قصيدة: يا صاحب الحوض العميم تحية
كتبها: د. محمد صافي المستغانمي ونالت جائزة البردة في دورتها الأولى عام ٢٠٠٤م
الشارقة ٢٥ / ٣ / ٢٠٠٤م
وليـــلٍ بطــــيءٍ أثقلَتني كـــلاكِلُهُ | ووَجْدٍ عميــــقٍ أسهرَتْني بـــلابِلُهْ |
أحاطَتْ بيَ الأشجانُ مِنْ كلّ جانبٍ | وفاضتْ دُموعُ الشّوقِ واشْتَدَّ وابِلُهْ |
وهبّتْ رياحُ الحُبِّ تَكْوي مشاعري | وحِبّي رســــولٌ لا تُعَدُّ فضـــائلُهْ |
وهلْ تسبُرُ الأشعـــــارُ كُنْهَ محبّتي | وَحِــبُّ فــــؤادي لا نَبِيَّ يُشـــاكِلُهْ |
نبِيٌّ أشـــــادَ الأنبيـــــاءُ بفضلــــه | فلا مَنْ يُدانيــــه ولا مَنْ يُســاجِلُهْ |
وزُيِّنَتِ التَّـــــوراةُ قدْمـــًا بِذِكــــرِهِ | أناجيــلُ عيسى بشّرَتْ ورســائلُهْ |
تفتّحـــتِ الأكــــوانُ يـومَ مجيـــئهِ | وأشرقَ نورُ الخيرِ راقت أصائلُهْ |
وزُعزِعَ أصلُ الشّركِ واجْتُثَّ أضلُهُ | وزُحزِحَ بيتُ الشّركِ هُدّتْ هياكِلُهْ |
وأمّا مجـــوسُ النّار فانْحطَّ شأنُهـُمْ | وخابَ عظيمُ الرّومِ وانْهارَ باطِلُهْ |
ألا أيُّــها المحمــــودُ قبلَ مجيـــئهِ | مقامُكَ محمـودٌ فَمَنْ ذا يُحـــــاوِلُهْ |
ويا أيُّها المذكـــورُ في كلّ مجلسٍ | وذِكرُكَ في القرآنِ مَنْ ذا يُعــادِلُهْ |
وُلِدْتَ فعـــمَّ الخيرُ في الأرض كلّها | وأشرقَ من نور النُّبُوَّةِ عــــاجِلُهْ |
أضاءتْ قُصورُ الشّام وازدادَ نورُها | وغيظَتْ أعاديـــه وَسُرَّتْ قوابِلُهْ |
وسُرّتْ به الأمُّ الحنــــونُ بشـــاشةً | فطَوْرًا تُناغيــهِ وطَورًا تُغــازِلُهْ |
وأبرهةُ الأحبـــاشِ صُــــدَّ بفيلــــِهِ | وخابتْ مساعيهِ أُصيبَتْ مقــاتِلُهْ |
تـــواترتِ الأخبـــــارُ تنقُلُ طُهرَهُ | ومن نبعِ إسماعيلَ فاضتْ جداوِلُهْ |
فيا أيُّها المبعـــوثُ للنّـــاس رحمةً | وأنتَ سمِيُّ الحمــدِ أنتَ مُمــــاثِلُهْ |
وأنتَ سليــــلُ النُّبلِ فرعًا ومَحتِدًا | ومنكَ صُدورُ الخيرِ تصفو مناهِلُهْ |
وأيّدَكَ المــــوْلى بكــــلّ عجيــبةٍ | وأسرى بك الهادي وتمّتْ فواضِلُهْ |
وصلّيْــتَ بِرُسلِ الله جمـعًا مُوَحّدًا | وسُرَّ بك الأقصى تــاهتْ مداخِلُهْ |
ورُقّيتَ عليــــاءً تُصـــافِحُ نجمــها | ووصّـــاكَ بالتّقوى وأنتَ تُقــــابِلُهْ |
وأولاكَ بالقُرْبى بجــــانبِ عرشِهِ | وأكرِمْ بها نُعمى وأنتَ تُــــواصِلُهْ |
وأنتَ الذي عزّتْ وبزّتْ خــوارِقُهْ | وسالتْ على مرْأى الأنامِ أنــــامِلُهْ |
وكثَّرْتَ قُوتَ القَوْمِ تبغي هنــــاءهُم | وحنَّ إليكَ الجِذعُ تحبـــو مفــاصِلُهْ |
وخرَّ بعيــــرُ القومِ يثغـــو ويشتكي | شُجـــونًا بكتْ منها وأنّتْ محـــامِلُهْ |
وشــــــقَّ لكَ البَـــدْرَ المُنــــيرَ هدِيّةً | وكانتْ تُرى تعلو وتسمو منـــازِلُهْ |
وسبّحَ في يُمناكَ كُـــومٌ من الحصى | وحيّاكَ وحشُ البَرِّ واهتَزَّ جـــاهِلُهْ |
محوتَ بقـايا الشّركِ طهّرْتَ بيـــتهُ | هزمتَ جُيوشَ الكُفرِ دُكّتْ معــاقِلُهْ |
وبشّرْتَ بالإســـلامِ تبشيــرَ راحـمٍ | وهبّتْ رياحُ النّصرِ تزهو أيـــائلُهْ |
دعــوتَ لديــــنِ الله دعوةَ راشِـــدٍ | وطبّقتَ شرعَ الله رفّتْ خمــــائلُهْ |
وسادتْ علومُ الشّرعِ فرضًا وسُنّةً | وشاعتْ دروبُ الخيرِ عمّت نوافِلُهْ |
وأكرَمتَ ذا القُــــربى ويسّرْتَ أمرَهُ | وأثرى فقيــــرُ اليُتم واشتدَّ كـــاهِلُهْ |
وعــاملْتَ بالحُسنى وداويتَ جُرْحَهُمْ | وقلّتْ مآسي الدّهرِ غابتْ نـــوازِلُهْ |
ألا أيُّها المعـــروفُ بالصّدقِ والتُّقى | وخُلْقُكَ محمــودٌ حميــدٌ شمـــــائلُهْ |
ويا أيُّها الموســـومُ بالصّفْحِ والرِّضى | وصفحُكَ يُملي خيرَ ما أنتَ فـــاعِلُهْ |
ويا مَنْ تعـــالى ما يقولُ عن الهوى | ضميرُكَ يُملي حُسنَ ما أنتَ قــائلُهْ |
وعدلُكَ عــــدلٌ لا تَكــــلّفُ فِعلَــــهُ | وإنصافُكَ المظلومَ لستَ تُجــــامِلُهْ |
ورِفقُكَ بالمسكيـــــنِ طبْـــعٌ وخِلقةٌ | وأنتَ تُحِبُّ الرِّفقَ دومًا تُـــــزاوِلُهْ |
عفُوٌّ إذا ما الجاهلـــونَ تشـــــاحنوا | حليــــمٌ إذا غرَّ اللّئيـــــمَ تطـــــاوُلُهْ |
جوادٌ إذا شـــــحَّ الكـــــرامُ بمــــالهم | سخِيٌّ كريــــمٌ يُذهِبُ الفقرَ نــــــائلُهْ |
رؤوفٌ وصـــــولٌ للأقــــارب بِرُّهُ | يُصاحِبُهُ التّوفيــــقُ والدّينُ شـــاغِلُهْ |
شُجــــاعٌ إذا الهيجاءُ نادتْ رجــالَها | ودودٌ جميلُ الخَلْقِ والخُلْقِ فــاضِلُهْ |
طهــورٌ عفيــفٌ سيــرةً وسريـــرةً | أشـــادَ بهـــا أصحـــــابُهُ وحـــلائلُهْ |
وذاقَ مريـــرَ اليُتْمِ فـــي حِجْرِ أمّهِ | وأعجَبَتِ الجَــــــدَّ الودودَ مخـــــايِلُهْ |
أصــابَ بني سعْــــدٍ بشـــائرُ خيـــرِهِ | وثَجَّ سحابُ الخيرِ درَّتْ هـــــواطِلُهْ |
حبــــاهُ بــشَقِّ الصّدرِ في زهْرِ عُمْرِهِ | وشعّتْ أمــــاراتُ الهُدى ودلائــلُـــهْ |
وعــاشَ أميـــــنًا صــــادِقًا كُلَّ دهرهِ | وشـــاقَ قُرَيْــــــشًا فِعلُــــهُ وفعـــائِلُهْ |
ونـــــــاداهُ جبريـــــلُ المُقَرَّبُ نازلاً | بأمْـــرٍ حكيـــــمٍ لا تُضاهــــى منازِلُهْ |
أنِ اقـــــرأ ورتِّــــلْ واهْدِ إنّكَ مُرسَلٌ | وأنذرهم يومًا عظيـــــمًا جــــلائــــلُهْ |
وخــــاطِبْهُم بالذّكـــر علِّمْهُمُ الهُــــدى | وحذِّرْهُمُ الشّيطانَ ســاءت حبـــــائلُهْ |
وأسمِعْهُمُ القُرآنَ تسْعَــــدْ قلُـــــوبُهــم | هو العُرْوَةُ الوُثقى لِمن كانَ يــامُـــلُهْ |
وداو بآيــــات الكتــــاب جُـــــروحَهم | هُوَ البلسمُ الشّافي فَمَنْ ذا يُجـــــادِلُهْ |
وبالسّنّة العصمـــــاء طمْئِنْ نفـــوسهم | فأنت السّراجُ الحقُّ تعلــــو مشـــاعلُهْ |
ويا أيّها المرفوعُ في الأرض ذِكـــرُهُ | أشـــادَ بك البــــاري فَمن ذا يُســـائلُهْ |
ويــــا أيُّها المنصـــورُ في كلّ وجهةٍ | وجيشُك جـــــرّارٌ عظيـــمٌ جحـــافِلُهْ |
نُصِرْتَ بجيش الرّعب في كلّ غزوةٍ | وفُلّتْ فُلـــــولُ الكفر فرّتْ قـــــوافلُهْ |
وأنتَ الذي حُزتَ الفصــــاحةَ كلّــــها | وقولُكَ حُلْوٌ لا بيانَ يُنـــــــازلُـــــهْ |
فصــــــاحةٌ أهل الفنّ مِلحٌ بُحورُهـــــا | وبَحرُكَ عذبٌ قعــــرُهُ وســـــواحِلُهْ |
أيـــا سيّــــدَ الخــــلق المُبَجّل أمــــرُهُ | تقبَّلْ تحـــايــــــا مَنْ أُثيــــرَتْ قلائلُهْ |
فنحنُ بنــــو جــــيلٍ أضرّتْ به المُنى | ومالتْ به الدُّنى وضــاقت وســــائلُهْ |
أضرَّ بنـــا دهـــــرٌ وعضَّ بنـــــابِهِ | وفرَّقَ قومـــي بُـــؤسُهُ وغوائــــلُـــهْ |
توالى بنو صُهيــــونَ يُـــؤذون أهله | فأينَ بنــــو ديــــني وأين بـــــواسِــلُهْ |
شريعتــــنا غــــرّاء سمحٌ سبيـــلُهــا | وقرآننا وضّــــاء شعّت صيــــاقلُــــهْ |
وسُنّتُك العصماء تهدي طريــــقنـــا | ونهجك نــــورٌ لا ضياء يــــماثِلُـــهْ |
فيــــا ربّ أكرمنا ويسّرْ أمـــــورنا | فنحنُ بنو جيـــل تسامت أوائــــــلُـــهْ |
ويا صاحبَ الحوض العميــــم تحيّةً | فقلبــي إلى رؤيـــاكَ تغلي مــراجِلُهْ |
بمدحك يا حِبّــــي فــــؤادي مُتَيــــــّمٌ | إليكم هفــــا شعــري وغنّت زواجلُهْ |
وهـــــذي صلاةٌ معْ ســــلامٍ يـــــزُفُّهُ | فؤادٌ مشوقٌ ســــــاجمُ الدّمع هـــــامِلُهْ |
د. محمد صافي المستغانمي
الشارقة ٢٥ / ٣ / ٢٠٠٤م