برنامج بينات

برنامج بينات – آل عمران 6

اسلاميات

الحلقة 6

(ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٤٤﴾ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴿٤٥﴾ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴿٤٦﴾ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴿٤٧﴾ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴿٤٨﴾ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٤٩﴾ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿٥٠﴾ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴿٥١﴾ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿٥٢﴾ رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴿٥٣﴾ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴿٥٤﴾ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿٥٥﴾)

د. محمد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. وصلنا مشاهدي الكرام في سورة آل عمران إلى قول الله عز وجل (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)) هذه الآية توقفنا عندها في الجلسة الماضية وكنت أحب أن أنبِّه إلى فائدة عظيمة فيها وقد مرّت في عدد من قصص القرآن وهي أن من غايات القصة القرآنية التأكيد على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم. فكثير من هذه القصص والأخبار لا عهد للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لقومه بها لذلك يأتي في ثناياها أو في آخرها قوله (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك) كما في قصة يوسف عليه السلام (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) يوسف) وفي قصة نوح في سورة هود (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)).

ثم الآن ندلف إلى قصة مريم عليها الصلاة والسلام وبشارة الله سبحانه وتعالى لها بالمسيح في قول الله عز وجل (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)) لعل الدكتور عبد الرحمن يعطينا بعض إطلالاته على هذه الآية.

د. عبد الرحمن: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. طبعاً هذه بداية الحديث عن مريم عليها السلام مع ابنها عيسى عليه الصلاة والسلام وصفات عيسى عليه الصلاة والسلام التي يبشر الله سبحانه وتعالى بها مريم. أولاً هو يبشرها بولد وهي غير متزوجة وهذا أمر عجيب وهي قد خافت منه وقلقت فالله سبحانه وتعالى أردف مع هذه البشارة بشارة بصفات هذا الولد الذي يولد لها بأنه رسول وأنه مُصدّق وأنه وجيه فقال الله سبحانه وتعالى يشير إلى هذه البشارة التي بشرت بها الملائكة (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ) بكلمة منه أي قدراً وقدَراً أن الله سبحانه وتعالى سوف يخلق فيكِ ولداً هذه صفته بكلمة منه سبحانه وتعالى (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس). وذكر اسمه أنه سماه المسيح عيسى ابن مريم منُسب إلى أمه عليه الصلاة والسلام. ثم وصفه بصفة أنا لم أجدها في القرآن الكريم لغيره وهي (وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) يعني نصّ على أنه صاحب وجاهة وصاحب مكانة في الدنيا والآخرة

د. مساعد: تقصد وجاهة في الدنيا والآخرة.

د. عبد الرحمن: في الدنيا والآخرة بالذات أما موسى فقال (وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) الأحزاب) لكنه لم يحدد في الدنيا والآخر أما عيسى فقد وصفه بأنه وجيه في الدنيا والآخرة (وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ). ولا شك أن وقت هذه البشارة لمريم عليها الصلاة والسلام في هذا الموقف العصيب لها وقعها ولها أثرها على نفسها عليها السلام.

د. محمد: يخفف عنها

د. عبد الرحمن: نعم لأنها أولاً عندما بُشرت بولد خافت على عرضها وعلى سمعتها أمام اليهود وخاصة أن اليهود

د. محمد: قوم بُهت

د. عبد الرحمن: نعم. (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) مريم) وهذا الذي توقعته قد حدث حتى عندما جاءت به قومها تحمله قالوا (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) مريم) لقد ارتكبت منكراً عظيماً، (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) مريم)

د. محمد: هذه تهمة واضحة.

د. عبد الرحمن: تهموها ولذلك قال (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ) هي تلعثمت ما استطاعت أن تتكلم وسكتت. فهذه البشارة بعيسى عليه السلاو وبصفاته هذه عندما قال (بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)) هذه صفات لا شك أنها صفات عظيمة جداً خففت عنها وقع ما تجده عليها السلام في هذا الموقف العصيب أنها بُشرت بهذا الإبن الذي سوف يكون وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ورسولاً وأنه يكلم الناس في المهد ولذلك يتوقع أنها عندما بُشرت بهذه الصفة أنه يكلم الناس في المهد هذا الذي دفعها والله أعلم أن تشير إليه عندما سألها قومها عن الأمر أشارت إليه.

د. محمد: قالت قبل ذلك (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26) مريم) يعني لن أعتذر لنفسي العذر كله من الله وهو يتولاه.

د. مساعد: هناك لو تكرمتم لما ابتدأنا بقصة مريم عليها السلام في الدرس الماضي في اللقاء الماضي من قوله (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ (42)) نلاحظ أن العطف عطف الجُمَل جاء بقوله (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ) وكان قبلها الحديث عن زكريا، الآية (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)) جاءت معترضة سبحان الله لو تأملت، جاءت معترضة في وسط قصة مريم مع بدايتها لأنه بعدها قال (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)) ثم قال (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ) ثم قال (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)) ولم تأت الواو هنا في قوله (إذ قالت) الثانية لأنه ما زال في تمام القصة. هذا أيضاً مما يحسن أن يُنتبه له في نظم القرآن في مساق القصص ولهذا يمكن أن يقع السؤال ما فائدة هذه الجملة المعترضة في قوله (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)) نجد أن هذه الفكرة هي الإشارة إلى ما ذكرتموه في بداية اللقاء يا شيخ محمد أن الله سبحانه وتعالى ينبه على أن هذا القصص ليست من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي دالة على صدقه لأنه يأتي بشيء لا هو يعرفه ولا أنتم تعرفونه والذين سمعوه الذين هم من أهل هذا الشأن لم يكذبوه فيما قال فدل على صدقه فيقع سؤال هنا أنه ما فائدة ذكر هذه الفكرة مرة في وسط القصة ومرة تأتي في آخر القصة فهذه مسألة أنا الآن ظهرت لي لعلها إن شاء الله تكون مجالاً للبحث والمدارسة.

د. محمد: في قوله (اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) هنا الذي يسمي هو الرب سبحانه وتعالى الإسم من عند الله. وكذلك يحيى (اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7) مريم) فهل يمكن أن نستفيد من هذا أنه إذا كان هناك أحد من الأشراف أو العلماء أو الكبار أن يُعطى هذا الحق في التسمية عندما تكون تلميذاً له أو إبناً مثلاً فتقول سمِّه يعني تيمناً بما عنده؟ أقول لعل هذا

د. مساعد: ومما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم أو ما كان الصحابة يفعلونه مع الرسول لعله أقرب من هذا.

د. محمد: شيء آخر قوله (عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) في غالب المواطن يُنسب عيسى إلى أمه بينما لا نجد نسبة نوح ولا إسماعيل ولا غيرهم ممن يذكرون في القرآن لا ينسبون إلى آبائهم مع أن آباءهم معروفون وهنا في كل موطن أو في أكثر من موطن يُنسب عيسى إلى أمه. يقول بعضهم في توجيه هذا إن العرب كانت تأنف من نسبة الرجل لأمه والسبب أن هذا فيه الرد على النصارى الذين ادّعوا أن عيسى إبناً لله فيقال لا، هو لا يمكن أن يكون كذلك بل هو منسوب إلى أمه للتأكيد على هذا الأمر.

د. مساعد: ويظهر أن هذا هو المقصود الأول

د. محمد: هذا المقصود الأول لأنه لو قال عيسى ولم ينسبه إلى أحد لبقي المجال محل شكّ.

د. عبد الرحمن: وهذا فعلاً استنباط صحيح.

د. مساعد: وتتمة الصفات يا أبا عبد الله (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46))؟

د. عبد الرحمن: أيضاً هذه أنه كان يكلم الناس في المهد ما زال طفلاً صغيراً لم يعي.

د. محمد: ما فائدة البشارة بقوله (وَكَهْلاً) مع العلم أن العادة أن الإنسان في كهولته يكلم الناس؟

د. عبد الرحمن: ما هي الفائدة؟

د. محمد: يقال والله أعلم أن هذه بشارة ببقائه حتى يبلغ الكهولة.

د. مساعد: فبلغ الكهولة فرُفع فمعنى هذا أن هذه بشارة إلى عودته مرة أخرى أيضاً لأن الكهل عند العرب يبتدئ من سن الثلاثين.

د. عبد الرحمن: وليس مقصوداً به الشيخ الهرِم.

د. مساعد: وليس الشيخ الهرِم، يقولون من سن الثلاثين كما ذكر أبو حيان وغيره ذكر لكن أبو حيان ذكر تفصيلات فذكر أن الكهولة تبدأ من الثلاثين إلى الخمسين وأن هذه مرحلة كهولة تعتبر عند العرب ولذلك وقع خلاف بين اللغويين وكذلك المفسرين في تحديد عمر الكهولة وليس هنالك في الحقيقة خلاف إذا قلنا أن الكهولة تبتدئ من الثلاثين إلى الخمسين فكل منهم ذكر رقماً بين هذين السنّين ما بين الثلاثين إلى الخمسين ولكن طبعاً الدارج الآن عند بعض العامّة أن الكهل المراد به الشيخ الكبير العاسي وهذا ليس بدقيق في لغة العرب أن الكهل المراد به ما بين هذه السِنّ وتلك. وكما قلت لعل فيها إشارة إلى أنه يكلم الناس كهلاً إلى أنه يبقى حياً إلى هذا الزمن ولما كان رُفع وما زال في سن الشباب يرجع كما كان ويُكمل سن الكهولة بعد نزوله.

د. محمد: في أمة محمد.

د. مساعد: في أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

د. محمد: وفي قوله (وَمِنَ الصَّالِحِينَ) فيها الدلالة على أن العبرة بالولد هو الصلاح وليس العبرة بالولد لا الجمال ولا الكمال العقلي وغير ذلك وإنما هو صلاحه ولذلك لما دعا زكريا قال (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (38) آل عمران) والصالحون يقولون (قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي (15) الأحقاف) فالمهم أن تصلح هذه الذرية وليس المهم أن تكون كثيرة

د. مساعد: أو تكون ذكوراً

د. محمد: أو تكون ذكوراً أو يبلغ الشهادات العليا أو أن تصبح ذات منصب.

د. مساعد: مرّ هذا في الصالحين في قصة يحيى عليه الصلاة والسلام لما قال (وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (39) آل عمران) وهنا لم يذكر نبوة عيسى وإنما قال (وَمِنَ الصَّالِحِينَ) (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)

د. محمد: وفي قوله (قَالَتْ رَبِّ (47)) نلاحظ أن غالب خطابات الأنبياء وعباد الله الصالحين في القرآن لربهم تكون بلفظ الربوبية لأنه هو اللفظ الذي تستنزل به رحمة الله سبحانه وتعالى. يقولون ما خاطب أحدٌ الرب سبحانه وتعالى بلفظ الألوهية (اللهم) إلا عيسى عندما سألوه أن ينزل الله عليهم من السماء مائدة عندما قال (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء (114) المائدة) لأن هذا السؤال ما كان محض اختيار من عيسى فاستحضر جلال الله سبحانه وتعالى ثم بعد ذلك دعا بالربوبية فقال (اللَّهُمَّ رَبَّنَا) وإلاّ عامة مسائل الأنبياء تكون بلفظ الربوبية (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) الفرقان) (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) إبراهيم) (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) نوح)

د. عبد الرحمن: ودعاء نوح في سورة نوح كله بلفظ (رب)

د. محمد: فيقول ليس هناك دعاء بلفظ الألوهية إلا هذا الدعاء الذي ذكره عيسى في سورة المائدة لأنه لم يكن اختياراً منه وشعر أن هناك نوع من عدم الأدب مع الله سبحانه وتعالى في طلب شيء لأنه العادة أن الذين يطلبون هذا إنما هم مشركون يطلبون من أنبيائهم دع الله يفعل لنا كذا أو يصنع لنا كذا. فلما رأى أنه مضطر إلى ذلك سأل الله مستحضراً أو ذاكراً العظمة الألوهية ثم جاء بالربوبية.

د. مساعد: جميل. أيضاً من اللطائف في قصة عيسى عليه السلام ومقابلها قصة يحيى قال في عيسى لما بُشرت به قال (قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء (47)) وفي قصة يحيى قال (كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء (40)) ذكر الخلق وهو أخص لغرابة هذا الحدث لأنه خلقٌ لولد من دون أب وأما ذاك وإن كان فيه شيء من الغرابة إلا أنه اختير له الفعل لأنه أقل غرابة لأن الذكر والأنثى موجودان لكن يبقى صلاحيتهما لهذا وأما هنا فلا يوجد الذكر أصلاً فليس هنا صلاحية إطلاقاً ولهذا لا يجوز مطلقاً الآن لامرأة أن تأتي بولد لا سمح الله وتقول أنا مثل مريم، لا يمكن. فهذا معناه أنها حالة واحدة لا تتكرر فجاء فيها الإشارة إلى الخلق الدالة على الإيجاد والاختراع.

د. محمد: في هذه القضية لاحظت أن العرب لما نزل فيهم القرآن لم يستنكروا نسبة عيسى إلى أمه وأظن والله أعلم أن السبب في ذلك أن القرآن قدّم بخلق آدم.ما دام آدم خُلِق من غير أب ولا أم فعيسى في العقل أولى أن يُخلق من أم بلا أب.

د. عبد الرحمن: أيضاً هناك مسألة يا دكتور أن العرب كانت تنسب إلى الأم وكان يشتهر فيهم بعض الشجعان لكن كانوا ينسبون إلى الأم إذا كانت الأم فيها من الصفات الكرم والنجابة ما يجعلها جديرة أن يُنسب إليها الإبن ولذلك عدد كبير من شعراء الجاهلية ينسبون إلى أمهاتهم معروفين في العرب.

د. محمد: ولهم آباء؟

د. عبد الرحمن: ولهم آباء معروفين أيضاً مثل يزيد بن القطرية مثلاً ويزيد بن حبناء.

د. مساعد: ولهذا أحياناً قد ينتخي بأمه أو أخته أو يشير إلى أمه وأخته مثل قوله يا لهف زيابة. فمثل هذا الملحظ الذي ذكره بعض المفسرين من كون العرب كانت تأنف يبدو أنه لم يكن أنفة كاملة وإن كان نقول المقصد الأول هو الحقيقة هو المراد التنبيه على أن هذا الغلام الذي ولد ولد وهو بشر محض وهو من أم وإلا لا يخالف النصارى في كون عيسى عليه الصلاة والسلام ولِد مثلما يولد البشر ولهذا من يحاججهم من المسلمين يقولون كيف تختارون لإلهكم هذا المكان الذي يتنزه عنه الإله؟ أن يكون ولِد فدخل في جوف امرأة ثم خرج منها وما يصاحب هذا مما هو معروف من دم وغيره. فهذا لا شك أنه نوع من مخالفة العقل وحتى مخالفة الاحترام فيما يقولون أو ما يزعمون أنه إله أو ابن إله أن يقال فيه مثل هذا والله سبحانه وتعالى قادرٌ لأن يفعل غير هذا فكيف جاء بهذه الصورة؟ طبعاً عندهم فلسفات وعندهم أحياناً مثل ما عندنا مثل ما يسمى التأويل الصوفي الباطل، هم عندهم مثل هذه الأشياء يحاولون أن يلبّسوا عامتهم هم ويحتجوا بها وإن كانت ضعيفة في مثل هذه الأمور. ولهذا أنا أنبّه من يناقش النصارى أن ينتبه لهذه القضية في أن يقول قائل مع وضوح هذه الأدلة أفلم تكن هذه الأدلة مقنعة لجمهور النصارى وعلماء النصارى؟ أما جمهور النصارى فمساكين أتباع لقساوستهم. وأما هؤلاء فهم قسمان إما أن يكون متعصباً حاقداً وإما أن يكون صاحب دنيا فيخسر بدنياه وإما أن يكون بالفعل عنده شيء من الجهل فلُبِّس عليه لا يمنع أن يوجد مثل هذه الحالة وكل هؤلاء يجتهدون على أن يظهروا هذا الدين بصورة حسنة لأقوامهم الذين هم بينهم وكذلك ليدافعوا بها في حال المجادلة والمناقضة مع غيرهم من الأديان الأخرى.

د. محمد: في قوله (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ (49)) هذا يدل على أن عيسى عليه الصلاة والسلام

د. عبد الرحمن: خاصٌ ببني إسرائيل فقط

د. محمد: ومرسل إلى هذه الأمة أيضاً وليس كما تريد النصارى الآن أن تجعله للثقلين.

د. عبد الرحمن: وهذا الذي حصل الآن، هم الآن إن صح التعبير يدعون إلى عولمة النصرانية وهذا الذي حدث بعد اتفاقية (؟) المشهورة.

د. مساعد: ولكن هذا منصوص عليه في كتبهم ” إنما أُرسلت إلى خراف بين إسرائيل الضالة” هذا منصوص عندهم في بعض الأناجيل المعتبرة عندهم هذه العبارة والقرآن جاء موضحاً هذا.

د. محمد: أنا أذكر قصة ذكرها أحد المشايخ يقول إني قابلت قسيساً فتحدثت معه في ولادة عيسى كيف ولد فقلت له إعرض عليه ما تذكرونه أنتم في أناجيلكم، وطبعاً هم يدّعون أنه الرب أو ابن الرب) فذكر ذلك فيقول فحدثته بما في القرآن فتعجّب فقلت له أسألك بالله أيهما أحب إليك أن تحكي لابنك ما في القرآن عن ولادة عيسى أو ما في الإنجيل؟ يقول فأطرق ثم قال لي بل ما في القرآن لأنه أكثر أدباً وأجمل وأليق للعقل. قصة في غاية الروعة والجلالة والاحترام ويبقى بشراً من البشر وفيها آيات عجيبة لله سبحانه وتعالى في ولادة هذا النبي الكريم كيف أكرمه الله وأكرم أمه كيف درأت عن نفسها هذه الفرية العظيمة وكيف أن الله أنطقه وقال إني عبد الله آتاني الكتاب.

د. عبد الرحمن: أيضاً نعود إلى بشارة مريم عليها الصلاة والسلام بعيسى والصفات التي ذكرها الله تعالى، تلاحظون في هذه السورة بالذات أن الله تعالى أفاض في ذكر صفات عيسى وكلها صفات مدح وصفات ثناء وصفات تدل على أنه غير عادي وأنه من أولي العزم من الرسل وأن الله قد اختصه بمزايا وبصفات لم يختص بها غيره. فلاحظوا كيف امتدت الصفات التي وصف الله بها عيسى بشارة لمريم ثم دخل في قصة عيسى مع بني إسرائيل مباشرة فقال (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)) ثم قال (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (48) وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49)) (أني قد جئتكم) لاحظوا كيف التفت الحديث الآن إلى بني إسرائيل مع أن الحديث ما زال متوجهاً إلى مريم (ورسولاً إلى بني إسرائيل) ثم ينتقل الحديث مباشرة إلى عيسى وهذا نوع من الالتفات أليس كذلك؟

د. مساعد: نعم. لا بد من تقدير فعل

د. عبد الرحمن: تقدير سنين طويلة ولذلك يذكرون بعض الذين تكلموا في قصص القرآن أن من مزايا القصص القرآني أنه يتجاوز المراحل ويغفل التفاصيل فينتقل مباشرة.

د. محمد: التفاصيل التي ليس لها أهمية.

د. عبد الرحمن: طبعاً. (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم) هذا قول عيسى، (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ) هذه من معجزاته عليه الصلاة والسلام (وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ (49))

د. محمد: من هو الأكمه يا أبا عبد الله؟

د. عبد الرحمن: الذي وُلِد أعمى ممسوح، والعجيب أنهم يذكرون في بعض كتب التاريخ الإسرائيلي أنه كان منتشراً فيهم العمى. يبدو والله أعلم أنها أمراض مثل الجدري أو التي تصيب الناس بالعمى وقد عجز الطب عن علاجها. وإلى اليوم الذي فقد بصره من الذي يستطيع أن يرد عليه بصره؟ ما يستطيع. حتى الطب الحديث لم يستطع أن يصنع شيئاً.

د. محمد: وخصوصاً فيمن وُلِد أعمى. قد يعمى الإنسان مثلاً بعد الأربعين بسبب الماء الأبيض أو غير ذلك فهذا يُعالَج والناس يعرفون علاجه لكن أن يولد الإنسان أعمى فهذا في الغالب لا تكاد تجد أحداً يستطيع أن.

د. عبد الرحمن: (وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ (50)) هذه صفات عجيبة عظيمة جداً.

د. مساعد: والعجيب أنه في البداية قال (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ) وفي آخرها قال (وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ) تأكيد

د. عبد الرحمن: فهذا أدخل الطمأنينة تماماً على نفس مريم عليها الصلاة والسلام وأن الذي جاءها هذا ليس رجلاً عادياً وليس طفلاً عادياً وإنما هو طفل نبي مكرّم وجيه في الدنيا والآخرة يستحق أن تتحمل من أجله ما يقال عنها في عِرضها عليها السلام.

د. مساعد: في قوله (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ) ثم عطف (وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ) ولهذا المفسرون وقفوا عند الكتاب ما هو؟ إذا كان الكتاب لا يمكن أن يكون هو الإنجيل نفسه ولا التوراة لأنهما ذُكرا فقال بعضهم أن الكتاب المراد به جنس الكتاب من كتب الأنبياء السابقين وهذا فيما يبدو لي لا يمكن أن نقول لا يقع لكنه غير ظاهر في عادة الله سبحانه وتعالى مع أنبيائه خصوصاً أنبياء بني إسرائيل وإن قيل كتاب كما أشار أبو عبد الله بيده من الكتابة هذا قال بعضهم أن المراد به الكتابة يعني الكتاب مصدر بمعنى الكتابة فيكون وعلمه الكتابة وهو صغير فيكون هناك فرق بين الذوات. ولكن الذي ذهب إلى (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ) الذي هو جنس الكتاب قالوا إن ذكر التوراة والإنجيل من باب ذكر عطف الخاص على العام

د. محمد: يعني كأن العطف هنا عطف تفسير أو كذا.

د. مساعد: نعم. (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ) يعني جنس ما أُنزل على الأنبياء ويخصه بعلم التوراة وعلم الانجيل. والحكمة طبعاً معلوم هي

د. عبد الرحمن: هي حسن سياسة الأمور في تقديرها.

د. مساعد: المفسرون وقفوا عند (بإذن الله) وردت في موطنين ولم ترد في موطنين

د. عبد الرحمن: وهذا دليل على أنها ليست من عنده، فعلاً هي أشياء ملفتة للنظر أن تحيي الموتى. هذه من أفعال الله الخاصة لكنه عندما قال (بإذن الله) دلّ على أن هذه معجزة خص الله بها عيسى عليه السلام بإذنه سبحانه وتعالى.

د. مساعد: البعض قال (وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ) كأن عليها وقف ثم قال (وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ) يعني أن (بإذن الله) ترجع إلى إحياء الموتى. إبراء الأكمه والأبرص عند بعضهم أنه من الأشياء التي تعالج طباً قد يوصل إليها لكن إحياء الموتى لا يكون إلا بإذن الله.

د. عبد الرحمن: وأيضاً حتى نفخه للروح في الطير نفس الفكرة (نِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ) هذا أيضاً من إحياء الموتى.

د. مساعد: ولما جاء عند ما يدّخرون ما قال بإذن الله لأنه هذا من علم الغيب الجزئي هم يعرفون ما يدّخرون وقد يصل أحد إلى معرفة ما يدّخرون إذا استخدم بعض الطرق المعروفة. إذن المقصود أنه إذا جاء شيء خاص بالله سبحانه وتعالى جاء بـ(بإذن الله). ولذلك إذا شيء يمكن أن يكون للبشر فيه طريقة للوصول إليه من طرائق الإلهام لم تأتي (بإذن الله).

د. محمد: لكن هنا في قوله (وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ) إبراء عيسى للأكمه والأبرص كان بطريقة ليست موجودة عند الأطباء، يمسح على الأكمه على عينه فيعود مبصراً والأبرص الذي قد ابيضّ جلده يمسح عليه بيده فيعود سوياً كأن ليس به سوء.

د. مساعد: من الأشياء التي اشتهرت وأنا لم أجد لها في تاريخ بني إسرائيل سنداً وهي أن عيسى عليه السلام لما بعث بهذه الآيات قالوا أنه قد جاء في قوم قد اشتهر فيهم الطب مع أنه لا يعرف عن بني إسرائيل أنهم كانوا مشتهرين بهذا أي بالطب وهذه أول من وجدته أشار إليها الجاحظ أنه هو تكلم عن معجزات الأنبياء. طبعاً مثّل بموسى ومثّل بعيسى

د. محمد: موسى واضحة فيه كان السحرة والسحر فيهم.

د. مساعد: واضحة لكن أقول أنها ليست لازمة أن يأتي النبي بما برع به قومه. ففي إمام المرسلين صلى الله عليه وسلم محمد وقعت وفي موسى عليه السلام وقعت لكن هل كل معجزة لنبي يلزم أن تكون مما برع به قومه؟ نقول هي ليست لازمة ولكن اللازم من المعجزة أن تكون مما يُذعِن لها القوم ويعلمون أنها من عند الله أما كونها تكون مما برع به القوم فهذه ليست مضطردة وأيضاً الدليل التاريخي في نظري إلى الآن لم يقم على أنه قد اشتهر في بني إسرائيل في الفترة التي بُعث عيسى عليه الصلاة والسلام فيها أنهم كانوا قد اشتهروا بالطب فلا يُعرف لهم في ذلك مؤلفات ولا ذِكر في تاريخ الأطباء وغيره وتاريخ الأطباء مدوّن ومعروف.

د. عبد الرحمن: وأنا أعتقد يا دكتور ليست أيضاً لازمة يعني الملاحظة التي ذكرت قضية أنهم غير مشهورين بالطب هذه تحتاج إلى إثبات لماذا؟ لأنه لا يمكن أن تقوم هذه الحجة عليهم إلا أن يكونوا فعلاً قد عجزوا عندما يأتيك أبرص أو أكمه وقد عجزوا فعلاً عن علاجها ثم يأتي عيسى فيعالجها هذه لا شك أنها أبلغ في الدلالة لكن ليس بالضرورة لأن تاريخ بني إسرائيل ليس كله منقولاً أو مطبوعاً

د. مساعد: لكن كون العلماء يدونون تاريخ الفلسفة والفلاسفة وتاريخ الأطباء معروف ليس خافياً أطباء الهنود وفي اليونان وحتى في الصين الصين مشهورة بالطب وهناك مدونات عنهم فكيف في البقعة التي فيها الحضارة والكتابة ما حُفِظ منها شيء؟! فهذا لا شك أنه يدعو الغرابة. وكونه يبرئ الأكمه والأبرص لا يلزم لأنه قد انتشر الطب عندهم، حتى الآن لو وقع هذا لكان عجيباً بغض النظر عن كونه كان هناك طب أو لا.

د. محمد: أما قولك يا دكتور أبا عبد الملك أنه ليس لازماً لسلامة هذه المعجزة أن يكون الناس قد برعوا في جنسها فأن أقول أن هذا يمكن أن يكون استقراء ما وقع للأنبياء يُعلم أنه صحيح ونوح عليه السلام بنى هذه السفينة ولم يعرف قبلا سفينة قطّ ما عرف الناس السفن إلا من بعد نوع عليه السلام.

د. مساعد: وإبراهيم نجا من النار

د. محمد: إذن ما يلزم أن تكون المعجزة من جنس ما برع به الناس.

د. عبد الرحمن: لعل الجاحظ والذين قالوا في هذا أخذوها من قصة موسى

د. مساعد: قصة موسى ومحمد عليه الصلاة والسلام أثّرت لا شك ولهذا لا تجد أحداً يذكر رابعاً يعني ما أذكر أحداً وهو يتكلم عن الفكرة ذكر رابعاً من الأنبياء يعني مثلاً يوسف عليه السلام هل الملك وحاشيته برعوا في تأويل الأحلام مع أنهم قالوا له (قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ (44) يوسف) لكن هل هذا كان مشهوراً عندهم؟ وقِس على هذا لأن أحياناً تشتهر سبحان الله معلومة وتطبق في الكتب وتجدها غير مضطردة لما تمحص فيها خصوصاً أنها ليس لها أثر منهجي كبير جداً، هناك بعض المعلومات يكون لها أثرها المنهجي لكن إبراز أو تنبيه على أن هناك إشكال في هذه الفائدة لا شك أنه مما يحسن التنبيه عليه.

د. محمد: في قوله (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ) نلاحظ أن عيسى كأنما جاءت رسالته متممة لرسالة موسى وأنها ليست ديناً جديداً في كل ما يحويه الدين الجديد من شرائع ولذلك قال (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) ولذلك نجد أن النصارى يعتمدون في دينهم على العهدين العهد الجديد الذي هو الإنجيل والعهد القديم يدرسونهما على أنهما كتابان خاصان بهما.

د. مساعد: طبعاً ليس يبدو كل النصارى، أنا ظهر لي أنت كنت فهمت هكذا لكن يبدو بعض النصارى لا يؤمن إلا بما في الانجيل فقط وليس له في التوراة نفسها لا يعود للعهد القديم: هناك فائدة مهمة جداً ما دمنا في قضايا الحجاج مع بني إسرائيل أنا ألاحظ في بعض المنتديات النصارى الذين يحاجون المسلمين يطنطنون كثيراً حول النسخ تشكيك بدين الإسلام من جهة أنه كيف يوجد ناسخ؟ واذكر بعض النصارى المصريين في إحدى غرف البالتوك دعيت لطرح مفهوم النسخ عند المسلمين ومع الأسف ملحوظة هامة لا تجد أدباً من هؤلاء نسأل الله أن يهيدهم لا تجد أن عندهم أدب في الحديث عن الله سبحانه وتعالى يعني سبحان الله يتكلم بأسلوب كأنه يتكلم عن بشر، يقول هو ربكم كان ناسي ثم ذكر ؟ بطريقة ليست جيدة فكان حتى على الأقل إحترام الاعتقاد العام في كوننا نؤمن بربوبية الله سبحانه وتعالى. المقصد يطنطنون حول هذا وهذه الآية تشير إلى وجود نسخ لأنه أحلّ بعض ما كان محرّماً لهذا أقول عندما تدخل في النقاش مع هؤلاء يجب أن تحرر مفهوم النسخ عندهم ما هو؟ وهو موجود في الكتاب عندهم كثير. ولهذا من الطرائف نصراني كان يناقش فقلت له أنتم الآن لا تختنون أليس كذلك؟ قال نعم، قلت وعندكم الآن في موعظة الجبل أن عيسى عليه السلام صعد الجبل واختتن على الشريعة المسوية عندكم فمن الذي حرّم هذا الاختتان؟ من الذي نسخ الاختتان؟ لأن هذا مفهوم النسخ كونه الآن فعل فعله عيسى عليه السلام معناه أن هذا شريعة، من الذي ترك؟ الذي ترك لا بد أن يكون قد نسخ إلا إذا كان النسخ عندهم له مفهوم آخر ولهذا بعض الملحدين جمع وقائع النسخ الموجودة في العهدين القديم والجديد. ولذلك أقول لا بد أن يُحرر المفهوم قبل الدخول في النقاش والنزاع.

د. محمد: وجاءت الإشارة إليه في نفس السورة أيضاً في قول الله عز وجل (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ ِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (93)) معناه أنه لما نزلت التوراة تغير الحكم، إذن فموسى نسخ شيئاً من شريعة يعقوب.

د. عبد الرحمن: النسخ واضح جداً في التوراة والانجيل كما ذكر الدكتور مساعد. أختم بالآية التي يقول تعالى فيها على لسان عيسى (إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (51)) تلاحظ في هذه الآية القصيرة كيف بين حقيقته هو عليه السلام وأنه بشر وأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو المعبود فقال (إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) هذه آية فاصلة بين من تزعمون أنه إله أو أنه ابن الله وأنه يستحق ما يستحق الله سبحانه وتعالى من العبادة والدعاء وبين الحقيقة التي يذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه وأنه عبد نبي من الأنبياء ولد لأمه مريم بالطريقة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى بعث الله ملكاً فنفخ فيه من روحه كما ذكر في هذه التفاصيل فاعبدوه هذا صراط مستقيم فكأن هذه الحقيقة التي بيّنها عيسى عليه الصلاة والسلام واضحة لا لبس فيها يقتنع بها العقل ويصدقها أما الذي يزعمونه من أنه إله أو إبن إله هذه لا تدخل العقل. ولذلك حتى عندما يقولون هم ثلاثة في واحد

د. محمد: أو واحد في ثلاثة

د. عبد الرحمن: أنه الله الأب والإبن والروح القدس في عيسى لديهم فلسفة في هذه الفكرة لكنها أيضاً غير معقولة المعنى

د. مساعد: ولهذا لا يتعبون أنفسهم عامتهم لا يتعبون أنفسهم بالتفكير فيها أصلاً

د. محمد: يقال له هذا شيء لا تستطيع أن تفهمه ولا يفهمه إنسان إلا إذا كان ملكوتياً يعني إنسان يحلِّق في عالم الملكوت أما دمت في الروح الناسوتية يعني في عالم الناس فأنت لا تستطيع أن تستشعر هذا.

د. مساعد: وهذا مما قلته قبل قليل أنهم يلبِّسون على العامّة في مثل هذه التأويلات العجيبة.

د. محمد: لكن في قوله (إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) الحقيقة أن عيسى دلهم على عبودية الله بذكر الربوبية فقال (إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ). الربوبية تستلزم الألوهية ما دام هو الرب الخالق الرازق المتصرف المالك السيد إذن يجب أن يكون هو المعبود وهذه قاعدة عقلية أنه من كان رباً يجب أن يكون مألوهاً معبوداً.

د. عبد الرحمن: وهذه كثيرة في القرآن الكريم (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ (31) يونس) (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ (16) الرعد) يستدل بالربوبية على الألوهية.

د. محمد: بل في أول آية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) البقرة)

د. مساعد: هذه الآية ايضاً تذكرنا بالموقف العظيم الذي يقفه عيسى عليه السلام أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة (َأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ (116) المائدة) قال (قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116)) وهذا الاستطراد شبحان الله والإطناب مع الله سبحانه وتعالى، هذا السؤال كان مجملاً كان يمكن أن يقول لا، لكن انظر سبحان الله هذا الإطناب (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) لعظمة هذه التهمة أنها لا تليق به (إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) هذا ما قاله (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ).

د.محمد: وهنا أيضاً يا إخواتي لما قال لهم هذه الحقيقة وبين لهم غاية البيان وجاءت هذه المعجزات والآيات الظاهرة في كلامه وفي أفعاله قال (فلما أحس عيسى منهم الله) لاحظ لم قال لما عرف عيسى أنا أظن أن عيسى عرف منهم الكفر قبل الإحساس لكن ما يحكم عليهم بالكفر ولا يلجأ إلى هذه الوسيلة في أن يقول من أنصاري إلى الله إلا بعدما أحسه إحساساً ولمسه لمساً من تعاملهم وتصرفهم وعدم إذعانهم وقبلوهم بما جاء به أحس عيسى منهم الكفر

د. مساعد: يعني كأنك تريد أن تقول أنه صار في مقام الحس عنده

د. محمد: نعم صار في مقام الحس عنده. ونأخذ من هذا بأنه ما يحكم على إنسان بالكفر إلا بعد أن يُحس منه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الغلاة قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان. يعني لا تكفِّرون بالظن أو بالتوهم أو بعض المقدمات المنطقية التي تستدلون بها على كفر فلان

د. مساعد: أو اللوازم.

د. محمد: أو اللوازم وإنما شيء ظاهر يدلكم على كفر هؤلاء الذين تريدون تكفيرهم.

د. عبد الرحمن: طبعاً الحقائق التي يجليها الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات يجب أن نستشعر عظمتها لأتها تبين لنا حقيقة الديانة النصرانية أو الذين يسمون المسيحيين. يعني الآن الآيات صريحة في أنه (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ) فعيسى عليه الصلاة والسلام كان خاصاً لبني إسرائيل خاصة فقط ولذلك لما جاءته المرأة السورية كما ذكر الدكتور مساعد قال ” إنما بعثت لهداية الخراف الضالة من بني إسرائيل” يقول ما عندي صلاحيات أنني أنتقل بالدعوة إلى سوريا وإلى مناطق أخرى فكيف الآن بالذين يبشرون ويسمون التنصير للعالم كله ويدعون الناس للدخول في النصرانية ودين عيسى عليه السلام ليس كذلك.

د. محمد: بهذه الفائدة لعلنا إن شاء الله نختم هذه الحقلة وتلاحظون يا إخواني مهما حاولنا أن نصل إلى نهاية في أخذ الفوائد والاستنباطات من هذه الآيات العظيمة نجد أننا أمام بحر لا تدكره الدلاء. أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بكلامنا وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته نقول جميعاً سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بُثّت الحلقة بتاريخ 20/5/2009م