برنامج التفسير المباشر

برنامج التفسير المباشر 1429هـ – الجزء الثالث عشر

التفسير المباشر

الحلقة الثالثة عشرة

13-9-1429هـ

د:عبدالرحمن: بسم الله الرّحمنِ الرّحيم، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، وصلّى اللهُ وسلَّمَ وبارك على سيِّدِنا ونبِيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحْبِهِ أجمعين. مرحباً بكم أيُّها الإخوةُ المشاهدون في حلْقةٍ جديدةٌ من حلقاتِ برنامجكم اليومي [التّفسير المباشر] الّذي يأتيكم من استديوهات قناة دليل الفضائيّة من مدينة الرِّياض.

أُكَرِّرُ التّرحيب بكم في هذا البرنامج يوميّاً كما تعوَّدنا، وحديثُنا بإذن الله تعالى في هذا اللِّقاء حولَ الجزء الثّالث عشر من أجزاء القرآن الكريم، والّذي يوافق هذا اليوم الثّالث عشر من شهر رمضان المبارك، من عامِ تسعةٍ وعشرينَ وأربعِ مِئَةٍ وألف، أسألُ اللهَ أن يتقبَّلَ منّا ومنكم الصِّيامَ والقِيامَ، وأن يَجْعَلَنا وإيّاكم من أهلِ القرآن العاملين به والمُتَدَبِّرينَ لهُ؛ كما تعوَّدنا أيُّها الإخوة ببدايةِ كُلِّ حلقة، وقبل ذلك أُذَكِّرُكم بأرقام الهواتف الّتي يمكنكم التّواصل معنا من خلالها، والّتي تظهرُ أمامكم تِباعاً على الشّاشة أرقام الهاتف الثّابت، وهناك هاتف المحمول الّذي يمكنكم إرسال الرّسائل عن طريقه وهو: (0532277111) .

كما تعوَّدْنا في بدايةِ كُلِّ لقاء أن نستعرض أبرز الموضوعات الّتي اشتمل عليها الجزء الّذي سوف نتحَدَّثُ عنه بإذنِ الله تعالى.

الجزء الثّالث عشر من أجزاء القرآن الكريم يبدأ من الآية الثالثة والخمسين من سورة يوسف عليه الصّلاة والسّلام والّتي أخذنا نصفها بالأمس، مع سورةِ الرَّعد، ويستَمِرُّ الجزء الثّالث عشر إلى نهايةِ سورةِ إبراهيم عليه الصّلاةُ والسّلام.

وأبرَزُ الموضوعات الّتي اشتمل عليها هذا الجزء هي:

  • تقرير الوحدانيّة والبعث والجزاء.
  • ودفعُ شُبَهِ المشركين حول الرِّسالة.
  • وتناولت سورةُ إبراهيم عليه الصّلاةُ والسّلام دعوةَ الرُّسُل الكِرام بالتّفصيل، وما فيها من العِبَرِ والعِظات.
  • ثمّ بيان وظيفة الرُّسُل، ومعنى وَحدةِ الأديان السَّماويّة وأصلِها الواحد.

هذه هي أبرز الموضوعات أو الموضوعات الرّئيسيّة الّتي تناولتها هذه السّورة المكيّة المُتتالية.

باسمكم جميعاً أيُّها الإخوةُ المشاهدون أن أُرَحِّبُ بضيفي العزيز في هذا اللّقاء وهو أخي الدّكتور محمَّد بن عبد العزيز الخضيري، الأستاذ المساعد في جامعة الملك سعود، والمُتَخَصِّص في الدِّراسات القرآنيّة، فحيّاكم الله يا أبا عبد الله مرَّةً أخرى معنا في هذا البرنامج.

د:محمد: حيّاكم الله وحيّا الله الإخوة المشاهدين.

د:عبدالرحمن: أسأل الله أن يتقبَّلَ منك يا أبا عبد الله استجابتك، وأُبَشِّرك أنَّه ولله الحمد أنَّ هذا البرنامج قد لقِيَ قَبولاً عند الإخوة المشاهدين، وهم يتابعونه الآن ويستمعون إليه ويترقَّبونه، وبعضهم أصبح يعِدّ الأسئلة في كلّ يوم، فنرجو أن نكونَ عَوْناً لإخواننا في الإجابة عن بعض الاستفسارات والأسئلة الّتي يطرحونها.

د:محمد: بل أزيدك يا أبا عبد الله وأعذرني على هذه البداية الّتي قد لا تكون في ذلك.

د:عبدالرحمن: تفضل.

د:محمد: ما أحد يعمل لهذا القرآن إلاّ ويعينه الله عزّ وجلّ ويُوَفِّقُه، وأنا أسوق هذه لك، وأسوقها إلى الإخوة المشاهدين أسأل الله ذلك، يعمل الإنسان في طباعة المصحف في إقرائه في تعليمه النّاس، في دعوة النّاس إليه في بيان معانيه في أي أمر يتّصل بهذا الكلام العظيم، سيُوَفَّق ويُبارك له وتُسَهَّل أموره {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [القمر:17] أسأل الله ذلك.

د:عبدالرحمن: نسأل الله ذلك. والحقيقة نحن نحتسب يا أبا عبد الله العمل هذا أنَّه من باب تقريب القرآن للأُمَّة، وهذه رسالة ينبغي على المتخَصِّصين الّذين اشتغلوا بالقرآن وبعلومهم، نحن من أقَلِّهم الحقيقة علماً وأقلِّهم بضاعةً في إيصال هذا الخير للنّاس وهذا النّفع.

د:محمد: وقد لا تكون مهمَّتُنا أبا عبد الله هي أن نوصل كلّ ما في هذا القرآن من خير إلى النّاس لأنَّنا قد لا نستوعبه وقد لا نصل إليه، ولكن نقول للنّاس دونكم هذه المائدة عودوا إليها اِنهلوا منها خذوا من معينها الصّافي ارجع إلى كتابِ الله وسيجد كلّ واحد حاجته في كتابِ الله عزّ وجلّ للخلق.

د:عبدالرحمن: لدينا أسئلة من الحلقة الماضية يا أبا عبد الله، وتعلم كنّا بالأمس مع الدّكتور محمَّد بن فوزان العمر في سورة يوسف وسورة هود، واليوم تتِمَّة سورة يوسف مع سورة الرّعد مع سورة إبراهيم، وهي كما تلاحظ كأنَّها لُحمة واحدة.

د:محمد: سبحان الله!.

د:عبدالرحمن: وهنا مسألة أطرحُها يا دكتور محمّد الآن قبل أن أبدأ في حوارنا وحديثنا حول مسألة تقسيم القرآن الكريم بالأجزاء -كما تلاحظ الآن- الجزء هنا يقف عند الآية رقم 52 ويبدأ في الآية 53 {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} في وسط القصّة، وهذا في الحقيقة التّقسيم يعني أوَّل مَن ابتدَأَهُ هو الحجّاج ابن يوسف رحمه الله وغفر له فهو الّذي قسّم القرآن على هذا النّحو بحسب عدد الأحرف. ولذلك -كما تلاحظ- تقسيم الجزء جاء في وسط القصص في حينٍ أنَّ الصّحابة رضي الله عنهم كانوا يقسِّمونَ القرآنَ على حسبِ السّورة، وأنا الحقيقة أتمنّى وأرجو أن نستطيع أن نصنع هذا إن شاء الله في أحد البحوث في خلال موقعنا ملتقى أهل التّفسير ولعلّ الإخوة يساعدونا في ذلك أن نُقَسِّمَ القرآنَ الكريم إلى 30 جزْءًا ولكن مع مراعاة السُّوَر، بحيث أنك عندما لمّا تتناوله في مثل البرنامج هذا أنّك تتناوله كوحدة موضوعِيّة وسورة كاملة بدل أن تبتر القصص نصفها في جزء ونصفها في جزء آخر.

فلدينا أسئلة وردتنا عن طريق الهاتف الجوّال، جوال البرنامج في سورة هود أحد الإخوة يسأل ويقول: آية 43 في سورة هود في قصَّةِ نوحٍ عليه الصّلاةُ والسّلام مع ابنه عندما قال له: {يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ {42} قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء} [هود:42-43] الأخ يسأل ويقول: هل ما يفعلُهُ أكثَرُنا من الاعتماد على الأسباب يشبه قول ابن نوح هذا؟ يعني هل يمكن تعليقكم على مثل هذا السؤال؟

د:محمد: طبعاً المشروع للإنسان أن يتوكَّلَ على الله عزّ وجلّ ويُفَوِّضَ أمورَهُ إليه ويأخُذ بالأسباب؛ لأنَّ الشّرع عندنا جاء بالأمرِ بالأخْذِ بالأسباب معَ تفويض الأمورِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى. فأنا أعمل بالسّبب المُتاح الّذي جعله الله سبحانه وتعالى سبباً للوصولِ إلى هذا الأمر، وأقوم به على الوجه المشروع، وأعلم أنَّ هذا السّبب لن يُؤثِّر ولن يُؤدّي المطلوب إلاّ بإذن الله عزّ وجلّ، وبهذا جمعنا بين الأخذ بالشّرع والإيمان والتّوَكُّل على اللهِ سبحانه وتعالى، وهنا عندنا النّاس على طَرَفَيْ نقيض:

  • منهم مَن يتوكَّل بمعنى أنَّه لا يأخُذ بالأسباب؛ وهذا لا شكّ أنَّهُ جهل، جهلٌ بالشّرع؛ لأنَّ الشّرع قد أمر بالأخْذ بالأسباب.
  • ومنهم مَن يأْخُذُ بالأسباب ويعتمِدُ عليها -كما ذكر الأخ السّائل- بمعنى أنَّهُ يجعَلُها هي الفَيْصَل، إذا عملت كذا حصل كذا، إذا قُمت بكذا وصلتَ إلى كذا، وهذا غيرُ صحيح، بل أنا أقوم بهذا الأمر وأعلم أنَّ هذا الأمر لن يحقق لي ما أريد إلاّ بإذن الله؛ ولذلك ما أعمله طاعة لله؛ مثل الاستطباب مثلاً أذهب للطبيب طاعة لله عزّ وجلّ وأبحث عن الشِّفاء، وأعلم أنّ الشِّفاء بيد الله عزّ وجلّ وبهذا يكون الإنسان جمع بين هذا وهذا؛ ولذلك العلماء يقولون كلمة جميلة جدّاً أتمنّى من الإخوة المشاهدين أن يحفظوها يقولون: ” تَرْكُ الأسبابِ جنون، والاعتمادُ عليها شِرْك” فإذا ترك الإنسان الأخذ بالأسباب فهو مجنون، كيف تريد ولداً من دون زوجة؟! كيف تريد زرعاً من غير سقي؟! كيف تريد بناءً من غير أن تأتي بأدوات البناء وغيرها؟!! “والاعتماد عليها شرك” لأنّك إذا اعتمدت عليها تركتَ الله سبحانه وتعالى فأشركت.

د:عبدالرحمن: فتح الله عليك، هناك أسئلة أخرى يا أبا عبد الله لكن نأخذ بعض الاتّصالات قبل أن نستمرّ في الأجوبة. الأخ أبو جنان تفضل من السعودية حياكم الله

أبو جنان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د:عبدالرحمن: عليكم السلام ورحمة الله وباركته.

أبو جنان: عساكم طيبين.

د:عبدالرحمن: يا مرحبا بك.

أبو جنان: الله يحفظك إن شاء الله أنا عندي سؤال والله في بعض الآيات يكون فيها تشابه ويكون فيها أيْضاً اختلاف مثال في سورة النّساء يقول الله جلّ وعلا {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ } [النساء:78] الآية الّتي بعدها {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ}، الأولى { قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ} [النساء:79] وهذه السّيِّئة كانت من نفسك، يعني ما هو الاختلاف؟

د:عبدالرحمن: جميل ممتاز شكراً لك يا أبا جنان.

أبو جنان: العفو.

د:عبدالرحمن: حياك الله وبياك. الأخ محمّد من جدة من السعودية تفضّل.

محمد: السلام عليكم.

د:عبدالرحمن: عليكم السّلام.

محمد: كيف الحال؟

د:عبدالرحمن: أهلاً وسهلاً.

محمد: عندي سؤالين.

د:عبدالرحمن: تفضل.

محمد: ما معنى الآية رقم 106 من سورة يوسف؟

د:عبدالرحمن: سنراجعها في المصحف، السؤال الثاني؟

محمد: وما معنى الآية في سورة الرّعد رقم 31؟

د:عبدالرحمن: شكراً يا محمد الله يحفظك، حياكم الله.

سؤال آخر يا أبا عبد الله في سورةِ يوسف عليه الصّلاةُ والسّلام وهي الآية رقم 32 يقول الله سبحانه وتعالى {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ} السؤال: يقول لماذا قال {فَاسَتَعْصَمَ} ولم يقل “فاعتصم”؟ ما الفرق بين فاستعصم واعتصم بالمعنى؟

د:محمد: عندنا قاعدة يا أبا عبد الله وهذه معلومة لدى كلّ المتخصِّصين في اللغة العربيّة “أنَّ زيادة المبنى تدُلُّ على زيادةِ المعنى”؛ ولذلك في سورة الكهف لعلّه -إن شاء الله- يمرّ بنا {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف:97]  ماذا نستفيد من هذه الآية؟ إذاً جمعت لنا هذه القاعدة من أبوابها أو من أطرافها (زيادةُ المبنى تدُلُّ على زيادةِ المعنى) يعني كلّما زدنا حروفاً في الكلمة ازداد المعنى وثقُل وصار له دلالة أكبر من دلالاته إذا كان مُجَرَّداً من تلك الحروف، فزيادة السّين والتّاء في كلمة {فَاسَتَعْصَمَ} تدلّ على مشقّة هذا الأمر وشدَّته على الإنسان؛ لأنَّهُ في أمرٍ عظيم، أمر الشّهوة من أشدّ الأُمور على الإنسان إذا كان شابّاً وغريباً وعند امرأةٍ جميلة؛ فيوسف عليه الصّلاةُ والسّلام كان يستعصم، ولم يكن هذا الأمر يعني سهلاً بل هو بشر من البشر ومع ذلك استعصم.

وكذلك في قوله عزّ وجلّ {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ} يعني يظهروا هذا السَّدّ {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} لشدّة النقب، أنَّ النّقب أشدّ عليهم من الظّهور عليهم فزيادةُ المبنى -غالباً في اللُّغة- تَدُلُّ على زيادةِ المعنى، ومن ذلك على سبيلِ المثال في الكلمات المستعملة عند النّاس كلمة الحيض والاستحاضة، الحيض دمٌ ينزلُ من المرأة في مدَّةٍ معلومة، والاستحاضة دمٌ لا حدَّ له.

د:عبدالرحمن: بل حتى في القصّة الّتي معنا يا دكتور محمّد في قوله {وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ} هو نفس المعنى، يعني غَلَّقَتْ أشدّ من أغلقت.

د:محمد: ومثل فُتِحَت وَفُتِّحَت.

د:عبدالرحمن: جميل، فتح الله عليك. سائل يسأل يا دكتور محمّد يقول: عندما التقى يوسف عليه الصّلاةُ والسّلام بإخوته قالوا {قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ} قال {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} فالسائل يسأل: ما الّذي أسرّ يوسف هنا؟

د:محمد: أسرّ يوسف في نفسه هذه التُّهمة الّتي اتّهموه بها، ولم يُبادلهم التّكذيب أنّه لا يريد أن يفشو الأمر أو تتّضح الحقيقة فلم يحن أوانها حتى الآن، أسرّها يوسف في نفسه يعني كتم هذا الأمر، وفي التّعبير العام يقولون بلعها يعني: ما يريد أن يفسر، وأنا أقول هذا فيه درس أنّه ما هو في كلّ مرة يعني تُثار قضيّة أو تُتَّهم بشيء أنّك توقف النّاس وتُبَيِّن الحقيقة، أحياناً يكون بيان الحقيقة يترتّب عليه إشكالات ومفاسد أنت في غِنًى عنها؛ فدرْءًا لهذه المفاسد هو مُراعاةً للزّمان والمكان والحال الّذي هو فيه يمشّي الإنسان من هذه الأمور.

د:عبدالرحمن: فتح الله عليك يا دكتور. سائل يسأل أيْضاً ويقول: هل للسّماوات عمد لا نراها؟

د:محمد: في أوّلِ السّورة {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد:2]  قوله {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} قولان لأهل العلم:

  • منهم مَن يقول: {بِغَيْرِ عَمَدٍ} ترونها كذلك بغير عَمَد.
  • ومنهم مَن يقول: {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} يعني: أنَّ لها عَمَد لكن لا تَرَوْنَها.

فهذان قوْلان، وأنا الحقيقة لم يترَجَّح لي واحدٌ منهما.

د:عبدالرحمن: المعنى واضح يعني الآيات تدلُّ عليها؟

د:محمد: نعم.

د:عبدالرحمن: يعني المعنيان محتملان ومُرَجَّح لأحدهما. فتح الله عليك. معنا اتّصال معنا الأخت أم عبد الله من السّعوديّة تفضّلي يا أمّ عبد الله

أمّ عبد الله: السلام عليكم ورحمة الله.

د:عبدالرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.

أم عبد الله: بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلامَ والمسلمين.

د:عبدالرحمن: اللهمّ آمين.

أم عبد الله: أحببت أن أسأل بالنّسبة للأخذ بالأسباب والعمل بها، أنا عندي أربعة من الولد وثلاثة منهم في مدارس تحفيظ القرآن، وآمل من الله سبحانه وتعالى أن ينشئهم نشأةً صالحة خوفي أنّ حفظهم للقرآن قد يتفلّت منهم، وهذا ما أراه هذه الأيام وهم في سنّ مراهقة ما بين 15 و 14 سنة و 12 سنة وأخاف أن يتفلّت منهم أو يحيدون عن حادة الطريق أخذنا بالأسباب وتوكّلنا على الله فما الحلّ غير التوجيه والدّعاء؟ هل -إن شاء الله- ما علّمناهم وما حفّظناه لهم من القرآن سيثبت في صدورهم وهذا ما أرجوه من الله سبحانه وتعالى أنّه ما دام مرّ عليهم قرآن كاملاً على قلبه بأنّ الله سبحانه وتعالى لن يخيّب التعب؛ علماً بأنّي هذه الأيام أحرص على مراجعتهم لكتاب الله ولكن تعرفون في هذا السّنّ فيه صعوبة عليهم، الولد الصغير والأخير إلى الآن لم يلتحق بالمدرسة أُريد أيضاً إلحاقه ولكن يُنازعني الشيطان أنّه تعب ثمّ يخرج مثل إخوانه لا يراجع أو يكون عليه بعض الملاحظات فما رأيكم يا شيخ جزاكم الله خيراً؟.

د:عبدالرحمن: بارك الله فيك شكراً يا أم عبد الله. اتّصال من الأخت إيمان من السعودية تفضلي يا أخت إيمان

إيمان: السلام عليكم ورحمة الله.

د:عبدالرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.

إيمان: الله يجزاكم خير على هذا البرنامج

د:عبدالرحمن: اللهمّ آمين.

إيمان: أقول السؤال الأول في سورة يوسف: ما معنى قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا} ما هذا الأمر الذي يعرض عنه؟

السؤال الثاني: مرة كنت قلتم في برنامج بيِّنات العام الماضي رمضان ذكرتم فائدة في سورة القصص لكن نسيتها الصراحة وهي كيف لما أراد أن يبطش بالّذي هو عدوٌّ لهما قال يا موسى أَتُريدُ أَنْ تَقْتُلَني كَما قَتَلْتَ نَفْساً بالأمس ما أدري ما الفائدة بالضّبط التي استنبطوها من هذه الآية؟ كيف علم أنه قتل؟ أنا والله نسيت الموضوع هذا؟

د:عبدالرحمن: كأنّي تذكّرته نعم. هل هناك سؤال آخر يا أخت إيمان؟

إيمان: سؤال عن الوصيّة في سورة المائدة {تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ}

د:عبدالرحمن: شكراً جزيلاً، الله يجزاك خير. نعود يا دكتور محمد إلى أسئلتنا:

سائل يسأل أيْضاً عن قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41] ما المقصود بنقصِ الأرضِ من أطرافِها؟

د:محمد: طبعاً كثير من المفسِّرين المُتَقَدِّمين يرون هذا بموت العلماء {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} يعني بموت علمائها، ومنهم مَن يرى أنّها مرتبطة الحقيقة بسياق الآيات وهو تهديد لهؤلاء المشركين حيثُ يرَوْن أنَّ دولة النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تزداد وتتّسع، وأنَّ دولتهم تنقص، ألا يكونُ ذلك دليلاً لهم على صدقِ رسولِ الله ونُصْرَةِ الله له؟! {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {41}} واللهُ أعلم.

د:عبدالرحمن: جزاك الله خيراً. أيْضاً سائل يسأل عن قولِهِ تعالى {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ} سورةِ إبراهيم.

د:محمد: التّذكير بأيّامِ الله يعني بنِعَمِه ونِقَمِه عليهم، فأيّامُ الله هي يعني أفعاله في عباده، سواءً كانت هذه صنائعُ خيرٍ للعباد بالخصب والخير والنّعم والأرزاق الّتي تتوالى أو كان ذلك بالعقوبات والمصائب والمَثُلات الّتي تنزلُ عليهم، ذكّرهم بهذا.

د:عبدالرحمن: يعني الأيّام كأنّها الأيّام البارزة في التّاريخ؛ كأنّها والله أعلم في سورة الرّعد معنا {وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ} كأنّها هي هذه الأيّام، وهذا في اللّغة أذكر يا دكتور محمد في معلّقة، معلّقة عمرو بن كلثوم يقول:

وأيّامٍ لنا غُرٍّ طِوالٍ           عَصَيْنَ الملْكَ فيها أنْ نَدينا

يعني يقصد لنا أيّام غُرَر معروفة مشهورة.

وأيْضاً يقول السمؤأل في اللامية:

وأيّامُنا مشهورةٌ لِعَدُوِّنا         لها غُرَرٌ مَعْروفَةٌ وَحُجولُ

يقول: نحن لنا أيّام بارزة في تاريخ العرب.

د:محمد: نعم فلعلّ هذا هو نفس المعنى.

د:عبدالرحمن: الأخ أبو جنان يسأل سؤالاً في دفع المشكل في قوله {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا {78} مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} .

د:محمد: هذا لا شكّ أنّه مُشْكِل لِمَن لم يعرف الطريقَ السَّليمَ في مثل هذا الأمر. طبعاً في الأولى لمّا ردَّ الله عزّ وجلّ عليهم ما قالوه إنَّما أراد أن يُبَيِّن أنَّ الأمرَ كُلَّهُ بتقديره {قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ} السَّيِّئة والحسنة بتقديرِ الله عزّ وجلّ.

في الآية الثّانية: {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} هذا لِبَيان السّبب؛ يعني {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} فبسببٍ من نفسك، {وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ} فمن نفسك، يعني أنت السّبب في وقوع {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ}؛ كما قال الله عزّ وجلّ {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30] فذاك بالنّظر إلى الخلق والتّقدير الأول {قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ} فالله يُقَدِّرُ كُلَّ شيء الحسنة والسَّيِّئة، وهذا بالنّظر إلى السّبب المباشر؛ مثل ما نذكر مثلاً في قضيّةِ الوفاة ورد في بعض الآيات أنّ الّذي يتوَفّى هو الله {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر:42]، ورد أنّ الّذي يتوفّى هو مَلَكُ الموت {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ} [السجدة: 11] ورد أنّ الّذي يتوَفّى هم الملائكة {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [الأنعام:61] فمَن هو المُتوفّي؟ نقول: تقديراً هو الله، ومباشرةً هم الملائكة، وإدارةً هو مَلَك الموت، مَلَك الموت هو الّذي يدير هذا الأمر وهو الموكَل بهذا الأمر.

د:عبدالرحمن: الحقيقة موضوع دفع المشكل يا أبا عبد الله يعني نحن نقول للنّاس أنّه ليس هناك في آيات الله إشكال من حيث هي، لكن الإشكال يقع من نظرنا نحن، لنقصِ علمنا ونقص نظرنا وإذا تأمَّلْنا زال الإشكال، وبعض الإشكالات لا يُزيلُها إلاّ عالمٌ راسخ في العلم؛ ولذلك صُنِّفَت كتب في هذا وقد عرضنا منها كتاباً في البرنامج قبل عدّة أيّام هو “مَلاك التأويل” لأبي الزبير الغرناطي عُنِيَ بهذا، وهناك كتاب “دفع إيهام الاضطراب” للشيخ الشنقيطي رحمة الله عليه، ولذلك حتى في عنوانه قال: “دفعُ إيهام الاضطراب في آيات الكتاب” لأنّه ليس هناك اضطراب الحقيقة، وإنّما هو توَهُّم.

د:محمد: وهو من أفضل الكتب في هذا الباب فيما رأينا

د:عبدالرحمن: معنا اتّصال الأخت أم حسام من السعودية تفضلي.

أم حسام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د:عبدالرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.

أم حسام: لو سمحت يا شيخ عندي سؤالين.

د:عبدالرحمن: تفضلي.

أم حسام: الأول: من سورة الرّعد في الآية 15 {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ {15} } كلمة طوْعاً واضحة، كلمة كرْهاً يعني تفسيرها لو سمحت وكيف نوفّق بينها وبين قوله تعالى {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم:42] هذا السؤال الأول.

السؤال الثاني: آية 31 من نفس السورة نرجو منكم شرحها وتوضيحها. وجزاكم الله خيراً على هذا البرنامج الناجح.

د:عبدالرحمن: الله يجزيك خيراً شكراً شكراً. الأخ عبد الله من السعوديّة تفضل.

عبد الله: السلام عليكم.

د:عبدالرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.

عبد الله: بارك الله فيكم على هذا البرنامج الطيب.

د:عبدالرحمن: الله يحفظك، لو ترفع صوتك يا أخ عبد الله لو تكرّمت.

عبد الله: أقول بارك الله فيكم يا شيخ.

د:عبدالرحمن: وفيك، الله يحيك.

عبد الله: الله يرضى عليك عندي بعض الأسئلة.

د:عبدالرحمن: تفضل.

عبد الله: يعني في الآية التي في سورة الأنفال الآية 33 {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:33] ما معنى الآية هذه؟ وما هو العذاب الذي على قريش؟ والحديث الذي عن الرسول ما أدري عن صحّته وهو حديث ملك الجبال الذي قال “لو شئت أُطبق عليهم الأخشبين” يعني ما أدري التوضيح لهذه الآية والحديث.

وأيْضاً الآية (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ (2)) التي في سورة القمر تفسيرها الله يجزاك خير شكراً.

د:عبدالرحمن: أبشِر، حياك الله وبيّاك. نعود يا أبا عبد الله إلى أسئلتنا. إذاً في قضيّة الإشكال الّتي سأل عنها أبو جنان اتّضحت له المسألة إن شاء الله الآن.

الأخ محمّد من جدة يسأل سؤالاً في سورة يوسف يقول: في سورة يوسف الآية رقم 106 وهي قوله تعالى {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف:106] يقول: ما معنى هذه الآية؟

د:محمد: طبعاً هذه الآية إذا قلنا إنَّها خطاب للمشركين فهي واضحة في حقّهم، وذلك أنّهم لا يؤمنون بالله إلاّ ويخلِطون مع هذا الإيمانِ شرك، فأهلُ مكّة والعرب الذين بُعِثَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيهم كانوا مؤمنين بالله عزّ وجلّ لا ينكرون بأنّه موجود وأنّه هو الخالق الرّازق المُحيي المُميت، ولكنّهم مع ذلك كانوا يشركون مع اللهِ غيرَهُ في العبادة، فهي واضحةٌ في هذا الباب. إذا قلنا إنّها أعمّ من ذلك فهذا أيْضاً صحيح، إذا قلنا أنّها شاملةٌ للمشركين وغيرهم، فإنّه لا يكاد أحدٌ من الخلق يسلَمُ من وقوعِ الشّرك، ولذلك قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “الشركُ فيكم أخفى من دَبيبِ النّمل” (فيكم) يعني في المسلمين. وبيّن أنَّ الإنسان لا يكاد يسلم من دخولِ شيْءٍ من الشركِ عليه؛ لأنّ الشرك فيه شيْءٌ جَلي فيتّقيه المؤمن وفيه شيءٌ خفي قد يخفى حتى عليه، ولذلك المؤمن من دعائه “اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أُشرِك بك وأنا أعْلَم وَأَسْتَغْفِرُكَ لِما لا أَعْلَم ” يعني هناك شيء من الشرك قد تقع فيه وأنت أحياناً لا تكاد تدركه ولا تحيط بخفاياه.

د:عبدالرحمن: سبحان الله! جميل جميل جدّاً. قبل أن نسترسل معنا سؤال من الأخ عبد الرحمن تفضل يا عبد الرّحمن.

عبد الرحمن: السلام عليكم ورحمة الله.

د:عبدالرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.

عبد الرحمن: مسّاك الله بالخير يا شيخ عبد الرحمن.

د:عبدالرحمن: الله يمسّيك بالخير يا مرحباً.

عبد الرحمن: كيف حالكم يا شيخ؟

د:عبدالرحمن: بخير ولله الحمد.

عبد الرحمن: الله يحفظكم يا شيخ.

د:عبدالرحمن: وإياك.

عبد الرحمن: اسأل الله لك ولضيفك التوفيق وأنتم ممّن نحبّهم الحقيقة في الله.

د:عبدالرحمن: أحبك الله.

عبد الرحمن: الله يحفظك يا شيخ. واستبشرنا بهذه القناة كثيراً جدّاً أنا وكثير من الإخوة. السؤال يا شيخ الإمام يصلّي وأنا أُتابع خلفه.

د:عبدالرحمن: بالمصحف أم بدون مصحف؟

عبد الرحمن: أنا أتابع خلفه بالمصحف.

د:محمد: هو حافظ وأنت تتابع خلفَه؟

عبد الرحمن: إي نعم هو حافظ وأنا أتابع خلفه. يُخطئ أحياناً بالحرف وهو جَهوري الصوت فأرد عليه أحياناً ما يسمع وأعيدها مرة ثانية أحياناً هل يلزمني أن أرد في كلّ حرف وأحياناً يخطئ في حركة.

د:محمد: الحرف أشدّ من الحركة يا عبد الرحمن.

عبد الرحمن: أعرف ذلك أن الحركة أحياناً تغيّر المعنى، لكن هل إذا عرفت أنّه ما يسمعني مثلاً.

د:عبدالرحمن: جيّد هل لديك سؤال آخر يا عبد الرّحمن؟

عبد الرحمن: شكراً لكم.

د:عبدالرحمن: شكراً لك حياكم الله. معنا الأخ أبو وليد من السعوديّة تفضّل يا أبو وليد.

أبو وليد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د:عبدالرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.

أبو وليد: الله يعطيكم العافية يا شيخ على هذا البرنامج.

د:عبدالرحمن: الله يحيك.

أبو وليد: لو سمحت بأرجّعكم إلى الوراء قليلاً في سورة البقرة الآية 19 والآية 20 ممكن شرحها وتفسيرها؛ لأنّ فيها حِكَماً لو سمحت يا شيخ؟

د:عبد الرحمن: إذا أسعفنا الوقت أبشر.

أبو وليد: يعطيك ألف عافية.

د:عبد الرحمن: حياك الله أبا وليد.

نكمل أسئلة الأخ محمد يا أبا عبد الله يسأل عن الآية رقم 31 من سورة الرّعد {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا} يسأل ما معنى هذه الآية؟

د:محمد: الحقيقة أنا أتوقّع الاستشكال، يسأل عنها سؤالان:

استشكال الناس هو في والله أعلم أول الآية قال {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا} فجاء بـ (لو) ولم يأتي بالجواب، وحذف الجواب في مثل هذه المواطن معلومٌ في اللّغة بل هو من أسرار اللّغة ومن بلاغتها. فالله عزّ وجلّ يقول {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} لكان هذا القرآن، لو حصل أنّ الله أنزل قرآناً يُعمَلُ به هذه الأمور لكان هذا القرآنُ هو أقربها وأقواها وأوصلها إلى المقصود. وحذف الجواب هنا أبلغ يعني مثلاً تقول لصاحبك: قد ذهبت إلى بستان جميل أو إلى روْضَةٍ فيْحاء تقول: لو كنتَ معنا، فقط وتسكت يعني: لرأيت شيْئاً جميلاً كونك تسكت عن الجواب يكون ذلك أبلغ.

د:عبد الرحمن: أستأذنك يا أبو عبد الله سنسترسل في بيان هذه الآية إن شاء الله لكن معنا اتّصال من الأخ فرج.

—–انقطاع في البثّ——

د:عبد الرحمن: مرحباً بكم أيُّها المشاهدون بعد انقطاع الّذي نعتذرُ لكم بسببه؛ كما أعتذر إليك يا أخ محمد عن هذا الانقطاع وأرجو أن لا يتكرّر.

كنّا نتحدّث يا دكتور محمد قبل الاتّصال الأخير عن قوله تعالى في الآية 31 من سورة الرّعد وهي {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} وكنت تتحدّث عن قضيّة الجواب محذوف وأنّه أبلغ من ذكر الجواب، وهل لديك ما تضيفه في هذه الآية قبل أن ننتقل لما بعدها؟.

د:محمد: أبداً، لكن في قول الله عزّ وجلّ {بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا} هذا أنّ المُلْك والقَدَر والتّدبير كُلّهُ بيدِ الله عزّ وجلّ. ثمّ قال {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ} أنا أريد أن أقف عند كلمة (ييأس)؛ لأنّ من المفسِّرين مَن فسَّرَها بالظّاهر المستعمل عند النّاس وهو اليأس وانقطاع الرّجاء، وأكثرُ المفسِّرين من السّلف فسَّروها بالعلم قالوا {أَفَلَمْ يَيْأَسِ} أفَلَمْ يعلم ويتبيّن {الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا}. قال {وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ} يعني هذا من نِذارات الرّب سبحانه وتعالى للكفّار، ونحن نرى الآن في هذا العصر هذه الزّلازل وهذه الفيضانات، وهذه البراكين، والأشياء الّتي تحلّ بالأُمم الكافرة كلُّ ذلك يُذَكِّرهم الله عزّ وجلّ بوعيده في الدّنيا قبل أن يحِلَّ بهم وعيدُ الآخرة {إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ {31}}.

د:عبدالرحمن: نفع الله بك يا دكتور محمد. قبل أن نأخذ سؤال الأخت أم عبد الله لدينا اتّصال من الأخ أبو أسامة من السعودية تفضل يا أبو أسامة

أبو أسامة: السلام عليكم ورحمة الله.

د:عبدالرحمن: عليكم السلام ورحمة الله.

أبو أسامة: كيف حالكم يا شيخ عبد الرحمن؟

د:عبدالرحمن: الله يحيك.

د:عبدالرحمن: الله يحيّك تفضل الله يحيك.

أبو أسامة: الله يجزيكم خير ويكرمكم إن شاء الله. انا عندي بعض التّساؤلات في سورة يوسف حقيقة وإن كانت المشاركة بالأمس ضعيفة قليلاً فأنا أحببت يعني في عندي تساؤلات في سورة يوسف:

الأولى: كثر في بداية هذا الجزء في وسط السّورة سورة يوسف {وَلَمّا} و{فَلَمّا} يعني تجد مثلاً يقول سبحانه وتعالى {فَلَمَّا جَهَّزَهُم} {فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ} تكرّرَت أكثر من عشر مرّات فودّنا الحقيقة نفهم ما هو الفرق بين الواو وبين الفاء؟ الله يجزيكم خير.

د:عبدالرحمن: زين زين.

أبو أسامة: هذا التساؤل الأول. آية 75 {قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} توضيح هذه، ما هو الجزاء الّذي كان؟

د:عبدالرحمن: طيب، هناك سؤال آخر؟

أبو أسامة: تسمحوا لي بالاسترسال قليلاً أم لا؟

د:عبدالرحمن: إيه تفضّل.

أبو أسامة: { قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ} يمكن ذُكِرَت هذه لكن أنا إذا تسمحوا لي كأنّي فهمت والله أعلم {قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ} ما بعدها {وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا} يعني فهمت أنّه النّصّ هذا {قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا} في نفسِ يوسف، إن كان تُصَحِّحوني جزاكم الله خيراً.

د:عبدالرحمن: صدقت.

أبو أسامة: الله يجزيكم خير.

د:عبدالرحمن: شكراً يا أبو أسامة الله يحيك. معنا الأخ عبد الرّ حمن من السّعوديّة تفضّل يا عبد الرّحمن. ذهب الأخ عبد الرّحمن؟ نعم لا بأس.

نعود يا دكتور محمد الأخت أم عبد الله تسأل سؤالاً والحقيقة هي تطلب توجيهاً تقول: لديها أربعة أولاد وكلهم ما شاء الله أو ثلاثة منهم يحفظون القرآن والحمد لله، وإن كانوا في سنّ المراهقة في الخامسة عشر أو السادسة عشر أو كذا، ولديها الصغير الرابع لم يدخل المدرسة بعد، فتطلب نصيحة أو توجيه لها أظنّ ولأولادها في قضيّة كيفيّة المحافظة على الحفظ، وهذا يُعانيه كثيرٌ من الأُسَر من هذا، كيف يحافظ الابن على حفظه للقرآن الكريم في سن المراهقة ويراجعه باستمرار؟

د:محمد: وكأنّها كانت تخشى أبا عبد الله من قضيّة أنّه نحن الآن بذلنا جهداً ونخشى غداً لا يصبحون من أهل القرآن أو ينحرفون أو كذا فنقول لها: أوّلاً يجب أن تُحسني الظّنّ بالله عزّ وجلّ تفعل الأسباب، وليس بعض الأسباب وإنّما كلّ الأسباب، فحفظ القرآن سبب من أسباب الّتي تُيَسِّر الهداية للإنسان وَتُقَرِّبُهُ من أن يكون من أهلِ القرآن، هذا أوَّلاً. لكن اعملي بالأسباب الأخرى فالأسباب الأخرى: التّربية الحسنة، المعاملة الطّيِّبة، الحوار مع الأبناء، كثرة الجلوس معهم، تعريفهم بالصُّحبة الصالحة، ومحاولة إبعادهم عن كُلِّ سيِّئ، أيْضاً القنوات الفضائيّة الإسلاميّة هذه سبب إن شاء الله من الأسباب التي تجعل هؤلاء الأبناء بإذن الله يكونوا في محيط الهداية، اِفعلي الأسباب، وتوكَّلي على الله، ولن تَرَيْ بإذن الله إلاّ ما يَسُرُّك، ولو جرى شيْءٌ لا يسُرّ؛ فاعلمي أنّك قد أدَّيْتِ ما عليك عند الله سبحانه وتعالى ولن تُحاسبي، بل ستُؤجَرين على بذلِ هذه الأسباب عند الله، وهذا مهمّ جدّاً. نحن لا يجوز لنا أن نقف عند النّتائج، النّتائج بيد الله {ومَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ} [العنكبوت:18]، القضيّة ما هو دورك؟ هل أدَّيْتَ الرِّسالة؟ هل قمت بالأمانة وأدَّيْتَها كما ينبغي؟ وكما نقول هذا في الأبناء الّذين حفظوا – نسأل الله أن يُقِرَّ عينَكِ بهم – أيْضاً هذا الابن الجديد لا تقولي أنا والله أخشى تجرِبتي الفائتة فشلت لن أُكَرِّرْها، لا، تجرِبَتُكِ لم تفشل فعليك بالمواصلة، والأبناء في حال المراهقة لا يُحْكَم عليهم هذه الآن فترة فاصبري عليهم وصابري وإن شاء الله ستجدين خيراً.

د:عبدالرحمن: فتح الله عليك يا دكتور أحسن الله إليك.

د:محمد: ولا تنسيْ الدّعاء، الدّعاء من أهمّ الأسباب.

د:عبدالرحمن: الله يجزيك خير. الأخت إيمان من السّعوديّة تسأل عِدّة أسئلة تقول:

في سورة يوسف يقول الله سبحانه وتعالى {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ} تقول: يعرض عن ماذا؟

د:محمد: لمّا اكتشف العزيز الحقيقة وهي أنَّ زوجَتَهُ قد راودت يوسف، وأنَّها هي الّتي لحِقَت به، وهي التي جَبذَت رِداءه، وعَلِم أنَّهُ مظلوم وليس بظالم، وأنَّها كاذبة في اتّهامه قال {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا} يعني لا تذكر هذا الخبر لأحد ولا تُفشيه لأحد؛ لأنّ فيه فضيحة عليّ وعلى أهل بيتي. {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ} هي الآن مخطئة وأنّها هي المذنبة واستغفري لذنبك الّذي وقع منك وهي أنّك حاولتي وراودتي، بل أنّك لَحِقْتي بهذا الغلام؛ حتى تجذبيه -والعياذ بالله- لفعل الفاحشة.

د:عبدالرحمن: جميل، وأنا أُلاحظ يا دكتور يعني توافقني على هذا أنَّ في نداء العزيز ليوسف تأدُّب معه في هذا الموقف لأنّه قال (يُوسُفُ) ناداه باسمه أوّل شيء {أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا} كأنّه يعني: استُرني الله يسترك، لكنّه عندما خاطب زوجته قال {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ} ولم ينادِها باسمِها ثم يقول استغفري، فقدّم النّداء ليوسف ثمّ أمره {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا} وإنما ولم تكن الآية “أعرض عن هذا واستغفري لذنبك”.

د:محمد: لكن هنا ملاحظة الحقيقة مهمّة جدّاً وهي: أنّ موقف هذا العزيز البارد قليلاً من زوجته جرّأها على أن تسترسل – والعياذ بالله – في الكذب، ولذلك اتّهم المُفَسِّرون هذا العزيز بأنّه رجُلٌ فيه دياثة، كيف يرى هذا البلاء من زوجته وفي نهاية المطاف يقول لها استغفري لذنبك!! وهي لا زالت مُصِرّة ومستمرّة على ذنبِها وبلائها.

د:عبدالرحمن: الله يفتح عليك. أيْضاً الأخت إيمان تسأل عن سورة القصص تقول: تذكر أنّكم ذكرتم في برنامجكم بيِّنات فائدة. لعلّك تأذن لي يا دكتور محمد نأخذ اتّصال الأخ حمزة من الجزائر ثمّ نعود لحديثِنا عن أسئلة الأخت إيمان. تفضّل يا أستاذ حمزة حياك الله.

حمزة: حياكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د:عبدالرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

حمزة: يا شيخ نحبّكم في الله.

د:عبدالرحمن: أحبّك الله.

حمزة: نشكر جزيل الشكر كل علمائنا في السعوديّة، الله يحفظهم إن شاء الله.

د:عبدالرحمن: تفضل.

حمزة: في ما يستفاد من قوله تعالى في سورة يوسف {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ} [يوسف:108] فماذا يُسْتفاد من هذه الآية؟

د:عبدالرحمن: أحسنت، شكراً لك يا أخ حمزة.

الأخت إيمان تسأل عن الآية رقم 19 في سورة القصص، هي قوله تعالى {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} [القصص:19] تقول: أنتم ذكرتم فائدة في برنامجكم

د:محمد: هو الحقيقة الّذي يبدو والله أعلم يعني إذا كانت هي أو الله أعلم بما ذكرنا في برنامج بيِّنات أنَّنا تعرّضنا لمعنى الآية، وهي قول الله عزّ وجلّ {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا} موسى عليه الصّلاةُ والسّلام لما استغاثَ به هذا الإسرائيلي أراد أن يبطش بالعدوّ، فظنّ الإسرائيلي وهو أحمق ظنّ أنّ موسى يريد أن يعتدِيَ عليه هو، فهنا كشف السِّرّ، وقال {أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ} لأنَّهُ لا أحد يعلم عن هذا الأمر إلاّ هو ويمكن بعض بني إسرائيل، فهنا انكشف الأمر، وكُشِفَ المُخَبَّأ، فشعر موسى بالخطر هنا. قال {إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ}؛ ولذلك جاء بعدها قوله عزّ وجلّ {وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} ليَدُلّ على أنَّ المَلَأ وفرعون بلغهم الخبر ممَّن؟ من هذا القبطي الّذي سمع بذلك السّرّ الّذي أفشاهُ هذا الرّجل الّذي كان موسى يُسْدي له خيراً وينقذه في المرّة الأولى وأراد أن ينقذه في الثّانية ففضحه.

د:عبدالرحمن: ربّما الأخت إيمان سمعت تنبيهاً على أنّ هذه الآية قد تُفْهَم على غير وجهها.

د:محمد: علماً بأنّه من المفسِّرين مَن قال أنّها بالقول الآخر {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى} قال القائل هذا القبطي، ولكنّ الأوّل فيما يظهر هو الأوْلى إن شاء الله.

د:عبدالرحمن: فتح الله عليك. لديها سؤال عن الآية رقم 107 من سورة المائدة وهي قوله سبحانه وتعالى {تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ} تسأل عن معنى الآية.

د:محمد: طبعاً هذه الآية جاءت في موضوع الوصيّة في السّفر، إذا كان المسلم بين أُناسٍ كُفّار فماذا يفعل؟ وماذا يُفْعَل بهذه الوصيّة؟ طبعاً الوصيّة هنا ستكون أمانة، يقول: أوصي بفَرَسِي هذا لفلان، وبدراهِمِي هذه لفلان،

د. عبد الرحمن: وبسيّارتي لفلان

د. محمد: أنا قصدي على أساس أن الآية نزلت في ذلك الزمان! وهي في هذا الزّمان، وأُوصي بكذا من يُصَدَّق أن هذا وقع ويعلم أنّه أوْصى بكذا وكذا؟ فالله عزّ وجلّ أوْلى من الاحتياطات لكي تكون هذه الوصيّة موَثَّقة وقال {تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا} إلخ من باب توثيق هذه الوصيّة وأن لا يتكلَّمُ بشيْءٍ لم يتكلّم به الموصي، وأن لا يخونُ في وصيّته.

د:عبدالرحمن: جميل جدّاً فتح الله عليك. لدينا أسئلة أخرى غير الأخت إيمان، الأخت أم حسام تسأل سؤالاً عن قوله تعالى في سورة الرّعد {طَوْعًا وَكَرْهًا}، {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ {15}} تقول ما معنى كرْهاً هنا؟

د:محمد: طبعاً المقصود بالكره ما تفهمينه يا أختي من الكراهيّة الّتي هي ضد الطواعية، فالمقصود أنّ جميع مَن في السّماوتِ ومن في الأرض يسجدون لله منهم مَن يسجد مُطيعاً لله عزّ وجلّ قاصِداً إيّاه، ومنهم مَن يسجد كارهاً؛ كالكافر؛ فالكافر يسجد بمعنى يذعن ويستسلم لا يفيد لا خيارَ له في هذا الأمر، وهذا هو السُّجود القهري، لأنّ السُّجود نوعان: اختياري، وقهري، كما أنَّ الإسلام نوعان: اختياري وقهري، وكما أنّ القنوتَ نوعان: اختياري، وقهري، فهذه الأمور الثلاثة والتّسبيح أيْضاً نوعان: اختياري وقهري، فهذه الأمور الثلاثة والتسبيح أيضاً نوعان اختياري وقهري وهذه الأمور تجري من الخلق كلّهم يذكر شيخ الإسلام أن الخليقة اشتركت في أمور أربعة: الإسلام، والقنوت، والسُّجود، والتّسبيح وقد وردت جميعها في القرآن منسوبة للخلقِ كُلِّهم، قال: منها ما يكون طواعية، منهم مَن يأتي بها طواعية، ومنهم مَن يأتي بها قهراً وذُلاًّ؛ لأنّه عبدٌ لله عزّ وجلّ. المقصود في قوله: {كَرْهاً} أي عن غير اختيار، وهناك فرق بين كرْهاً وكُرْهاً، فالكَره الّذي يكونُ حِسِّياً أو جسدِيّاً، والكُرْه ما يكون جسديّاً ومعنويّاً؛ لذلك قال الله عزّ وجلّ {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15]

د:عبدالرحمن: لأن فيه مشقّة نفسيّة وبدنيّة.هي تسأل أيْضاً كيف يُجْمَع بينها وبين قوله { وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم:42]

د. محمد: ذاك في يوم القيامة يبين من كان يسجد نفاقاً ومن كان يسجد طواعِية لله واختياراً؛ فالله عزّ وجلّ عندما يكون أهل الإيمان يدخل فيهم كلّ مَن يقول (لا إله إلاّ الله) فيدخل فيهم المنافقون، فعندما يكشِفُ الرَّبّ سبحانه وتعالى عن ساقه هنا يسجدُ المؤمنون، فيريد المنافقون أن يسجدوا فتبقى ظهورهم طَبَقاً لا يستطيعون السجود، فيتميّز الصّف المنافق من الصّفّ المؤمن وينفضحوا.

د:عبدالرحمن: { وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ {43}} فلا يفعلون ذلك. آخذ اتّصالاً يا دكتور محمّد من الأخ زياد من السعودية تفضل يا أخ زياد

زياد: السلام عليكم أخوي.

د:عبدالرحمن: عليكم السلام ورحمة الله.

زياد: عندي سؤال في سورة النساء الآية 78

د:عبدالرحمن: تفضل

زياد: ما أدري تفهمونه أو لا { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ } [النساء: 78] أو { يُدْركُّمْ } فقط هذا السؤال.

د:عبدالرحمن: شكراً جزيلاً الله يحييك. الأخ عبد الله سأل أسئلة يا دكتور محمد عن قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {33}[ الأنفال :33] يقول ما معنى هذه الآية أوّلاً؟ وقصّة أو حديث مَلَك الجبال أنه تعرّض للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقال له: إن شئتَ أطبقْتُ عليهم الأخشبَيْن، فيريد توضيح والجمع بين هذا الحديث وهذه الآية.

د:محمد: الله عزّ وجلّ لا يمكن أن يُعَذِّب أُمَّة وفيها نَبيُّها، بل لا بد قبل أن يعذبهم أن يأمر النّبيّ بالخروج، وقد جاء مَلَكُ الجبال هذا إلى النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في مقدمه من الطّائف إلى مكّة، فلا يمكن أن ينزل العذاب وفيهم رسولُ الله، هذا شيْءٌ لا إشكالَ فيه، ولذلك الأنبياءُ السّابِقون كانوا يُؤمَرون بالخروج، فإذا خرجوا نزل العذاب بالبقية من الكافرين.

د:عبدالرحمن: وحديث مَلَك الجبال هذا حديثٌ صحيح؟

د:محمد: صحيح نعم لا إشكالَ فيه.

د:عبدالرحمن: يسأل عن آية في سورة القمر {وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} [القمر:2] .

د:محمد: نعم، وإن رأواْ آية من رسول الله تدُلُّ على صدقهِ في دعوى النُّبُوَّة، وأنَّ هذا القرآن كلامُ الله عزّ وجلّ يزدادُوا إعراضاً، فهذه الآيات لا تنفعهم {وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} [يونس:101] ويقولوا في مقابِلِ هذه الآية الّتي جاءتهم هذا سحرٌ جاءنا به محمّد مستمرّ أي دائم أو باطل قوْلان لأهلِ التّفسير إمّا دائم مستمرّ منه أو باطل سيذهب ويضمحِلّ فلا تنخدعوا به ولا تغتَرّوا بما يجيءُ به محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

د:عبدالرحمن: فتح الله عليك. الأخ عبد الرّحمن من السّعوديّة يسأل يقول: أنَّهُ يُصَلّي خلفَ إمامٍ يحفظُ القرآن ويُمْسِكُ بيدِهِ المصحف يفتح عليه إذا أخطأ أو إذا نسي، فيقول أحياناً يكون الإمام مُنْطَلِقاً مع المايكرفون ومع المكيِّفات أحياناً في بعض المساجد فلا يسمعه، فهو يصيح ويردّ عليه ولكن دون جدوى فهو يسأل يقول: هل يلزمني أن أرُدُّهُ في كلّ لحَن ولو في فتحة أو ضمّة أو الكلمة؟.

د:محمد: نقول أنت تجتهد قَدْرَ ما ستطيع، والشّيْءُ الّذي يتغيَّرُ به المعنى بالفعل هذا اِحرص أن لا يفوتك، وأما الشّيْء الّذي لا يتغيّر به المعنى إن استطعت فالحمد لله وإن لم تستطع ورأيت أنّه تجاوز هذا الأمر كثيراً، فالأمر إن شاء الله فيه سَعة؛ لأنّه أحياناً قد لا تستطيع أن تُدْرِكه لو أردْتَ أن تَرُدَّهُ، قد لا يدري ماذا تُريد وتبقى وأنت وإياه في جدال أو نوع من الحوار في الصّلاة فتخرج عن جادة الصّلاة.

د:عبدالرحمن: أنا أذكر عندي إمام يُصَلّي في مسجدي فيأتي بعض الإخوان فيعينني في الصّلاة فهو يقرأ وأنا وراءه، فيقول {قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} هو يصيح مع الميكرفون والمكيِّفات فيقول {قالوا لا تَعْجَبين مِنْ أمرِ الله} هو يقرأ لا تعجبين من أمرِ الله فأنا ردَدْتُ عليه فقلت {أتعجبينَ مِنْ أمرِ الله} هو ما سمعَني انطلق فجاء بعض الإخوان بعد الصّلاة يُعاتِبوني كيف لا أرُدّ عليه؟ فقلت: والله أنا أشترطت عليه أن يقرأ أتعجَبين لكنّه قرأ لا تعجبين.

د:محمد: نجد يا دكتور عبد الرّحمن في سورة الكافرون أنا أقول للأئمّة إذا أخطأ الإنسان فيها فلا يفتح مجالاً للرَّدّ عليه يبدأ من أوّل السّورة مرّة ثانية

د:عبدالرحمن: أبو وليد من السعودِيّة يسأل سؤالاً في سورة البقرة وهي في قوله سبحانه وتعالى {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء}.

د:محمد: هذانِ المَثَلان ضَرَبَهما الله عزّ وجلّ للمنافقين فضرب الله عزّ وجلّ للمنافقين في أوّل السّورة قال {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً} يعني أشعل شعلةً {فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ} ورأى الحقّ والباطل، ورأى الإيمان والكفر {ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ} لم عَلِم من قصدهم الخبيث السيِّئ ولم يقل ذهب بنارهم ليُعْلِمَنا بأنّه ذهب بالنّور والإضاءة، وأبقى عليهم الحرارة، حرارة الشَّكّ والرَّيْب والنّفاق -نسأل الله العافية والسّلامة- . ثمّ ضرب لهم مثَلاً آخر فقال: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} يعني النّازل على رسولِ الله من الوحي مثل الصَيِّب النّازل من السّماء.

د:عبدالرحمن: ما هو الصَّيِّب؟

د:محمد: الصَّيِّب هو المطر الّذي يصوبُ من السّماء. {فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} يعني: فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد، وفيه آيات رجاء وجنّة ونار. قال {يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} فهم خائفون أن تنزِلَ آية تفضحهم وتكشف أسرارهم وتهتك أستارهم. قال {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} يعني إذا جاءت آياتُ الإيمان والحقّ والتّوحيد وصِدْق الرّسول صلّى الله عليه وسلّم واضحة جدّاً {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ} يعني وقفوا مُتَحَيِّرين لا يذهبون يميناً ولا شمالاً – نسأل الله العافية والسّلامة – وذلك بسبب أنّهم ما اتّبعوا الحقّ ولا آمنوا به وصدَّقوا كما ينبغي أن يكون التّصديق.

د:عبدالرحمن: والحقيقة تصديقاً لقول الأخ أبو وليد يقول: أنا أظنّ أنّ هذه الآيات مليئة بالفوائد، نقول: صدقت نعم، بل أنّ هذه السّورة في مقدِّمتها سورة البقرة في تقسيمِ الله سبحانه وتعالى الخلق إلى مؤمنين وكافرين ومنافقين، ثمّ إطالة الحديث عن المنافقين فيها حِكَم كثيرة، ولكنّ الوقت يضيق عن تناولها جميعاً.

الأخ فرج اتّصل من ليبيا يشكرنا ونحن نشكره ونسأل الله أن يتقبّل منه وأرجو أن ينتفع بهذا البرنامج بإذن الله.

الأخ ياسر من السّعوديّة يسأل عن الآية الثانية والسّتّين من سورة البقرة وهي قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} ثمّ قال في المائدة {وَالصَّابِئِونَ}

د. محمد: نقول طبعاً الأولى والصّابئين لا إشكالَ فيها؛ لأنّها جاءت على الجادّة منصوبة معطوفة على اسم إنَّ، وأمّا الثّانية فهي الواو قبلها استئنافية ويعني “والصّابِئون كذلك”.

د:عبدالرحمن: وفائدةُ الاستئناف يا دكتور محمد فيما هو قضية لفت النظر والانتباه وهذا يحصل في الأُسلوب أنّه إذا طال الفصل يحصل انتقال أو عدول من إعراب من الإعراب للفت الانتباه.

د:محمد: كما قال في سورة البقرة: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْس} [البقرة:177] .

د:عبدالرحمن: جميل. الأخ أبو أسامة يسأل عِدّة أسئلة يقول: “فلمّا ولمّا” في سورة يوسف الحقيقة فيما يبدو لي هذه تحتاج إلى تأمُّل أن تُعَدّ مثل هذه الآيات الّتي فيها (ولمّا) هل لديك فيها تعليق يا دكتور؟

د:محمد: أنا فقط أُشير إلى القاعدة في ذلك، وهو أنَّ الواو والفاء من حروف العطف طبعاً، لكنّ الفاء تأتي للتّرتيب، وأما الواو فهي لمُطلق الجمع يعني فهذا هو الفرق: الفاء للترتيب والتعقيب والواو لمطلق الجمع. هنا يبقى التّأمُّل في كلّ واحدة على حِدَة، لماذا قال: {وَلَمّا} ولماذا قال هنا {فَلَمّا} يظهر لي والله أعلم أنَّ الآيات اللواتي يأتي فيهنَّ (فلَمّا) أنَّها مُتَّصِلة بالآية الّتي قبلها اتِّصالاً وَثيقاً، لمّا وقع كذا حصل كذا مباشرةً. أمّا (ولمّا) فإنَّه فإنَّه مقطعٌ جديد أو بداية جديدة أو حَدَثٌ جديد بدأ من عنده.

د:عبدالرحمن: وأنا أُنَبِّه الإخوة المستمعين أو المشاهدين إلى أنّها تبدأ من الآية 62 {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ} ثمّ قال بعدها {فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ}.

د:محمد: هذه لما حميت هنا لمّا ولمّا وإلاّ فهي موجودة من أوّل السورة.

د:عبدالرحمن: أجل هذه تحتاج إلى جلسة.

د:محمد: انظر {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} .

د:عبدالرحمن: لكن لعلّها فعلاً حمِيَت في القصص في الأخير {وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ} {وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ} {وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم} {فَلَمَّا جَهَّزَهُم} وهذه لفتة كريمة من الأخ أبو أُسامة.

د:محمد: هي تُشكل على الحُفّاظ.

د:عبدالرحمن: بقي معنا ثلاث دقائق فقط فنريد أن نُجيب على سؤاله في سورة يوسف آية 75 يا أبا عبد الله {قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} ما معناها ؟

د:محمد: {فَهُوَ جَزَاؤُهُ} أي هذا السّارق الّذي وُجِدَ الصُّواع في رَحْلِه هو الجزاء يُؤسَرّ ويكون ملكاً لكم أو لِمَنْ سُرِقَ متاعه، وهذا كان في شريعةِ يعقوب عليه السّلام وهذا من ذكاء يوسف عليه الصّلاة والسّلام {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} مَلِك مصر لأن دين الملك يعني قانون الملك أو نظامه أو شريعته أن السّارق يُعزّر أو يُعاقب في شريعته أما في شريعة يعقوب أنّ مَن سرق يكون ملْكاً للمسروق فهو أراد أن يأخُذَ أخاه بهذه الطريقة ولذلك قال الله عز وجل (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) أي في شريعة الملك وقانونه

د:عبدالرحمن: شكر الله لك. {قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ} جاء بلفتة يقول لعلّ الّذي يبدو والله أعلم فسّر {أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا} قالها في نفسِهِ لكنّه لو قالها معلنةً لكان في ذلك نوع من الإسرار.

د:عبدالرحمن: هنا أسئلة يا دكتور جاءت من الجوال أحدهم يقول: ما اسم كتاب أبو بكر الرّازي، نحن عرضنا يا دكتور في إحدى الحلقات كتاب “أنموذَجٌ جليل من أسئلةِ التّنزيل” لأبي بكر الرّازي، وليس أبو بكر الرّازي صاحب كتاب التّفسير، وإنَّما هو صاحب مختار الصِّحاح له كتاب اسمه: “أنْموذَجٌ جليل في أسئلةِ التّنزيل” مطبوع باسم التّفسير الرّازي في مجلّد واحد طُبع في دار الفكر في سوريا بتحقيق “محمد رضوان الدّاية”.

أحدهم يسأل يا دكتور عن “التّسهيل”ـ لابن جُزَيْء  يقول: ما قيمة هذا الكتاب “التّسهيل في علوم التّنزيل”.

د:محمد: هذا الكتاب طبعاً من كتب التّفسير الّتي عُنِيَت كثيراً بذكر الخلافيّات والتّرجيح بينها وقواعد المُفَسِّرين، وأيْضاً في الَّفَتات البلاغيّة، واللّطائف وغيرها.

د:عبدالرحمن: يُنْصَح به؟

د:محمد: نعم نعم، فهو كتاب قيِّم، لكن لطُّلاّب العلم، أمّا العامّة فلديهم تفسير ابن كثير، والسّعدي، والجزائري، والمُيَسَّر وغيرها.

د:عبدالرحمن: على ذكر المُيَسَّر هذا سائل يسأل ويقول التفسير المُيَسَّر طبعة الملك فهد هل سَتُطْبَع الطّبعة الثانية؟

د:محمد: إن شاء الله نرجو ذلك؛ لأنّ وزير الشؤون الإسلاميّة وعد بذلك، ونرجو أن يُنَفَّذَ هذا الأمر، لكنَّهُ طُبِعَ خارج المملكة أيْضاً طبعات كثيرة ما شاء الله.

د:عبدالرحمن: جيّد، نفع الله بك يا أبا عبد الله أشكُرَك شكراً جزيلاً على ما تفضّلتَ به وأسأل الله أن يتقَبَّلَ منك. أشكركم كذلك أيُّها الإخوة المشاهدون على متابعتكم، وأشكر باسمكم أخي العزيز وضيفي في هذا اللّقاء فضيلة الشيخ الدّكتور محمَّد بن عبد العزيز الخضيري، الأستاذ بجامعة الملك سعود المتخَصِّص في الدِّراسات القرآنيّة، وأسأل الله أن يتقَبَّلَ ومنكم، وأراكم بإذن الله تعالى غداً، وأنتم على خير أستودعكم الله والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  • أذيعت يوم السبت بتاريخ : 13/9/1429هـ