الحلقة 127
حول كتاب نبوة محمد من الشك إلى اليقين:
بعض الأدلة القرآنية على نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
نحن نأخذ طرفاً من الأدلة. كنا ذكرنا قسماً منها فيما سبق والآن نذكر بعضاً منها بالنسبة لرحلتي أنا. في القرآن إخبار بحوادث خاصة مثلاً (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) التحريم) إحدى زوجاته والمشهور أنها حفصة أسرّت إلى إحدى الزوجات أمراً أو حديثاً الرسول r أسره إليها وقال لا تقولي فنبأت به ثم ربنا أطلعه عليه فاستغربت من نبأك هذا؟ قال نبأني العليم الخبير، من أنبأه؟ الله تعالى الذي أرسله هو الذي نبأه ولو كان شخصاً آخر هو الذي أخبره كان على الأقل يقول أنا نبّأته، أنا أخبرته، لو كانت الأخرى لقالت أنا أخبرتها، بينما هو يقول (وأظهره الله عليه)، (نبأني العليم الخبير) إذن هذه من الدلائل التي جعلتني أضيفها إلى الأدلة الأخرى.
تبرئة السيدة عائشة في حادثة الإفك (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ (11) النور) من يستطيع أن يبرئها إلا الله تعالى؟ لا يستطيع أحد إلا الله أن يبرئها لأن الأمر متعلقة باثنين هي ومن رُميَ بذلك، لا أحد يستطيع أن يبرئها لكن الله سبحانه وتعالى هو الذي برّأها. من يستطيع أن يبرئ؟ لا يمكن.
وهنالك مسألة أخرى عندما تحدى اليهود في تمني الموت (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ (7) الجمعة) تمنوا الموت يعني يقولون نتمنى الموت، هم ما قالوا وخافوا، قالها مرتين في سورة الجمعة وفي سورة البقرة (قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ (95)) قال لو تمنوه لماتوا. هم كانوا يعرفون أنه نبي، يعرفونه كما يعرفون أبناءهم. قال تعالى لهم (تمنوا الموت) والله تعالى يقول (ولا يتمنونه أبداً) (ولن يتمنوه) لكن ما أحد تمنى الموت وقال لو تمنوا الموت لماتوا، هذا تحدي غريب لو لم يكن واثقاً من ذلك. لو لم يكن صادقاً لا يمكن أن يدخل هذا المدخل وأن يتحدى هذا التحدي لأنه ربما يقول أحدهم أنا أتمنى الموت لكنه قال (ولا يتمنونه أبداً) (ولن يتمنوه) معناه هو واثق من هذا، هذا أمر يدل على أنه هو رسول الله حقاً ولم يقل ذلك من نفسه وأن اليهود خشوا من ذلك وهم يعلمون أنه رسول فلم يفعلوا.
الله تعالى وعده أن يعصمه من الناس (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (67) المائدة) والثابت أن الرسول r كان يُحرس من قِبَل الصحابة ويحرسونه في بيته قبل نزول هذه الآية فلما نزلت الآية قال r يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمنا الله (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ) أي العصمة من القتل.
الشاة المسمومة التي دستها المرأة اليهودية التي دعته فقال إن هذا العظم يخبرني أنه مسموم. امرأة يهودية صنعت له شاة ودعته وكان معه أحد الصحابة فلما أخذ اللحم وبدأ يمضغها قال إن هذا العظم يخبرني أنه مسموم فرماه والصحابي الذي كان معه استساغه فمات، هذه دلالة على صدق الرسول r (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الحجر) كفيناك الذين كانوا يستهزئون بك، هذه عصمة.
لما قال في الوليد بن المغيرة (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12)وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا (16) المدثر) ثم يطمع أن أزيد (كلا) فلم يزده في ماله وولده أبداً بعد هذه الآية لم يزده لا مالاً ولا ولداً. هو لو لم يكن رسولاً لكان يأتيه بالمال أو يُنجب لماذا يقرر هذا الأمر؟! لأن الأمر بيد من أرسله. أخبر ربنا تعالى بأن الوليد سيموت على الكفر لأنه قال (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) المدثر) إذن لماذا لم يقل الوليد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله حتى يريد أن يكذِّب الرسول r (كلا) (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) هذه فيها أمرين: الأولى أنه ذكر أنه يموت على الكفر ولم يؤمن ومات على الكفر وذكر أنه لا يزيده مالاً ولا ولد وحصل، لماذا يقرر هذا إلا إذا كان نبياً حقاً. هذه أمور غريبة لا يجب أن نأحذها هكذا وهذه تثبت وحدانية الله تعالى أنه قال وقرر وفعل.
إنشقاق القمر (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) القمر) طبعاً هذه تواتر في الأحاديث الصحيحة، أذكر في حينها حسبت السلاسل الواردة في صحيح البخاري ومسلم وجدت أكثر من 24 سلسلة فقط في الصحيحين وقسم يظن أن المقصود هو يوم القيامة، لا لأنه قال (وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) يوم القيامة أيّ سحر؟ يحدث ما هو أكثر من هذا، يوم القيامة البحار تتفجر والشمس تنخسف والنجوم تتهاوى وتنكدر وتنتثر، إذن القمر إنشق في زمن الرسول r ورأوا جبل حراء بينهم وقال لهم r إشهدوا. الكفار طلبوا من الرسول r آية فأراهم انشقاق القمر وقال اشهدوا وهذه متواترة في الأحاديث المتواترة. ورأوه وقسم قال هذا سحر قالوا إذا سحركم فلن يسحر الناس جميعاً. الكل كل الموجودين الذين طلبوا منه رأى انشقاق القمر، هم الذين طلبوا الآية والصحابة كانوا موجودين ورووا بسلاسل كثيرة متعددة وهي متواترة عند أهل العلم ويكفي أنها واردة في القرآن، ألا يدل هذا على أنه r رسول؟.
ثم التحدي بالقرآن طلب منهم عشر سور ثم سورة ثم قرر أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
المقدم: مسيلمة الكذاب قال الفيل وما أدراك ما الفيل له خرطوم طويل وذنب قصير وسجاح قالت عليكم باليمامة ودفوا دفيف الحمامة فإنها حرب صرامة لا يرحمكم بعدها ندامة. هؤلاء كانوا يعون القرآن حق الوعي باعتباره بلسانهم.
د. فاضل: هل هذا يتشابه مع القرآن؟! حتى من الناحية البيانية إذا قال الفيل وما الفيل هذا للتعظيم فهل من باب التعظيم أن يقول له خرطوم طويل؟! هل يجهل أحد أن له خرطوم طويل؟! إذن هو أسلوب ساقط لغوياً.
المعجزة الخالدة قلنا أن الذي عنده بصر في اللغة ومعرفة بالأساليب يدرك أنه معجزة.
المقدم: وقتها هل كنت ترى أن معجزة القرآن كلغة؟
د. فاضل: لا، هنالك أمران عندما آمنت بالأدلة الأخرى سلّمت بهذا، الأدلة الأخرى جعلتني أسلِّم بهذا فيما بعد عندما تخصصت في اللغة والنحو وأدرس وأقرأ وأنظر وحتى في أول نظرتي في هذه المسائل كنت أقرأ كثيراً وكنت أنكر من التعليلات التي يعللها أصحاب التفسير وكنت أقول لو قيلت بشكل آخر لعللوها، هم يفسرون الموجود بدليل آية أو موقف نستشعر أنهم يبررون الموقف وإن كان في بعضها تعليلات عالية جداً لكن كثير من التعليلات كنت أعتبرها أي كلام في حينها. كنت أقرأ لأنه كانت تستهويني قراءة المعاني وما إلى ذلك.
المقدم: بعد هذا العمر الذي قضيته في دراسة بيان القرآن إلام وصلت رداً على ما كنت تعتقده في سالف الأيام؟
د. فاضل: قبل كتاب التعبير القرآني ذهبت في عمرة عام 1968 وفي 1969 ذهبت للحج هذه بعد رحلة الإيمان كان عندي معرفة جيدة بالقرآن ولكن لم يكن عندي علم كبير فيه فذهبت إلى زمزم وشربت منها وقلت رب افتح لي في كتابك فتحاً مباركاً إنك أنت الفتاح العليم. ماء زمزم لما شُرب له فقلت قال حبيبك محمد هكذا فافتح لي في كتابك فتحاً مباركاً هذه بعد رحلة الإيمان الأولى ثم دعوت ربي فقلت رب افتح لي من خزائن علمك ما تشاء ثم جئت إلى الكعبة وتعلقت بأستارها وقلت رب أسألك أن تفتح لي في كتابك فتحاً مباركاً إنك أنت الفتاح العليم وافتح لي من خزائن علمك فتحاً مباركاً وكنت متعلقاً بأستار الكعبة وبعدها كنت أرى الأمر وكأنه بدأ يتيسر سبحان الله ويبدو والله أعلم أن الدعوة استجيبت. بعد هذه الرحلة لا يمكن أن يكون هذا الكلام من كلام بشر من الناحية البيانية واللغوية لا يمكن أن يكون فيه قوانين مثل القوانين الرياضية، أقول لطلابي في الدكتوراة هذه الآيات هل يمكن أن نضع بعضها مكان بعض؟ يقولون ليس عندهم مانع لكن عندما ندريها من الناحية البيانية نقول دعنا نبدل هذه مكان هذه يقولن لا يمكن هذا بعد الدراسة. لا يمكن أن نقول إنا آتيناك الكوثر مكان إنا أعطيناك الكوثر لأن الإيتاء يمكن أن يُسلب (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) الأعراف) أما العطاء فلا يمكن أن يُسلب وهو تمليك. هذه الأعراف تجري على سنن العربية.
المقدم: ألم يثبت من خلال قراءتكم أن أبو جهل أو أبو لهب أو أي من جهابذة اللغة آنذاك اعترض على آية أو كلمة في القرآن؟
د. فاضل: في حدود ما أعلم لا.
المقدم: موقف الوليد بن المغيرة حينما انفعل بالقرآن ثم تغير موقفه في النهاية وهو لغوي فصيح؟
د. فاضل: قالوا سحرك محمد حتى ينجو من هذه المسألة وكثيراً منهم (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (14) النمل).
المقدم: كل هذا يؤكد أن الرسول r نبي؟
د. فاضل: أنا لست معنياً بالإعجاز العلمي لكن هنالك مسائل علمية سابقة لأوانها مثل مسألة تكوّن الجنين في الرحم وتطوره (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ (6) الزمر) والضغط الجوي في (جْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء (125) الأنعام)، تمدد الكون وتوسعه (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) الذاريات) هذه آخر معلومة أن الكون يتسع تبتعد النجوم، (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا (30) الأنبياء) إنفصال الأرض عن السماء، كروية الأرض ابن حزم توفي عام 456 هـ يعني زهاء ألف سنة في كتابه الفصال في الملل عنده باب في كروية الأرض يقول الأرض كرة والبراهين من القرآن جاءت بثلاثة (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ (5) الزمر) وتكويرهما يقتضي تكوير ما تحتهما، هذا قبل ألف سنة أين المتأخرين الذين أثبتوا كورية الأرض. حركة الأرض (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ (88) النمل) هذه ليست يوم القيامة لأنه قال (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (88) النمل)، (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (15) الحجر) سكرت بمعنى أغلقت، كنا نتصور أنه كلما تصعد إلى الأعلى أنت تقترب من الشمس فيكون ضياء إلى أن عرفنا فيما بعد أن الأمر ليس كذلك لكن انتقلوا إلى ظلام (سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا) إذا خرج من الغلاف الجوي يصير إلى ظلام دامس هذا ما عرفناه إلا متأخراً بعد الصعود إلى القمر. (سكّر) كلمة عربية فصحى.
(لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) يس) وقف فيها المفسرون وقفة طويلة فيها (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ) القمر غالب يعني القمر سابق (وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ) النهار غالب، كيف هذا؟ لذلك المفسرون حاولوا أن يجدوا مخرجاً لهذه المسألة والآن عرفناها الأرض كرة وقطعاً هنالك في الأرض مواطن فيها ليل ومواطن فيها نهار يعني ليست كلها ليل ولا كلها نهار يعني الليل قبله نهار وبعده نهار والنهار كذلك قبله ليل وبعده ليل إذن هذا واضح (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ) لأن الليل مسبوق وسابق بعده نهار بعده ضياء (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) انحلت المشكلة كلٌ في مداره. قبل الليل نهار وبعده نهار والنهار قبله ليل وبعده ليل في آن واحد إذن من السابق؟ ليس هنالك سابق. إذن هما في حركة لا أحد يسبق وإنما هما يتعاقبان هذه عرفناها الآن وليس في زمن المفسرين القدامى. القدامى ما قالوا هذا الكلام.
ثم القصص القرآني وللعلم أن القصص القرآني على قسمين قسم لا يعلمه أهل الكتاب قصة هود وصالح وشعيب ليست في كتبهم وقسم يعلمه أهل الكتاب. القسم الأول ليست في كتبهم أو أنهم ينكرونها لا أعلم، لكن كل هذه القصص ذكرت في كتاب بطليموس مؤرخ قديم حتى عاد وإرم يذكرها هكذا كما ذكرها القرآن وهو من زمن قبل الرسول r. قسم آخر ذكر في كتب أهل الكتاب مثل آدم ونوح وإبراهيم وموسى. ربنا تعالى ذكر قصة نوح وقال بعدها (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا (49) هود) من أين جاء بها إذن؟ من أعلمه بها؟ الله سبحانه وتعالى. في قصة يوسف قال (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) يوسف) من أعلمه؟ الله. بعدما ذكر نذر امرأة آل عمران ونشأة مريم ودعوة زكريا قال (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) آل عمران) من أعلمه؟ الله.
المقدم: هم يقولون أن هذه القصص كانت موجودة في كتبهم فنقلها محمد r.
د. فاضل: هو كان أمياً لا يعلم القرآءة ولم ينقلها أحد إليه (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ (48) العنكبوت) دليل على أنه r لم يكن يكتب ولا يقرأ (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ (157) الأعراف) الأكثرية لن تجيد القراءة والكتابة. طالما عرف محمد r هذه الأخبار الماضية فمن أعلمه؟ الله تعالى. ثم أحبار اليهود كانوا يسألونه سؤالات مختلفة مما لا يعلمها غيرهم ويتحدوه وكان r يجيبهم عليها وقد أسلم كثير من الأحبار مثل عبد الله بن سلام ربنا قال (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ (10) الأحقاف) (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) القصص) قسم آمنوا. هم كانوا يختبرون المصطفى r (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) المائدة). من غريب المكابرات أن جماعة من اليهود جاءوا يسألون رسول الله عن أمور لا يعلمها إلا نبي فأخذ منهم عهد الله أنه إذا أجابهم ليتابعن على الإسلام قالوا نعم نتابعك فقال سلوا ما شئتم وكانوا يسألونه فيجيب ويصدقونه وقالوا الآن نسألك سؤالاً وعندها نتابعك أو نفارقك قال سلوا فقالوا من وليّك من الملائكة؟ فعندها نتابعك أو نفارقك، قال r إنه جبريل قالوا لو كان وليّك سواه لتابعناك إنه عدونا فنزلت الآية (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) البقرة) لأن جبريل يطلعك على عوراتنا وما عندنا. وأحياناً القرآن يصحح ما في كتبهم ويضيف عليها مثل نجاة فرعون غير موجودة عندهم في التوارة ليس عندهم نجاة فرعون. من أخبره r بهذا؟ الله.
قصة ذي القرنين وردت في القرآن كما ذكرها وسجلها المؤرخون المعاصرون لذي القرنين، هيروديتس معاصر لذي القرنين ذكرها كما وردت في القرآن برحلاتها ثم الاكتشفات الحديثة التي ظهرت من أخبر الرسول r؟ الله. لو اطلعت على ما ذكره هيروديتس والمعاصرون له لرأيته كما ذكر القرآن تماماً.
حتى اختيارات العبارات في القرآن في قصة يوسف التوراة يقولون فرعون والقرآن يقول ملك، في قصة يوسف في القرآن لم يرد إسم فرعون وإنما ملك أما في التوراة ورد فرعون. في قصة موسى القرآن يذكر فرعون لم يذكر ملك وفي قصة يوسف ذكر ملك ولم يذكر فرعون أما في التوراة فيذكر ملك في الحالتين. لو أخذها من أهل الكتاب لقال فرعون في القصتين كما قالت التوراة بينما هو من الناحية التاريخية الملك في زمن يوسف غير الملك في زمن موسى، عرفنا فيما بعد أن المصريين القدامى كان عندهم نوعان من الملوك ما كان مصرياً فهو فرعون وما كان من الهكسوس فهو ملك، الملك الذي في زمن قصة يوسف من الهكسوس هو ملك وليس فرعون والذي كان في زمن موسى فرعون مصري ففرق بينهما كما كانوا يسمونه المصريون القدامى ولو كان أخذها من التوراة لقال فرعون. واختيار كلمة العزيز نفسها التوراة لا تقول العزيز أساساً يقولون إما رئيس الشُرَط أو يذكرون اسمه لكن لقب العزيز جاء به القرآن وحده ثم عرفنا بعدها أن هذه أدق ترجمة لصاحب ذلك المنصب كان اسمه عزيز الإله شمس هذا الإسم الحقيقي لهذا المنصب. فاختار ربنا ما يناسب العقيدة فقال العزيز.
المقدم: أليست التوراة من عند الله عز وجل؟
د. فاضل: ألم يقل تعالى (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ (46) النساء).
كذلك الزوج والسيد كما أشرنا أكثر من مرة القرآن يستعمل الزوج للذكر والأنثى فقط في هذا الموطن قال (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ (25) يوسف) لم يستعمل القرآن كلمة السيد للزوج في غير هذا الموطن لأن الزوج كان يسمى سيداً في حينها حتى في كتب أهل اللغة التي قرأناها فيما بعد قالوا السيد الزوج في لغة القبط، هذه التفرقة العجيبة سماه كما يسميه القدامى المصريون. هذه جملة من الأشياء التي ذكرتها التي حولتني من الشك إلى اليقين.
ونستكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله
بُثّت الحلقة بتاريخ 16/6/2008م
الحلقة 127 (حول كتاب نبوة محمد من الشك إلى اليقين – 2)
رابط فيديو
http://ia341341.us.archive.org/0/items/lamasatjune2008/16.06.08.avi
رابط فيديو
http://ia341341.us.archive.org/0/items/lamasatjune2008/16.06.08_512kb.mp4
رابط صوت
http://ia341341.us.archive.org/0/items/lamasatjune2008/16.06.08.mp3
2009-01-24 08:47:12الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost