برنامج بينات

برنامج بينات – 1436هـ- الحلقة 7 – سورة المائدة

بينات 1436هـ

الحلقة (7) | [المائدة:90]

تفريغ الأخت الفاضلة أم عبد الرحمن وأخواتها لموقع إسلاميات

الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مشاهدي الكرام مازلنا نتحدث حول هذه السورة الكريمة “سورة المائدة” وقد وصلنا فيها إلى قول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)) وهذه الآية كما لا يخفى عليكم كانت هي الآية الحاسمة لحكم الخمر وكانت هي الخاتمة لمراحل تشريع تحريم الخمر وهي آية مشهورة يتداولها الناس كثيراً لبيان مرحلية كثير من الشرائع التي شرعها ربنا سبحانه وتعالى لنا، ولعلنا قبل أن ندخل إلى هذا الميدان أتحدث عن أهمية هذه المرحلة في تغيير ما يمكن أن يقف أمام الداعية أو المُصلِح أو السياسي أو المربّي أو غيرهم أن الله سبحانه وتعالى بيّن لنا ذلك بياناً عملياً وأبقاه لنا في القرآن لتبقى هذه كمنهجية يتّبعها كل إنسان في التغيير وتربية الناس وإصلاح أحوالهم، وأن الإصلاح المفاجئ أو التغيير المفاجئ قد يفلح في بعض المشاهد وبعض المواقع لأسباب تعتريه لكنه ليس قاعدة مضطردة تصلح به أحوال الناس حتى أبناءك وزوجتك لما يتزوج الإنسان يجد امرأته على جملة من الأخلاق أو من العادات التي قد لا يرتضيها أو قد لا تكون حسنة في الشرع فينبغي له أن يصبر ويضع خطة مرحلية للتدرج بها إلى مراقي الكمال، تعليقكم يا مشايخ؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم هذا المثال، بسم الله الرحمن الرحيم، مثال تحريم الخمر هنا في سورة المائدة هو يكاد يكون من أصلح الأمثلة في الشريعة الإسلامية على التدرج في التشريع وكل كتب الفقه وكتب تاريخ التشريع والتربية تشير إلى قضية التدرج في قضية تحريم الخمر وكيف أنه بدأ من التلميح

الشيخ محمد الخضيري: (تتخذون منه سكراً)

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم إلى عدم رغبة أو عدم تشجيع الإسلام على هذا الأمر مثل قوله (تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً) فوصف الرزق بأنه حسن وسكت عن السكر، العقلاء يفهمون منه أن هذا غير محبوب أو غير حسن، ثم شيئاً فشيئاً، لاحظوا الآن في سورة النساء التي مرت علينا قبل سورة المائدة أشار فيها إلى مرحلة التي تسبق هذه المرحلة مرحلة (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) الصحيح أنها ليست دالة على تحريم الخمر وإنما هي مرحلة لتقليل أوقات الشرب قبل تحريمها تحريماً نهائياً، حتى جاءت في هذه الآية التي في سورة المائدة فحسمت الموضوع حسماً نهائياً لذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ) لاحظوا أربع قضايا حسمها في هذه الآية (وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) والحكم هنا في هذه الآية في قوله (فَاجْتَنِبُوهُ) ولذلك الآية فيها خبر وفيها طلب، الخبر في قوله (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) هذا أخبرنا الله بحقيقتها، ما الحُكم؟ قال (فَاجْتَنِبُوهُ) لذلك عند الأصوليين يقولون أن الأمر المجرد عن القرائن يدل على الوجوب فقوله هنا (فَاجْتَنِبُوهُ) أمر بالاجتناب يدل على التحريم المطلق، وهذه الآية هي الآية نسميها آية الباب في تحريم الخمر، الآيات التي سبقتها يعني مثلاً أذكر أحد المثقفين كتب مرة مقالة في الجريدة أو أحد الصحف وقال أن الذين يتشددون في تحريم الخمر هم ملكيين أكثر من الملك لأن الله سبحانه وتعالى يقول ((يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)) فالله لم يمنعنا من الشرب وإنما منعنا في أوقات أداء العبادات فقط، فأُتي هو من سوء فهمه لتاريخ التشريع وكيف أن الآية التي نحن الآن نتعامل معها في حكم الخمر هي الآية التي في سورة المائدة وهي التي يقول الله سبحانه وتعالى (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)). ولذلك حتى تعامل الصحابة رضي الله عنهم كان واضحاً، يقولون من أسباب نزول هذه الآيات أن الصحابة رضي الله عنهم دعوا اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً، لأنها فعلاً هل هي حرام؟ هل هي مكروهة فقط؟ حتى جاءت هذه الآية فانتهى الموضوع حتى قيل أنه لما نزلت الآية وبلغت جمعًا من الصحابة كانوا في مجلس يشربون الخمر وهي حلال ما كانت حرامًا، فلما نزلت الآية انتهى الموضوع بالنسبة لهم وبدأوا بإهراق الأواني التي يشربون فيها الخمر وحتى جرت بعض سكك المدينة بالخمر، فواضح أن هذه الآية هي كانت الآية الحاسمة في تحريم الخمر وقطعه تماماً في الإسلام وأنه محرم تحريماً لا شك فيه ولا شبهة فيه.

الشيخ محمد الخضيري: خصوصاً أنها في سورة المائدة التي تعتبر من أواخر ما نزل من القرآن ولا تكاد تجد فيها حكماً منسوخاً.

الشيخ مساعد الطيار: بل هذا يكاد يكون إجماع ليس فيها حكم منسوخ. مسألة في النسخ ما دام ذكرتها يعني هذه الآية يتحاشى بعض المعاصرين يتحاشون إطلاق لفظة النسخ في مثل هذه الآية ويقولون بالتدرج بالتشريع، الحقيقة أنا ألاحظ أنه هروب لفظي لا أكثر ولا أقل، يعني هو هروب لفظي لماذا؟ لأننا حينما نرجع إلى حقائق الأشياء مثل في قضية الخمر، طبعاً السَكَر بعض العلماء لا يذكره في مراتب الخمر

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مراتب التدرج.

الشيخ مساعد الطيار: نعم، فمثلاً إذا أخذنا قول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء ((يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)) الآن مدلول الآية أنه يدل على جواز شرب الخمر في غير هذه الأوقات

الشيخ محمد الخضيري: نعم

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم

الشيخ مساعد الطيار: فإذاً الخمر كانت جائزة، مدلول هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) أنها تنهى عن شرب الخمر، صحيح أنه ليس هناك أمر بشرب الخمر بعضهم يتعنت يقول ليس هناك أمر بشرب الخمر، هذا صحيح، لكن هناك إباحة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قصده يعني لم يكن هناك أمرٌ بالشرب حتى تقول هذا نسخ

الشيخ مساعد الطيار: حتى تقول نُسِخ هذا لم يكن من فهم الصحابة والتابعين وأتباعهم، لأن الصحابة والتابعين وأتباعهم كانوا أفهم للشريعة منا وحينما أطلقوا على هذا منسوخ ما كان في ذهنهم مسألة التدرج بالعقلية التي يحكيها بعضهم موهم بالقول بالنسخ، وإلا عائشة رضي الله تعالى عنها ذكرت قضية التدرج في الشرائع، وكيف أن الشرائع جاءت شيئاً فشيئاً حتى في قضية الخمر. لكن المسألة الآن الذي أقصده أنه ما يكون عندنا نوع من تخوف من إطلاق لفظة النسخ وأنه نسخ أمراً كان موجوداً ومستقراً ومباحاً فما المانع من الإطلاق عليه نسخ؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه مسألة من المسائل الأصولية الإباحة الأصلية يعني يسمى تغييرها نسخاً أم لا؟ يعني هذه مسألة مطروحة.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً مسألة أخرى أشار إليها الطبري رحمه الله تعالى وهي ترجع إلى قضية نظم الآية ومناسبتها لما قبلها، لأنه الآية التي قبلها

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كفارة اليمين.

الشيخ مساعد الطيار: كانت تتحدث عن كفارة اليمين و (لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّـهُ لَكُمْ) وهنا نهي عن أمر محرم ولهذا قال الطبري في آخر كلامه قال: فنهاهم بذلك عن تحريم ما أحل الله لهم من الطيبات. ثم قال: ولا تعتدوا أيضا في حدودي، فتحلوا ما حرمت عليكم، فإن ذلك لكم غير جائز، كما غير جائز لكم تحريم ما حللت، وإني لا أحب المعتدين. فربط بين الأمرين يعني كأنه الآن هناك شيء من الطيبات لا تحرموه وهنا شيء من المحرمات لا تحلوه أو لا تقربوه.

الشيخ محمد الخضيري: (فَاجْتَنِبُوهُ) اجتنبوه يعني اجعلوه في جانب وأنتم في جانب، نود أن نوضح الحقيقة بعض الكلمات هنا حتى ما نغرق في المعاني الجانبية وندع المعاني الأصلية في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ) ما هي الخمر أبا عبد الله؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الخمر في تعريفها يقولون هي كل ما خامر العقل وغطّاه فهو محرّم، يعني الآن أي مشروب الآن ليس بالضرورة أن يكون فقط العنب إذا تخمر، أو التين إذا تخمر، أو يكون مثلاً الزبيب إذا تخمر، أو التمر إذا تخمر ثم شرب بعد أن يتخمر فإنه يشعر الإنسان بشيء من السكرة، وهذا يوجد في أشياء كثيرة في الطبيعة الآن يعني ليس بالضرورة أن يكون عنبًا أو زبيبًا وإنما كل ما خامر العقل وغطاه لذلك تدخل فيه الآن المخدرات بأنواعها وحبوب الهلوسة والحبوب هذه كلها تدخل في هذا الحكم، وحتى الآن القات وما يتعلق به وأكل القات، القات كما يقولون أن الحكم يدور مع العلة ما دام أنه يغطي العقل أو يسبب نفس الآثار التي تسببها هذه المحرمات فإنه يأخذ حكمها بل إن الآن الحبوب المخدرة أشد في تغطية العقل وفي الآثار الجانبية لها عن الخمر التي يعرفها العرب، خمر الزبيب وإلا خمر العنب، فهذا هو الخمر يعني هي هذه المشروبات أو المطعومات التي تغطي العقل فيغيب عن وعييه ولا يدرك ما يقوم به أو ما يقوله.

الشيخ محمد الخضيري: جميل.

—— فاصل ——

الشيخ محمد الخضيري: قوله (وَالْمَيْسِرُ) الميسر هو ما تسمى عند الفقهاء بالمغالبات مثل القمار والمراهنات التي تكون على أشياء يفعلها الناس ويكون فيها خسارة لأحد الطرفين وأنواعه وأشكاله تتغير في كل عصر، فكل مال أخذ من إنسان على سبيل المغالبة وعلى سبيل الشيء المجهول يعني أنا الآن أبذل أي مال أخذ مقابله شيئاً، أما إذا بذلت مالاً ويحتمل أن أخذ مقابله شيئاً أو أن لا أخذ وأحرم تماماً فهذا داخل في اسم الميسر، فلو جاء ثلاثة أو أربعة وقالوا كل واحد يضع منا مبلغاً فمن حصل له كذا أو لعب هذه اللعبة يأخذ هذا المبلغ مثلاً فهذا داخل في الميسر، وهكذا أيضاً بعض المسابقات تدخل في مكان معين من دور اليانصيب أو دور القمار فأنت تبذل مال وقد يكون المال قليل جداً بالمناسبة أحياناً يأخذون من الإنسان ربع دولار أو ريـال واحد أو نصف ريـال لكن يأتون عشرة آلاف ثم يجرون قرعة بين هؤلاء القادمين فتخرج القرعة على اثنين أو ثلاثة فيعطى كل واحد مبلغ مجزئ فالناس كلها تتشوف إنها في كل مرة تكون صاحبة هذا المبلغ ويؤخذ من الناس هؤلاء كلهم المال من دون أن يعرفوا هل سيحصلوا على شيء أو لا، فهذا داخل أيضاً في الميسر، وأنا لا زلت أذكر إني مررت في إحدى الدول بمكان في الصباح الباكر والعالم مجتمعين بكثرة فقلت ما هؤلاء؟ فقالوا هذه دور قمار في الصباح تأتي وتدفع مثل ما تقول نصف ريـال وتنتظر يأتي ألف ألفين ثلاثة أربعة آلاف شخص كل واحد يدفع نفس هذا المبلغ مبلغ يسير جداً لا يؤثر على أحد من هؤلاء لكن كل واحد يرجو أن يكون هو صاحب النصيب في الموضوع، لأنهم هم يعلنون أربعة أسماء أو خمسة لهم مثلاً على خمسمائة ريـال وهم يأكلون الباقي يعني يجمعون أربعة آلاف ريـال ويقسمون بين هؤلاء الناس ألفين وألفين يأخذونها هم فقال هذا يفعلونه كل يوم والناس تستسيغ مثل هذا الأمر وتفعله، هذا أكل للمال بالباطل وهذا داخل في اسم الميسر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يبدو والله أعلم إنه سمي ميسر ليسره، إنك تدفع أنت ما لا يضرك ثم تنتظر شيئاً مجهولاً قد يأتيك وقد لا يأتيك.

الشيخ محمد الخضيري: نعم

الشيخ مساعد الطيار: والأنصاب ما يذبح عنده سواء كانت أصنام أو حجر المهم إنه عَلَم يُذبَح عنده لغير الله سبحانه وتعالى

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو شجرة

الشيخ مساعد الطيار: أو شجرة

الشيخ محمد الخضيري: (وَالْأَزْلَامُ)

الشيخ مساعد الطيار: والأزلام هذه ترجع إلى معرفة عوائد العرب أو عادات العرب كانوا يأتون بما يسمونه بالأقداح ثلاثة أقداح: أمرني، نهاني، والثالث غُفْل، ثم يدخلونها في مثل كيس أو شيء

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كنانة يسمونها

الشيخ محمد الخضيري: يدخلونها في خريطة

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم ثم يحركها ويدخل يده ويخرج واحدة والذي يخرج له يفعله، طبعاً إذا خرج له الغفل يضطر يعيد مرة أخرى يعني في النهاية أنا ما أعرف ما قيمته ما له قيمة

الشيخ محمد الخضيري: لا هو يظهر لأن أحوالك إما أن تكون يأتي حظك بنعم أو حظك بلا أو الثالث معناه الأمور مترددة فأنت تحتاج إلى إعادة هذه العادة حتى تحصل على نتيجة

الشيخ مساعد الطيار: هو في النهاية ستعيدها تأخذ إما هذه وإما هذه، لكن هذه من عوائد العرب فهذه هي المراد بالأزلام

الشيخ عبد الرحمن الشهري: استقسام بالأزلام

الشيخ محمد الخضيري: يمكن يدخل فيها ما هو عند المعاصرين الذي يسمونه شختك بختك

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إيه صحيح

الشيخ محمد الخضيري: الأشياء التي الإنسان ما يدري كيف يتعامل معها مجهولة فيحاول يوجد طريقة من أجل معرفة هذا المجهول، فهذا كله لا صلة للإسلام به، إذا كنت لا تعرف استخر ربك، استشر العقلاء، يعني عمليات تتوافق مع الفطرة ومع العقل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا يعود للكلام الذي تكلمتم به في الجلسة الماضية وهي النفس البشرية تريد أنها تعرف شيئا من الغيب، فإذا لم يوجد لها وحي يدلها ويهديها لجأت إلى الوهم، إلى هذه الأوهام، وفيه ناس يبيعون الوهم في كل زمان حتى في زماننا هذا تلقى ناس جالس في قناة ويقول معك فلان اتصل عليه يجي مساعد يتصل يقول لك أنت والله حظك يعطيه أنت كم عمرك؟ أنت ماذا تشتغل أنت؟ أنت متزوج وإلا غير متزوج؟ أسئلة من هذا القبيل، ثم يقول: أنت سوف يحصل لك كذا وكذا، وأنت انتبه من كذا، لا تأكل كذا لأنه يضر بالذين يولدون في برج العقرب، كلام كله لا قيمة له ولا أثارت عليه، كله من التنجيم والرجم بالغيب، لكن الناس إذا فقدوا الإيمان وفقدوا العلم الذي نتحدث عنه الآن يلجأ مباشرة إلى الجهل والتنجيم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد حذر من هذا الذهاب إلى الكهان، الذهاب إلى المنجمين، وهم في كل زمان موجودين ترى.

الشيخ محمد الخضيري: بس أحيانا صورهم علمية

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالضبط ولذلك هم يظهرون هؤلاء في البيئات التي يغيب فيها العلم والإيمان، فإذا ظهر الإيمان والعلم اختفت هذه المظاهر والمشعوذين

الشيخ مساعد الطيار: والعجيب أن العلم الدنيوي مهما ترقى فيه الإنسان لا يوصله إلى أن يكون حاجزاً عن مثل هذه الأوهام، تجده

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يصدق مثل هذه

الشيخ مساعد الطيار: بروفيسور في الفيزياء النووية ما أدري ماذا المعقدة هذه ويذهب إلى أمثال هؤلاء يسأل عن غيبيات وأشياء

الشيخ عبد الرحمن الشهري: صحيح وهذا بالمناسبة وهذا إن كان استطراد لكنه يدخل في هذا الاستقسام بالأزلام هذا كله وهم، يعني الإنسان يبحث عن الأمان فيخرج في سفر، خرج في سفر قال أنا أريد أني أضمن أني سأسافر وأني أسلم من السفر من القتل فيستقسم بالأزلام والله يدخل يده ويبدو أنها كانت شائعة موجودة عند الجميع هذه الأزلام كل واحد عنده أزلامه الخاصة فيه، الأسهم ويبيعونها الناس تشتريك لك أزلام وهذه خاصة فيك تستقسم فيها في كل عمل، تريد إنك مثلاً تسافر قالوا فيدخل يده في هذا الكيس فإن خرج له السهم الذي يقول اِفعل، سافر، وإن خرج له السهم الذي يقول لا تفعل أجل السفر، وإذا خرج له الغُفل هذا كررها مرة ثانية، ويفعلون ذلك في زواجهم، في سفرهم، في حربهم، ولذلك لما جاء المعتصم الخليفة العباسي يريد أنه يغزو الروم في معركة عمورية المشهورة قال له المنجمون: لا تخرج نحن دراساتنا أو طوالع النجوم عندهم تقول إنك سوف تهزم ولن تتنصر فتركهم، وطبعاً هذا دليل على انتشار بعض الخرافات في ذلك الوقت وكذا، وجود من هذه النوعية وإن كان ليس بالضرورة لأن أبو تمام في قصيدته أشار إلى هذا: السيف أصدق أنباء من الكتب. فلما عصاهم وغزا الروم في تلك المعركة وهزمهم وانتصر انتصارًا عظيمًا، فمدحه أبو تمام في ذلك الموقف فيقول:

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ… في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ

بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في… مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ

ثم يقول:

تخرُّصاً وأحاديثاً ملفَّقةً… لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولا غَرَبِ

المهم إنه ذكر فيها في إنك عصيت المنجمين وهؤلاء العرّافين هؤلاء فنصرك الله، وأن الله سبحانه وتعالى يعني هذه ليس لها قيمة في الشرع. فأنا أقصد إن الإنسان يتعلق بالوهم لأنه يفتقر إلى الهداية كلما رجع الإنسان إلى الوحي، إلى القرآن، واعتصم بحبل الله سبحانه وتعالى وقوي إيمانه توقف عن هذه الخرافات وعن هذه الخزعبلات.

الشيخ محمد الخضيري: إذاً ديننا دين يحرص على أن يبقى للإنسان عقله في كل الأحوال وأن يتصرف تصرفات معقولة غير موهومة ولا متبع فيها للخرافة وللأساطير ولا للدجل ولا كما ذكرت قضية بيع الوهم هذا، يسمع الناس يقولون افعل كذا ترى بيصير كذا، وإذا ما فعلت هذا في الوقت الفلاني سيكون كذا، هذا كله لا ينطلي على المسلم وهذا كله أيضاً نوع أو صور للدجال بالمناسبة، الدجال سيخرج في آخر الزمان بفتنته العظيمة لكن فيه دجاجلة قبله كثيرون وهؤلاء منهم، ولذلك المؤمن الموحد الصادق الثابت على يقينه وإيمانه ما تنطلي عليه هذه الأمور. أنا أعطي صورة من الصور التي يحصل فيها مثل هذا الدجل في بعض الدول العربية تأتي فيقابلك إنسان يقولك: أنت اسمك كذا؟ تقول: نعم، أمك كذا؟ تقول: نعم، يقول: عندك ولد كذا، كذا، كذا، فيصف لك بيتك وصفاً تاماً، فأنت تقول له كيف عرفت هذا الشيء؟ يبدأ أنا أعرف تريد أعلمك ما مستقبلك؟ تقول له: تفضل، يقول لك: أنت يكون لك مال كذا ويصلح لك ويعطيك شيء من البهرجة لا تتوقعه، طبعاً يبغى منك عشرة ريالات وإلا شيء من هذا القبيل لماذا؟ هو يبحث عن لعاعة من الدنيا قليلة جداً يتجر بهذه الأمور المحرمة،  ما الذي فعل؟ سؤال ما الذي فعل؟ الذي فعل إن الجنيّ الذي يزوده بالمعلومات أعطاه برنت عنك كامل اسمك وأمك وأولادك

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أخذه من زميله

الشيخ محمد الخضيري: زميله الذي معك تماماً أخذ “بالواي فاي” بينهما

الشيخ مساعد الطيار: القرين

الشيخ محمد الخضيري: إيه القرين، ثم لما انتهيت من هذه المرحلة وأقنعت بأن عنده مغيبات بدأ بالمرحلة الأخرى التي هي غيبيات حقيقة، الأولى ليست غيبيات، الأولى أمر مشاهد يعلمه الجني وأنت تعلمه من نفسك ويعلمونه أهلك عنك أيضاً فهو اطلع عليه بطريقة خاصة أنت لا تعلمها فقط وإلا هي ليست غيبية، وهنا يحدث اللبس والاشكال عند بعض الناس فيصدق هؤلاء أنه سيصبح مريض وإلا غني وإلا كبير وإلا صغير وإلا مستقبله حسن وإلا سيعمر طويلاً وإلا قليلاً وهذه فائدة العلم وفائدة الإيمان. دخل أحد هؤلاء المخرفين على أحد الخلفاء فقال إنه يعلم ما بجيب كل واحد من هؤلاء الجالسين فقال الخليفة: عجيب فأخرجوه وعدوا ما معهم ثم دخل فقال أنت معك كذا، أنت معك كذا، أنت معك كذا، أنت معك كذا، يعدّ جميع ما معهم فكانوا مستغربين دخل أحد العلماء فالخليفة قال للعالم ألا تعجب من هذا يفعل كذا قال: لا عجب في فعله أعطوني الدراهم فأعطوه الدراهم فأخذ قبضة منها وقال كم معي فتحيّر الرجل؟ فتعجبوا أكثر لأنه كان يختفي ويعرف ولما صار أمام العالم ما عرف! ما القصة؟ فقال العالم لا تستطيع أن تعرف لأنكم كنتم تعدون فيعد الجنيّ فيخبره فتخبرهم وأما أنا فلم أعد ولم يعد الجني الذي معي فلم يخبره ولم يخبرنا فعرف الناس سر اللعبة في هذا الموضوع. ولذلك نقول للناس عليكم بالعلم، اسمعوا من العلماء، ارجعوا إلى كتاب الله، اعلموا أن كل من يحاول أن يدجِّل أو يوهم أو يذكر شيء من الشعبذات والخرافات أنه ليس محلاً للتصديق وأن التصديق به يخل بدين الإنسان وبتوحيده قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد»، «من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً» يعني انتبه يا عبد الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم وأيضاً تأكيد على ما ذكر الدكتور محمد في قضية إن هذه المشتركات لاحظوا الآن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ) الخمر تغيب العقل (وَالْمَيْسِرُ) الميسر فيه غرر ما يرضاه عاقل ولا يقبل به عاقل ويتعارض مع المنطق ومع العقل كيف إنك تدفع مال لا تدري كم يأتي نصيبك، أو يأتيك، ما يأتيك، والثالث هو قضية الأنصاب تذبح عند شجر لا يضر ولا ينفع، تذبح عند حجارة، تسجد لمخلوقات أنت تعرف أنت متأكد مية في المية أنها لا تضر ولا تنفع فهو أيضاً بيع للعقل وإعارة للعقل، والرابع الأزلام أيضاً قضية سهم هذا رح وإلا ما تروح على أي أساس؟! فهي كلها كما تفضلت حماية للعقل وصيانة له وإن كان كل واحد منها يحميك من جهة، طبعاً انتهى وقتنا في هذا المجلس لعلنا إن شاء الله في المجلس القادم نحاول أننا نفيض الحديث في هذه الآية وفي تحريم الخمر وقضته. لعلنا نكتفي بهذا أيها الإخوة المشاهدون ونكمل بإذن الله تعالى الحديث عن آية الخمر والأحكام المتصلة بها في المجلس القادم بإذن الله تعالى من بينات، نراكم إن شاء الله على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رابط الحلقة فيديو

https://www.youtube.com/watch?v=7QPjrw-Ulqg