الحلقة 147
سؤال: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ (47) آل عمران) (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) مريم) ما دلالة الاختلاف بين كلمتي ولد وغلام؟
هذا السؤال شبيه بسؤال سبق في حلقة ماضية لكن كان السؤال على لسان سيدنا زكريا والآن السؤال على لسان السيدة مريم والجواب سيكون شبيهاً. في سورة مريم قال لها الملك (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)) فالجواب (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ (20))، في آل عمران (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)) قال (كلمة) وما قال غلام ولا ولد، (كلمة) عامة، أعم من الغلام فقالت (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ (47)) الولد أعم من الغلام، نحن قلنا الولد يشمل الذكر والأنثى فلما كان التبشير بـ (كلمة) وهي أعم ذكرت الكلمة الأعم وهي الولد ولما كان التبشير بالغلام أخص خصصت وقالت (غلام). قال (بكلمة) والكلمة عامة. هناك أمر آخر في سورة مريم كان الذي بشّرها في القرآن ذكر أنه ملك واحد (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) تمثل لها بشراً سوياً، في آل عمران (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ) الملائكة أعم، والولد يُطلق على المفرد وعلى الجمع (إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) الكهف) في اللغة مفرد وجمع فلما جاء بالملائكة قال (ولد) الذي يُطلق عل الجمع فهذه ملاءمة من جهتين من جهة المفرد ومن جهة مناسبة البشارة فهي متناسبة.
سؤال من المقدم: هل الغلام مرحلة عمرية؟
قبل أن يكون شاباً وهو صغير والولد عامة يعني كل غلام ولد وكل بنت ولد وليس كل ولد غلام.
سؤال: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا (155) الأعراف) لماذا لم يقل اختار موسى من قومه؟
فقط لو نظرنا في الإعراب سيتضح السبب. لو ذكرنا (واختار موسى من قومه سبعين رجلاً) تصير (سبعين رجلاً) مفعول به لفعل اختار، نعود للآية (قومه سبعين) فيها إعرابين سبعين بدل أو مفعول به، الآن اتسع المعنى، لو قال (من قومه) لا تحتمل إلا معنى واحداً فقط فلما قال (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا) على إعراب البدل معناه أنه تخير هؤلاء فكأنما هؤلاء السبعين هم يعدلون القوم، هذا بدل جزء بعض من كل لكن هؤلاء يعدلون القوم من حيث الدلالة. هذا بدل أو عطف بياني فإذن تجمع معنيين الأول (من قومه) نزع الخافض إما نقدر نزع الخافض (واختار موسى من قومه) فيكون مفعول به كما لو ذكرت منه، هذا الوجه الأول والآخر هو البدل فإذن حذف من هنا أو عدم ذكر يفضي إلى معنيين بينما ذكرها يخصص معنى واحد. هو في كلا الحالين اختار سبعين رجلاً لكن الدلالة اختلفت.
سؤال من المقدم: هل يجوز أن نقدر في القرآن؟
نقدر ما يحتمله المعنى وما تحتمله اللغة لأن هذا لسان عربي لا نخرج عن القواعد المعروفة المشهورة في اللغة.
سؤال: ما الفرق بين قيماً وقيّماً في الآيات (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) الأنعام) (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (1) قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) الكهف) لماذا قال هنا قيماً وهنا قيّماً؟
استطراد من المقدم: هل يجوز أن نقول لماذا قال ربنا؟
سؤال المستفهم أو يقول ما دلالة هذا؟ السؤال عن الدلالة أو ما الفرق بين كذا وكذا وإذا قلنا لماذا قال فنحن لا نحاسب الله تعالى عز وجل وإنما سؤال المستفهم.
الفرق بين قِيَم وقيّم، القيم مصدر مثل الصِغَر والكِبَر فعلها قام يقوم قِيَماً معناه الاستقامة (قِيَم على وزن فِعَل) مثل صِغَر وعِظَم، قِيَم معناها الاستقامة (إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا) مستقيماً وليس فقط مستقيم وإنما مبالغة في الاستقامة هو الاستقامة بعينها. القيّم المستقيم صفة مشبهة في الكهف (قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ) القيّم صفة مشبهة مثل سيد وجيد وطيب وهين وليّن. صفة مشبهة بإسم الفاعل تفيد الثبوت، المعروف في الدراسات أنها صفة مشبهة لكن القدامى يسموه الصفة المشبهة بإسم الفاعل لأنها مشبهة من حيث العمل لأنها ترفع فاعل. إذن قيّم صفة مشبهة والقِيَم مصدر، القيّم معناه المستقيم والقِيَم معناه الاستقامة. القِيَم هو المصدر معناه الاستقامة والقيّم مستقيم صفة مشبهة وقسم قال مبالغة قيّم معتدل لا إفراط ولا تفريط أو قيماً على سائر الكتب شاهداً لصحتها ناسخاً لها وتقول هذا قيم على مصالح العباد يتولاهم والقيم الكامل المكمل لغيره والقيم السيد القيّم من يسوس الأمر، كل هذا قيّم في اللغة. فلما قال أنزل الكتاب قال قيّماً يعني هو مستقيم وقيّم على الكتب وقائم على مصالح العباد، في الآية (قِيَم) وصفه بالمصدر للدلالة على استقامته يعني هو الاستقامة بعينها. هنالك أمر لو نظرنا في سورة الكهف قال (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (1) قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) الكهف) هذا شأن القيّم الذي يبشر وينذر، القيّم الذي يقوم على الأمر ويسوس، القيّم على الأمر هو الذي يفعل هذا فلما ذكر هذه الأمور ناسب كلمة (قيّم) أما في الآية الأخرى ليس فيها شيء فقال (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) الأنعام) إذن ناسبت قيّما ما جاء في سورة الكهف.
سؤال: ما طبيعة كلمة وسطاً في (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا (143) البقرة) من حيث أنها صفة ولم تتبع الموصوف من حيث التذكير والتأنيث؟
كلمة وسط في الأصل هي إسم جامد وصِف بها (الأسماء إما جامدة أو مشتقة، جامد يعني ليس مشتقاً) فهنا وصف بإسم جامد فهذا لا يطابق إنما الوصف هو الذي يطابق التأنيث والتذكير، كلمة (وسط) بحد ذاتها هي إسم جامد وليست وصفاً فإذن هو وصِف بإسم جامد ولا يطابق كما لو وصفنا بالمصدر نقول رجل صوم وامرأة صوم
ووصفوا بمصدرٍ كثيرا فالتزموا الإفراد والتذكيرا
إذا وصف بالمصدر يلزم الإفراد والتذكير حتى لو كان جمعاً. لا يقال أمة وسطة، وسط إسم جامد وليس في الأصل وصف مشتق حتى يُذَكّر مثل طويل وطويلة، هو في الأصل إسم جامد وصِف به فيبقى على حاله.
استطراد من المقدم: نقول رجل صوم وامرأة صوم ورجال صوم؟
مذكر مؤنث مفرد جمع، التزموا الإفراد والتذكيرا هذه قاعدة.
سؤال: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) النور) ما اللمسات البيانية في هذه الآية؟
نشير إلى الآية إشارة لغوية لأن فيها كلام كثير. المعنى العام أن الله هادي أهل السموات والأرض يمثل ربنا تعالى نوره المشكاة هي كوة لا منفذ لها فرجة في الحائط لا منفذ لها إسمها كوّة مشكاة ليست مفتوحة إذا كانت مفتوحة تسمى نافذة. إذن هذه المشكاة فرجة في حائط ليست نافذة. هذه المشكاة فيها مصباح، المصباح هذا في زجاجة هذه الزجاجة كأنها كوكب مضيء ضخم دري ساطع (دري كوكب مضيء ضخم ساطع يقولون هو من الدُرّ) وأنا أميل أن دري يعني مضيء. هذا المصباح الذي له زجاجة بهذا الشكل كأنها كوكب دري ساطع ضخم يوقد من شجرة (المصباح يوقد من زيت) هذا الزيت يوقد من شجرة مباركة (لا شرقية ولا غربية) يعني هي في الوسط لا شرقية هي في الوسط فقط يصيبها ضوء الشمس صباحاً ولا غربية يصيبها ضوء الشمس عند المساء فقط وإنما هي في الوسط، يعني هي في المنتصف في صحراء (لا شرقية ولا غربية) هذه مسألة مكانية الشمس تفرعها من أول النهار إلى آخره ليست في الشرق فقط فتتحول الشمس عنها وإنما الشمس مستمرة عليها كل النهار فيكون زيتها عادة أصفى الزيوت وهذا معروف لدى الناس الشجرة لا شرقية ولا غربية زيتها أصفى الزيوت، هذا الواقع وليس تعبيراً على المجاز. (نور على نور) يعني الإنارة مضاعفة، المشكاة فيها نور والمصباح والزجاجة والزيت الصافي هذا نور مضاعف. مكشاة فيها هذا المصباح لا يبقى فيها شيء مستور ولا يبقى فيها شيء خافي والكون كله من أهل السموات والأرض عبارة عن مشكاة بالنسبة لنور الله تعالى. لا يبقى فيها شيء خافت، السموات والأرض عبارة عن مشكاة بالنسبة لنور الله تعالى، هذا من حيث اللغة
فالله قد ضرب الأقل لنوره مثلاً من المشكاة والنبراس
فإذن هذا الكون كله عبارة عن مشكاة صغيرة لا يبقى فيه شيء خافت فالله نور السموات والأرض هادي أهله.
سؤال من المقدم: هذا التمثيل ليس على الحقيقة وإنما لتقريب الصورة إلى الأذهان؟
نعم لكن نحن لو تضورنا مشكاة فيها هذا النور لا يبقى فيها شيء مستور ولا شيء خافت.
سؤال: ما هي اللمسات البيانية في الآيات المتشابهة (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) الأنعام) (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) الأعراف)؟
نقرأ الآيتين في الأنعام (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) الأنعام) وفي الأعراف (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) الأعراف) إذن هناك (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) والآية الأخرى (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ). بناء (يتفعّل) أطول من بناء يفّعل (خمسة مقاطع/ أربع مقاطع). إذن يتضرعون بناء أطول. في (يفّعّل يضّرّع) تضعيفان (تضعيف بالضاد وتضعيف بالراء) وفي (يضّرعون) تضعيف واحد في الضاد هذا من حيث اللغة. في (يتفعّل) تفعّل هي للتدرج والحدوث شيئاً فشيئاً مثل تخطّى تمشّى تدرّج تجسّس فرق بين مشى وتمشى، ثم يقال يأتي للتكلف مثل بذل الجهد مثت تصبّر تحمّّل. (يفعّل) فيها مبالغة وتكثير (قطّع وكسّر) إذن أطول وأقل تدرج ومبالغة. قال (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ) (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ) أمم أكثر من قرية فجاء بالبناء الأطول (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) ولما قال قرية قال (يَضَّرَّعُونَ) فناسب البناء الأمم. ثم قال (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ) الإرسال إلى يقتضي التبليغ ولكن لا يقتضي المكث أرسلته إليه إرسالاً، (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ) ظرفية وصار فيها تبليغ ومكث، أيُّ الأدعى إلى كثرة التضرع الماكث أو المبلّغ؟ الماكث أدعى لكثرة التضرع، (يَضَّرَّعُونَ) جاء بكثرة المبالغة لأن فيها مكث أما (يَتَضَرَّعُونَ) لم يقل وإنما البناء الطويل لأنه أمم كثيرة قال (يَتَضَرَّعُونَ)، (يَضَّرَّعُونَ) بناء أقل لأن هو على الأقل فيها مبالغة لأن فيها مكث فناسب كل واحدة.
سؤال من المقدم: لكن من حيث الدلالة القطعية لهما هي فعل واحد هي مادة واحدة فيها تضرع لكن اختلاف الصيغ بالطبع هناك اختلاف دلالات
طبعاً وأحياناً يحصل العكس مثلاً عطى وأعطى، عطى تناول، أعطى أخذ (عطوت يعني أخذت)
(لا تعطوه الأيدي) لا تتناوله. عطى تناول، أعطى أخذ ليس لها علاقة أن تكونا مادة واحدة. فقط كونها أطول أو أقل أو مبالغة أو غير مبالغة مثل كسر كسّر، فتح وفتّح، قطّعت اللحم (قطّع صغيرة).
سؤال من المقدم: القرآن الكريم يراعي البناء الصرفي للحالة التي يتكلم عنها؟ هل العرب كانت تنحو هذا المنحى في كلامها؟
طبعاً. هي تفهم لكن لا تستطيع أن تتكلم هذا الكلام، هي تفهمه لكن هل تستطيع أن تفعل هذا في هذه السعة كلها؟
سؤال من المقدم: إذا كانت تفهم هذا الكلام فلم لم تسطع أن تأتي بمثله؟
أنت تفهم كلام المتنبي لكن لا يمكن أن تقول شعراً مثله!.
سؤال: ما اللمسات البيانية في الآيات (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) يونس)؟
نقرأ الآيتين في الأعراف (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) وفي يونس (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)) هناك قال (بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ) وفي يونس (بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ) واختلفت خاتمة الآيتين. أصل التركيب اللغوي خارج القرآن محتمل أن يقال كذب به أو كذبه واللغة تحتمل لكن ما سبب الاختلاف؟ لاحظنا أن الإطلاق هو سياق الآيات في الأعراف والتخصيصي سياق الآيات في يونس. قبل آية الأعراف قال (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (96)) لماذا كذبوا؟ لم يذكر فأطلق التكذيب كما أطلقه في الآية التي بعدها. في يونس قال قبل الآية في الموطنين قال (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)) هنا حدد التكذيب بالآيات، إذن السياق في الأعراف هو إطلاق وفي يونس تخصيص هذا واضح. نأتي الآن بعد كل الآيتين قال في الأعراف (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)) وفي يونس قال (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75)) زاد هارون كما زاد (به) هناك لم يذكر هارون فلم يذكر به، هذه مناسبة أخرى لاحظ تخصيص السياق قبلها وبعدها. نلاحظ أمراً آخر قال في الأعراف (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) وفي يونس قال (كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) يونس) المعتدي قال (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ) يعني هم كفروا واعتدوا وهناك كفروا، أيُّ الأعمّ كفروا واعتدوا أو كفروا؟ كفروا أكثر لأن كفروا جزء من أولئك إذن الأعم والأكثر كفروا فلما قال كافرين وهو الأعم عمم وقال (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ (101) الأعراف) لم يذكر بماذا كذبوا، ناسب العموم. الآخرون كذبوا ورغم الكفر اعتدوا إذن صاروا أخص قسم من أولئك ليس كلهم كفروا واعتدوا، لم يعطف (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) يونس) وهناك (كفروا واعتدوا) هم أنفسهم كفروا واعتدوا وأولئك كفروا أي الأكثر؟ كفروا، أي الأشكل والأعم؟ كفروا، إذن اعتدوا أخص فلما قال (بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ) خصص (به) جاء بالتخصيص لما أطلق التكذيب به أو بغيره (بِمَا كَذَّبُواْ) قال (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف) وهي أعمّ فناسب الكافرين (بِمَا كَذَّبُواْ) وناسب المعتدين (بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ)، فإذن من كل ناحية السياق وخاتمة الآية.
بُثّت الحلقة بتاريخ 29/8/2008م
2009-01-23 22:25:09الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost