تأملات تدبرية

ختام سورة القصص

ختام سورة القصص
(وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٨٨﴾)
تأمل ختام سورة القصص وكيف يلخص أهم القضايا الواردة فيها: ولا تدع مع الله إلهاً آخر، لا إله إلا هو، كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم، وإليه ترجعون.
د. أحمد نوفل
——————————–
يقول سيد قطب في الظلال:
هذه السورة مكية , نزلت والمسلمون في مكة قلة مستضعفة , والمشركون هم أصحاب الحول والطول والجاه والسلطان . نزلت تضع الموازين الحقيقية للقوى والقيم , نزلت تقرر أن هناك قوة واحدة في هذا الوجود ,هي قوة الله ; وأن هناك قيمة واحدة في هذا الكون , هي قيمة الإيمان . فمن كانت قوة الله معه فلا خوف عليه , ولو كان مجردا من كل مظاهر القوة , ومن كانت قوة الله عليه فلا أمن له ولا طمأنينة ولو ساندته جميع القوى ; ومن كانت له قيمة الإيمان فله الخير كله , ومن فقد هذه القيمة فليس بنافعه شيء أصلا .
(ولا تدع مع الله إلها آخر) يؤكد هذه القاعدة مرتين بالنهي عن الشرك والنهي عن اتخاذ إله آخر مع الله . ذلك أنها مفرق الطريق في العقيدة بين النصاعة والغموض . وعلى هذه القاعدة يقوم بناء هذه العقيدة كلها , وآدابها وأخلاقها وتكاليفها وتشريعاتها جميعا . وهي المحور الذي يلتف عليه كل توجيه وكل تشريع . ومن ثم هي تذكر قبل كل توجيه وقبل كل تشريع .
ثم يمضي في التوكيد والتقرير:
(لا إله إلا هو). . (كل شيء هالك إلا وجهه). . (له الحكم). . (وإليه ترجعون). .
(لا إله إلا هو). . فلا إسلام إلا لله , ولا عبودية – إلا له , ولا قوة إلا قوته , ولا ملاذ إلا حماه .
(كل شيء هالك إلا وجهه). . فكل شيء زائل . وكل شيء ذاهب . المال والجاه . والسلطان والقوة . والحياة والمتاع . وهذه الأرض ومن عليها . وتلك السماوات وما فيها ومن فيها . وهذا الكون كله ما نعلمه منه وما نجهله . . كله . كله . هالك فلا يبقى إلا وجه الله الباقي . متفردا بالبقاء .
له الحكم . . يقضي بما يشاء ويحكم كما يشاء , لا يشركه في حكمه أحد , ولا يرد قضاءه أحد , ولا يقف لأمره أمر . وما يشاؤه فهو الكائن دون سواه .
(وإليه ترجعون). . فلا مناص من حكمه , ولا مفر من قضائه , ولا ملجأ دونه ولا مهرب .
وهكذا تختم السورة التي تتجلى فيها يد القدرة سافرة , تحرس الدعوة إلى الله وتحميها , وتدمر القوى الطاغية والباغية وتمحوها . تختم بتقرير قاعدة الدعوة:وحدانية الله سبحانه وتفرده بالألوهية والبقاء والحكم والقضاء . ليمضي أصحاب الدعوات في طريقهم على هدى , وعلى ثقة , وعلى طمأنينة , وفي يقين . .
——————
وقفة تدبرية بقلم موقع إسلاميات:
نفي الشرك والدعوة للتوحيد خطاب لمشركي مكة وكل من مثلهم وقد ساق الله تعالى في السورة قصة فرعون الذي ادّعى الألوهية وظن أنه يملك قوة الحكم والسلطان فعاقبه الله تعالى بالإغراق ليؤكد أنه لا إله إلا الله وأن كل شيء هالك إلا وجهه وأنه لا حكم إلا لله وحده عز وجل وأن المرجع والمآل إليه حيث يجازي كلًا بعمله.
وكذلك عرضت السورة قصة طغيان قوة المال من خلال قصة قارون الذي طغى بماله وكيف خسف الله تعالى به الأرض فذهب هو وماله..
فختام السورة ملخّص دقيق لكل ما ورد فيها وتأكيد أنه لا شيء على وجه الأرض يدوم لا مال ولا سلطة ولا جاه وإنما ى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، وأنه لا إله إلا هو سبحانه، الأمن لا يكون إلا في جواره عز وجل والخوف يكون في البعد عنه فما على الإنسان إلا أن يؤمن بالله تعالى إلهًا وربًا ولا يشرك به شيئًا ويوقن أن الحكم لله وأنه إليه المآل والمصير سيحاسب كل إنسان على ما عمله في الدنيا ولن يظلم ربك أحدا.

ختام القصص