برنامج بينات

برنامج بينات 1433هـ – الحلقة 4- تأملات في سورة النساء آية 142

اسلاميات

الحلقة الرابعة

بينات – رمضان 1433 هـ

الآيات 142 – 143

الشيخ مساعد الطيار: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أيها الإخوة والأخوات مع برنامجكم برنامج بينات نكمل ما كنا وقفنا عليه عند قوله سبحانه وتعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)). نبتدئ من قوله سبحانه وتعالى (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى) وهذه الحقيقة فيها ملحظ لغوي وهي أن قوله سبحانه وتعالى (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا) لو قلنا (قَامُوا) ووقفنا فإنها لا تصلح لغة تقول إذا قام قام إنما لا بد من وجود

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (كُسَالَى)

الشيخ مساعد الطيار: لا بد من وجود حال، مثل ما قال (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)) [الفرقان] لم يقل (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا) فهذه من لطائف اللغة أنه إذا أعاد الفعل الذي هو جواب الشرط بنفس الفعل الذي هو فعل الشرط

الشيخ محمد الخضيري: يقرنه بحال.

الشيخ مساعد الطيار: يقرنه بحال قال (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى) فهذه من لطائف اللغة.

الشيخ محمد الخضيري: في هذه الآية يا أبا عبد الملك لعلنا نحصي الأفعال التي ذكرها الله عن هؤلاء المنافقين بما أنه الآن بدأ بصفة جديدة لهم. طبعاً ذكر أول ما ذكر أنه يؤمنون ثم يكفرون ثم يؤمنون ثم يكفرون هذه بداية الأمر، ثم قال (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) هذه الثانية، الثالثة أنهم يجلسون في المجالس التي يُسمع فيها آيات الله فيستهزئ بها ويُكفر بها، الرابع أنهم يتربصون بكم (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141))، الخامس يخادعون الله، السادس إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى هذا السادس، أنا ألاحظ فيما سبق

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وباقي في حاجات قادمة.

الشيخ محمد الخضيري: طبعاً (يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)) هذه الثامنة ثم الباقي كله تعليق على هذا الأمر هي ثمان صفات ذُكِرت في هذا المقطع. تلاحظ أن الصلاة جاءت بعد هذه الأمور التي هي أمور قلبية مما يؤكد على أن الصلاة والأعمال العملية إنما هي أثر

الشيخ مساعد الطيار: من آثار القلب.

الشيخ محمد الخضيري: لاستجابة القلب وقبوله إلى الحق فإذا استجاب القلب وقبِل الحق وأقبل عليه بصدق وآمن به فإن البدن تابع يستجيب مباشرة. ولذلك في سورة الأنفال وهي سورة قريبة من سورة النساء في مشاهدها وأحوالها خصوصاً عندما ذكر المنافقين وما يتصل بهم قال (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)) كم صفة؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثلاث.

الشيخ محمد الخضيري: ثلاث كلها قلبية ثم بعدها (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ) طيب متى جاءت إقامة الصلاة؟ بعدما سلِم القلب وامتلأ بالإيمان ولذلك نحن بحاجة الحقيقة عندما نرى إنسان يتكاسل عن الصلاة أن

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نحذره.

الشيخ محمد الخضيري: نزوده بالإيمان.

الشيخ مساعد الطيار: نربي قلبه.

الشيخ محمد الخضيري: نربي قلبه يطهّر قلبه من النفاق، من الضعف، من عدم مراعاة اليوم الآخر، العلم بالله عز وجل، العلم بأسمائه وصفاته، هذه الأشياء هي التي تبعثه على أن يقوم إلى الصلاة ومشمراً عن ساعده.

الشيخ مساعد الطيار: في قوله (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ) يعني أثبت لهم فعل ماذا؟ القيام. لكن هنا قام إلى الصلاة وليس أقام يعني لم يمدحهم بالإقامة لأنهم ليسوا حريصين عليها وإنما ذكر الفعل معنى ذلك أنهم يشاركون المسلمين

الشيخ محمد الخضيري: في الصلاة.

الشيخ مساعد الطيار: في بعض الأعمال الظاهرة فقد يخدعون المسلمين بوجودهم بينهم بمثل هذه الأعمال ولهذا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان الصف خلفه صلى الله عليه وسلم وبعضهم من المنافقين فمن الذي يُدري الصحابة أن هذا من المنافقين أو لا؟ يعني دعك من السابقين المعروفين بقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم لكن كثير من الذين كانوا يصلون معه من الذي يدري الصحابة أن هؤلاء كانوا منافقين أو لا فإذاً هم يعملون بنفس العمل وإن كانت هناك صور أظهر النبي صلى الله عليه وسلم فيها الإشارة إلى وجود النفاق في مثل عدم حضور صلاة الجماعة هذه جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مقياساً.

الشيخ مساعد الطيار: مقياساً واحداً من المقاييس التي يقاس بها المنافق من غير المنافق.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيضاً في قوله (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ) هذه صفة لكن أنا الحقيقة كلامك عندما عددت صفات المنافقين في الآيات يا دكتور محمد لفت نظري إلى مسألة مهمة وهي نحن عندما نتحدث عن المنافقين والنفاق نسأل الله سبحانه وتعالى أن يطهّر قلوبنا من النفاق نحن لا نزكّي أنفسنا ونخاف على أنفسنا من النفاق خوفاً شديداً ونحذِّر دائماً وينبغي دائماً أن نحاسب أنفسنا ولذلك أنا ظهرت لي فكرة لو يكتب كاتب وفيه بحوث الحقيقة يعني هناك بحث قيّم للدكتور عبد العزيز الحميدي “المنافقون في القرآن الكريم” وهناك أيضاً بحث لزميلنا الدكتور عادل الشدي عن “ظاهرة النفاق في القرآن الكريم” وكلاهما بحثان متميزان يعني توقفوا مع كل الآيات التي وردت في المنافقين في القرآن الكريم وبيان صفاتهم لو يضع الإنسان أمامه حتى لو يصمم ورقة بالفوتوشوب أو غيره الصفات التي ذكرها الله للمنافقين حتى يحذرها الإنسان وينتبه منها يعني أنت المفترض حتى يومياً إنك تراجع نفسك وتعرض نفسك على هذه الصفات يعني صفة (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)) هذه صفة خطيرة جداً نتلبّس بها ونحن لا نشعر، يعني التفريط في ذكر الله سبحانه وتعالى. الأمر الثاني القيام إلى الصلاة بكسل وتكاسل وهذا للأسف يعني واقع في كثير من مجتمعاتنا وأنتم تلاحظون هذا والله إننا نرى في صلاة الفجر يعني أحياناً ينتظر الإمام والمؤذن حتى يأتي واحد أو اثنين حتى تكتمل الجماعة من قلة الناس ثم إذا جاء وقت المغرب يمتلئ الصف أو ربما المسجد أحياناً فهناك مشكلة إذا جاء رمضان، فهذه الصفات في الحقيقة بالرغم من أننا نحذِّر منها حتى نحذر من المنافقين ومن أهلها إلا أيضاً المفترض أن كل واحد منا يتعاهد نفسه ويخاف على نفسه من النفاق ونحن مهما بلغنا فلسنا عشر ولا معشار عمر رضي الله عنه.

الشيخ محمد الخضيري: الذي كان يخاف على نفسه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عندما كان يخاف على نفسه من النفاق ويأتي يسأل حذيفة يا حذيفة هل عدّني رسول الله من المنافقين؟

الشيخ محمد الخضيري: وقال أنس رضي الله عنه أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه وما فيهم منافق لكن كانوا يخافون على ذلك وكان الحسن البصري يقول: ما أمِنَه إلا منافق وما خافه إلا مؤمن كأن فيه نوع من التجاذب أو الدوران متى جاء هذا

الشيخ مساعد الطيار: انتفى ذاك.

الشيخ محمد الخضيري: نعم فإذا خاف الإنسان من النفاق فإنه إن شاء الله يرجى له السلامة منه وإذا أمِن وقال أنا منافق؟! ما يمكن أنا عارف نفسي فهذا والعياذ بالله على شفا جرف هار نسأل الله العافية والسلامة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعني أذكر لكم موقف طريف كنت ربما في الثانوية وكان والدي رحمه الله رجلاً كبيراً في السن ولكنه لم يتعلم يعني تعليماً يؤهله للقراءة والكتابة فتأخر علينا واحد كبير في السن أيضاً أكبر من أبي يمكن بعشرين سنة فلما جاء تأخر علينا يمكن ساعة فقال له والدي رحمه الله يا فلان تأخرت علينا وهذه من صفات المنافقين فوالله وقعت في نفس هذا الرجل وسألني طبعاً ذهبنا المشوار وانتهت القضية لكن قال فعلاً التأخير في الموعد إنه من صفات المنافقين؟! فقلت له يمكن إن قصد الوالد وإذا وعد أخلف.

الشيخ محمد الخضيري: وهذا الظاهر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً هذا قصده فوالله لقد رأيت هذا في نفسه، اهتم به هذا الرجل وبدأ فعلاً وقال والله يغفر لنا والله إننا نفرط في هذا والمفروض إننا نكون حريصين على المواعيد.

الشيخ محمد الخضيري: عجيب!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إيه والله.

الشيخ محمد الخضيري: موعظة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله أنا شخصياً تأثرت بهذا وصرت سبحان الله كل ما سمعت هذا الحديث تذكرت ذلك الموقف فعلاً وإذا واعد أخلف، والنبي صلى الله عليه وسلم قال «آية المنافق ثلاث إذا حدّث كذب» والله لو يعرض الواحد نفسه على هذا الحديث يمكن يطلع إذا ائتُمن خان وإذا خاصم فجر وإذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف فينبغي الواحد فعلاً أن يتعاهد الإنسان نفسه عند مثل هذه الأشياء لأنها بالرغم من أن بعضهم يقول هذا نفاق عملي وهذا نفاق اعتقادي ويفرّق بينها لكن ينبغي على المؤمن أن يحرص على أن يتبرأ منها

الشيخ محمد الخضيري: صفات النفاق فيجب عليه أن يحرص على ألا يتصف بشيء منها في قوله تفضل يا أبو عبد الملك.

الشيخ مساعد الطيار: أنا كنت سأرجع فقط إلى (وَهُوَ خَادِعُهُمْ) لكن إذا كان فيه شيء.

الشيخ محمد الخضيري: لا ارجع إليها وأنا بعدها.

الشيخ مساعد الطيار: الحقيقة كان في ذهني لكن نسيته أن المخادعة التي تكون من الله سبحانه وتعالى لها صور فمثلاً في الدنيا هم يخادعون الله ويخادعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخادعون المؤمنين من أجل إبقاء حياتهم ومنع دمائهم وأموالهم وأعراضهم فيحتمون بالإسلام من هذه الجهة والله سبحانه وتعالى يعطيهم هذه الحماية ولكن يدّخر لهم يوم القيامة العذاب فهذا نوع من المخادعة فهم يظنون أنفسهم على خير وهم ليسوا كذلك ولهذا جاء عن السدّي وعن جماعة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا من مخادعة الله لهم.

الشيخ مساعد الطيار: إيه من مخادعة الله لهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يظنون أنهم سلِموا.

الشيخ مساعد الطيار: نعم. يعني السُدّي وجماعة قالوا يعطيهم يوم القيامة نوراً يمشون به مع المؤمنين يعني يأخذون شيئاً من النور لكن ما الذي يحصل؟ قال كما كانوا معاً في الدنيا الآن المشابهة ثم قال: ثم يسلبهم ذلك النور فيطفئهم فيقومون في ظلمتهم ويضرب بينهم بسور.

الشيخ محمد الخضيري: (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ) [الحديد:13] كما في سورة الحديد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وكما في سورة البقرة أيضاً في المثل الناري (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)) فهذا ينطبق عليهم تماماً.

الشيخ مساعد الطيار: فهذا أيضاً قصدي أنه أحياناً بعض الناس يتطلب معنى المخادعة بالألفاظ ما المراد بالخداع ثم يتصور بعض المعاني السيئة في هذا فيريد أن ينفي عن الله سبحانه وتعالى هذه المعاني مع أن السلف مرّوا على هذه وذكروا صور واضحة جداً جداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثم ما دامت جاءت في مقابلة فعلهم فهي صفة كمال لله سبحانه وتعالى.

الشيخ محمد الخضيري: التي ذكرتها حتى نبينها لإخواننا المشاهدين (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ).

الشيخ مساعد الطيار: يعني انتظرونا.

الشيخ محمد الخضيري: انتظرونا (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) في يوم القيامة عندما يؤتى المؤمنون أنوارهم بأيمانهم فتضيء أنوار المؤمنين ويمشى هؤلاء معهم تنطفئ الأنوار عنهم فيقولون (انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ) من خلف الأسوار (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كنتم معنا.

الشيخ محمد الخضيري: كنتم معنا في ظاهركم تصلّون إلى آخره حتى تجاهدون أيضاً (وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ) تربصتم (وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أنتم ومن كنتم معهم الآن خلاص، الحقيقة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا المستقبل.

الشيخ محمد الخضيري: هذا المستقبل وهذه الخديعة التي ليس بعدها خديعة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والخسران الذي ليس بعده خسران.

الشيخ محمد الخضيري: إي والله. قال (يُرَاءُونَ النَّاسَ) بعد قوله (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى) الرياء طبعاً معروف هو أن يتظاهر الإنسان بالعمل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الصالح

الشيخ محمد الخضيري: لا يريد به وجه الله وإنما يريد به أن يراه الناس ومثله التسميع ولكنه في الأشياء المسموعة قال النبي صلى الله عليه وسلم «من يرائي يرائي الله به ومن يُسمِّع يُسمّْع الله به» يعني يفضحه سماعاً وذاك يفضحه مشاهدة ورؤية، لماذا جاء الرياء بعد الصلاة؟ سؤال.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عمل لا بد أنك تقوم به مع الجماعة.

الشيخ مساعد الطيار: خلاف الصوم.

الشيخ محمد الخضيري: دعك من الصوم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تصدق هذه الآية إنها دليل ممتاز على صلاة الجماعة صح وإلا لا؟ كنت ستستنبطها أنت أكيد.

الشيخ محمد الخضيري: لا أنا كنت بأقول أنه (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ) قال بعدها (يُرَاءُونَ) لأن الرياء لا يقع إلا فيما يُرى والصلاة تُرى، ماذا تراه بعد ما يكون من أعمال القلب؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)).

الشيخ محمد الخضيري: قصدي يا أبا عبد الله إنه أعمال القلب لا يقع فيها الرياء ولذلك يقول العلماء تتميز أعمال القلب على أعمال البدن بأنه لا يقع فيها الرياء يعني التوكل ممكن واحد يرائي وهو يتوكل؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا طبعاً.

الشيخ محمد الخضيري: ما يمكن أو يرائي وهو يحسن الظن بالله؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني لا يدخلها الرياء.

الشيخ محمد الخضيري: لا يدخلها الرياء بينما أعمال الأبدان يدخلها الرياء ولذلك يجب على الإنسان في أعمال الأبدان أن يحرص على أن لا يشوبها شائبة من شوائب الرياء ولذلك قال هنا (يُرَاءُونَ النَّاسَ) يعني لا يقومون إلى الصلاة إلا من أجل نظر الناس من أجل أن يكسبوا المحمدة أو يحفظوا أبدانهم وأموالهم من أن تكون للمسلمين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني كأن الآية والله أعلم وأيضاً إيضاح الفكرة (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ) المقصود بها هنا صلاة الجماعة حتى يتحقق فيها الرياء لأنها إذا كان قاموا إلى الصلاة في البيوت.

الشيخ محمد الخضيري: بيوتهم مثلاً ما حصل هذا الشيء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما فيها مراءاة مما يدل على أن صلاة الجماعة هي الأصل صحيح أنه ليس هناك أدلة صريحة واضحة في القرآن الكريم على صلاة الجماعة إلا في قال (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)) [البقرة] وأمثالها من الآيات لكن هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

الشيخ مساعد الطيار: طيلة عمره.

الشيخ محمد الخضيري: وهي سُنّته القائمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك التهوين منها وجعلها شيء جانبي والناس تصلي في بيوتهم والله إنه من التهوين من أمر الصلاة وإن الصلاة لا تكون إلا مع الجماعة لمن يسمع النداء والنبي صلى الله عليه وسلم ما وجد أيّ عذر للرجل الذي إليه قال هل تسمع النداء؟ قال نعم قال فأجِب مع أنه رجل كان عنده ظرف قاهر أعمى وليس له من يقوده وبينه وبين المسجد

الشيخ محمد الخضيري: والواقع يشهد بذلك يا أبا عبد الله أن الذي يعتاد أن يصلي في بيته ما يزال به الشيطان حتى يؤخرها ثم يجمع الصلاتين ثم الأربع ثم يتهاون بها حتى يقول الكلمة المعهودة إذا كبرت إن شاء الله أواظب على الصلاة أو إذا حججت سأكون من أهل الجماعة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبحان الله صلاة الجماعة لها جوانب عظيمة يفتقر إليها من تفوته صلاة الجماعة والله حدثني أحدهم كان مفرّطاً في صلاة الجماعة ثم هداه الله سبحانه وتعالى فجلسنا بعد المسجد يوم وجلست أقرأ فقال أريد أن أتحدث معك إذا كان ممكن قلت تفضل فقال يا أخي سبحان الله العظيم صلاة الجماعة لها فوائد عظيمة يعني تُشعِر الإنسان بالأخوة الإيمانية بالحياة مع المجتمع المسلم بالشعور بالآخرين ترى واحداً يقوم يطلب تشعر بحاجة الناس هناك ناس فقراء مساكين تسمع بواحد توفي تذهب وتعزي.

الشيخ محمد الخضيري: مريض تعوده.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى أنت نفسك صحياً ونفسياً فيها دعم نفسي لك كبير جداً عندما تصلي مع الناس وترى الناس وتذهب أولادك ينشأون في ظل مجتمع مسلم يصلي ويذكر الله هذا يخطب، هذا يلقي كلمة، هذا يلقي درس، أما الذي يصلي في البيت يفتقر إلى كل هذه المعاني لا يدري عنه أحد إذا مرض ولا إذا توفي له قريب، لا أحد يعرف عنه وكيف تلوم الناس؟! واحد أذكر مات له قريب ولا يصلي في المسجد فذهبنا نسلّم عليه فقال والله ما عندكم خبر وكذا فقال له واحد من الجماعة بصراحة قال لو كنت تصلي معنا لكنا عرفنا إنه توفي لك أحد لكنك الله يهديك ويسامحك مقاطع المسجد ولا تصلي معنا الجماعة نحن لا نريد منك شيء والله ما نريد منك أي مقابل مادي ولا رسوم مادية حتى تصلي في المسجد.

الشيخ محمد الخضيري: ولا ينفعنا ذلك نحن في أنفسنا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولكن نريد من أجلك أنت، أنت أخونا وأنت جارنا وأنت حبيبنا.

الشيخ محمد الخضيري: قالها واحد من جيراننا أيضاً مرض ثلاثة أشهر في بيته ما عاده واحد من الجيران.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهو لا يصلي في المسجد؟

الشيخ محمد الخضيري: كان يصلي ويخلّي ككثير من المسلمين مع الأسف فلما يُفتقد أحياناً ما أحد ينتبه له لأنه غير مرتبط بالجماعة فالناس ما افتقدوه ثم لما طاب جاء للمسجد والتقوا به بعد الصلاة قال ثلاث شهور في البيت! كيف ندري عنك وأنت لست مواظباً؟!.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يعيننا على أنفسنا.

الشيخ مساعد الطيار: لعلنا نقف لفاصل ثم نعود بعده نواصل هذه الحلقة.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

تقرير عن مركز تفسير – ملتقى أهل التفسير – البوابة الإلكترونية

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ مساعد الطيار: حياكم الله أيها المشاهدون والمشاهدات ونعود لاستكمال ما وقفنا عليه في قوله سبحانه وتعالى (يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)) في صفة المنافقين. في خاتمة هذه الآية قال (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ).

الشيخ محمد الخضيري: قبل ذلك يا أبا عبد الملك إذا أذنت لي.

الشيخ مساعد الطيار: تفضل.

الشيخ محمد الخضيري: الرياء لا بد أن نحذِّر الناس من الرياء. الحقيقة الرياء يعني خطير جداً على عمل الإنسان ولا يسلَم منه أحد لا يكاد يسلَم منه أحد يعني حتى أيضاً يطمئن الواحد إلى أنه يسعى بقدر ما يستطيع ومع ذلك قد يصيبه شيء منه ولكن له ولله الحمد علاج وكفارة عندنا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه «أنا أغنى عن الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» هذا يدلنا على ماذا؟ على خطورة الرياء وأنه يُحبط العمل وأنه يذهب بركته وفائدته وأن الله لا يقبل العمل الذي أشرك الإنسان فيه شيئاً فعلى المسلم أن يطهّر عمله من الرياء لا يبني مسجد ليقال بناه فلان، لا يصوم من أجل أن يقول الناس إنه صائم، لا يصلي مع الجماعة يا أبا عبد الله كلامنا قبل قليل تروح تصلي مع الجماعة من أجل الناس يقولون فلان يصلي مع الجماعة، لا، تصلي مع الجماعة لأجل الله، تتصدق لأجل الله، تعتمر، تحج، تقرأ القرآن كان بعض السلف يتوقون الرياء حتى إنهم كانوا إذا كانوا فاتحين المصاحف وشعروا بأحد أو بحس أو بصوت أغلقوها ليس يغلقونها إلا خوفاً

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من الرياء.

الشيخ محمد الخضيري: من الرياء كان الصحابة رضي الله عنهم يتوقون ذلك كثيراً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولكن ليس معنى هذا أنك تترك الصلاة من أجل الخوف من الرياء.

الشيخ محمد الخضيري: وفي المقابل أيضاً هي ميزان، العمل الذي تنوي أن تقوم به لله تقوم به على كل حال اِفترض الآن أن من عادتي أن أصلي الضحى وجئت إلى جماعة من الناس وجاء الوقت الذي أصلي فيه الضحى أقوم وأصلي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما تقول والله أنا لو قمت سيقولون هذا مرائي.

الشيخ محمد الخضيري: لا تتركها لأجل الرياء ولا تعملها أيضاً من أجل الناس، كلا طرفين هذا الأمر مذموم. وما هي الكفارة؟ لو أن إنسان وقع وما منا من أحد إلا وهو يقع أو يصيبه شيء من هذا الرياء الكفّارة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وهي أن يقول الإنسان: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم. لأنه بعض الرياء يقع عند الإنسان وهو لا يعلم به وهذه مشكلة الرياء أنه بعضه خفيّ خفاء شديداً قال النبي صلى الله عليه وسلم «الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل» فمعنى ذلك أن الإنسان لا يكاد يسلَم من هذا الرياء لكن له كفّارة ولله الحمد تمحوه. قد يقول قائل الآيات التي وردت في سورة النساء والتي ستأتي أيضاً لا، آسف استغفر الله كلها سبقت (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) هل يدخل فيها الرياء؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (مَا دُونَ ذَلِكَ) طبعاً.

الشيخ محمد الخضيري: فمن العلماء من يقول (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) شامل للشرك الأكبر والشرك الأصغر وهذا خطير حقيقة ومن العلماء من يقول إن المراد بالآية الشرك الأكبر فالآية حقيقة تحتمل أيضاً دخول الشرك الأصغر لأنه جنسه.

الشيخ مساعد الطيار: ابن عباس استدل بها على الشرك الأصغر.

الشيخ محمد الخضيري: نعم على الشرك الأصغر.

الشيخ مساعد الطيار: مما يدل على أن مساق الآية كونه جاء في الشرك الأكبر لا يمنع من إدخال قياساً الشرك الأصغر.

الشيخ محمد الخضيري: فيقول بعضهم وأظن منهم شيخ الإسلام في بعض فتاواه قال: جنس الشرك لا يغفره الله سواء كان أكبر أو أصغر جليّ أو خفيّ وهذه الحقيقة تجعل المسلم على حذر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وينبغي أن يكون حساساً جداً في هذا الموطن.

الشيخ محمد الخضيري: في هذا الباب تكون عندك حساسية بالغة لئلا تقع في شيء مما يقدح في إيمانك من الشرك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأن ترى البعض يتحسس ويقول تراكم أنتم أزعجتونا كل شيء شرك، شرك، شرك والله الموضوع ترى يستحق إنك تُزعج من أجله.

الشيخ محمد الخضيري: إبراهيم عليه السلام.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنك تكثر من الحديث حوله.

الشيخ مساعد الطيار: إبراهيم بعد أن بنى الكعبة (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)) [إبراهيم].

الشيخ محمد الخضيري: خاف على بنيه من الشرك.

الشيخ مساعد الطيار: وخاف على نفسه وهو إمام المتقين.

الشيخ محمد الخضيري: ولم يشرك لحظة من حياته (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)) [النحل].

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من فوائد الآية التي ظهرت لي الآن في قوله سبحانه وتعالى (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى) ما دام ذمّ المنافقين بأنهم يقومون إلى الصلاة وهم كسالى فهذا دليل على أنه ينبغي على المسلم أن يقوم إلى الصلاة وهو نشيط وهو مقبل وهو مستبشِر وهو فرِح والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول «أرحنا بالصلاة».

الشيخ محمد الخضيري: بل يا أبا عبد الله لا يؤخذ منها أن يقوم المسلم إلى الصلاة وحدها بل إلى كل أعمال الخير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وكيف ذلك؟

الشيخ محمد الخضيري: كيف ذلك؟ لما ذكر الله عز وجل أعمال الخير والقيام لها ذكره بصفة السعي (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)) [النجم] قال مسارعة سارعوا (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)) [المطففين] وقال جل وعلا في سورة الإسراء (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) [الإسراء:19] التعبير بلفظ السعي يدل على ماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) [الجمعة:9].

الشيخ محمد الخضيري: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) يدل على أن المسلم ينبغي له أن يقوم بجميع أعمال الخير والبر والعبادة والطاعة بهمة وإقبال نفس وانشراح صدر وليس متخاذلاً يؤدّيها كأنه مغصوب أو مقهور.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله حتى في أعمال الدنيا سبحان الله أنت إذا أردت عملاً من أعمال الدنيا ينبغي لك إنك تحب أنه يأتيه الواحد وهو نشيط وهو مُقبل حتى لو استأجرت لك عاملاً مثلاً نجاراً يشتغل يوم ويغيب يومين كيف سيكون موقفك؟

الشيخ محمد الخضيري: والله يا أخي إنك تأنف منه وتتململ.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فكيف بأعمال الآخرة التي هي الأعمال الحقيقية؟.

الشيخ مساعد الطيار: قوله (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)) طبعاً هذه أيضاً من صفات المنافقين ومثل ما ذكرتم قبل قليل أن النظر إلى الضد أن الأصل في المؤمن كثرة الذكر وقد مدح الله سبحانه وتعالى الذاكرين قال (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ) [الأحزاب:35] وقال (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [البقرة:152] وقال (وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)) [الأحزاب] فإذاً كثرة الذكر مطلوبة ومن علامات الإيمان وليس فقط مجرد الذكر لأنه المسلم في الغالب لا يمر عليه يوم إلا ويذكر الله سبحانه وتعالى لكن هل هو الذكر الذي تُمُدِّح به المؤمن؟ الجواب لا وإنما الذي تُمُّدِّح به هو الذكر الكثير، إذاً كثرة الذكر هي المطلب الذي يسعى إليه المسلم.

الشيخ محمد الخضيري: ورد وصف المؤمنين بكثرة الذكر أو طلب كثرة الذكر في عشرة أو إحدى عشر موطناً في القرآن ولا أعلم أنا إلى ساعتي هذه عبادة أكّد الله فيها على الإكثار، لاحظ الإكثار كما هو في الذكر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مع قلة مؤونته.

الشيخ محمد الخضيري: مع قلة مؤونته مما يدل على أنه أساس العمل الصالح ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم – يعني خير من الجهاد – قالوا بلى يا رسول الله، قال ذكر الله» ولما قال الرجل يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ فأخبرني بشيء أتشبّث به يعني

الشيخ عبد الرحمن الشهري: خلاص أركز عليه.

الشيخ محمد الخضيري: أركز عليه وإذا أمسكته سينجيني قال «لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله».

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وقوله «سبق المفرِّدون».

الشيخ محمد الخضيري: قالوا: وما المفردون يا رسول الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قال «الذاكرون الله كثيراً».

الشيخ محمد الخضيري: كثيراً لاحظ كثيراً «والذكرات». يبقى السؤال هل الذكر ذكر لساني أو ذكر قلبي؟ كثير من الناس يظن أن الذكر إذا قيل أنه ينطلق إلى ذكر اللسان وهذا خطأ ذكر اللسان مطلوب ويؤجر عليه الإنسان لكن أعظم منه وأجلّ ذكر القلب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنه بحضور.

الشيخ محمد الخضيري: لأنه بحضور وهو الذي يؤثر وهو الذي إذا حصل تأثر البدن كله «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله» فإن قال قائل الذكر هو ما يُذكر نقول إي نعم ما يُذكر بالقلب قال (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا) [الكهف:28] فنصّ على القلب محلاً للذكر ولذلك نحن نقول للمسلم اُذكر الله بلسانك لكن لن يتم هذا الذكر ولن يؤثّر ولن يبلغ فائدته حتى يكون قلبك مشغولاً أيضاً بالذكر بل إن الإنسان قد لا يتمكن من الذكر اللساني لأي سبب من الأسباب افترض أنك تفكر الآن في جبل أو في منظر جميل تراه أو في السماء أو في الأفلاك والنجوم هذا ذكر بل إنك حتى لو فكرت في العلم أو جلست تنظر إلى آية وتفكّر في معناها هذا ذكر ولهذا نقول أن الذكر ليس هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فقط.

الشيخ محمد الخضيري: فقط ولكن

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولكنه أيضاً القرآن الكريم، قراءة القرآن، التفكر في خلق الله، في السماوات والأرض كله من الذكر.

الشيخ محمد الخضيري: فهم معاني أسماء الله، الصلاة من ذكر الله عز وجل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) [الجمعة:9].

الشيخ محمد الخضيري: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) [العنكبوت:45] فُسِّرت بأنها الصلاة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل يمكن أن نعتبر سؤال يا مشايخ أن كل صفة من الصفات التي ذكرها الله للمنافقين أن عكسها هي صفة من صفات المؤمنين؟

الشيخ محمد الخضيري: هذا هو الظاهر.

الشيخ مساعد الطيار: هذا هو الغالب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني هنا يقومون إلى الصلاة كسالى نقول والله القيام إلى الصلاة بنشاط، لا يذكرون الله – كثرة ذكر الله من صفات الإيمان.

الشيخ مساعد الطيار: هذا وارد طبعاً في القرآن وأيضاً حتى النشاط للصلاة نفسها من صفات

الشيخ عبد الرحمن الشهري: المؤمنين.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم.

الشيخ محمد الخضيري: قبل قليل أنت أشرت أبا عبد الله إلى مسألة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لماذا؟ لأن الناس بيني وبينكم يا إخواني يريدون دائماً عندما تقرأ الآية ما هو الشيء العملي الذي ممكن أني أقوم به أنا حتى أخرج من هذه الصفة حتى أتحلى بهذه الصفة؟ حتى يكون الإنسان يعيش كما قالت عائشة للنبي أنه كان خلقه القرآن. وفي بعض السلف كان يذكرون في صفته أنه كان قرآناً يمشي على الأرض يعني يتخلق بأخلاق القرآن ما أمر الله به يستجيب له وما نهى عنه ينتهي عنه والله إن هذه أجلّ نعمة على الإنسان أن يتقيد بها.

الشيخ محمد الخضيري: قبل قليل أنت ذكرت مسألة أبا عبد الله أريد أن أعلق عليها الحقيقة، قلت جيد أننا ذكرنا أو عددنا صفات المنافقين فأنا أقول من وسائل التدبر في القرآن لمن يقول أنا يا أخي ما أجد نفسي مثلاً متدبراً أو منهمكاً في التدبر أو قلبي لا يطاوعني على أن أدخل في هذا الجو عالم التدبر نقول هناك وسائل توصلك إلى هذا المقصود منها التعداد يا أخي خذ قلم وورقة وعدد لما يذكر الله صفات المتقين عدّها، لما يذكر الله صفات المؤمنين عدّها، لما يذكر الله صفات مثلاً الشيطان عدّها، لما يذكر الله صفات المنافقين عدّها، لما يذكر الله نعيم المؤمنين في الجنة عُدّ تراك تبدأ بعد ذلك تبدأ تفكر تجمع الآيات وتقارن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: خطة عمل.

الشيخ محمد الخضيري: خطة عمل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أتدري كان الحسن رضي الله عنه البصري يقول كان السلف هو تابعي كان السلف عنده هم الصحابة يرون القرآن الكريم رسائل تأتيهم بالليل ويعملون بها في النهار. حلوة هذه صح؟

الشيخ محمد الخضيري: جداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهي فعلاً أنت لو نظرت إلى القرآن الكريم ويبدو لي والله أعلم كانت من مزايا الصحابة رضي الله عنهم أن القرآن الكريم نزل في زمانهم منجّماً فكانوا يأخذونه

الشيخ محمد الخضيري: شيئاً فشيئاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طرياً يعني طازجاً إن صح التعبير يومياً كان ينزل عليهم يومياً آيات فيأخذونها ويباشرون العمل ويمكن أن تفعل ذلك أنت اليوم ما الذي يمنع أنك تأخذ القرآن الكريم تختم القرآن الكريم ختمة عمل.

الشيخ محمد الخضيري: ختمة عمر وعمل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم.

الشيخ محمد الخضيري: خليها ختمة عمر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عُمُر، يعني تأخذ القرآن الكريم وتعمل به خذ قدرتك من الآيات صفات من أول القرآن الكريم وابدأ به وطبق على نفسك والله إنها تصبح حياتك حياة قرآنية مئة بالمئة.

الشيخ محمد الخضيري: لا شك. (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هناك فائدة يا دكتور محمد عفواً في قوله (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)) عندما قال (قَلِيلًا) أثبت للمنافقين أنهم يذكرون الله فهذا القليل هذا لا يخدعك، تحذير يعني.

الشيخ مساعد الطيار: ولأنه قد يكون من باب الرياء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم (إِلَّا قَلِيلًا) يعني أنهم يذكرون الله ويفعلون فعلاً فهذا لا يكون طُعماً للمؤمن الفطين.

الشيخ محمد الخضيري: هذا واحد. اثنين هذا من عدل الله أنه أثبت لهم حتى هذا القليل وإلا كان بالإمكان أن يقال لا يذكرون الله البتة لأنهم منافقون لا يُقبل منهم عمل لكن حتى هذا الذكر القليل يُحسَب لهم (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)) [الزلزلة].

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وقال في أهل الكتاب (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) [آل عمران:113].

الشيخ محمد الخضيري: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ) [آل عمران:75].

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عفواً قطعت فائدتك يا شيخ.

الشيخ محمد الخضيري: لا، أحسنت. (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)) الآن بعد ما انتهى من الصفات لخّصها بأن هؤلاء القوم صفتهم الأساسية التذبذب، التربص، أنهم يؤمنون ثم يكفرون ثم يؤمنون ثم يكفرون ثم يزدادون كفراً ليس لهم جادّة يسيرون عليها ولا هدف يسعون إليه إلا الهدف القريب العاجل فأعظم وصف لهم التذبذب إذاً المؤمن يجب عليه أن يكون

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثابت المبدأ.

الشيخ محمد الخضيري: ثابت ويعرف إلى أين هو يسير وإلى أي شيء يسعى وما هي الغاية التي هو يقصد ولا يبيع بها ولا يشتري، هذه يجب أن يكون المؤمن على صدق فيها. بعض الناس يا إخواني يعرِّض نفسه للتذبذب يجلس يسمع لمقالات هؤلاء المنافقين وإلى حواراتهم ويقرأ في رواياتهم وكتبهم ويبحث عن وسائل الشك يعني تصور بعضهم لم يقرأ القرآن يوماً ما ولم يقرأ في صحيح البخاري أو صحيح مسلم أو رياض الصالحين أو أيّ كتاب من كتب السنة ولم يقرأ في سيرة محمد صلى الله عليه وسلم مرة أبداً لكنه جالس وهو مسلم تربى في بيت مسلم مع مسلمين جالس يقول دعني أرى ماذا عند الكاتب الفلاني؟ ماذا في الصحيفة الفلانية؟ دعني أرى ماذا عندهم من أراء ماذا عندهم من أفكار؟ فكأنه يعرض نفسه للتذبذب تعال يا حبيبي أنت عندك الرغبة ابدأ أول شيء بما هو يقين اقرأ فيه ثبت نفسك بعد ذلك إذا كان تجد لك الشهوة والرغبة خذ من ذلك ما شئت.

الشيخ مساعد الطيار: في قوله (مُذَبْذَبِينَ) الذبذبة بمعنى ماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: التردد والاضطراب.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم الحركة والاضطراب يعني كأنه صور والآن يسمونها الذبذبات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ذبذبات الراديو.

الشيخ مساعد الطيار: نعم الذي هو الاهتزاز مرة هنا ومرة هنا (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ) ولذا قال هؤلاء وهؤلاء يعني ليسوا إلى المؤمنين فيكونون يؤمنون الإيمان الخالص ولا إلى الكافرين فيكونون الكفر الخالص.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وسط.

الشيخ مساعد الطيار: هم وسط.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يمكنهم اتخذوا قالوا خير الأمور الوسط وينظر إلى هذا.

الشيخ مساعد الطيار: ولهذا لا يصلح هذا في هذا المقام.

الشيخ محمد الخضيري: ولا تفسير الوسط بهذا المعنى أيضاً لأن الوسط هو الخيار العدول يعني قد يقول كيف تقول هذا؟ الوسط هو الشيء الذي بين شيئين نقول لا ليس صحيحاً يعني لو واحد قال

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ليست المسألة مسألة جغرافية تجلس في الوسط في كل شيء.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم ولذلك إذا جاء واحد وقال أنا سأخذ مالك وولدك وقال الثاني أنا لن أخذ مالك ولا ولدك الوسط أن آخذ مالك أو آخذ ولدك ما هو بصحيح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنا أحسنهم.

الشيخ محمد الخضيري: ما هو بصحيح ولذلك بعض الناس يفسّر الوسطية تفسيراً ساذجاً يعني لا تصير مطوّع ولا تصير كافر خلك وسط ما هو الوسط؟ تشرب وتزني وتسرق وتصلي وتحج وتعتمر كل هذا وسط.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئا.

الشيخ محمد الخضيري: لا، الوسط هو الخيار العدول.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو الحق.

الشيخ محمد الخضيري: هو الحق.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك حتى الآن في كثير من القضايا التي تثار في الفقه في جانب الفقه يقال لا، لا سهلوا على الناس في قضايا الحج، يسروا على الناس يا أخي هل تظن أن التيسير هو التنصل يعني ما فيه وقوف في عرفة ولا فيه رمي جمرات ولا فيه طواف ماذا تريد أنت؟ حتى واحد مرة اتصل علي وقال يا شيخ أبغى حج يوم واحد فيه؟ يعني هل يمكن أني بيوم واحد أروح أسوي كل شيء.

الشيخ محمد الخضيري: وعندك تخفيضات؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قلت يا أخي ما هذا؟ هذا الحج له أركان وله واجبات وله سنن.

الشيخ محمد الخضيري: وعبودية هو.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عبودية وكلها أربع أيام قال والله أنا ما أحب الزحمة وأبغى في يوم واحد كذا ما فيه كذا.

الشيخ محمد الخضيري: سيأتينا يوم زحمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إيه فقلت يا أخي العزيز شف الوسطية والتيسير هي في التزام سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنا كنت أتوقع إنك تريد تسألني عن السنن حتى تعمل بها تريد إنك تخفف حتى من الأركان؟! فقال والله فعلاً هذا والله من التفريط قلت بالعكس أنا المفروض إنك تسأل إنك ما تروح تستأجر لك في الأشياء الفخمة يعني حاول إنك تنال شيئاً من المشقة تنال شيئاً حتى تكسب الأجر فهو والله رجع بنفسه ولامها قال والله فعلاً.

الشيخ محمد الخضيري: طيب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جداً هو طيب لكن انظر تفكير بعض الناس فقلت يا أخي العزيز التيسير هو في التزام السنة والله التزام السنة هو التيسير الحقيقي مع أنه قد يظهر للإنسان إن فيه مشقة قيام رمضان صحيح إن فيه مشقة القيام وكذا لكن يعود على الروح بفوائد ما تعود بها الراحة والتَرْك.

الشيخ مساعد الطيار: لعل أيها الإخوة أن نقف عند هذا الحد. أبو عبد الله ما شاء الله أسحبنا بهذا الموضوع لكن انتهى وقت الحلقة ولعلنا إن شاء الله نكمل في اللقاء القادم بإذن الله تعالى.