نظرة عامة على قصة آدم u في آيات سورة البقرة
سؤال: في قول الله تعالى للرسول r وهو يقص عليه القصص هناك خلاف بين قوله تعالى(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)) والآية التي بعدها (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)) فما دلالة هذا الإختلاف؟
قد يظن البعض أن هناك تكرار بين قوله تعالى (قلنا) ثم (قلنا) لكن يجب أن نفرّق بين قضاء الله تبارك وتعالى بالهبوط وبين أمر الله تعالى بالهبوط. القضاء مسألة أزلية لذا لما جاءت (قلنا) في الآية الأولى جاءت بعد (فأزلهما الشيطان) حتى تبين أن الذي لا يسمع كلام الله عز وجل سيهبط وينزل درجة وهذا ليس عقاباً بالمعنى الذي عند الناس ولكن هذا قضاء لأن آدم مخلوق للأرض لكنه ملمح يتحقق في بني آدم أن الذي يخرج عن المنهج لا يبقى في النعمة التي هو فيها. حتى الذين قالوا أن الجنة كانت في الأرض نقول أنها لم يكن فيها تعب ولا جهد ولا مشقة (إن اك ألا تجوع فيها ولا تعرى) هذه مسألة أنت لن تعيش في النعيم الذي سيكون في القيامة لأنها جنة دنيا من غير تعب لذا قال تعالى (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) رغم أأنك تعيش في الجنة لكنك لا تتعب وهي ليست كجنة الآخرة والنعيم الأبدي. (فأزلهما الشيطان) (وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو) لم يكن هناك إبليس بعد. والبعضية هنا اختُلِلإ فيها فمنهم من قال المقصود بين آدم بعضهم عدو بعض وآخرون قالوا إبليس معهم في هذا الهبوط ونحن نحب أن نخرج من هذا الخلاف فنقول أن الضمائر في القرآن على أساس أنهما يمثلان الذرية فآدم يخاطَب بالجمع على أنه أبو البشر ونزوله نزول للكل. وهذا كلام محتمل من حيث اللغة وأنا أقول أن البعض هنا من الكُلّ والبعض الثانية من الكل. هما اثنان آدم وحواء أو ثلاثة مع إبليس لكن بعضهم لا يمثل واحداً أمام واحد لكن باعتبار الذرية ولو كان المقصود آدم وحواء تُصلح (بعضكم لبعض عدو) الجمع متّسق فآدم وحواء تصلح وآدم وحواء وإبليس تصلح. إبليس طُرِد من رحمة الله تعالى ساعة عصى لكنه لم يُطرد من الجنة. إبليس كان مع آدم وحواء في الوسوسة وإبليس لا يحتاج أن يدخل جسم الإنسان حتى يويوس له وهذا من الإسرائيليات. نسأل: هل يُجبر إبليس أحداً على المعصية؟ كلا لأنه يوسوس من بعيد، هو مطرود من رحمة الله تعالى قبل الوسوسة ومع ذلك وسوس لأن الوسوسة من خصائصه وهو مخلوق لها.
عندنا حديث في منتهى الإبداع “كلٌ ميسّر لما خُلق له” طبيعة إبليس هكذا يوسوس. (فأزلهما الشيطان) بتعبير آخر فوسوس إليه وهناك ملامح كثيرة للقصة لكن الخلاصة أنه أزلهما ولما أزلهما أخرجهما من الجنة ونسي آدم وآدم يمثل الجنس البشري كله وهذا واقع إلى اليوم. المعصية تتم بالنسيان وعدم المبالاة بالمنهج. (فأزلهما الشيطان فأخرجهما مما كان فيه) جنة الدنيا لكن ليس فيها شقاء كانوا في نعيم وأقل النعيم نعيم. صحيح هي ليست جنة الخلد لكنها جنة متاح لك فيها ما تطلب. (فأخرجهما مما كانا فيه) لما حذّر المولى تبارك وتعالى آدم (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) الخروج الأول هو القضاء أن الذي يخطيء يجب أن يهبط أو ينزل. وهذا التعبير يحتاج إلى وقفة. ساعة سمع آدم الله تعالى في أمره له بالهبوط (قلنا اهبطوا .. إلى حين) (فتلقى) لم يكن قد هبط بعد وهنا الوقفة بدليل (اهبطوا) الثانية. فتلقي التوبة كان في الجنة قبل أن يهبط.
الأول (فأزلهما) اهبطوا الأولى لأنهما عصيا ولم يهبط آدم قبل أن يتوب ثم (قلنا اهبطوا منها جميعاً) أي نفّذوا الأمر. فالأمر الأول أمر بالقضاء لكن آدم لا يريد أن يخرج من الجنة إلا والله تعالى راض عنه ويتوب الله تعالى عليه. هذا الفرق بين المعصيتين: معصية آدم ومعصية إبليس الذي رد الأمر على الآمر.
(فازلهما – فأخرجهما – فقلنا – فتلقى) لم ينفّذ ليس عن معصية لكن لا يخرج إلا بعد أن يرضى الله تعالى عنه ويتوب عليه. فتلقى تعبير جميل جداً.
سؤال: (فتلقى آدم من ربه كلمات) ما دلالة إستخدام لفظ الربّ بدل الله أو منا؟
لأن في لفظ الرب رحمة شديدة. لفظ الجلالة الله فيه رهبة والرب الذي رباك رحمك لذا نقول الحمد لله رب العالمين فنحن دائماً نلجأ لعطاء الربوبية لأن كلمة الله كلمة مفزعة لمن فهمها. لذا من عرِف الله خافه. قبل أن يخلق آدم سمى الله تعالى نفسه التواب (إنه هو التواب الرحيم) التواب أولاً من أجل آدم وذريته.
(فأزلهما) سبب كل ما يأتي بعدها أنهم سمعموا كلام إبليس وإبليس نجح في أن يزلهم. (فأخرجهما) نتيجة الزِلّة الإخراج من الرحمة ومن النعيم الذي كانوا فيه (فأخرجهما مما كانا فيه) ثم (وقلنا).
سؤال: توالي النداءات مع أفعال الشيطان (فأزلهما فأخرجهما) لم يقل (فقلنا) وإنما (وقلنا) والواو فيها تراخي فهل لهذا دلالة؟
حتى تعيش الذي فعلته كن من رحمة الله تعالى (فتلقى).
(فأخرجهما) هو خروج حسّي وليس الهبوط. هذا هبوط مكانة وهو خروج رحمة: إنزل واتعب نتيجة فعلك. تركه قليلاً ليرى نتيجة عمله وهذه دلالة (وقلنا) ثم عند التوبة (فتلقى) التوقيع: فأزلهما – فأخرجهما – فتلقى. لكن هناك توصيف: أخرجهما يقابلها اهبطوا فقال (وقلنا) على التراخي لكي تشعر بما فعلته فتدرك الذنب. قرار الخروج الحسي جاء مع كلمة (فأزلهما) لذا التعبير قوي (فأزلهما – فأخرجهما) من ساعة ما سمعوا كلام إبليس فهما خارج الرحمة ولذلك تكررت اهبطوا مرتين مرة قضاء ومرة أمر. آدم لم يخرج إلا وهو راضٍ لله تبارك وتعالى، هو لم يتب من ذاته لكنه تلقّى وهذه تعطي إحساساً أنه كان محتاراً لأنه أخطأ لكنه لم يعرف أن يتوب.
سؤال: نفس الموقف حدث مع قابيل ولكنه لم يُلهَم التوبة؟
كل من يبعد عن المنهج يلزمه منهج. كان قابيل سيعلم التوبة لكن هنا قضيته وهو أنّب نفسه كيف أنه لم يعرف أن يدفن أخاه وأرسل الله تعالى الغراب لأنها كانت أول سابقة قتل على الأرض. أرسل الله تعالى الغراب فيقول قابيل لنفسه: أنا أعرف أن أخطيء لكن لا أعرف كيف أواري خطأي وأصلحه.
سؤال: (فتلقى آدم من ربه كلمات) عاد القرآن إلى الفاء مرة أخرى فما الدلالة؟
هذا توقيع محدد (فأزلهما – فأخرجهما – فتلقى- فتاب) تدل على أن رحمة الله تعالى قريبة وصدق الله تعالى (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب) التوبة على الله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) بالأخص التوبة.
سؤال: ما دلالة (إنه هو التواب الرحيم) مع سياق الآيات؟
دلالتها (فتلقى) لأنه من غيرها لم يتب آدم ولولا التواب ما تاب آدم. لذا قلنا أن الهداية هدايتين: هداية دلالة وهداية معونة. لهذا (إنه هو التواب الرحيم). إذا تبت وأنبت إلى الله تعالى فابقَ هناك ولا تعد لذا الإنابة أهم من التوبة وفي قوله تعالى في سورة الروم (منيبين إليه) أي حالهم إنابة، إذا ذهبت للتوبة فابق هناك ولا تعد.
سؤال: الآية الثانية (قلنا اهبطوا منها جميعا): فأزلهما – فأخرجهما – وقلنا – فتلقى- فتاب – قلنا (بدون واو ولا فاء) فما الدلالة؟
هنا القرآن أعاد الأمر هنا للتنفيذ. والملمح الزمني هنا ليس له أهمية. من (اهبطوا) الأولى تدل أنه نازل لكن إستبعاده رحمة من الله تعالى لأنه سمح له بالتوبة. كان يمكن أن يموت العاصي على المعصية وكونه تعالى يتركه حتى يتوب هذا الرحيم وليس التواب.
سؤال: ما دلالة إختلاف صدر الآيتين؟
هنا توصيف الهبوط أنك لمّا تنزل الأرض هناك لك مدة زمنية محددة وبداية ونهاية أنت وذريتك (ولكم فيها مستقر ومتاع إلى حين). أما الثانية (جميعاً) هذا توقيع التوصيف أنه لما أُنزلك لن أتركك وسيكون هناك منهج.
سؤال: في الآية الثانية ورد (فإما يأتينكم من هدى) ولم ترد في الثانية فما دلالة هذا؟
سيأتيك منهج وليس من سبيل الصدفة أن بد الفاتحة في مطلع القرآن (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) توقيع الهدى لأنك تكون متّقياً لتستفيد من الكتاب وطوبى لمن طبّق ولمن عمل.
سؤال: (ما دلالة (إما) في الآية (فإما يأتينكم مني هدى)؟
تحتمل أنه ساعة ما يأتيك نفّذ لأنه هناك من يأتيه المنهج ولا ينفّذ.
سؤال: كيف نربط (بعضكم لبعض عدو) و(يأتينكم مني هدى)؟
العداوة أصل الحياة ولولا العداوة ما كانت الإختراعات والإكتشافات والتنافس. وعلينا أن نأخذ العداوة من باب التنافس. هناك عداوة بين البشر وما يحص في بلاد المسلمين الآن خير مثال على ذلك وهناك عداوة بيننا وبين الشيطان والعداوتان قائمتان. لو نظرنا إلى الدول نجد أن نجاح الإكتشافات بعد المعارك وتقدم الدول بعد الصدامات. يجب أن نأخذ العداوة بالمعنى الجيد لا المعنى السيء. وكلمة الإرهاب يتحدثون عنها بشكل خاطيءز الإرهاب يمنع الإجرام ويمنع الإعتداء. يجب أن يقال على ما يجري الآن إجراماً وليس إرهاباً فعندما أقتل شخصاً هذا إجرام وليس إرهاب. الإرهاب مطلوب لأنه إعداد للنفس يرهب عدوه فلا يعتدي عليه فيمنع الإعتداء، قال تعالى (وأعدوا لهم ما ساتطعتم) الإسلام لا يريد قتالاً وإنما يرد أن يمنع القتال بالإرهاب. عندما ترهب عدوك تحيفه وتمنع العداوة ويعيش الناس بسلام. أما القتل فهو إجرام وهذا ضد الإسلام تماماً. المسلمون لا يوافقون على إراقة الدماء بأية صورة من صوره ونحن ضد الإجرام والقتل لأننا نحن أمة دعوية والذي يحدث في دول الإسلام من قتل وإجرام حرامٌ حرام والإسلام منه براء هذا ليس إرهاباً وإنما إجرام لأن الإرهاب يمنع الإعتداءات.
سؤال: إستخدم القرآن (وقلنا) و (قلنا) و(اهبطوا) و(اهبطوا) هذا الإتحاد في اللفظ ألا يقابله اختلاف وتصح دلالة الآية؟ مثلاً تأتي اهبطوا في الآية الأولى وانزلوا مثلاً في الثانية؟ ولم الإصرار على توحيد اللفظ؟
لأن النزول يدل على المكان فقط والهبوط يدل على المكان والمكانة. (اهبطوا مصر) نزلوا مكان ومكانة. لذا ألفاظ القرآن عميقة وشاملة ولهذا جاء مع القرآن أنزل ونزّل وتنزيل وهذه سنشرحها في حلقات قادمة إن شاء الله وكما قال الشيخ الشعراوي رحمه الله الكلمة عاشقة لمكانها في القرآن.
سؤال: (وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو) وفي الثانية (اهبطوا منها) فما دلالة الإختلاف؟
لم يقل تعالى في الأولى (منها) لأن هذه هبوط مكانة لأنه ساعة سمع آدم وحواء كلام الشيطان هبطا هبوط مكانة قبل هبوط مكان بعدم اتباعهما المنهج. (جميعاً) يدخل الشيطان معهم (فإما يأتينكم مني هدى) يدخل الشيطان أيضاً لأن القرآن هو للعالمين جميعاً الإنس والجن بدليل قوله تعالى (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك) على لسان الجن.
سؤال: (فإما يأتينكم مني هدى) ما المراد بالهدى في الآية؟
المراد بالهدى المنهج، الرسالات، الديانات وليس الأديان كما يقول البعض. لا يجب أن نقول أديان لأنه ليس هناك إلا دين واحد هو الإسلام بدليل قوله تعالى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) الشورى) .لم يقل أديان. هناك فرق بين الديانة والدين فالديانة هي الرسالة والدين هو شرع الله تعالى لكل الرسالات (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ، آية 19 آل عمران) وهو الشرع العام من عهد آدم u إلى أن تقوم الساعة. ولا يوجد جمع لهذه الكلمة فالدين واحد. والثابت أن هناك دين واحد من عهد آدم u إلى أن تقوم الساعة (إن الدين عند الله الإسلام) فالديانات تعددت وكلها دينها الاسلام فالمسيحية ديانة دينها الاسلام وكتابها الانجيل واليهودية ديانة دينها الاسلام وكتابها التوراة ومن عظمة الحق تبارك وتعالى أنه لما أراد أن يختتم الرسالات سمّى الديانة الخاتمة باسم الشرع العام وهو الاسلام ودين محمد هو ديانة محمد هو الاسلام. المنهج يختلف لكن الشرع واحد فكل رسالة شرعها الإسلام ودينها الإسلام.
(فإما يأتينكم مني هدى) الشيطان داخل معه لكنه لن يتوب أما ذريته فمنهم من أسلم.
سؤال: (فمن تبع هداي) هذا هدى الله تعالى فهل هناك هدى آخر؟
نعم كل من يعبد غير الله إتخذ إلهه هواه لأن الهوى دين ومن يعمل تمثالاً مثلاً ثم يعبده أو يأكله. خالد بن الوليد كان يسجد للعُزّى ولما أسلم طلب منه الرسول r أن يكسّر الصنم بيده حتى لا يرجع له ثانية وتكسير خالد للصنم يختلف عن تكسير إبراهيم u لأصنام قومه بدليل أنهم عادوا إليها لأنهم لم يطموها بأنفسهم وإنما حطمها إبراهيم لذا جاء قوله تعالى (ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) الأنبياء).
سؤال: (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ما دلالة إستخدام الجمع بعد الإفراد؟
كان إفراداً (قمن تبع) ثم جاء الجمع (عليهم ولا هم يحزنون) لأن الإسلام مع الجماعة ولأن الشيطان ذئب والذئب لا يأكل إلا الشريدة الوحيدة. فالشيطان يستدرج الإنسان لوحده لذا علينا أن نلزم الجماعة حتى يصعب على الشيطان إستدراجنا.
سؤال: ما دلالة (هم) في الآية (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)؟
أي هم أنفسهم. الذي لا تخاف عليه لا تحزن عليه. إذا مات أحد أول ما نسأل: هل كان يصلي؟ هل كان يصوم؟ هل كان يزكي؟ فإذا كان كذلك نقول هنيئاً له هو في الجنة إن شاء الله وهذا لا نحزن عليه لأنه متقي. والعكس صحيح. (لا خوف عليهم) لأنهم حتى لو عصوا يتوبوا ويستغفروا وينيبوا ويصلّوا ويعتمروا وغيرها فمجموع حالهم (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) طالما سيرتهم مع الله ورسوله r فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
سؤال: ما دلالة استخدام الخوف والحزن تحديداً في الآية (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وفي الآية (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) ؟ وما دلالة تقديم الخوف على الحزن؟
لما نرى حال الإنسان بين الدنيا والآخرة فهل سنرى في الجنة إنساناً لم يكن متقياً في الدنيا؟ كلا. وجود المتقي في الجنة وارد وأوجب. الذي لم يتق في الدنيا موقفه يوم القيامة يحزن وهذا الحزن الحقيقي لأن حزن الدنيا ليس حزناًُ. يقول علماء النفس أن الناس عندما يبكون على موت أحدهم يكونون في الأصل يبكون على حالهم وليس على الميت لأنهم يتخيلون أنهم مكان الميت لذا الحزن الحقيق حزن النتيجة في الآخرة لذا يجب أن نتبع: فمن تبع هداي فلا خوف عليهم في الدنيا ولا هم يحزنون يوم القيامة. هذا مثل فعل الشرط وجواب الشرط. لذا كل آيات الإيمان: إعمل، إعملوا، عملوا لا يوجد نتائج بلا عمل وليس الإيمان بالتمني.
سؤال: هل الآية (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)) هي عكس (فمن تبع هداي)؟
هذا المقابل للهدى. هناك قاعدتين لكل شيء في الدنيا مثل الزواج يقوم على قاعدتين (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) والمعروف والإحسان من قواعد الإسلام: الإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان. والناس للأسف لا تفعل ذلك لذا لا نرى نتائج لأن الكِبر دخل في نفوسنا. التوجيه الإلهي عندما خرج آدم من الجنة إلى الدنيا (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) طه) النسيان هنا ليس نسيان من الذاكرة وإنما نسيان رحمة وإحمال من رحمة الله تعالى التي هي مناط يوم القيامة.
سؤال: هبط آدم وحواء إلى الأرض مع المنهج فهل كُلِف بالنبوة بعد التوبة؟ وهل وسوس الشيطان لآدم وحواء بعد هبوطهما إلى الأرض؟
هناك إختلاف هل آدم نبي أو رسول؟ لكن المتفق عليه أنه نبي بعد التوبة. نحن عندنا القرآن وأعظم رسول ويجب أن يؤخذ منا وكان ابن مسعود يسأل مَنْ يأخذ مِن مَنْ؟. آدم وحواء سمعا كلام الشيطان لأنه قاسمهما أي جعلهما شريكان له في القسم. ونحن لدينا منهج يقفل المسالك على الشيطان. نحن ليس عندنا أي مصدر ولا حديث أنه بمجرد هبوط آدم وحواء إلى الأرض وسوس لهما الشيطان. توبة آدم كانت توبة نصوحاً ونحن نريد أن نتوب مثل توبة آدم.
سؤال: أول ذنب على الأرض وأول معصية معصية قابيل وهي فساد عام بخروج عن المنهج وسفك الدماء. أقول أن علينا أن نصلي ركعتين شكراً لله تعالى أننا جئنا من أبوين مسلمين ونشكر تعالى على نعمة الإسلام.
بُثّت الحلقة بتاريخ 12/6/2006م