سحر البيان

سحر البيان – فاستعذ بالله 2

اسلاميات
مقدم الحلقة: الدكتور حسام النعيمي
تاريخ الحلقة:  22/8/2008 ـ 21 من شعبان 1439 هـ

 

سحر البيان

موضوع الحلقة : فاستعذ بالله

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف خلق الله أجمعين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أيها المشاهدون الكرام كنا في الحلقة الماضية في قول الله ـ سبحانه وتعالىـ: { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله } وقلنا أن استعمال إذا بدل من إن في مثل هذا الموضع يشير إلى تحقق ما في مضمون الجملة ما في حيزها، ففارق بين إذا وإن لو قال في غير القرآن.. إذا قيل إن معنى ذلك أن هناك شك في حصول مضمون الجملة… إن جاءني زيد أكرمته، لكن إذا كان هناك ترجح في حصول مضمون الجملة نقول إذا جاءني زيد أكرمته، فإذا { فإذا قرأت القرآن } معنى ذلك أنه يترجح أن المسلم يقرأ القرآن، والقراءة كما قلنا في الأصل هي إمرار العين على شيء مكتوب، ثم صارت تستعمل في استرجاع ذلك الشيء الذي مرت عليه العين. يعني الحفظ فالآن إذا قرأ الإنسان من حفظه أو قرأ بإمرار عينه على المصحف، في كلتا الحالتين يستعيذ بالله ـ سبحانه وتعالى ـ قبل القراءة يستعيذ من الشيطان الرجيم، قبل أن يباشر القراءة، وقلنا كلمة إذا قرأت.. قرأت في الماضي معنى ذلك أنه بدخول إذا أريد به الحدوث القريب، كما قال الله تعالى:

{  إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } يعني إذا اقترب وقت الصلاة عند ذلك تتوضأ ون يكون الوضوء، فإذا قرأت والتاء في قرأت يراد بها كل مسلم، مع أن الخطاب لأول مرة كان لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولكن يعم أمته قلنا كل مخاطبة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا دليل على أنه خاصة به ـ عليه الصلاة والسلام ـ تكون عامة لأمته. { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله } والقرآن معلوم القرآن هو هذا النص الذي أنزل الله ـ عز وجل ـ على رسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأبلغه لأمته بلفظه ومعناه، بلفظه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان يردد ما يملي عليه جبريل من كلام الله ـ سبحانه وتعالى ـ حتى إذا قال { قل هو الله أحد } لا يقول الله أحد، وإنما يقول { قل هو الله أحد } يكرر ما يلقى في قلبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ { فإذا قرأت القرآن  فاستعذ بالله } الفاء في كلمة فاستعذ هي جواب. إذا جواب الشرط يعني إذا وقع منك القرب من قراءة القرآن ينبغي أن يقع منك الاستعاذة، ولفظة استعذ وزنها استفعل هي أمر ووزن. استفعل في هذه اللفظة فيها معنى الطلب وبذل الجهد في الحصول على الشيء. هناك فارق بين أن يقال علم الإنسان.. هذا الأمر أو استعلم هذا الأمر علمه، يعني بلغ إليه فصار عنده علم في هذا الشيء لكن استعلم معناه طلب العلم ببذل جهد يكون باذلا للجهد في طلب ذلك العلم. كذلك فهم الأمر فهمه معناه جرى شيء معلومة معينة أو جزئية معينة، والمقابل فهم فنقول فهم لكن استفهم يعني بزيادة الهمزة  والسين والتاء من معانيها من معاني صيغة استفعل، هو بذل الجهد للوصول إلى الشيء، فاستفهم يعني بذل جهدا في طلب الفهم، ففيها معنى طلب ومعنى بذلك جهد فاستعذ أمر أصله استعاذ في الماضي، استعاذ يقولون استعوذ لأن من عاذ يعوذ حصل تغيير صرفي، المهم أن استعاذ هي بزنة استفعل في الأصل قبل حدوث التغيير، يعني حتى بعد التغيير يذكرون الميزان الصرفي الذي كان قبل التغيير هذا للمتخصصين في العربية.. فإذا هناك طلب للعوذ وأعاذ يعوذ فيها معنى أصل كلمة عاذ يعوذ فيها معنى اللجوء والاحتماء بشيء، يعني يقول رماه بسهم فعاذ بشجرة، عاذ بشجرة يعني لما رأى السهم متجها إليه اتجه نحو الشجرة وصار خلفها فاحتمى بها وتحول عن جهة إصابة السهم، رماه بسهم فعاذ بشجرة يعني اختبأ خلف شجرة فطاش السهم، فلما يكون ولله المثل الأعلى لما يقول استعذ بالله، يعني اجعل عوذك بطلب وبجهد.. كيف يعوذ الإنسان بطلب وبجهد، هذا يكون باستحضار العوذ بالله ـ سبحانه وتعالى ـ بقدرته وبعزته وبجبروته وبسلطانه ـ سبحانه وتعالى ـ بهذه المعاني الإنسان يلجأ فيها إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ كما يلجأ الذي يرمى بسهم فيختبئ خلف ستار أو خلف ساتر أو خلف شجرة أو خلف أي شيء يقيه هذا الشيء المتجه إليه.. أولا يجعله بعيدا عنه سيتحول عنه ينحرف عن جهة الرمية، والأمر الثاني سيلوذ بشيء يحميه المسلم، إذا أراد أن يقرأ القرآن يلوذ بحمى الله ـ سبحانه وتعالى ـ، يعني يلجأ إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ، معناه أنه يبذل جهدا في إفراز ذهنه وفي إفراغ قلبه باتجاه ما سيقرأ لأن الذي يعتني به الشيطان هو أن يشغل قلبك عما تقرأ، يعني هو قد يحاول أولا أن يمنعك ابتداء من القراءة، لكن لما تأتي للقراءة أو تريد أن تقرأ سيبذل كل جهده في أن يصرف ذهنك عن التفكر في كلام الله ـ سبحانه وتعالى ـ، وعند ذلك تكون قارئا. يعني إذا انصرف الذهن عن المعاني التي يقرأهاعند ذلك يكون مجرد ترداد لألفاظ لا يدرك المرء مرماها ولا يدرك معناها ولا يتفكر فيما فيها، فيكون هو والذي لم يقرأ على حد سواء حتى إذا جاء المرء إلى قراءة القرآن عند ذلك ينبغي أن يبذل جهدا في طلب العوذ بالله ـ سبحانه وتعالى ـ. كيف يبذل هذا الجهد، ما هو جهد عضلي، وإنما هو جهد فكري في استحضار ما يستطيع استحضاره من المعاني التي تحميه من الانشغال عن التلاوة، أي معاني من المعاني معنى أن هذا الكلام هو كلام الله ـ سبحانه وتعالى ـ، وأنا متجه إلى قراءته فهي رسالة الله ـ عز وجل ـ هذه الكلمات رسالة الله ـ عز وجل ـ إلى الناس جميعا، أنا سأقرأ رسالة الله ـ تبارك وتعالى ـ وأنا مشمول بهؤلاء الذين خاطبهم رب العزة ـ سبحانه وتعالى ـ في كتابه يستحضر هذه المعاني، ويستحضر عظمة الله ـ تبارك وتعالى ـ الذي يخاطبه في هذا الكتاب الكريم، فإذا جاءه شيء من انشغالات الدنيا مما يلقي الشيطان في قلب الإنسان أو في ذهنه يتذكر عند ذلك أنه يقرأ كلام الله ـ عز وجل ـ، كما قال الله ـ سبحانه وتعالىـ: { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان } الشيطان يطوف عليهم، يجري يحاول يبذل ما يستطيع لغرض إشغالهم لغرض صرف أنظارهم { إذا مسهم طائف من الشيطان } نلاحظ يمسه مسا خفيفا، لا يستطيع أن يغور في أعماق المؤمن { إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } يتذكر عظمة الله ـ عز وجل ـ يتذكر شرع الله ـ تبارك وتعالى ـ فإذا هو مبصر لما ينبغي أن يكون عليه لوصفه أنه من أهل الإيمان لأتباع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا } فإن يستعيذ الإنسان بالله ـ تبارك وتعالى ـ واختيار هذا الفظ يعني لفظ فاستعذ بالله أولا على صيغة الأمر يعني إذا كان منك قراءة للقرآن الكريم فهناك أمر بأن تكن من أهل الاستعاذة، فاستعذ بالله أمر واستعذ يعني ابذل جهدا في العوذ بعظمة الله ـ سبحانه وتعالى ـ، فاستعذ كان ممكن في غير القرآن أن يقال فعذ بالله، لكن لما يقولك فعذ بالله هذا أمر بأن يقع منه عوذ ليس فيه صورة الطلب، لأن استفعل قلنا فيها معنى الطلب أن تطلب أن تعوذ بالله ـ سبحانه وتعالى ـ، وليس فيه معنى بذل الجهد، وإنما هو مجرد أمر ينبغي أن ينفذ، كذلك إذا قيل وإذا قرأت القرآن فعليك أن تعوذ بالله باستعمال الفعل يضعف حقيقة المعنى، لكن استعذ أقوى من أن يقال له فعذ بالله، لأن فعذ هذا أمر يوجه إليه، أو فقل أعوذ باله فإذا قرأت القرآن فقل أعوذ بالله، هذا يكون تلقينا والمتلقن يكرر ما لقنه، فإذا قرأت القرآن فقل أعوذ بالله سيحفظ ما لقن، يعني يفوت معنى الطلب وبذل الجهد والآية الكريمة كأنها تريد من هذا الملسم الذي يتجه إلى قراءة القرآن الكريم أن يبذل جهدا في طلب معنى العوذ بالله ـ سبحانه وتعالى ـ. فإذا: كلمة استعذ أولى من كلمة فقل أعوذ، وكلمة استعذ أولى من الأمر المباشر في كلمة فعذ أيضا أمر لكن هناك فارق، ومن هنا جاء الاختيار طبعا نذكر هنا بكلمة الإمام الرازي ـ رحمة الله عليه ـ، لما قال الحكمة لابد منها لما نقول ما الحكمة في أنه استعملت استعذ ولم تستعمل هنا فقل أعوذ أو لم تستعمل هنا فعذ… الحكمة لابد منها ولا نعلمها كما هي، يعني على وجه اليقين لا نستطيع أن نقول هذا هو اليقين، لكن نقول الحكمة لابد منها ولا نعلمها كما هي، ولكن نقول ما يخطر بالبال ما يخطر بالبال قلنا ينبغي أن يكون بضابط موافقة لغة العرب، والآن قلنا لغة العرب هكذا عذ أمر مباشر بالعوذ، عذ أمر ليس فيه معنى الطلب، ولا معنى بذل الجهد. فقل أعوذ هذا تلقين تعليم أيضا ليس به هذان المعنيان. فإذا: اختيار استعذ فيها الأمر وفيها هذه الهمزة والسين والتاء التي هي للطلب ولبذل الجهد حتى يكون المسلم على بينة من أمره أنه الأمر كما يتصوره الأمر سهل، بحيث يأتي ويقرأ القرآن لا هناك عدو له يحاول أن يصرف قلبه عن التدبر في كلام الله ـ سبحانه وتعالى ـ { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } قفلت بعض القلوب فحتى يحسن التدبر، ينبغي أن يلجأ إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ بهذا المعنى فاستعذ بالله لكي يطرد عنه كيد الشيطان، وهو يعني يصافح بعينه كلام ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ، أو أن يردد بلسانه من حفظ قلبه كلام الله ـ سبحانه وتعالى ـ هنا أيضا اختيار آخر يلفت النظر، هل يمكن أنه يقال في مثل هذا الموضع، فإذا قرأت القرآن فاستعذ بربك أو فاستعذ بالرحمن الرحيم، أو فاستعذ بالقادر القهار. يعني بكلمات أخرى من صفات الله ـ سبحانه وتعالى ـ، ومن أسماءه الحسنى الجواب لا شك ممكن في غير القرآن. نعم ويؤدي المعنى الذي هو المعنى الكلي، لأنه { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى } أنت تستعيذ بالله وتستعيذ بالرحمن وتستعيذ بالقهار، أو تستعيذ بالله ـ سبحانه وتعالى ـ، كله من أسماء الله ـ عز وجل ـ، لكن يبقى السؤال عن الاختيار، يعني هل هناك سر في هذا الاختيار العلماء تدبروا لو كان هناك فاستعذ بالله، فاستعذ بالرحمن، هل يتحصل الصورة الكاملة التي يراد للمسلم أن يستحضرها وهو يقرأ؟  فاستعذ بالله قالوا: لا هناك فارق، نعم المعنى كله واحد كما قلنا { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى } يعني أنت تستحضر في ذهنك رب العزة ـ سبحانه وتعالى ـ قالوا: لا أنت عندما تذكر أي اسم من أسماء الله ـ عز وجل ـ تستحضر تلك الصفة التي في الاسم في لغة العرب، كيف لما تقول الرحمن تستحضر صفة الرحمة ولا تستحضر صفة القدرة ولا تستحضر صفة الغفار المغفرة ولا تستحضر صفة القهر القهار، وإنما قلت الرحمن رأسا تتبادر لذهنك صفة الرحمة في أسماء الله ـ سبحانه وتعالى ـ لما تقول باسم الغفار.. الغفار يأتي في بالك المغفرة وهكذا سائر الأسماء والصفات من الأسماء الحسنى لله ـ سبحانه وتعالى ـ مما ورد في كتاب الله ـ عز وجل ـ، وفيما صح عن رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، كل اسم في هذه الأسماء فيه معنى الوصفية، فيه وصف معين الرحمن الرحمة القهار القهر القادر القدرة، وهكذا لكن اسم الله كلمة الله يدخل ضمنه كل الأوصاف الأخرى، ولذلك يقولون لفظ الجلالة هذا الله.. بعضهم قال هو هكذا جاء الاسم، يعني ليس من كلمة رحم وقالوا الرحمن من كلمة الغفار قالوا: الغفار والغفور وهكذا سائر الأسماء، كلمة الله هي هكذا جاءت ولما يقول المرء الله يستحضر في ذهنه ما هو بحاجة إليه من الأسماء والصفات لله ـ تبارك وتعالى ـ، هو بحاجة إلى من يحفظه من الشيطان، يستحضر في ذهنه معنى الحافظ الله ـ تبارك وتعالى ـ، الذي يحفظه من الشيطان.. المجير الذي يجيره من الشيطان، القوي القهار الذي يقهر الشيطان يعني يستحضر في ذهنه ما يريد له أن يستحضر لما يقول كلمة الله بينما الأسماء الأخرى يستحضر ما بها من وصف، وهو هنا يراد له ذلك يراد له أن يستحضر هذه العظمة لك هذه المعاني حتى يفرغ قلبه لله ـ تبارك وتعالى ـ، وهو يقرأ ولذلك قال بعض العلماء أن هذه اللفظة جاءت هكذا.. ذكرنا في مرة ماضية أن كلمة الله كانت معروفة لدى العرب في الجاهلة، وكانوا يقسمون به.. وأرخ القرآن ذلك إذا كان هناك سؤال من خلق السموات والأرض يقولون الله، يعني يستعملون هذه اللفظة ( الله ) ويقسمون به، كانوا يستعملونها. بعض العلماء قال هي أيضا مشتقة في الأصل، يعني كما أن كلمة الرحمن مشتقة من الرحمة والغفار مشتقة من المغفرة، وهكذا سائر الأسماء الحسنى فيها اشتقاق، كذلك كلمة الله في الأصل اللفظة مشتقة العرب عندهم فعل من هذا الفعل اشتق اللفظ، ثم لكثرة لاستعمال وما أحيط به هذا اللفظ من قدسية وتنزيه، كأنما نسي أصل الاشتقاق وإلا هو يقول من الفعل ألِه يأله وأحيانا تبدل الهزة واو أو هي الهمزة من الواو مبدلة. أحيانا نقول وله ومنه الولهان والولهان هو المحب المغرم، وكلمة أله فيها هذا المعنى فيها الحب وفيها العبادة وفيها اللجوء. يقولون وَلِه الصبي إلى أمه يعني لجأ إلى أمه فهو ولهان أيضا. فإذا: اللفظة هي من أله وصيغ منها على زنة فعال بمعنى مفعول، مثل كلمة كتاب بمعنى مكتوب فهو إله بمعنى مألوه، يعني معبود محبوب حبا طاغيا إلى حد الحب يصل به إلى درجة العبادة ، والعبادة يقول إلى درجة الهيمنة على الكيان كله، وهذا ملائم لما ورد في الحديث يعني ” ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. والآية { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } يعني إذا كنتم تقولون نحن نحب الله كان فيه إلماح إلى أصل اللفظة إن هي من أله يأله التي فيها كما قلنا معنى العبادة أو معنى الحب أو الحب الموصل إلى الهيمنة على الكيان كاملا، كيان الإنسان بحيث يوصله إلى درجة العبادة فجيء الاسم هكذا، ولذلك قالوا: أصله الإله يعني وزنه الفعال وحذفت الهمزة فصارت الله، وهو هكذا ينطق بترقيق يعني لما يكون قبل كلمة الله كسرة أو ياء مادية عند ذلك يرقق اللفظ، فتقول أفي الله شك.. هي هذه الكلمة الله وبالله مكسورة إذا لم تكن كسرة هي هكذا مجرد يعني إذا وجدت الكسرة، أو الياء قالوا الياء هي كسرة طويلة إذا لم توجد الكسرة أو الياء مثل كلمة في التي تتحول مع كلمة الله أيضا تتحول إلى كسرة، لأن كأنما سيلتقي على قولهم ساكنان اللام الأولى من ال التي بالأصل التعريف والياء الساكنة.. فمعنى ذلك تؤول إلى صوت الكسرة إذا لم يكن ذلك عند ذلك يفخم اللفظ فنقول { وعلى الله فليتوكل المتوكلون } واللهِ هكذا واللهُ أي شيء يكون قبله غير الكسرة أو الياء المد لا يرقق يفخم عند ذلك، يعني يلفظ الياء فيه مثل ما نلفظ صوت ال هكذا يكون.. فإذا: هذه الكلمة فاستعذ بالله جاءت مرققة بسبب الكسرة التي في الباء، فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله، ولما يريد الإنسان أن يستعيذ عند ذلك يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. هذا كلام ما أثر عن السلف أنهم كانوا إذا أرادوا أن يقرءوا القرآن تطبيقا لهذه الآية يقولون: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. هذا ـ إن شاء الله ـ نأتي إليه يعني لماذا لم يقولوا هو قال استعذ، لماذا لم يقولوا أستعيذ بالله، لماذا لم يقولوا عذت بالله فاستعذ بالله تقول عذت بالله على أي حال يأتي؟  هذا ـ إن شاء الله ـ في موضعه. فإذا: فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم.. الشيطان الألف واللام هنا للجنس، يعني من أي من هذا الجنس، جنس الشيطان تستعيذ بالله منه، بعظمة الله ـ عز وجل ـ، حتى تشعر بخطورة ذلك المخلوق الذي دعاك الله ـ عز وجل ـ أن تطلب العوذ بالله ـ عز وجل ـ ببذل جهد من شره. يعني ابذل جهدا من شره، فهذه كلمة الشيطان نحن عندنا قد يقول قائل إبليس لم يقل فاستعذ بالله من إبليس، يقول العلماء له: لا يصح هنا كلمة إبليس، لأنه إبليس هو شيطان أو هو أبو الشياطين أو قائد الشياطين إلى النار، هذا إبليس هو اسم لذلك الشيطان الذي عصى ربه في قضية آدم ـ عليه السلام ـ. إذا: هو اسم لذات معينة وليس هو الذي يحاول أن يذلك أو يضلك، وإنما قد يكون هو الذي يتولى بحسب قوة الإنسان لكن هو له أتباع وله أبناء. قال الله ـ عز وجل ـ في سورة الكهف: { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو } بعض العلماء قالوا: الذرية هنا يعني إشارة إلى الأتباع، والبعض قال لا النص صريح ذرية يعني ذرية.. فإذا: عبر بالذرية عمن هم من ذرية إبليس، هذا وعن أتباعه من الجان الذين يكونون شيطانين، فحذرنا منهم { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني } أما كيف صارت له ذرية لم يخبرنا القرآن عن ذلك، ولا أخبرنا الحديث الصحيح عن ذلك، وكثير من الأشياء لا نعلم كيف هي لكن نؤمن بها. إذا: له ذرية هم يتولون إضلال وإذلال العبد المؤمن، يحاولون إضلاله فالاستعاذة يكون من هؤلاء فضلا عن أن هناك معنى لكلمة الشيطان، ومعنى لإبليس لعلنا نتكلم عنها ـ إن شاء الله تعالى ـ في الحلقة القادمة أقول هذا، وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمته وبركاته.