تأملات تدبرية

سورة الأنبياء، سورة الذكر

سورة الأنبياء، سورة الذكر
إعداد موقع إسلاميات
المتأمل في آيات السورة يجد تكرار كلمة (ذكر) ومشتقاتها في اثنا عشر موضعًا وتكرار اللفظة في سورة يشير إلى تناسبه مع مقصدها والغرض منها. والسورة سورة الأنبياء ذكر فيها قافلة من الأنبياء الكرام ومهمة الرسل التبليغ عن ربهم سبحانه وتعالى والبلاغ لا يكون إلا بالذكر، فهم يوحى إليهم بالذكر من الله عز وجل وهم يبلّغون أقوامهم ويذكّرونهم حتى يستقيموا على المنهج القويم. والسورة فيها تذكير بصدق الرسل والرسالات وذكرٌ لأخبار الرسل مع أقوامهم وتذكير بمصير الأمم المكذبة برسلهم وتذكير بآيات الله المبثوثة في الكون وبخالقها سبحانه وتعالى فمدار الدعوة إلى الله التذكير والذكر وسؤال أهل الذكر.

وذكر الدكتور أحمد نوفل:
الذكر نسق من سورة الأنبياء (ذكر من ربهم) (فاسألوا أهل الذكر) (يذكر آلهتكم) (بذكر الرحمن) (وذكراً للمتقين) (ذكر مبارك) (فتى يذكرهم) (وذكرى للعابدين) (كتاباً فيه ذكركم) و3 مرات أخرى

وهذه الآيات التي وردت فيها لفظة (ذكر) في السورة:

افتتحها بقوله: (مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ) [الأنبياء: 2]
(فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [الأنبياء: 7]
(لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ) [الأنبياء: 10]
(هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي) [الأنبياء: 24]
(وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ) [الأنبياء :36]
(قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ) [الأنبياء: 42]
(وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ) [الأنبياء: 48]
(وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ) [الأنبياء: 50]
(قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ) [الأنبياء: 60]
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْر) [الأنبياء: 105]
هذا والله أعلم
موقع إسلاميات

وذكر ابن عاشور في التحرير والتنوير في مقدمة السورة:
ووجه تسميتها سورة الأنبياء أنها ذكر فيها أسماء ستة عشر نبيئا ، ومريم ، ولم يأت في سور القرآن مثل هذا العدد من أسماء الأنبياء في سورة من سور القرآن عدا ما في سورة الأنعام . فقد ذكر فيها أسماء ثمانية عشر نبيئا في قوله تعالى : وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه إلى قوله : ويونس ولوطا فإن كانت سورة الأنبياء هذه نزلت قبل سورة الأنعام فقد سبقت بالتسمية بالإضافة إلى الأنبياء ، وإلا فاختصاص سورة الأنعام بذكر أحكام الأنعام أوجب تسميتها بذلك الاسم ، فكانت سورة الأنبياء أجدر من بقية سور القرآن بهذه التسمية.
والأغراض التي ذكرت في هذه السور هي : الإنذار بالبعث ، وتحقيق وقوعه ، وإنه لتحقق وقوعه كان قريبا .
وإقامة الحجة عليه بخلق السماوات والأرض عن عدم وخلق الموجودات من ماء .
والتحذير من التكذيب بكتاب الله تعالى ورسوله .
والتذكير بأن هذا الرسول – صلى الله عليه وسلم – ما هو إلا كأمثاله من الرسل وما جاء إلا بمثل ما جاء به الرسل من قبله .
وذكر كثير من أخبار الرسل – عليهم السلام .
والتنويه بشأن القرآن ، وأنه نعمة من الله على المخاطبين ، وشأن رسول الإسلام – صلى الله عليه وسلم – وأنه رحمة للعالمين .
والتذكير بما أصاب الأمم السالفة من جراء تكذيبهم رسلهم ، وأن وعد الله للذين كذبوا واقع ، ولا يغرهم تأخيره فهو جاء لا محالة .
وحذرهم من أن يغتروا بتأخيره كما اغتر الذين من قبلهم حتى أصابهم بغتة ، وذكر من أشراط الساعة فتح يأجوج ومأجوج .
وذكرهم بما في خلق السماوات والأرض من الدلالة على الخالق .
ومن الإيماء إلى أن وراء هذه الحياة حياة أخرى أتقن وأحكم ؛ لتجزى كل نفس بما كسبت وينتصر الحق على الباطل .
ثم ما في ذلك الخلق من الدلائل على وحدانية الخالق ؛ إذ لا يستقيم هذا النظام بتعدد الآلهة .
وتنزيه الله تعالى عن الشركاء وعن الأولاد ، والاستدلال على وحدانية الله تعالى .
وما يكرهه على فعل ما لا يريد .
وأن جميع المخلوقات صائرون إلى الفناء .
وأعقب ذلك بتذكيرهم بالنعمة الكبرى عليهم ، وهي نعمة الحفظ .
ثم عطف الكلام إلى ذكر الرسل والأنبياء .
وتنظير أحوالهم وأحوال أممهم بأحوال محمد – صلى الله عليه وسلم – وأحوال قومه .
وكيف نصر الله الرسل على أقوامهم واستجاب دعواتهم .
وأن الرسل كلهم جاءوا بدين الله وهو دين واحد في أصوله ، قطعه الضالون قطعا .
وأثنى على الرسل وعلى من آمنوا بهم .
وأن العاقبة للمؤمنين في خير الدنيا وخير الآخرة، وأن الله سيحكم بين الفريقين بالحق، ويعين رسله على تبليغ شرعه.

سورة الأنبياء سورة الذكر