موافقات بين سور القرآن

موافقات بين سورتي الأنعام والنمل

موافقات بين سورتي الأنعام والنمل:

إعداد صفحة إسلاميات

(يعدلون) بمعنى يشركون مع الله ورد هذا في الأنعام والنمل فحسب وفي السورتين ذكر موسى وافتتحت الأنعام بالحمد وختمت النمل بالحمد وفي الأنعام (خلائف الأرض) وفي النمل (خلفاء الأرض). (د. أحمد نوفل)

(يعدِلون) بمعنى يُشركون بالله لم ترد إلا في هاتين السورتين

(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١ الأنعام﴾) (وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١٥٠ الأنعام﴾)

(أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴿٦٠ النمل﴾)

ذكر موسى عليه السلام في كلا السورتين

(قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴿٩١﴾ الأنعام)

(إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴿٧﴾ النمل)

افتتحت سورة الأنعام بالحمد لله واختتمت سورة النمل به

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١﴾ الأنعام)

(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٩٣﴾ النمل)

خلفاء الأرض وخلائف الأرض

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ ﴿١٦٥ الأنعام﴾)

(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَالْأَرْضِ ﴿٦٢ النمل﴾)

مقصد سورتي الأنعام والنمل:

سورة الأنعام ركّزت على تقرير حقيقة الألوهية عن طريق تعريف العباد برب العباد الإله الخالق العظيم الذي له ملك السموات والأرض القادر على كل شيء وبيده كل شيء. يقول سيد قطب في الظلال:

هذه السورة تعالج قضية العقيدة الأساسية: قضية الألوهية والعبودية. تعالجها بتعريف العباد برب العباد: من هو? ما مصدر هذا الوجود? ماذا وراءه من أسرار? من هم العباد? من ذا الذي جاء بهم إلى هذا الوجود? من أنشاهم? من يطعمهم? من يكفلهم? من يدبر أمرهم? من يقلب أفئدتهم وأبصارهم? من يقلب ليلهم ونهارهم? من يبدئهم ثم يعيدهم? لأي شيء خلقهم? ولأي أجل أجلهم? ولأي مصير يسلمهم? هذه الحياة المنبثقة هنا وهناك من بثها في هذا الموات? هذا الماء الهاطل، هذا البرعم النابغ، هذا الحب المتراكب، هذا النجم الثاقب، هذا الصبح البازغ، هذا الليل السادل، هذا الفلك الدوار، هذا كله من وراءه? وماذا وراءه من أسرار ومن أخبار? هذه الأمم وهذه القرون التي تذهب وتجيء، وتهلك وتستخلف، من ذا يستخلفها? ومن ذا يهلكها? لماذا تستخلف? ولماذا يدركها البوار? وماذا بعد الاستخلاف والابتلاء والوفاة من مصير وحساب وجزاء؟؟

السورة إنما تهدف إلى تعريف الناس بربهم الحق لتصل من هذا التعريف إلى تعبيد الناس لربهم الحق، تعبيد ضمائرهم وأرواحهم وتعبيد سعيهم وحركتهم وتعبيد تقاليدهم وشعائرهم وتعبيد واقعهم كله لهذا السلطان المتفرد، سلطان الله الذي لا سلطان لغيره في الأرض ولا في السماء.

فهدف السورة من أولها إلى آخرها تقرير أن الله هو الخالق والله هو الرازق والله هو المالك والله هو صاحب القدرة والقهر والسلطان والله هو العليم بالغيوب والأسرار والله هو الذي يقلب القلوب والأبصار كما يقلب الليل والنهار. وكذلك يجب أن يكون الله هو الحاكم في حياة العباد وألا يكون لغيره نهى ولا أمر ولا شرع ولا حكم ولا تحليل ولا تحريم فهذا كله من خصائص الألوهية ولا يجوز أن يزاوله في حياة الناس أحد من دون الله، لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يميت ولا يضر ولا ينفع ولا يمنح ولا يمنع ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا في الدنيا ولا في الآخرة…

يقول سيد قطب في الظلال: التركيز في هذه السورة على العلم، علم الله المطلق بالظاهر والباطن، وعلمه بالغيب خاصة وآياته الكونية التي يكشفها للناس، والعلم الذي وهبه لداود وسليمان، وتعليم سليمان منطق الطير وتنويهه بهذا التعليم.

والتناسب بين السورتين والله أعلم أن العلم النافع إنما يكون بمعرفة الله تعالى العليم سبحانه وكلما عرف العبد ربّه كلما فتح له من أبواب علمه اللدني ما يثبت به معرفته فتتحول إلى يقين قلبي وإيمان راسخ يتبعه عمل صالح وفق المنهج الرباني العظيم.

فمن وفّقه الله تعالى للتعرف على الله وصفاته وأسمائه وأفعاله وقدرته وعظيم سلطانه وعزّته فليحمد الله تعالى على هذه النعمة، نعمة أن يكون الله تعالى ذو الصفات والأسماء العلا هو الله الذي خلقنا وأمرنا بعبادته ولأننا مهما اجتهدنا في حمد الله تعالى فلن نوفّيه قدره ولهذا أكّد تعالى ذلك في قوله: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ولن نحمده حق حمده فحمد نفسه سبحانه في بداية سورة الأنعام (الحمد لله) حمدًا جامعًا شاملًا لأنواع الحمد كلها ما عرفناه وما لم نعرفه فلا يعلم قدر الله إلا الله سبحانه وتعالى جلّ في علاه تقدّست أسماؤه. وتختتم سورة النمل بحمد الله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٩٣﴾) فمن رأى بعين بصره وبصيرته آيات الله تعالى المبثوثة في الخلق وعرف عظيم قدرة الإله الخالق العظيم وعظمة آياته سيلهج لسانه وقلبه بالحمد والشكر لله تعالى على ألوهيته وربوبيته وصفاته وأسمائه ونعمه وآلآئه التي لا يعطيها إلا هو سبحانه المستحق للألوهية المستحق للربوبية المستحق للحمد والشكر على الدوام.

موافقات الأنعام والنمل