الحلقة 159
إجابة عن أسئلة المشاهدين:
سؤال: في سورة الحج (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ (72)) وفي المائدة (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ (60)) متى تأتي الهمزة ومتى تأتي (هل) في صيغة الإستفهام؟ متى يكون السؤال بالهمزة ومتى يكون بـ(هل)؟
د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آل وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. (هل) أقوى في الاستفهام من الهمزة وآكد بدليل أنها قد تصحبها (من) الاستغراقية (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ (3) فاطر) أما الهمزة فلا تصحبها (من)، (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22) القمر) (فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا (53) الأعراف) الهمزة لا تصحبها (من). (من) هنا إستغراقية مؤكدة مما يدل على أن (هل) آكد من الهمزة. الآن نأتي للآيتين، فإذن إذا كان آكد فلماذا هنا استعمل الهمزة وهنا استعمل هل مع أنه قال (هَلْ أُنَبِّئُكُم) و (أَفَأُنَبِّئُكُم)؟
المقدم: نفس الفعل تقريباً.
د. فاضل: لا شك أن سياق الآيات يوضح هذا الأمر. إحداهما في الحج والأخرى في المائدة. قال في الحج (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا) لم يفعلوا شيئاً وإنما يكادون فقط، (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). ننظر الآن في المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ (57)) اتخذوا دينكم هزوا، يعني فعلوا، (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58)) فعلوا، (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)) ويستمر في ذمّهم. إذن أيُّ الموقفين أقوى؟ في المائدة، فعلوا وصفهم بالفسق واتخذوا الصلاة هزواً ولعباً، عبدوا الطواغيت، مسخ منهم القدرة والخنازير. أيّ واحد عنده معرفة باللغة ويعرف أن هذه أقوى من هذه أين سيضع (هل) والهمزة؟
المقدم: يضعها هكذا كما جاءت.
د. فاضل: هذا قانون بلاغي.
المقدم: مع أنه مرة يستخدم الهمزة كما في قوله (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21)) هذا أمر جلل لله سبحانه وتعالى.
د. فاضل: لا، نحن نقول أقوى. هل والهمزة استفهام لكن الاستفهام يخرج أحياناً إلى معاني كثيرة. الاستفهام ليس لطلب الفهم دائماً يتعلق به معاني أخرى للتعجب والنفي وأشياء كثيرة.
المقدم: لذلك نقول اسلوب استفهام غرضه كذا وأسلوب استفهام قصده كذا.
سؤال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13) المجادلة) ما دلالة الاختلاف في استعمال إن وإذ في الآيتين؟
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (12)) هذه شرطية تفيد الاستقبال، (إذ) للماضي (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)) (فإن لم تجدوا) هذه للمستقبل أما (فإذ لم تفعلوا) للماضي لأن إذ للماضي في أكثرها وإن للمستقبل. يذكرهم (فإن لم تجدوا) في المستقبل، إذا لم تجد فإن الله غفور رحيم. هنا في الماضي (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) إذا كنتم لم تعملوه أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وتاب الله عليهم، تاب الله عليه تعني أنه لم يفعل. (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) لأنكم لم تفعلوا، لم يقدموا، ناجوا ولم يقدموا.
المقدم: يعني إن للمستقبل (فإن لم)، (إذ) للماضي (وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ (86) الأعراف) (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ (26) الأنفال) ماضي، (إذ) في أغلب أحوالها للماضي.
المقدم: (إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا 9) الأحزاب)
د. فاضل: ماضي، أمر ماضي. (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) أنتم ما فعلتم، ناجيتم ولم تقدموا فتاب الله عليكم.
المقدم: إنما (إن) للمستقبل. ربما (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا (9) الحجرات) فيها مستقبل.
سؤال: ما هو تفسير الآية (قل هو الله أحد) وما الفرق بينها وبين الله أحد أو الله واحد؟
د. فاضل: (أحد) إذا لم تضف فيُراد بها عموم العقلاء ومن يصح خطابه، وإذا أضيفت فهي بحسب المضاف إليه نقول أحد الكتب، أحد الأقلام، تكون بحسب المضاف إليه. إذا لم تضف يراد بها عموم العقلاء ومن يصح خطابه فيلزم الإفراد والتذكير (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء (32) الأحزاب). إذن كلمة (أحد) تقع على المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث لمن يصح خطابه من العقلاء. كلمة (واحد) تستعمل للعاقل وغير العاقل رجل واحد، قلم واحد، كتاب واحد.
المقدم: ربما خارج القرآن نقول الله واحد
د. فاضل: الآن نحن نفرق بين أحد وواحد من حيث اللغة ثم نأتي إلى السؤال.
المقدم: إذن ما فهمناه منكم أن (أحد) إما تستخدم مضافة أو مفردة، إذا كانت مضافة فبحسب المضاف إليه وإذا كانت مفردة للعاقل من يصح خطابه وتكون بلفظ واحد تلزم الإفراد والتذكير.
د. فاضل: استعمل القرآن كلمة واحد لما يقابل الإثنين والثلاثة (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ (73) المائدة). الواحد يدخل في الأحد أما الأح فلا يدخل في الواحد. إذا قلت الله أحد دلّ على أنه واحد ودلّ أيضاً على الحياة والعلم لأنه خطاب للعاقل، إذا قلت واحد يدل على أنه واحد لكن لا يدل على من يصح خطابه، لم يدل على الحياة والعلم. إذن (أحد )لا تدل فقط على العدد وإنما على الحياة والعلم. أما (واحد) فليس بالضرورة. إذن هذا أمر، إذن (أحد) من هذه الناحية لها دلالة خاصة. (أحد) صفة مشبهة على وزن فعل مثل بطل وحسن، (على صيغة فعل) صفة مشبهة مثل حسن وبطل. أما واحد فلا، واحد هي إسم فاعل. لا شك أن الصفة المشبهة أثبت واقوى من إسم الفاعل. الصفة المشبهة لا شك أقوى وأثبت الواحد تزول وحدانيته إذا كان له نظير كنت واحداً فصرنا اثنين. ربنا سبحانه وتعالى جمع لنفسه الأمرين مرة يقول أحد ومرة يقول واحد بحسب السياق. كما سمى نفسه مرة يقول عالم ومرة يقول عليم، مرة يقول غافر ومرة يقول غفور. أحياناً إذا اقتضى الرد على من يقول اثنين أو ثلاثة يقول واحد وإذا أراد الثبوت أو معنى آخر الحياة والعلم يقول أحد لأن واحد لا تدل بالضرورة على العلم. هم يقولون كلمة (أحد) الواقعة في الإثبات من دون شرط ولا نفي لا تكون إلا لله، يعني لما تقول العرب (هو أحد) لم تُستعمل إلا لله فقط من دون نفي أو شرط ، وإذا قالوا (وإن أحد) يعني أحد من الناس. إذا قلت (هو أحد) لا تقال إلا لله. (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ (6) التوبة) هذه (إن) الشرطية، فيما عدا الشرط والنفي والاستفهام لا تقال في الإثبات. هكذا مجردة من دون إضافة ولا شرط عندما نقول (هو أحد) يعني الله، خاص بالله فقط. إذا قلت فلان لا يقاومه واحد يحتمل أنه يقاومه اثنان. إذا قلت لا يقاومه أحد لا ينصرف الذهن إلى اثنين أبداً. نحن في الدراسات الحديثة عرفنا أن كلمة أحد أقدم من كلمة واحد في الأصل،
المقدم: من حيث الاستعمال اللغوي؟
د. فاضل: في الاستعمال اللغوي، في اللغة يعني الأسبق وجوداً، كلمة أحد كلمة قديمة وكلمة واحد لم تكن موجودة وإنما جاءت بعد كلمة أحد. كلمة أحد في اللغة السامية القديمة ليس هنالك واحد، هي أحد تستعمل للأحد والواحد وكلمة واحد اشتقت منها فيما بعد، إذن كلمة واحد مشتقة جديداً وكلمة أحد أقدم.
المقدم: ما معنى هذا؟
د. فاضل: استعمل أحد التي هي القُدمى للقديم الذي ليس له كفواً أحد.
المقدم: حتى يراعي زمن اللفظ وزمن الاستعمال؟
د. فاضل: مع القِدَم قِدم الله سبحانه وتعالى.
المقدم: السؤال الذي يلح على ذهني تقريباً في كل حلقة الكفار كانوا يفهون هذا الكلام ويعونه؟ يعرفون الفرق بين واحد وأحد؟
د. فاضل: طبعاً ويعرفون أكثر منه.
المقدم: إذن لماذا لم ينسجوا على مثل القرآن طالما أنهم يفهمون اللغة ويعونها حق الفهم ماذا ينقصهم؟
د. فاضل: إذا كنت تفهم خطبة خطيب أوكلام بليغ أو كلام شاعر هل بالضرورة تستطيع أن تنسج مثله؟ يعني الآن لو أعطيتك قصيدة للمتنبي أو قصيدة للبحتري وتقرأها وتعرف كل معانيها هل بالضرورة لأنك تفهمها تستطيع أن تنسج مثلها؟
المقدم: لا، إذن الفهم شيء والنظم شيء آخر. إذن كما يقول الجرجاني الإعجاز يكمن في النظم.
د. فاضل: أنا أذكر كان عندنا أستاذ صار رئيس مجمع علمي فيما بعد رحمه الله كان إذا تكلم نثر وهو رئيس محمد علمي كان الجالسون يقولون له أعِد لجمال كلامه ونحن نعرف أن الشاعر يقال له أعِد أما النثر فلا يقال له أعِد. كان كلامه جميل ومرتب وعباراته في غاية الجمال ليس بالضرورة أننا نفهم كلاماً أن ننسج مثله.
المقدم: فعلاً ممكن أن أفهم الشعر ولا أقرض الشعر. وعلى هذا المنوال بعض الكلمات ربما يتعاور بعضها فيما بينها (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) الرحمن) (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) الأنعام) ما الفرق بينهما؟
د. فاضل: هذه مختلفة. كلمة حسبان يعني حساب مثل غفران وكُفران (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا (96) الأنعام). (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) الرحمن) يعني يجريان بحساب مقدّر، حسبان مصدر مثل غفران. أما أسرع الحاسبين (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) الأنعام) يعني يحاسب جميع الخلائق بأسرع وقت لا يشغله حساب عن حساب ولا شيء عن شيء.
سؤال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ (136) النساء) وفي الإسراء (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)) ما الفرق بين أنزل ونزّل؟ وبين أنزل ونزل؟
د. فاضل: هذان سؤالان مختلفان. يقولون أنه نزّل – كثير من أهل اللغة – يقول أن نزّل تفيد التدرج والتكثير وأنزل عامة.
المقدم: تدرج يعني فترات؟
د. فاضل: نعم. ولذلك في آية النساء (وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ) لأن الكتاب نزل منجماً. (وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ) نزل جملة واحدة.
المقدم: إذن نزّل فيها تدرج
د. فاضل: قسم يذهب إلى هذا ومنه آية (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) آل عمران) نزّل الكتاب عليك يقولون لأن الكتاب نزل منجماً والتوراة نزلت دفعة واحدة. لكن قسم رد على هذا القول عموماً وقالوا نزّل ليسن بالضرورة تعني التدرج بدليل قوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان) ليس في الآية تدرج وإنما قال جملة واحدة.
المقدم: ألا تعتبر للتقييد؟
د. فاضل: قسم يقول ليس بالضرورة لكن نعرف أن فعّل قد تكون للمبالغة والاهتمام مثل وصّى وأوصى، القرآن يستعمل (وصّى) في أمور الدين، كرّم وأكرم. ولذلك نلاحظ مرة ربنا يقول (مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ (71) الأعراف) ومرة (مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ (40) يوسف) ولو لاحظنا ونظرنا في السياق نجد أن ما ذكر فيه نزّل أشد. على سبيل المثال في الأعراف (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71) فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)) لاحظ المجادلة والمحاورة بينهم. في يوسف قال (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)) ليس فيها حوار ولا اعترضوا عليه ولا شي، فرق كبير بين الموقفين. حتى في سورة النجم قال تعالى (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)) لم يردّوا عليه. إنما في آية الأعراف الرد والمجادلة والمحاورة قال نزّل وفيما هو أقل من ذلك قال أنزل. إذن قد تكون نزّل للتدرج في مواطن وقد تكون للاهتمام في مواطن أخرى.
المقدم: وفي قوله تعالى (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (105) الإسراء)؟.
د. فاضل: الحق الأول غير الحق الثاني. الكلام عن القرآن. الحق الأول هي الحكمة الإلهية المقتضية للإنزال يعني هذا الوقت هو الوقت المناسب للإنزال، الحكمة تقتضي أن ينزل في هذا الوقت. أما (بالحق نزل) يعني ما اشتمل عليه من العقائد والأحكام. الحق الأول هو الحكمة التي تقتضي الإنزال وهنا ما فيه (وبالحق نزل) هل اشتمل على الحق. أحياناً عندنا الآن وضع من الأوضاع يحتاج إلى إصلاح والناس كلها تقول يحتاج إلى إصلاح إذن الوقت مناسب للإصلاح لكن من يتقدم للإصلاح؟ هل بالضرورة أن كل من يتقدم للإصلاح يكون هو صحيحاً ما جاء به؟ لا ليس بالضرورة. ذاك حق الوقت لكن هذا الحق فيما يأتي به، في الأحكام التي تأتي. القرآن ذكر أمرين (بالحق أنزلناه) بالوقت المناسب، الحكمة التي اقتضت إنزاله في هذا الوقت. ثم (وبالحق نزل) ما جاء فيه هو أيضاً حق، نزل بالحق. كنت أضرب دائماً مثلاً لو أحد سب آخر من حقه أن يشتكي عليه إذن حاجته إلى المحكمة كانت حقاً، لو الحاكم حكم عليه بالإعدام ليس بالحق. إذن بالحق يذهب إلى المحكمة لكن ليس بالحق الحكم، هناك فرق بينهما.
المقدم: إذن هنا (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) الحق الإلهي في التوقيت وفي الكيفية وفي الأداء
د. فاضل: وبما فيه من الشرائع والأحكام.
المقدم: لكن المعنى في الفعل أيضاً أنزلناه ونزل، ليست تعني أنزلناه من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا؟
د. فاضل: مهما كان لكن المهم الوقت كان مناسباً
المقدم: في صيغة أنزلناه ونزل، هو في الحالين الله أنزله، في الحالين نزل لكن لم لم يقل بالحق أنزلناه وبالحق أنزلناه أو وبالحق نزل؟
د. فاضل: لن يتفرق المعنيين.
المقدم: وكأنه نوع من أنواع لفت الانتباه إلى اختلاف المعنى. أحد الآراء كان يقول في نزّل وأنزل أن أنزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ونزل من السماء الدنيا إلى الرسول r صلى الله عليه وسلم، بغض النظر عن الناحية الشرعية لكن الناحية اللغوية لا تفيد كثيراً لكن كما ذكرت نزّل تفيد التدرج والاهتمام وأنزل تفيد جملة واحدة ودرجة اقل من نزّل.
د. فاضل: هي عموماً هكذا لو أردنا أن نبحث في فعّل وأفعل تحتاج منا إلى حلقتين لكن يختلف الأمر كثيراً.
سؤال: سورة الأعراف (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (33)) الشرك بالله معروف أنه أعظم الذنوب جميعاً بدليل قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء (48) النساء) فلماذا لم يقدم الشرك بالله في آية الأعراف وإنما قدم التحريم؟ وما اللمسة البيانية في هذا؟
د. فاضل: (وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا (33) الأعراف) أولاً التقديم بحسب السياق ليس بالضرورة أن يُقدَّم ما هو أشد أو أكبر أو أعظم وكذلك في الثناء ليس بالضرورة أن يقدم ما هو أفضل. على سبيل المثال (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) القلم) أيُّ الأشد؟ معتدي أو غماز؟ معتدي، فأخّرها ولم يبدأ بها وإنما بدأ بما هو أخف. حتى في المفاضلة (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ (32) فاطر) سابق بالخيرات أخّرهم مع أن السابق بالخيرات أفضلهم. إذن التقديم والتأخير بحسب ما ورد في المقام والسياق ليس بالضرورة أن يبدأ بالأسوأ أو أن يبدأ بالأفضل هذا أمر عام. نحن أحياناً نقول فلان يشتم الناس، تقول يشتم؟ فأقول ويكذب، تقول ويكذب؟ أقول ويزني، تقول ويزني؟
المقدم: من حيث الأخطر
د. فاضل: لكن أنت تبدأ بأمر أول فيستغرب فتأتي بما هو أكبر فيزداد دهشة فتأتي بما هو أكبر. إذن ليس بالضرورة التقديم أن نبدأ بما هو أسوأ أو ما هو أفضل. الآن نأتي للسؤال نفسه، السؤال التقديم مناسب للسياق، قبل الآية قال (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)) (ادعوه مخلصين) هذا نفي الشرك إذن الكلام رد على من قال فحشاء (قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا) الكلام فيمن يفعل الفحشاء ويدّعي أن الله أمره بها، هذا هو السياق (قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ) (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ (32) الأعراف) ردّ على ما قالوه،
المقدم: لأن هذا هو مناط الاهتمام به في السياق.
د. فاضل: هم قالوا (وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا) يفعلونها ويقولون الله أمرنا بها. إذن السياق في الكلام على هذا الأمر وليس الكلام عن الشرك. هذا السياق اقتضى هذا. هناك أمر الصفات الأولى التي ذكرها (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)) هذه تتعلق بالنفس والعباد والأخرى تتعلق بالله فقدم ما يتعلق بالعباد فيما بينهم ثم ذكر ما يتعلق بالاعتقاد.
المقدم: وكأن مناط الاهتمام في تحريم الفواحش والإثم والبغي هذا هو الذي يدّعونه
د. فاضل: يفعلونها ويدّعون أن الله أمرهم بها
المقدم: مسألة الشرك بالله مع أنها مسألة عقائدية لكنهم لم يدّعوا هذا
د. فاضل: لأنها في السياق لم تُذكر.
المقدم: إذن السياق دكتور فاضل يُرتب له من حيث ما يحصل على مسرح الأحداث ليس مجرد رص كلمات بجوار بعضها.
د. فاضل: هو هكذا المقام والسياق.
سؤال: سورة إبراهيم (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)) دعاء إبراهيم u بدأ بالصلاة مع أن حال هاجر واسماعيل طفل رضيع أحوج إلى الرزق فلماذا بدأ بالصلاة؟
د. فاضل: ربنا أمر إبراهيم بإسكان ذريته لبناء البيت ولإقامة الصلاة وإلا لماذا جاء بهم من فلسطين وهي مليئة بالطعام والشراب؟ هو جاء بهم من فلسطين المتوفر فيها الطعام والشراب جاء بهم لهذا الغرض لا لغرض الطعام والشراب. فإذن هو قال (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ) ليس ليأكلوا فهم كانوا يأكلون ويتمتعون في فلسطين وفرة طعام. هذا الغرض الأولى، الغرض من مجيئه ليس للطعام، إذن هو جاء لهذا الغرض إسكان الذرية لبناء البيت ولإقامة الصلاة وليس للرزق فهو طلب ما يعينهم على ذلك حتى أنه دعا بعد ذلك (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء (40) إبراهيم) هذا الغرض الأول من مجيئه وليس للرزق وإلا لا يأتي بهم لهذا المكان.
سؤال: في سورة الحجر (نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50)) استخدم نفس التوكيد في المغفرة والعذاب فهل نفهم من الآية أن غفور رحيم ألزم وأقوى من العذاب الأليم؟
التوكيد وعدمه بحسب السياق، هذه الآية في الحجر في العقوبات وفي الرحمة (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46)) الكلام في العقوبات وفي الرحمة فكان التوكيد واحداً لأن السياق فيهما لو كان السياق مختلفاً لاختلف. في الأعراف قال (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (167)) أكد سرعة العقاب والمغفرة والرحمة بنفس الطريقة (إن واللام) في الأنعام قال (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ (165)) لم يقل لسريع وقال (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165))، مرة قال لسريع العقاب وفي الأنعام قال سريع العقاب بـ(إنّ) وبدون اللام، هذا كله يكون بحسب السياق. في الأعراف أكدّ في الاثنين، لماذا لم يؤكد في الأنعام على هذه الطريقة؟ في الأعراف الآية ذكرت في سياق العقوبات العاجلة في الدنيا (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)) سياق العذاب (مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ) لأنه عجل بعذابهم (بئيس، قردة، إلى يوم القيامة يسومونكم) هذه سرعة في العقاب. في الأنعام قال (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)) لم يعاقبهم في الدنيا أما في الأعراف عاقبهم. (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ) لم يقل يعاقبهم ثم قال بعدها (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165))، هذه ليست مثل هذه.
المقدم: في الحجر (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)) هذه في الدنيا أيضاً؟
د. فاضل: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) المغفرة في الدنيا والآخرة والعذاب هنا وهناك
المقدم: فلما تساويا ساوى التوكيد.
د. فاضل: ذكر أمرين ذكر (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)) (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)) كلاهما في الآخرة.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 26/3/2009م:
في سورة الأحزاب لماذا استخدم المفرد المذكر (يقنت) مع أنه يتكلم عن النساء (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31))؟
(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ (50) الأحزاب) ما دلالة لك ولماذا لم يستخدم له؟
في سورة مريم (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18)) على من يعود الضمير في (إن كنت)؟
في سورة مريم (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)) من الواهب هنا؟ ليهب الله لك أو لأهب أنا لك غلاماً زكياً؟
في معظم القرآن يجمع (هدى) مع (على) (أولئك على هدى) أما مع الضلال فيذكر (في) فما دلالة هذا؟ دائماً (على) تأتي مع الهدى و(في) تأتي مع الضلال فما اللمسة البيانية في هذا؟
(وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ (24) الجاثية) الحياة تنتهي في الدنيا ونموت ما اللمسة البيانية في ذكر كلمة (ونحيا)؟
يقول تعالى في سورة البروج (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)) عذاب حهنم هو عذاب حريق كيف نفهم عذاب جهنم وعذاب الحريق؟
يقول تبارك تعالى (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (40) النمل) (الذي) إسم موصول على من يعود؟ هل يعود على سليمان؟ أم تعود على الجنّ؟
ما معنى كلمات وردت في سورة البقرة ولم ترد في أي موطن آخر لا متتالية ولا منفردة (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا (61)) وما اللمسة البيانية في ورود هذه الكلمات متتالية في هذه السورة تحديداً ولم ترد في موطن آخر في القرآن؟
في سورة الإسراء الآية 7 (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا (7)) الخطاب لبني إسرئيل، لماذا قال (فلها) ولم يقل (فعليها)؟ ألمس من السياق أن الله تعالى قال (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)) الفساد كان طريق العلو لهم فهل الفساد سيكون لها كأجر في الدنيا وإن أحسنتم سيكون الأجر في الآخرة؟ وأين اللمسة البيانية في استعمال (لها)؟ كأنما أراد أن هذا نصيبكم إما الإحسان أو الإساءة هذا نصيبكم، هذا لكم، فنصيبكم الإساءة، هذا يعود عليكم، هذه حصتكم إما الإحسان إن أحسنتم وحصتكم أو نصيبكم الإساءة إن أسأتم.
بُثّت الحلقة بتاريخ 26/3/2009م
رابط الحلقة (فيديو)
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1088
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1089
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1090
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1091
2009-03-27 06:56:52الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost