قصص القرآن

قصص القرآن – الحلقة 13

اسلاميات

الحلقة 13

 

مسألة خلق حواء التي دار حولها كلام كثير من الإسرائيليات:

 

مسألة خلق حواء فيها كلام أرجو أن نقف فيه على عين الصواب. القرآن الكريم له أسلوبه المتميز. بعض حروف الجر في القرآن يأخذها الناس على معناها الظاهري، هذا المعنى الظاهري لا يوجه الإنسان الوجهة الصحيح لأن لغة القرآن تختلف عن لغة غير القرآن. إذا سمعنا جملة من القرآن لا يصح أن نفهمها على ظاهرها. وكذلك كلام رسول الله r. لأن محمد r ساعة قال له الملك: إقرأ بإسم ربك الذي خلق أصبح العلم الذي عنده ليس من ذاتيته r وإنما من عند الله تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5))  سورة النجم وضحت نقاطاً لو وضعنا يدنا عليها لفهمنا. فكلام رسول الله r ولغته وعلمه  ليس كلام بشر عادي ولكنه وحي من الله تعالى.

في بعض الكتب قالوا سنأخذ خلق حواء من فم رسول الله r من الحديث: ” حدثنا إسحاق بن نصر: حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن ميسرة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وأن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا) (البخاري، كتاب باب الوصاة بالنساء). “ والبعض يريدون أن يأخذوا الأمر من قوله تعالى (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) النساء) أخذوا (منها) على أنها من آدم u. فقالوا حواء خُلٌِت من ضلع آدم. لكن إذا أعملنا عقولنا وتلقينا الأمور على حقيقتها لا على ظاهرها. لما نسمع حديث الرسول r نسأل: هل تكلم الرسول r في خلق حواء أو في طبيعتها؟ الرسول r لم يوجه الحديث عن خلق حواء لكنه r يقول أن النساء طبيعتها كذا وكذا. وما دام r يتكلم عن طبيعتها لنتعلم. أولاً لغة العرب قبل نزول القرآن الكريم. العرب ماذا تعني كلمة ضلع عند العرب؟ ضلع يعني أعوج وإذا أُطلِقت على الأرض تكون ما انحنى منها أعوج. فهناك فرق بين الخلق والطبيعة. أعوج شيء في الضلع أعلاه لأنه يزداد عوجه في أعلاه في نهايته لأنه لو لم يكن كذلك لسقط القلب في الأحشاء. وسمي الضلع ضلعاً لإنحنائه. فحديث الرسول r الذي ذكرناه استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خُلِقٌِن من (ضلع) أي من طبيعة تختلف عن طبيعة الرجل. (فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج) وفي حديث (إنما المرأة كالضلع ان تقمها تكسرها وان تستمع بها تستمع وفيها عوج) فلا نفهم من كلمة أعوج أنه سُبّة. تخيل بيتاً فيه رجلان وبينهما أطفال لا يستقيم البيت، أما المرأة فهي تقيم البيت. ضلع أعوج: غاية إستقامته أنه أعوج. كل مخلوق له مهمة. غاية إستقامة الضلع أن يكون أعوجاً ليؤدي مهمته وكل شيء في الكون له مهمة. غاي إستقامته أن يكون أعوجاً (أعوج: على وزن أفعل التفضيل). وللأسف نسمع على المنابر المرأة مخلوقة من ضلع معوج، الرسول r لم يقل معوج وإنما قال أعوج (على وزن أفعل التفضيل) وهذا له وقع في اللغة. وهذه ليست سُبّّة. حديث الرسول r معناه: إحمدوا الله لأن الزوجة حنونة. لو نظرنا إلى الحياة الزوجية فلو شدّ الرجل تحنّ المرأة فيستقيم البيت.

من ضلع: (من) هنا ليست منّيّة الخلق وإنما هذا كلام مجازي يعني من طبيعة.

هناك فريقان من أهل التفسير أو الفقهاء أو العلماء منهم من قال (من ضلع) إستناداً إلى الآية (وخلق منها زوجها) والفريق الثاني كما نقول نحن يقولون ليست من ضلع آدم. الرازي رحمه الله  قال ما قيمة أن تكون من ضلع آدم؟ القيمة أنها تكون من نفس طبيعة آدم. (منها) مجاز. نسأل سؤالاً منطقياً: هل عدد أضلع الرجل تختلف من أضلاع المرأة؟ كلا، كل منهما عنده 24 ضلعاً، هذه نقطة. والنقطة الثانية العلماء مصرين على أن الدليل هو هذه الآية: (وخلق منها زوجها). لننظر في قوله تعالى: (خُلِق الإنسان من عجل) فهل هناك مادة إسمها عجل خلق الإنسان منها؟ أو هل هذا مجاز؟ هذا مجاز. والمجاز ركن في اللغة العربية ومن أسرار جمالها. نقول: فلان كالشمس أو كالقمر هذا أسلوب مجازي، سولء بالإستعارة وغيرها. للأسف كثير يقف عند ظاهر اللفظ ويقولون قرأنا في سفر التكوين كذا. ولا يجب أن نأخذ من القرآن ثم نحققه من التوراة هذا لا يجوز والرسول r غضب من عمر بن الخطاب لما ذكر له أنه في التوراة كذا (لو كان موسى بين ظهرانينا ما وسعه إلا أن يتّبعني)..

إذن (خُلِق الإنسان من عجل) هذا مجاز. العجل المقصود في الآية من العجلة يعني إستعجال الشيء قبل أوانه ولما يكون الشيء قبل أوانه لا يكون منضبطاً. عليكم أن تكبحوا جماح العجلة والإستعجال عندكم واصبروا. المقصود هو المكنون الدلالي للكلمة. قال تعالى (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى) (رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا) العمى هنا عمى البصيرة (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)، فكان رد الله تعالى (كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى) هذا قمة التذكر أنك تحاسبه لكن المقصود في الآية أنك تُنسى من رحمته سبحانه وتعالى. نسيان رحمة التي هي أصل لله تبارك وتعالى في التعامل . يوم القيامة هذا الفريق يقول (لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) هم إعترفوا أنهم كانوا يسمعوا ويعقلوا في الدنيا فإعترفوا بذنوبهم فسحقاً لأصحاب السعير. لذا المجاز مهم في القرآن الكريم ولا ينفع إنكاره وإلا كيف نفسّر قوله تعالى (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) يوسف) كلها مجازات لأنه لايقصد سؤال القرية والعير إنما أهل القرية.

(الله الذي خلقكم من ضعف) هل هناك مادة إسمها ضعف خُلِقنا  منها؟ إذن قوله تعالى (خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) ليست من نفس الزوج ولكن من جنسه، من طبيعته وليست من كوكب آخر. قوله تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) المنّيّة هنا تحتاج لوقفة لأنه ليس المقصود منهم أي من نفس الأميين.

إذن حواء خُلِقٌت مثل آدم u. قال تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران ) كأني بالله تعالى يريد أن يخبرنا أنه يا من توقفتم في خلق عيسى كان الأحرى بكم أن تتوقفوا في خلق آدم الذي هو أصعب لأن عيسى وجد أماً تحمله أما آدم فخُلِق من دون أبوين فخلقه أصعب. فالذي سكت عن خلق آدم لماذا يعترض على خلق عيسى؟. والله تعالى يخبرنا أنه خلقه كآدم من تراب ثم قال له كن فيكون.  كيف خلق الله تعالى عيسى بهذا الشكل؟ هذه من قدرة الله تعالى فقل الحمد له القادر، وكذلك حواء. ولو لم يخلق عيسى بهذا الشكل لقال المشككون لم يعرف المولى حاشاه أن يخلق بهذا الشكل. على المسلم الواعي أن يُسلّم لمنطق الله تعالى في قرآنه ويأخذ المعجزة ولا يحاسب الإله الحق على قدرته لأن هذا لا يصح.

يقولون أن حواء خلقت من ضلع والضلع شيء محسوس من يعتقد أنها خلقت من هذا الضلع الحسي والآية تخطّئهم إذن حواء خُلِِقت من نفس القيمة المعنوية وليست قيمة حسّية. لو سلّمنا بمنطق من يقولون أن حواء خلقت من الضلع نفسه نسأل هل خلقت من كل الضلع أو من جزء منه؟ بالنسبة لآدم جزء. لو آدم عُمِل من تراب فالتراب أعطى عظماً ولحماً وعروقاً ودماً ولما تُعمل حواء من ضلع فقط تكون ناقصة فكأنه عجز إلهي والعياذ بالله. وهذا خطأ لأنه تعالى قادر فالذي خلق آدم بهذه الطريقة ألا يخلق مئة آدم بهذه اطريقة؟ بالطبع نعم إذن فخلق حواء بهذه الطريقة. سكت القرآن الكريم عن الحديث عن خلق حواء لأنه أمر منطقي (ومن كل شيء خلقنا زوجين) عندما نقول آدم يعني آدم وحواء: ذكر وأنثى. ولهذا يجب أن نسكت عما سكت عنه القرآن. في قصة نوح لما نهى تعالى الحياة وأراد أن يبدأ الحياة من جديد على الأرض قال تعالى (قلنا احمل فيها من كل زوجين إثنين) ليكون هناك حياة (ذكر وأنثى من كل شيء، نبات، حيوان، بشر) ساعة قضى الله تبارك وتعالى خلق آدم لم يكن آدم وحده بدليل أن حواء ظهرت فجأة في قصة آدم في سورة البقرة لأنها كانت موجودة. (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كُن فيكون) ما سكت عنه القرآن نسكت عنه. (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة) ساعة قضى الله تعالى أن يكون هناك بشر يجب أن يكون هناك زوجين.

والأمر للملائكة بالسجود كان آدم بوصفه ممثل للجنس البشري مثلما قال (يا أيها النبي إتق الله) ليس لشخصه r ولكن بوصفه زعيم للأمة. كذلك في قوله تعالى (إذا طلقتم النساء) يخاطب القرآن الرسول r على أنه زعيم الأمة. طالمنا أسلمنا جب أن نأخذ التوجيهات له على أساس أنه زعيم الأمة. قوله تعالى للرسول r (وأما اليتيم فلا تقهر) لا تعني أن الخطاب فقط للرسول وباقي الأمة تقهر اليتيم كلا، وإنما نأخذ التوجيهات لنا نحن أيضاً والخطاب في القرآن ليس لمحمد r فقط وإنما للبشر جميعاً.

إذا لاحظنا الخطاب في القرآن الكريم مرة (يا أيها الناس) ومرة (يا بني آدم) وغيرها ولكل نداء معناه. عندما يكون الخطاب لبني آدم فالمقصود به يا بني آدم الذي أخطأ وزيّن له الشيطان إنتبهوا، كأنه يريد جزئية من الحديث. نداء يا أيها الناس (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) نداء للكل بالإيمان وأول درجات الإيمان  التقوى. لما قال يا أيها الناس جاء معها بلفظ الرب (ربكم) ولم يذكر الإله أو الله. فالربّ هو المربي وليس الإله الذي يُعبد ويعاقِب. كل كلمة لها وقعها في القرآن ودلالتها. (إتقوا الله)  بعد أخذ تكاليف العبادة.

(من سلالة من طين): هنا منّية الخلق وهناك منية المجاز. الحرف واحد لكن هنا المعنى معنى الخلق. حروف الجر لها معاني مختلفة (معنى الحرف) وتحتاج إلى دراسات . في قوله تعالى (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) حرف الجر (من) هنا تعطي معنى (من) ومعنى (في) لأن المسلم يعمل حساب الصلاة من قبل وقتها ولا يفاجأ في وقتها يوم الجمعة. فإذا واعده أحد ساعة الصلاة يوم الجمعة يكون مستعداً لها ويجعل الموعد إما قبل الصلاة أو بعدها لأن موعد الصلاة موعد مسبق. فهذا من معنى (من يوم الجمعة).

(خلق منها زوجها): أي من نفسها، من جنسها من مثلية الجنس. ولذلك قال تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) الحكمة (لتسكنوا إليها) أي من طبيعتكم حتى يمكنكم أن تسكنوا إليها.

(قلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة): دليل على أن آدم عرف حواء ورآها ورأته وما يقال في الإسرائيليات أن آدم جلس وحيداً فترة فشعر بالملل فخلق الله تعالى له حواء لتؤنسه وتسلّيه هذا كلام خطأ وهو غير منطقي ومن الإسرائيليات. الناس الآن تقول أن المرأة مُهانة وغيره. أكبر تكريم للمرأة حديث الرسول r (استوصوا بالنساء) وذكرنا أن قوله (خلقت من ضلع أعوج) أي هذه طبيعتها وليس خلقتها. طبيعتها متقلبة كما وصف الرسول r في حديث آخر : يُكثرن اللعن ويكفرن العشير. هي طبيعتها كذلك. قبل أن نقرأ القرآن إفتحوا المعجم وانظروا معنى كلمة الضلع: قلنا أن كلمة ضلع في العربية كلمة عادية جداً وكان العرب يسمون ما انحنى من الأرض ضلعاً، هذا لغة. والرسول r لما ذكر الحديث جاء بالكلمة إصطلاحاً. (إن استمتعت بها إستمتعن بهذا بهذا العِوج) جمال خلقتها بأفعل التفضيل (أعوج) . وقد وصفه الرسول r النساء بالقوارير في حديث رفقاً بالقوارير. وهذا مدح للمرأة والذي يفهم كلام الرسول r من الرجال يعيش مرتاحاً سعيداً لأن الرسول r لا يعطينا أشياء مبالغة ولا ناقصة أو زائدة أو غير منضبطة أو خطأ. الرسول r كان يتكلم عن طبيعة المرأة ليعرف الرجال ذلك. خلقت حواء من نفس، من تراب، ماء، طين، فخار، صلصال بدليل أنه لا توجد إمرأة مختلفة في خلقها عن خلق الرجل في شيء لا في اللحم ولا في العظم ولا في غيره. ولذا لا يجب أن نقول الجنس الآخر لأن المرأة والرجل مخلوقين من نفس الجنس هي الآخر من الجنس. (الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) أي من طبيعتها ومن ذات ما خلقت منه النفس الأولى التي هي نفس آدم u.

سؤال: لماذا صمت القرآن في الحديث عن خلق حواء مع أنه تكلم في خلق عيسى u حتى لا يثير مشكلة ويتكلم الناس فيه؟

المفروض أننا نمشي على مراد الله تعالى وليس العكس. ما هو معنى المراد؟ ساعة يقضي الله تعالى خلق شيء أو بداية شيء في خلق أي شيء يجب أن يكون زوجين. فعندما يكلمنا عن واحد يكون الثاني موجوداً. (إنما أمره إذا أراد شيئاً) (الشيء : ذكر وأنثى) أنثى النبات كذكر النبات وأنثى الحيوان كذكر الحيوان وأنثى البشر كذكر البشر. تخيل لو قال القرآن الكريم خلق آدم من تراب، حمأ، صلصال، ثم قال خلق حواء من تراب، حمأ، صلصال، لكان هناك تكراراً. خلق آدم إذن هو ممثل للجنس البشري ،خلق جنس.

من أين جئنا بإسم حواء؟

حواء سماها الرسول r في الحديث حواء ” لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها “. أول مرة ينطق r بإسم حواء ولم يرد ذكر هذا الإسم في القرآن أبداً. ما معنى حواء؟ إسم حواء قسم يقولون لأنه خلقت من شيء حيّ لكن هذا الكلام ليس له أصل، وإنما إسم حواء هو إسم أطلقه الله تعالى عليها. إسم آدم فيه أكثر من رأي أيضاً  لكن ساعة سمي الله تبارك وتعالى تكون الحكمة عنده سبحانه. ولسنا مطالبين بمعرفة الحكمة وإلا  نسأل ما معنى إبراهيم، نوح، لوط، هود؟ تميّز محمد r بإشتقاقات إسمه إسمه وله دلالات وإسمه إشتق منه إسم يناسب زمن المتكلم في عهد عيسى (أحمد) وإسم عندما ولد r (محمد) ويناسب بعد بعثته ويم القيامة.

نحن نميل إلى القول أن حواء إسم وخلقتها كخلقة آدم من تراب ولا يليق بذات الله تعالى أن تكون من ضلع وهو سبحانه قادر وقلنا أن الله تعالى إذا أراد شيئاً يكون زوجين وساعة كان آدم كانت حواء.

قد يكون أن حواء شهدت مشهد أمر الملائكة بالسجود مع آدم وقد لا يكون وليس عندنا دليل لا في القرآن ولا في السنة ولا يهمنا ذلك. حواء براء مما ينسبونه إليها في الإسرائيليات أنها هي التي زينت لآدم أن يأكل من الشجرة. وسبق أن قلنا أنه ما ورد في القرآن الكريم أن الشيكان وسوس لها أبداً وإنما الآيات وردت (فوسوس إليه) أو (لهما) ولم يقل وسوس لها أبداً. الإسرائيليات مليئة بهذا الموضوع وأنه إنفرد بها وهي التي أقنعت آدم وهذا كلام لا أساس له من الصحة. ويجب علينا أن لا نقرأ هذا الكلام ولا الكتب المليئة بهذا الكلام وإنما نقرأ التفسير الذي أجمع عليه علماء الأمة على أنه خالٍ من الإسرائيليات. وعلينا أن نعمل على وضع كتاب خالٍ من هذه الإسرائيليات.

تحدث القرآن الكريم والرسول r عن مراحل خلق وآدم ووصف آدم وذكر في الأحاديث أنه كان ستون ذراعاً وغيره ولم يرد وصف لحواء ربما لأنها كانت مثله وأكيد أنها كانت كذلك أو قد تقل عنه قليلاً ولا يهمنا أن نعرف هذه التفاصيل.

(وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها): الأمر جاء في الآية بالمثنى لكن في بداية الآية بالإفراد لآدم فلماذا لم يأت النداء بالمثنى إسكنا؟

الذي يعنينا من حواء أنها زوج، والزواج سنة الحياة أكدها الله تعالى في الإسلام وجعلها آية من آياته (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) (واسكن أنت وزوجك). أول كلمة ظهرت مع حواء: الزوج والسكن، أنها زوج وسكن. قبل عقد الزواج تقول محمد وخديجة أما بعد العقد فتقول محمد زوج خديجة أو خديجة زوج محمد. والإثنان زوجان. الواحد منهم أصبح زوجاً مع أنه  فرد لأنه بعد العقد يعبّر عن الآخر ويمثله وهذه التعبيرات في اللغة تجعلك تفكر في نقطة مهمة أن الذي يذهب مع زوجته إلى حفلة ينضبط لكن عليه أن ينتبه أنه زوج لو ذهب لوحده. أنت لوحدك أصبحت زوجاً بعد العقد ولست فرداً ولذا قال رسول الله r “إذا غاب عنها حفظته”. ويقول تعالى (اسكن أنت وزوجك) لأنهما إرتبطا ببعض ومهما بعُدا فهما زوجان وهذا ينطبق علينا إلى يوم القيامة.

بعض الإسرائيليات تبيّن مدى خطأ آدم بالأكل من الشجرة وكأنه خطأ آدم لوحده وأنه سمع كلام حواء وهم مرادهم في هذا أن يهدموا العلاقة الزوجية لذا البعض يقول لغيره إياك أن تسمع كلام إمرأتك أُنظر ماذا حصل بآدم. لكن هذه العلاقة الزوجية بُنيت على الإثنين. بيت العازب يقال له بيت أما بيت المتزوج فيقال له سكن. الإسرائيليات تحاول أن تهدم ما بناه القرآن.

بدأت الإسرائيليات بمحاولة تحرف القرآن أولاً لكنه إستحال عليهم أولاً لأن الله تبارك تعالى حفظه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وثانياً لأنه حفظه في صدور المسلمين ونحن نرى في المسجد إذا أخطأ الإمام في قراءته تجد المصلين وراءه كأنما يريدون أن ينقضوا عليه. فلم تسكت محاولات الإسرائيليات فتكلموا في التفسير ونسبوا كلاماً للرسول r لم يحصل مثل الأحاديث الموضوعة. الإسرائيليات خطورتها أنها تحاول أن تفك عُرى الفهم الصحيح للقرآن الكريم وهذا أمر مقصود لذاته.

أين علماء الأمة من هذه الإسرئايليات؟

الشيخ الغزالي والشيخ الشعراوي والدكتور عبد الجليل عيسى رحمهم الله أشاروا إلى هذه الإسرائيليات في ا تفسير الطبري وما فيه من إسرائيليات ونحن نقول أنه كان على الشيخ الطبري وهو عالم أن يُنقّي وقد كتب في مقدمة كتابه في التفسير : قد يجد القارئ في هذا الكتاب ما تستشنعه النفس ولا يرتاح إليه الفؤاد، ونحن نسأل لماذا كتب هذا إذن؟ كان عليه أن ينقي. وقوله ايضاً في المقدمة ” أديناه على نحو ما أُديّ إلينا” لا تبرّئه لأن الجملة الأولى في منتهى الخطورة. كان عليه أن ينقي خاصة أنه قريب العهد بالعهد الإسلامي الأول. كذلك تفسير ابن كثير فيه كثير من الإسرائيليات. لذا علينا أن نعمل على تنقية التراث من حيث التفسير والحديث الضعيف والموضوع من هذا الخبل الموجود في الأمة والذي ضيّعها. وهذا الأمر يحتاج إلى شجاعة وجرأة ونحتاج إلى مركز تحقيق التراث الإسلامي. الشيخ الألباني فعل ما عليه والناس للأسف يتحدثون عنه ويتمسكون بالأحاديث التي ضعّفها الألباني مثل حديث: العلماء ورثة الأنبياء، اطلبوا العلم ولو في الصين، أو الجنة تحت أقدام الأمهات وغيرها من الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة. هذه أحاديث ما قالها رسول الله r. والعبرة عندنا هل قالها رسول اللهr أو لم يقلها؟

كذلك في قصة حواء يقولون لك الرسول r قال إنها من ضلع أعوج ولم يفهموا معنى الحديث وأنه كان يتكلم عن طبيعة المرأة. وفي الحديث الآخر” إذا كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها” هذا للطاعة. والحديث “تنكح المرأة لأربع” هذه لإنجاح العلاقة الزوجية وليس لخلقتها، ” إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه” “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج” الأحاديث منصبة على إنجاح العلاقة الزوجية بداية من خطبة المرأة والرسول r لا يعنيه إلا ما قاله القرآن الكريم (اسكن أنت وزوجك) والرسول r قال إسمها حواء.

(من) إذن منّيّة مجازية كما ذكرنا في الأمثلة السابقة (خلقكم من ضعف) أي على ضعف يولد المولود لا حول له ولا قوة، (خلق الإنسان من عجل). كل حروف القرآن الكريم تعني معنيين.

يجب أن يكون مدار فهمنا وعلمنا أن ما سكت عنه القرآن نسكت عنه ولا نحاول الذهاب للكتب الضعيفة لأجد مادة أتكلم فيها..

مجموعة الأوامر والنواهي في القرآن الكريم صدرت لآدم (إحذر، أسكن): قال تعالى(فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) فالأمر موجه للذي سيتعب ويشقى في الحياة فوجّه الله تعالى الكلام له ثم يوجهه هو لمن معه. وهذا تكريم للمرأة التي هي ليست مطالبة بالسعي هي تأكل وتشرب رغداً ولا تشقى وهذا كلام يجب أن نوجهه لمن يهاجم الإسلام على أنه أهان المرأة. القوامة تعني أن الرجل خادم لها وهذه حقيقة معنى القوامة وهذه ليست سُبّة للرجل وإنما هي من الرجولة. لما قال تعالى (فتشقى) فكأنما كلّفه الله تعالى لأنه هو الذي سيتعب فاسمع كلام الله تعالى: (من يتق الله يجعل له مخرجا) في أحلك الظروف والمواقف ويرزقه من حيث لا يحتسب.

الأمر صدر بالأكل للإثنين ثم لما هبط آدم من الجنة قال (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) ولم يقل حواء ولكن نعود للإية (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا) دليل على أن آدم أخذ الكلام الذي أوحى الله تعالى له به وقاله لحواء هيا نتوب. ويجب أن نفهم تكليف الرجل وليس كما قال البعض أن فيه تضييع لحقوق المرأة وتغييبها عن السياق أو الجزاء وسنناقش لاحقاً قول الرسول r: أكثر أهل النار النساء. ألم تستشعر أنه حتى الهمّ في الخطيئة حمله آدم وحواء معه، لكن هو الذي حمل الهمّ وصدق تعالى (فتشقى) يجب أن يكون لهذه الكلمة وقع. فقال تعالى (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) لما قال فتاب عليه لا تعني على آدم لوحده وإنما عليه وعلى حواء من باب تغليب الذكر على الأنثى كما في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا) تشمل المؤمنين والمؤمنات لكن غلّب الذكور فاستعمل جمع المذكر السالم لتغليب نوع الرجل المسؤول للتكليف أنه هو يأخذ الأمر ويقول لها أكرمنا الله تعالى وسنتوب.

يجب علينا أن نراجع أنفسنا إذا كانت بيوتنا سليمة يكن خيراً وإلا فيجب علينا أن نناقش لموضوع ونعود إلى الله تعالى وإلا سيكون الوبال في الآخرة.

بُثّت الحلقة بتاريخ 1/5/2006م