مجالس تدبر القرآن

صبيحة ليلة القدر – د. رقية العلواني

صبيحة ليلة القدر

د. رقية العلواني

بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

صبيحة ليلة القدر لها موقع خاص في نفوس المسلمين. غالبية المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يحاولون النظر إلى شروق الشمس فيها فإذا أشرقت الشمس وليس لها شعاع قالوا إذن تلك كانت ليلة القدر. السؤال هنا: ما مدى أنا تفقدي من قمت الليل واحتسبت ذلك القيام في الليل لله تعالى ما مدى تفقدي لنفسي بعد ليلة القدر؟ ما مدى تفقدي للعلاقة التي ستُبنى بعد ليلة القدر؟ وهل ليلة القدر ورمضان وليالي رمضان التي أوشكت على فراقنا هل هذه الليالي كانت مجرد نقطة في حياتي خلال العام أم أنها هي مرحلة البداية؟ أم أنها هي النقطة التي سأتحول من خلالها إلى إنسان جديد إنسان ولِد في ليلة القدر، إنسان حوّلته تلك العبادة وتلك الشحنة الإيجابية من العبادة ومن ثمرات العبادة الرائعة التي نمت قياماً وصياماً خلال أيام وليالي الشهر المبارك جعلت مني إنسان يولد من جديد يولد بطموح وبهمة عالية همة لا تعرف الملل ولا التعب ولا الكلل لا في رمضان ولا بعد رمضان. أهداف وطموحات أحتاج أن أحققها في حياتي في رمضان وبعيد رمضان. ما هو شكل العلاقة التي ستكون مع الله  عز وجل بعد رمضان؟ هل ستفتر الهمم عن العبادة والقيام؟ هل ستكون علاقتي مع القرآن الكريم علاقة هجر وانقطاع بعد تلك الليالي التي كنت أمضيها مع كتاب الله عز وجل؟ وماذا عن القيام وماذا عن العبادة؟ العبادة في حياة الإنسان المؤمن هي كالأكسجين لأجهزة الجسم المختلفة إذا انقطع الأكسجين عن هذه الأجهزة القلب أو الرئة ماتت أصابها العطب وأصابها التلف كذلك العبادة وحلاوة العبادة ولذة التقرب من الله عز وجل إذا قُطعت عنا أصاب نفوسنا العطب والتلف. ساعات الغفلة علينا أن نودعها وخاصة في أواخر ليالي رمضان وخاصة في يوم العيد علي أن أترقب نفسي وأن لا أغفل عن الله عز وجل في زحمة الفرحة بالعيد الفرحة لا تعني الغفلة الفرحة لا تعني الانقطاع عن الله عز وجل الفرحة بالأهل والسلام والتهاني وتبادل التحيات هي صلة لتلك العبادة هي ثمرة لتلك العبادة، هي ثمرة لذلك القرب من الله عز وجل الذي أريد له أن يظهر في أيام العيد في التواصل مع الآخرين من الأقارب والأصدقاء والجيران والمعارف والأمة باسرها بإدخال السرور والفرحة عليهم هي ثمرة تلك العبادة هي ليست انقطاع وبالتالي عليّ أن أتفقد نفسي قبل كل شيء قبل أن أتفقد الشمس وشعاع الشمس في صبيحة ليلة القدر. علي أن أجلس مع نفسي بعد تلك الليلة من العبادة والوقوف بين يدي الله عز وجل يا رب كيف تريدني أن أكون بعد هذه الليالي؟ يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على قربك ومحبتك وطاعتك. ما ينبغي أن يشغل أذهاننا ليس البحث عن صبيحة ليلة القدر ولا عن الشمس وعن شعاعها كما تتناقلها عشرات بل مئات المواقع ليس هذا هو الواقع المفروض أن يكون ما ينبغي أن يكون هو الشغل الشاغل لنا جميعاً هو تفقد أنفسنا هو تفقد المرحلة التي سنضع أقدامنا عليها بعد هذه الليالي العظيمة كيف سنكون؟ هل سنكون كما كنا قبل رمضان أم سنكون شيئاً آخر؟ هل خرجنا بهذا الشهر العظيم بطموحات جديدة؟ بخطة عمل جديدة في حياتنا؟ بتغيير في حياتنا؟ أين ستذهب تلك الشحنات العظيمة التي جاءتنا نتيجة لطول القيام والسهر والتأمل والقرآءة لكتاب الله عز وجل أين هذه الشحنات؟ أين ثمرات تلك الشحنات العظيمة؟ كيف ستصرّف؟ كيف ستكون؟ كيف ستغير الواقع الذي نحن فيه؟ هذا ما ينبغي أن نبحث عن أماراته في قلوبنا وكل عام وأنتم بخير.

http://www.youtube.com/watch?v=Bdjmb1ScBXs