الحلقة 133
حول كتاب نبوة محمد من الشك إلى اليقين (البشارات بالنبي r)
هذه نماذج من البشارات ولو يرجع الواحد إلى الأصل يجد أشياء كثيرة. ولذلك في المزمور 149 من مزامير داوود الآن موجود وموجود في النسخ القديمة يختلف بعض الشيء. أقرأ ما هو موجود الآن قال: “ليبتهج الأتقياء بمجد ليرنموا على مضاجعهم تنويهات الله في أفواههم وسيفٌ ذو حدين في يدهم ليصنعوا نقمة في الأمم وتأديبات في الشعوب لأسر ملوكهم بقيود وشرفائهم بكبول من حديد ليجروا بهم الحكم المكتوب”، هذا في النص الآن. وفي القديم قال: “ليفرح الخلاق ممن اصطفى الله تعالى له أمته وأعطاه النصر وسدد الصالحين منهم بالكرامة يسبحونه على مضاجعهم ويكبِّرون الله تعالى بأصوات مرتفعة بأيديهم سيوف ذوات شفرتين لينتقم بهم من الأمم الذي لا يعبدونه” التكبير يعني الأذان، هذا وصف للأمة المحمدية:
-
“ممن اصطفى الله تعالى له أمته” هذه مقابل (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (110) آل عمران)
-
قوله “يسبحونه على مضاجعهم” يشير إلى الذين وصفهم الله تعالى بقوله (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ (191) آل عمران).
-
قوله “يكبرون الله تعالى بأصوات مرتفعة” يشير إلى رفع الأذان في التكبير وليس هنالك أمة ترفع الأذان وكذلك التكبير في الأعياد، هذا وصف للأمة.
-
“سيف ذو حدين في يدهم” هذا وصف للسيوف العربية ذات الحدين. أصلاً في التاريخ قالوا هذه السيوف ليس لغيرها من الأمم سيوف ذوات شفرتين لأن كل سيوف الأعاجم ذات شفرة واحدة وهذا وصف للأمة الإسلامية سيوفها مسلولة من الجهتين.
-
قوله “ليصنعوا نقمة في الأمم وتأديبات في الشعوب لأسر ملوكهم بقيود وشرفائهم بكبول من حديد” وهذا ما حصل للأمة الإسلامية وجيش الإسلام فقد أسروا الملوك وكبلوا شرفاءهم بالحديد كالهرمزان وغيره.
هذا إذن وصف لأمة محمد وصفهم في أحوالهم. البشارات أقسام منها في ذكره r ومنها في وصف موطنه ومنها في وصف هيأته وجسمه وموطن مولده وموطن الرسالة وإلى أي مكان يهاجر، كل هذه ذُكرت وهذه البشارة لأمته r بالذات.
في سفر التثنية الإصحاح 32 قال: “هم أغاروني بغير إله وأغضبوني بمعبوداتهم الباطلة وأنا أيضاً أُغيرهم بغير شعب وبشعب جاهل أُغضبهم” المراد الجاهلية. وفي طبعة أخرى جاء: “هم أغاروني بما ليس إلهاً أغاظوني بأباطيلهم فأنا أُغيرهم بما ليس شعباً بأمة غبية أُغيظهم”.
سؤال من المقدم: هذه الكلمات من المزامير أسلوبها ركيك؟
هذه ترجمة وليست الأصلية موجودة. التوراة نزلت من الله سبحانه وتعالى لفظاً ومعنى وفي الحديث الشريف التوراة خطّها الرحمن بإصبعه، الألواح نزلت. هذه ترجمة لأن النسخ الأصلية ضاعت ولا يعلم قبر موسى إلأى الآن أحد ثم مات عبد الرب موسى ولم يعرف أحد قبره. التوراة نزلت باللغة العبرية فيما أتوقع.
سؤال من المقدم: هذه أيضاً بشارات عندهم وهم كانوا يؤمنون بمحمد r لا يكذبونه؟
نعم ولذلك قسم من علمائهم آمن كعبد الله بن سلام من أحبار اليهود.
في أشعيا في الإصحاح الحادي والأربعين ” (2) من أنهض من المشرق الذي يلاقيه النصر عند رجليه دفع أمامه أمماً وعلى ملوك سلّطه جعلهم كالتراب بسيفه وكالقش المُنذَري بقوسه (3) مر سالماً في طريق لم يسلكه برجليه (4) من فعل وصنع داعياً الأجيال من البدء. أنا الرب الأول ومه الآخرين أنا هو” هذا وصف لسيدنا محمد الذي أنهضه الله من المشرق ولاقاه النصر عند رجليه ووصف لأمته العظيمة.
وهذا الوصف جاء في أرميا في الإصحاح السادس: ” هكذا قال الرب هو ذا شعب قادم من أرض الشمال وأمة عظيمة تقوم من أقاصي الأرض تمسك القوس والرمح. هي قاسية لا ترحم، صوتها كالبحر يعجُ وعلى خيل تركب مصطفّة كإنسان لمحاربتكِ يا ابنة صهيون، سمعنا خبرها. ارتخت أيدينا. أمسَكَنا ضيق ووجع كالماخض” لا تخرجوا إلى الحقل وفي الطريق لا نمشوا لأن سيف العدو خوفٌ من كل جهة”
-
المراد الأمة العظيمة تقوم من أرض الشمال هم العرب أهل القوس والرمح.
-
وقوله قاسية لا ترحم يصدقه قوله تعالى (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ (29) الفتح)
-
وقوله تركب الخيل واضح.
-
وقوله مصطفة كإنسان يصدقه قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4) الصف)
-
وقوله ارتخت أيدينا يصدقه قوله r “نُصرت بالرعب مسيرة شهر”
هذا وصف لأمة الرسول r. ذِكره وذكر اسمه ووصف جسمه وموطن مولده وأين ينزل الوحي في جبل فاران وأين يهاجر مكان مهاجره؟ أمته، الكعبة، ماذا يريد أحدنا من البشارات؟
سؤال من المقدم: هم ربما لا يكذبون الأمة أو الرسالة لكن تحفظهم على شخص النبي r تحديداً؟
مذكور في القديم وأنا قرأت في الكتب القديمة بعضها لا يكاد يهمل ذكر الرسول r r ويقول ابن تيمية قرأت في الزامير بعضها يذكر الرسول r وبعضها لم يذكر في نسخ أخرى وإنما حُرّفت.
أيضاً هنالك نص قاله حزقيال يهدد اليهود بالأمة الإسلامية ” إن الله مظهرهم عليكم وباعثٌ فيهم نبياً وينزل عليهم كتاباً ومُملِّكهم رقابكم فيقهرونكم ويذلونكم بالحق ويخرج رجال بني قيدار في جماعات الشعوب معهم ملائكة على خيل بيض متسلحين فيحيطون بكم وتكون عاقبتكم إلى النار”. قال تعالى في غزوة بدر (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) الأنفال) وفي سورة الأحزاب قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)) يعني الملائكة.
استطراد من المقدم: أصحاب الكتاب المقدس كانوا يعلمون هذا وهذا وحي من الله سبحانه وتعالى إذن كان هنالك إخبار بمجيء أمة سيدنا محمد؟
قطعاً، كم مرة ذكر قيدار وبني قيدار؟ وحي على العرب، من جهة بلاد العرب، فاران.
سؤال من المقدم: هل العرب جنس؟
العرب جنس وبنو إسرائيل نسبة إلى يعقوب الذي هو إسرائيل (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ (93) آل عمران) سيدنا يعقوب هو إسرائيل وهم ليسوا من العرب هم ساميين يرجعون إلى إسحق ونحن أيضاً ساميون. إسحق وإسماعيل أخوان أولاد إبراهيم فبني إسرائيل من إسحق ونحن من بني إسماعيل فنحن أبناء عمومة.
في إنجيل يوحنا يستعمل كلمة فارقليط والآن في الترجمات أخذتها من طبعة الموصل سنة 1876 لن تجد هذه الكلمة الآن وإنما تجد المخلص أو المعزي والفارقليط في الإصحاح الرابع عشر أصلحها يوناينة.
“(26) والفارقليط روح القدس الذي يرسله الأب بإسمي هم يعلمكم كل شيء ويذكركم كل ما قلته لكم” الفارقليط معناه الذي يحمد الله، أحمد، الحمّاد الذي يحمد الله كثيراً الذي له حمد كثير. لما اشتهر الفارقليط وكانوا يحتجون بهم أنه قال الفارقليط أنه محمد هو الذي يحمد فترجموها إلى المخلص أو المعزّي لو ترجع إلى الطبعات القديمة التي هم طبعوها تجد الفارقليط.
وفي الإصحاح الخامس عشر في إنجيل يوحنا جاء: ” وإذا جاء الفارقليط الذي أرسله الرب إليكم من الأب روح القدس الذي من عند الأب فهو يشهد لي”.
في الإصحاح السادس عشرفي إنجيل يوحنا جاء: “(7) إن لم أنطلق لا يأتيكم الفارقليط ولكن إذا ذهبت أرسله إليكم”. (8) ومتى جاء ذاك يُبكِّت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم”.
الحامد والحماد هو محمد وأحمد له أكثر من إسم. هو محمد وأحمد وورد في عدة مواطن. أحمد من أسمائه r. إنجيل برنابا الذي لا يعترفون به، البابا غلاسيوس حرّم قراءة هذا الإنجيل سنة 492 قبل ميلاد الرسول r بمائة سنة تقريباً. الأناجيل تنسب إلى كاتبيها إنجيل متى وإنجيل يوحنا.
سؤال من المقدم: ألم ينزل الإنجيل باللفظ والمعنى من عند الله تعالى؟ وألا يوجد إنجيل عيسى؟
لا.
حُرِّم إنجيل برنابا لأنه يختلف عن بقية الأناجيل لأنه يقول بالتوحيد ولا يقول بالتثليث. التحريف وقع قبل ميلاد النبي r بكثير. أصلاً إنجيل برنابا وقع في يدي وقدامى من المسلمين لم يكونوا يعرفوه فما احتج به الذين كانوا يحاجون النصارى، أول ما ظهر هذا الإنجيل في إيطاليا وباللغة الإيطالية لكن لا تكاد صفحة إلا ويذكر إسم الرسول r r صراحة (محمد). وللعلم برنابا هو من تلاميذ السيد المسيح، هو قدّيس مذكور في أعمال الرسل. هو من الحواريين الذين عاصروا المسيح.
هذا الآن لو مسكت الكتاب الحديث “العهد الجديد” ستجد فيه في أعمال الرسل 11 الفقرة 22 – 24 جاء: ” فأرسلوا برنانا لكي يجتاز إلى أنطاكية لأنه كان رجلاً صالحاً وممتلئاً من الروح القدس”.
برنابا شخص موجود لكن لا يعترفون بإنجيله.
وجاء في (أعمال الرسل) 12، الفقرة 25: ” ورجع برنابا وشاوول من أورشليم بعدما كملا الخدمة وأخذا معهما يوحنا الملقب مرقس”.
وجاء في (أعمال الرسل) 12 الفقرة 2: ” قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاوول للعمل”.
إذن ذِكره ليس بغريب وإنما هو من الحواريين وممتلئ بروح القدس يعني هو صادق والإنجيل شهد له أنه رجل صالح ممتلئ من الروح القدس.
سؤال من المقدم: عندما حرم الباب جلاسيوس إنجيل برنابا قبل بعثة النبي في عام 492 يعني مباشرة بعد موت المسيح؟
الرسول r ولد سنة 521 وهو حرّمه قبل ذلك بمدة.
أقرأ النص من الموجود الآن جاء قي 39 الفقرة 14:” فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصّها: لا إله إلا الله ومحمد رسول الله”.
في الإصحاح الحدي والأربعين في الفقرة 29 جاء: ” فاحتجب الله وطردهما الملاك ميخائل من الفردوس. فلما التفت آدم رأى مكتوباً فوق الباب “لا إله إلا الله محمد رسول الله”
وفي الإصحاح الرابع والخمسين يتكلم على يوم الحشر إلى أن يقول:” ثم يحيي الله بعد ذلك سائر الأصفياء الذي يصرخون: اذكرنا يا محمد”.
يذهبون إلى آدم وإلى غيره ثم يذهبون إلى الرسول r r فيقول أنا لها أنا لها.
في الإصحاح 112 الفقرة 17 جاء:” ولكني متى ما جاء محمد رسول الله المقدس تزال عني هذه الوصمة”
وفي الإصحاح 163 الفقرة 7 جاء: ” (7) أجاب التلاميذ يا معلِّم من عسى أن يكون ذلك الرجل الذي تتكلم عنه الذي سيأتي إلى العالم؟ (8) أجاب يسوع بابتهاج قلب: إنه محمد رسول الله”.
سيدنا عيسى أطلق عليه إسمه r ولهذا يحرّمون إنجيل برنابا وهو الآن موجود في الأسواق وقالوا المخطوطات والنكتوبات التي وجدت في البحر الميت تؤيد هذا الانجيل.
سؤال من المقدم: بعد كل البشارات للرسول r لم ينكرون النبي r؟
ليس الآن فقط وإنما من القديم ربنا ذكر أنه حسد (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ (109) البقرة) والأمور التي تدعو للإنكار عند الناس ليست قليلة أنت تعلم الحق وتنكره هذا كثير عند الناس؟
سؤال من المقدم: هل الإنكار لشخص النبي r أو لمنهجه أو لأمته؟
نفس الإشكال لأنه إن كان يسلبهم ما هم عليهم وما هم متمتعون به سيكون نفس الإشكال.
سؤال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)) هذه الآية جاءت بين آيات الصيام فلماذا؟
هذه الآية وردت بين آيات الصوم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة) وما يتعلق بالصوم (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ (187) البقرة). ورود هذه الآية في هذا الموضع يدل على أن الصوم من دواعي الإجابة. إذن يحسن أو ينبغي أن يُدعى الله سبحانه وتعالى في هذا الوقت. وفي الحديث” للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة” وحديث “ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل والصائم حتى يُفطر” إذن وقوعها بين آيات الصوم ما يوضّح أن الصائم مستجاب الدعوة وإهابة بالصائم بأن يدعو. أيضاً الملاحظ أن هنالك أمر وهو أن الله سبحانه وتعالى هو الذي تكفل بالإجابة عن السؤال ولم يقل (فقل لهم إني قريب) كما ورد في مواطن كثيرة (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى (122) البقرة) (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِير (217) البقرة) (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (219) البقرة) (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (15) طه). ربنا من دون تبيلغ تكفل بالإجابة مباشرة أما قوله (فقل إني قريب) هذا أمر بالتبليغ أما قوله (فَإِنِّي قَرِيبٌ) ربنا هو الذي أجاب وليس بالواسطة ليس بالنقل، هو الذي أجاب حتى عباده يجأرون إليه بالدعاء، هذا أمر. ثم ربنا سبحانه وتعالى تكفل بالإجابة إذا دعا الداعي ولم يعلق ذلك بالمشيئة فيقل إن شئت (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) لم يقل إن شئت أو شاء ربك كما في موطن آخر قال (قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) الأنعام). وجود المشيئة يعني ربما يفعل سبحانه وتعالى وربما لا يفعل وعدم وجود المشيئة يعني قطعاً تجاب دعوته، قطعاً الصائم تجاب دعوته إن لم تكن في الدنيا تُدّخر له في الآخرة أو يُدفع عنه سوء.
سؤال من المقدم: هل نفهم من هذا بأن النسق العام في سورة البقرة صيام وأن هذه الآية خاصة بالصائم فقط؟
دعاء في طاعة ليس في قطيعة رحم بينما الآية الأخرى جاءت عندما وقعوا في الحرج (قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) الأنعام) أما هؤلاء طائعين في وقت طاعة وهم صيام.
ونلاحظ أمراً آخراً هو أنه قدم الإجابة الدالة على جواب الشرط فقال (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) لقل إذا دعاني أجيبه، الأصل أن يأتي بأداة الشرط ثم جواب الشرط، الآن قدم الجواب للتأكيد على قوة الوعد فقدم الإجابة على الشرط تنبيهاً على قوة الوعد وأن هذا حاصل.
ثم نلاحظ أنه قال (إِذَا دَعَانِ) ولم يقل إن دعان مع أن الاثنين أدوات شرط وفي هذا إشارة أن العبد مطلوب منه أن يكثر الدعاء. (إذا) آكد من إن (إن) تأتي في الأمور المحتملة الوقوع والمشكوك فيها والموهومة والنادرة والمستحيلة وسائر الافتراضات حتى إذا كانت مستحيلة (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81) الزخرف)، (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا (9) الحجرات) هذه قليلة لأن (إن) للمحتمل الوقوع القليل والوقوع المشكوك في حصوله والموهوم والنادر (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي (143) الأعراف) ولو قال (إذا) يعني يستقر في الغالب. (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) القصص) هذا افتراض وليس حاصلاً. بينما (إذا) للمقطوع بحصوله أو الكثير الوقوع مثل (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة) الموت سيأتي، (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ (17) الكهف) (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ (5) التوبة) لا بد أن تنسلخ (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ (10) الجمعة) لا بد أن تقضى، ولذلك في يوم القيامة الآيات تأتي بـ (إذا) ولا يمكن أن يؤتى بـ (إن) (إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ (1) الإنشقاق) (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) الزلزلة) لأنها واقعة لا محالة، أو كثير الوقوع (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا (86) النساء) حتى لو اجتمعت إذا وإن في موطنين يأتي مع كثير الوقوع بـ (إذا) ومع قليل الوقوع يأتي بـ (إن) مثال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ (6) المائدة) جنباً قليلة، (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ (25) النساء) قليلة، (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ (282) البقرة) (فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ (282)) قليل، إذن هذا الخط العام في اللغة فلما يقول (إذا دعان) إذن المفروض أن يدعو وليس هكذا يدعو لما يقع في مصيبة ويدعو على حرف. قوله (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ (280) البقرة) هذا أقل ممن يستحق الزكاة. هذا نسق اللغة قال (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) إذن الدعاء شرط الإجابة وهو مطلوب والدعاء مخ العبادة وربنا يغضب إذا لم يُدعى ربنا غضب على أقوام أخذهم بالباساء والضراء فلم يتضرعوا (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (43) الأنعام) (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) المؤمنون) إذن الدعاء مطلوب لا تقول ربنا يعلم الحال وتسكت، الدعاء مخ العبادة. ربنا يغضب إذا لم يُدعى والرسول r r كان يدعو في بدر حتى ظهر بياض إبطيه وسقطت عباءته فالدعاء مطلوب وهو مخ العبادة.
استطراد من المقدم: البعض يقولون أن سيدنا إبراهيم لم يدع وإنما قال أن الله تعالى أعلم بحاله لكن هناك من محققي التاريخ من كذب هذه الرواية وقال أنها مغلوطة وأن سيدنا إبراهيم u دعا بالفعل.
قال (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) غافر)، (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) يعني يهتدون إلى مصالح دينهم ودنياهم. قال أجيب دعوة الداعي ولم يقل أجيب الداعي الدعوة ما يريده الداعي لم يقل أجيب الداعي لكن بماذا يجيبه؟ بدعوته، يجيب الداعي بما يبتغيه. (استكمال الإجابة في الحلقة القادمة)
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 7/7/2008م:
-
كيف نفهم الناسخ والمنسوخ مع قوله تعالى (لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ (64) يونس) (الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) هود)؟ ربنا قال (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا (106) البقرة) مع هذا هذا السؤال يسأل عنه أهل علوم القرآن.
-
(وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) القصص) ما المعنى الدقيق لكلمة (ويكأن) وهل هي كلمتان وي وكأن؟ المشهور أنه (وي) بمعنى أعجب و(كأن)، هم تمنوا بالأمس ما كانوا يتوقعون ما يحصل له قسم قال معناها لأنه لا يفلح الكافرون. ويكأن (وي) معناها أعجب هذا هو المشهور أنها كلمتان (وي) و(كأن) وكأنها تعمل عمل (إنّ) قسم يقول بمعنى لأن وقسم يقول على حالها لأنهم ما كانوا يتوقعونها كأن ربنا هكذا يريد ربنا هكذا يعمل.
-
هل تستخدم (ويكأن) في حالة معينة؟ نحن نستعملها فيما يدعو للعجب. وي نستعملها في العامية وحتى في العامية العراقية نقول وي وي يعني عجباً عجباً. ليس شرطاً أن تدخل (وي) على (كأن) وليس بنيهما ارتباط. (وي) إسم فعل مضارع بمعنى أعجب.
-
كلمة (دكتور) من أي جاءت؟ وإذا كانت غير عربية فما معناها؟ كلمة دكتور ليست عربية. في العربية عندنا شيخ للكبير في السن ولمن يؤخذ عنه في العلم.
-
ما هو إعراب (لا يكن غيرك أقربُ إليه صنعُ المعروف منه إليك) ما هو إعراب كلمة (صنع)؟ هي أحد أمرين إذا كانت (أقربَ) أقربَ هي الأصل وتكون خبر يكن و(صُنع) فاعل لإسم التفضيل. معنى الجملة ليس أقرب منك إلى الآخر إلا صنع المعروف. إذا كانت (أقربُ) المفروض تكون أقربَ فتصير جملة (أقرب) مبتدأ و(صنع) خبر والجملة خبر يكن، لكن الظاهر أنها (أقربَ) وليس (أقربُ). (اضغط هنا لقراءة تتمة الإجابة عن هذا السؤال).
-
(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) الإسراء) ما هي علامات النبوة؟ وهل هناك ختم النبوة في جسده الشريف؟ نعم ذكرنا هذا في الحلقة الماضية وأنه كبيضة الحمامة وكزر الحجلة وهو موجود في الأحاديث الصحيحة وفي التوراة موجودة.
-
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الملك) ما دلالة تقديم الموت على الحياة؟
-
حلقات البشارات في الكتب المقدسة في التوراة والانجيل عن التبشير بالرسول r r ونبوته وبدين الإسلام وبإسمه محمد وأحمد هي أهم من أن نقول لم ينكرون هؤلاء وأعطتنا لفتة أن اليهود يوحون إلى النصارى بأن كتاب العهد القديم والعهد الجديد أن دياناتهم متصلة أن بينهم لقاء واتصال فلذلك استطاعوا أن يسيطروا على عقول بعض النصارى في العالم. أقول أن هذه البشارات يمكن أن نسنستفيد منها لدعوة كل نصارى العالم أنه أيضاً القرآن الكريم مكتوباً عندكم في الكتب المقدسة وهذه أناجيلكم وكتبكم قد بشرت بمحمد ونبوته وحتى بأمته فهذه عساها أن تكون دعوة لتقريب الناس وأن يبدأوا بقراءة هذا القرآن والتعرف على هذا الدين وعلى هذا النبي وأن دين الإسلام ليس منفصلاً عن الديانات بل أن كتبكم أيها النصارى أقرت بنبوة محمد r فتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً.
-
في سورة البقرة (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)) إذا أراد الله من قوم موسى أن يذبحوا بقرة فلماذا لم تنزل أوصافها دفعة واحدة؟
-
هذا الوصف الذي وصفوه لما قالوا (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا (69)) هل جاء السؤال في نفس اللحظة أو كان على مراحل في أيام مختلفة كل يوم يسألونه سؤالاً عن هذه البقرة؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 7/7/2008م
2009-03-16 16:22:38الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost