الحلقة 101
سؤال: (وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) الطور) ما اللمسة البيانية في كلمة رِقّ؟
الرَق هو الجلد الرقيق يُكتب فيه ومنشور أي المبسوط بالنظر، لكن ما هو هذا الرَق الذي كُتب فيه؟ يختلف المفسرون قسم يقول هي أعمال العباد ربنا سبحانه وتعالى يعطي للعبد يوم القيامة يخرج له كتاباً يلقاه منشوراً، ربنا يُقسم الكتاب المسطور في الرَق المنشور وقسم قال هو اللوح المحفوظ وقسم قال هو ما يؤتاه العبد يوم القيامة (صحائف الأعمال) والرَق جلد رقيق للكتابة. منشور توضح الرَق قد يكون منشوراً لمن يراه في الملأ الأعلى والله أعلم والآية تحتمل الوجهين ليست هنالك قرينة سياقية تحدد معنى دون الآخر.
سؤال: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) الطور) ما اللمسة البيانية في الآية؟
تمور يعني تضطرب تشقق والمور هو الحركة بتموّج وربنا تعالى ذكر هذا الأمر (إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ (1) الإنشقاق) (إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ (1) الإنفطار) فإذن قسم قال هي تمور يعني تجيء وتذهب. وهو مشهد من مشاهد يوم القيامة دالّ على الهول والفزع الأكبر أن تضطرب السماء وتمور مما هو غير مألوف.
سؤال: ما هي حقيقة الأرقام التي نستعملها هل هي هندية والأرقام التي يستعملها الغرب أهي عربية؟
السؤال قديم وكتب في هذا الأمر أستاذان فاضلان الأستاذ الدكتور أحمد مطلوب من المجمع العلمي العراقي وكتب فيه بحث آخر الدكتور الأستاذ الفاضل جميل الملائكة وهما أعضاء المجمع العراقي السابقين والبحثان كتبا في مجلة المجمع العلمي. العرب كانت تستعمل نظام الجُمّل كما هو معلوم ويسمى حساب الجُمّل (الألف واحد إلى الياء عشرة والكاف عشرين، أبجد هوز حطي هذه من واحد إلى عشرة، ثم تأتي كلمن سعفس قرشت الكاف تبدأ بعشرين ثم ثلاثون أربعون إلى الفاء ثمانين إلى القاف تصير مائة، ثم ماءتين الراء ثم الشين ثلاثمائة إلى الألف) هذا بالتركيب وإذا أرادوا أكثر من ألف تصير بالتركيب. هذا في السابق هذه الأرقام لها أسماء لكن هل لها صور؟ عندهم الألف والمائة ألف وخمسة آلأف وثلاثة آلأف هذه موجودة في القرآن (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (124) آل عمران) (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) آل عمران) (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) الصافات) (وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ (66) الأنفال) الأرقام موجودة لكن هل الصور موجودة؟ الخوارزمي أول من نقل عدة صور من الهندية في زمن المأمون، نقل عدة سلاسل من عدة صور للأرقام ولم يصلنا شيء من أرقام العرب وليس عندنا صوراً للأرقام إذا كانت موجودة سابقاً عند العرب. إذن أصل الأرقام كلها العربية والإنجليزية هندية والأرقام التي دخلت العربية هي ما ندوّنها الآن في المشرق هي التي دخلت في تاريخ العربية وطورها العرب وحسنوها وجعلوها ملائمة لهم يعني واحد إثنان ثلاثة أربعة (١،٢،٣،٤) هي التي أدخلها العرب واستعملوها. من أين أتى إسم الأرقام العربية؟ الغرب كان يستعمل الأرقام اللاتينية (I، P، C) أخذ هذه الأرقام (1،2،3) من عرب الأندلس فسييت عربية لأنهم أخذوها عن العرب لا أنها استعملها العرب. الأرقام العربية (١،٢،٣،٤) والأرقام الإنجليزية (1،2،3)،المسلمون عموماً استعملوا الأرقام المشرقية واحد إثنان ثلاثة (١،٢،٣،٤)، الغرب أخذ من عرب الأندلس هذه السلسلة (1،2،3) فسميت أرقاماً عربية لأنهم أخذوها عن العرب فقط ولم يكن العرب يستخدمونها. لاحظت عدة كتب كتاب التذكرة للأنطاكي توفي من أكثر من أربعمائة سنة لاحظت أن الأرقام هي التي نستعملها الآن مشرقية وانتقلت للسيوطي الذي توفي من أكثر من خمسمائة سنة في كتابه الرحمة في الطب والحكمة ووجدت فيه آثار ورسومات وأرقام الأرقام التي نستعملها الآن مشرقية ثم انتقلت إلى أبو حامد الغزالي المتوفى من أكثر من تسعمائة سنة ورأيت كتابين الجواهر الغوالي في مثلث الغزالي وكتاب المنقذ من الضلال ووجدت الأرقام التي نستعملها الآن في المشرق هذا قبل أكثر من 900 سنة. إذن لو كانت هذه الأرقام التي في الغرب هي عربية فإلى أي زمن استعملت؟ ومن استعملها؟ ثم لماذا غُيّرت؟ هل جاءت حكومة هندية غيرتها؟ أو احتلت الدولة العباسية وغيرتها؟
ما رأيت في مخطوطة من المخطوطات إستعمال للأرقام الغربية، أنا وجدت المطبوع منذ زمان وليس من المعقول أنه كانت مكتوبة بالإفرنجية ثم حوّلوها وإذا كانت مكتوبة بالإنجلزية فلماذا حولوها؟ وإلى أي زمن هذه استعملت؟ السيوطي بعد الغزالي، والخوارزمي في زمن المأمون قبل الغزالي إذن الأرقام دخلت فعلاً على يد الخوارزمي. يقولون هذه الأرقام التي يستعملها الغرب عربية فالذين يقولون هذا عليهم أن يأتونا بالدليل يأتونا بمخطوطات قديمة حتى نتأكد من هذا الأمر.
استطراد من المقدم: هناك دعوة في مجمع اللغة العربية في مصر يودون كتابة الأرقام كما يكتبها الغرب ويقولون هذه الأرقام عربية.
لماذا؟ وما الدليل على أنها عربية؟ المفروض أن العرب استعملوها ثم تُركت في أي زمن تُركت؟ ومن الذي أمر بتركها؟ في كلا الحالين هذه الأرقام هي هندية مع سلاسل أخرى لم تؤخذ ويقولون هي خمس أو ست سلاسل والعرب قبل الخوارزمي لم تكن تستخدم أرقاماً أو استخدمت أرقاماً لكن ليس لدينا صوراً لهذه الأرقام. إذن هذه الأرقام كلها هندية. الأرقام عندما جاء بها الخوارزمي جاء بها (١،٢،٣،٤) واحد اثنان ثلاثة هذه كلمات عربية. الصورة هندية واللفظ عربي (وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ (51) النحل) (وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ (171) النساء) (مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ (1) فاطر) (فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً (60) البقرة) النطق عربي والآن الكلام عن الصورة والصورة هندية. والصفر وضعه الخوارزمي والصفر كلمة عربية قديمة الصفر معناها الخالي حينما وضعها الخوارزمي وضعها لأجل معناها أخذها من المعن ثم وضع لها المصطلح (.) (اللهم إني أرفع إليك يدي بالدعاء فلا تردها صِفراً) أي خالية. الخوارزمي أضاف للبشرية وترجمها الغرب ولما جاءتهم الأرقام الهندية لم يكن فيها صفر والعرب وضعوا الصفر وعلم الجبر وهذا من أفضال العرب وترجموا الصفر إلىzero . وللأسف نحن أعيكناهم الصفر ثم نستخدمها في كلامنا ويجب أن نقول صفر لا zero فهذه لغتنا لماذا نهرول إلى غيرها؟!. إذن الخلاصة أن الأرقام جاءتنا من الهندية أدخلها الخوارزمي إلى العربية في عصر المأمون وأضاف إليها الصفر والأرقام التي يستخدمها الغرب هي ليست عربية وإنما مأخوذة عن العرب وكانوا يستعملون اللاتينية وحساب الجُمّل كان موجوداً عند العرب في القديم حتى عندما نزلت (ألم) قال اليهود الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون مجموعها سبعون.
استطراد من المقدم: هناك دعوة الآن بإعادة ترقيم اللغة مرة ثانية والآن يدرسّون في برامج القدرات الخاصة مع بعض الثقافات والسلوكيات يحوّلون اللغة الانجليزية إلى أرقام ثم يأتون بكلمة يجمعون حروفها ويقولون هي كذا فربطوا هذا وهنالك في مجمع اللغة العربية هجمة ضد هذا الموضوع وهم ينادون بترقيم اللغة أن تتحول اللغة إلى أرقام وهذا الأمر واضح أن له جذوراً قديمة.
جماعتنا كانوا يستخدمونها في الشعر (فإما مفيد العلم فيها فأرِّخوا) يجمعونها يحصلون على التاريخ، وأنا صغير كنت أقرأها على المدرسة العلمية في سامراء ثم هُدِّمت وكانت بأمر السلطان عبد الحميد
لقد أشرقت بالعلم مدرسة الهدى فلاحت شموس واستهل سعود
وقد جاورت ابناء بنت نبينا فبالعزّ من آل النبي تسود
فإما مفيد العلم فيها فأرِّخوا فيوم وأما خطبها فسعيد
إجمع هذه الحروف (فأرِّخوا) على حساب الجُمّل تحصل على السنة الذي شُيِّدت به المدرسة.
استطراد من المقدم: لكن يُخشى من إدخال الأرقام هذه في القرآن الكريم ويقولون الإعجاز الرقمي في القرآن وحولوا آي القرآن إلى أرقام البعض ولهذا قال أحدهم أن آدم مكث في الجنة 118 عاماً وأحدهم قال أن يوم القيامة سوف يأتي في عام 2032 من جراء ربط القرآن بالأرقام ويستخلصون منها وهذا فكرة يهودية وليست عربية.
سؤال: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)) ما دلالة الزمن في الآيات؟ وما دلالة تكرار ولا أنتم عابدون ما أعبد؟
نقرأ السورة (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)) الملاحظ أنه بالنسبة أنه نفى عبادة ما يعبدون عن نفسه بالحالتين الإسمية والفعلية فقال (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) أعبد فعل مضارع و (وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ) عابد إسم، وبالنسبة لهم نفى عنهم عبادة ما يعبد بالإسمية وحدها فكرر (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) مرتين. ونلاحظ أيضاً أنه نفى بالفعل الماضي والمضارع (لا أعبد ما تعبدون (مضارع)، ولا أنا عابد ما عبدتم (ماضي)) إذن نفى عبادة ما يعبدون عن نفسه بالإسمية والفعلية والماضي والمضارع الذي هو الحال والاستقبال، ونفى عنهم بالإسمية فقط (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ). الآن اتضحت لها صورتان ما نفاه عن نفسه الإسمية والفعلية والماضي والحال والاستقبال، ما نفاه عنهم الإسمية ونحن نعرف أن الإسمية تفيد الثبوت والفعل يفيد الحدوث والتجدد إذن هو نفى عن نفسه عبادة ما يعبدون بالحالة الثابتة والمتجددة، في الماضي (عبدتم) والحال والاستقبال (تعبدون)، ونفى عنهم عبادة ما يعبد بالجملة الإسمية أي في حالة الثبات (عابدون)، هو نفي عن نفسه الإسمية الثابت والفعلية المتجدد والماضي والحال والاستقبال نفى عن نفسه كل شيء ممكن وهم الحالة الثابتة معناها أن إصراره على عبادته ودينه أقوى من إصرارهم لأنه نفاها في كل الحالات الثابتة والمتجددة والماضي والحال المستقبل وكل الحالات فهو أقوى. (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) قد يقال عابدون هي أيضاً دائمة والإسم صحيح أنه يفيد الثبات والدوام وكررت لكن ليس بالضرورة أن الإسم يدل على الحال الدائمة مطلقاً، يعني لما تقول هو جواد هذا إسم يعني كريم لكن هل هو هكذا في كل الأوقات وفي كل الساعات؟ ألا ينام في الليل؟ هذا على التغليب، في غالب الأمر الحالة الثابتة. أو هو حليم أي لا يغضب؟! رحيم أي لا يعاقب؟! إذن قد تنفك عنه الحالة. لكن بالنسبة للرسول r هو الحالة الثابتة والمتجددة لن تنفك وإذا انفكت فأيضاً إلى عدم العبادة الفعل والإسم. يعني الحالة الثابتة عدم عبادة ما يعبدون والمتجددة أيضاً عدم عبادة ما يعبدون. إذا انفكت حالتهم وقد تنفك لا يعبد ما يعبدون. أيضاً هذه مناسبة لمّا قال (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) الكافرون جاءها بالصفة الإسمية فنفى الوصف أيضاً بالصفة الإسمية (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) لم يقل الذين كفروا فلما جاء الوصف بالإسمية جاء وصف العبادة بالإسمية إذن كل تعبير له غرض.
سؤال: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) الضحى) ما هو تفسير الآية؟ وما دلالة حذف ضمير المخاطب؟
أولاً السائل كان يسأل عن المعنى. الضال يعني الضال عن علم الشرائع أي لم يكن يعلم علم الشريعة (مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ (52) الشورى) (وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) يوسف) والعائل هو الفقير. يبقى السؤال لماذا حذف الضمير ولم يقل فهداك؟ أو فأغناك؟. قسم كبير قال هي لفواصل الآي وقسم قال لا شك أنها منسجمة مع فواصل الآي لكنها للإطلاق، يعني وجدك ضالاً فهداك وهدى بك لم تقتصر الهداية عليك، لو قال فهداك لكان المعنى للرسول r. نفهم انه هدى به الآخرين لأنه أطلق (فهدى) ثبت معنى الهداية وليس معنى التخصيص بشخص معين. وكذلك (فأغنى) أغناك وأغنى بك خلقاً آخرين بما أنزله الله سبحانه وتعالى لمن يحب رسول الله r(أنا وكافل اليتيم كهاتين). إذن أغناه وأغنى به خلقاً كثيراً وهداه وهدى به خلقاً كثيراً وهدى له ولأجله خلقاً كثيراً، هذا تفسير الحذف هنا. وفي أول السورة أيضاً حذف قال (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)) التوديع هذا أمر آخر والتوديع يكون بين المتحابين في اللغة.
ودّعته وبودّي لو يودعني سقف الحياة وإني لا أودّعه
ودِّع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعاً أيها الرجل
القلى من البغض ويكون بين المتباغضين فقال (ما ودعك) فأكرمه لأنه يحبه وقال (وما قلى) وما قال وما قلاك إكراماً له أن يناله الفعل. عندما تكرم أحدهم تقول سمعت أنك تكلمت فيقول ما تكلمت ولا يقول تكلمت عليك، لا يقول له ما شتمتك وإنما يقول ما شتمت. فيها إكرام وإجلال للمخاطب في الحالتين في التوديع والقلى شرّفه في الذكر قال ودعك وشرّفه في الحذف، (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) إذن شرّفه في الذكر وشرفه في الحذف. دراسة الحذف مسألة تحددها السياقات التي ترد فيه وتأتي كل حالة بقدرها.
سؤال: في ولادة المسيح يقول تعالى (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ (171) النساء) فهل هو كلمة أو روح؟ وهل بعث الله تعالى جبريل إلى مريم أو نفخ في مريم العذراء مباشرة؟
ربنا سبحانه وتعالى وضح هذا الأمر فقال (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) مريم) روحاً هنا يعني جبريل u، سماه تعالى الروح الأمين إسمه العلم جبريل (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ (97) البقرة) وذكر وصفه الروح الأمين (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) الشعراء) (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ (98) البقرة) الروح الأمين هو جبريل. (كلمة من الله) كلمة كن فيكون كما قال في آدم كن فيكون (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس) (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) آل عمران) لا تعارض بين الآيتين.
سؤال: في سورة المعارج (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)) (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)) ما الفرق بين دائمون يحافظون؟ وكيف نوفق بينهما؟
ليس هناك تعارض حتى نوفق بينهما وإنما لكل واحدة مدلول. الدوام يعني المواظبة عليها لا يشغلهم عنها شاغل إذا صلّوا لم يلتفتوا عن يمين وشمال يعني هم ينهمكون فيها حتى تنتهي، يداوم في الصلاة يعني ينهمك فيها فقط ولا يتلفت ولا ينشغل عنها هذه دائمون. أما يحافظون يحافظون على أوقاتها يراعون أوقاتها وإسباغ الوضوء وإقامة أركانها ويحفظونها من الإحباط باقتراف الآثام لأنه إذا قترف المآثم يحبط عمله إذن يحافظ عليها ويبقيها لكيلا يحبط عمله، يحافظون في مواعيدها ودائمون منهمكون فيها لا ينشغلون بغيرها، الديمومة هنا يعني لا ينشغل عنها.
سؤال: لماذا قال تعالى (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) الحاقة) لماذا جاء الفعل (نفخ) مذكراً ولم يقل نفخت مع أن الفاعل مؤنث (نفخة)؟
أولاً الحكم نحوي أن نفخة مؤنث مجازي والمونث المجازي يجوز فيه التذكير والتأنيث والفصل بين الفعل والفاعل (في الصور) هذا أمر آخر يحسّن التذكير، هذا أمر نحوي ومن الناحية النحوية يجوز التذكير والتأنيث. يبقى هنالك أمر آخر قُرئت (نفخةً) وإعرابها مفعول مطلق و(في الصور) نائب فاعل (جار ومجرور) وفي هذه الحالة لا يجوز، أصلها نفخ الله في الصور نفخةً واحدة باعتبارها متعلقة بمحذوف مفعول به لأن الفعل اللازم إذا كان الفعل لازماً ممكن أن ينوب عنه الظرف بشروط نائب الفاعل مثلاً (سُوفِر يومُ الخميس) وسافرتُ يومَ الخميس، سافر فعل لازم ليس متعدياً وعندما نبنيه للمجهول سوفِر يومُ (يوم نائب فاعل)، أو الجار والمجرور بشروطه (جلست في الحديقة) (جُلِس في الحديقة) جار ومجرور، (ونفخ في الصور) وقد يكون المصدر إنطُلِق انطلاقٌ شديد (نائب فاعل). فهنا على القراءة المشهورة (نفخةٌ) نائب فاعل وأصلها مصدر ونفخ في الصور نفخةٌ واحدة (نفخة إسم مرّة). وعندنا قرآءة نفخةً مفعول مطلق مثل انطلقت انطلاقة، إذن على هذه القراءة لا يصح أصلاً نُفخت على قراءة نفخةً هذا ليس فاعلاً حتى تؤنث له الفعل لأن المفعلول المطلق لا يؤنث له الفعل. أولاً بموجب هذه القراءة (نفخةً) لا يصح التأنيث أصلاً ثم عندنا مؤنث مجازي وعندنا الفصل، عندنا ثلاثة أمور الآن قسم يجيز التذكير وقسم يجيز التأنيث. وهنالك أمر آخر حتى لو لم تكن قراءة بالنصب (نفخةً) وهو أن هذا يوم شديد (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) الحاقة) هذا يوم شديد يجعل الولدان شيباً كما ذكر تعالى والتذكير في هذا أولى كما في تذكير الملائكة في الشدة، عندما يذكر ربنا الملائكة في الشدة يذكِّرهم وعندما يذكرهم في البشرى أو فيما هو أقل يؤنثهم، لو عندنا أمران أحدهما أشد من الآخر يستعمل الملائكة بالتذكير لما هو أشدّ مثال: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) الأنفال) قال يتوفى (مذكر) مع الملائكة استعمل الفعل بالتذكير، وقال (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) محمد) مؤنث، لم يقل ذوقوا عذاب الحريق مع أن الفعل واحد في الحالتين وهذه وطبيعة القرآن إذا كان الأمر شديداً يستعمل التذكير للملائكة وفي مقام البشرى يستعمل المؤنث (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) الفرقان) نُزِّل مذكّر، (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) الفعل تتنزل مؤنث.
بُثّت الحلقة بتاريخ 6/3/2008م
2009-01-21 19:28:15الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost