برنامج التفسير المباشر

برنامج التفسير المباشر 1433هـ – سورة النازعات

اسلاميات

الحلقة 173

ضيف البرنامج في حلقته رقم (173) يوم الأربعاء 20 رمضان 1433هـ هو فضيلة الشيخ عصام بن صالح العويد، عضو هيئة التدريس بقسم السنة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

وموضوع الحلقة هو :

علوم سورة النازعات

*****************************

د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حيّاكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان في برنامجكم اليومي التفسير المباشر. اليوم سوف يكون حديثنا بإذن الله تعالى مع ضيفنا عن سورة النازعات وباسمكم جميعاً أرحب بضيفي فضيلة الشيخ عصام بن صالح العويد، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم فحياكم الله يا دكتور عصام.

د. عصام: حياكم الله

د. الشهري: وأهلاً وسهلاً بك. كنا أمس في سورة النبأ واليوم في سورة النازعات، فماذا نقول عن سورة النازعات من حيث الاسم أولاً؟

د. عصام: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. التقارب بين سورة عمّ وسورة النازعات ظاهر جداً من جهة الموضوع ومن جهة التنزّل أيضاً فهما تنزلا في وقت متقارب من بعض، بل أهل العلم يحكون أن النازعات نزلت مباشرة بعد عمّ فبينهما ترابط من جهة المعنى ظاهر ولذلك كان فيما يتعلق باسمها ودلالة الاسم على مقصودها كانت متقاربة جداً من سورة النبأ. أولاً فيما أريد أن أبين هما في محلها من كتاب الله عز وجل -وهذا عادة نستخدمها في كل سورة القرآن- فالنازعات نزلت في المُحكم من كتاب الله عز وجل في المفصّل وهذا المُحكم له خصيصة وهو أفضل أحزاب القرآن وأيضاً موضوعها فيما يتعلق بالموت والبعث فهذا أيضاً مزيد خصيصة وفضيلة لها. ولما نتحدث عن سورة النازعات نتحدث عن قسم من القرآن هو من أعظم أقسامه وما يحتاج إليه القلب من حاجة عظيمة جداً لا ينبغي لعبد مطلقاً أن يغيب عن معانيها وعن تطريب قلبه ومعالجة نفسه وأخلاقه وقناعته بأحكام ربه جلّ وعلا عليه في الدنيا والآخرة بمثل هذه الآيات العظيمات من سورة النازعات. سورة النازعات لها اسم معروف جداً عند أهل العلم (النازعات) وفي كتب السنة تسمى (والنازعات) بإضافة واو القسم وبعض أهل العلم يسميها بـ(الساهرة) لوجود لفظ الساهرة فيها ولكن الاسم الأشهر والذي عرف عند الصحابة هو أنها تسمى بالنازعات أو والنازعات.

د. الشهري: إذن هي سورة مكية متقدمة النزول كما قلنا في سورة النبأ

د. عصام: متقدمة النزول هي من أوائل ما نزل حتى في المكي هي من أوائل ما نزل من المكي

د. الشهري: موضوع سورة النازعات؟

د. عصام: هو من اسمها ظاهر ومن ختامها، السورة تتحدث عن الموت وما بعد الموت. ولذلك سبحان الله من أراد أن يعرف الموت حقاً فعليه أن يتأمل ويتدبر في آيات هذه السورة لأنها حكت حال الموت في بداية انتقال هذا العبد من دنيا عاشها إلى حياة أخرى سيعيشها

د. الشهري: إذن هي الموت وما بعده. هل يمكن تقسيم السورة إلى أقسام أو مقاطع؟

د. عصام: السورة تستطيع أن تقول أنها تدور على أربعة محاور: المحور الأول الكلام عن الموت وما بعده، والمحور الثاني جاء فيه القصة التي هي عبرة وذكرى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فيما ذكّر به الله عزو من أخبار من قبلهم من الأمم ثم جاء الكلام عن قدرة الرب جلّ وعلا على هذا الموت وما يجري بعده من البعث ثم جاءت ختامها في تذكير العبد بحاله هو إذا استعد للموت ما الذي سيكون نتيجته (فَأَمَّا مَنْ طَغَى ﴿٣٧﴾ وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿٣٨﴾) من آثر هذه الحياة الدنيا هذا هو الذي طغى ومن يخاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴿٤٠﴾ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴿٤١﴾).

د. الشهري: دعنا نأخذها من أولها في قوله (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا) ما المقصود بالنازعات؟

د. عصام: بالنسبة لمعنى النازعات من جهة اللغة فهذا معنى ظاهر فالنزع لا يكون إلا في حال إخراج شيء من مكان ويكون هذا الإخراج شديداً فيه نزع فيه قوة، فإذا كان سهلاً يسيراً لا يسمة بلغة العرب نزعاً. فإذا أراد العربي أن ينزع دلواً من بئر وهذا البئر عميق يسمة نزعاً أما لو أخذه من الأرض لا يسمى نزعاً. فالنزع لا بد أن يكون فيه قوة وأخذ بشدة قال الله عز وجل (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا) هناك شيء يصفه الرب سبحانه وتعالى بأنه ينزع قال النازعات فدل على أن هذا النزع يقع من جهة بقدرتها وقوتها أن تنزع، صفة هذا النزع أنه غرقا أي أن هذا النزع مع أنه لا يكون إلا بشدة ولكنه نزع خاص أي من محل بعيد جداً. فغرقاً هي من الغرق فلا يكون الشيء موصوفاً بذلك ولا يُذكر في لغة العرب بهذا الاسم (الغرق) إلا إذا كان بعيدا ونزع، ولذلك يقال عن الغريق أنه غرق ونحو ذلك. نُزِع من محل بعيد بشدة فاجتمع فيه الوصفان أن النزع كان بشدة والأمر الآخر أنه كان من محل بعيد فيما يحسبه الظانّ لكنه مع ذلك نزعته هذه النازعات. فجاء لفظ النازعات وهذا الوصف (غَرْقًا) لبيان شدة حال هذا النزع الذي أوقعه الله عز وجل وأقسم على عظمته بهذه الواو (وَالنَّازِعَاتِ). والمنزوع هنا قد اختُلف فيه هل هي أرواح بني آدم أو أنه السهم؟ وكل ذلك وارد ومعناه لو تأمله الإنسان يصح أن يكون النازع هم الملائكة والنازع هي الخيل والنازع أيضاً هو الرامي بالسهم كل هذه يصح أن توصف بالنزع وأنها نازعة. والمنزوع يمكن أن يكون المراد به أرواح بني آدم ويمكن أن يكون السهم الذي يُنزع ليُرمى به ويمكن أن يكون كذلك الخيل تنزع بمن ركبها فارسها تنزعه بركضها، هذه كلها معاني صحيحة ولكن الأقرب والعلم عند الله أن الكلام هنا يتعلق بنزع الملائكة لأرواح بني آدم لأن الحديث عن الموت ظاهر في كل السورة

د. الشهري: ثم أيضاً المُقسِم به الآخر في قوله (وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ﴿٢﴾ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ﴿٣﴾)

د. عصام: ممكن أن تكون الناشطات والسابحات ممكن أن تكون الملائكة وممكن أن تكون النجوم وممكن أن تكون الخيل وممكن أن تكون السهام كلها يصح فيها لو أردنا التأويل فيما يتعلق بسياق مطلع السورة فقط أما لو أخذنا السياق بكامله للسورة فكما ذكرت الأقرب أن المقصود بها نزع الملائكة لأرواح بني آدم ويناسب ذلك أن الصفة هنا أخص بهذه الحال بشكل ظاهر بمعنى أن (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا) هناك نزع شديد والمقصود به هنا نزع أرواح الكافرين هؤلاء الكفار حينما تُنزع أرواحهم كما جاء في حديث البراء ودلائل ذلك كثير في السُنة أن أرواح الكافرين حينما تهمّ الملائكة بأخذها أنها تنزع إلى أطراف الجسد تنتشر تذهب في أطراف أصابع الأيدي وأطراف أصابع الأرجل خوفاً من ملائكة العذاب فإذا أرادت الملائكة أن تقبض أرواحهم نزعتها نزعاً شديداً فقال الله عز وجل (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا) فيناسب هذه الحال. ثم قال (وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا) المقابل لذلك هي أرواح المؤمنين لأن أرواح المؤمنين لما ترى نعيم الله عز وجل حال تنزّل ملك الموت عليها ترى النعيم فتريد أن تخرج إلى هذا النعيم أن تبادر إليه أن لا تنتظر ولو لحظة يسيرة طمعاً أن تنتقل من سجن الدنيا إلى سعة ونعيم الآخرة قال تعالى (وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا) والنشط معروف. النشط هو فكّ العقال من أجل أن ينطلق الذي عُقِل فروح المؤمن كأنها عقلت في جسدها فلما جاءت ملائكة الموت لتقبضها كأنها فكت العقال مجرد أن فكّت عقال هذا الجسد الذي حبس هذه الروح انطلقت الروح بنفسها بادرت إلى نعيم ربها ولذلك من المعلوم أن العرب تقول عن البعير إذا فكّ عقاله نشط من عقاله وتقول أيضاً عن الإنسان بنفسه “كأنه نشط من عقال” فالمقصود هذا التقابل مناسب جداً في هذا الموضع، تلك تغرق خوفاً وفزعاً مما رأت وتلك تتطلع وتنشط لتخرج طمعاً فيما عند الله

د. الشهري: وقدّم هنا نزع أرواح الكافرين ربما تهديدا

د. عصام: ربما تهديداً وهذا ذكرته البارحة وأريد أن أؤكد هذا المعنى يا أحبابي كثير من الناس يقول النار النار! والله ما عالج القرآن هذه القلوب أكثر ما عاجها بالنار وبالوعيد وبالتهديد أكثر من الجنة والوعد. ابن آدم يحتاج إلى هذا! نحن في السعودية جلسنا عشرين سنة ونحن نقول للناس احترموا المرور وإشارات المرور وخفض السرعة ما أحد نظر إلينا والكل يفعل ما يشاء والسرعة في الشوارع 160 و180 ولما قيل “ساهر” ثلاثمئة ريال ثم عقوبة إذا تكررت سجن ثلاثة أيام ثم سحب السيارة الكل تأدّب، طبيعة بني آدم هكذا ولذلك ربك جلّ وعلا هو الذي خلق الإنسان وهو أعلم به (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) الملك) فيحتاج ابن آدم مثل هذا

د. الشهري: نكمل هذه المقسَمات

د. عصام: (وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا) الواو عاطفة على ما تقدم والسابحات هي الملائكة هنا سبحت بهذه الأرواح إلى بارئها جلّ وعلا فالله سبحانه وتعالى أمر الملائكة بنزع أرواح المؤمنين ثم هي تصعد بها في السماء إما يفتح لها أو لا يفتح فأرواح المؤمنين سيفتح لها ترتقي حتى ترى ما الذي لها عند ربها أما أرواح الكافرين فإنها سترمى رمياً حاله شديد وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء وإن كان في إسناده  شيء ولكن أهل العلم يذكرونه في كل كتبهم وصف حال الروح وما يحصل عليها من العذاب والإهانة ولذلك نقول للأحية في هذا الموطن لا بد العبد أن يتذكر لا بد أن يتذكر جيداً في هذا الموطن روحك ستذهب أنت مسلم أنت كافر أياً كان ليس هناك أحد في الدنيا استطاع أن يمنع الموت مطلقاً هذه حقيقة يسلّم بها كل أحد فإذا كان الموت واقع ولا بد فعندئذ تأمل فيما بعد الموت أين تكون روحك وهل تريد أن تنشط وترتقي وترتفع إلى السموات وعند الرب تنادى بأحسن الأسماء أم أنها يغلق دونها الأبواب وتنادى باقبح الأسماء إليها ثم ترمى في دركات العذاب

د. الشهري: ونحن نتحدث عن الملائكة ونتحدث عما بعد الموت وهذا حديث من حديث الغيب أنت الآن تتحدث بثقة تامة لأنك تقرأ القرآن وأيضاً الأحاديث الصحيحة علماً أن ما يسمونه ما وراء الغيب شيء الناس كثير من الكفار من غير المسلمين في شك من هذا في شك من الآخرة في شك مما بعد الموت في شك من العذاب والنعيم، نحن ولله الحمد نتعامل مع هذه كحقائق مسلمة ولا نشك فيها أبداً وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى

د. عصام: نعمة عظيمة من الله عز وجل أن يكشف لك هذه القضايا في أهم ما يكون للإنسان هذه نعمة ورحمة أن يتذكر الإنسان وأن يعرف الخبر من العظيم سبحانه وتعالى بنفسه جلّ وعلا

د. الشهري: نواصل (فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا)

د. عصام: تغير العطف كان العطف بالواو ثم أصبح العطف بالفاء

د. الشهري: هل هناك حكمة في هذا؟

د. عصام: هناك حكمة ظاهرة ولا بد لا يمكن أن يقول الإنسان أن تغير العطف هنا ليس له معنى، بالواو ثم الفاء هما هما ثم يقول هذا من المبالغة والتعنت والتكلف أعوذ بالله! لا يجوز هذا، لما غاير الله عز وجل بين الواو والفاء كان لا بد من علة لهذا التغير علم ذلك من علمه وجهل ذلك من جهله وأقرب الأقوال هو ما ذكره ابن القيم رحمه الله ونصره جماعة من أهل البلاغة في هذا الشأن أن تغير العطف هنا بحسب اختلاف المعطوف عليه فإذا كان العطف نوع على نوع الجنس واحد هنا وهم الملائكة لكن النوع إن كان مختلفاً فإن العطف يأتي بالواو فإن كان الاختلاف بالحال لا بالنوع جاء العطف بالفاء وهذا أقرب وهو الذي يدل عليه الفرق بين الواو والفاء فيما يتعلق بدلالتها في حال العطف. فالعطف في (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ﴿١﴾) ثم (وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ﴿٢﴾) ثم (وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ﴿٣﴾) أنواع الملائكة مختلفة هنا فالنازعات ليست هي الناشطات والناشطات ليس هي السابحات هذه ملائكة لها أنواع. أما بالنسبة بعد (وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا) قال (فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا) هنا اختلاف في الحال فمن السابحات ما يسبق فهي كلها سابحة ولكن منها ما يسبق فجاءت الفاء للدلالة على اختلاف الحال لا على اختلاف النوع.

د. الشهري: توجيه لطيف جداً (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا) إشارة إلى الملائكة أيضاً

د. عصام: إشارة إلى ما سبقت بها اختلف الحال هنا فدبّرتها فهذه كانت في نعيم الله عز وجل دبرتها ما أمر الله بها من إنعامها وإكرامها وتلك دبرت لها ما أمر الله عز وجل بها من إهانتها وعذابها

د. الشهري: هذا هو القسم والمقسم به، أين جواب القسم؟

د. عصام: جواب القسم هنا مقدر وعادة القرآن في المقدرات وهذا من بلاغة القرآن أنه ما كان ظاهراً لا يحتاج إلى ذكر وهذا كثير في كتاب الله. فالتقدير هنا (لتبعثنّ) يعني إذا حصل هذا الموت كان القسم لتبعثنّ أي والله لتبعثنّ، والنازعات لتبعثنّ فإذا كان هذا الجواب ظاهراً حذف وجاء ما بعده مباشرة.

د. الشهري: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ﴿٦﴾ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ﴿٧﴾)

د. عصام: لتبعثنّ فإذا بعثتم سترون يوم ترجف الراجفة وتتبعها الرادفة. الراجفة هي النفخة الأولى نفخة الصعق التي ترجف بها الأرض وجاء ذكرها في عدد من سور القرآن العظيم وأيضاً جاءت دلائلها في كلام السلف كثيراً في وصف تفاصيلها ولكن هنا دلالة سورة النازعات عليها (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) ترجف يعني حصل الاهتزاز والرجف هو الاهتزاز الشديد ثم قال (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) اسمها الرادفة ولا يسمي الشيء ببعض أوصافه إلا إذا كان غالباً عليه أما إذا لم يكن غالباً عليه فلا يسمى به فقول الله عز وجل (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ﴿٦﴾) عُلِم أن هذه الراجفة هي رجفة شديدة جداً قد غلبت على هذه القيامة فغلب عليها الرجف والشدة وتغير الأحوال والتقلب فسميت بالراجفة. لذا نقول للناس هنا في هذا الموطن: إذا اهتز بك مركب من مراكب هذه الدنيا بسيارة أو طيارة أو أرض وخفت وخشيت فتذكر مباشرة تلك الراجفة التي الله عز وجل وصفها وعظّم من حالها فيتذكر (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) حصل الاهتزاز العظيم في يوم الصعق ثم بعد ذلك الرادفة نفخة البعث التي تتبعها، الرادفة رديفة لها ولذلك هذا دليل على أن هذه تردف ليس بينهما شيء فهذه رديفة لتلك

د. الشهري: ثم بدأ الآن بذكر أنواع الناس حيال هذه القيامة (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ﴿٨﴾ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ﴿٩﴾)

د. عصام: هذا حال الناس كلهم، الناس بالنسبة ليوم القيامة أول ما تقوم الساعة من شاهدها وحضرها لا بد أن يكون هذا حاله (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ) الوجف هو الخوف مع الترقب الفرق بينهما الوجف يكون فيه خوف لكن معه ترقب ليس خوفاً مجرداً، وجفت خافت وبدأت تترقب (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ) وهنا الوصف للقلوب لأن هذا الدين هو دين قلب والتذكر سيكون بالقلب فلا تبعد قلبك فتضيع لن تتذكر بلا قلب. (أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ) وأضاف الأبصار إلى القلوب لأن ما جرى للأبصار من كونها الآن حدقات هالها الأمر فيما حصل في يوم القيامة إنما حصل بسبب الوجف الذي حصل في القلوب ولذلك في الدنيا نفس القضية من وجف قلبه دمعت عينه مباشرة وانكسرت عن المعصية فرحت بالطاعة وهكذا فكل ما يحصل في العبد هو أثر لقلبه

د. الشهري: ثم يقول (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ) كأنه يشير هنا إلى المكذبين.

د. عصام: هنا انتهى الخبر من حال القيامة وما يجري فيها فذكر الله جارحيتن جارحة القلب والبصر

د. الشهري: انتهى المقطع الأول ربما؟

د. عصام: نعم انتهى المقطع الأول فيما يتعلق بذكر الموت وما بعده ثم انتقل الكلام لأهل الكفر الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم في حضرتهم في مكة يذكرون التكذيب لهذه الحال التي يذكرها لهم النبي صلى الله عليه وسلم فجاء الخبر عن حالهم هنا (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ﴿٨﴾ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ﴿٩﴾ يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ ﴿١٠﴾) مردودون يعني نُرجع مرة أخرى للحافرة. والحافرة هي ما يكون عليه المرء في سابق حاله ولذلك العرب تسمي لما يمشي الإنسان في مسير تقول هذه حافرة فلان بمعنى هذا الذي حفره وسار عليه الأثر الذي أحدثه في الأرض يسمونه حافرة فهو يرجع الآن إلى حافرته (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ) نُرجع مرة ثانية في الحافرة أي لأعمالنا التي كنا فيها سابقاً (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ) فكان الجواب من الله عز وجل (فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ﴿١٣﴾ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ﴿١٤﴾) فجاء الجواب مباشرة أن الأمر أيسر من هذا بكثير (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ) تنكرونه (فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ) نفخة واحدة فقط وسماها الله عز وجل هنا زجرة لأن السورة سورة زجر، سورة زجر ولذلك تأتي هذه الألفاظ هنا في هذه السورة تنبيهاً على هذا المقصد العظيم من آياتها وسياقها فإن فيها زجر إذا ما انزجرتم بهذه الآيات في الدنيا ستنزجرون بهذه النفخة في الآخرة فاختاروا! الأمن هنا أو الأمن هناك؟ من أمِنَ هنا من عذاب الله وقع عليه في الآخرة ومن خاف الله هنا واتقاه كما جاء في آخر السورة فإنه عندئذ سيأمن بإذن الله حينما يحصل الفزع في الناس

د. الشهري: رائع جداً! (قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ) كرة يقصد

د. عصام: قبل ذلك (فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ) الساهرة المقصود بها الأرض المسهرة العرب كانت تسمي الأرض الفلاة المبسوطة التي ليس فيها جبال ولا شجر ولا أودية تسميها ساهرة لا تحبها العرب العرب تحب المسير في الأرض التي يكون فيها نتوء ومخابئ حتى يختبئون بها فإذا لم تكن الأرض كذلك أسموها ساهرة لأنه يضطر أن يسير فيها ليلاً ونهاراً لعدم وجود ما يحميه فيسهر فيها فيسميها ساهرة فالله عز وجل لأجل أن أرض القيامة هي أرض مبسطة ليس فيها نتوء هي ظاهرة واضحة كما أخبر الله عز وجل في آيات كثر من كتابه العظيم سماها الله بالاسم الذي يعرفونه هم (فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ) وأيضاً يوم القيامة لا نوم فكان المناسب هنا استخدام هذا اللفظ في وصف هذه الأرض أنهم سيسهرون فيها

د. الشهري: أستأذنك نأخذ الفاصل الأول في الحلقة. فاصل نشاهد فيه سؤال الحلقة ثم نكمل حوارنا بإذن الله تعالى

————–

فاصل: سؤال الحلقة

قوله تعالى (فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ (14)) ما هو معنى كلمة (بالساهرة)؟

1.      وجه الأرض

2.      أطراف الأرض

3.      تحت الأرض

————

د. الشهري: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون الكرام ما زال حديثنا متصلاً مع ضيفنا الدكتور عصام بن صالح العويد الأستاذ بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية عن سورة النازعات، وكنا انتهينا من المقطع الأول في هذه السورة وبدأنا الآن في قوله تعالى (هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى) لماذا قصة موسى في هذه السورة وفي هذا السياق؟

د. عصام: هذا من عجائب سياق القرآن فإن القرآن لا يورد قصة في موطن إلا وتكون مناسبة لهذا السياق الذي وردت فيه. ولذلك لما تكررت قصة موسى وقصة ابراهيم وغيرها من القصص لا بد من إدراك ذلك وإلا تغيب عن عقولنا عظمة القرآن فلو أن الله عز وجل أورد قصة موسى هنا ولم ندري لم أوردت فعندئذ يحدث شيء من التفكك عدم اتصال السياق ببعضه وهذا لا ينبغي فالله عز وجل وصف القرآن فقال (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ (1) هود) وهذا ليس من الإحكام لو ظننا أن هذه القصة ليس لها علاقة بما تقدمها، الكفار كذّبوا بالبعث فأراد الله أن يذكّرهم بأمة سابقة كذبت أيضاً نبيهم موسى عليه السلام ما الذي جرى لهم وهذا ظاهر في آخر القصة لما قال الله جل وعلا (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) النكال في لغة العرب لا يُطلق إلا إذا كان العذاب فيه ردعٌ للغير إذا كان العذاب فيه ردعٌ للغير فيقال نكال أما لو أني ضربت فلاناً أو عذّبته وليس في هذا العذاب ردع وزجر للغير عن أن يفعلوا فعله هذا يسمى تعذيباً أو ضرباً لا يسمى نكال. إنما النكال هو ما يجعل الغير ينكُل عن هذا الفعل بنفسه فإذا نكل الآخرون عن فعل من عُذِّب بسبب فعله فعندئذ يسمى نكالاً. قال الله (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) أي عذاباً فيه عبرة لكم أنتم بسبب هذا العذاب كان الواجب عليكم أن تنكلوا عن الوقوع في نفس فعلهم وتكذيبهم. فهذه القصة جاءت من أجل هذا تذكير لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ألا تفعلوا فعل أمة موسى.

د. الشهري: وهو سياق مناسب جداً. أستأذنك في اتصال معنا الأخ عادل من العراق

الأخ عادل من العراق: السؤال الأول في سورة النازعات (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴿٢٧﴾ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ﴿٢٨﴾ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ﴿٢٩﴾ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴿٣٠﴾) هنا السياق السماء الأولى ومن ثم الأرض أتت بعد السماء ولكن في السياق الأرض كانت مخلوقة قبل السماء فأيهما خُلِقَ أولاً السماء أم الأرض؟

السؤال الثاني في سورة الجن قال الله تعالى (لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا (16)) كأن فيها غصة وفي موضع آخر قال الله تعالى (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) الإنسان) سقاهم كلمة ببساطة فلماذا هنا لأسقيناهم جاءت بغصة وهناك وسقاهم ربهم ما أتت الكلمة صعبة بالنطق؟ وهل يجوز النظر في مثل هذه الأشياء في القرآن؟

د. عصام: هذا ليس بعجيب من أهل العراق، أهل العراق أهل فهم وأهل إدراك وعقولهم ما شاء الله منهم يأتي مثل هذا العلم اللطيف

د. الشهري: والأخ عادل متخصص يبدو أنه باحث متخصص يبحث في البلاغة القرآنية. نعود في قصة موسى

د. عصام: (هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ﴿١٥﴾ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٦﴾) طوى الوادي المقدس الموجود الآن في شبه جزيرة سيناء الذي هو قريب من شرم الشيخ الآن لا يبعد عن شرم الشيخ كثيراً والجبل ما زال موجوداً جبل الطور ومعروف مكانه (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴿١٧﴾ فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ﴿١٨﴾) مهمة الأنبياء أن يزكوا الناس وهي مهمة الدعاة أن نزكي ليس مهمتنا أن نهدي وإنما نزكي وأن ندعوا إلى تزكية النفوس (وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ﴿١٩﴾) (وأهديك إلى ربك) نحن لا نهدي الناس من أجل نفوسنا ينبغي أن يكون الداعية واضحاً في هذا الأمر مع نفسه هو أنه لا يعيش ليربط الناس به وإنما يكون من أجل ربه جلّ وعلا. (فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى ﴿٢٠﴾ فَكَذَّبَ وَعَصَى ﴿٢١﴾) وهي الآيات الكثيرة هي مجموعة وأراه الآيات الكبرى فيما يتعلق بالعصا وتحويله إلى حية وما جرى واليد وكل هذه آيات كبرى أراها الله عز وجل لفرعون (فَكَذَّبَ وَعَصَى ﴿٢١﴾ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى ﴿٢٢﴾ فَحَشَرَ فَنَادَى ﴿٢٣﴾ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴿٢٤﴾) هذه كلها جاءت متتابعة الفاء لما جاءت هنا لأنه مباشرة كذب ومباشرة عصى ومباشرة حشر ونادى استعجل ولم يتلبث لأجل أن يحافظ على ملكه وجاهه الذي كان له بين الناس (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴿٢٤) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى ﴿٢٥﴾) (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) فأجرى الله الماء من فوقه، سبحان الله! قوبل فرعون بضد ما كان يزعم قال الأنهار تجري من تحتي فأجراها الله من فوقه. (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى) الأولى هي هذه الحياة الدنيا وما جرى له من الإغراق وما جعل الله عز وجل من أحواله عبرة للناس لمن بعده والآخرة هذه علمها عند ربي

د. الشهري: وأذكر بعض المفسرين ذكروا أن الآخرة والأولى يعني كلمته الأولى وكلمته الآخرة لأن كذّب تكذيباً وقال أنا ربكم الأعلى فذكر أيضاً هذا القول

د. عصام: هذا لا بأس فيه، من ضمن المعنى. الأصل فيه هو الذي جاء عن جمهور السلف في هذا المعنى (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى) العذاب الذي سيكون في الدنيا له وهذا هو الأصل في استخدام الأولى والآخرة في كتاب الله ما يسمى بلغة القرآن ولا بأس أن يشمل هذا المعنى أيضاً كلها تكون داخلة في دلالة هذين اللفظين. قال بعد ذلك جلّ وعلا (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى) هذا هو المقصود لما أخذه النكال المقصود العبرة والعبرة ليست خاصة بالكفار وإنما نحن يجب أن نعتبر بقدر ما عندنا من إعراضنا عن الإيمان بخبر ربنا وخبر رسولنا صلى الله عليه وسلم فالعبرة في مثل هذه الآيات لا ينبغي أن تخص بقوم معينين نزلت هذه الآيات بكلها فيهم إنما يكون لنا نحن نصيباً منها بقدر ما عندنا من التقصير في حق ربنا. (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى ﴿٢٥﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴿٢٦﴾ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴿٢٧﴾) انتهى الآن المحور الثاني من السورة وبدأ المحور الثالث (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا) لما أنكرتم البعث ولم تصدقوا بالموت وما بعده جاء الكلام على صيغة الاستفهام (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا) أنكروا البعث لمَ؟ استبعاداً للقدرة على إحيائهم مرة أخرى، قالوا بعد أن حصل فيهم ما حصل ورمّتم عظامهم يعيدهم مرة أخرى؟! استنكروا ذلك في سورة كثيرة في القرآن في سورة يس وغيرها فأراد الله أن يُدلل على ذلك فيما هو أظهر وأوضح فقال أأنتم إعادة خلقكم أشد أم السماء بناها؟ أنتم تعلمون أن السماء أشد منكم وأن السماء فيها من عظمة الخلق وقوة السبك ما ليست فيكم فالذي خلق السماء أيعجز عن خلقكم مرة أخرى؟! (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا)

د. الشهري: ولعلك تجيب على سؤال الأخ عادل في قضية أيهما خلق أولاً السماء أم الأرض؟

د. عصام: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء) من الحسن أن يوقف هنا (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء) ثم يعود فيقول (أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴿٢٧﴾ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ﴿٢٨﴾) حتى يعود الضمير إلى مذكور ويرتبط السمع بما يعود إليه هذا الضمير في الآية. (رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا) هذا وصف لها، هذه السماء في عظمتها عظيمة ولذا جاء في الحديث أن كتف كل سماء خمسمئة سنة ولا ندري خمسمئة سنة بأي شيء هل هو بجري الخيل أو بمشي الأقدام لا نعلم لكن الذي نعلمه أنها كيف كانت فهي عظيمة وهذا هو المقصود لابن آدم أما مقدار هذه العظمة فلا يعنيك في هذا الأمر وما أبانه الرسول صلى الله عليه وسلم كافٍ في أخذ العبرة من العلم بهذا الخلق. ثم قال سبحانه وتعالى (وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ﴿٢٩﴾) أغطش ليلها أظلمه ظلمة شديدة، (وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا) أخرج النور مع هذا الضحى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا). خلق السموات والأرض تم على مراحل ثلاث أما الأولى فكان خلق السموات بنفسها ثم خلقت الأرض ثم دحى الله عز وجل الأرض (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) خلق الله عز وجل الأرض بدءاً ثم خلق السماء

د. الشهري: في قوله سبحانه وتعالى (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ (9) فصلت) فهل يمكن الربط بين الآيتين لتوضح المعنى

د. عصام: الإشكال هنا في قوله (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) فخلق الأرض كان بدءاً ثم خلق السماء بعد ذلك ثم دحي الأرض حصل بعد خلق السماء فجاء الكلام هنا (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) والمقصود بالدحي هو أن الله عز وجل جعل فيها رزقها وجعل فيها ماءها وهواءها وما يحتاج إليه من خلقهم الله عز وجل عليها، فهذا هو الدحي، الدحي أنه جعل فيها قوامها وما يحتاج إليه من خلقهم فيها.

د. الشهري: ويكون دحو الأرض ما جاء بعدها يفصلها دحاها يعني (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا)

د. عصام: هذا تفسير لمعنى الدحو. (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴿٣١﴾ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ﴿٣٢﴾ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴿٣٣﴾) متاعاً هذه تعليلية خلق هذه كلها متاعاً لكم ولأنعامكم وما خلقه الله للأنعام إنما هو خلقه لأجلنا نحن فإنما هو كله نعمة من الله سبحانه وتعالى على بني آدم. هذا هو المحور الثالث في السورة تذكير بالخلق العظيم الدالّ على أن خلق وبعثة ابن آدم أهون على الله عز وجل من خلق هذه الأمور العظام.

بدأ ختام السورة وذيلها وعادة ما تكون السورة أعظم ما تكون السورة في مطلعها وفي ختامها وعادة ما يكون الختام هو تفصيل وإيضاح لما قد يحتاج إليه

اتصال من الأخت أم محمد من ليبيا: يكثر الجدل أن الأرض ثابتة أو تدور أحياناً المعلومات العلمية وأحياناً الشيخ عبد العزيز بن باز قال أن الأرض ثابتة لا تدور حول نفسها، هل هناك دليل لأننا نحن أحياناً نتعرض لبعض النقاشات من المتعلمين فهل هناك دليل يستند أن الأرض ثابتة من القرآن أو السنة أو من أقوال التابعين أو المجتهدين؟

د. الشهري: نعود إلى ختام السورة ذكرت أن الختام يبدأ من قوله سبحانه وتعالى (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى)

د. عصام: وهذا هو الأمر الذي ينبغي أن يقف عليه المؤمن كثيراً (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى) كل ما سبق من أجل تذكر هذا اليوم العظيم، الله ينبه هنا جلّ وعلا (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى) وكلمة الطامة واضحة حتى من مجرد نطقها لما الأخ عادل قال (لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) ولم هنا قال (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا) لا بد أن نعرف أن هناك فرق بين صوت الكلمات هذه في اللغة عموماً ليس في القرآن وحده وهي في القرآن أظهر أن الكلمة إذا تغير نبرة صوتها لا بد أن يكون هناك تغير مناسب في دلالتها في المعنى الذي تدل عليه مثل (لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا (16) الجن) ليس الأمر أنه هنيئاً مرئياً في كل أحواله، هذا في الدنيا، لأسقيناهم أي في الدنيا ماء غدقاً كثيراً ومنصبّاً فيكون فيه ما فيه من المنغصات أما الثاني ليس فيه من المنغِّص شيء فجاءت الهمزة هنا لهذه النبرة للدلالة على ما قد يكون فيه حتى مع كونه ماء ومع كونه شراباً لهم في الدنيا لكن فيه ما فيه النغص والتكدّر. هنا نفس القضية جاءت لفظة الطامة على هذا النحو لما تريد أن تنطق لفظة الطامة تجمع فمك

د. الشهري: مد لازم مثقّل

د. عصام: مثقل والطامة وحرف الطاء. والطامة أصلاً هي في لغة العرب ما يطمّ أي يغطي ويُنسي غيره فإذا جاءك شيء أطمّ على ما حولك بمعنى أنه لما نزل بك أنساك والديك وأنساك أهلك وأنساك زوجك وأنساك ولدك وأنساك كل شيء ولا تفكر بشيء فهذا غطى على غيره، طمّ عليك لأنه غطّى على غيره فهذا هو الطمّ والتغطية الثقيلة الشديدة فقال عز وجل عن هذا اليوم العظيم (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى) وهي ليست الطامة فقط بل الكبرى بمعنى أنه انتهى ولذلك الإنسان لا يفكر في شيء مطلقاً وهذا ما دلت عليه الآيات الأخرى فيما سبق في تفسيرها في سورة المعارج وكذلك سيأتي في سورة عبس

د. الشهري: نأخذ فاصلاً يا شيخ عصام ثم نكمل حديثنا. فاصل أيها الإخوة ثم نعود إلى مواصلة حديثنا مع الشيخ عصام العويد.

——————————–

إعلان مركز تفسير للدراسات القرآنية – ملتقى أهل التفسير

———————————–

د. الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى مع الدكتور عصام بن صالح العويد ما زلنا نتحدث عن سورة النازعات قبل أن نواصل حديثنا مع الدكتور عصام ننظر من هو الذي يحالفه الحظ في سؤال أمس من الإخوة والأخوات

الفائز في حلقة الأمس: إيمان صالح عبد الله من جدة

نعود يا دكتور عصام إلى ختام السورة ولعلنا خلال الخمس دقائق المتبقية نختم بحديثنا حول المقطع الأخير

د. عصام: قوله عز وجل (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى) وهذه قضية لا بد أن تقف عندها طويلاً! ليس الآن وقت الوقوف ولكن قف بقلبك طويلاً مع هذا كل ما عملت من صغير أو كبير (لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا (49) الكهف) يوم يتذكر الإنسان تتذكر كل شيء ولذلك أحسِن ما تتذكر إذا تذكرت ذنوباً ومعاصي كبار لا شك ستندم وإن تذكرت خيراً ستفرح فأعِدّ لنفسك ما الذي ستتذكره في ذلك اليوم العظيم. (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى) و(ما) هنا موصولة كل شيء ستتذكره. (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى) هذا أحد البروزين، هناك بروزان للنار يوم القيامة بروز للناس كلهم (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى) لكل أحد والبروز الآخر للطاغين (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن طغى) فهذا البروز الذي ذكره الله عز وجل هنا هو لكل أحد، كل أحد سيرى هذا البروز ويحصل ما يحصل. جاء عن ابن عباس أن ابراهيم الخليل يسقط على ركبتيه لما يرى نار جهنم في بروزها الأول فيقول اللهم سلِّم سلِّم اللهم لا أسألك إلا نفسي وجاء أيضاً عن ابن عباس وثبت عنه أن جبرائيل عليه السلام يسقط على ركبتيه ويقول: اللهم ربي ربي لا أسألك اليوم إلا نفسي حتى عيسى جاء عنه لا أسألك أمي التي ولدتني. فهذا من أعظم مواقف القيامة وقد جاءت سبع آيات في كتاب الله في بيان حال هذا البروز هذا الموطن لما تبرز النار للناس جاء في كتاب الله سبع آيات عظام من تأملها رجف قلبه واهتزت جوانحه وتأمل وتفكر عظيماً في تلك الساعة التي ستحصل ولا شك، ستقع يقيناً لكن ما موقفنا حينها عندما نرى تلك النار؟ كيف نستعد لها؟ هذا الذي ينبغي. قال الله بعد ذلك (فَأَمَّا مَن طَغَى) فذكر الصنف الأول تخويفاً لحال هؤلاء العباد الضعاف (فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) الطغيان لا بد أن يكون معه إيثار، لا يمكن لعبد أن يطغى إلا إن كان آثر الدنيا إلى الآخرة  وهذا سر البلاء في كل عبد أن يؤثر الدنيا على الآخرة وهذا الذي بينه الله عز وجل في أواخر سورة الأعلى فليرجع إليها وليتأمل هذه بتلك، فلا يكون طغياناً إلا مع إيثار الدنيا على الآخرة. ثم قال سبحانه وتعالى (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى) هذا هو الجزاء المأوى استقر فيه عياذاً بالله ومن دخل النار وذاق حرّها ولو لدقائق معدودة كان العذاب عظيماً فكيف إذا كانت مأوى للإنسان؟!! أسأل الله عز وجل لي ولكم السلامة من هذا كله. قال (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ) هذا هو الصنف الآخر الذي خاف مقام ربه جل وعلا خاف الوقوف بين يدي الرب جلّ وعلا لم يخف فقط الوقوف ليرى نار جهنم حينما تبرز وإنما أعظم من ذلك أن يخاف حال وقوفه أمام ربه جلّ وعلا وهذا هو أعظم المواقف على الإطلاق ولذلك نبّه الله عز وجل هنا في حال المتقين أنهم يخافون ذلك (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ) خاف مقام وقوفه بين يدي الله عز وجل (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى) الذي يتذكر وقوفه أمام الله ويتذكر وقوف النار أمامه بارزة في يوم القيامة لا بد أن يخشى ينهى النفس عن الهوى، هذا متحقق فكل من تذكر تلك المواقف العظام في يوم القيامة وربي لا يمكن أن يعصي الله وأن يستمر معانداً في معصيته، يعصي لكن يعود، يعصي ثم يتوب وينوب ويؤوب إلى الله عز وجل هذا حال من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. والجزاء (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) الله أكبر! هناك نار وهناك جنة، والوعد من الله العظيم جلّ وعلا فالإنسان منا يختار لنفسه أين يريد أن يكون في هذا المأوى أو في ذاك المأوى؟ ثم قال الله جلّ وعلا خاتماً السورة يذكّر فيها بهؤلاء الكفار وما يقولونه في سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ﴿٤٢﴾ فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ﴿٤٣﴾) أنت لا تذكر يا محمد حالها لم تُكثر من السؤال؟ هم يسألونك متى؟ أيّان؟ سؤال عن ظرف الزمان، متى يحصل هذا اليوم؟ (أَيَّانَ مُرْسَاهَا) متى ترسو وتقع؟ (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا) يعني يريدون منه صلى الله عليه وسلم أن يذكر ذلك ويلحّون عليه ويكثرون من ذلك فهو صلوات ربي وسلامه عليه يريد أن يسأل فنهاه الله عز وجل (فِيمَ أَنْتَ) لا تسأل عن هذا (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا) ليس عندك علم بزمن وقوعها وإنما الذي عليك يا محمد أن تذكِّر بها (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا) لا تذكر زمنها واذكر التخويف والتهويل بها، هذا الذي يذكره محمد صلى الله عليه وسلم للناس ويذكره كل تابع لمحمد صلوات ربي وسلامه عليه في تذكيرهم للناس. (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ﴿٤٣﴾ إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا ﴿٤٤﴾) علمها عند الله عز وجل (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا) الزمن اُتركه هو علمه عند الله وإنما الذي عليك أن تذكِّر بها من يخشاها (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا) الذي يتذكر يوم القيامة والذي يبكي من يوم القيامة ويوجل مع يوم القيامة ويمكث الساعات الطوال مع الله عز وجل في خلوة بينه وبين الله خاصة في هذه الليالي العشر الأواخر من رمضان يتذكر تلك الساعات العظيمة ثم يعود إلى ربه وينيب إليه ويبكي على نفسها هذا الذي يتذكر (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا). (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) لم يقل وضحاها كل دنيانا التي عشنا فيها، كل الدنيا التي تنعمنا بها، هذه السنوات الطوال التي عشناها في هذه الحياة الدنيا ولا شيء! ملك تنعّم بملكه مئة سنة، ثلاثمئة سنة، ألف سنة، تنعم أكثر ما يمكن أن يتنعم به الأمر كما قال الله (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا)

د. الشهري: وأين هو الذي يتنعم مئة سنة أو ثلاثمئة سنة؟!!!

د. عصام: من الأقوام قبلنا من بني إسرائيل الذين عاشوا، افترض أن هذا موجود، نحن هنا في هذا الزمن إن تنعم الواحد منا عشر عشرين سنة ولا يكون كذلك، افترض هذا كأنهم يوم يرون الساعة يرون الساعة يرون النار لم يلبثوا، راحت، إلا عشية أو ضحاها، آخر النهار أو أوله.

د. الشهري: فتح الله عليك يا شيخ. بقي معنا دقيقة لعلنا نستعرض الأسئلة، الأخ عادل أجبت عن سؤاله

د. عصام: قال بعدها مباشرة (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ (17) الجن) فيه منغصات لذلك جاءت الهمزة هنا.

د. الشهري: الأخت أم أحمد سألت سؤالاً ولعله بماسنبة قوله (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) قضية دوران الأرض واذكر الشيخ عبد العزيز بن باز له كلام في هذا

د. عصام: لن أتعرض لكلام شيخنا بن باز رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه في أعلى عليين، المسألة معروفة ولا داعي لذكرها الآن لكن الذي نقوله أن دلائل الكتاب والسنة على أن الشمس تجري (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) يس) هذا لا بد منه. الكلام عن الأرض وعن ثبوتها لم يأتي في نصوص الشرع أن الأرض تتحرك أو أنها ثابتة، هي مستقرة لنا قرار نحن لكن كونها تتحرك حول الشمس قد جاءت دلائل هذا في كلام الأقدمين من أهل الاختصاص في هذه الأمور علوم الأفلاك قديماً قبل البعثة والناس يثبتون ذلك من أهل العلم بهذا الفنّ ولذلك نقول بأن الدلائل على تحرك الأرض ودورانها حول الشمس الدلائل كثيرة جداً من كلام أهل الاختصاص وهو أشبه ما يكون بالاجماع منهم هم فنحن نثبت ذلك تبعاً لهم وأما دلائل الكتاب والسنة فهي على جريان الشمس وهذا من أنكره كفر.

د. الشهري: فتح الله عليك يا دكتور. انتهى وقت هذه الحلقة وأسأل الله أن يتقبل منك وأن يكتب أجرك على ما تفضلت به في هذا اللقاء وفي اللقاءات السابقة وأن يجعله في موازين حسناتك. أيها الإخوة المشاهدون الكرام باسمكم جميعاً أشكر أخي فضيلة الشيخ الدكتور عصام بن صالح العويد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بن محمد بن سعود الإسلامية وعضو الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم على ما تفضل به كما أشكركم أنتم أيضاً على متابعتكم وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما نسمع وأن يوفقنا للعمل، أراكم غداً إن شاء الله وأنتم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.