برنامج التفسير المباشر

برنامج التفسير المباشر – 1429 هـ – الحلقة 4

برنامج التفسير المباشر الحلقة الرابعة
الجزء الرابع
الخميس 4/9/1429هـ
د.عبد الرحمن: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة المشاهدون، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مرحباً بكم في حلقةٍ جديدةٍ من حلقات برنامجكم اليومي (التفسير المباشر) على قناتكم قناة دليل الفضائية، اليوم سوف يكون حديثنا بإذن الله تعالى حول الجزء الرابع من أجزاء القرآن الكريم، وسوف نتناول فيه أبرز القضايا، ونستقبل فيه أسئلتكم واستفساراتكم حول هذا الجزء بإذن الله تعالى، وقبل أن ندلف للحديث مع ضيفنا في الجزء الرابع أريد أن أشير إلى أبرز موضوعات الجزء الرابع التي اشتمل عليها، الجزء الرابع من القرآن الكريم يبدأ من الآية الثالثة والتسعين (93) من سورة آل عمران وينتهي عند الآية الثالثة والعشرين (23) من سورة النساء
وأبرز الموضوعات التي تناولها كما تظهر أمامكم على الشاشة:
·بيان أولية بناء الكعبة والمسجد الحرام على غيره من المساجد.
·الحث على التقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان خيرية هذه الشعيرة.
·مجادلة أهل الكتاب من النصارى وبيان خطر كيدهم للمسلمين.
·ذكر معركة بدر وما وقع فيها من النصر للمؤمنين.
·الأمر بالمسارعة للعمل الصالح لنيل مغفرة الله.
·مَشاهد من معركة أحد وما وقع للمسلمين فيها.
·حديث عن قسمة تركة الميت والواجب فيها في أول سورة النساء.
وغير ذلك من الموضوعات ولكن هذه أبرز الموضوعات التي تحدث عنها الجزء الرابع من القرآن الكريم. ويسرني في هذه الحلقة أيها الإخوة المشاهدون باسمكم وباسمي أن أرحب بأخي العزيز وصديقي الدكتور: عمر بن عبد الله المقبل الأستاذ المساعد بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم، والمعني بالدراسات القرآنية وتدبر القرآن, فمرحباً بكم يا أبا عبد الله.
د.عمر: حياكم الله وحيا المشاهدين جميعاً.
د.عبد الرحمن: حياك الله، وأشكرك على استجابتك لهذه الدعوة، وأسأل الله أن يتقبل منك.
د.عمر: آمين وإياكم.
د.عبد الرحمن: أريد يا دكتور عمر قبل أن نبدأ في الحديث عن الجزء الرابع أن أشير إلى مسألة وهي أننا في هذا البرنامج أخذنا أنفسنا بتقسيم الحلقات على حسب الأجزاء كل يوم نتناول جزءًا، وهناك إشكالية في تناول القرآن الكريم عن طريق الأجزاء -أننا نأخذ جزء من سورة مع جزء من سورة أخرى- والحديث الحقيقة كان ينبغي أن يكون على حسب السور نأخذ البقرة ثم آل عمران ثم النساء، لكننا قسمناه قسمةً زمانية، وأحسب أن الذين قسموا القرآن الكريم إلى أجزاء ابتداءً أظن الحجاج بن يوسف أو يحيى بن يعمر كما يذكرون في زمن الحجاج بن يوسف أنه قسمها حتى تتواءم مع الشهر فيكون كل يوم جزء من القرآن الكريم.
بدايةً يا دكتور عمر كمدخل لهذه الحلقة كون الجزء الرابع جزء منه في سورة آل عمران وجزء منه في سورة النساء -الجزء الثالث جزء منه في سورة البقرة وجزء منه في سورة آل عمران- هل هناك ترابط بين السور برأيك وتكرار الموضوعات -يعني في سورة البقرة هناك موضوعات تكررت في سورة آل عمران- فما تعليقك على هذه الظاهرة؟
د.عمر: نعم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد. فإن الأمر كما ذكرت من أن تناول السورة كونه وحدة موضوعية أفضل وأجود لكن ظروف الزمن وظروف البرنامج بل الرؤيا القديمة في تقسيم الأجزاء على هذه القسمة لوحظ فيها هذا المعنى فلا حرج ولنا في ذلك سلف.
د.عبد الرحمن: جزاك الله خيرا.
د.عمر: لكن أعود إلى سؤالك -بارك الله فيك- وهو سؤال رائع في الواقع، يعني إذا تأملنا في السنة النبوية وجدنا أن النبي — قرن بين السورتين في أكثر من موضع، ومن ذلك مثلاً حديث النواس بن سمعان -رضي الله تعالى عنه- في صحيح مسلم: ((يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين يعملون به تتقدمه سورة البقرة وآل عمران)) وهناك نصوص أخرى أيضاً في هذا السياق
المهم أن المتأمل سيجد هناك ترابط قوي في جملة من الموضوعات خصوصاً التي تتعلق بالأديان الثلاثة السماوية الكبرى “اليهودية – النصرانية – الإسلام” لكن أيضاً هناك إذا تأمل الإنسان في سورة البقرة الحديث كان مركزاً على بني إسرائيل لليهود، وهذا جلي جداً ولا أدل على ذلك من تسمية السورة بسورة البقرة والقصة وقعت في بني إسرائيل كما تناولتم ذلك في الحلقة الأولى، لكن إذا تأملت أيضاً، وفي سورة آل عمران تركز الحديث جداً على بني إسرائيل من النصارى، فجاءت معهم قصة المباهلة وجاءت قصة عيسى بن مريم، وقصة الحواريين معه إلى غير ذلك ثم جاء الحديث عن الإسلام، لكن ما الرابط بين هذه الأحاديث؟! الموضوع طبعاً يطول لكن ألخصه حتى لا نجور على بقية المحاور.
د.عبد الرحمن: جميل
د.عمر: في سورة البقرة جاء الحديث كثيراً عن بني إسرائيل من اليهود في تذكيرهم بنعم الله على من سبقهم، كان الحديث موجهاً للذين كانوا في عهد النبي — وكان هناك تذكير وهناك لوم وعتاب على تبديلهم شريعة الله وتذكير لهم بالشريعة التي أنزلها الله على موسى ومن كان من بني إسرائيل وكيف انقسموا: أناس استجابوا وأناس أعرضوا، فلما حصل من بني إسرائيل هذا العناد وهذا الفساد وهذا القتل أيضا للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام جاء الحديث عن النصارى في سورة آل عمران كونهم أقرب بنص آية المائدة وكون النصارى أيضاً وضع عنهم من الآصار والأغلال بسبب كونهم أيضاً أقرب إلى إتباع عيسى من إتباع اليهود لموسى، وجاء الحديث أيضاً يذكر المسلمين بما وقع للأمتين الكتابيتين اللتين سبقتهما.
د.عبد الرحمن: جميل جدا
د.عمر: كأنها تقول لهم: انظروا يا أمة محمد — هؤلاء بني إسرائيل في سورة البقرة قد قصصنا عليكم خبرهم -اليهود- وهؤلاء بني إسرائيل -من النصارى- قد قصصنا عليكم خبرهم في آل عمران فإن استقمتم فلكم العزة والنصرة: وَٱعتَصِمُواْ بِحَبلِ ٱللَّهِ جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُواْ [آل عمران:103]،وَكَيفَ تَكفُرُونَ وَأَنتُم تُتلَىٰ عَلَيكُم ءَايَٰتُ ٱللَّهِ وَفِيكُم رَسُولُهُۥۗ[آل عمران: 101]، وتذكير في أواخر سورة آل عمران أيضاً بهذه النقطة بأخذ العهد والميثاق على العلماء من هذه الأمة، والتذكير أيضاً بقضية الكتم وغير ذلك والثناء على من استجاب من أهل الكتاب وهذه قضية لعلنا نمر عليها إن شاء الله تعالى جاءت في أواسط سورة آل عمران وفي أواخرها وهذا الربط أريد أن أصل إلى نقطة وهو أن الحديث حتى عن غزوة أحد ليس أجنبياً عن قضية الحديث عن أهل الكتاب أبداً.
د.عبد الرحمن: جاء يعني متناسباً مع السياق.
د.عمر: مع السياق، ما هو هذا التناسب والتناسق؟
قصة أحد كما لا يخفى وقع فيها مخالفة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم الذين كانوا على جبل الرماة -وليس كلهم- ولكن خالف الأكثرية على جبل الرماة ظناً منهم أن الأمر انتهى إلى آخره في القصة المعروفة فهي رسالة للأمة أنها إن كانت تريد العزة وتريد السؤدد والمجد والغلبة فلتستقم على أمر الله ورسوله ولا تخالفه طرفة عين، فهي حديث عن الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله والسمع والطاعة للأنبياء والرسل وعدم مخالفتهم ولذلك تلاحظ في قصة البقرة جاء التركيز: وَإِذ قَالَ مُوسَىٰ لِقَومِهِۦٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَأمُرُكُم أَن تَذبَحُواْ بَقَرَة [ البقرة: 67]، آيات كثيرة يأمرهم فيها موسى بأوامر ثم يحصل التنكر.
جاء الحديث عن النصارى في آل عمران حتى تلاحظ هذا السياق يوحي بهذا جيداً في قوله: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنهُمُ ٱلكُفرَ قَالَ مَن أَنصَارِي إِلَى ٱللَّهِ [آل عمران:52] بدأ بنو إسرائيل من النصارى ينشقون فكانت هذه كلها مقدمات وتمهيدات لهذه الأمة أن تحذر أن تسلك مسالك المعاندين من الأمم الكتابية السابقة وأنه لا ينفعهم كونهم عندهم نبي ونزل عليه كتاب فهذا لم ينفع من سبق حينما عاندوا وحادوا عن الصراط المستقيم.
د.عبد الرحمن: جزاكم الله خيراً، وهذه لفتة كريمة فعلاً في الربط بين سورة البقرة وآل عمران.
أيضاً هناك معنى يا دكتور عمر يظهر في سورة آل عمران ظهوراً جلياً وهو الثبات -معنى الثبات على الدين- يعني كأنه والله أعلم عندما جاء الحديث في سورة البقرة عن الشريعة بكل تفاصيلها وما ينبغي على المسلم الاستجابة لهذه الأوامر كلها جاء الحديث في سورة آل عمران عن الثبات على هذا المنهج
د.عمر: صحيح
د.عبد الرحمن: وتلاحظ حتى من أولها عندما قال: نَزَّلَ عَلَيكَ ٱلكِتَٰبَ بِٱلحَقِّ مُصَدِّقا لِّمَا بَينَ يَدَيهِ [آل عمران:3]، إلى أن قال في الآية الثامنة: رَبَّنَا لَا تُزِغ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذ هَدَيتَنَا [آل عمران: 8] وقال في آخرها: يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ [آل عمران: 200]، وما بين هاتين الآيتين كما تفضلت الحديث عن غزوة بدر وعن أحد.
د.عمر: بالضبط وتذكير بغزوة بدر -يعني كيف حصل الفرق- يعني ذكروا في غزوة أحد بما حصل لهم من النصر في غزوة بدر، بدر لم يحصل فيه اختلاف بل كان انسجاماً تاماً جداً، أحد وقع فيها خلاف أو يعني خلاف اليسير مع أنه بتأويل أيضاً ومع ذلك حصل ما حصل.
د.عبد الرحمن: أيضاً تلاحظ يا دكتور عمر الحديث مع وفد نجران لما جاءوا إلى النبي ولذلك يذكر بعض المفسرين يقول: هذه أول حوار للأديان.
بمناسبة الحديث عن حوار الأديان هذه الأيام يقولون هذه أول حادثة حوار بين الأديان كانت مع نصارى نجران لما جاءوا إلى النبي يجادلونه فكانت سورة آل عمران فصلت هذا الموضوع.
د.عمر: صحيح. وما دمت تفضلت بذكر هذه القضية يجب أن نفرق في قضية الحوار بين الأديان بين مسألتين:
·فالحوار الذي يقصد منه إيضاح ما لدينا من ثوابت وعقائد مستقرة من التوحيد وإفراد العبادة لله والإيمان بنبوة الأنبياء جميعاً وأن خاتمهم محمد وبيان هذا بالأدلة الجلية وكشف الشبهات الموجودة عند أصحاب الأديان الأخرى هذا لا إشكال فيه وهذا يشهد له ما تفضلت
·أما الحوار الذي يؤدي إلى التنازل أو التماهي -كما يقال- والتنازل عن المسلمات والثوابت حتى نكون كما يقال لُحمة واحدة بسبب جامع جغرافي معين هذا لا شك أنه باطل ويؤدي إلى -يعني إلى تحريف- الأديان وهذا لا أظن يقول به أحد يعرف…
د.عبد الرحمن: وهذا أيضاً يا أبا عبدالله غير ممكن.
د.عمر: ولا شرعاً أيضاً -يعني لا يمكن قدراً ولا شرعاً- لكن أنا أردت أن أفرق حتى لا…
د.عبد الرحمن: أحسنت
د.عمر: لأن بعض الناس أحياناً عنده حساسية من كلمة الحوار مع الأديان فينبغي أن يفرق بين قضيتين فقضية بيان الحق وكشف الشبهات فهذا أصل شرعي وما قصة المباهلة إلا دليل على ذلك بل لجوء النبي إلى المباهلة فيها تأكيد على الثقة الواضحة بما لدينا نحن من حق ولذلك هم أعرضوا ما باهلوا، رفضوا.
د.عبد الرحمن: لا وأيضاً يعني الموقف من الأديان الأخرى واضح يعني في قوله في سورة آل عمران هنا: وَمَن يَبتَغِ غَيرَ ٱلإِسلَٰمِ دِينا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ .
د.عمر: وَهُوَ فِي ٱلأخِرَةِ مِنَ ٱلخَٰسِرِينَ [آل عمران: 85 ]،مع أن هذه الآية في سياق الحديث عن الحوار وأيضاً تحدث عن النصارى واليهود فغيرهم ممن ليس عندهم كتاب من باب أولى.
د.عبد الرحمن: بالضبط
طيب في أول الحديث يا دكتور عمر جاء الحديث في أول الجزء الرابع وهو مجال حديثنا هذه الحلقة عن بناء البيت في مكة المكرمة في قوله : إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدى لِّلعَٰلَمِينَ [آل عمران: 96] أولاً ما معنى الأولية هنا؟
وأيضا بعض الناس يسأل يا دكتور عمر عن ما معنى “بكة” يعني لماذا لم يقل الله : إن أول بيت وضع للناس للذي بمكة؟! وهذا الذي يعرفه الناس أن مكة مكة لماذا جاء التعبير ببكة؟
د.عمر: هذه من المواضيع التي حصل فيها ارتباط بين البقرة وآل عمران
في سورة البقرة جاء الحديث عن شريعة الحج بتفصيل من غير إلزام بالدخول فيها على القول الصحيح في تفسير قوله تعالى: وَأَتِمُّواْ ٱلحَجَّ وَٱلعُمرَةَ لِلَّهِ[البقرة: 196]، بينما في سورة آل عمران لما كان هناك انتقال لأن آل عمران نزلت بعد البقرة بلا إشكال
د.عبد الرحمن: لا شك
د.عمر: جاء الأمر بفرض الحج قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلبَيتِ مَنِ ٱستَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلعَٰلَمِينَ [آل عمران:97]، هذه قضية، قضية بناء البيت ثبت في الصحيحين من حديث أبي ذر أن أول بيتٍ وضع في الأرض هو المسجد الحرام ثم بعد أربعين سنة بني المسجد الأقصى
وهنا مسألة يتكلم فيها أهل العلم هل إبراهيم عليه الصلاة والسلام يعني لما قال: وَإِذ يَرفَعُ إِبرَٰهِمُ ٱلقَوَاعِدَ مِنَ ٱلبَيتِ، [البقرة: 127]، هل هو الذي أسسه أولاً؟ أم بُني قبله وإبراهيم رفع القواعد؟
وهذه مسألة معروفة ليس المقام مقام تفصيل لكن المؤكد والمقطوع به أن أول مسجد وضع في الأرض هو البيت الحرام والكعبة.
د.عبد الرحمن: أحسن الله إليك يا أبا عبد الله
معنا الأخت أم عبد الرحمن من الكويت، تفضلي يا أم عبد الرحمن.
الأخت: السلام عليكم.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام.
الأخت: مبارك عليكم الشهر.
د.عبد الرحمن: الله يبارك فيك تفضلي.
الأخت: عندي سؤال واحد إذا سمحتم جزاكم الله خيرا، في قوله في آل عمران آية 92: لَن تَنَالُواْ ٱلبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92] ما العلاقة بين هذه الآية والآية اللي بعدها كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلّا [آل عمران: 93] وكذلك الآية اللي قبلها آية 91 إذا تكرمتم.
د.عبد الرحمن: جيد، شكراً يا أم عبد الرحمن , معنا الأخ سعود من السعودية، تفضل يا أخ سعود.
الأخ: السلام عليكم.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.
الأخ: أسأل عن الآية 117 من قوله تعالى: يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَة مِّن دُونِكُم[آل عمران:118] كيف بطانة من دونكم؟
المقدم: جيد، بارك الله فيك حياك الله، بمناسبة حديثك يا دكتور عمر عن قوله: وَإِذ يَرفَعُ إِبرَٰهِمُ ٱلقَوَاعِدَ مِنَ ٱلبَيتِ، [البقرة: 127] وقضية هل إبراهيم هو أول من بنى البيت أم أن هناك من بناه قبله وإبراهيم رفع القواعد
أليس في قوله: وَإِذ يَرفَعُ إِبرَٰهِمُ ٱلقَوَاعِدَ مِنَ ٱلبَيتِ،[البقرة: 127]إشارة إلى أنه هو الذي ابتدأه من القواعد -يعني في الآية-.
د.عمر: إشارة ولكنها ليست صريحة ولو كانت صريحة لما وجد خلاف بين أهل العلم حتى المفسرون منهم من يقول إن أول من بناه آدم عليه الصلاة والسلام وإبراهيم كان دوره رفع القواعد , تجديد البناء وإعادة تأسيسه من جديد على قواعد التوحيد.
د.عبد الرحمن: جزاكم الله خيراً، طيب نعود إلى سؤال الأخت أم عبد الرحمن يا أبا عبد الله، هي تسأل عن قوله تعالى: لَن تَنَالُواْ ٱلبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيم [آل عمران: 92]، تقول ما علاقة هذه الآية بالآية التي قبلها والآية التي بعدها؟ دعني أذكر لك الآية التي قبلها، يقول الله : إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُم كُفَّارٌ فَلَن يُقبَلَ مِن أَحَدِهِم مِّلءُ ٱلأَرضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفتَدَىٰ بِهِۦٓۗ أُوْلَٰئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيم وَمَا لَهُم مِّن نَّٰصِرِينَ [آل عمران: 91] ثم يقول: لَن تَنَالُواْ ٱلبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيم [آل عمران: 92 ]نبحث الآن عن العلاقة بينها وما قبلها الآن وليت يا دكتور انك تبين معنى الآية أولاً لَن تَنَالُواْ ٱلبِرَّ.
د.عمر: لعل أجلى ما يبينها أن يذكر سبب نزولها
د.عبد الرحمن: جميل
د.عمر: كما ثبت في الصحيحين أن النبي — لما نزلت عليه هذه الآية جاء إليه أبو طلحة الأنصاري وقال: يا رسول الله إن أحب مالي إليّ بيرحاء -وكانت حديقة جميلة يأتي النبي — إليها ويتوضأ منها ويشرب من ماء طيب فيها-
د.عبد الرحمن: الله أكبر
د.عمر: تصور أنت حديقة أمام المسجد النبوي ومن يتوضأ فيها
د.عبد الرحمن: يا سلام
د.عمر: سيد البشر -عليه الصلاة والسلام- ويشرب منها -يعني بلغت من نفسه مبلغاً عظيماً- ومع ذلك يقول: ((يا رسول الله ضعها حيث أراك الله))، فوضعها النبي — في أقارب أبي طلحة ، ولاحظ في هذا الموقف سرعة مبادرة الصحابة –، ما بدأ يحسب حساباته، وربما مع الوقت يرتفع التثمين لهذه الحديقة مثلاً أو يفكر بأمور دنيوية أخرى أبداً، يقول: إني سمعت الله يقول وإن أحب مالي إلي بيرحاء فضعها حيث أراك الله، فسبحان الله انظر هذه الاستجابة
فهذه الآية تبين أن أعلى وأفضل حالات الإنفاق أن ينفق الإنسان أحب ما يملك لكن لو قدر أن إنساناً أنفق من ما دون الأفضل من سطة ماله فإن شاء الله تعالى نرجو الله أن يتقبله ويثيبه لكن لا شك أن ثواب الأفضل ليس كثواب الأدنى لكن الذي ينهى عنه أن يأتي الإنسان إلى أخبث ماله والله — يقول: وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ [البقرة:276] فلا ترضى أنت إذا كنت مسكيناً أن تعطى من رديء المال فكيف ترضى أن تقرض الله أو تبغي ثواب الله — على خبيث.
فهذا عرض مجمل.
د.عبد الرحمن: جميل جدا
د.عمر: الآية التي قبلها ليس عندي جواب قاطع لكن من باب المذاكرة والله أعلم
لما ذكر الله — أن الله يثيب على هذا أعلى درجات الإنفاق كان الحديث قبلها عن الكافر وأرجو من إخوتي أن يتأملوا هذا المعنى الرائع جيداً ليدركوا نعمة الله — عليهم بالإسلام، هذا الكافر تصور إذا أفضى إلى الله — لو قدم انظر ملئ الأرض ذهباً -دعنا نفترض أن الكرة الأرضية هذه كأنها سبيكة ذهبية تصورت!! كم سيكون مبلغها أو ثمنها؟
د.عبد الرحمن: لا يقدر أبداً
د.عمر: ربما لا تحصيه الأصفار على اليمين ومع ذلك بسبب مانع الكفر
د.عبد الرحمن: لن يقبل منه
د.عمر: لو قدم هذه الكرة الأرضية على أنها سبيكة ذهبية يا رب أريد أن أفتدي بهذه السبيكة من النار ما قبلت منه، ما السبب؟ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فأنت يا مؤمن تأمل نعمة الله — عليك حين هداك للإيمان، حينما تسبح لله تقبل منك، تكبر وتحمد وتنفق ولو قليلاً
د.عبد الرحمن: يا سلام
د.عمر: طيب قارن أيهما أكبر يعني حديقة أبي طلحة الصغيرة التي في قبلة مسجد النبي — وهي صغيرة صغيرة، أو لو جاء الكافر بسبيكةٍ ذهبيةٍ ضخمةٍ ملئ الأرض ذهباً!
يعني كما قلت دعنا نفترض أن الكرة الأرضية كلها سبيكة ذهبية ومع ذلك لا يقبل منه وهذا قبل منه بل وأثنى الله — عليه وشكر النبي — له ذلك.
د.عبد الرحمن: جزاك الله خيراً، في الحقيقة فيما ذكرته معنيان رائعان جداً لكن اسمح لي أن آخذ اتصال ثم اذكرها لك
معنا الأخ فؤاد من اليمن، تفضل يا أستاذ فؤاد.
الأخ: السلام عليكم.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.
الأخ: سؤالي يا شيخ: ما هي علاقة الآية 17 من سورة النساء بالتي قبلها من الآيات.
ولو سمحتم لو تحدثونا عن الآيات التي تشير إلى التوبة في سورة النساء.
د.عبد الرحمن: جيد بارك الله فيك، شكراً جزيلاً، ما ذكرته يا دكتور عمر الحقيقة في قولك :
·أولاً أن سبب نزول الآية هو الذي يبين معناه وهذا معنى رائع جداً يغيب عن كثيرٍ من المتدبرين للقرآن وهو أهمية سبب النزول في فهم الآية
سبب النزول كثير من أسباب النزول لا تفهم الآيات على وجهها الصحيح إلا إذا عرف سبب نزولها ولذلك ينبغي على المتدبر والقارئ للقرآن الكريم أن يعتني بمعرفة أسباب النزول وهناك كتب جيدة في أسباب النزول مطبوعة ولله الحمد مختصرة وموسعة
·الفائدة الثانية التي استفدتها من كلامك يا أبا عبد الله هو سرعة استجابة الصحابة للقرآن، يعني هذا هو الهدف من القرآن والغاية منه.
د.عمر: وهذا هو الذي ميزهم حقيقة.
د.عبد الرحمن: بالضبط، يعني الآن عندما يقول الله : لَن تَنَالُواْ ٱلبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ما يبغى لها فلسفة.
د.عمر: أبداً.
د.عبد الرحمن: فهمها مباشرةً أبو طلحة وذهب وقال يا رسول الله أحب مالي إليّ هذه القطعة وهذا البستان.
د.عمر: فقال الرسول : ((ذاك مال رابح ذاك مال رابح)) يعني انظر الشهادة جاءت مباشرة، وأنا أرجوا من الإخوة أن يدخلوا كما يقولون يعيشون مشاعر أبي طلحة ، أنفس ماله، وتصور قبلة المسجد النبوي
د.عبد الرحمن: صدقت
د.عمر: ومع ذلك تأتي هذه المبادرة فأنا أقول نحن في شهر المبادرة فيه أيسر من غيره، الشياطين مصفدة ومغلة فلنري الله — من أنفسنا خيراً في استجابتنا لأوامر الله، كم تمر علينا يا أخي الكريم من الآيات يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْافعلوا كذا، يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْلا تفعلوا كذا، فلماذا لا نري الله من أنفسنا ونكون كأبي طلحة في استجابته في الإنفاق، نحن نقول إن كنت ستنفق فهذا خير فهذا شهر الإنفاق لكن لا تكلف شيئاً أشد من هذا، إنما تكلف أن تستجيب لأمر الله –.
د.عبد الرحمن: صحيح، أنا أنظر إلى حالنا اليوم يا أبا عبد الله حالي وحال كثير مما نراهم الحقيقة من جيراني وإخواني عندما يرى فقيراً أو سائلاً يخرج حافظة النقود من جيبه ثم يبحث عن فئة الريال فإن لم يجدها يخرج فئة الخمس ريال فإن لم يجدها ربما يعتذر لأنه ما وجد إلا عشرة ويرى أن عشرة كثيرة، مع أنه يمكن أن حافظة النقود فيها خمسمائة ريال وفيها مائة ريال وفيها مائتين ريال.
د.عمر: وهو أيضاً غني وليس عليه التزامات مالية مثلاً.
د.عبد الرحمن: بالضبط، أليس فعلنا هذا الحقيقة تقصير!! نقصد أقل المال وأردئ المال ثم ننفق منه
بينما انظر إلى فعل أبي طلحة لا شك أن هذه مدرسة تعامل الصحابة — للقرآن
إذاً هذا وجه رائع جداً في الربط بين هذه الآية لَن تَنَالُواْ ٱلبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ و إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُم كُفَّارٌ فَلَن يُقبَلَ مِن أَحَدِهِم مِّلءُ ٱلأَرضِ ذَهَبًا وَلَوِ ٱفتَدَىٰ بِهِۦٓۗ
هي أيضاً سألت عن علاقتها بما بعدهاكُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلّا لِّبَنِي إِسرَٰءِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسرَٰءِيلُ عَلَىٰ نَفسِهِۦ .
د.عمر: لم يظهر لي وجه والله أعلم.
د.عبد الرحمن: ولعلها هي أيضاً تراجع كتب التفسير فتجد فيها جواباً على هذا السؤال.
سأل الأخ سعود عن الآية 118 من سورة آل عمران، وهي قوله تعالى: يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُم لَا يَألُونَكُم خَبَالا وَدُّواْ مَا عَنِتُّم قَد بَدَتِ ٱلبَغضَاءُ مِن أَفوَٰهِهِم يسأل ما معنى: لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُم ؟
د.عمر: البطانة يعني من حيث معناها اللغوي هي داخلة الشيء كما نسمي مثلاً في اللباس ظهاره وبطانه، فبطانة الشيء خاصته، وهم المقصودون في هذا السياق هم الذين يصطفيهم الإنسان لأسراره وخاصة أمره وهذا النهي جاء لتحذير المؤمنين أن يتخذوا أناساً لا يألون المؤمنين خبالاً بمعنى أنهم لا يبالون ما يصيبهم من العنت ولا من المشقة ولا من ضعف أو خور أو ربما يكونون سبب في كشف الأسرار للأعداء، ولهذا لما أرسل أبو موسى -رضي الله تعالى عنه- كتاباً إلى عمر — وقال له: ((إني لم أجد إلا كاتباً نصرانياً)) -وأنت تعرف أن الكاتب الآن يتلقى كتاباته من أمير أو عامل عنده شيء من أسرار الدولة- وقال: ((لم أجد إلا كاتباً نصرانياً)) , فماذا كان من عمر ؟ كلمة واحدة فقط
قال: ((مات النصراني والسلام))
افترض يا أبا موسى أن النصراني مات طيب ماذا ستفعل ستتعطل الكتب ابحث عن أفضل واحد من المسلمين فاتخذه لأن هذا النصراني ممكن في أي لحظة يراسل أهله أو قومه أو… أو…. إلى آخره وتحصل نكبات, والتاريخ سبحان الله حافل بهذا
فهذا توجيه رباني من أجل من كان له شأن وأمر بدءًا من الولاية العظمى وتأتي الولايات التي بعدها دون ذلك في أن يكون المتخذون في خاصة الأمر والمستشارون هم الذين يعهد فيهم النصح للأمة والصدق مع الوالي.
د.عبد الرحمن: لا إله إلا الله , الله أكبر، وهذا يا دكتور عمر الحقيقة كان له شواهد كثيرة في التاريخ الإسلامي
د.عمر: جدا
د.عبد الرحمن: يعني أذكر منها حادثة في الأندلس اتخذ الملك وزيراً يهودياً، فأذل المسلمين إذلالاً شديداً في ألبيريا ولذلك ثار عليه الناس، وكان سبب الثورة قصيدة قالها أبو إسحاق الألبيري عندما فاض الكيل بالناس من إذلال هذا اليهودي الوزير للمسلمين وحال بينهم وبين الملك، فقال:
لقد زل صاحبكم زلةً -الذي هو الملك- تقر بها أعين الشامتين
تخير كاتبه كافراً ولو شاء كان من المسلمين
فعز اليهود به وانتخوا وتاهوا وكانوا من الأرذلين
إلى آخر القصة
د.عمر: الله أكبر
د.عبد الرحمن: قالوا: فثار عليه أهل ألبيريا وقتلوا هذا الوزير اليهودي، فاتخاذ مثل هؤلاء وهو مخالفة صريحة لهذه الآية: لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُم لَا يَألُونَكُم خَبَالا
د.عمر: صحيح
د.عبد الرحمن: يعني لا يألونكم إضراراً بكم.
د.عمر: والأمة والحمد لله فيها خير كثير -يعني فيها طاقات وفيها عقليات وفيها أناس ينصحون ويغارون- يعني بعبارةٍ أخرى لئن ضعف دينهم لا يمكن أن تخونهم مروءتهم أبداً
د.عبد الرحمن: سبحان الله
د.عمر: يغارون على الأمة، يغارون على أوطانهم وعلى بلادهم وعلى مجتمعاتهم.
د.عبد الرحمن: جزاك الله خيراً، قبل أن نأخذ جواب الأخ فؤاد من اليمن، معنا اتصال يا دكتور، معنا الأخ الأستاذ بدر من السعودية، تفضل يا أستاذ بدر.
الأخ: كل عام وأنتم بخير يا شيخنا.
د.عبد الرحمن: وأنتم بخير حياكم الله.
الأخ: أنا أتابع قناة مسيحية ويتكلمون عن الإسلام ويتكلمون كلام صعب، فهل وأنا أتابعهم لكي أنظر ماذا الإنجيل؟ وماذا المكتوب في الإنجيل فهل أنا أعتبر منافق؟ يعني أنا رجل أحب الإسلام وأحب ديني وأحب الله والرسول عليه الصلاة والسلام ولكن أشوفهم هم عرب مجتمعين في قبرص وعاملين قناة يا شيخ أنا مرضت من كلامهم وهم يتكلمون عن الإسلام بطريقة غريبة وعجيبة صراحة، وحاشاه رب العالمين وحاشا رسوله — ولكن أنا أحاول إني أكلمهم أحاول إني أبين لهم أحاول إني يعني أقول لهم كلمة طيبة على ما قال الرسول — فهل أنا أعتبر لما أتابع قنواتهم ويتكلمون علينا بالكلام الصعب هل أنا أعتبر منافق؟.
د.عبد الرحمن: طيب يا أستاذ بدر ما هو مستواك العلمي يا أستاذ بدر؟ ما مؤهلك العلمي؟ هل عندك علم شرعي؟
الأخ: لا أنا ما عندي مؤهل إنما يعني أحب الله والله سبحانه معطيني إلهام في الدين سبحان الله أي سورة أقرأها ما أروح أعيدها مرة مرتين الله يعطيني سبحان الله تفسيرها فأنا ما أبغى استمع لهم لأدخل معهم في إنجيلهم لكن أبغى أقول لهم الكلام هذا ما يصير, هدوا.
د.عبد الرحمن: طيب واضح كلامك يا أخ بدر، طيب عندك سؤال في القرآن الآن أو شيء.
الأخ: التي في سورة قال الله إن أحد من الناس تكلم عن آياتي فأعرضوا عنهم فخفت إني أكون من المنافقين، بس الله يجزاكم خير.
د.عبد الرحمن: لا إن شاء الله، وتسمع الجواب إن شاء الله من الشيخ، شكراً يا أستاذ بدر، معنا الأخ عبد الرشيد من السعودية تفضل يا عبد الرشيد.
الأخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ: عندي ثلاثة أسئلة: السؤال الأول: علم المناسبات بين السورة والسورة أو بين الآية والآية وددنا تفصيل وهل هذا داخل في التكلف وإلا هو من باب التدبر ولا حرج في ذلك.
السؤال الثاني: الآية التي تتكلم عن المعارك ايش دخل الآية هذه -يعني صلة الآيات- ثم يذكر الله : يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأكُلُواْ ٱلرِّبَوٰاْ أَضعَٰفا مُّضَٰعَفَة [آل عمران: 130].
د.عبد الرحمن: جيد سيأتي إن شاء الله
السؤال الثالث: في سورة النساء بعد ما تكلم الله عن آيات الميراث وكذا، قال: وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [النساء:14] فهل الذي يتعدى يعني في الميراث يكون حكمه يوم القيامة النار .
د.عبد الرحمن: بارك الله فيك، طيب واضح السؤال يا أستاذ عبد الرشيد الله يكتب أجرك، بارك الله فيكم جميعاً، نعود يا أبا عبدالله إلى سؤال الأخ فؤاد من اليمن يسأل سؤال جيد الحقيقة وهو يسأل عن الآية السابعة عشرة من سورة النساء التي هي قوله : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً[النساء:17] يقول ما مناسبتها بين آيات: وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ [النساء:15] ثم وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ [النساء:16] ثم يتحدث عن التوبة ما هو وجه المناسبة؟
د.عمر: طيب.
المناسبة لمن تأمل السياق واضحة والعلم عند الله تعالى فإنه لما ذكر الله — شأن الفاحشة وعقوبة تعدي حدود الله — وكذا بين الله — أن الإنسان مهما أتى من الذنوب والمعاصي فإنه مادام نَفَسُه يتردد فإن باب التوبة في حقه مفتوح ولهذا قال السلف في قوله تعالى: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ قال: كل من تاب قبل أن يغرغر فهو قد تاب من قريب، وهذه في الواقع يعني مادمنا تحدثنا عن التوبة الآن هذه بشرى في الواقع ونحن في شهر رمضان، رمضان فرصة عظيمة للتوبة فنقول لكل من أسرف على نفسه، وكل من يظن أن هناك ذنوب عظيمة جداً فإننا نقول: كلها والله لو اجتمعت ذنوب الخلق كلهم فإنها ذرة يسيرة في سعة رحمة الله —
د.عبد الرحمن:: لا إله إلا الله
د.عمر: فلنحذر من تقنيط الشيطان ولا يقول إنسان أنا زنيت، أنا تركت الصلاة، أنا أكلت الربا، أنا سرقت، أنا فعلت، أنا أنا، ثم يبدأ الشيطان يعطيه قائمة طويلة بالجرائم التي ارتكبها في السابق، أقول لك يا أخي الكريم هذه الآية وغيرها من الآيات ومن أعظم ما فيها ومن أعظم ما يرجي المؤمن في هذا نداء الله وهو الغني عنا حينما قال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا [الزمر:53] أسرفوا.
د.عبد الرحمن:: يعني بالغوا.
د.عمر: بالغوا، ثم أيضاً يقول: يَا عِبَادِيَ يتحنن يتحبب إلى عباده
د.عبد الرحمن:: الله أكبر
د.عمر: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ثم هل هناك ذنب يغفر وذنب لا يغفر؟
لا إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا مؤكده هذه، فأين المقبلون؟ وأين الراغبون؟
د.عبد الرحمن:: الله أكبر الله أكبر، جزاك الله خيراً، إذاً فمناسبة هذه الآية واضحة بين آيات ذكر الفواحش وذكر ارتكابها.
د.عمر: وأيضاً لمن تعدى حدود الله في تقسيم الفرائض وهذا أيضاً يعني نسيت أن أذكر يا شيخ إذا كان هناك حقوق للخلق مثلاً نفترض إنسان ظلم في قسمة الميراث ولعلنا نجيب مبكراً على سؤال الأخ عبد الرشيد، أن من قصر مثلاً أو ظلم في أخذ الميراث أو شيء من هذا القبيل لا شك أن هذا من تعدي حدود الله ومن تعدى حدود الله فقد توعده بذلك، والوعيد داخل تحت المشيئة قد ينفذه وقد لا ينفذه وقد تأتي موانع أخرى من نفوذ الوعيد، كما قد قيل:
وإني وإن واعدته أو وعدته لمنجز إيعادي ومخلف موعدي
فالله وعده لا يتخلف أبداً، إذا وعد أحداً بالجنة أو بالثواب أو شيء لا يتخلف لكن إذا توعده بالعذاب أو بالنار أو شيء من هذا القبيل “ما لم يصل إلى حد الكفر والشرك الأكبر” قد تأتي أمور تحول دون نفوذ هذا الوعيد إما بتوبة أو باستغفار أو بشفاعة أو بشفاعة النبي في الموقف أو برحمة أرحم الراحمين .
د.عبد الرحمن: الله أكبر، بارك الله فيك يا أبا عبد الله، قبل أن نستمر في الإجابة على سؤال الأخ بدر وعبد الرشيد
نريد أن نتوقف يا أبا عبد الله لتعريف الإخوة المشاهدين بكتابكم “ليدبروا آياته”
د.عمر: الواقع أنا إشراف فقط
د.عبد الرحمن: الذي كان ثمرة رسائل جوال تدبر الذي تشرفون عليه، جزاكم الله خيراً، فاصل نعرف فيه بكتاب ” ليدبروا آياته” ثم نعود معكم
فابقوا معنا.
***********************************
فــــــــــــــاصل
تعريف بكتاب«ليدبروا آياته»
·يشتمل هذا الكتاب على أكثر من سبعمائة وعشرين فائدة واستنباط من آيات القرآن الكريم
·لأكثر من مائة وعشرين عالماً وطالب علمٍ من القدماء والمعاصرين
·وقد أرسلت هذه الفوائد على هيئة رسائل نصية للهواتف المحمولة للمشتركين في خدمة جوال تدبر
·الذي يشرف عليه مركز تدبر القرآن ويعد هذا الإصدار باكورة إصدارات مركز تدبر في خدمة المتدبرين لكتاب الله تعالى وإعانة الراغبين في توثيق صلتهم بكتاب الله تعالى
·وقد اشتمل الكتاب على نفائس من الاستنباطات العلمية والتربوية من آيات القرآن الكريم.
·والكتاب يباع في المكتبات بسعر التكلفة وهو اثني عشر ريالاً سعودياً يعود ريعه لدعم مناشط جوال تدبر والارتقاء بخدماته.
*******************************************
د.عبد الرحمن: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون مرةً أخرى بعد هذا الفاصل للتعريف بكتاب “ليدبروا آياته” وبالمناسبة أنا أحب أن أشكر أخي الدكتور/ عمر المقبل على إشرافه على هذا الجوال وتميزه ولمن يرغب في الاشتراك في هذا الجوال وأنا أنصح بالاشتراك فيه، رقمه 81800 يرسل رقم 1 إلى 81800 ،ويمكنه الاشتراك في هذا الجوال.
قبل أن نواصل الحديث يا أبا عبد الله في أسئلة الإخوة معنا متصل، الأخ أبو إبراهيم من السعودية، تفضل يا أبا إبراهيم.
الأخ: السلام عليكم.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.
الأخ: سؤالان أحسن الله إليكم.
د.عبد الرحمن:: تفضل.
الأخ: السؤال الأول: ما هو السر في سورة الشعراء أن جميع الأنبياء قالوا لقومهم: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ [ الشعراء:127]نوح وهود ولوط وشعيب وأيضاً محمد عليه الصلاة والسلام في نفس الشورى كما لا يخفى عليكم ما عدا إبراهيم وموسى عليهم الصلاة والسلام.
د.عبد الرحمن: طيب، أحسنت.
الأخ: السؤال الثاني يا شيخ: ما الفرق بين قوله تعالى: مُشْتَبِهًا وقوله: مُتَشَابِهٍ .
د.عبد الرحمن: بارك الله فيك، شكراً يا أستاذ أبو إبراهيم الله يحييك، معنا اتصال آخر تفضل.
الأخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.
الأخ: الله يحفظكم يا شيخ ودي الحديث عن بداية سورة النساء الأمر بالتقوى: يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ[النساء:1]، وقوله: وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِۦ وَٱلأَرحَامَ [النساء:1]، الحديث عن التقوى في هذا الشهر المبارك الله يحفظك.
د.عبد الرحمن: شكراً يا أخ أحمد الله يحفظك، شكراً جزيلاً الله يبارك فيك، مرةً أخرى نعود يا دكتور عمر إلى سؤال الأخ بدر والحقيقة السؤال في غاية الأهمية، يعني الأخ بدر يقول: أنه يتابع قنوات نصرانية، وهذه مشكلة يا دكتور عمر كثيرة الآن مع انفتاح القنوات الفضائية، هناك قنوات نصرانية كثيرة وقنوات أيضاً مخالفة للإسلام سواءً نصرانية وغيرها تبث وتوجه بثها إلى العالم الإسلامي وإلى منطقة العالم العربي بوجه خاص وتبث الشبهات، الأخ بدر حفظه الله يقول أنا جالس أتابع هؤلاء جالسين في قبرص أو في غيرها ويتكلمون عن الإسلام، أريد أنك تنبه إلى مثل هذا وتجيب على سؤال.
د.عمر: أما مسألة المشاهدة فهذه قد أصلها العلماء قديماً فيما يتعلق بالنظر في كتب الزندقة والضلال والإلحاد إلى آخره ونصوا على تحريم النظر فيها إلا لعالم يريد أن يرد عليها ويكشف ما فيها من شبهات، مادام أخونا حفظه الله ليس من أهل العلم الشرعي ليس عالماً وليس متخصصاً حتى في هذا الباب لأنه أيضاً قد يكون الإنسان عنده علم شرعي في بعض الجوانب لكنه في جوانب الاعتقاد وما يتعلق بشبهات النصارى أو حتى بعض أهل البدع والضلال قد يكون ضعيفاً فقد تتسرب الشبهة إليه ويصعب خروجها وقد قيل قديماً إن الشبهة قد يلقيها العامي ولا يكشفها إلا العالم فما ظنك إذا كانت الشبهة ألقاها ملحد أو ضال أو نصراني وتلقفها عامي، كيف؟! ستقع إلا أن يشاء الله ، والله يقول: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [ الأنعام:68]،هذه نقطة أولاً أن الأصل لا يجوز أن تشاهد هذه القنوات إلا لعالم لأن هؤلاء قد يبثون شبهات والإنسان أحياناً قد يحدوه كما ذكر الأخ بدر ونحن لا نشك في نيته وصدقه هو يقول أنا أغار ويضيق صدري وأحب الرسول والإسلام نحن لا نشك في هذا، لكن أحياناً هؤلاء لخبثهم يبثون شبهات، وقد ينقلون لك مقولات من كتب وينسبونها وأنت لا تعلم لكتب أهل الإسلام فتقول معقول هذا في كتب أهل الإسلام ثم يبدأ عندك الزيغ وأقول لك البارحة واحد من أهل هذه البلد بقي في أمريكا عدة سنوات فاعتنق النصرانية, المصيبة هنا عظيمة لكن أعظم منها أنه الآن يدعو أخته التي أرسلت رسالة جوال فتقول أنقذوني من أخي هو الآن يحاول أن يقنعني بالنصرانية
د.عبد الرحمن: لا حول ولا قوة إلا بالله
د.عمر: فهل الإنسان يأمن على قلبه! لا والله لا يأمن.
د.عبد الرحمن: أول سورة آل عمران: رَبَّنَا لَا تُزِغ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذ هَدَيتَنَا [آل عمران: 8].
د.عمر: أحسنت رَبَّنَا لَا تُزِغ قُلُوبَنَا ومن الذي يقولوها؟ عوام؟ لا
الله يحكيها عن الراسخين في العلم، والإنسان كلما رسخ في العلم وعظم علمه بالله كان خوفه من الله أعظم وعلمه بقدرة الله أعظم، وأن الله هو المتصرف بهذه القلوب، فإذا كان الإنسان يخاف مع شدة علمه ورسوخه في العلم فكيف بمن هو دون ذلك.
د.عبد الرحمن: فكيف بمن هو دون ذلك.
د.عمر: إذاً هذه قضية مهمة أنبه فقط على كلمة أشار لها الأخ وهو يقول أنني كلما قرأت السورة ورددتها أحس أن الله يلهمني فلا أدري يعني الحقيقة هذه كلمة مجملة إن كان يقصد الأخ أنه مع التدبر والتأمل ينفتح له معاني إيمانية فهذا معنى لا إشكال فيه وحق ويرد على قلوب الناس، ولكن إن كان قصده الآن الإلهام إنه يبدأ بهذا الإلهام يفسر القرآن هو من دون أن يرجع إلى كلام أهل العلم ومن دون أن تكون له أرضية علمية يبني عليها استنباطه وتأصيله فأنا أرجو من الأخ أن يراجع هذا الأمر وألا ينجرف وراءه لأنه قد يؤدي بعدين إلى استنباط أحكام قد تكون خطأ خطأً محضاً.
د.عبد الرحمن: صحيح، هذا الحقيقة موضوع في غاية الخطورة لكن لعلنا نتحدث عنه بعد أن نأخذ الاتصال من
الأخ فهد من السعودية، تفضل يا أخ فهد.
الأخ: السلام عليكم.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام.
الأخ: مبارك عليكم هذا الشهر.
د.عبد الرحمن: الله يبارك فيك.
الأخ: عندي سؤالين: السؤال الأول: ما هو أفضل كتب التفاسير؟ وبالنسبة لتفسير سيد قطب في ظلال القرآن من يفسر القرآن من مشايخنا الأفاضل فيه تناقض أحدهم ينصحنا بقراءته والآخر يقول لا وهذا الاختلاف يعني هل له توجيه؟.
د.عبد الرحمن: نعم، شكراً جزيلاً الله يحييك يا أخ فهد، معنا الأخ بكر من السعودية، تفضل يا أخ بكر.
الأخ: السلام عليكم.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.
الأخ: أنا يا شيخ أريد أن أسأل عن الآية 74 في سورة النساء: فَليُقَٰتِل فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشرُونَ ٱلحَيَوٰةَ ٱلدُّنيَا بِٱلأخِرَةِ [آل عمران:74] فمن المعلوم أن الإنسان يشتري الآخرة بالحياة الدنيا فلما قرأت هذه الآية أشكلت علي.
د.عبد الرحمن: شكراً شكراً يا أستاذ بكر الله يحفظك.
نعود يا دكتور عمر إلى ما نبهت عليه بخصوص الأستاذ بدر يقول: أنني عندما أقرأ الآيات أشعر بأن الله يلهمني معناها.
أذكر قصة حدثت لي جاءني رجل قال أنا متخصص في الدراسات القرآنية وكذا وأريد أن ألتقي بك وأريد أن أناقشك في بعض ما كتبت فقلت على الرحب والسعة، استضفته عندي في المنزل وكان معي بعض الزملاء من المتخصصين، فجاء الرجل فإذا به يقول أنا عمري الآن ستين سنة، اشتغلت منها ثلاث وخمسين سنة بغير القرآن، كنت أعمل في المقاولات والبناء ثم في يوم من الأيام شعرت أني رأيت نوراً، فقذف في نفسي حب القرآن قال: فأخذت مباشرةً القلم وبدأت أفسر سورة والعاديات.
د.عمر: لا حول ولا قوة إلا بالله.
د.عبد الرحمن: ثم بدأ يفسر بقية السور فأراني ما كتبه فلا تسأل يا شيخ عمر عن الغرائب والعجائب والتناقضات والكلام على الله بغير علم.
د.عمر: أعوذ بالله.
د.عبد الرحمن: ويعني ما شئت من مفاسد في القرآن الكريم وفي فهمه فقلت له يعني أين أصول التفسير, علم القرآن الكريم ليس كلأً مباحاً كل واحد يأخذ المصحف ويقول معنى هذه الآية كذا وكذا، أو يقول والله أنا قذف في قلبي، والإلهام ليس من مصادر التفسير، والرؤى ليست من مصادر التفسير فلابد أن تتعلم يا أستاذ بدر علوم القرآن، أصول التفسير، تسأل المعنيين وتطلب العلم ثم بعد ذلك يمكنك أن تجادل، ولذلك أنا أثني على كلامك في نصيحة بالابتعاد عن هذه القنوات نهائيا لأنها تقذف الشبه في القلوب ولا تستطيع أن تدفعها.
د.عمر: صحيح.
د.عبد الرحمن: معنا الأخ عبد العزيز من الكويت يا دكتور عمر، ثم نعود لحديثنا، تفضل يا عبد العزيز.
الأخ: السلام عليكم.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.
الأخ: عندي سؤال الله يحفظك يا شيخ، في قوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى [ النساء:36].
إضافة الباء في النساء وفي سورة البقرة: وَذِي الْقُرْبَى، وفي الآية الأخرى: فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء: 43]، في النساء لم تضف لها منكم كما في المائدة.
د.عبد الرحمن: بارك الله فيك، أبو محمد من السعودية تفضل.
الأخ: السلام عليكم.
د.عبد الرحمن: وعليكم السلام ورحمة الله.
الأخ: أحسن الله إليكم.
د.عبد الرحمن: وإليك تفضل يا أبا محمد.
الأخ: في قوله تعالى في سورة آل عمران: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ [آل عمران:146] ما الفرق بين الوهن والضعف والاستكانة؟
د.عبد الرحمن: أحسنت الله يعطيك العافية، شكراً يا أبا محمد، إذاً نعود لأسئلة الأستاذ عبد الرشيد يا دكتور عمر لا تؤاخذنا.
د.عمر: لا، فقط عشان الوقت لكي لا يمر علينا.
د.عبد الرحمن: هو أصلاً البرنامج وضع لهم
د.عمر: اتصالات المشتركين هي زادنا.
د.عبد الرحمن: الأخ عبد الرشيد يسأل عن علم المناسبات بين السور يا دكتور عمر يقول: هل هذا العلم له أصول؟ هل له كتب؟ كيف يمكن تعلم هذا العلم؟
د.عمر:هو أشار في ثنايا سؤاله في الواقع إلى الجواب.
د.عبد الرحمن: وهو؟
د.عمر: ذكره وأقوله باختصار حتى نمر على أكبر قدر من أسئلة الإخوة
بلا شك أن علم المناسبات علم قائم وألفت فيه كتب ولعل من أشهرها كتاب “نظم الدرر” للبقاعي تعالى واعتنى به أيضاً طائفة ممن تكلموا فيه كابن الزبير الغرناطي وغيرهم في ملاك التأويل وكذلك الإسكافي في درة التنزيل وغيرهم اعتنوا بهذا لكن هو أشار في سؤاله إلى أنه في الجملة ينقسم إلى قسمين:
·قسم ظاهر جداً لا يشك إنسان في ترابط آية مع آية وسورة مع سورة، فمن يشك مثلاً في ارتباط سورة الشرح والضحى! ما أحد يشك، ومن يشك في ارتباط سورة الأنفال مثلاً بالتوبة! وهكذا لكن
·قسم آخر وهذا يقع فيه التكلف كثيراً ولعله ربما يكون القسم الأكثر والأكبر الذي طغى على بعض أو ظهر في كلام كثير ممن تحدثوا في هذا الباب وهو التكلف الشديد في الربط بين الآيات وبين السور فهذا لا ينبغي وما أنا من المتكلفين فإن ظهرت المناسبة فالحمد لله وإذا لم تظهر فلا داعي للتكلف والقول على الله وأخطر ما يكون أن يجزم الإنسان في هذا المقام لكن لو كانت في المسألة التماساً لكان الأمر أسهل.
د.عبد الرحمن: لا شك وهو أيضاً بالمناسبة يا دكتور عمر هو علم اجتهادي -يعني كل المناسبات التي تلتمس بين السور هي اجتهادية يعني-.
د.عمر: بلا شك.
د.عبد الرحمن: جميل جداً، طيب هو سؤال دقيق سأله الأخ عبد الرشيد وكان من الأشياء التي كنا ننوي المرور عليها يسأل عن ورود آيات الربا في قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً [آل عمران:130 ]، في ثنايا الحديث عن غزوة أحد، فيقول ما هي العلة؟
د.عمر: سؤال رائع جدا وهو فعلاً ملفت للنظر يعني يلاحظ الإنسان: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ [آل عمران:121]، ثم بدأ الحديث عن غزوة أحد ثم يشعر الإنسان هناك فاصل أتى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا، فقد يظن بعض الناس أن هذا الكلام أجنبي عن السياق والواقع أنه ليس أجنبياً بل هو تنبيه للمؤمنين إلى تصحيح أوضاع الجبهة الداخلية كما يعبر عنه بالأسلوب المعاصر فنحن والمسلمون حينما يقاتلون عدوهم عندهم قضيتان لابد من إتقانهما:
·قضية الإعداد للقتال وهذا يتعلق بجانب أدوات الجهاد ووسائل القتال.
·والجانب الآخر تقوية العلاقة بين المسلمين وبين ربهم .
فكيف تقاتل عدواً وترجو نصر الله وعلاقتك مع ربك أصلاً فيها خلل!! وأنت حينما تأكل الربا ما حقيقتك؟ أنت تحارب الله ورسوله فكيف ترجوا النصر وأنت تحارب قوم أكثر منك عدداً وعدة، إذاً هذا درس للأمة
إذا كانت تريد أن تنتصر على عدوها الخارجي فلتصحح أوضاعها الداخلية وتصحح كما يقال الجبهة الداخلية فتزيل الربا من معاملاتها، كيف ترجوا أمة أن تنتصر وهي تعمق الربا وتجريه وتتعامل بالربا !!! وهي تحارب الله ورسوله!!!!
ثم بعد ذلك ترجوا نصر الله!! هذا ليس بصحيح
ولهذا عاد السياق مرةً أخرى للكلام على الغزوة فهنا الكلام في الواقع متسق تماماً.
د.عبد الرحمن: جزاك الله خيراً يا دكتور، فعلاً هو في غاية المناسبة ورودها في هذا الموضع، معنا سؤال الأخ أبو إبراهيم في قوله في سورة الشعراء
أبو إبراهيم سأل سؤالاً دقيقاً في سورة الشعراء يقول: إن الله — قد ذكر قصص الأنبياء فكل الأنبياء يقولون: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ [ الشعراء:127]، إلا اثنان: موسى وإبراهيم، فيقول ما هي العلة يا ترى؟
د.عمر: لا يظهر لي جواب الآن.
د.عبد الرحمن: إن أذنت لي أذكر الجواب يا دكتور عمر أنني سبق أن بحثت هذه المسألة فوجدت أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان يخاطب أباه في أثناء الحديث.
د.عمر: فليس هناك علاقة مالية مثلاً.
د.عبد الرحمن: نعم فهو يستحيي أن يقول هذا لأبيه يقول: لا أسألك عليه من أجر فهو صاحب فضل عليه، وموسى -عليه الصلاة والسلام- تربى في بيت فرعون.
د.عمر: ما شاء الله
د.عبد الرحمن: فكان من كمال أدب موسى -عليه الصلاة والسلام- ألا يبدأ فرعون بهذا يقول: أنا لا أسألك عليه من أجر.
د.عمر: يعني كأنه لا يكون كافراً للنعمة.
د.عبد الرحمن: نعم، ناكراً للجميل وإنما كان من أدبه -عليه الصلاة والسلام- مع كفر فرعون ومع عتوه، فلم ترد هذه مع موسى ومع إبراهيم ووردت مع بقية الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-.
د.عمر: جزاك الله خيراً.
د.عبد الرحمن: سأل سؤالاً آخر، الفرق بين مُشْتَبِهًا و مُتَشَابِهٍ .
د.عمر: ما عندي والله جواب أيضاً دقيق ولا أذكر جواباً واضحاً في هذا.
د.عبد الرحمن: لا بأس، طيب سأل سؤالاً الأخ عبد العزيز وقال في قوله تعالى: وَٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشرِكُواْ بِهِۦ شَيئًا وَبِٱلوَٰلِدَينِ إِحسَٰنا وَبِذِي ٱلقُربَىٰ وَٱليَتَٰمَىٰ [النساء:36]، في سورة النساء قال الله : وَبِذِي ٱلقُربَىٰ
د.عمر:ندخل الآن إذا كان الوقت يسمح.
د.عبد الرحمن: بقي معنا أربع دقائق.
د.عمر: إذاً نقدم بمقدمة توضح هذا الجواب لتكون مفيدة فيما يتعلق بسورة النساء
جزء من الحديث في الجزء الرابع ربع جزء تقريباً في حديثنا هذا اليوم متعلق بسورة النساء، سورة النساء لمن تأملها وجد أنها من أولها إلى آخرها تدور حول الحديث عن حقوق الضعفة وذم من أكل أموال الضعفة حتى ذم اليهود الغريب إذا تأملت تجد: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا [النساء:161]، الربا فيه ظلم للفقراء وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ [النساء:161]، ظلم.
تحدثت السورة من أولها عن حقوق اليتامى وجاء التحذير الشديد الذي لا يشبهه تحذير في القرآن في حق اليتامى مثل ما ورد في سورة النساء كما قال : إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموَٰلَ ٱليَتَٰمَىٰ ظُلمًا إِنَّمَا يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِم نَارا وَسَيَصلَونَ سَعِيرا [النساء: 10]، ثم جاء الحديث عن الفرائض التي تولى الله — قسمتها بنفسه لأجل ألا يتسلط أحد على حق مسكينٍ قاصرٍ ضعيف يعني ربما يموت أب وله صغار قُصر فقد يأتي أحد وربما يفكر في التسلط!
لا، القرآن حمى حتى حقوق هؤلاء الضعفة, حقوق هؤلاء الصغار حقوق الإنسان الصغير من الذكور والإناث، وحذرهم من أن يأكلوا في قوله: وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ نعم في الآيات التي سبقت: تِلكَ حُدُودُ ٱللَّهِ [ النساء: 13 ]، وَمَن يَعصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ [النساء:14] ، ثم جاء الحديث بعد ذلك على حقوق المستضعفين في بلاد الكفر من المسلمين الذين لا يستطيعون الهجرة ولذلك سأل الأخ: وَمَا لَكُم لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلمُستَضعَفِينَ [النساء:75] انظر الكلام على المستضعفين وجاء أيضاً الاستثناء من الوعيد على الذين لا يهاجرون من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام لم يستثن الله إلا المستضعفين: إِلَّا ٱلمُستَضعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ وَٱلوِلدَٰنِ لَا يَستَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهتَدُونَ سَبِيلا [النساء: 98].
د.عبد الرحمن: الحديث الحقيقة ذو شجون في سورة النساء يا أبا عبد الله لكن الوقت أدركنا، لعلنا بإذن الله تعالى نعد الإخوة المشاهدين في الحلقة القادمة بإذن الله يوم غد أن نجيب على أسئلة الإخوة الذين لم نجب على أسئلتهم وأن نركز الحديث عن سورة النساء بإذن الله تعالى باعتبار أن الجزء الخامس غداً كله في سورة النساء.
د.عمر: لعلي أقول للأخ يمكن اتضح له السؤال سبب التركيز على وَبِذِي ٱلقُربَىٰ فالله تعالى أعلم أنه تأكيد لحقوق الضعفاء وحقوق القرابة.
د.عبد الرحمن: أي نعم، شكر الله لكم، ونشكر أيها الإخوة المشاهدين باسمكم جميعاً وباسمي أخي العزيز الدكتور/ عمر بن عبد الله المقبل الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بجامعة القصيم على ما تفضل به من الإجابة والإفاضة في الحديث عن الجزء الرابع من أجزاء القرآن الكريم، حتى ألقاكم غداً بإذن الله تعالى. أستودعكم الله، ولا تنسونا من صالح دعائكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د.عمر: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
أذيعت يوم الخميس بتاريخ4/9/1429 هـ
—————-
http://www.youtube.com/watch?v=UYbRVq-qHNs