ محمد قضية الكبر وهذه في الداخل قد لا تخرج وإلا ما الذي يمنعه من الاتباع؟! أو أحياناً قد يكون الهوى والشهوات مانعة من قبول الحق، هؤلاء تجرّدوا تجرداً تاماً فقالوا (يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)) لو أخذنا هرقل، هرقل عرف الحق وعرف أن هذا هو النبي الذي وعد به في آخر الزمان ولكنه لم يتبعه خشية أن يزول ماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما هو فيه من الملك

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم بخلاف النجاشي

الشيخ محمد الخضيري: سبحان الله!.

الشيخ مساعد الطيار: يعني النجاشي سبحان الله مع أنهما في المنزلة متقاربين هذا ملك وهذا ملك، وهذا سبحان الله لم يتبع الحق، وهذا اتبع الحق وأذعن له. فأنا أقصد من هذا أننا ونحن نتلوا القرآن على الكفار وهم يسمعون القرآن لا يكفي بالنسبة لنا نحن أن يعترف بأن هذا والله كلام جميل أو أن هذا دين سماوي أو أن بالفعل هذا النبي الذي جاء بهذا الكتاب نبي

الشيخ محمد الخضيري: كعيسى وموسى

الشيخ مساعد الطيار: كعيسى وموسى كل هذه لا تكفي. ولهذا نحن مطالبون أن نُعَبِّد الناس لربّ الناس فنحتاج إلى أن يكمل آخر الآية أنه يقول (رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)) ولهذا قولهم (رَبَّنَا آمَنَّا) حتى لاحظ سبحان الله في سياق الآيات في نظمها ما فيه فواصل، تجد سبحان الله حدث واحد سمعوا ما أنزل على الرسول، فاضت أعينهم، قالوا (رَبَّنَا آمَنَّا) يعني تأثر مباشر. ثم قوله (فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)) يعني السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم رحمهم الله لهم يعني أحياناً تفاسير ما ينتبه الإنسان إلى عمقها يعني من هم الشاهدين؟ لو أنت سألت واحدًا (فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)) طبعاً المعنى اللغوي الذين ماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يشهدون على الناس

الشيخ مساعد الطيار: يشهدون على الناس لكن من هم؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أمة محمد.

الشيخ مساعد الطيار: أمة محمد، هل نستطيع نحن أن نفهم من الآية هكذا أن المراد أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ أنت ترجع إلى البوصلة التي توجهك إلى المعنى المراد أو إلى من هم المرادون بهذا وهو كلام الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، هؤلاء ينبهونك على أن المعنى أو المراد بالشاهدين هنا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني فاجعلنا من أمة محمد.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم اجعلنا من أمة محمد وأيضاً لاحظ ورد عن ابن عباس قال: أمة محمد، وورد عن ابن جريج وهو من أتباع التابعين، وورد كذلك روايات متعددة عن ابن عباس في أن المراد أمة محمد، فمثل هذا أقصد أنه أحياناً قد يقول قائل ايش الفائدة أرجع لكلام ابن عباس وكلام مجاهد وكلام ابن جريج وكلام ابن زيد أنا أفهم القرآن أنا عربي (فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)) يعني من الذين يشهدون، نعرف لكن من هم؟ هل تستطيع أن تحدد من هم الذين يشهدون هؤلاء؟ ولماذا يقول ابن عباس أنهم أمة محمد؟ طبعاً عندنا آيات يستدل بها ابن عباس وغيره في كون أمة محمد هي

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) [سورة البقرة:143].

الشيخ مساعد الطيار: (لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) يعني أمة الشهادة فهذا أيضاً من المعاني أو من القضايا الدقيقة التي يحسن بطالب العلم أو حتى من يريد يفسر القرآن أن ينتبه لها وهو الرجوع إلى كلام هذه الطبقات الثلاث وأنا أعتبرها الحقيقة ممكن أسميها بوصلة لمعرفة الحق ومعرفة المراد وأنه لا يمكن أن يخرج المراد عن هؤلاء.

الشيخ محمد الخضيري: صحيح، فيه أيضاً في قوله (تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) خلّد القرآن هذا المشهد ليدل على حب الله لهم وأنه شيء يريده الله من العبد يعني كأنها منزلة يرغب الله عز وجل أن تكون من صفات العبد وهو فيض العين من الدمع

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من خشيته ومن معرفة الحق.

الشيخ محمد الخضيري: من خشيته ومن معرفة الحق ولذلك قال في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله «ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه» طيب إذا كان هذا كذلك أنا وأنت وكل واحد منا مطالب أن يحاسب نفسه هل وصلت إلى مرحلة فيض العين من الدمع من معرفة الحق أو من خشية الله أو من سماع كلام الله أو شيء من هذا القبيل؟ لا ما حصل، إذاً لماذا

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما أربي نفسي على هذا؟

الشيخ محمد الخضيري: إيه أبحث عن الأسباب التي تدعوني وتوصلني إلى هذه المنزلة مثل لو أن إنساناً يريد أن يحج وهذه منزلة يريد أن يكون من أهلها منزلة الحاج والمعتمر فتجده يجمع الدرهم إلى الدرهم ويبذل الأسباب حتى يصل إلى مكة فيؤدي هذه الشعيرة ويشعر بعدها بارتياح تام أنه أدى منزلة طلب الله منه أن يبلغها، هنا هذه أيضاً منزلة يطلب الله منك أن تبلغها لأنه خلدها وذكرها على أنها شيء عظيم جداً فلماذا لا يسعى كل واحد منا أن يتابع نفسه ويحاسبها

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً في قوله (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩)) [سورة الإسراء] فهي يعني صفة محببة ولا شك أن الذي يدرّب نفسه عليها ويربي نفسه عليها أنه سيجد بإذن الله تعالى آثارها التي ذكرها الله.

الشيخ محمد الخضيري: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [سورة العنكبوت:69].

الشيخ مساعد الطيار: على ذكر الآية التي ذكرها أبو عبد الله فيه مسألة أيضاً مرتبطة أنا أريد أربط الآية التي ذكرها أبو عبد الله بالآية التي معنا في قضية الآثار التي تحصل للإنسان وهي جزء منها أو مثال أيضاً الآية هذه آية الإسراء وهي قضية العزّة التي في هذا الكتاب، والآية التي ذكرها أبو عبد الله نجدها قالت (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا) [سورة الإسراء:107] به يعني الخسارة لمن، على من؟ عليك أنت ولهذا قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧)) [سورة الإسراء] يتلى عليهم من قبله يعني من الطوائف الأخرى ومنهم النصارى قال (وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩)) [سورة الإسراء] فإذاً هذه العزّة التي في هذا الكتاب سبحان الله – مثل ما ذكرنا قبل – ما يأتي إليه أحد إلا وتجد أنه يكون صاغرًا عنده يعني يقبله ما دام يريد الحق ويريد الاهتداء، أما معرفة الحق كما قلنا سابقاً فقط ما تكفي فلا بد من طلب الاهتداء وهو الذي حصل من هؤلاء النصارى.

الشيخ محمد الخضيري: بهذه الفائدة نصل إلى ختام مجلسنا هذا، على أمل اللقاء بكم إن شاء الله في المجلس القادم، نلقاكم على خير، وإلى لقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.