برنامج التفسير المباشر

برنامج التفسير المباشر 1429هـ – الجزء الثاني والعشرون

التفسير المباشر

الحلقة الثانية والعشرون

22-9-1429هــ

 

د:عبد الرحمن: بسم الله الرّحمن الرّحيم، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلّمَ وبارك على سيّدنا وبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيّها الإخوةُ المشاهدون السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في برنامجكم اليومي [التفسير المباشر] الّذي يأتيكم على الهواءِ مباشرةً من استديوهات قناةِ دليلٍ الفضائيّة بمدينة الرّياض.

اليوم هو اليوم الثاني والعشرون من أيّام شهر رمضان المبارك، الّذي نسأل الله أن يختمه لنا ولكم بالمغفرةِ والرّضوان، وأن يجعلنا وإيّاكم فيه من أهل القرآن العاملين به والمتدبّرين له.

يسعدني في بداية هذا اللّقاء أيّها الإخوة المشاهدون أن أُرَحّب بضيفي في هذا اللّقاء، أخي وزميلي فضيلة الشّيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري، الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود، والمتخصّص في الدّراسات القرآنيّة، حياكم الله يا أبا عبد الله.

د:محمد: حياك الله وبيّاك، وأهلاً بك ومرحباً وهنيئاً لك بهذا البرنامج الّذي نفع الله عزّ وجلّ به النّاس في هذا الشّهر الكريم.

د:عبد الرحمن: أسأل الله لك حياك الله وبياك. أيّها الإخوة المشاهدون في بداية هذا اللّقاء أُذكركم بأرقام الهواتف الّتي يمكنكم التواصل معنا عن طريقها من داخل السّعوديّة ( 012085444 ) أو ( 014459666 ) والهاتف الجوال ( 0532277111 ) وستظهر أمامكم تِباعاً على الشاشة؛ كما أيْضاً يمكنكم التواصل عن طريق موقع البرنامج altafseer.net ضمن ملتقى أهل التفسير.

تعوّدنا يا دكتور محمد على استعراض أبرز الموضوعات الّتي اشتمل عليها الجزء الّذي نتحدّث عنه اليوم. اليوم لدينا الجزء الثاني والعشرون، ويبدأ من الآية 31 من سورة الأحزاب، مع سورة سبأ، وسورة فاطر، وحتى الآية السابعة والعشرين من سورة يس بإذن الله تعالى.

تناولت سورة الأحزاب:

  • عدد من الآداب الاجتماعيّة.
  • وموقف المؤمنين عند الشّدائد والمِحَن.
  • وكما تحدّثت عن غزوتي الأحزاب وبني قريظة.
  • وسورة سبأ من السور المكيّة الّتي تهتم ب:
  • موضوع العقيدة الإسلاميّة.
  • وتتناول أصول الدّين وإثبات الوحدانيّة والنّبوّة، والبعث والنّشور.
  • واشتملت على بعض قصص الرّسل؛ مثل: داود وولده سليمان عليهما الصّلاةُ والسّلام، وما سخّر الله لهما من أنواع النّعم.
  • أمّا سورة فاطر فقد نزلت قبل الهجرة وهي مكيّة وقد عالجت العقيدة الكبرى؛ كالدّعوةِ إلى توحيد الله، وإقامة البراهين على وجوده، وهدم قواعد الشّرك وغيرها.
  • وأمّا سورة ياسين فيمكن تلخيص موضوعاتها أنّها تتحدّث عن البعث والنّشور, وأدلّة وبراهين الوحدانيّة.

هذه باختصار وبإيجازٍ شديد أهمّ الموضوعات الّتي اشتملت عليها هذه السّور الّتي تكوّن بمُجمَلِها الجزء الثّاني والعشرين من أجزاء القرآن الكريم.

كمدخل لهذا اللّقاء يا دكتور محمد، نريد الحديث عن موضوع سورة الأحزاب بشيء من التفصيل أو باختصار إن رأيت؛ حتى نستقبل الأسئلة بعد ذلك.

د:محمد: الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه. سورة الأحزاب حقيقةً سورة فيها موضوعات كثيرة جدّاً، وفيها آداب وأيْضاً فيها قضايا – كما يُقال – من واقع المجتمع المدني تتصّل بعلاقة المؤمنين بمَن معهم من اليهود والمنافقين، ولذلك جاءت غزوة الخندق في هذه السّورة واضحة ومفصّلة، وماذا أنعم الله بها على المؤمنين من النّعمة العظيمة حيث درأ عنهم هؤلاء الأحزاب الّذين تكالبوا عليهم من كلِّ حدبٍ وصوْب، وجاءوا يقصدونهم؛ ليستأصِلوهم، ولكنّ الله سبحانه وتعالى ردّ كيدهم في نحورهم. والعجيب في قصّة الأحزاب هذه أنّ الله لمّا ذكرها وكانت فتنةً عظيمة وبليّةً شديدة على المؤمنين، ركّز على موقف المنافقين؛ علماً بأنّ الظّاهرَ من الحال أنّ البلاء الّذي نزل بالمؤمنين من أهل الشرك الّذين تكالبوا على المؤمنين وأطافوا بهم، كان أظهر وأشدّ وأعظم، ولكنّ الله بيّن أنّ البلاء الدّاخلي من الطّابور الخامس وهو طابور النّفاق أشدّ وأعظم، ولذلك كانت الفضيحة لهؤلاء المنافقين كبيرة جدّاً. وهي الحقيقة أنا أقول ذِكْر هذه القصّة متّسق مع موضوع السّورة العام الّذي هو يتحدّث عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وعن حرمته ومكانته وبيته، وعدمِ أذيّته، واحترامه وتعظيم شأنه عليه الصّلاة والسّلام، وبيان مهمّته أيْضاً في تبليغ الرّسالة. فننظر في أوّل السّورة {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا {1} وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {2} وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا {3}} ثمّ تأتي قضيّة المظاهرة، والظِّهار الّتي لم تُذْكَر إلاّ من أجلِ تحريرِ أمرٍ آخر يتّصل برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو موضوع التّبَنّي؛ لأنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان له مُتَبَنّى وهو “زيد بن حارثة” وكان يُدعى بين الصّحابة: “زيد بن محمد”؛ لأنّ التبنّي كان معروفاً في الجاهليّة، وسار الأمر عليه في الإسلام. ولكنّ الله سبحانه وتعالى لمّا أراد إبطالَه أبطله في شخصِ رجلٍ كان موجوداً بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفي بيت النّبوّة؛ حتى تنتهي هذه العادة تماماً لا رجعةَ فيها، ولذلك جاء إنهاؤها في هذه السّورة بشكل كان شديداً على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فالله عزّ وجلّ يقول في أوّل السّورة {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ {4} ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} هذا قد يكون أمراً مقبولاً سهلاً وميسوراً، أشدّ منه أن يُؤمَرَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بأن ينكِحَ امرأةَ مُتَبَنّاه الّتي هي زوجة زيد الّتي طُلِّقَت منه، وهذا كان أشدّ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ ولذلك جاءت الآيات فيها من الشِّدّة على رسول الله ما بين الله به ما وقع في قلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من كراهيّة هذا الأمر، وتمنّي أن يندفع عنه هذا البلاء؛ ولذلك قال الله عزّ وجلّ: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} يعني: تُخْفي في نفسك يا محمد ما الله مبديه من كونك ستكون زوجاً بهذه المرأة، وأنّك أنت الزّوج الّذي سيلي زيداً عليها. كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتمنّى أن يحدث في الأمر شيء فيُعفى من الزّواج من زينب؛ لأنّه كان يخشى أن يقول العرب فيه ما يقولون، ويقولون محمدٌ تزوّج امرأة ابنه، ولكنّ الله سبحانه وتعالى حكم حكماً لا يُرَد وقضى قضاءً لا يُنقَض بأنّ هذا الأمر قد انتهى، وعليك يا محمد أن تتزوّج بزينب ليعلمَ النّاسُ كلّهم إلى يوم القيامة أنّ التّبَنّي باطلٌ في الإسلام، فجاءت الآيات قويّة جدّاً، ولذلك قال الله عزّ وجلّ: {وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ} أي من العرب {وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا} جاء الأمر من الله، والتّزويج من السّماء {زَوَّجْنَاكَهَا} ولذلك دخل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليها بغير وليٍّ ولا شهودٍ ولا شيء، لأنّ الله قد زوّجها من سبع سماوات.

د:عبد الرحمن: وكانت تفخر هي بين النّساء بذلك.

د:محمد: بذلك نعم، لكنّ الله سبحانه وتعالى قد قطع به هذا الأمر، ولعلّ هذا الأمر لمّا كان راسخاً في نفوس العرب أراد الرّبُّ سبحانه وتعالى بحكمته أن يجعلَ قطعه وإنهاءه بهذه الصّورة في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا من حكمة الله العظيمة، وأيْضاً فيه ابتلاء لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولعبوديّته لله، ولامتثاله لأمر الله، وطاعته لربّه جلّ وعلا، وتبليغه للرّسالة؛ لأنّ هذا الأمر يقول أحد الصّحابة ” لو كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مُخْفِياً شيْئاً من الرّسالة؛ لأَخْفى هذه الآية ” لشدّتها عليه، ولأنّها كانت تُبين خفايا نفسه عليه الصّلاة والسّلام، ولكنّه عليه الصّلاة والسّلام كان الأمين المُؤَمَّن على الوحي الّذي لم يخُن ولن يخون، ولم يقع منه عليه الصّلاة والسّلام أدنى خيانة في هذا الباب بأبي هو وأمّي، إذاً هذه السّورة تحدث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ولعلّي أستعرض تأكيداً على ما ذكرتم يا دكتور عبد الرّحمن الموضوعات الّتي مرّت بهذه السّورة طبعاً بادِئَ ذي بَدْء:

أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعدد من الأوامر:

  • {اتَّقِ اللَّهَ}، {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ}، {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ}، {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} هذه مقدِّمات.
  • هذه المقدّمات لو ربطناها بكلّ موضوعات السّورة لوجدنا أنّها مهمّة جدّاً لرسول الله، وهي تنزل عليه هذه السّورة، وبالمناسبة أُحِبّ أن أُفيد إخواني المشاهدين بأنّ: هذه السّورة أوّل ما نزلت كانت طويلة جدّاً واسعة حتى كان الصّحابة يعدِلونها بسورة البقرة، ولكنّ كثيراً منها كما ذكر المفسّرون قد نُسِخ ورُفِع وأُزيل ولم يبقَ منها إلاّ هذا القدر خمسٌ وسبعون آية تقريباً.
  • ثمّ جاءت قضيّة التبنّي.
  • ثمّ جاءت قضيّة {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} الآن نحن في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، مكانُ رسول الله ومكان أهلِ بيته عند المؤمنين {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}، ثمّ أُولو الأرحامِ بعضهم أوْلى ببعض، بعد ذلك جاءت قضيّة الأحزاب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا {9} إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا {10}} يصوّر حال المؤمنين في تلك الغزوة العظيمة، ويبيّن شدّة البلاءِ عليهم، {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا {11}} لمّا انتهى من هذا بدأ يُبَيّن حال المنافقين {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا {12}} إلى آخر ما ذكره من أحوالهم، ومن خِذلانهم للمؤمنين ومكرهم بهم، وكان المؤمنون بحاجة إلى أن يبيَّنَ هذا الصّفّ، هذا الطّابور الّذي ينخَرُ في جسدِ الأُمّة، ويُبَيَّن في حادِثَةٍ تقع وليس أخبارً تُذْكَر، وإنَّما يُقال انظروا ماذا فعلوا، انظروا ماذا يقولون، استمعوا إليهم؛ لتحذر الأُمّة في عهد رسول الله ومن بعد رسول الله إلى يومنا من هذا الطّابور الّذي هو دائماً ضدّ هذه الأُمّة، ضدّ رُقِيِّها، وهو عَيْلٌ لعدوِّها عليها.

د:عبد الرحمن: الله يفتح عليك يا دكتور. قبل أن تسترسل أستأذنك بأخذ اتّصال من الأخ عبد العزيز من السعوديّة تفضل يا أخ عبد العزيز

عبد العزيز: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د:عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

عبد العزيز: حياكم الله جميعاً يا شيخ ونحن سعداء جدّاً بهذا البرنامج ونطلب من إدارة القناة أن لا توقف من هذه النوعية من البرامج حتى بعد الشهر الكريم.

د:عبد الرحمن: الله يحيك.

عبد العزيز: الله يكتب أجرك.

د:عبد الرحمن: تفضل يا أخ عبد العزيز.

عبد العزيز: نعم، لدينا أسئلة سريعة جدّاً يا شيخ لعلّ أهمّها وأوّلها:

اختلف العلماء المفسّرون في تحديد الأمانة: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} السؤال يا شيخ: ما هي هذه الأمانة؟ وهل للسماوات والأرض والجبال أن ينكِلَ أحدٌ منهم عن أمر الله عزّ وجلّ؟ وما معنى {وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا}؟ هذا التساؤل الأول يا شيخ.

السؤال الثاني: جاء في سورة سبأ {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} السؤال الكبير يا شيخ: ما مفهوم المعاجزة هنا يا شيخ؟. شكر الله لكم.

د:عبد الرحمن: شكراً جزيلاً حياكم الله. عفواً قاطعناك يا أبا عبد الله عن استكمال الحديث عن المنافقين في هذه السورة.

د:محمد: نعم، فأقول: بعد ما ذكرت أحوال المنافقين رجعت إلى المؤمنين، وبيّنت كيف كان موقفهم المشرّف العظيم، وكيف أنّهم كانوا مُطيعين لله عزّ وجلّ باذلين لأنفسهم، مُضَحّين حتى قال الله عزّ وجلّ في وصفهم قال: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا {22}} ثمّ ذكر ثُلَّة منهم كانوا أعلى قال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا {23}} هؤلاء ثُلَّة يعني بذلوا من نفوسهم، ومن حتى ذكر الله فيهم قال: {فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ} يعني: أدّى ما عليه: إمّا أن يكون أدّى ما عليه بأن فعل ما يستحق عليه أن يُشْهَدَ له في الدّنيا؛ لأنّه قد أدّى ما عليه، أو يكون قد أدّى ذلك بالشّهادة.

د:عبد الرحمن: بمعنى أنه مات.

د:محمد: شهيداً في المعركة، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى الّذين كفروا، ذكرهم في آية واحدة سبحان الله! فقال: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا {25}}، ولذلك نحن مصيبتنا من منافقي أُمَّتِنا أشدّ من مصيبتنا في الكفّار والأعداء من خارج هذه الأُمّة. ثمّ انتقل إلى الصّفّ الآخر الّذي كان ظهيراً لهؤلاءِ المنافقين، وهم اليهود نسأل الله العافية والسّلامة الّذين قال الله فيهم: {وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ } يعني من حصونهم {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا {26} وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} هذه الشّدّة وهذه المحنة العظيمة خُذوا هذه الأُعطيات والمنح من الله سبحانه وتعالى والفتوح الكريمة من الرّبّ جلّ وعلا.

د:عبد الرحمن: يعني من أملاك هؤلاء اليهود؟

د:محمد: من أملاك هؤلاء اليهود، فقريظة دخلوا في هذه الحرب، ومع هؤلاء الأحزاب؛ ليكونوا في نهاية المطاف غنيمة باردة للمسلمين.

د:عبد الرحمن: الله يجزيك خير. معنا الأخت أمّ عبد الرّحمن من الكويت تفضلي يا أمّ عبد الرّحمن

أم عبد الرّحمن: السّلام عليكم.

د:عبد الرحمن: وعليكم السلام.

أم عبد الرّحمن: جزاك الله خير يا شيخ اسمحوا لي عندي سؤالين في سورة لقمان يعني المفروض أنّي أسألهم حلقة أمس لكن للأسف ما تيسر.

د:عبد الرحمن: تفضلي الآن ما عندي مشكلة.

أم عبد الرّحمن: السّؤال الأول في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}[لقمان:12] فأنا أريد أسأل: هل الحكمة رزق محض أو هناك أسباب يقدر الإنسان يحصّلها؟

والسّؤال الثاني: في قوله: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} [لقمان: 34] في شبهة مثلاً يقولون: في أجهزة تصوّر ما في رحم الأمّ فكيف يكون من علم الغيب وهو يعني طالعين بمثل هذه الأجهزة؟

د:عبد الرحمن: السؤال واضح.

أم عبد الرحمن: جزاكم الله خير.

د:عبد الرحمن: شكراً لك حياك الله. هل بقي معنا شيء من هذه الموضوعات المهمة الّتي تراها في هذه السّورة؟

د:محمد: إي نعم، الموضوع الثاني زوجات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كانت الحقيقة أخذت حيّزاً من هذه السّورة وهي قضيّة مهمّة جدّاً، وهي أنّ زوجات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أكثَرْنَ عليه في أمر النّفقة، فغضب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم منهنّ ويعني هجرَهنّ شهراً كاملاً، ثمّ أنزل الله عزّ وجلّ آية التّخيير، إمّا أن تبقيْن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على هذه وتَرْضَيْن بذلك ولكُنّ الأجر العظيم في الدّار الآخرة، أو يعطيكنّ ما شئتنّ من الدّنيا ويُسَرّحكنّ سراحاً جميلاً، فخَيَّرَهُنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فاخترن رسولَ الله والدّارَ الآخرة، وهذا شرَفٌ عظيمٌ لهنّ، وبيانٌ لعظيمِ مقدراهنّ رضي الله تعالى عنهنّ وأرضاهنّ. وبهذه المناسبة نقول: كيف يليق لإنسانٍ يُؤمن بالله واليوم الآخر يعلم هذا الموقف العظيم من هؤلاء الزّوجات الكريمات والأُمّهات الطّاهرات أن يتلوّث فمه بسبّهنّ أو الوقيعة فيهنّ أو الانتقاص من قدرهنّ كما تفعل بعض طوائف المسلمين نسأل الله العافية والسّلامة؟! بعد ذلك انتقلت الآيات إلى قصّة زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه، أو قصّة التّبنّي، وقُدّم لها قول الله عزّ وجلّ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {36}} هذه تُقال لزيد، وتُقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتُقال أيْضاً لزينب نت جحش.

د:عبد الرحمن: وزوجات.

د:محمد: ولزوجات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما لأحد خِيار إذا قضى الله ورسوله أمراً، ثمّ جاءت قصّة التّبنّي.

د:عبد الرحمن: كأنّ يا دكتور والله أعلم هذه الآية هي عمدة السّورة يعني كأنّ السّورة والله أعلم تأتي بموقف المسلم في الشّدائد من أوامر الله، وأنّه ليس له خِيار {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}.

د:محمد: بعد ذلك هناك محطّة للتزوّد بالخيرات؛ كعادة القرآن في تثنية الأوامر والتّوجيهات والإرشادات مرّةً بعد أخرى لإيقاظ المؤمنين وإرشاد قلوبهم، يقول الله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا{41}} ممّا يعين العبد على طاعة الله والاستسلام لأوامره هو الذّكر قال: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا {42} إلى أن قال بعد ذلك بدأ الآن ببعض الأحكام المتّصلة للبيت المسلم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}. ثمّ جاءت إلى بعضِ أحكام الزّوجاتِ لرسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم ماذا يحلّ لرسول الله وماذا يحرم عليه، وأيْضاً حاله مع زوجاته كالقسم: هل يجب عليه القسم كما يجب على سائر المؤمنين؟ وقد بيّن الله عزّ وجلّ لبيان مرتبة رسول الله على سائر الأُمّة بأنّه عليه الصّلاة والسّلام مُعْفى من هذا الحكم، قال الله عزّ وجلّ: {تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} لماذا؟ من أجل أن لا يكون عليه حرج، ومن أجل أن ترضى أمّهات المؤمنين؛ حتى لا يضغطنَ عليه ويطَالبنَه بشيءٍ قد لا يستطيعه عليه الصّلاة والسّلام. ثمّ انتقلت أيْضاً إلى آدابٍ مع رسول الله داخل بيته: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} يعني غير منتظرين نضجه {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} ولاحظ كلمة ( يؤذي ) هذه الآن ستمرّ بنا، والبيّنة أنّ هذا هذه السورة جاءت لبيان حقّ رسول الله وتعظيم مكانته قال الله في آخر السورة: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا {69}} لا زالت بذلك حتى جاءت المثاني مرّةً ثانية في قول الله عزّ وجلّ: { لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} فَتُقَتِلُهُمْ {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا {60} مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا {61} سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا {62}}.

د:عبد الرحمن: الحقيقة أنّ الآيات في غاية القوّة والصّرامة. معنا الأخ أبو زياد من السعودية تفضل يا أبو زياد

أبو زياد: السلام عليكم.

د:عبد الرحمن: عليكم السلام ورحمة الله.

أبو زياد: لو سمحت يا دكتور عبد الرّحمن في الآية 33 من سورة الأحزاب: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا {33}} المقصود بأهل البيت هل هم زوجات النّبيّ وعلي بن أبي طالب وفاطمة، أو أنّ هذه الآية معترضة ولا يدخل فيها زوجات النبي؟ لأنّ الشيعة يحتجّون بهذه الآية على مكانة علي والأئمّة يعني.

د:عبد الرحمن: نعم نعم واضح السؤال.

أبو زياد: نحتاج توضيح الله يجزاك خير. لو تسمح لي بسؤال ثاني؟

د:عبد الرحمن: تفضل.

أبو زياد: في برنامجكم بيّنات في قناة المجد العلميّة أنّكم تتكلّمون عن مقاصد وموضوعات السّورة لو تعطيني عنوان كتاب يفيد في هذا الشيء يسهّل عليّ.

د:عبد الرحمن: أبشر شكراً لك.

أبو زياد شكراً.

د:عبد الرحمن: هذا يعتبر يا دكتور محمد أبرز أو أهمّ الموضوعات الّتي تناولتها هذه السورة العظيمة، والّتي – كما ذكرت – كانت أطول ممّا هي عليه الآن، وهي في وضعِها الحالي هي بعد استقرارها في العَرضة الأخيرة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ماذا عن سورة سبأ؟

د:محمد: سورة سبأ الحقيقة أنا يمكن أن أُسَمّيها أنت ذكرت أنّها سورة جاءت في تقرير قضايا العقيدة، ويمكن أن تبرز هذه القضايا في وجه أو من بوابة شكر النّعم يعني أيّها النّاس اشكروا نعمة الله عزّ وجلّ الّذي أنعم بها عليكم إليكم وأسدى هذه النّعم، فإنّكم إن شكرتم زادكم وإن رجعتم إليه بالتوحيد والإنابة أعطاكم وتفضّل عليكم، وإن كفرتم فعل بكم ما فعل بسبأ الّذين كفروا نعمةَ الله وجحدوها فمزّقهم الله كُلَّ مُمَزَّق، ثمّ تعرّضت القضايا الّتي ذكرت وأشرت إليها في حديثك جزاك الله خيراً، وهي قضايا العقيدة والإيمان بالله عزّ وجلّ والإيمان أيْضاً بالبعث، وما يتّصلُ به، لكن هي قارنت بين فئتين داوود وسليمان كيف أنّهم شكروا نعمة الله عزّ وجلّ فأنعم الله عليهم وأعطاهم من واسع فضله حتى قال الله عزّ وجلّ: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {11}، { يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ {10}}، { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} انظر هذه النّعمة عظيمة جدّاً! ما في أمّة في الأرض إلى اليوم استطاعت أن تحصل على هذه النّعمة أن يذهب سليمان على بساط الرّيح هو ومَن معه من الأجناد باختلاف ألوانهم وأشكالهم وعتادهم الحربي رحلة هكذا، ما يمشيه النّاس مسافة شهر يأخذونها في الصباح فقط، ويعود في المساء، يعني: يذهب بطائراته

د:عبد الرحمن: (وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير).

د:محمد: {فَهُمْ يُوزَعُونَ {17}} لكن هذا ماذا؟؟ {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} هذا هو السؤال.

د:عبد الرحمن: نريد أن نتوقّف مع المقصود {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} بعد أخذ الاتّصال من الأخت أمّ فهد، تفضّلي يا أمّ فهد حيّاك الله.

أمّ فهد: السلام عليكم.

د:عبد الرحمن: عليكم السّلام ورحمة الله.

أم فهد: لو سمحتم أنا أريد أسأل سؤالين وما هي في نفس الجزء.

د:عبد الرحمن: تفضلي.

أم فهد: في سورة القصص {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {56}[القصص:56] أنا سمعت تفسير لهذه الآية من أحد الإخوة العرب أنّ المشيئة هنا تعود إلى الله سبحانه وتعالى، تعود على الإنسان إذا كان يستجري للهداية فإنّ الله يهديه، يعني ما تعود المشيئة على الله وحابة أتأكّد.

وفي آية في سورة السّجدة {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[السجدة:13] يعني: علاقة الآيتين ببعض، المهم الآية الأولى المشيئة تعود على الله أو على الشخص {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} أنا سمعت تفسير لها أنّ الشخص إذا كان يبغا الهداية فإنّ الله يهديه {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} مين الذي يشاء؟ الله يشاء ولاّ الشخص نفسه اللّي يبغا الهداية؟

في آية سور السجدة {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[السجدة:13] هنا واضح معناها، اعتقد ان المشيئة لله سبحانه وتعالى. ولو سمحتم أعتذر بالنسبة للبرنامج يعني سبق وطلبت منكم تساعدونا في حلقات تفوتنا حتى لو في إعادة يعني يا ليت يُعاد بعد رمضان ولكم جزيل الشكر والأجر من الله إن شاء الله.

بالنسبة لبرنامج بيّنات في الحلقة الأخيرة للأسف وصراحة أنا من المتابعين والمشكلة ما عندنا قناة المجد العلمية على أساس تطلع الشمس ونحن نتابع البرنامج فيا ليت أنّه يكون له عرض على المجد العامة ولو يُعاد يكون أفضل لأنّه نحن نشوفه وقت صلاة الفجر. بصراحة هو برنامج رائع جدّاً والله العظيم أنّي أمس بكيت لما عرفت أنّ البرنامج انتهى وقاعدة أفكّر بعد رمضان متى نتابعه؟ يعني في رمضان نسهر بعد الفجر لكن بعد رمضان ايش حنسوي. جزاكم الله خيراً ونفع الله بكم والله نفخر أن يكون عندنا شباب مثلكم، دعواتكم بما أنّكم من أهل القرآن

د:عبد الرحمن: اللهمّ آمين الله يحفظك. معنا الأخ سعود من السعوديّة تفضل يا أخ سعود

سعود: السلام عليكم.

د:عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.

سعود : مساك الله بالخير

د:عبد الرحمن: يا هلا ومرحبا حياكم الله.

سعود: لو سمحت نرجع بكم شوي لورا شوي.

د:عبد الرحمن: ارجع اشوف.

سعود: أنا أبي أسأل عن ماشطة بنت فرعون هل هي إمرأة فرعون أم لا؟

وفي محاضرات المواعظ أنّهم عذبوا عيالها وحطوهم بالقدر فيه زيت حار حتى خرجت عظامهم أريد أن أسمع الإجابة.

د:عبد الرحمن: شكراً يا أخ سعود الله يرضى عليك نعود يا أبا عبد الله مرة أخرى إلى الحديث إن شئت تعطينا موضوع سورة فاطر باختصار ثمّ نعود للأسئلة يا شيخ.

د:محمد: سورة فاطر – كما ذكرت – يا دكتور عبد الرّحمن في مقدّمتك أنّها في العقيدة وإثبات أُلوهِيّة الرّبّ سبحانه وتعالى، والرّدّ على المشركين الّذين كذّبوا أو الّذين أشركوا مع الله غيرَه، وأيْضاً تعرّضت لقضيّة البعث، في ضمن ذلك تحدّثت عن مواقف النّاس الّذينَ آمنوا والّذين كفروا، وبيّنت أنّ المؤمنين أصناف: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} وذكرت الصنف الآخر الّذين كذّبوا بالله عزّ وجلّ وأشركوا معه غيره وكذّبوا بالبعث أيْضاً، هذا باختصار.

د:عبد الرحمن: فتح الله عليك يا أبا عبد الله، نعود يا دكتور محمد للحديث أو إلى الإجابة عن أسئلة الإخوان، نبدأ بأسئلة الأخ عبد العزيز الّذي سألَنا من مكّة أظنّ يقول: في قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا {72}} ما المقصود بالأمانة أوّلاً وهل للجبال أن تمتنع؟ وما معنى أشفقنا منها؟

د:محمد: أوَّلاً {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} كما ذكر الأخ عبد العزيز أنّ المفسّرين اختلفوا فيها، لكن الاختلاف في هذا الباب من باب الاختلاف في التنوّع، المقصود بالأمانة هي: الطّاعة والتّكليف. عرض الله عليهم القيام بالأوامر والنّواهي فأبت الجبال، وليس الإباء بمعنى المعصية.

د:عبد الرحمن: والعرض أظنّه عرض تخيير؟

د:محمد: أي نعم عرضُ تخيير؛ ولذلك كأنّها هي تخوّفت {وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} خِفْنَ من هذا الأمر في ثقله وعظمه، وهذا الأمر حمله الإنسان؛ لكوْنِهِ جَهول، ولكونهِ ظَلوم يعني فيه صفتان جعلته يُقدِم على هذا الأمر العظيم؛ لأنّه لم يحسب حسابه جيّداً، وإلاّ فهو عظيمٌ جدّاً، ولذلك السلف الصالح نقرأ في آثارهم وكلماتهم أنّ بعضهم يتمنّى أنّه لو لم يكن قد خُلِق، أو أنّه كان شاةً تَيْعَر، أو شجرةً تُعْضَد؛ لخوفهم من لقاء الله عزّ وجلّ، ولعلمهم بأنّهم كانوا مهما بلغوا من الطاعة والامتثال أنهم مقصِّرون وأنهم لا يستطيعون أن يؤدوا أمر الله كما أمر الله سبحانه وتعالى ولكن الله سبحانه وتعالى رحم بنا برحمته وخفف علينا فلا يكلفنا ما لا نطيق وما لا نستطيع. فقوله (وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) يعني خفن منها وهذه الآية جاءت تأكيداً على النّاس بأن يحملوا هذه الأمانة الّتي الجبال الّتي هي أقوى منهم وأقدر وأصلب قد تخوّفت من حملها إذاً فاتّقوا الله فيها فقد حملتموها وعاهدتم اللهَ على حَمْلِها فإيّاكم أن تخونوا، وإيّاكم أن تتخلّفوا عن القيام بأمرِ الله عزّ وجلّ.

د:عبد الرحمن: وأيْضاً لعلّه يمكن أن يُسْتَحَضَر يا دكتور محمد في هذا السياق قول الله سبحانه وتعالى {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}[الحشر:21] وهو لم ينزل على الجبل وإنّما نزل على النّاس، فبالتّالي ينبغي أن يستحضروا هذه الأمانة كما أمر، وأيْضاً في قوله في سورة الرّعد : {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ}[الرعد:31] فتلاحظ أنّه تكرّر الجبال في الرعد وهنا للدلالة على أنّه أمر عظيم.

د:محمد: أيْضاً ممّا يُؤكّد ما ذكرناه قبل قليل: هذه الآية جاءت لها ذكر أوامر عظيمة جدّاً في هذه السورة خصوصاً حتى مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ ولذلك قلت أنت قبل قليل كلمة جميلة جدّاً في هذه الآية {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} انتبه ما لك خيار لا بدّ أن تعمل، لا بدّ أن تُطَبّق وتمتثل. في نهاية السّورة {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} يعني هذه الأوامر، وهذه التّكليفات هي أمانةٌ من الله قد ألْقاها عليكم فخذوها بحقّها واصدُقوا الله سبحانه وتعالى فيهاها حق.

د:عبد الرحمن: سألَنا الأخ عبد العزيز سؤالاً يا دكتور محمد وقال في سورة سبأ {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} يقول كيف يتصوّر أنّ الإنسان يعاجز ربّه؟ ما معنى الآية وما معنى المعاجزة ؟

د:محمد:: المعاجزة طبعاً تأتي – نسأل الله العافية – من إنسانٍ لا يقْدُرُ الله حقّ قدره، وهذا لا يقع إلاّ من هؤلاء الكفّار الّذين يُريدون أو يظنّون أنّهم يعجزون الله سبحانه وتعالى، وأنّهم يفوتون على الله فلا يمكن الله سبحانه وتعالى أن يُعَذِّبَهم أو أن يصِلَ إليهم، وهذا لسوء ظنّهم بالله ولعدم قدرهم ربّهم حقّ قَدْرِه، فهذا ليس بعيداً عن الله .

د:عبد الرحمن: وهذا أيْضاً يُؤكّدها يا دكتور {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا}[العنكبوت:4] وقوله في سورة الأنفال : نفس المعنى .

د:محمد:: وفي نفس السورة أيْضاً { وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ {38}} .

د:عبد الرحمن: فهذا هو معنى المعاجزة . سؤال آخر وردنا من الأخت أم عبد الرّحمن من الكويت وهي أسئلتها في سورة لقمان تقول: في قوله سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}[لقمان:12] وكان ضيفي بالأمس الدّكتور مساعد تحدّث عن هذا لكن يبدو أنّه ما تعرّض للنقطة هذه تقول: هل الحكمة شيء يمكن أن يُحَصَّل؟

د:محمد: نعم، الحكمة نوعان: نوعٌ كسبي، يعني يكتسبه الإنسان ونوعٌ منه فطري يُؤتيه الله عزّ وجلّ مَن شاء من عباده نسأل الله أن يمنّ علينا بذلك.

فأمّا الكسبي: وهو مُتاح ولله الحمد والمنّة، فهو ما يكتسبه الإنسان، كيف يكتسبه، يكتسبه بقراءة القرآن والتّدَبُّر فيه، تكتسبه بقراءة السّنّة النّبويّة، وقراءة سيرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، تكتسبه بالجلوس مع ذَوي القدر والعلم والخبرة من النّاس الّذين حنّكتهم التّجارب، وصار عندهم من الحكمة ما يعرفون به الحسن والقبيح، ويعرفون به مآلات الأمور والعواقب الّتي تكون لأي تصرّف من تصرُّفات الإنسان، يكتسَب أيْضاً بكثرة التّفكير والتأمُّل في أي حَدَث يقع أمامك تتأمّل فيه تنظر وتتدبّر ولا تجعل الأُمور تمرّ عليك كأنّها قطع مفرّقة، بل تحاول أن تربط لماذا وقع هذا؟ لأنّه حصل هذا، ولماذا كان كذا؟ لأنّه سبقه الشيء الفلاني، فهذه الأشياء تفيدك تجربة وعلماً. أيْضاً ممّا يفيد في التجربة مخالطة النّاس، والسّعي في الأرض، إذا سعى الإنسان في الأرض ازداد حكمة وازداد بصيرة وعرف ما لم يعرفه غيره ممَّن كان متقوقعاً على نفسه.

د:عبد الرحمن: وأنا تأكيداً لكلامك يا أبو عبد الله أذكر كتاب مشهور اسمه “كليلة ودمنة” من كتب الهند القديمة.

د:محمد: معروف هذا.

د:عبد الرحمن: يقولون أنّه كان من الكتب الّتي يُغالي فيها ويهتمّون بها ملوك الهند لِما فيها من الحكمة، وقال “بيدبا” الفيلسوف، وقال فلان الحكيم، وقال فلان الحكيم، تجد فيها من التجارب ما أثبتته السّنّة والقرآن وأخذ الحَيْطة والعبرة. جزاك الله خيراً.

أيْضاً سألت سؤالاً في سورة لقمان في آخرها: في قوله: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} تسأل عن قوله {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} تقول: تذكرون أنّه من مفاتيح الغيب من أمور الغيب الّتي استأثر الله بها، لكن الآن في الكشوفات أو في الأجهزة الطّبيّة الحديثة أصبح يمكن أن يُكْشَف عن جنس الجنين فيُعرَف هل ذكراً أم أُنثى فأين الغيب في الموضوع؟

د:محمد: نقول أوّلاً الآية جاءت قال الله عزّ وجلّ {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} والمقصود بها علمُ الله لكلّ ما يحصل في الرّحم، وليس علمه بالذّكورةِ والأُنوثَةِ فقط، فعلم الذّكورة والأُنوثة واحد من هذه العلوم، الذّي هو معرفة جنس الجنين، إذاً هل هؤلاء يعرفون شقيٌّ أو سعيد؟ هل يعرفون أنّه سيحيى ويخرج حيّاً أو سيموت في بطن أمّه؟ هل يعرفون عدد شعرات جسمه؟ هل يعرفون كم سيكون عمره؟ هل يعرفون سيكون غنياً أو فقيراً؟ هل سيكون صحيحاً أو مريضاً؟ كلّ هذه الأشياء مُغَيَّبَة عنهم إذاً هم يعلمون شيْئاً واحداً، وفي فترةٍ معيّنة ربّما يكون الطّفل أو الجنين نطفةً ما يعرفون ماذا يكون؟ ولا يستطيعون ذلك وإنّما يعرفونه بعد أن يبدأ التخليق، فهذه قضيّة واحدة من آلاف أو مئات الآف من الأشياء الّتي يحتوي عليها الرّحم، إذا علِمَ النّاس شيْئاً فإنّهم لم يعلم الغيب؟

د:عبد الرحمن: جميل أحسنت تدلّ على العموم {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} لا يدلّ على قضيّة جنس الجنين فقط.

د:محمد: وبعضهم قال كلمة تعتبر نوعاً من الجواب في هذه القضيّة أنّ الله قال: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} أو لم يقل { مَنْ في الأرحام } و(ما) تدلّ على غير العاقل، والطفل أو الجنين قبل أن يُخَلَّق وتُنْفَخ فيه الروح هو غير عاقل، وهذه المرحلة هي المرحلة الّتي لا يعلم النّاس عنها شيْئاً حتى الجنس الجنين هل هو ذكر أو أنثى والله أعلم.

د:عبد الرحمن: نفع الله بك يا أبا عبد الله معنا الأخ ماجد من السعوديّة تفضل يا أخ ماجد

ماجد: السلام عليكم.

د:عبد الرحمن: عليكم السلام ورحمة الله.

ماجد: لو تسمح لي يا شيخ عبد الرحمن أكلم الشيخ محمد.

د:عبد الرحمن: تفضل.

ماجد: السلام عليكم.

د:محمد: وعليكم السلام ورحمة الله.

ماجد: شيخ ذكرت كتاباً لأحد المشايخ جامعة إسلامية في المدينة في برنامج بينات كتاب ما أدري هو طلع كتاب أو لا أريد أن أعرف ما هو الكتاب.

د:محمد: ذكرنا كتاب متى قبل قليل ولاّ متى؟

ماجد: في بيّنات.

د:محمد: آه في بينات في قناة المجد .

ماجد: أيوا.

د:محمد: الكتاب ما موضوعه؟

ماجد: والله ناسي لكن كتاب أنا أشوف أنّه مهم.

د:محمد: والله الكتب كثيرة جدّاً ما نذكر ماذا يُذْكَر ولكن لو عرّفتنا بالموضوع أتينا لك باسم الكتاب والمؤلّف بإذن الله.

ماجد: طيب شكراً.

د:عبد الرحمن: حياك الله ماجد شكراً جزيلاً لك. ربّما يقصد [ آيات للسّائِلين ] يمكن ذكرناه في إحدى الحلقات يمكن للشيخ ناصر العمر.

د:محمد: يمكن لكن هذا للشيخ ناصر العمر وهو يقول في الجامعة الإسلاميّة.

د:عبد الرحمن: ربّما هذا أستأذنك يا دكتور محمد وأستأذنكم أيُّها الإخوة المشاهدون في عرض كتاب هذه الحلقة، ثمّ نعود إليكم فابقوا معنا

*************************

فاصل: التعريف بكتاب

قواعد التّدَبُّر الأمثل لكتابِ الله عزّ وجلّ.

مُؤلِّفُ هذا الكتاب هو الشيخ عبد الرّحمن حسن حَبَنّكة المَيْداني الدّمشقي رحمه الله.

وقد اشتمل الكتاب وعلى أربعين قاعدةٍ علميّة تهدي المتدبِّرين للقرآن الكريم، ينتَفِعُ بها مَن يقرأُ القرآنَ الكريم، ويقرأُ في كتب التفسير وعلومِ القرآن.

ومنهجه: أن يذكُرَ القاعدة ويشرحها، ثمّ يذكر الأمثلةَ على هذه القاعدة لترسيخِها وزيادةِ الإيضاح، وهو كتابٌ قيِّمٌ ينتفِعٌ به قارِئُه، وقد طبّقه مُؤلّفه في تأليفِ كتابه في التفسير، “معارج التّفُّكر ومعالم التدبرّ.

وقد صدرت الطّبعة الثانية للكتاب عن دار القلم بدمشق عامَ ألفٍ وأربعِ مئَةٍ وتسعة للهجرة.

***********************************

د:عبد الرحمن: بسم الله الرّحمن الرّحيم مرحابً بكم أيُّها الإخوةُ المشاهدون مرّةً أخرى بعد هذا الفاصل، وأُكَرِّرُ التّرحيب بضيفي العزيز في هذه الحلقة فضيلة الشيخ الدّكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري أستاذ الدّراسات القرآنيّة بجامعة الملك سعود والمتخصّص في الدّراسات القرآنيّة فحيّاك الله يا أبا عبد العزيز.

د:محمد: وحياك.

د:عبد الرحمن: سألتنا الأخت أم عبد الرّحمن وأجبنا عن أسئلتها.

الأخ أبو زياد سألنا سؤالاً عن الآية الثالثة والثلاثين من سورة الأحزاب، وهي قوله تعالى { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا {33}} يقول: مَن المقصود بأهل البيت في هذه الآية؟

د:محمد: نقول: أهل البيت يُقْصَد بها أوّلاً ما جاء السّياق بصدده، سياق الكلام، ونحن عندنا قاعدة السّياق هذه من أهمّ قواعد التفسير بمعنى أنّ الكلمة ينبغي في معرفة معناها الرّجوع إلى السّياق الّذي وردت فيه.

د:عبد الرحمن: جزاك الله خيراً، معلومة: الكتاب الّذي عرضناه الآن قواعد التّدبّر الأمثل يؤكّد على هذه القاعدة.

د:محمد: أي نعم، وهي من أفضل وأهمّ الأساليب الّتي يستطيع الإنسان بها معرفة المعنى، وأيْضاً التّرجيح بين أقوال المفسّرين، فالآيات من قول الله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} ثمّ قال: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ}، {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء}، {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} هذه كلّها في نساء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وزوجاته إذاً فقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} تَدُخُلُ فيه زوجات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دخولاً أوَّلِيّاً، هل اللّفظ يمنع غيرهنّ؟ لا يمنعُ غيرهنّ، فكلّ مَن يصدُق عليه وصف أهل البيت ممَّن ذُكِرُوا في الشريعة من أنّهم من أهل البيت، وهم آلُ بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بناته وأبناؤهنّ، وأيْضاً آلُ العبّاس، وآلُ علي، وآلُ قُثَم يعني هؤلاء كلّهم داخلون في هذه الآية، لكن أوّل مَن يصْدُق عليه هذا اللّفظ من جاء السّياق بذكرهم، أو بصددهم وهم زوجات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

د:عبد الرحمن: وسبحان الله تلاحظ يا دكتور محمد في البداية: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}.

د:محمد: وبمناسبة هذه الآية يا دكتور عبد الرحمن، وكأنّ الأخ يُشير إلى حوار جرى بينه وبين بعض الشِّيعة، أقول سبحان الله! أحد الشّيعة ذُكِر لي قبل أيّام أنّه اهتدى بسبب هذه الآية لمّا كان يسمع الآية في المسجد وأزواجه أُمَّهاتهم، زوجات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمّهاتنا! نحن نقوم الآن بسبّهنّ وشتمهنّ ولعنهنّ والتّقرّب إلى الله ببغضهنّ كيف يكون هذا؟! لا يستقيم في عقل أن تكون زوجاته رسول الله أطهرُ أهل الأرض خبيثاتٍ مدنّساتٍ نجسات نسأل الله العافية والسّلامة وحاشاهنّ من ذلك. وكيف يسميهنّ الله عزّ وجلّ أمّهات المؤمنين وهنّ في هذا الخَبَث الّذي يدّعيه هؤلاء لهنّ فكانت سببَ هدايته، وإعلانه للرجوع إلى الحقّ، والحمد لله على ما آتاه الله سبحانه وتعالى.

د:عبد الرحمن: هذا من توفيق الله له.

د:محمد: نعم.

د:عبد الرحمن: الأخ أبو زياد أيْضاً سأل سؤالاً عن المؤلّفات الّتي يمكن أن يُسْتَفاد منها بمعرفة مقاصد السّور ويقول أنّكم في برنامجكم بيِّنات تذكرون مقاصد السّور فيقول هل هناك كتاب يمكن أن يُسْتَفاد منه؟

د:محمد: أوّلا أُحِبّ أُبَيِّن للأخ أبو زياد جزاه الله خيراً أنّ هناك فرق بين المقاصد والموضوعات:

الموضوعات يعني القضايا الّتي تحدّثت عنها السّورة يكون عشر عشرين ثلاثين خمسين قضيّة مثل سورة البقرة فيها لو قلنا مئة مئتين قضية كثير جدّاً من القضايا، هذه الموضوعات.

المقصود: هو هدف السورة كاملاً يعني السورة ترمي إلى ماذا؟ كما بيّنت في بداية اللّقاء هدف سورة سبأ العقيدة الإسلاميّة، أو الإيمان بالبعث، أو الإيمان بالرّسول أو بالرّسالة، أو ردّ شبهات الكافرين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو على هذا الكتاب العظيم، فالمقصود هو: الموضوع أو المحور الأعظم الّتي تدور حوله موضوعات السّورة.

بعد ما بيّنّا الفرق بين المقاصد والموضوعات نُبَيِّن مَن الّذينَ كتبوا في هذا الموضوع، الحقيقة لا يكاد يوجد أحد كتب في القرآن كلّه من أوّله إلى آخره فيما أعلم ولو أنّكم تعلمون شيئا شيخ عبد الرّحمن؟

د:عبد الرحمن: كتاب البقاعي “مصاعد النّظر”.

د:محمد: مصاعد النّظر تحدّث عنها هذا وعن غيره، وإن كان يذكر الموضوعات دون أن يركّز عن الهدف أو المقصد الأساسي. المفسّرون منهم مَن يُشير إلى هذا في مقدّمات السّور، ومنهم مَن يُغْفِلُه؛ لأنّ أكثر المفسّرين اهتمّوا بمقاصد الآيات دون مقاصد السّور. لكن كما ذكرتم وتفضّلتم دكتور عبد الرّحمن البقاعي في نظم الدّرر اعتنى بهذا الجانب، أيْضاً عندنا التّحرير والتّنوير للطاهر ابن عاشور رحمه الله في كتابه التحرير والتنوير يشير في مقدّمة كلِّ سورة إلى مقصود السورة وموضوعاتها وأغراضها، سماها أغراضاً، وأيْضاً ممّن يُشير إلى هذا ويُبدِعُ فيه سيّد قطب رحمه الله في كتابه الظّلال “في ظلال القرآن” في مقدّمة السّورة يحاول أن يُبَيِّن الوحدة الموضوعيّة للسّورة وبعد ذلك يربط بين مقاطع السّورة والوحدة الّتي قدّم في أوّل السّورة، ويُعتبر من المعاصرين من أفضل مَن كتب في هذا الباب، وكلّ مَن يأتي بعده هو يستفيد منه أو يعمل عليه في هذا الباب.

د:عبد الرحمن: هناك دكتور طهماز له في التفسير الموضوعي في القرآن الكريم في كلّ سورة يحرص على بيان هذا المقصد. يعني لو قلنا للأخ أبو زياد في سورة الأحزاب الموضوعات الّتي تحدّثت عنها الأشياء الّتي فصّلتها أنت، لو قلنا إنّ مقصِد السّورة الأساسي هو موقف المسلم من أوامر الله تعالى.

د:محمد: هذا قد يكون المقصد.

د:عبد الرحمن: مثلاً {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} لما نطبّقها التّفاصيل تجد أنّها موقف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من زواجه من زينب، ما كان له الخِيَرة أليس كذلك؟

د:محمد: بلى.

د:عبد الرحمن: أيْضاً في إبطال التبنّي، أيْضاً في موقف المسلمين من الحرب للأعداء والأحزاب.

د:محمد: أيْضاً ما يُحِلُّهُ الرّبّ سبحانه الآن لرسوله مَما يتزوّج وما لا يتزوّج كيفية قسمه مع زوجاته وكذا، تجد أنّ هذا هدف عظيم جدّاً المقصود فيه موضوعات السّورة.

د:عبد الرحمن: الأخت أمّ فهد من السعوديّة سألتنا سؤالاً في قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} فتقول: أنّها سمعت مَن يقول: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} يعني مَن يشاء الهداية.

د:محمد: لا، هذا ليس المعنى، المعنى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} أي يشاء هو، والضّمير هنا عائد على الله سبحانه وتعالى بِلا إشكال. والمراد بذلك هداية التوفيق والإلهام، فهذه الهداية لله سبحانه وتعالى، فلا يُهْدى إلاّ من شاء الله هدايته، ولا يضلّ إلاّ من شاء الله إضلاله، ونحن نؤمن بأنّ هذه الأمور كلّها بيد الله سبحانه وتعالى. يبقى من أسباب هداية الله للعبد أنّه هو الّذي يختار الهداية أو لا يختارها، لكن الآية واردة في بيان مشيئة الرّبّ سبحانه وتعالى، المشيئة الّتي لا تُعارَض، ولا يجوز لأحدٍ أن يشكّ في وقوعها، لا يمكن أن يقع في كون الله شيْءٌ لا يريده الله، لا يمكن أن يقع في هذا الكون شيءٌ لا يريد الله عز وجل {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {29}} [التكوير:29].

د:عبد الرحمن: لو تبيّن يا دكتور محمد الأمّ فهد الفرق بين هداية التوفيق وهداية الإرشاد؟

د:محمد: هداية التوفيق هي: هذه الهداية الّتي يخلُقُها الله عزّ وجلّ في قلب العبد بأن يصرفه إلى الإيمان، ويفتح له أبواب الإيمان فيؤمن، وهذا هو المقصود في الآية ولا يملكها إلا الله.

الثانية: هداية الإرشاد والتوجيه والدّلالة، هذه لرسول الله، ولنا نحن أيْضاً من بعده بمعنى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {52}} [الشورى:52] فالله عزّ وجلّ قد جعل بأيدينا نحن أن نرشد ونوجه ونقول للنّاس تفضّلوا هذا هو القرآن، هذا هو الوحي هذا هو الإيمان، هذا إيمان وهذا كفر، هذا حلال وهذا حرام، لكن مَن الّذي يخلق هذا الإيمان في قلب الإنسان، ومَن يخلق فيه الكفر، مَن الّذي يُزيغه، مَن الّذي يهديه ويستجلبه، الله سبحانه وتعالى لا رَادَّ لِحُكْمِه ولا معقّب سبحانه وتعالى.

د:عبد الرحمن: أيْضاً الأخت أمّ فهد سألت عن برنامج بيّنات تقول يعني له إعادة وما هي خطّتكم فيه أو شيء؟

د:محمد: نحن إن شاء الله الثقة فيه بإذن الله عزّ وجلّ أنّه سيكون بعد رمضان بالاتّفاق إن شاء الله مع الإخوة في قناة المجد سيكون برنامجاً أسبوعيّاً سيستمر مع المشايخ الّذين يقدّمونه وهو: الدكتور: عبد الرّحمن، والدّكتور مساعد الطّيّار وطبعاً محدّثك أسأل الله أن يوفقنا لك الله يتقبّل منكم.

د:عبد الرحمن: الأخ سعود سألنا سؤال عن ماشطة فرعون؟ وهو مصر على هذا السؤال سألنا المرة الماضية وأجبناه ما لك ولماشطة فرعون؟ لكن رجع مرة ثانية وقال لازم تعطونا خبر عن ماشطة فرعون.

د:محمد: الماشطة لا يمكن أن تكون زوجة، الماشطة هي الّتي تقوم بمشط الشعر فهي خادمةٌ في بيت فرعون، وكانت ممّن صدّق وآمن بموسى عليه الصلاة السّلام فلمّا اكتشفها فرعون عذّبها عذاباً أليماً حتى عرضها على النّار نسأل الله العافية والسّلامة وكانت ممّن ثبت وصبر، ويُقال أنّها هي الّتي كان معها ابنها لمّا أراد أن يقذفها في النّار خشيت على ابنِها فالله عزّ وجلّ أنطق هذا الابن وهو في المهد وأمر أمّه بأن تصبر فألقت بنفسها في ذلك الزّيت المغلي نسأل الله العافية الّذي كانت من حين ما تُلقى فيه الجثّة والجسد تبدو العظام الوهلة الأولى من شدة غليان ذلك القدر نسأل الله العافية والسلامة

د:عبد الرحمن: وهذا والله مصدقا قوله تعالى: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ }

د:محمد: إذا كان فعل هذا بالماشطة فإنه فعل في زوجته كذلك كان ينصبها على أوتادٍ أربع وينصبها بالشمس آسيا سيّدة نساء العالمين إحدى نساء سيّدات العالمين وهي زوجته وأقرب النّاسِ إليه وقرّة عينه؛ لأنّها كانت في غاية الجمال والقرب منه ولكّن الله شرح صدرها، وشاء لها الهداية.

د:عبد الرحمن: الله أكبر! الأخ سعود سأل سؤالاً وهذا سؤال وردنا من الجوال عفواً يقول: أفضل تفسير يكون على حاشية المصحف ما رأيك في ذلك يا دكتور؟ أنا أرى معك تفسير الجلالين على حاشية المصحف،

د:محمد: الحقيقة يحار الإنسان في إرشاد الناس إلى التفسير الأفضل في هذا الباب، لكنّي أقول إذا كان الإنسان يحبّ البَسْط في الكلام فتفسير الشيخ السعدي من أفضل ما يكون في هذا الباب، إذا كان يريد أخصر منه فأنا أقول: مختصرات تفسير ابن كثير، ومنها مثلاً على سبيل المثال [التيسير في اختصار تفسير ابن كثير] أو [المصباح المنير في اختصار ابن كثير ] تعتبر من أفضل وآمن التفاسير الموجودة على هوامش المصحف، إذا كان الإنسان لا يطيق لا هذا ولا ذاك فعليه بالتفسير الميسّر، وهو الّذي معك يا دكتور عبد الرّحمن، هذا التفسير الحقيقة طبعه مجمّع الملك فهد، وقد قام عليه ثُلّة من العلماء والمتخصّصين يُقاربون المئة وبقوا في تأليفه وتحريره سنوات وروجِع مراجعات عدّة، ولا يعني ذلك أنّه خالٍ من الأخطاء فليس هناك كتاب يخلو من الأخطاء، ولكنّه في الجملة من أفضل ما أُلِّف في هذا الباب، نتمنّى حقيقة من هذا المنبر على وزارة الشّؤون الإسلاميّة، وعلى مجمّع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد أن يُعيدوا طباعة هذا التفسير؛ ليكون في متناوَل أيدي القرّاء وغيرهم؛ لأنّ أسلوبه ميسّر، ولأنّه لا يخوض في شيء غير التفسير، ويُحاول أن يُجمل العبارة المناسبة في معنى الآية ويلخّص أقوال المفسّرين المتقدّمين بعبارات سهلة ميسورة.

د:عبد الرحمن: جزاك الله خيراً معنا الأخت أم فهد من السعودية تفضلي يا أم فهد

أم فهد: السلام عليكم.

د:عبد الرحمن: عليكم السلام ورحمة الله.

أم فهد: لو سمحت فقط أحب أن أؤكّد بالنّسبة للآية يعني كنت أقصد أنّ الشخص إذا ما دعا لنفسه بالهداية أنّ الله ما يهديه حسب ما سمعت تفسيرها وكان بصراحة يأكّد على أنّ التفسير يكون كذا على أنّ الشخص إذا لم يدعو لنفسه بالهداية، فإنّ الله ما يهدي يعني الإنسان الغافل ما يسأل الله الهداية يعني الله ما يهديه فإذا كان الإنسان ما يبغا الهداية يسأل الله الهداية باسم الله الله يهديه هذا أولاً.

ثانياً يعني مثلاً برنامجكم هذا أو برنامج بيّنات مثلاً لو بتكمّلون أو بتعيدون برنامج بيّنات يا ليت يكون في إعلانات عشان نعرف تفوتنا حلقات ونحن ما ندري متى يكون العرض.

ثاني شيء أؤكّد أنّه نريده على القناة العامّة لو سمحتم بما أنّ لكم يد وأنتم مقدّمين البرنامج العامة، العلمية ما هي عندنا خليكم واسطة!

بالنسبة للبرامج الهابطة تعرفون أنها تُعاد في اليوم مرتين وبعدين تُعاد آخر الأسبوع الحلقات كلّها حتى لو نهرب ما نريد رؤيتها البرامج الهابطة غصب عنا نتابعها فالبرامج مثل هذه المفروض حتى انتم تكررونها وتعيدونها الإنسان الغافل عنها ما نقول ما يريد أن يراها الغافل عنها يراها، والله العظيم الهابطة نحن ما نريد أن نراها وغصب عنا نشوفها ليش؟ لتكرارها فأنتم من باب أوْلى وما في مقارنة أصلاً بين برامجكم والبرامج الهابطة وفيكم الخير والبركة. والسلام عليكم.

د:عبد الرحمن: معنا الأخت نهى من السعودية تفضلي يا أخت نهى

نهى: السلام عليكم.

د:عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.

نهى: شيخ الله يرضى عليك سأطرح خمس أسئلة فقط إن شاء الله بشكل سريع

أول شيء الله يرضى عليك نحاول على قد ما تقدر نريد سورة وحدة على أساس أن نجمع الأسئلة التي نحن نريدها يعني صراحة صعب الجزء كامل. نحن لما نقعد في السورة الوحدة نأخذ فيها ثلاث ساعات على أساس نطلع الأسئلة اللي نحن نريدها فالله يرضى عليك السؤال الأول على أساس ما أطيل عليكم:

في آية 6 في سورة الأحزاب {إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا} لماذا ذكر الله: {إِلَّا أَن تَفْعَلُوا} يعني ما فهمت المغزى؟

الآية 30 قراءة { مُّبَيِّنَةٍ } أشكلت علي يا شيخ جزاك الله خير.

آية 35 لماذا هذا؟ الترتيب المسلمين المؤمنين الصادقين.

آية 42 لماذا ذكر يا شيخ بعد الأمر بالذّكر لماذا ذكر الله سبحانه وتعالى التسبيح خصّ التسبيح؟.

وفي آية 50 لماذا خُتِمَت عليماً حليماً؟

جزاكم الله خيراً.

د:عبد الرحمن: بارك الله فيك.

الوقت ضيّق جدّاً يا دكتور بالنّسبة للأخت أم فهد الّتي تسألنا عن البرنامج طبعاً هي تتوقع والناس يتوقّعون أنّنا مسؤولين أنّنا نستطيع أنا عن نفسي ما رأيت برنامج بيّنات ولا تمكّنت وليس عليه إعلانات وأتمنّى أن يخرج على القناة العامّة، لكن الأمور ليست بأيدينا لكن نسعى إن شاء الله بإذن الله.

أمّا {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} أشارت إلى أنّه يدعو. أريد أن أجاوب ولو سؤال من أسئلة الأخت نهى على الأقلّ.

د:محمد: أنا أريد أن أُبَيِّن للأخت أم فهد أنّه كون الإنسان يبغى الخير ويريده ويقصده لا شكّ أنّ هذا من أعظم الأسباب الّتي تُهَيِّئ له الوصول إليه؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى رحيم فإذا أراد الإنسان الخير لا يمنعه الله عزّ وجلّ منه، ولكن لا يكون شيء في هذا الكون إلاّ بإرادة الله ومشيئته {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {29}} [التكوير:29].ولذلك قال الله عزّ وجلّ في سورة الصّفّ {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5]، {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ {17}} [محمد:17] .

د:عبد الرحمن: الحقيقة الحديث عن موضوع الهداية طويل. الأخت نها نجيب عن سؤال واحد ونترك البقيّة غداً تسأل عن قوله تعالى: {إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا} لماذا عبّر بـ(تفعلوا)؟.

د:محمد: كأنّي أنا فهمت أنّها تسأل عن أصل المسألة.

د:عبد الرحمن: أجب عمّا فهمته.

د:محمد: الذي فهمته الآية نزلت في لمّا أبطل الله عزّ وجلّ ما بين المؤمنين من التوارث على الأخوّة في الإسلام أي كانوا يتوارثون على النصرة وعلى الأخوّة فأبطل الله ذلك بقوله: {وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال: {إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا} يعني إلاّ أن يصنع أحدٌ منكم بأخيه في الإسلام معروف هديّة أو صدقة أو غير ذلك، فهذا لا بأس به بل هو مشروع في كلّ وقت.

د:عبد الرحمن: فتح الله عليك يا أبا عبد الله ونفع الله بك وجزاك الله خيراً.

د:محمد: وجزاك.

د:عبد الرحمن: في نهاية هذا اللّقاء أيها الإخوة المشاهدون أشكر الله سبحانه وتعالى الّذي يسّره كما أشكر أخي ضيف هذا اللّقاء فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري، أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك سعود. وأشكركم أيْضاً أنتم على متابعتكم لهذا البرنامج وأسأل الله أن يتقبّل منّا ومنكم ولا تنسونا من صالح دعائكم في هذه الأيام المباركة، ألقاكم غداً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.