خلق – أبدع – فطر – أنشأ – جعل – صنع – ذرأ
إن منظومة الخلق في كتاب الله تتضمن الكلمات التالية: خلق وأبدع وفطر وأنشأ وجعل وصنع وذرا هذه الكلمات تدل على إيجاد الشيء من العدم أو إيجاد معدوم وهذه هي منظومة الخلق ولكن كل كلمة منها تعطي معناً لا تعطيه الكلمة الأخرى فليست مترادفة إطلاقاً خلق السموات غير فطر السموات وغير بديع السموات وخلقكم غير أنشأكم وخلقكم وأنشأكم غير جعلكم خلفاء للأرض وخلقكم وأنشأكم وجعلكم غير ذرأكم وخلق غير صنع وهكذا فكل كلمة ترسم زاوية في المعنى بدقة متناهية بحيث لا تجعل القارئ بحاجة إلى أن يقول ما معنى قوله تعالى ذرأ أو خلق أو أنشأ؟ كل كلمة منها تعطي المعنى دقيقاً من غير إشارة من يديك كما هو شأن اللغات الأخرى تستعين بإشارات يديك لكي تبين الفرق بين كلمة وأخرى. أما في اللغة العربية فليس فيها مترادف قطعاً على خلاف ما توهمت أجيالنا العديدة منذ خمسة عشر قرناً عندما قالوا أن هذه الكلمات كلها بمعنىً واحد وهذا كان ظلماً لهذه اللغة القرآنية المعجزة.
كلمة خلق: إيجاد شيء معدوم من شيء موجود (خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ (2) الأنعام) (خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) إذاً شيء معدوم أنت خلقته من شيء موجود كالثوب أنت خلقته من قطعة قماش. الخلق التصميم أنت لديك قطعة قماش كبيرة صممتها ثوباً فخلقت الثوب من ذلك القماش فهو إيجاد معدوم من شيء موجود، من خامة موجودة يسمى خلقاً. أرض مستوية أنت خلقت منها بيتاً أي أنك أتيت بتصميم صممتها فجعلته بيتاً. فالخلق التصميم والتقدير المنضبط المستقيم. خياط أو مهندس رسم خريطة عظيمة لقطعة أرض فخلقها بيتاً، خلق هذا البيت من هذه الأرض وفق تصميم دقيق مستقيم يسمى هذا خلقاً (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (11) لقمان) بقليل من الطين رب العالمين صمم هذا الإنسان الجميل هذا المخلوق المعجز الذي قال تعالى فيه (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿4﴾ التين) خلقه من طين، هذا الطين مجبول، رب العالمين صمم منه هذا الإنسان فخلقه كما قال تعالى لسيدنا عيسى (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا (110) المائدة) هذا خلق، خلق شيئاً معدوماً من شيء موجود على خلاف الإبداع.
الإبداع خلق شيء معدوماً من لا شيء (كُنْ فَيَكُونُ ﴿117﴾ البقرة) ليس له سابقة. لاحظ الفرق بين الطائرة وبين السفينة الفضائية فالطائرة إبداع ليس هناك قبل من اخترع الطائرة مخترع، ما من أحد خطر بباله أن يخلق الطائرة فهو إبداع. يقال هذا إبداع لأي عمل مبدعٌ لأنه لم يسبق إليه ولم يصمم من شيء كان موجوداً. بينما السفينة الفضائية هي في الحقيقة طائرة مطورة يقال هذا خلاق. هذا هو الفرق بين الفكر المبدع والفكر الخلاق، الشاعر المبدع والشاعر الخلاق، الرئيس السياسي المبدع والرئيس السياسي الخلاق. فالمبدع من لا شيء من العدم بينما الخلاق طور شيء موجوداً استنتج من موجود شيئاً معدوماً، هذا هو الفرق بين الخلق وبين الإبداع. وهنالك فرق بين خلق السموات والأرض وبين بديع السموات هو خلقها مصممة تصميماً هائلاً ولكن هذا الخلق لم يُسبق إليه ولم يكن له وجود ولم يستنسخ من مادة ولم يصمم من مادة موجودة، إنما من كُن فيكون، وحينئذٍ هذا يسمى إبداعاً. هذا الفرق بين خلق السموات وبين بديع السموات والأرض. ويقول تعالى (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ﴿71﴾ ص) (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ﴿15﴾ الرحمن) كل شيء تصممه من شيء موجود يسمى خلقاً ولذلك قال تعالى (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴿14﴾ المؤمنون) وما أكثر الخالقين في الكون. هذا الفرق بين خلق وأبدع فالخالقون كثيرون والمبدعون قلة. الأشياء البديعة التي لم تسبق ولم تعرف هذه الأشياء التي استبد بها في هذا العصر الغربيون والأمريكان على وجه الحصر تقريباً حيث أنه في كل دقيقة إبداع لم يُسبق إليه. هكذا هو الفرق بين الفكر الخلاق والفكر المبدع. قال تعالى (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ (27) الحديد) لم تُعرف من قبل إطلاقاً (مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ (9) الأحقاف) أي أنا لست الرسول الذي ليس قبله أحد بل أنا نسخة من النسخ، تصميم ممتاز مستقيم من أنبياء سابقين، فأنا قبلي موسى وعيسى وإبراهيم وإسماعيل ويونس والخ. هكذا هو الفرق بين الإبداع وبين الخلق.
الإنشاء (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (61) هود) الإنشاء الخلق من أجل التطوير والتحسين والتجميل. وللتوضيح كأن نقول أن فلان بنى بيتاً والآخر أنشا بيتاً فبنى بيتاً أي أربع حيطان وسقف فقط هذا بناء أما أنشأ أي أن هنالك غرف وديكور وأصباغ وحدائق وخرائط أشكال وألوان وكهرباء وتبريد هذا هو الإنشاء. والله سبحانه وتعالى لم يقل خلقكم من الأرض ولكن أنشأكم من الأرض فقد سخر لنا كل هذا الكون قبل أن يخلقنا، أعدّ لنا الشمس والقمر والبحار والزراعة والهواء والجبال كل شيء فهذا إنشاء. وماذا قال عن الحوريات؟ (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً ﴿35﴾ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴿36﴾ عُرُبًا أَتْرَابًا ﴿37﴾ الواقعة) وهن لسن كالنساء العاديات ولكنهن أُنشئن إنشاءً. والإنشاء هو الخلق الذي يُعَدُّ للتربية والتطوير والتزيين بحيث يصبح مبهراً. هذا إنشاء وهذا هو الفرق بين خلقت إنساناً وأبدعت إنساناً وأنشأت إنساناً: فالأول موجود، فآدم إبداع لم يكن قبله واحد ولكن أولاده (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ (1) النساء) كلنا خُلِقنا من آدم نسخة موجودة هذا خلق، أما آدم فإبداع، وهذا الإبداع خلقٌ إبداعي وآدم ممكن أن يقول كنت بدعاً من الرسل له الحق أن يقول أنا آدم أنا بدع من الرسل أي لا أحد قبلي بينما محمد صلى الله عليه وسلم قال (مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ) أي أنني لست أول رسول. أما الإنشاء شيء محتفى به (أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا (61) هود) وانظر كيف عمرناها وماذا فعلنا؟ رب العالمين جعلنا منشأ لكي نعمر هذه الأرض وانظر حولك في هذه الأرض ماذا فعل بها الإنسان؟! ويا له من خليفة! فهذا الإنسان فعلاً جعل الأرض في غاية الجمال وانظر ما حولك من سيارات وطائرات وانترنت وطرق وحدائق ومطعومات وملبوسات فقد جعل الدنيا رائعة (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا (24) يونس) وهذا حاصل الآن. أهل الأرض مُلاكها الأصليون، أصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي والصناعي هم ملاك الأرض بزرٍّ واحد يمسك الأرض كلها، بزرٍّ يقيمها، بزرٍّ يقعدها بدقيقتين، يسقط هذه الدولة وتتحرك من مكان إلى مكان خلال خمس ساعات بينما كنت تستغرق عشر سنوات للوصول إليه في الماضي فهذا إنشاء وليس بناء بيت بل إنشاء عمارة جميلة خمس نجوم. هذا الفرق بين الخلق والإبداع والإنشاء.
الجعل: جعل، الجعل هو خلقٌ لوظيفة الأشياء. الله خلق الأرض ووظيفتها أنه جعل الأرض بساطاً (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا ﴿19﴾ نوح) وحينئذٍ كل شيء رب العالمين خلقه لكي يكون وظيفة لمخلوق آخر هذا الجعل. (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا (5) يونس) فالله خلق الشمس وجعل فيها وظيفة، جعل الشمس ضياء جعل القمر نوراً فكلمة جعل خلقٌ ولكن خلق لوظائف المخلوقات (جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا (22) البقرة) (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ﴿80﴾ النحل) (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴿81﴾ النحل) كل هذه وظائف كلها خلقها لكن خلق للوظيفة وليس للشيء. خلق وظيفة الشيء. فالجعل خلق وظائف الأشياء المخلوقات نقول إذاً الجعل خلق وظائف المخلوقات. الخلق والإبداع والإنشاء للمخلوقات، الجعل خلق وظائف تلك المخلوقات. (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ﴿53﴾ طه)(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ﴿47﴾ الفرقان) (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿1﴾ فاطر) هو خلق الملائكة لكنه جعلهم رسلاً أي خلق وظيفتهم، هذا هو الجعل.
الصنع: كلمة خلق نقول الله خلق الإنسان وصنع الإنسان ما الفرق بين الاثنين؟ الصنع على جودة الفعل ودقته فرب العالمين خلق الجبال ولكن عندما يأتي على شيء معين في غاية الدقة يقول صُنع. ولهذا المصنع هو الذي يخلق الأشياء المتقنة إتقاناً عالياً فكل صنعٍ فعل ولكن ليس كل فعل صنعاً. فالصنع إذاً خَلْق الفعل الجيد الدقيق المتقن. نقول كل صنع هو فعل ولكن ليس كل فعل هو صنع فهنالك فعل تافه، فعل غير متقن وحينئذٍ لا يسمى صنعاً. فالصنع هو الفعل المتقن جداً ولهذا لا تنسب إلا للإنسان فلا يقال هذا صنعه الحيوان أو الحيوان صنع شيئاً أو أن نقول الإنسان فعل الأكل أكل ولا نقول صنع فالصناعة تقتضي عقلا مدبراً ومفكراً ولهذا لا تطلق إلا على الخالق أولاً (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴿88﴾ النمل) وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب هذا في الدنيا فعلم الجبال علم هائل يقول تعالى تحسبها جامدة هذا في الدنيا وليست جبال الآخرة كما يقول المفسرون لأنه قال تحسبها وفي الآخرة ليس هنالك ظن بل كله يقين (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴿22﴾ ق) إذاً الآية تتكلم عن الدنيا فالعلم أثبت أن ليس هنالك شيء جامد وإنما تتحرك. (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴿37﴾ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴿38﴾ هود) رب العالمين يقول يا نوح اصنع الفلك فهل هو أي فلك من خشب؟ لا، ولكنه صناعة متقنة ثقيلة ويقال أنه إلى الآن موجود في بعض الأماكن بالآثار. ( وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴿80﴾ الأنبياء) أي هذه الدروع من الزَرَد كانت صنعة متقنة هائلة (وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴿129﴾ الشعراء) (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴿104﴾ الكهف) أن أفعالهم متقنة. والاصطناع هو المبالغة في الإتقان (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴿41﴾ طه) كما يقول بعض الحكماء أن الله تعالى إذا أحب عبداً تفقده كما يتفقد الصديق صديقه (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) في غاية الإتقان والجمال, هذا صَنَعَ (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ). إذاً الصنع هو الخلق المتقن كل شيء متقن إتقاناً عظيماً معجزاً يقال صناعة. والصناعة في كل مكان: صناعة طائرات، صناعة تلفزيونات، صناعة سيارات، الخ صناعة متقنة.
الذرء: ذرأ هو خَلٍق للتسويق، للاستعمال، للبث. (وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ (164) البقرة) هذا ذرء رب العالمين في ثانية يخلق مائة تريليون نملة هذا ذرء، تسويق. ونحن الآن لدينا مصانع تخلق شيئاً دقيقاً جداً كالموبايل على سبيل المثال ليست جميعها سواء هنالك موبايلات فيها من الطاقات المعجزة فقط يستعملها رؤساء الدول هذه تلتقط من بعيد وتتحدث من غير أن تلتقط مكالمتك. أما الناس العاديين موبايلاتهم تكون على الهواء وأي شخص يستطيع أن يستمع إلى مكالمتك لكن هنالك موبايلات في غاية الإتقان، معجزة، أجهزة متطورة للتخابر على مستوى الدول، وهذه قلة وليست للتسويق فنقول عنها صناعة. إذا كانت للتسويق والبيع تسمى ذرأ. فالذرء هو الخَلْق للتسويق والاستعمال (ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ (136) الأنعام) بالملايين ذرأكم خلقاً من بعد خلق أي كل جيل كل خمسين ستين سنة الله يذرأ منهم ويخلق 5 مليارات يضخهم للسوق، للحياة، هذا ذرء. (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ 179الأعراف) رب العالمين كل جيل يخلق على أقل تقدير مليونين هم حطب جهنم وهم لها (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴿24﴾ البقرة) هؤلاء مثل القتلة والسفلة والحكام الظالمين والمشركين واللصوص والذين أشقوا الشعوب وخاصة القتلة. هؤلاء القتلة هم من أشد أهل النار عذاباً وهم وقودوها “لم يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً” فهؤلاء القتلة والمرابون والمشركون والحكام الظلمة والمعذِّبون في السجون كما تعرفون كل هؤلاء ذرءٌ لجهنم، تسويق لجهنم، الله خلقهم لكي يكونوا وقود النار (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) فلم يقل خلقنا أو صنعنا ولكن ذرأنا أي تسويق كامل، ضخ بضاعة هائلة في مكان ما يسمى الذرء (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا). (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا (136) الأنعام) رب العالمين كم يبث من الأنعام؟ وتخيل أنت الآن جميع العالم يأكل لحم الضأن فكم خروف وكم نعجة تذبح في اليوم؟ الله سبحانه وتعالى يضخ هذه الماشية بشكل عقلك يعجز عن تعدادها، هذا ذرء. (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿11﴾ الشورى) يذرؤكم في هذا الجعل. ونحن قلنا الجعل وظيفة، خلق الوظيفة، فرب العالمين في هذا الخلق الوظيفة ذرأكم ذرأ منكم أناس للعسكر وأناس للخدمة وأناس للعلم وأناس للزراعة وأناس للسياسة وأناس لجهنم “اعملوا فكلٌ ميسرٌ لما خلق له“. هذا كله ذرء رب العالمين خلق الناس أنماطاً والأنماط هذه نظرية هائلة أن الإنسان يُخلَق وهو في نمط معين أنا نمط علمي وأنت نمط عسكري وهذا نمط سياسي، هذا نمط تجاري وتجده موفقاً قادراً على مهنته. ورب العالمين صممه وصنعه صناعة عليه أن يكتشف أنه خُلِق للحرب، خُلِق للسياسة، خُلِق للتجارة، خُلِق للعلم، خُلِق للفن، شخص صوته جميل لماذا أنا صوتي ليس جميلاً مثله؟ لأنه خلق لهذا. ذرأ الله آلاف الناس لكي تكون أصواتهم جميلة بالقرآن أو بالترتيل أو بالغناء هكذا هو الذرء. فذرأ أي للتسويق للعمل، بث في السوق، تنزيل بضاعة للسوق.
فطر: أخيراً وهي أشرف الكلمات كلمة فطر (فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (14) الأنعام) (وَالَّذِي فَطَرَنَا(72) طه) الفطرة خَلْق طبيعة الأشياء. كل شيء له طبيعة أي النسخة المثالية. التفت حولك كل شيء تقع عينك عليه له استعمال مثالي أو له وظيفة مثالية ولكن نادراً ما يتم على تلك الوظيفة المثالية بل يدخل التحريف. فلنأخذ التلفزيون كمثال طبعاً هناك طريقة لاستعماله استعمالاً مثالياً بحيث يؤدي وظيفته بدقة متناهية جميلة لكن ثق كل مائة ألف هناك شخص واحد فقط يعرف كيف يستعمل التلفزيون استعمالاً مثالياً. وهذا الموبايل قطعاً هناك طريقة لاستعماله بطبيعته التي خلقها وصممها وصنعها وأنشأها الذي اخترع الموبايل فكم من شخص يستعمله ذلك الاستعمال المثالي؟ قليل، دائماً هناك تحريف. وهكذا كل مخلوق على وجه الأرض خلق الله له وظيفة أي جعل له وظيفة، خلقه وقد يكون أبدعه ثم أنشأه وجعل له وظيفة معينة هناك طريقة مثالية لعمل هذا الشيء. الساعة، الانترنت، الكهرباء في البيت، التلفزيون، السيارة، بالله عليكم كم شخصاً يستخدم السيارة في الشارع بالطريقة المثالية التي وضعها مخترع السيارة من حيث السرعة والقيادة وأصولها؟ لو أن كل إنسان استعمل السيارة بطبعتها المثالية لما وقعت حوادث السير وتعطلت السيارات لكن هذا خلاف المنطق. قوانين الكون لا تقبل هذا لأن هذا الكون قام على الخطأ والخطيئة من كوانينه المثالية يوم القيامة في العالم القادم الذي سوف ينشأ على هذا العالم عندما ينفجر. ويبدو والله أعلم أن هذا العالم أصبح موشكاً أو قريباً من الانفجار كما تدل على ذلك مجريات الأمور في كل مكان. في هذا الوضع الذي نحن فيه العالم لا يسير سيراً لا مثالياً ولا خطأ وخطيئة بل إلى وضع الانقلاب مائة وثمانون درجة إلى وضع الفساد (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿24﴾ يونس) فانتهى الأمر بثواني، كلمح البصر أو بل هو أقرب من لمح البصر. حينئذٍ هذا الكون الذي نحن فيه غير مؤهل لأن يكون كل شيء مثالياً لكن رب العالمين قال أنا خلقت كل شيء مثالياً وأنت لاحظ كل شيء بقي بيد الله بقي أداؤه مثالياً كالشمس والقمر وهكذا بقيت مثالية وكل شيء تدخّل فيه البشر أفسده (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿41﴾ الروم) هناك تلوث في البيئة، هناك فساد في الزراعة، هناك آفات في الصناعة، هناك خلل في السياسة، الخ. إذاً هذه الحياة ليست مثالية وإنما الفطرة هي المثالية فعلى قدر ما يمكن ممكن أن نأخذ من هذه الفطرة.
هذا الكون الذي نحن فيه من قوانينه الخطأ والخطيئة خلقه الله مثالياً. رب العالمين خلق الكرة الأرضية كلها والسموات مثالية (فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) إذاً الفطرة هي خلق الله (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿30﴾ الروم) إذاً رب العالمين خلق الأشياء مثالية ولكنه ما أرادها أن تبقى مثالية ولهذا خلق آدم مثالياً. المثالية في هذا الكون في كل شيء تقوم على ثلاث أشياء من حيث الإجراءات: الطهارة من النجاسة والنظافة من الوساخة والزكاة من النتن. الشيء أولاً طاهر وليس نجساً فهذا الثوب طاهر وليس نجساً هذا أولاً فهو فطرة، مثالي. إضافة إلى هذا نظيف وليس وسخاً فهو قد يكون طاهراً لكن وسخ لا لكنه نظيف وليس وسخاً، ثالثاً رائحته زكية وقد يكون نتناً. إذاً كل شيء الأخلاق، العلم، السياسة، الأصل فيها أن تكون طاهرة وليست نجسة، بوضوح تحب الناس، تخدم الشعب، وهذا طبعاً طهر وليس فيها نجاسة. ثانياً أن تكون نظافة ليس فيها وسخاً فلا تأخذ رشوة أو أن تقرب الأقارب فقط وتبعد أشخاص وتأتي بآخرين وما أن تكره شخص حتى تؤذيه (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿8﴾ المائدة) فهذه وساخة. ثالثاً أن تكون رائحتها زكية وليست نتنة فالحاكم أو السياسي مرح، معطاء، حليم، يعفو عن من ظلمه، فرائحته زكية من حيث سلوكه في غاية الجمال. هذه الحالة المثالية. السؤال هل من المفروض أن كل سياسي أو رئيس دولة يكون هكذا طاهراً من نجاسة ونظيفاً من وساخة وزاكياً من نتانة؟ وقد يكون هنالك حاكم عادل لكنه وسخ بصفاته السيئة من بخل أو سرعة الغضب الخ فهو ليس فيه نجاسة ولكن به وساخة. وقد يكون شخص آخر نظيف وطاهر لكنه نتن أي شكله وتصرفاته في الأكل وكلامه مع الناس فليس لديه وقار الحاكم وشخصية الحاكم الخ. إذاً الحياة لا يمكن بقاؤها على صيغتها المثالية لكن رب العالمين أعطانا الحد الأدنى من الفطرة قال هذا الحد الأدنى وهو أنك أنت تخطيء، هذا قانون (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا (12) فصلت) القانون في هذه الأرض أن الأشياء تنتقل من صح إلى خطأ إلى صح إلى خطأ ومن حسن إلى قبيح إلى حسن إلى قبيح وهكذا. حينئذ ليس الإشكال في أنك تتسخ الإشكال في أنك تبقى على الوساخة لو اغتسلت بذلك تعود نظيفاً. فالقانون أنك أنت تجوع ولكن هذا ليس عيباً لأنك ستأكل ولو أنك لم تأكل ستموت وتتلف فلا بأس أن تجوع ولكن كُل لاحقاً. فليس من الإشكال أن تتسخ ثوباً أو جسداً لكن اغتسل. فهذا قانون تتسخ وتغتسل تتسخ وتغتسل، الإشكال أن تتسخ وتبقى متسخاً فتصبح رائحتك كريهة نتنة يتقزز منها أهلك ووزوجك والناس في كل مكان لكن أن تتسخ وتغتسل وضع جداً جيد ومثالي، وتقول الآية (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴿133﴾ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿134﴾ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿135﴾ آل عمران) ما قال هم العباد الذين لا يرتكبون الفاحشة لأن بذلك لا يكونون بشراً لأن هذا قانون الملائكة. الوضع المثالي للملائكة أنه لا يخطئ لأنه ليس لديه اختيار بينما أنت مكرّم أنت صاحب اختيار (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ (70) الإسراء) جعلناه مخلوقاً يختار فعله هو الذي يفعل أو لا يفعل فهو ثقة جعلناه خليفتنا في الأرض (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (30) البقرة) وأسجدت له الملائكة لأن الملائكة لا يملكون ما يملكه الإنسان من عقل جوال، مفكر، مستنبط، ولهذا الملائكة لم يخلقوا هذه الحضارة والمدنية في الأرض فالملائكة مبرمجة ولذلك ليس لديهم استنباط فهم لم يعرفوا الأسماء وآدم عرفها (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿31﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿32﴾ قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿33﴾ البقرة)، والفطرة لا ينبغي تغييرها فهنالك شيء مثالي يقبل التطوير. فرب العالمين قال الفطرة الأساسية التي لا ينبغي أن تتغير أن تعلم أن لك رباً واحداً هذه قضية بدونها أنت لا تنفع لشيء بل أنت لست من هذا الإنسان فالحيوان خيرٌ منك (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿171﴾ البقرة) الإنسان في صيغته المثالية أن يكون له دين (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) ثم قال هناك مِلّة أن تصلي وكل الديانات فيها صلاة (ملة أبيكم إبراهيم) ثم قال (واتقوه) لما تفعل وتعمل إعلم أن لك رباً يحاسبك فحاول أن تعود بسرعة عن الخطأ والخطيئة ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴿68﴾ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴿69﴾ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿70﴾ الفرقان). إذاً الوضع الفطري المثالي للإنسان: أولاً أن يكون نظيفاً وطاهراً وزاكياً، هذا بمقدور كل إنسان، أنت اتسخت بخطيئة أو بوسخ، بطين، أو برشوة أو بمنكر، بسرعة اغتسل تطهر من النجاسة واغتسل من الوساخة وتعطّر من النتانة أنت حينئذٍ مثالي كل ما فعلت افعل العكس. ثانياً هناك بعض الأفعال تدل على أن فطرتك سليمة منها أن تكون باراً بوالديك ومنها أن يكون قلبك سليماً (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿89﴾ الشعراء) لا تحمل أحقاداً.
“ثلاثة لا ينفع معهن عمل الشرك بالله وعقوق الوالدين والتولي يوم الزحف” جميع المشركين لا عمل له وجميع العاقين للوالدين لا عمل وجميع الفارين من الزحف الذين يصطفون مع المحتلين والعدو وإسرائيل لا عمل لهم ولهذا أنت على خير وهم هالكون لا محالة إلا إذا أراد الله سبحانه وتعالى أن ينقذهم فيتوبوا، وهذه الأمة تتميز بالترابط الأسري وتقديس الأم والأب.
نعود إلى الفطرة: إذاً الوضع السليم للإنسان أن يكون له رب وإله واحد وأن يكون متديناً بالصلاة والصلاة تأتي بما بعدها من صوم وما إلى ذلك (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿72﴾ الأنعام) عندما يتصرف بمسؤولية هو الأمانة (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴿72﴾ الأحزاب) وهي المسؤولية فالإنسان هو المخلوق الوحيد المكلف المسؤول عن أفعاله، مسؤول أمام رؤسائه، ومسؤول أمام رب العالمين، فإذا كنت تتصرف بمسؤولية مع أن لك رب وإله واحد وأن تصلي بصلاتك فأنت إنسان مثالي يضاف إلى المثالية الأخرى الله قال (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿10﴾ الحشر) لا ينبغي أن يكون فيك كراهية لإنسان آخر مهما حدث مهما حصل الخلاف بينكما سواء كان دينياً، فكرياً، طائفياً، حزبياً ، أنت لك دينك وله دينه نقّي قلبك من الغل والبغضاء والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين ولهذا الإنسان المثالي على خلاف ما حصل بين قابيل وهابيل رب العالمين قال أن آدم هو المثالي ثم حصل الانحراف بين قابيل وهابيل هذا خطأ وهذه خطيئة آدم أخطا خطأ وهؤلاء أخطأوا خطيئة وعليه أن يتوب وقد تاب بقوله (يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴿31﴾ المائدة) حينئذٍ هذا هو الوضع المثالي كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه عندما لقي معاذ قال له (يا معاذ ما قوام هذه الأمة؟ قال: ثلاثة وهي المنجيات الإخلاص وهي لا إله إلا الله وهي الفطرة التي فطر الله الناس عليها والصلاة وهي الملة والطاعة وهي العصمة قال: صدقت). وقال النبي صلى الله عليه وسلم “أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق” شخص لديه سلطان، عادل ومتصدق على الناس بما يملك وموفق في عمله حيث ما ذهب ترى آثاره في كل شارع وفي كل منعطف، “رجل رحيم القلب لكل ذي قربى ومسلم” كلمة مسلم أي كل من يوحد الله كلمة الإسلام في القرآن الكريم أي التوحيد كل من يقول الله واحد فهو مسلم سيدنا إبراهيم مسلم وسيدنا عيسى مسلم وسيدنا موسى مسلم لأنهم يوحدون الله عز وجل، وأخيراً “رجل عفيف متعفف” إذا كنت أنت لا تطمع لا بسرقة ولا برشوة ولا في مال الآخرين ولا تبيع عرضك ولا دينك ولا أرضك لمحتل أو غازي أو كذا أنت عفيف حينئذٍ فأنت من خيار الناس وأنت على الفطرة (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا).
وفي مداخلة لإحدى المشاهدات أضافت إلى المنظومة كلمة برأ (من قبل أن نبرأها).
بُثّت الحلقة بتاريخ 6/4/2007م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.