أبواب الجنة

أبواب الجنة – باب المتطهرين

اسلاميات

الحلقة الرابعة – باب المتطهرين

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد. ما أحلى وما أجمل ما دعا به سيدنا عيسى عليه السلام لأمته عندما قال (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) المائدة) هذا الدعاء شاقه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون مثله لأمته فأنزل الله عليه (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) الأنفال). إن الله سبحانه وتعالى وعد هذه الأمة بالخير وعدها بالتوبة ووعدها باليسر ووعدها بالتخفيف ووعدها بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ووعدها بأن عبادات سهلة جميلة جليلة تنجيهم من عذاب يوم القيامة يسرها الله لكل عباده المؤمنين من هذه الأمة (يريد الله بكم اليسر) ومن اليسر العظيم في عبادة عظيمة التطهر (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة) (وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) التوبة) وهو الوضوء. إذا رأيتم الرجل يعتاد الوضوء فهو مؤمن، ودوام الوضوء علامة الايمان. ورب العالمين إذا أحب عبداً نظر إليه وإذا نظر إليه فلا يعذبه أبداً. فالله سبحانه وتعالى يحب العباد الذين يتوضأون من ساعة ما يستيقظون إلى ساعة ما ينامون كلما انتقض وضوءهم جددوا وضوءهم وهذا في أمة محمد كثير. هذه العبادة الجليلة مدخل عظيم لأبواب الجنة وإن الرجل يدخل بهذه العبادة أعلى الجنان لأن الله سبحانه وتعالى يحبها. يحب المتطهرين ساعة ما يتوضأون ساعة ما يتوضأ ساعة ما يباشر الوضوء فإن الله يحبه وإذا دام وضوؤه وبقي على وضوئه بشكل دائم فهو مطّهر والله يحب المطهرين، فهو يحب المتطهر ساعة ما يتطهر ويحب المطهر الذي يداوم عليه طيلة يومه من ساعة ما يستيقظ إلى ساعة ما ينام وهذا ديدن الصالحين من هذه الأمة وما أكثرهم. ودوام الوضوء له آثار عجيبة منها أن كونك متوضأ الملائكة تصلي عليك، ثانياً كلما ذكرت الله وما أكثر ما نذكر الله نحن المسلمين: السلام عليكم، ربنا يشفيك، الحمد لله، دائماً ذكر الله سبحانه وتعالى على ألسنتنا في كل مناسبة إذا كنت متوضأ فإن أجر ذلك يضاعف أضعافاً كثيرة لأنك متوضئ حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليه أحد الناس لا يرد السلام إلا أن يتوضأ لأن السلام عبادة ورد السلام عبادة جليلة وأن المسلمين إذا التقيا وسلم أحدهما على الآخر تتحات ذنوبهما كما تتحات الورق اليابس عن الغصن اليابس. إذن دوام الوضوء عبادة جليلة وعبادة عظيمة وهي إذا تعودتها شعرت بأنس بالغ كل من يتعود على هذه العبادة يشعر بأنه مبتهج ليس في كآبة ثم لا يستطيع أن يتركها يدمن عليها صاحبها حتى لا يستطيع أن يتركها يوماً لجمالها. إذا أردت أن يحبك الله سبحانه وتعالى فينظر إليك فعليك أن تكون مداوماً على وضوئك فكلما ذكرت الله وكلما جاء وقت النوافل تصلي، كونك أنت متوضأ وأنت في عملك وأنت في متجرك صار الضحى تصلي الضحى، أذّن تذهب إلى المسجد، من الصعب جداً بل من النادر على من يدمن الوضوء أن يصلي في بيته أو يصلي في متجره أو أن تفوته صلاة لانشغاله أو أن تأتي وقت نوافل ثم لا يقيمها أو تأتي وقت أذكار في أوقات شريفة في أزمنة شريفة في أماكن شريفة في حالات شريفة ثم لا يقولها. إذن دوام الوضوء أساس ومحرّك ومحفز لعبادات لا حصر لها ولشفاء نفسي تكون دائماً هادئاً مستبشراً جميلاً تشعر بجمال من حولك يغسل الضغن وهذا من العجائب إذا كنت من المداومين على الوضوء لا يبقى في قلبك كراهية. قلنا في اول رمضان أن رمضان لا قيمة له من حيث الأجر إن كنت متخاصماً مع أحد، إثنان لا ترتفع صلاتهما ولا صومهما فوق رأسيهما شبراً، أخوان متصارمان، دبّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة لا أقول حالقة الشعر ولكنها حالقة الدين. مما يزيل البغضاء الوضوء، جرّب هذا إن كان لديك بعض الكراهية لبعض الناس جرب أن تداوم على الوضوء من ساعة ما تستيقظ لساعة ما تنام وفسوف ترى أن قلبك هذا أن يصبح قلبا سليماً كريماً يتعافى ويتصافى لا لشيء إلا لأنك أدمنت الوضوء من حيث أن الله سبحانه وتعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب المطهرين وهذا الحب من الله يضفي على نفسك سكوناً وسكينة وهدوءا وأخلاقاً عالية وذوقاً رفيعاً حتى تصبح من عباد الله المخلَصين. رب العالمين عز وجل من فضله ومنه وكرمه الذي منّ علينا بـ (لا إله إلا الله) نقولها كما لا يقولها غيرنا أبداً منّ علينا بهذه العبادة الجليلة وهي الوضوء لكل صلاة. حينئذ على كل المسلمين الذين يريدون أن يغيروا حياتهم جذرياً نفسياً وسلوكياً واجتماعياً عليهم أن يجربوا هذا العلاج الناجع الجميل وهو أن تكون متوضأ على امتداد النهار من ساعة ما تستيقظ إلى ساعة ما تنام وكفى بذلك أن الله سبحانه وتعالى يحبك وإذا أحب الله عبداً نظر إليه فلا يعذبه أبداً وإذا نظر إليك فقد أعطاك كل ما تريد وكل ما لا تعرف سيعطيك عطاء مما لا يدركه عقلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. هكذا هي هذه العبادة الجميلة الجليلة التي اختص الله بها هذه الأمة وحدها فما من أمة تجد في دينها عبادة كهذه تسبق كل صلاة وكل عبادة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.