Normal 0 false false false MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:”Table Normal”; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:””; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:”Times New Roman”; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;}
التفسير المباشر الحلقة 66
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : .بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الأخوة المشاهدون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم المتجدد التفسير المباشر والذي يأتيكم على الهواء مباشرة من استديوهات قناة دليل الفضائية بمدينة الرياض. مرة أخرى نعود لكم أيها الأخوة المشاهدون في بث مباشر في التفسير المباشر ومرة أخرى نعود لكم مع رمضان. عام مضى على هذا البرنامج تماماً فقد بدأنا معكم في مثل هذا اليوم من العام الماضي. ونرجو بإذن الله تعالى في هذا الموسم المبارك شهر رمضان الذي هو شهر القرآن.الذي نزل فيه القرآن وارتبط القرآن برمضان ورمضان بالقرآن منذ نزول القرآن حتى اليوم. في هذه الحلقة الجديدة سوف نبدأ حديثنا مع الجزء الأول من القرآن الكريم وفي كل حلقة بإذنه تعالى سنتناول جزءاً من القرآن الكريم ونستقبل أسئلتكم واستفساراتكم على هذا الجزء فأرجو أن تركزوا اسئلتكم في هذا الجزء الذي نتحدث فيه يومياً.حتى يؤدي البرنامج غرضه وفائدته. باسمكم جميعاً أيها الإخوة المشاهدون في بداية هذا اللقاء أرحب بأخي العزيز فضيلة الدكتور إبراهيم بن عبد الله السماعيل أستاذ البلاغة القرآنية المساعد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم. حياكم الله يا أبا فارس.
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : حياكم الله يا دكتور عبد الرحمن وحيا الله الإخوة والأخوات المشاهدين والمشاهدات
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري :الأرقام التي ستتواصلون معنا عن طريقها ستظهر تباعاً على الشاشة ولكن قبل أن نبدأ أيها الإخوة المشاهدون اريد أن أنبه إلى أننا في هذا الشهر سيكون هناك مسابقة يومية لهذا البرنامج والهدف منها تشجيعكم ومشاركتكم في هذا البرنامج ونجتح هذه المسابقة منكم وإليكم. سوف تظهر أسئلة المسابقة بغذن الله تعالى في أثناء الحلقة وفي آخر الحلقة ونستقبل الأسئلة بإذن الله تعالى بعد أن تشاهدوا السؤال وتكتبوا السؤال في هذ الحلقة ونستقبل أجوبتكم طيلة اليوم وغداً بإذن الله تعالى في أول اللقاء سوف نختار الفائز بإذن الله تعالى وجوائز هذه المسابقة جوائز مغرية فهي تذاكر سفر إلى البيت الحرام لأداء العمرة بإذن الله تعالى والسكن في مكان فاخر مطل على الحرم بإذن الله تعالى وأتمنى بإذن الله تعالى أن يحالفكم جميعاً الفوز والحظ في هذه المسابقة.
دكتور إبراهيم نريد كمدخل إلى هذه الحلقة ومرة أخرى بدأنا مع الإخوة المشاهدين في تناول الأجزاء، نريد يا دكتور إبراهيم أن ندخل في هذا الجزء ولعلك في ثلاث دقائق تحدثنا عن سورة الفاتحة كمدخل للحديث عن الجزء بإذن الله.
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. دكتور عبد الرحمن أردت ثلاث دقائق وهي لا يكفيها ولا ثلاثين يوماً لكن نسأل الله الإعانة والسداد على الحديث عن الفاتحة وبعض الوقفات في البقرة علماً أني أستأذنك أني جعلت أكثر الحلقة عن سورة الفاتحة فأستأذنك الآن على الهواء لن أجعل الوقت القليل للفاتحة لا سيما إذا علمت حفظك الله ومن يشاهدنا الآن أن الإمام الفخر الرازي قال يمكن أن نستخرج من سورة الفاتحة أكثر من عشرة آلآف مسألة.
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري :ولذلك أفردها في جزء من تفسيره في أوله
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : .نعم. وهل تعلم حفظك الله أنهم أخذوا في نفسير الرازي 290 صفحة في تفسير الرازي
. المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : والخط فيه دقيق
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : .لو وجد الكتاب ربما 290 صفحة تكون 400 صفحة. الألوسي.رحمه الله جاء ففسر الفاتحة فيما يزيد على مائة صفحة. وكلهم يقول “وضيق المقام” ولو اتسع الكلام لهم لفسروها بشيء كثير. وهذا يدلنا على أهمية هذه السورة العظيمة وهي سورة الفاتحة والعرب عادة إذا اهتمت بشيء أكثرت من أسمائه وقد نزل القرآن بهذا الشكل وسميت سورة الفاتحة في بعض مواضع القرآن بالسبع المثاني والرسول صلى الله عليه وسلم سماها الشافية ونحو ذلك وزاد بعضهم ما يقارب عشرين إسماً لسورة الفاتحة منها الصلاة كما جاء في الحديث “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي” ومنها الشافية ومنها الرقية ومنها المناجاة ومنها الفاتحة ومنها أم الكتاب ومنها أم القرآن واسماء وأسماء وسورة الصلاة. أما ما ورد في فضل سورة الفاتحة فيكفينا أن نعلم ما قال الصلاة والسلام لأبيّ بن كعب رضي الله عنه “ألا أخبرك بسورة لم ينزل في التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن سورة مثلها؟ قال . وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه بينما الرسول صلى الله عليه وسلم جالس وما أجمل هذه الجلسة أن يجلس الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ويزيد شرف هذه الجلسة أن ينزل ملك فجاء ملك وقال أبشر – يبشر محمداً صلى الله عليه وسلم – أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، ثم قال لن تقرأ حرفاً منهما إلا أعطيته، رواه مسلم رحمه الله. والعجيب في فضل سورة الفاتحة أنها السبب لمغفرة الذنوب في آخرها. كيف ذلك؟ عندما نقرأ الحديث المتفق على صحته قال الرسول عليه الصلاة والسلام إذا قال الإمام ولا الضآلين فقولوا آمين فإن الملائكة تقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه. هذه فرصة عظيمة خاصة الآن في رمضان الناس يدركون كم ركعة مع الإمام والتراويح والنساء لهم فضيلة في إدراك قول آمين مع الإمام. إذًا الفضل كبير بسبب هذه السور العظيمة ، وهي سورة الفاتحة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وما أسهل العمل .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : الله أكبر ، هو يسير على من يسرها الله عليه .
إذا سمحت أن تسمح لي أن نشرع بشيء في سورة الفاتحة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : تفضل نعم .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : عندما نأخذ أول آية منها على قول ، وهو (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ، العلماء رحمهم الله لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا تكلموا عنها ، ويبقى القرآن غضًا طريًا كما أنزل .
(( بسم الله )) قالوا : إن الباء هنا من معانيها الكثيرة الاستعانة ، وهي المرادة هنا – والله تعالى أعلم – ولذلك قال الشيخ السعدي – رحمه الله – في لفتة لطيقة منه قال : (( بسم الله )) يعني باسم كل اسم من أسماء الله . لأن الاسم هنا الآن مفرد مضاف ، فيعم كل اسمٍ ، يعني بسم الله ، بسم الرحيم ، بسم القادر ، بسم المعين ، بسم المهيمن ، بسم القوي كلها أنا أقولها الآن في كلمة بسم في هذه الباء التي هي للاستعانة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وهذه يؤيدها أيضًا قوله تعالى : ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ﴾ نعمة الله هنا مفرد ، لكن مفرد مضاف يدل على كل ما يمكن .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ولذلك قال العلماء في التقدير : بسم الله أستعين . وذهب الألوسي في ( روح المعاني ) إلى شيء عظيم وقال : وكون الباء للاستعانة فيها من الأدب والاستكانة . لماذا ؟
قال : لأن فيها إظهار العبودية ، وفيها التلميح من أول وهلة إلى إسقاط حول الإنسان وقوته والتعلق بكنز لا حول ولا قوة إلا بالله .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الله أكبر .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : عندما أقول باسم الله يعني ليس باسمي ولا بحولي ، لو لم يوفقني الله لما قرأت الفاتحة يومًا من الدهر .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : صدقت .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : لو لم يوفق الله فلان الذي يحفظ القرآن بالقراءات لما قرأ حرفًا منه ، لكنها هي بسم الله فقط الاستعانة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : والألوسي له لفتات جميلة في تفسيره ، بلاغيات وغيرها .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : جدًا ، صحيح يا دكتور عبد الرحمن .
الزمخشري جاء وقدر قال : بسم الله يعني ماذا ؟
قال : بسم الله اقرأ ، فيه تقدير لا بد لأن المناسب الآن هي القراءة كما تقول عندما تدخل البيت بسم الله يعني بسم الله أدخل أو ألج ، عندما تركب السيارة بسم الله يعني باسم الله أركب ، بسم الله الطعام وهكذا … .
قال الزمخشري في استخراج الوقفات البلاغية : لماذا قلنا بسم الله اقرأ ولم نقل اقرأ بسم الله ؟ – انظر إلى التقديم . قد لا يلفت النظر كثيرًا – .
قال : لأن المراد في هذا المقام التبرك بسم الله ، وهو أهم من ذكر مجرد القراءة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : جميل .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ولكن فيه مقارنة أخرى في سورة العلق لما قال الله تعالى : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ هناك قدم ﴿ اقْرَأْ ﴾ ، وهنا قدم العلماء في التقدير بسم قال : لأن هنا المراد بداية القرآن وبداية الفاتحة في التبرك بسم الله الأعظم أهم ، أما هناك فالمراد ما دام هي أول آية نزلت القراءة لأننا نحن أمة اقرأ نحن أمة القراءة ، فقدم القراءة سيما كما لا يخفى على شريف علمك أن النبي ع كان قد قال : « ما أنا بقارئ ، ما أنا بقارئ » . فقيل له : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ فقدمت هناك القراءة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وهذا يا دكتور لفتة للإخوة المشاهدين ولعلك تفيض فيها وهي قضية التقديم والتأخير ودلالتها البلاغية في القرآن الكريم ، من أهم ما ينبغي على من يقرأ القرآن الكريم أن يتنبه إليها .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : صحيح .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : التقديم والتأخير ، يعني التقديم ما حقه والتأخير له دلالة بلاغية كما تفضلت الآن .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ولا شك في ذلك يا دكتور عبد الرحمن ، أحيانًا العرب تقدم ما هو أهم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : صحيح .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وأحيانًا فيه مواضع تؤخره لأهميته ، فهي تحتاج إلى شيء من المران وتوفيق الله الإنسان في الفهم والاستعانة بكتب التفسير .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : لا. خاصة الآن ، فنحن نتكلم الآن يا دكتور إبراهيم – والإخوة المشاهدون الآن أنا متأكد كل واحد منهم الآن فاتح المصحف يقرأ وربما كان قبل أن يبدأ البرنامج يقرأ وسيتمر بعد البرنامج يقرأ ، فمهم جدًا أن ننبه إلى هذه مثل الأشياء ومراعتها في أثناء القراءة لماذا قدم هذا ، ولماذا أخر هذا .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : صحيح ، وهذا يعين على الفهم ﴿ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ﴾ [ ص : 29] ويتحقق الحكمة من نزول القرآن الكريم وهي التدبر .
لما نتعدى الآن (( بسم الله )) العلماء وقفوا عند هذه الكلمة العظيمة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الله .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وهي أعظم كلمة ، قال الإمام أبو حيان في ( البحر المحيط ) : أعرف الأعلام كلها وأبينها ( الله ) ، فما تقول : علم كذا أو علم كذا هو أعرف الأعلام كلها وأبينها سبحانه وتعالى . كلمة الله ، ولهذا الله لا يشترك في تسميته أحد .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ [ مريم : 65] .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وجاء في الحديث عن الرسول ع : « أحب الأسماء عبد الله وعبد الرحمن » . فعبد الله فُضِلَ ، العبد له العبد لله أفضل من عبد المهيمن ومن عبد القيوم مع أن كلها أسماء لله تعالى .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري :كذلك يذكرون يا دكتور إبراهيم عن سيبويه أنه ذكر في كتابه قال : الله أعرف المعارف على الإطلاق .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وسكت لم يزد على تعريفه .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : يقولون أنه رُؤِيَ في المنام بعد موته فقيل له : ماذا صنع الله بك ؟
قال : غفر الله لي .
قالوا : بماذا ؟
قال : بقولي : أن الله أعرف المعارف على الإطلاق . هذه يعني لطيفة .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : سبحان الله .
طيب ما معنى كلمة الله لو أردنا شرح كلمة ( الله ) مثلاً ، نستهدي إليها بشيء من البيان ، قال الإمام السعدي – عليه رحمة الله – : هو المألوه المعبود بحق الذي يستحق للإفراد بالعباد والتوحيد . لماذا ؟
لما اتصف به من صفات الألوهية في صفات الكمال والجلال ، التي لا تليق إلا بالله سبحانه وتعالى .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الله أكبر .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : فالله يعني المألوه يعني المعبود يعني الذي يستحق أن يعبد لصفاته هو سبحانه وتعالى ، ثم أردف الله تعالى البسملة بقوله : ﴿ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴾ . هذان الاسمان يدلان على – يا دكتور عبد الرحمن والإخوة المشاهدون والمشاهدات – على أن الله تعالى ذو رحمة واسعة . قال : رحمن . يعني : واسع الرحمة عظيمها ، التي وسعت كل شيء كما جاء في القرآن الكريم ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [ الأعراف : 156] كل شيء ، تخيل ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ يعني ماذا ؟
يعني كل شيء ستسعه رحمة الله تعالى ، وعمت كل حي . ثم قال السعدي رحمه الله : وكتبها الله للمتقين المتبعين رسله صلى الله عليهم وسلم جميعًا وهذه هي الرحمة الخاصة بأوليائه ، وأما الرحمة المطلقة فهي لمن عداهم ، ولنا أن نحلق في رحموت الله تعالى الآن وننظر إلى الحديث الصحيح : « إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها رحمة في الدنيا يتراحم الناس فيما بينهم والدواب حتى إن الدابة ترفع حافرها عن ولدها خشية أن تطأه » .
هذه من رحمة واحدة قسمت على كل هذه الحياة الدنيا ، وادخر عنده تسعًا وتسعين رحمة في الآخرة فإذا جاء يوم القيامة أضيفت هذه الرحمة إلى الرحمات الأخرى التسعة والتسعين ورحم الله من شاء في ذلك اليوم العظيم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وهذه بشرى عظيمة للمؤمنين والله .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : نسأل الله العظيم أن يرحمنا ووالدينا ووالديهم والمسلمين في ذلك اليوم العظيم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : هذا كله في البسملة ؟
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وبَقِيَ فيها .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : ونحن نريد يا دكتور إبراهيم ، ففعلاً نحن لا نستطيع في حلقة واحدة من خمسين دقيقة أو أقل أن نتناول جزء كاملاً ، ولا حتى سور الفاتحة .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : صدقت يا دكتور عبد الرحمن .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : لكن بحسبنا يا دكتور إبراهيم مثل هذه الإشارات الرائعة للإخوة المشاهدين أنها تفتح نافذة لفهم القرآن ، لتدير القرآن للعناية به وتكرار النظر فيه .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : صحيح .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وهذه غاية مهمة جدًا نسعى إليها في البرنامج .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : هي إعطاء المفاتيح لفهم ولتدبر القرآن جميعًا .
العلماء أيضًا تكلموا على تقديم الرحمن على الرحيم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : جميل .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : لماذا لم يقل الله تعالى بسم الله الرحيم الرحمن ، مثلاً ، طبعًا ذكروا فيها أشياء كثيرة من ضمنها قالوا : إن الرحمن فيها مبالغة أشد من الرحيم وعادة العرب أنها تبدأ بالأقل كأن تقول : فلان عالم نحرير ، أو شجاع باسل ، أو جواد فياض . المفروض تبدأ بالأقل فالأكثر ، لكن هنا بدأ بالعكس – وهذه مسألة التقديم والتأخير يا دكتور عبد الرحمن – . قال علماؤنا الكرام – يرحمهم الله – : هذا – والله أعلم – إذا قال الله : الرحمن تناول عظائم الأمور كأن الله سيرحمنا في أشياء كبيرة جدًا . ثم يقول : الرحيم يعني ترى حتى الأمور الدقيقة ستسعها رحمة الله وتشملها ، فهنا الشيء الذي سيفوتك في الرحمة الكبيرة سيعطك الله إياه في الرحمة الأخرى التي هي أدق وأقل من الرحمة الأولى .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : جميل .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وهذا شيء عظيم يعني في فهمه رحمه الله .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وأذكر أيضًا منهم من قال : أن الرحمن رحمة عامة تشمل الجميع ، والرحيم رحمة خاصة بالمؤمنين .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : نعم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : ويستدلون بقوله تعالى : ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ التوبة : 128] ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ﴾ [ الأحزاب : 43] .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وأيضًا بعضهم قال : أن هذا رحمان الدنيا والآخرة ، وهذا رحمان الآخرة ، ونحو ذلك فيه فروقات ذكرت .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وهذا في الحقيقة يعني تدبر أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته في القرآن الكريم على وجه الخصوص باب من أبواب العلم يعني جدير بأن الإنسان يفرد له وقت وأن يقرأ فيه قراءة خاصة .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : التعبد بأسماء الله وصفاته شيء عظيم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : لو تحدثنا يا دكتور إبراهيم عن مقاصد سورة الفاتحة – ما دمت أنت مركز على سورة الفاتحة – مقاصد سورة الفاتحة الأساسية عندما سميت أم الكتاب ، وسميت السبع المثاني ، وسميت القرآن العظيم .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : أثابك الله .
قال بعضهم : إن الكتب السماوية اختصرت في القرآن ، جمعت علوم الكتب السماوية في القرآن الكريم ، وجمع علوم القرآن الكريم كله في سورة الفاتحة . قال بعضهم : وجمعت الفاتحة وأسفارها في ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ . وبعضهم قال : جمعت في ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴾ . وبعضهم زاد وقد جمعت في الباء من ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴾ . سبحان الله العظيم شيء عجيب .
فالفاتحة – حفظك الله ومن يسمع ومن يشاهد – أول ما بها هي البدء والاستعانة بالله ، ثم الثناء عليه بمحامده التي تليق بجلال وجه ، الحمد كل الحمد ، ثم بين ﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ أن الذي يحمد فيه صفات كمال وهي الرحمة في ﴿ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴾ مرة أخرى لما أعيدت ، ثم هذا ﴿ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴾ لا يغركم أن تتطاولوا عليه بالمعاصي لأنه ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ يعني عنده العقوبة الشديدة القوية التي لا يملك ملك من الملوك أن يقول شيء في ذلك اليوم إلا بإذنه تعالى ، فهو رحيم رحمان لكنه شديد ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ ثم بعدها كأن الناس خافوا بعد ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ خلاص سنعبدك يا رب ، العبادة لا تكون إلا بالاستعانة بالله قال : ﴿ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ .
بما ستستعينني ؟
قال : بـ ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ إذا هديتنا الصراط المستقيم نكون استعنا بك وعبدناك .
ما هذا الصراط المستقيم ؟
الصراط المستقيم هو صراط المسلمين الذين أنعمت عليهم ، وليس صراط اليهود الذين غضب عليهم ولا صراط الضالين الذين هم النصارى الذين ضلوا عن جهل .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : عبدوا الله على ضلالة .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : عبدوا الله على ضلالة وجهل بخلاف اليهود الذين علموا وخالفوا وهم أشد كفرًا هنا .
هذا بشكل عام تفسير الإجمالي لها .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : جميل وأذكر يا دكتور إبراهيم حديث النبي ع عندما قال في الحديث القدسي يقول الله تعالى : « قَسَمْتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال : ﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ . قال : حمدني عبدني . وإذا قال : ﴿ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ﴾ . قال : أثنى عليَّ عبدي ، وإذا قال : ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ . قال : مجدني عبدني . وإذا قال : ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . وإذا قال : ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ … إلى آخر السورة قال : هذا لعبدي » .
لعلنا نتوقف يا دكتور واستأذنك واستأذن الإخوة المشاهدين في فاصل قصير ثم نرجع ونعود إليكم فكونوا معنا حفظكم الله .
فاصل
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : مرحبًا بكم أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى في برنامجكم (( التفسير المباشر )) ، ولا يزال حديثنا متصلاً مع الدكتور / إبراهيم بن عبد الله ، أستاذ البلاغة القرآنية بجامعة الإمام عن سورة الفاتحة ، وما فيها من الفضائل ، وما فيها من الأسرار والبدائع .
كنا وقفنا عند قوله تعالى في الحديث القدسي عند نهاية الحديث وهو : « قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين … .
وهذا أيضًا يستدل به العلماء – يا دكتور إبراهيم – على عدد آيات الفاتحة وأنها تبدأ بـ ﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ولا تبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم ، فهل ما زال لديك بعض اللفتات البلاغية قبل أن ننتقل عن سورة الفاتحة .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : نعم . ولعل نجملها يا دكتور عبد الرحمن بإشارات وومضات سريعة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : أحسنت .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : مثلاً في قوله تعالى : ﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ قد نقرأها بسرعة ﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ﴾ الحمد أي : كل أنواع المحامد تدخل في قولك : ﴿ الْحَمْدُ ﴾ . لأن أل هنا تستغرق وتأخذ شمولها واستغراقها جنس المحامد كلها ، ولذلك فالحمد لله على فضله وعلى عدله ، إن أعطى الله ورحم فهو فضل منه وإن عذب سبحانه وتعالى فهذا عدل منه ، ولذلك نحمده على كل حال هذا من قوله : ﴿ الْحَمْدُ للّهِ ﴾ ، ولذلك أثنينا عليه سبحانه وتعالى بقولنا ﴿ الْحَمْدُ للّهِ ﴾ . بعض العلماء فرق بين الحمد والمدح وهذه لفتة لطيفة خفيفة قالوا : الحمد يكون في الأمور التي فيها اختيار تقول : فلان أعطاني من ماله فأنا أحمده على ذلك ، الله أعطاني السمع والبصر فأنا أحمده على ذلك . لكن المدح لا يكون في الأشياء التي لا اختيار فيها كأن تقول : أنا أمدح هذه الجوهرة أو هذه السلعة لجمالها ورونقها لكني لا أحمدها ما أقول أنا أحمد هذا الذهب لكني أمدحه لأن ماله اختيار في هذا الحسن .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : استأذنك يا دكتور إبراهيم في اتصال من أخينا عمر من السعودية تفضل يا عمر .
السائل هاتفيًا الأخ عمر : السلام عليكم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن والضيف الدكتور إبراهيم : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل هاتفيًا الأخ عمر : كيف حالكم يا شيخ ؟
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الله يحيِّك .
السائل هاتفيًا الأخ عمر : جزاكم الله خيرًا على البرنامج .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الله يحفظ يا أخي .
السائل هاتفيًا الأخ عمر : أنا عندي سؤال قد يكون خارج التفسير لكن بصراحة …
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : تفضل .
السائل هاتفيًا الأخ عمر : إذا كانت بسم الله الرحمن الرحيم آية من سورة الفاتحة ، فلماذا لا نجهر بها في الصلاة ، فقد عرفت أن لها معاني عظيم ، فلماذا لا نجهر بها ، وجزاكم الله خير ؟
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : أحسنت شكرًا جزيلاً لك .
هو السؤال ليس بعيدًا عن التفسير .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وقد تكلم عنها المفسرون – رحمهم الله – يا دكتور عبد الرحمن فأنت أدرى مني في هذا ، فأنت تجمع بين التفسير والفقه لأخينا عمر يعني أحمد الله على تفاعله مع فهم هذه الآية الكريمة .
أخي عمر من العلماء من يجهر بالفاتحة وأظنه من مذهب الشافعية ، فالشَّافعية رحمهم الله يرون الجهر بالفاتحة فلو جهرت أنت شافعي لك في ذلك يعني ما تشاء ، فالجهر بالفاتحة أو السر بكل ذلك وردت السنة ، والحمد لله . يعني لك أن تجهر بها تذوقًا لهذه الآية وتدبر لمعانيها ، والرأي لك يا دكتور عبد الرحمن أنت أدرى مني بذلك ، إن شاء يجهر مرة ويترك مرة ، فهو على خير وعلى سنة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : السنة أنه لا يجهر بها . فالشافعي رضي الله عنه اختار اختيارًا وهو أن يجهر بالبسملة وجعلها جزءًا من الفاتحة .
ونأخذ اتصال من الأخ عبد الله حتى لا نطول عليه ونرجع لنتحدث ، تفضل يا أستاذ عبد الله حياك الله .
تفضل يا عبد الله حياك الله .
السائل هاتفيًا الأخ عبد الله : السلام عليكم
المذيع الدكتور عبد الرحمن والضيف الدكتور إبراهيم : وعليكم السلام ورحمة الله
السائل هاتفيًا الأخ عبد الله : ما أفضل آية في القرآن ؟
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : أبشر هذا سؤال سهل .
أقول الخلاف الفقهي يا دكتور إبراهيم وأنت أدرى في قضية عدد آيات سورة الفاتحة منهم من يقول البسملة آية من آيات السورة .
طبعًا هم يتفقون على أنها سبع آيات ، ومنهم من يقسم الآية ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ﴾ [ الفاتحة : 7 ] ، فيكون العدد هنا سبعة إذا احتسب البسملة بدونها ، وإذا احتسبها صارت ثمان ولذلك يقسم الآية .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : بالضبط .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وهذا موجود في أي كتاب من كتب التفسير لو رجع الأخ أو أي مشاهد إلى البداية من أي كتاب من كتب التفسير سيجد بغيته فيها . إن شاء الله تعالى .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : جميل جميل ، معنا الأخ منير من السعودية تفضل .
السائل هاتفيًا الأخ منير : السلام عليكم ورحمة الله .
المذيع الدكتور عبد الرحمن والضيف الدكتور إبراهيم : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل هاتفيًا الأخ منير : حياكم الله يا شيخ عبد الرحمن وحيا الله ضيفكم الكريم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن والضيف الدكتور إبراهيم : الله يحيك .
السائل هاتفيًا الأخ منير : مبارك عليكم الشهر الكريم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن والضيف الدكتور إبراهيم : الله يبارك عليك .
السائل هاتفيًا الأخ منير : الله يرفع قدرك ، كلام الشيخ إبراهيم في سورة الفاتحة كلام يجعل الإنسان يتأمل السورة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : جميل
السائل هاتفيًا الأخ منير : ويتأمل في معانيها ، وإذا كنتم تسمحوا لي بهذه التأملات يا شيخ .
الدكتور عبد الرحمن الشهري : تفضل باختصار يا منير .
المتصل : الأمر الأول : في قضية تسمية سورة الفاتحة بأنها رقية أو الشفاء الشافية ، والإنسان عندنا تأمل تم فيها معنى الحمد ومعنى أن الله سبحانه وتعالى قال ﴿ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ﴾ وأن الله ذكر فيها صفة الرب التي فيها معنى الحرص والعناية والرعاية هذه الأمور النفسية أو التي تتمثل في نفس الإنسان تنعكس عليه في حياته صحة الأعضاء وصحة الجوارح لأن الصحة النفسية عند الإنسان لها أثر في صحة البدن ، عندما يتأمل هذه المعاني قال أن الله قال أنه الرب وأنه الرحمن وأنه الرحيم في هذه السورة ، فإن ذلك يعطي عنده نوع من الاطمئنان والثقة بالله سبحانه وتعالى والاعتماد عليه . هذا أمر .
الأمر الآخر في هذه السورة أيضًا هذه السورة جاءت تبين أن من مقاصدها ثلاثة مقاصد :
الأول : عظمة الخالق أن عظمة الخالق اتصافه بصفات الجلال وصفات الكمال .
الأمر الثاني أن مقاصدها : أن عظمة المخلوق حينما عبدًا لله سبحانه وتعالى ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ .
والأمر الثالث : أن السورة جاءت تبين أهمية أمر القدوة والاقتداء ولذلك هم يقولون : ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ فهذه ثلاثة مقاصد مهمة في هذه السورة .
الأمر الأخيرة الذي أريد أن أشارك به أيضًا ، هو قوله سبحانه وتعالى : ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ وهو سؤال يتكرر ، عندما يكرر الإنسن سؤال الهداية في كل ركعة يقول : ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ في كل ركعة وهو يكرر هذه الآية فيقول الإنسان – والحمد لله – هداني الله للإسلام وهداني إلى قراءة القرآن وهداني إلى معرفة السنة ، فما الداعي أن الإنسان يسأل الله الهداية عز وجل في كل ركعة يسأله الهداية . التأمل العجيب في هذا أن الله سبحان الله لم يقل : اهدنا إلى الصراط المستقيم أو اهدنا للصراط المستقيم وإنما قال : ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ ليشمل معنى الهداية ، معنى أعم من هداية الدلالة والتوفيق إلى معنى .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الثبات .
السائل هاتفيًا الأخ منير : إلى معنى أن الإنسان يهديه الله سبحانه وتعالى إلى الصراط ويهديه للثبات عليه يهديه إلى معرفة أهله ، وهكذا .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : بارك الله فيك شكرًا يا أستاذ منير ، شكرًا جزيلاً لك على هذه اللفتات .
معنا اتصال آخر من السعودية ، تفضل .
السائل هاتفيًا : السلام عليكم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وعليكم السلام ورحمة الله .
السائل هاتفيًا : كيف حالك يا شيخ .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : أهلاً ومرحبًا بك .
السائل هاتفيًا : طيب إن شاء الله .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الله يحيك .
السائل هاتفيًا : يا شيخ ممكن أسأل سؤال بعيد عن سورة الفاتحة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : بعيد مرة ولا حولها .
السائل هاتفيًا : يعني في سورة الكهف ، سؤال بصراحة يشغلني بعض الشيء .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : تفضل .
السائل هاتفيًا : الله سبحانه وتعالى يقول في سورة الكهف في قصة الخضر عليه السلام مع موسى يقول : ﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ﴾ [ الكهف : 77] ذكروا في الآية أهل قرية وبعدين في آخر القصة يذكر عز وجل ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ [ الكهف : 82] فكيف يقول : أهل قرية ثم يقول المدينة ؟
المذيع الدكتور عبد الرحمن والضيف الدكتور إبراهيم : أحسنت ، هذا سؤال جيد .
السائل هاتفيًا : وجزاكم الله خيرًا .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : أحسنت بارك الله فيك شكرًا يا حبيبي شكرًا جزيلاً .
معنا اتصال قبل أن نواصل الأخ عبد العزيز ، تفضل يا أخ عبد العزيز .
السائل هاتفيًا عبد العزيز : السلام عليكم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وعليكم السلام ورحمة الله .
السائل هاتفيًا عبد العزيز : بالنسبة للقراءات لـ ﴿ الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ سمعنا أن هناك كذا قراءة منها ( ظراط ) هل هذا صحيح ؟ هذا سؤالي .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : صحيح . شكرًا لك بارك الله فيك .
وقفنا يا دكتور إبراهيم عند قضية الفضائل أو بعض المقاصد التي ذكرتها في سورة الفاتحة .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : هل تري لي الإجابة السريعة .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : لاحظ يا دكتور إبراهيم الحمد لله تفاعل الإخوة المشاهدين ، وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى في مثل هذه المجالس أن تلفت نظر بعض الإخوان حتى ليقول : لماذا لا نقرأ البسملة في الجهر ؟ ما دامت في هذه الفضائل وفيها هذه الإسرار لماذا لا نجهر بها ؟
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ولذا يا دكتور عبد الرحمن أنا أرى من حق المتصلين الآن أن نجيب على أسئلتهم بشكل سربع .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : تفضل ، عبد الله يسأل عن أفضل آية في القرآن ؟
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : أفضل آية يا أخي عبد الله آية الكرسي بفتوى رسول الله ع وهي : ﴿ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [ البقرة : 255] .
ولعل الضيف في اليوم الثالث من رمضان يفيض في الحديث عن آية الكرسي إذا أراد .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وآية الكرسي هي الآية .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : مائتان خمسة وخمسين .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : ﴿ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وهي أفضل آية في القرآن الكريم وفي فضائلها شيء عظيم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الأخ منير تعقيبه جيد حقيقة .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : الأخ منير أتى على بعض الوقفات فنشكره على أن شاركنا في الحلقة وجزاه الله خير .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : جزاه الله خيرًا ، سؤال الأخ عبد العزيز ﴿ فَانطَلَقَا ﴾ لماذا قال هنا .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : هل عندك فيها شيء يا دكتور عبد الرحمن ؟
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : طبعًا هم يذكرون في القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى يعبر بالقرية والمدينة عن مقصود واحد كما في هذه الآية ، وإن كان الله سبحانه وتعالى يعبر عن القرى في مواضع ويعبر عن المدينة كما في سورة الكهف ﴿ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً ﴾ [ الكهف : 19] هنا ما دام أن الله قال في أولها ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾ قال : ﴿ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا ﴾ ذكر أنها قرية وذكر …
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : أنها مدينة ، فيعني القرى تسمى قرى لأنه يجتمع فيها الناس كأنه أشار فيها إلى الأهل الساكنين ، والمدينة كأنه أشار إلى البناء الذي بني ، والحديث فيها من باب اللطائف يتكلم عنها المفسرون .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وسؤال الأخ عمر يدل على تدبر أيضًا وتفهم يشكر على ذلك .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : صحيح ، أما سؤال الأخ عبد العزيز في الصراط ؟
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : صراط كما لا يخفى على شريف علمكم يا دكتور عبد الرحمن والمشاهدين فيها قراءات ﴿ الصِّرَاطَ ﴾ بالصاد من كلمة صالح ، وفيها السراط من كلمة سعيد بالسين ، وأظن ما مرت علينا حديثًا بالزاي الظراط أيضًا ، والعجائب أن الصراط أصلاً قالوا : يؤخذ من السراط السين وهو اللقم لأنه يلقم ، فالطريق أصلاً هو الذي يلتقم الناس يركبون فيه فيمشون فيه ، ولذلك اللاقم والآكل إلى السراط سراطًا يسرطها من الآكل سبحان الله ، وهذا أصل اشتقاقها .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : جميل . هو الحقيقة السؤال الذي سأله عبد العزيز ليس زايًّا خالصة حتى لا يفهمها أنها الزراط ، هي تنطق الظراط فهي إشمام الصاد سينًا وليست زايًا .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ولم يرد فيها زايًا .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : لا ، ليست زايًّا ، وإنما صاد مشمة السين ولذلك يعجبني بعض الباحثين عندما يقول : إن أفضل شيء نعبر به عن هذه الحروف أن يكتب صاد وتحته سين أو زاي للإشارة إلى أنك تبدأ بالسين وتنتهي بالصاد فهي مشمة ، يسمونها إشمام ، وهذه قراءة حمزة وهي أحد القراءات السبعة المتواترة ، نعود للآيات .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ولعلنا نأخذ شيء باختصار ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ الرب قالوا : هو المربي سبحانه وتعالى وهو المعبود وهو المالك وهو السيد ، فإذا قلت : الحمد لله راب . راب يعني سيدي ومالكي ومعبودي ورب من ؟ ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ، وفي العالمين أقوال أيها الإخوة المشاهدون والمشاهدات كثيرة ولكن من ضمن الأقوال التي نسير عليها الآن هي كل من سوى الله .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : جميل جدًا .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : كل من سوى الله فهو من العالمين ، فلك أن تتصور أن هذا الرب في علاه هو رب الإنس ، والجن ، والفك ، والماء ، والجماد وكل شيء ، والملائكة الكرام كل ما سوى الله فهو عالمين يدخل في العالمين ، ولذلك هو ربهم سبحانه وتعالى له الخلق التدبير ولهم الفقر والحاجة إليه .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : ألا يمكن يا دكتور إبراهيم أن نستدل على تفسير العالمين هنا بقوله تعالى في سورة أخرى : ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ [ الشعراء 23 ، 24] .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : نعم صحيح .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : فمعناها كما تفضلت ما سوى الله .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : فما سوى الله فهو عالم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : معنا اتصال يا دكتور إبراهيم الأخ حمدان من السعودية اتفضل يا حمدان ، ذهب حمدان ، أيضًا أمر آخر يا دكتور إبراهيم .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : يحفظه الرحمن .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : نعم تفسير سورة الفاتحة فيها أيضًا تفسير القرآن بالقرآن ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ﴾ من هم ؟
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : هم ﴿ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ﴾ وهم غير ﴿ الضَّالِّينَ ﴾ .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وفي آية آخرى في سورة النساء قال : ﴿ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ ﴾ [ النساء : 69] .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ولذلك حفظك الله لما نأتي ، لعلنا ننتقل إليها ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ ﴾ المسلمين صراط الصديقين صراط الشهداء صراط الصالحين ، قال العلماء والزمخشري منهم : لماذا لم يقل مباشرةً اهدنا صراط المسلمين لماذا قال : ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ ﴾ قال : هذا أبلغ في المدح ، كيف ذلك ؟
أنا أقول لك وأنا أنقل العلم إليك – وأنت أعلم – والإخوة المشاهدين والمشاهدات كيف يكون هذا الكلام أبلغ ؟
كأن تقول : أنا أدلك على فلان الكريم ، يعني فيها شيء من المدح . لكن لو قلت لك : هل أدلك على الكرم ، أنه عند فلان الذي فيه وفيه فهنا قال : ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ﴾ معنى ذلك أنه من باب أبلغ ، أن الذين أنعم عليهم هم أصحاب الصراط المستقيم .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الله .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : هم أصحاب الصراط المستقيم ولا شك . قبلها بآية يا دكتور ودي ألا تفوت علينا ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ قال العلماء : لماذا قال : ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ مع أن الله يملك يوم الدين وسائر الأيام ؟
هنا استفاد بعض العلماء – ومنهم السعدي رحمهم الله – لطيفة جميلة جدًا قال : في ذلك اليوم لا ملك إلا ملك الله . ولذلك ينادي جل في علاه : ﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [ غافر : 16] والله لا ملك من الملوك ، ولا إمبراطور من أصحاب الإمبراطوريات ولا رئيس في جمهوريته ولا إنسان في عشيرته ولا قبيلته ولا آمر ولا ناهي إلا الله ، ولذلك ذلك اليوم يتضح فيه أن الملك فقط لله ، تفرد سبحانه وتعالى بالملك ، ولذلك هو ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ وفي هذا من القشعريرة شيء عظيم ، وبعض العلماء الله يرحمهم أخذ منها تقديم ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ لأنه قال : ما دام فيه يوم دين وفيه شيء من الخوف خلينا نعبد الله فجاءت ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ ثم جاءت بعدها الاستعانة لأنه لما قال : ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ كأن الناس قالوا : نعبدك يا رب ، لكن لا ترانا نعبدك بحولنا وقوتنا ، لو لم يكن من الله عون ما عبدنا الله .
إذا لم يكن عون من الله للفتى ** فأول ما يجني عليه اجتهاده
الاجتهاد يجني على الإنسان إذا ما أعانه الله ولذلك قال : ﴿ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ يعني : يا رب أعنا على عبادتك ، بعض العلماء سأل تساؤل جميل يا دكتور إذا سمحت لي لماذا قال : ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ ولم يقل إياك أعبد ؟
مع أن المتكلم واحد الآن ، القارئ للفاتحة واحد قال : لأنه لا يصلح أن يقول : إياك أعبد كأن فيها تبجح وغرور أنني أعبدك ، لكنني أنا عبادتي قليلة سأدمجها وأمزجها مع عبادات الصالحين من أمثالكم والإخوة المشاهدين والمشاهدات حتى نقول : نعبد ، كلنا يا رب نتوسل إليك بعبادتنا الجماعية مع بعض ، أنت تؤدي زكاة ، أنا أؤدي صلاة ، هذا يؤدي ابتسامة ، هذا يؤدي بر والد ، هذا يؤدي صلة رحم ، فعبادتنا جميعًا يا رب لك سبحانك يا رب العالمين بعضها يهب لبعض .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وأيضًا تخيل أنها إياك أعبد يصلي الإمام ويقول : إياك أعبد وإياك أستعين .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وهو مع من معه .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : لكن عندما تقول : إياك نعبد فيها شعور جماعي ، أنها استعانة جماعية.
أنا ودي الحقيقة الفاتحة لن تنتهي بالشكل هذا ، والحلقة ستنتهي وبقي معنا أربع دقائق ، أنا أريد منك يا دكتور إبراهيم لن أقول سورة البقرة كاملة ، أو الجزء أريد منك في قصة آدم وإبليس في ثلاث دقائق أو أربعة دقائق ، أعطنا بعض اللفتات البلاغية في هذه القصة العظيمة والتي يمكن أن يخرج بها المشاهد من الجزء الأول ، ولعله يواصل هو في بقية الجزء .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : إذًا ضربنا الصفح عن كل هذه الأوراق ، ولكن لعل الإخوة المشاهدين والمشاهدات يتيسر له كتاب تفسير ولو ميسر مثل تيسير ( العزيز الرحمن ) للشيخ السعدي هذا تفسير مختصر وفيه عادةً الأقوال الصحيحة ولا يخلو من وقفات بلاغية ولغوية جميلة كتاب التفسير الإمام السعدي عليه رحمة الله أنا أنصح بالرجوع إليه .
أما الآيات الكريمة فهي الآية الثلاثين إلى ثلاثة وثلاثين أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ … إلى آخر الآيات .
قالوا : إن الله تعالى أراد أن يجعل خليفة في الأرض بعد من كان يعمرها كما كان هناك في الأرض من يعمر الأرض نوع من أنواع الجن كانوا موجودين في الأرض كما يذكر المفسرون .
الله تعالى لما قال : ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ ممكن يجعل خليفة ولا يستشير أحد أو لا يشاور أحد أو لا يخبر أحد قالوا : إنه يريد أن يعلم عباده كيف المشاورة . ولذلك قال للملائكة وهو الرب وهو الغني عنهم : ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ .
الملائكة تعجبوا ﴿ قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ يعني تجيب خليفة يفسد ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ يعني نقدسك أنت أو نقدس أنفسنا لك كما في التفسيرين في هذه الآية .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وهو سؤال استفهام وأدب منهم .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وتعجب وليس إنكار حاشاهم عليهم الصلاة والسلام ، إنما هم قالوا سؤال تعجب ، وهذا قال العلماء : إما لأنهم قرؤوه في اللوح المحفوظ أو لأنهم قاسوه على من كان يعمر الأرض قبل آدم ، هذا سبب أنهم علموا أنه سيفسد ، ومن اللفتة الجميلة ﴿ قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ ، وانظر كرر ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ كان ممكن أن يقول : تجعل فيها من يفسد ويسفك لكن قالوا : ﴿ فِيهَا ﴾ كأن في هذه الأرض التي المفروض نحافظ عليها ، لذلك الأرض ملك للجميع لا يصح لأحد أن يفسد فيها أبدًا كائن من كان ، ثم قال : ﴿ مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ﴾ سفك الدماء نوع من أنواع الفساد ، لماذا خص ؟
هذا من باب عطف الخاص على العام ، لأن سفك الدماء يدخل في الإفساد في الأرض ، ولكن الله تعالى ذكره هنا بنصه حتى يحذر الناس من سفك الدماء ، قال عليه الصلاة والسلام : « لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا » . والعياذ بالله وفي حديث آخر رأى ع الكعبة وجلالها وبائها قال : « ما أعظمك ، وأعظم حرمتك ، ولكن حرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك » . الدم الحرام أمر خطير خَطير خطير للغاية ، ولذلك نص الله سبحانه وتعالى الآن عليه بهذا ، ثم قال : ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ . قال العلماء : إني أعلم من شأن آدم عليه السلام وماذا سيكون في ذريته ما لا تعلمون أنتم ، أنتم علمكم ظاهر يا ملائكة وأما علمي فيعلم السرائر والظواهر ، ولذلك قال العلماء : إن في خلق آدم مع الفساد الذي حصل بالقتل والتشريد وسفك الدماء من المصالح العظيمة ما لم تكن تتحق لولا إنزاله خليفة في الأرض ، ومن ذلك اتخاذ الله للأولياء والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين الذين لم يكونوا ليوجدوا إلا بعد نزول آدم عليه السلام ، ولا ما شرعت بعض العبادات مثل الجهاد ، مثل التعبد إلى الله ، مثل دعاء الله برفع الظلم ، كيف يكون لولا هذا .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : والله يحب هذا .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : والله يحب الملحين .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : يحب الدعاء .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ويحب الإلحاح به وكثرته ، ويحب سماع أصوات الناس الذين يدعونه سبحانه وتعالى ، ولذلك حصلت منافع جليلة عظيمة بسبب نزول آدم إلى الأرض ، وذكر منها ابن السعدي رحمه الله قرابة الخمسة والستة منقطة بكلام جميل . إذًا الملائكة عليهم لما قالوا : ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ كأنهم رأوا أن أنفسهم أفضل فأراد الله أن يبتليهم قال : ﴿ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء ﴾ هؤلاء يعني كل المسميات ﴿ قَالُواْ سُبْحَانَكَ ﴾ يعني خلاص ﴿ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا ﴾ جودًا منك وفضلاً ، إذا أنت علَّمْتَنَا عَلِمْنَا ، ما علمتنا لا نعلم . ﴿ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ ﴾ الله تعالى علم آدم الأسماء كلها قال العلماء : سبحان الله علمه حتى المصغر والمكبر قصعة وقصيعة تمرة وتميرة ، علمه .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : ولذلك يذكرون أن آدم أعلم البشر بتعليم الله .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : أعلم البشر ولا شك بتعليم الله ، لما علمه الله قال : ﴿ أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ ﴾ فجاء آدم عليه السلام وأنبأهم ، فيه لفتة خفيفة لكنها راقتني كثيرًا .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وهي ؟
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وهي حفظك ومن يشاهد الآن ، إن الله تعالى قال للملائكة : ﴿ أَنبِئُونِي ﴾ تحس إن فيها تهديد وإمتحان وابتلاء ﴿ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء ﴾ طبعًا هم لا علم لهم ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ ولما جاء دور آدم ﴿ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم ﴾ .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : علمهم .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : علمهم هم ، وهنا ولله المثل الأعلى لو عندك مثلاً طالب تقول له : قم يا ابني اشرح الدرس وأنا والمدير حاضرين عندك سيرتبك لأنه سيكلم عالمًا ، لكن تعالى يا ابني اشرح لطلاب الذين هم زملائك وأنا خارج الفصل يأخذ راحته بالشرح ويتبسط ويأتي بالجميل من شرحه وهذا لله المثل الأعلى كأنهم قاسوها عليها .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : لفتة لطيفة .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وأما الأسماء كلها فهي ما ذكر .
أخيرًا ختمت الآية يا دكتور عبد الرحمن بـ ﴿ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ الذي يعلم كل شيء صغيره وكبيره ، مثافيل الذر ، سقوط أوراق الرياح ، عدد أوراق الشجر اليابس الرطب كل شيء يعلمه الله تعالى ، والحكيم الذي وضع كل شيء من هذا العلم بحكمته في المكان المناسب ، ولذلك لو تساءل الإنسان لماذا خلق الله البعوض ؟ لماذا خلق الله الذباب ؟ لماذا خلق الله – جلك الله والمشاهدين – الخنزيز ؟ يسأل بعض الناس عن أشياء لماذا أوجدها الله حتى لو لم نعلمها نقول لحكمة ، لأن الله عليم حكيم .
الملائكة الذين يعلمون أكثر منا تعجبوا ولكن في الآخر أذعنوا وعلموا أن الله تعالى عليم حكيم .
لو هناك وقت يا دكتور لأشرنا إشارة أختم بها وهي هذا العالم النوراني العظيم الملائكة ، الملائِكة لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى ويكفي أن نحدد في عددهم أنه يدخل في البيت المعمور الموجود في السماء كل يوم سبعون ألف ملك يطوفون عليه منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة لا يعودون يعني كل يوم سبعون ألف ملك ، سبعون ألف ملك ، سبعون ألف ملك .
انظر كم عددهم ، وهؤلاء الملائكة ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [ التحريم : 6] ، هؤلاء الملائكة يستحيون مما يستحي منه بعض بني آدم ، هؤلاء الملائكة يتضايقون مما يتضايق منه بني آدم ، هؤلاء الملائكة يستغفرون لك ما دمت طائعًا لربك .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : الله أكبر عليهم الصلاة والسلام الحديث عن قصة آدم في سورة البقرة حديث طويل .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : نعم ، صدقت .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : وأنت أمتعتنا الحقيقة .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : الله يجلك .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : لكن الوقت أدركنا ولذلك أنا أطلب من الإخوة المشاهدين أن يواصلوا التأمل والتدبر في قصة آدم عليه الصلاة والسلام في قصة البقرة ، ففيها قصة بدء البشرية وخلقها .
انتهى الوقت أيها الإخوة المشاهدون ولم ينتهي الحقيقة الحديث عن هذه السورة العظيمة وهذا الجزء العظيم .
أرجو أن تكونوا قد انتفعتم بما سمعتم من الدكتور إبراهيم جزاه الله خيرًا .
باسمكم جميعًا أشكر الله سبحانه وتعالى أولاً ، ثم أشكر أخي فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن عبد الله إسماعيل أستاذ البلاغة القرآنية المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وعضو الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه شكر الله لك يا أبا فارس .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : ولك الشكر .
المذيع الدكتور عبد الرحمن الشهري : شكر لكم أيها الإخوة المشاهدون متابعتكم ، وأدعوكم لكتابة السؤال الخاص بهذه الحلقة والبحث عن الإجابة له ، وسوف يظهر السؤال لكم الآن أسأل الله أن يجمعنا بكم دائمًا على خير .
نراكم غدًا وأنتم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الله : وعليكم السلام .