برنامج بينات

برنامج بينات – آل عمران 3

اسلاميات

الحلقة الثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم

)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ {10} كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ {11} قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ {12} قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ {13} زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ {14} قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ {15} الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {16} الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ {17} شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {18} إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ {19} فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ {20} إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {21} أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ {22}(

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. إنتهينا في اللقاءين السابقين من سورة آل عمران إلى نهاية الصفحة الأولى وأخذنا الحديث فيما يتعلق بآية المحكم والمتشابه. ولعلنا نبتدئ اليوم بقوله سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) ولعل من يقرأ يلاحظ أن جملة (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ) جملة استئنافية لأن الجملة التي قبلها (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)) من تمام حديث المؤمنين الراسخين في العلم ودعواتهم. وهذا على أسلوب القرآن في المثاني بعد أن ذكر جملة فيما يتعلق بحال المؤمنين إنتقل إلى الخبر عن الطرف المقابل وهم الكفار فقال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ). طبعاً مما يلاحظ في الحديث عن هذا التشبيه بآل فرعون (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) فكأنه صار فرعون وآله رمزاً للشقوة ورمزاً للطغيان حتى صار يضرب به المثل ويتكرر في القرآن مثل هذه الجملة (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ). فما أدري إذا كان عندكم رأي؟

الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري: الحقيقة نلاحظ كما ذكرتم يا دكتور مساعد أن هناك إنتقال في الآيات، الحقيقة كما تقرأ في الآيات الأولى تجد أن الحديث عن القضية التي تحدثنا عنها في الحلقتين السابقتين وهي المحكم والمتشابه وتوحيد الألوهية وما يتصل به الآن فيما أرى الحديث يتجه إلى المفاصلة مع الكافرين. ولأن السورة كما قلنا مقسومة إلى قسمين: قسم عن مناظرة أهل الكتاب والقسم الثاني عن مجاهدة المشركين فكأن هذا الوجه بالآيات التي سنتلوها هي حديث عن مجابهة هؤلاء الكفار ، ولذلك تحدثت هنا (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا) حتى ولو هزموا المسلمين أو حصل لهم شيء من النصر العاجل فإنه في النهاية الدائرة ستكون عليهم كدأب آل فرعون والذين من قبلهم ستكون عليهم لذلك ذكر بما حصل للمسلمين في بدر (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ (13)) طبعاً هذا في بدر فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين. فالحديث هنا تهديد لهؤلاء الكفار وانه إن كان قد حصل لهم عز أو نصر في موقعة مع المسلمين فاعلموا أن ذلك مؤقت وأن العاقبة للتقوى وأن النصر سيكون حليف المؤمنين ولينصرن الله من ينصره. وهنا يذكّر بتلك الواقعة لماذا؟ لأن الحديث في سورة آل عمران عن غزوة أحد وهنا الحديث عن بدر فذكر المقدمة، وهنا يقول (يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) يعني يرى المسلمون أعداءهم مثليهم هذا قول، ومع أنهم يرونهم مثليهم لكي يتحمسوا لقتالهم فينتصروا عليهم وهذه آية من الله سبحانه وتعالى، أو العكس يرى الكفار المسلمين مثليهم ليقع الرعب في قلوبهم حتى كأنهم يرونهم شيئاً عظيماً وهذا الذي يظهر هنا

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار لأن الكلام  مع الكفار

الدكتور عبد الرحمن الشهري: لأن الخطاب مع الكفار، المقصود أنكم ترون المسلمين مثليهم

الدكتور محمد الخضيري: ولو قلنا أن الآية تحتمل الوجهين لكان أيضاً صحيحاً وهذه من بلاغة القرآن وأن الضمير يحتمل هذا وهذا وتصلح لهؤلاء وهؤلاء ويكون هذا كأنه من مقاصد الآية ، ولو شاء الله لجعلها على وجه لا تحتمل وجهاً آخر

الدكتور عبد الرحمن الشهري: لكن عندما تنظر إلى قوله (وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء)يا دكتور محمد تجد أنها تؤيد القول الذي يقول المقصود أنكم يا أيها الكافرون ترون المسلمين مثليكم رأي العين حقيقة فيدخل في قلوبكم الرعب والهلع والخوف منهم ثم جاء الدليل (والله يؤيد بنصره من يشاء) ومنها مضاعفة العدد

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ). ثم جاء بعدها موضوع التزيين لأن هذا التزيين هو الذي يصد الناس عن الجهاد في سبيل الله فيا أيها الناس لا تنخدعوا بما عليه هؤلاء الكفار ولا بما عليه أهل الدنيا فما زين لهم فتنة وابتلاء

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار : سواء الجهاد أو غيره من الطاعات

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري: لكن نحن الآن في موضوع المفاصلة مع المشركين ومقاتلتهم ولذلك في آخر السورة قال (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ {196} مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)

الدكتور عبد الرحمن الشهري: وأيضاً في قوله (زُيِّنَ لِلنَّاسِ) إشارة إلى أن هذه من الجبلات في نفوس البشر حب النساء وحب الشهوات وحب المال كما قال الله (وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ) بعض الناس يسأل ما معنى القناطير المقنطرة؟ يقولون أحياناً بعض العلماء يحدده فيقول القنطار هو كذا وكذا من الذهب لكن الذي يظهر من سياق الآية -والله أعلم- أنه للتكثير قناطير مقنطرة يعني كميات كبيرة جداً من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار :فرصة أبو عبد الله بما أنك ذكرت هذا أذكر فائدة من كتاب “رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز” للإمام الحنبلي عبد الرزاق الرسعي وهو كتاب جديد طبع متأخراً تحقيق الدكتور عبد الملك بن دهيش توفي سنة يعني في القرن السابع 661هـ  في بداية ميلاد الشيخ ابن تيمية 660هـ ، في فائدة في نفس الآية ذكرها المؤلف لما ذكر القناطير طبعاً ذكر أقاويل ، قال” وفيه أقاويل المتعددة عن الصحابة والتابعين

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري :بالمناسبة الكتاب في كم مجلد؟

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار : الكتاب في عشرة أجزاء ولكن ما يزال منه قطع مفقودة لأنه بدأ في أول أية في المخطوط (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ) وهو طبع كاملاً، يقول: والذي يظهر في نظري أن المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنهم في ذلك ليس على سبيل التحديد لزنة القنطار وإنما هو سبيل التنظير للمال الكثير صيانة لروايات الثقات ولأقوال العلماء الأثبات عن التناقد والتعامد. وأنا أقول أن الكتاب مليء بمثل هذه النفائس والتعليقات والتنبيهات مما يدلك على أنه صاحب منهج في التفسير ، بالفعل صاحب صنعة بمعنى أنه ليس رحمه الله مجرد ناقل وإنما هو رحمه الله كان ناقداً وناقلاً وله نقدات جميلة أنا جمعت بعضاً منها ليس مقام ذكرها، المقام ليس مقام ذكر فوائد ولكنني أنصح أن ينظر في هذا التفسير ويستفاد منه لأن المؤلف وأنا يعجبني ذلك إذا كان المؤلف صاحب نظر خاص يعلق على بعض الروايات وتجد أنك تستفيد فيه فائدة ولاحظ أيضاً كيف الأدب مع العلماء

الدكتورعبد الرحمن الشهري : يشير إلى إن هناك روايات بعضهم يحددها بكذا وكذا

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار : فبعضهم يعتقد أنه تناقض وهو يبينه أنهم لم يريدوا وأن هذا هو المقدار دون غيره وإنما أرادوا التنظير للمال الكثير فقط.

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري :هو الحقيقة أن هذه الكلمة من هذا الإمام تبين لنا الفرق بين تفسير الأشياء تفسيراً لفظياً وتفسير الأشياء تفسيراً معنوياً يعني القصد الى المعاني أولى من القصد إلى بيان المعاني في الألفاظ يعني بيان معنى الجملة وسياق هذه الكلمة في هذه الجملة أولى من أن تذهب الى معناها الدقيق في اللغة العربية، ممكن أن تأتي بمعنى قنطار ومقنطر ولكن في النهاية قد لا تصل الى نتيجة.

الدكتورعبد الرحمن الشهري: من براعة العالم أن يقتنص المعاني الدقيقة من السياق نفسه.

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار: لعلي أختم بفائدة من الكتاب يقول ومن نتائج هذا في قوله ) وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ (113) النساء) قال أن الواو في (وأنزل الله) واو الحال على معنى وما يضرونك من شيء (وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (113) النساء) وكنت أعجب كيف لم أتنبه الى هذا الموقع حتى أخبرني بعض العلماء أن الواحدي ذكره في البسيط. فمراجعات العلماء فيما بينهم وكونه يقيد مثل هذه حتى مثل هذه الدقائق والاستدراكات ورأيت الكتاب فيه شيء من هذا يمكن أن يستفاد منه في المجالسات والمدارسات.

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري: في آية التزيين هذه الذي يظهر أن التزيين هنا مذموم جيء فيه على سبيل الذم لأنه قرنه بالشهوات قال (حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ) مما يدل على أن هذه الأشياء فيها ما هو محل شهوة وفيها ما هو محل تعبد فالذي ينكح من أجل الشهوة فقط ويتتبع أمر النساء يكون مذموماً والذي ينكح وهو يريد التعفف ويريد تكثير النسل يكون ممدوحاً وكذلك الذي يستكثر من البنين إن كان استكثاره مفاخرة ومباهاة يكون مذموماً وان كان يريد تكثير أمة محمد ونصرة الدين كما وقع من سليمان عليه السلام (لأطوفنّ الليلة على مائة امرأة كلهن تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله) انظر يطلب كثرة البنين ويذكر الحكمة “يقاتل في سبيل الله” فيصبح هذا ممدوحاً. وكذلك القناطير المقنطرة مذمومة إن طلبت لذاتها حتى يفاخر الإنسان ويباهي ويتبجح لأنه يملك ما لا يملكه أحد مثله لكن إن طلبها لأجل أن ينفق في سبيل الله “نعم المال الصالح للرجل الصالح” كما جاء في الحديث أُنظر  كيف تساق هذه الأمور التي جعلها الله ابتلاءات للناس مساقات. من الناس من يأخذها من أجل الشهوات ويفاخر بها ويرائي وما دون ذلك ومن الناس من يأتي بها لكي يتعبد ويسخرها للحقيقة العظمى التي خلق الناس من أجلها

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار : ومن أدلة أن هذه الآية سيقت على سبيل الذم الآية المقابلة لها (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) فالمقصود من هذا أن الآية الأولى فيه إشارة للجبلة والجبلة لا تلزم دائماً وقعت على شيء  محمود فقد يجبل الإنسان على خير وقد يجبل الإنسان على غير ذلك هذه إذن إشارة لطيفة. زمن أشارات الآية لما قال (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ) هنا زين للناس لا يدخل فيها النساء لأنه قال (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء) وهنا فائدة وملحظ أن المرأة تبع للرجل ليس في الشريعة الإسلامية فقط بل هي جبلة لذلك لا تكاد تجد أن المرأة تكون متسلطة على الرجل في أزمان قد يحصل نوادر أن تكون امرأة متسلطة على رجل وهذا من النوادر أو أن تكون المرأة تقود الرجال هذا من النوادر لكن المرأة دائماً تبع للرجل هذه هي الجبلة وهذه هي الفطرة التي خلق الناس عليها فأي دعوة مخالفة للجبلة هي دعوة إما أن تكون دعوة من جهل مطلق وأن أستبعد أن تكون وإما أن تكون لمقاصد أو أغراض فيها ما فيها وهذا ما نلاحظه عندما يتكلم عما يسمى المساواة بين الرجل والمرأة وهذا من المستحيل (الجندر) يعني هذا مستحيل جداً. ولمن قال يجب المساواة بين الرجل والمرأة نقول إن أردت أن تساوي بين الرجل والمرأة فخصائص الأنوثة الفطرية أزحها من المرأة كي تكون رجل فإذا لم تستطع أن تفعل هذا في خصائص المرأة التي خلقها الله عليها فلن تستطيع أن تجعل هذا يساوي هذا إطلاقاً مهما فعلت. فهذه إذن لا شك دعوة باطلة في ذاتها وبعض الدعوات تدل على بطلانها من ذاتها

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري: يكفي ذكرها للدلالة على بطلانها. هؤلاء الجندريون الآن يسمون الجندر الذين يرون أنه ليس هناك أي فروق فسيولوجية بين الرجل والمرأة وأن كل ما يقال من هذا الباب أنه كذب ودجل وأن الرجل والمرأة سيان في الطباع والشهوات والتصرفات والميول والتطلعات والأفكار والنفسيات يعني كل هذا يكابرون الفطرة وويكاربون العقل ويكابرون الدين ويكابرون الواقع ، إنظر إلى طفلين صغيرين قد يكونان قد تربيا في مكان محايد حتى في بيئة أوروبية فتجد الطفل يتسلط على البنت تجد البنت تخضع لهذا الطفل وهما سواء صغيران في سن واحدة في السنة الثانية مثلاً، تجد أن البنت تذهب للأشياء التي تناسب طبيعتها معها عرايس وأدوات ومواد طبخ وتجد الطفل معه سيارة وبندقية، من الذي علّم هذا ومن الذي علّم هذه؟

الدكتورعبد الرحمن الشهري : من القضايا التي بدأت بها سورة آل عمران ولا زال الحديث عنها التهيئة لهذه المجادلة التي استمرت مع النصارى ومع أهل الكتاب بالحديث عن عبودية المؤمنين الحقة لله سبحانه وتعالى كما أنها بدأت بالحديث عن توحيد الألوهية والتوكيد عليه واستمرت على ذلك ثم ختمت على الوجه السابق في قوله (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) الحديث عن الراسخين في العلم وأسلوبهم في التعامل مع هذه المجادلات. ثم جاء الحديث مرة أخرى ثم قال (والله بصير بالعباد) ما هي صفة هؤلاء العباد؟ فسردها سرداً وقد سبق أن ذكر بعضاً منها فقال (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17) شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)) وهذا يؤكد أول السورة (الله لا إله إلا هو هو الحي القيوم) فجاء مرة أخرى فقال (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وهذا تأكيد على قضية مهمة جداً وهي قضية العبودية حقيقة العبودية لله سبحانه وتعالى ليست دائماً بالاقتناع كما يصنع الآن العقلانيون فيقولون هذا غير مقبول عقلاً. كثير من قضايا الوحي وقضايا الشريعة قد لا يستوعبها بعض العقول ولا تفهم دقائقها ولا تدري عن الحكمة منها لكنها تسلّم لله سبحانه وتعالى وتسلّم للأنبياء والرسل والوحي. وذكرنا في لقاء سابق فضل أبو بكر الصديق رضي الله عنه لكونه كان يسلم لكل ما كان يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم ويطمئن قلبه بذلك وكان رضوان الله عليه من أعقل الصحابة وأحزمهم وأقدرهم على إدارة الأمور، ما كان يسلم للرسول صلى الله عليه وسلم لضعف في عقله أو لسذاجة لا بل هو من أدهى الصحابة وأعقلهم. ولذلك انظر كيف قام بالأمة كلها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لكنه كان لكمال عقله يسلّم للنبي صلى الله عبيه وسلم فيما يخبر عن الله. فالله سبحانه وتعالى يؤكد هنا أن العباد الصادقين المؤمنين هم الذين يسلمون ويؤمنون. وأنا أقول دائماً نقول سبحان الله نحن ندرس في بداية تعلمنا للإسلام أن التوحيد لله والإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة، عندما يبدأ بعضنا أو يتعلم شيئاً من العلم أصبح يرجع عن هذا الأصل البسيط بالإبطال فلا يسلِّم ولا يستسلم لله ويجادل كمال قال الله (وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13) الرعد) (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (3) الحج) وما أكثر هذا النوع في زماننا هذا! فأنا أرى في بداية سورة آل عمران التأكيد على هذا المبدأ مبدأ العبودية والتسليم والاستسلام لله سبحانه وتعالى كتمهيد لهذا المجالة الطويلة مع هؤلاء النصارى الذين أبوا أن يسلموا وأصروا على الإشراك بالله سبحانه وتعالى والكفر به

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري: ولذلك كانت أولى صفاتهم (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) هذا الإيمان طبعاً لا يدعي أحد من أهل الإيمان أنه كامل وأنه قد جاء بجميع تبعاته ولوازمه على وجه الكمال فيستغفر (فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا)، وأيضاً قنا عذاب النار لأن الوقاية من عذاب الله لا تكون إلا برحمة الله، وإلا فالإنسان إن لم يرحمه الله سبحانه وتعالى فمرده إلى النار. ثم لما وصفهم قال الصابرين بدأ بالصبر كما ختم سورة آل عمران بالصبر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وقال (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا (120)) وقال أيضاً (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186)) يعني يؤكد على قضية الصبر لأنها هي مدار الأمر كله. وفي سورة البقرة في آية أخرى مرت بنا ختم بالصبر قال (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) البقرة) مما يدل على أن رأس الأمر الصبر وأن الذين أعلنوا إيمانهم واستغفروا ربهم ركعوا لله في جوف الليل إنما نالوا ذلك كله بالصبر

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار : قال (الَّذِينَ يَقُولُونَ) هذا قول و (الصَّابِرِينَ) هذا فعل فكأنهم يتحلون به عملاً وصفة فبدئ بالصبر لأن مدار الأعمال والطاعات على الصبر بأنواعه الثلاثة المعروفة.

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري :أنا ظننتك ستشير إلى أمر آخر وهو لما قال (ويقولون) هذه جملة فعلية وتقتضي أنهم يرددون ذلك دائماً ويجددون إيمانهم وأما الصبر فجاء به بصفة أو جملة إسمية ليدل على أن هذه الصفة  راسخة فيهم ليس وقت دون وقت أو في حال دون حال.

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار :لكن فيها إشكالية أن الصابرين جاءت مفعول به فتكون بمعنى أخص الصابرين فتكون داخلة في معنى الجملة الفعلية عموماً

الدكتورعبد الرحمن الشهري :لاحظوا بعدها (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) هي تأكيد سبحان الله على قضية توحيد الألوهية

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار : تمنيت لو أنك وأنت نبهت على علو شهادة التوحيد أن أهل العلم دخلوا في الشهادة مع الله سبحانه وتعالى والملائكة (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فهذا فيه بيان وتنبيه على منزلة أهل العلم ومقام التوحيد الذي هو أعلى مقام يصل إليه العبد فهذه من المسائل وكنت تتكلم عنها في قضية التوحيد من المقامات أو الآيات التي من أراد أن يعرف قضية التوحيد وأهمية التوحيد ينظر إلى هذه الآية التي أطبق عليها يعني في الشهادة بها بدءاً من الله سبحانه وتعالى ثم الملائكة الذين يعلمونه حق العلم ثم بمن أوتي العلم من عباد الله وليس العلم فقط مجرد من أوتي العلم ولكن العلم القارن للعمل هم أكثر العباد معرفة بالله سبحانه وتعالى قال (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء (28) فاطر)

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري : وتلاحظ هنا التأكيد على الألوهية سبحان الله كلما تأتي في القرآن تأتي مكررة ومؤكدة مما يدل على أن الإنسان يحتاج إلى أن يعيد هذا الأمر على قلبه مرة بعد أخرى وأن يجدد إيمانه لربه، قال في الحديث “إسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم .إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم”. فانظر في بداية السورة أشار أبو عبد الله في بداية هذه الحلقات إلى قوله (الم {1} اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) والآن (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.) في أول الآية وفي أخرها. وحتى في كلمة التوحيد التي نقولها في أذكار ما بعد الصلوات نقول لا اله إلا الله وحده لا شريك له هذا كله تأكيد (وحده) تأكيد (إلا هو)، (لا شريك له) تأكيد (لا اله) ودائماً الحافظ ابن حجر يقول تأكيد بعد تأكيد إعتناء بمقام التوحيد.

الدكتورعبد الرحمن الشهري :نحن نتكلم عن التوحيد يا إخوان ونحن ولله الحمد من الموحدين ومن المسلمين وكثير ممن يستمع إلينا من هؤلاء لكن عندما يستغرب الإنسان من كثرة التأكيد عليها عندما تلتفت حولك انظر إلى العالم يموج في المشركين كم عدد المشركين والكفار والوثنيين؟ كثير، والنصارى واليهود وهذه الطوائف هم أضعاف المسلمين بل هم أضعافهم بكثير يعني هناك أمم لا تكاد تجد فيها من يقول لا اله إلا الله وبعضهم يسجدون للحجر والبشر بل في المسلمين تجد من يسجد عند القبر ويقدس غير الله ويعظم غير الله ويشرك بالله سبحانه وتعالى صباح مساء من البشر والحجر ومن الحيوانات، فأنت لا تستشعر عظمة هذه النعمة (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ) عندما يتحدث عنها الدكتور مساعد الآن وقضية مقام توحيد الألوهية وعظمة هذه الحقيقة لا تعرف قيمتها لا عندما ترى هذه الأمم المشركة التي ضلت عن الطريق وهدانا الله سبحانه وتعالى وهذه نعمة

الدكتور محمد الخضيري: أسأل الله أن يتم هدايته عليك

الدكتورعبد الرحمن الشهري: تأمل كيف حرم منها أناس كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى ويرغب أن يقولوا لا اله إلا الله والنبي قال لعمه يا عم قل كلمة لا اله إلا الله أحاج بها الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، يعني ماذا تريد أكثر من هذه الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقط كلمة وأنا بتصوري لو كان قالها أبو طالب لكانت شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم بلغت منه مبلغاً عظيماً لكنه حرمها على فضله ومكانته في قريش ووفق إليها بلال وسلمان وغيرهم، فالإنسان يجب منا أن يستشعر هذه النعمة العظيمة أن الله قد هداك إلى أن تقول أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله وتقولها صباحاً ومساء وتسجد لله سبحانه وتعالى في حين أن غيرك أبى أن يسجد لله سبحانه وتعالى استكباراً

الدكتور محمد بن عبد العزيزالخضيري: ويحسدك الشيطان على هذا السجود (إذا سجد ابن ادم تنحى الشيطان يا ويله أمر ابن ادم بالسجود فسجد وأمرت بالسجود فعصيت) وهذه نعمة.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: بل أكبر نعمه

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار :وتتمه لهذا أنا أقول يلاحظ أن دراسة علم العقيدة سمي علم الكلام سمي علم التوحيد سبحان الله إذا جئت تدرسه وتأخذ أقوال المخالفين والقول الصحيح وقول كذا تجد أن علم التوحيد منطق مبني على قضية منطقية ، سبحان الله ما تشعر بلذته لكن سبحان الله لو تخليت عن هذه الأمور وقرأت القرآن وأنت تريد أن تعرف معنى التوحيد انظر كم من الآيات التي ستفجؤك بأنها تذكر التوحيد صراحة وإن كان كل القرآن توحيد لكن مثل هذه الآيات الواضحة والصريحة التي دائماً تردك إلى الله سبحانه وتعالى (لا إله إلا هو) والعجيب أن قصص القرآن عندما تتأملها تجد أنها قد سيقت من أجل التوحيد وأحيانا تأتي الآيات صريحة في خاتمتها في التنبيه على التوحيد أو تكون مبدؤها التنبيه على التوحيد

الدكتورعبد الرحمن الشهري: لذلك أكثر قصص الأنبياء السابقين كانت في مكة للتأكيد على حقائق الإسلام الكبرى –نزلت في مكة-نزلت الآيات التي تتحدث عن قصص الأنبياء في مكة للتأكيد على التوحيد

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار :كنت ستعلق على الآية (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) أبو عبد الله

الدكتورعبد الرحمن الشهري :نعم هذه طبعاً قبل الدخول في مجادلات النصارى هذه قاعدة (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) وأنا أتصور أن هذه فائدة في قضية المناظرات أنه ينبغي على المتناظرين أن يحددوا القواعد الكبرى التي ينطلقون منها في المجادلة وما أكثر المجادلات التي تنطلق الآن من غير قاعدة ولذلك لا تنتهي بثمرة كلها بالأمثلة وليست في الأصول وإنما في الجزئيات والفروع. قال (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) يعني إن الدين الحق عند الله هو دين الإسلام، الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالخضوع والخلوص من الشرك ومن أهله هذا هو الدين المقبول عند الله سبحانه وتعالى. ثم تأتي تناقش في التفاصيل تكتشف أن النصارى يشركون بالله غيره أنت ناقضت هذا الأصل الكبير

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري : انتهت المناظرة

الدكتورعبد الرحمن الشهري : نعم قد يسأل سائل (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) أهل الكتاب الآن هم أولى الناس بإتباع هذا الدين الحق وهو دين الله محمد صلى الله عليه وسلم  عندما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم كان أهل الكتاب من اليهود والنصارى أعلم بالنبي صلى الله عليه وسلم وبدينه وبما يدعو إليه من المشركين أليس كذلك؟ –لأنهم رأوا الكتاب-فكانوا هم أولى الناس بإتباعه لكن الذي حدث خلاف ذلك أنه آمن به كثير من المشركين الذين هم ليسوا أهل كتاب وكفر به معظم أهل الكتاب الذين يعرفونه كما يعرفون أبناءهم بغياً بينهم فقال الله تعالى هنا (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ) وهذه الحقيقة بالرغم من أنها واقعة مسألة خطيرة جداً أن يصبح العلم هو السبب في الضلال

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار : ولهذا قلنا أن العلم المقابل للعمل هو المطلوب وأن مجرد العلم هو الضلال (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) فإذن مجرد العلم ليس هو المطلوب.

الدكتورعبد الرحمن الشهري :المشكلة أنه يكرر مثل هذه الآية كثيراً في القرآن الكريم (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ)

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري : وهذا أكمل في الحجة عليهم كيف أن جاءك العلم الآن البيّن الذي يرفع كل لبس وإشكال ومع ذلك تكابر وتغالط وتحسد كما ذكر الله عز وجل وفضحهم في سورة البقرة قال (وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ) غاية في التهديد أن كفرت بعدما جاءتك البينة وظهر لك الحق فان الله سريع الحساب

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار : واختار لفظ سريع الحساب إشارة إلى أنكم تستحقون المعاجلة. الآن (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) وجعل أيضاً (مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ) من الأشياء التي تدعونا إلى أن نتأمل وجود هذه الآية في هذه السورة بالذات وفيها مجادلة بين النصارى وبين النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً تدعونا إلى أن نتأمل القضايا المحكمة

(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) هذه محكمة وما عدا ذلك فإنه تلبيس وتشبيه وليس هو المحكم ولذلك تلاحظ بعض المعاصرين عندما يتكلم عن حوار الأديان يدخل بأسلوب –هم من أبناء جلدتنا- يقول لماذا تجعلون أنفسكم أنكم أصحاب الحق المطلق ولا ترون الآخرين عندهم حق؟ لو لم نعتبر أنفسنا أصحاب حق مطلق فماذا نكون؟! إذا ماذا نقول ؟نحن عندنا محكمات ولا ننطلق من أهوائنا وذواتنا إن كنت تريد أن تعارض تعال عارض هذه الآيات أنت لا تعارضنا نحن، لا تعارض د.محمد و د.عبد الرحمن أنت في الحقيقة أنت تعارض القرآن فيجب أن تلغي هذا القرآن من بين يدينا ثم تأتي بعد ذلك تقول هل نحن أصحاب حق مطلق أم لا. نحن ما ادّعينا أننا أصحاب حق مطلق من الهوى وإنما ندعيه اعتماداً على ماذا ؟على القرآن. وهذه قضية مهمة جداً أن يكون عندنا اعتزاز بما عندنا صحيح أنه من باب التنزه مع الخصم (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) سبأ) نعم موجودة لكن لا تأتي تقول والله أنا لا أدري أنا على حق أم أنا على باطل، اقول أنا على حق لكن تعال ناقش. وأذكر من باب اللطائف التي ذكرتها أبو عبد الله قديماً أن المسلم لا يخاف من النقاش الذي يعلم-العالِم المسلم- لا يخشى من النقاش يعني في الهواء الطلق ما تخشى من النقاش

الدكتورعبد الرحمن الشهري :بل دين الإسلام هو أولى الأديان بالإبراز والإظهار ولا نستحي منه ولا نتردد في إظهار ديننا وعقائدنا للناس لأن بعض المسلمين يستحي أن يظهر عقيدته ودينه وشعائره، يستحي مثلاً أن يصلي يذهب إلى مطار من المطارات الغربية مثلاً فيستحي أن يقوم يصلي وهؤلاء النصارى يشاهدونه أو يصورونه أو يضحكون عليه

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار :وكأنه يفعل خطأ، وهذا مشكل

الدكتور عبد الرحمن الشهري :فينبغي على المسلم أن يعتز بدينه حتى في الآية (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ …ِ)

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار :هذا دلالة على أن الآية محكمة

الدكتورمحمد بن عبد العزيز الخضيري : وجعل من اتبعه أيضاً على نفس هذه السُنة

الدكتور عبد الرحمن الشهري :الحقيقة آيات سورة آل عمران مليئة في الجدال مع المخالفين في الدين

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار: لكن أبو عبد الله هل تتوقع بعد هذا أنه لو بحث باحث لأصول الاحتجاج من خلال سورة ال عمران هل سيجد شيئاً كثيراً ؟

الدكتور عبد الرحمن الشهري: طبعاً هي بُحثت ومناهج الجدال في القرآن الكريم أثار فيه د. زاهر.

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار: أنا أقصد تخصيص هذه السورة كأن يكون وحدة موضوعية من خلال هذه الآيات أنه أصول الاحتجاج ولهذا لاحظ عندما انتهى الجدل توقف في طريق مغلق أتت آية المباهلة لم تأت آية المباهلة إلا أن هؤلاء القوم أغلقوا قضية الانتفاع من الجدل ولهذا ليس كل جدل ينفع، ولهذا ابن مسعود لعلنا نناقشها عندما نصل إليها قال من شاء باهلته وهو يتكلم عن قضية فقهية لكن لشدة يقينه بما عنده قال هذا الكلام

الدكتور عبد الرحمن الشهري: هناك فائدة هنا في قوله (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ ) في قوله (وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ) المعروف في تفسير المفسرين لقوله (الأميين) في القرآن أنه من معانيها أنهم الذين لا يقرأون ولا يكتبون وأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال نحن أمة أمية لا تكتب ولا نحسب أشار إلى هذا المعنى معنى عدم القدرة على القراءة والطتابة ويقال للذي لا يفعل ذلك أميّ. ومن ضمن المعاني الجيدة التي لم تعط حقها من معاني الأميين أنهم الذين ليسوا أهل كتاب وأن العرب قيل لهم الأميين كما قال الله سبحانه وتعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ (2) الجمعة) قيل لهم الأميين لأنهم لم يكونوا أهل كتاب كما كان الشأن في اليهود والنصارى. هذه الآية يعني تنظر إلى هذا المعنى عندما قال الله سبحانه وتعالى (وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ (20) آل عمران) الأميين يعني الذين لم يؤتوا الكتاب فكأن هذه الآية تقوي هذا المعنى.

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار :ويقويها لما تكلم عن أهل الكتاب في سورة البقرة (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ (78)) الأميين أخذت الوقت المعاصر وكذلك في ذلك الزمن أخذت حيزاً من البحث أو بعض المنطلقات التي بحث فيها لفظ الأميين قد تكون منطلقات فيها إشكال أو المصادر فيها إشكال خصوصاً من ذهب إلى أن أصلها غير عربي وجعل المعنى الجوييين أي غير اليهود هذا قد يكون لكن نحن نحتاج إلى أن نتأمل أولاً كيف فهم المفسرون وخاصة السلف كيف فهموا معنى الأميين والأمر الثاني إذا نحن أضفنا معنى آخر للأميين هل ينقض قول هؤلاء أو يزيد معنى فإن كان يزيد معنى ولا ينقض قولهم والآية تحتمل ذلك فلا إشكال في ذكره ولهذا يمكن أن نقول من باب المدارسة أن لفظ الأميين في القرآن الكريم ليس على وجه واحد قد يكون له أكثر من وجه فقد يراد به أحياناً الذي يقرأ ولا يكتب وهذا هو الأصل العام والأشهر وقد يراد به الذي يقرأ ولا يفهم ويدخل فيه (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ) يتلونه ولا يفهمونه. وقد يدخل فيه أيضاً من ليسوا بأهل كتاب.

الدكتورعبد الرحمن الشهري : من الفوائد تترتب على هذه الفكرة أن العرب عندما يوصفون بأنهم أميين يتبادر إلى الذهن أن العرب لم يكونوا يعرفون القراءة والكتابة مطلقاً فالباحثون الذين يرون أن الأميين ليس معناها الوحيد أنهم لا يقرأ ون ولا يكتبون وإنما المقصود ليس صاحبة كتاب سماوي وأما القراءة والكتابة فإنها كانت موجودة فيهم، فيهم من يقرأ وفيهم من يكتب ولو لم يكن فيهم من يقرأ ولا يكتب لما ورد في القرآن الكريم مخاطبتهم بـقرأ وكتب ويكتبون لا يعرفون هذه المعاني لكن دليل أنهم يقرأون ويكتبون أنهم خوطبوا بهذا الكلمات.( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ)

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار : هذا الأغلب

الدكتورعبد الرحمن الشهري :لذلك يذكر د. ناصر الدين الأسد في كتابه القيم مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية ذكر هذا المعنى وأفاض فيه وتتبع الآيات وأنا أرى أنه استطاع أن يحقق في هذه المسألة

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري: في قوله (وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد) هذه أيضاً قاعدة للدعاة وهي أننا لسنا مسؤولين عن استجابة الناس وعن قبولهم لهذا الدين إنما كلفنا الله سبحانه وتعالى أن نبلغ فان أدينا هذا البلاغ بصورته الصحيحة كما أمر الله سبحانه وتعالى فان هذا هو المطلوب منا (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد) فلا تكلف نفسك ما لم يكلفك الله. ولذلك نحن نقول للدعاة يجب أن تعيشوا في هدوء لا تنشغلوا بشيء لم يشغلكم الله به بلغوا هذا الدين إجهدوا جهدكم في أن توصلوا هذه الرسالة للناس إن استجابوا فكما يقال ذلك خير على خير وان لم يستجيبوا فقد أديتم ما عليكم يأتي النبي يوم القيامه وليس معه أحد وهو مؤيد بالمعجزات فكيف بكم أنتم؟! فلا يغضب الإنسان بقوله أنا بقيت أدعو في هذه المدرسة أدعو إلى الله أو في هذه الدائرة أو في هذه الدولة أدعو إلى الله سنين طويلة ولم يستحب أحد هؤلاء الناس قلوبهم قُدّت من حجر لا يفهمون ولا يفقهون أنت عليك البلاغ. إبراهيم أقوى وأبلغ وأمكن في دين الله منك ومع ذلك خرج من بلاده الأصلية وقال الله عنه (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (40) هود) (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ (26) العنكبوت) يعني على سبيل أو لبيان أنه قليل جداً الذين آمنوا به.

الدكتورعبد الرحمن الشهري : وليس معنى كلامك د.محمد أن تبلغ بأي طريقة

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري :لا، وإنما بلاغ مبين الذي يوصل هذا الدين كما ينبغي لكل زمان ومكان على حسبه وحسب كل شخص

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار في الآية التي بعدها في قوله (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ) هذا وصف يعني من اشتهر بقتل النبيين؟ اليهود هم أهل كتاب وأيضاً زيادة في التنبيه على شناعة هذا أنه قال (بِغَيْرِ حَقٍّ) وليس لها مفهوم لا يأت قائل بأنه قال بغير حق فإن قتل الأنبياء بحق، هذا لا، وصف كاشف لبيان الحال أن الحال أن قتل هؤلاء الأنبياء بغير حق وليس المراد أن له مفهوم مخالفة. فهذا حقيقة من المباحث التي لو تأملها المسلم في القرآن يجد فيها أمثلة كثيرة جداً (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ولهذا بعض من يلبس يقول إذا إن لم يريدن تحصناً فيجوز إكراههن نقول لا، إنما نزلت لبيان الحال وبيان الواقعة.

الدكتورعبد الرحمن الشهري :وهذه قاعدة مهمة في اللغة أنه ينبغي أن تفهم لغة العرب على هذا الأساس ولا تفهم على قواعد عقلية

الدكتورمحمد بن عبد العزيزالخضيري: في قولك وفي إشارتك إلى أن اليهود اشتهروا بقتل الأنبياء الحقيقة عندما تقرأ القتل في القرآن تجد أنه دائماً مقترن باليهود إلا ما ندر كما وصفهم الله في مواطن كثيرة (وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ) (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ (61) البقرة) يُذكر ذلك عنهم حتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بنو قريظة كادوا يقتلونه. لما قال عن الشاة التي أكل منها (ما زال أثر السم يعاودني حتى كان أوان انقطاع أبهري –العرق الواصل بالقلب-. العجيب أنك تجد حتى آيات القصاص تذكر في السور التي يذكر فيها اليهود عندما تأتي إل سورة البقرة وسورة المائدة (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وفي قصة ابني ادم لما انتهى منها ماذا قال؟ (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)

الدكتور مساعد بن سليمان الطيار: وهذا يشير إلى سبب تخصيص بني إسرائيل هو كثرة القتل فيهم فإذن لا تستغرب اليوم بما يفعلوه اليوم في إخواننا فلسطين إذا كانوا فعلوه في أشرف خلق الله فهذا من باب أولى ولهذا ختم الله سبحانه وتعالى في الآيات (أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ).

لعلنا نقف عند هذا لأن زمن الحلقة انتهى. سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

بُثّت الحلقة بتاريخ 22/4/2009م وطبعها الأخ الفاضل هشام جزاه الله تعالى عنا خير الجزاء وتم تنقيحها.