لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 164

اسلاميات

الحلقة 164

إجابة على أسئلة المشاهدين

سؤال: (وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) العنكبوت) ما اللمسة البيانية في واشكروا له ولم يقل واشكروه؟

د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. الأكثر قال الأصل أنه قال شكر له، النعمة والسعي يتعدى إليه مباشرة يقول شكر له سعيه، شكر له نعمته، شكر له فعله، (وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152) البقرة)، اشكر نعمتي، النعمة يتعدى إليه مباشرة.

المقدم: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) لقمان)

د. فاضل: هذا للشخص، لكن للنعمة، شكر له نعمته، فعلته، سعيه، وهذا الأصل في اللغة.

المقدم: في اللغة، ليس اشكروه

د. فاضل: قسم من اللغويين أنكر هذا التعبير أصلاً وقسم قال قليل. هو الأصل أن يتعدى للشخص باللام (اشكروا له).

المقدم: حينما نرد على أحد المشاهدين نقول شكر الله لك لا نقول شكرك الله. أو شكر الله سعيك أو اتصالك.

د. فاضل: هذا هو الأصل.

المقدم: ما الفرق بين إليه تقلبون (وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) العنكبوت) وإليه ترجعون (إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) العنكبوت)؟

د. فاضل: أول مرة نعرف ما معنى تقلبون؟ قلب الشيء تغييره وتحويله من حال إلى حال، قلبه حتى قلب الثوب غيّر.

المقدم: كفأه رأساً على عقب

د. فاضل: قَلَب الإنسان يعني صرف الإنسان من حالته إلى حالة أخرى،

المقدم: ومنها قلْب، يتقلب.

د. فاضل: انقلبتم على أعقابكم يعني تغيرتم. إذن القلب تحويل الشيء من جهة إلى جهة أخرى، قَلَبه يعن حوّله، صرفه عن جهته إلى جهة أخرى. هناك آيتان واحدة قال فيها (إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)) وواحدة قال (وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21)) ما سبب الاختيار؟. قال في العنكبوت (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)) الآية الأخرى (يُعَذِّبُُ مَن يَشَاء وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21)). هو لما ذكر التعذيب والرحمة (يُعَذِّبُُ مَن يَشَاء وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء) معناه أن حاله قد تتغير، كان الدنيا متمتع يمكن الآن في عذاب، ممكن في الدنيا كانت حالته صعبة شديدة لكن ربنا يمكن أن يرحمه في الآخرة، إذن قد تتغير الحالة، تنقلب الحالة. أما تلك فليس في نفس الأمر. عندما ذكر العذاب والرحمة معناه أنه قد يتغير الشخص على غير ما هو عليه وتنقلب حالته لذلك قال (وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ)، تلك ليس فيها (فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

المقدم: ليس فيها ما يدل على التغيّر والتقلّب والتبدّل

د. فاضل: بينما هذه ممكن تتغير الحالة التي كان عليها فيصير قلب.

المقدم: مع أن الدلالة العامة واحدة

د. فاضل: واحدة يعني يرجع إليه لكن فيها دلالة أخرى.

المقدم: (تقلبون) فيها دلالة بالإضافة إلى الرجوع

سؤال: (وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) العنكبوت) وفي النحل قال (وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً (122)) ما اللمسة البيانية في الآيتين؟ أليست الحسنة أجراً؟

د. فاضل: أولاً نقرأ ثم ننظر في الآيتين. في العنكبوت في سياقها قال (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ (17)) أولاً الرزق هو مناسب للأجر.

المقدم: ما هو معنى الأجر؟

د. فاضل: الجزاء على العمل. فإذن من هذه الناحية مناسب لما ذكر الرزق ناسب الأجر، تلك ليس فيها هذا الأمر. ننظر في الآيتين كيف جاءت حسنة وأجره في الدنيا، الكلام على سيدنا إبراهيم في المكانين. في النحل قال (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)) هذا كل ما جاء حول قصة إبراهيم في النحل. في العنكبوت كلام طويل عن سيدنا إبراهيم كان له موقف إبتداء من إرساله (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)) يستمر إلى أن قال (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24)) ثم يقول بعد ذلك (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)) أكثر من عشر آيات يتكلم عن موقف إبراهيم مع قومه إلى أن قال (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)). هذا حتى نعرف السياق. نلاحظ في النحل لم يذكر له عمل والأجر هو الجزاء على العمل. في النحل قال (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)) ليس فيها عمل. بينما في العنكبوت عمل ابتداء في الدعوة إلى أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه، هذا عمل والأجر هو جزاء على العمل. التبليغ إلى أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه أما في النحل لم يذكر له عملاً قال شاكراً له فقال (حسنة)، (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ)

المقدم: ولهذا قال حسنة. هو حسنة على شكره أما الأجر على العمل الذي بلّغه وكاد يُقتل أو يُحرّق عليه.

د. فاضل: طبعاً. هذا عمل متصل. ثم نلاحظ أن الجزاء اختلف. في النحل هو لم يفعل شيئاً وإنما ربنا اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم فشكر. بينما في العنكبوت فهذا كله عمل فعله لذلك كان الجزاء أكثر (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)) لأن الجزاء على قدر التضحية (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ) هذه كلها جزاء (وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)). هناك لم يذكر عمل أصلاً إنما قال اجتباه وهداه فقال (شاكراً لأنعمه). ذاك حسنة أما هذا فأجر وجزاء أكثر، لا يمكن أن نضع واحدة مكان أخرى، لا يصح.

المقدم: التقديم والتأخير (في الدنيا) على الأجر والحسنة، هل لهذا دلالة أيضاً في فهم الأجر والحسنة إذا أُعطيها سيدنا إبراهيم؟ (وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا) (وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) إذا اعتبرنا أن الحسنة نوع من أنواع الأجر لكن نلاحظ أن الدنيا مقدمة مرة ومؤخرة مرة.

د. فاضل: مقدّمة، (شاكراً لأنعمه) هذا في الدنيا شاكر لأنعمه التي وقعت، كيف تشكر النعمة؟ في الدنيا. تلك ليس فيها هذا.

سؤال: (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا (36) الأنبياء) وفي الفرقان (وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41)) ما اللمسة البيانية في رآك ورأوك؟

د. فاضل: في الأنبياء (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا (36) الأنبياء) وفي الفرقان (وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41)). في الأنبياء لم يسبق لهم ذِكر، وقبلها قال (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)) يجب أن يذكر الفاعل (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا)، إذا قال رأوك من هم رأوك؟! ليس لهم ذكر يقول رأوك على من؟

المقدم: ما هو الفرق من حيث الصيغة بين رآك ورأوك؟

د. فاضل: (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) و (وَإِذَا رَأَوْكَ) كلاهما للمعلوم لكن القاعدة أنه يُفرَد الفعل مع الفاعل، إذا ذكر الفاعل أُفرد الفعل (إذا رآك) هذا الأصل.

المقدم: الفاعل هنا رآك الذين كفروا.

د. فاضل: الذين كفروا الفال فأُفرد الفعل (رآك). هناك تقدّم لهم ذكر (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40)) كلام متقدم قال (رأوك) الفاعل هو ضمير الواو الذين تقدّم ذكره.

المقدم: سؤال كان من حيث الصيغة رآك مفرد ورأوك فيه علامة جمع؟

د. فاضل: طبعاً. وهو مفرد لأنه ذُكِر الفاعل ونحن عندنا قاعدة “يُفرد الفعل مع الفاعل” هذه قاعدة. نقول حضر الرجلان لا نقول حضرا الرجلان، نقول حضر الرجال ما نقول حضروا الرجل، هذه اللغة الفصحى.

المقدم: إذا تقدم الفاعل؟

د. فاضل: نضمره نقول الرجال حضروا،

المقدم: لا نقول الرجال حضر. إذن الفرق بينهما أن رآك مفرد ورأوك جمع. رآك مفرد لأنه ذُكر الفعل معه ورأوك جمع ذكر الفاعل قبله فالتصق به الضمير الذي يعود عليه.

د. فاضل: ولا يصح غير ذلك.

المقدم: هذه قاعدة لغوية

سؤال: ما الفرق بين ضائق (وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (12) هود) وضاق (وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا (33) العنكبوت) وضيق (وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) النحل) ويضيق (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) الحجر) ما هي اللمسة البيانية في هذه الصيغ المختلفة؟

د. فاضل: ضائق إسم فاعل.

المقدم: الجذر الاشتقاقي للكلمة؟

د. فاضل: الجذر ضاق يضيق. ضائق إسم فاعل قال تعالى (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (12) هود) إسم الفاعل لا يدل على الثبوت.

المقدم: مع أنه إسم!

د. فاضل: لكن لا يدل على الدوام، هناك فرق بين الدوام والثبوت. فلان واقف ليس دائماً واقفاً هل هي مثل طويل؟

المقدم: واقف ليس مثل وقوف.

د. فاضل: ولا في الصفة المشبهة مثل نائم هل هي مثل قصير وطويل؟ النائم يقعد، تتغير حالته ولذلك إسم الفاعل قالوا هو ما دل على الحدث والحدوث وذات الفاعل.

المقدم: الحدث فهمناه فما هو الحدوث؟

د. فاضل: التغيّر يعني لا يبقى على حاله.

المقدم: إذن ضائق إسم فاعل يدل على التغير

د. فاضل: ولذلك لما يقول تعالى للرسول (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) دلالة على أنه ضيق عارض لأن الرسول r صلى الله عليه وسلم كان أفسح الناس صدراً، ضيق عارض وليس ضيقاً، لا يصح أن يقول ضيّق الصدر.

المقدم: ولو قال ضيّق؟

د. فاضل: لا يصح لأنه سيكون معناه أنه صلى الله عليه وسلك ضيّق الصدرلا يقبل شيئاً. هذه حالة معينة قال (وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) الرسول r أفسح الناس صدراً لا يصح أن يقال عنه ضيق الصدر، لا يجوز.

المقدم: لأن ضيّق فيها تحقق وثبوت واستمرارية.

د. فاضل: ضيّق صفة دالة على الثبوت. (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) الفرقان) هذا لا يتسع، مكان ضيق، هذا دال على الثبوت والدوام. أما ضائق فهي تدل على حدثٍ حدث له. ضيّق صفة مشبهة دالة على الثبوت، لما نقول فلان ضيق الصدر يعني خِلقته هكذا. إذن (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا) ضيّق هذا مصدر (الياء الساكنة) مثل بيع. الضيْق هو المصدر يعني الحدث المجرّد (وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) النحل) إذن هو المصدر.

المقدم: هل هناك ضِيق؟ أم فيها لحن؟

د. فاضل: قد يكون فيها احتمال لكن ضيْق هو المصدر. ويضيق فعل مضارع يدل على الحدوث (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) الحجر) حادث يحدث.

المقدم: طارئ، ليس ثابتاً وإنما عارِض.

د. فاضل: (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) الشعراء) هذا للحدوث.

سؤال: ما تفسير الآية من سورة الشورى (إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33)) مع تقدّم العلم؟ لم يذكر الأشياء الأخرى وذكر الريح تحديداً.

د. فاضل: لو أكملنا الآية لكان الجواب جاهزاً (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34))، يوبقهن يعني يهلكهن فيشمل كل أنواع الهلاك بالريح وغير الريح. لما قال (يوبقهن) يعني يهلكهن أصبح شيئاً عاماً لكل ما هو في الماضي وما يحصل الآن وما سيحصل في المستقبل كل وسائل الإهلاك تدخل في هذه الآي وليست الريح فقط..

سؤال: سورة النساء تكلم تعالى عن نظام الإرث ثم تعددت المواضيع المتصلة بعضها ببعض ثم عاد في نهاية السورة إلى نظام الإرث فما اللمسة البيانية في هذا؟

د. فاضل: لو ننظر في السورة هو إبتدأ بإيتاء الأموال إلى أصحابها (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ (2)) ثم يستمر بالأموال (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً (4)) ثم يستمر بالأموال (حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ (6)) ثم يستمر (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ (7)) يستمر إلى الآية 13 .من أول السورة إلى الآية 13 ثم ينقطع الكلام عن الأموال إلى آخر آية في السورة. لا يتكلم عن الأموال ويعود وإنما تكلم عن الأموال إلى الآية 13 ثم انقطع الكلام إلى آخر آية في السورة وهي آية الكلالة (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)). نلاحظ أن سورة النساء بدأ بتقسيم الأموال للناشئين وبثّ النساء والرجال (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)) بدأ بإيتاء الأموال للناشيئن وبث الرجال والنساء، الخلق وانتهت بمن مات وليس له عقِب كأنما نهاية الدنيا. ابتدأ ببداية النشئ والخلق والذرية وتكاثرهم ثم انتهى وليس له عقِب. هذه لفتة ومناسبة بغاية الدقة. آية الكلالة وانتهت (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) هذه النهاية.

المقدم: كل هذا مقصود من قِبَل رب العالمين؟

د. فاضل: لا شك. في حلقات متعددة تكلمنا عن المناسبة، تناسب السور أخذناها سورة سورة وذكرنا كيف يتناسب أول السورة مع آخرها في جميع السور لم نستثني ولا سورة.

المقدم: حتى وضع الايات داخل السورة نظام مقصود في حد ذاته وترتيب السورة في المحصف على هذه الشاكلة مقصود في حد ذاته أيضاً؟

د. فاضل: طبعاً هي هكذا متناسبة.

سؤال: في الآيات (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)) من سورة فصلت المجموع ثمانية أيام وفي سورة السجدة (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)) المجموع ستة أيام فهل يمكن إيضاح هذه المسألة؟

د. فاضل: هذه الأربعة أيام التي ذكرها للأرض هذه للتداخل يعني مجموع الخلق والتقدير. مثل تقول بنيت الجدار في يومين ثم أكملت البيت في يومين يعني مع بناء الجدار. العرب تقول خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام وإلى الكوفة في خمسة عشر يوماً يعني المجموع

المقدم: يعني لا أفهم أنه من بغداد إلى الكوفة في 25 يوم.

د. فاضل: يقول أنا مدين لك بألفين أعطيتك في الشهر الأول ألفاً وفي الشهر الثاني ألفاً وخمسمائة وفي الشهر الثالث ألفين يعني المجموع، في الشهر الأول ألف، في الشهر الثاني ألف وخمسمائة يعني مجموع ما أعطيتك ألف وخمسمائة

المقدم: يعني في الشهر الثاني أعطاه خمسمائة فقط فإذا قيست بالشهر الأول يقول له ألف وخمسمائة.

د. فاضل: في الشهر الثالث ألفين يعني مجموع ما أعطاه ألفين بالتداخل.

المقدم: أول مرة أسمع بمسالة التداخل، إسمها التداخل؟

د. فاضل: نعم، هذا يذكره النُحاة مثل الفراء وغيره. تقول أنا مدين لك بألفين أعطيتك في الشهر الأول ألفاً، في الشهر الثاني ألف يعني مجموع ما أعطيتك وخمسمائة وفي الشهر الثالث ألفين

المقدم: يعني لا نجمع هذا مع هذا

د. فاضل: لا، هذه بالتداخل

المقدم: يعني الله سبحانه وتعالى خلق الأرض في يومين وجعل فيها رواسي وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في يومين آخرين، يعني الخلق في يومين وجعل الرواسي وتقدير الأقوات في يومين فيكون المجموع أربعة والسماء في يومين فتكون ستة.

المقدم: أحدهم قد يقول لماذا لا يتكلم القرآن مثلما نتكلم نحن الآن، لماذا لم يقل خلق الأرض والسماء في ستة أيام؟ خلق الأرض في يومين وجعل الرواسي وقدر الأقوات في يومين وخلق السماء بعدها في يومين؟ لماذا التداخل؟ وهي كانت تُفهم قديماً ولكن الآن فهمها صعب!

د. فاضل: لكن أنا عربي. رب العالمين سبحانه وتعالى أراد أن يعلمنا الصبر أن تقدير الأقوات هذا يحتاج، ربنا سبحانه وتعالى حتى يعلمنا ووضع السنن هذه حتى تجري بموجبها ونأخذ بالأسباب.

سؤال: ما اللمسة البيانية في الآية في سورة نوح (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28))؟ لماذا خصص مؤمناً ثم ذكر المؤمنين والمؤمنات؟

د. فاضل: وأظن السؤال كان أيضاً ولماذا قال ومن دخل بيتي مؤمناً يعني أهل بيتي ألا يدخلون في المؤمنين؟. هذا فيه تفصيل، أولاً بالنسبة إلى أهل بيته هو دخول مخصوص يعني أهل البيت المسلمين أنفسهم.

المقدم: زوجته أولاده؟

د. فاضل: من أسلم من أهل بيته، من آمن من أهل بيته لأن زوجته ما كانت مؤمنة. لكن من كان مؤمناً من أهل بيته، فبدأ بنفسه (رَبِّ اغْفِرْ لِي) ثم الأقرب والديه (وَلِوَالِدَيَّ) ثم (وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا) القريب، من آمن من عائلته ثم العام المؤمنين والمؤمنات (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ). إذن بدأ بأخص واحد نفسه قم الأقرب (الوالدين) ثم (وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا) هذا أعم من آمن من أهل بيته، عائلته.

المقدم: (وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا) هذه خاص بالعائلة؟

د. فاضل: هذا دخول مخصوص

المقدم: لا تعني كل واحد. كل واحد إذا كان مؤمناً يدخل في الدائرة الرابعة. وللمؤمنين والمؤمنات؟

د. فاضل: هذه عامة

المقدم: إذن بدءاً بالأخص ثم يعمم.

د. فاضل: الأقرب ثم القريب ثم العموم.

سؤال: مسألة التقديم والتأخير في سورة البقرة (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129)) وفي الآية (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (151)) ما اللمسة البيانية في هذا التقديم والتأخير؟

د. فاضل: التقديم والتأخير مناسب للسياق. الآيتان في البقرة (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129)) قدم الكتب والحكمة على التزكية لماذا؟ لو استمرينا في القراءة قال بعدها (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)) إذن يتكلم في الكتب، السياق في الكتب (وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى) فلما كان السياق عن الكتب قدّم الكتاب والحكمة (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) فلما قال (وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ) نؤمن بما أنزل إلينا وما أُنزل إليهم، ما الذي أنزل إلينا؟ الكتاب فبدأ بالكتاب لأنه مناسب مع الإنزال الذي ذكره فيما بعد. بينما نلاحظ في آية البقرة الأخرى (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (151)) قدّم التزكية لماذا؟ لأنه قال قبلها (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)) هؤلاء الكتاب لم ينفعهم فهؤلاء محتاجون للتزكية، لم يفيدهم العلم ولم يغن عنهم شيئاً فالسياق يحتاج إلى التزكية فقدّمت ولذلك قال بعدها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)) والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، تزكية، فهي مناسبة في سياقها.

المقدم: ماذا تسمى هذه الظاهرة؟

د. فاضل: تناسب مع السياق.

المقدم: جرياً على سنن العربية

د. فاضل: طبعاً البلغاء منهم. تسمى اللغة العليا.

سؤال: في سورة البقرة (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)) وفي سورة قريش (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)) في آية البقرة تقديم الخوف وفي آية قريش تقديم الجوع فما اللمسة البيانية في هذا التقديم والتأخير؟

د. فاضل: هذه أيضاً كل واحدة تدخل في سياقها (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)) قدم الخوف لأن هذه وقعت في سياق القتل والمصائب (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)) هذه في سياق القتل والمصائب فقدّم الخوف.

المقدم: في سياق القتل والفزغ يكون الخوف أولى بالتقديم وليس الجوع.

المقدم: في قريش (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ)؟

د. فاضل: (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) هذه التجارة أصلاً لغرض الميرة. الأمن كان سبباً في نجاح الرحلة. حاجة قريش للطعام شديدة (بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ (37) إبراهيم) إذن هم محتاجين للطعام والتجارة وهي أصلاً الرحلة لغرض الميرة.

المقدم: فيقدّم الجوع لأنهم هم إلى الجوع أحوج من الخوف، الأمن

د. فاضل: حتى لما قال (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)) قدّم الجوع بمقابل الشتاء (رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) في الصيف آمنهم من خوف لأن الناس في الشتاء يحتاجون إلى الطعام أكثر ولذلك يدخرون للشتاء. حاجتهم أكثر للطعام في الشتاء فيدخرون قوتهم. ثم الأمن جعله في إزاء الصيف.

المقدم: لأنه في الصيف ربما تكثر الحروب والغارات

د. فاضل: لأنه يسهل فيه الغارات يخرج قطاع الطرق أما في الشتاء فأين يخرج هؤلاء؟

المقدم: فأمنهم الله سبحانه وتعالى،

د. فاضل: تخرج هوامّ ووحوش في الصيف

المقدم: الجوع يناسب الشتاء والأمن يناسب الصيف فكلٌ جاء في رتبته وترتيبه.

د. فاضل: وبالنسبة للسياق في البقرة التقديم أولى.

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 16/4/2009م:

بالنسبة لـ (سبح ويسبح) في الحشر (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) وفي سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) وفي سورة الصف (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) في الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)) عندما بدأ بـ سبح دائماً تنتهي بقوله العزيز الحكيم، ولما يأتي بصيغة الفعل المضارع (يسبح لله) تغيرت فصارت (الملك القدوس) في سورة الجمعة وفي التغابن (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)) تغيرت نهاية الاية ودخل بها الموت. في سورة الحشر بدأ السورة بـ (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) وفي نهاية السورة قال (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)) ما الفرق بين سبح ويسبح؟

(من) و (ما) (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ (1) الحشر) وفي سورة الحج (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ (18))؟ فما الفرق بين استخدام (من) و(ما)؟

لاحظت في القرآن بعد دراسة أنه يستخدم الإسلام والإيمان والتقوى استخداماً عجيباً وكذلك الظالمين والكافرين وكل كلمة في مكانها كما ذكرتم. لما يسألني أحدهم هل أنت مسلم؟ أقول الحمد لله، أنت مؤمن؟ أقول الحمد لله، أنت متقي؟ هذه كلمة قوية، القرآن يستخدم التقوى للجنة كتأكيد (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) الذاريات) (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) الطور) (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) لقمان) (فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) البقرة) في البرزخ (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ (27) إبراهيم) وعلى الصراط الذي هو أهم مكان قبل الجنة (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) مريم) لم يقل الذين آمنوا وإنما المتقين، وقال الظالمين ولم يقل الكافرين، هذا شيء مخيف. وهذا الشيء نحتاج لمعرفة طريقة القرآن. الإيمان معروف إيمان مطلق وهو الخاصة ومطلق الإيمان وهو العامة. من هو الذي يثبَّت؟ هل الشخص الذي ليس لديه علم وإنما يأخذ الدين طاعة فقط؟ ما هو الإيمان الذي يثبته في القبر إيمان خاص أو عام؟. ولماذا (وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) مريم) حتى بعض الصحابة كانوا يقولون من منا لم يظلم نفسه فهل يمكن شرح هذه الأمور وبالتحديد نجاة المتقين ونذر الظالمين؟

في سورة هود (وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى (3)) لماذا هنا طلب الاستغفار ثم توبوا؟ ثم تدل على التراخي فلماذا جاءت (ثم) هنا؟ وما هي الفترة الزمنية بين الاستغفار والتوبة؟ هذا سؤال نحوي. (ثم) ليست دائماً للتراخي ولكن للبعد بين المنزليتن قد يكون ما بعد (ثم) أعلى ما قبلها. نلاحظ في سورة البلد (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)) هذه أعلى من تلك لأنه ما تقبل هذه إلا بالإيمان. “آمنت بالله ثم استقم” أحياناً قد تكون (ثم) للتراخي للبعد بين المنزلتين، ليس التراخي بالوقت. هو بعد معنوي وليس بعد زمني.

ما الفرق بين نجّينا وأنجينا؟ والفرق بين (فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ (64) الأعراف) و (نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ (58) هود)؟

إستخدام (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ (75)) في سورة الأعراف هل تبين أنهم كانوا ضعفاء فعلاً أو أنهم مقصرون أو خافوا ولم يكن يحق لهم أن يخافوا؟

قصة سورة الأعراف، قصص الأنبياء جاءت متسلسلة فيها وبدأت بقصة سيدنا نوح رد فعل الكفار قال (قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) الأعراف) وفي آية أخرى قال (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ (66) الأعراف) هل الملأ كلهم كفروا؟ أو جزء منهم كفر؟ لماذا في الأعراف إستخدم (الملأ من قومه) وباقي السور (الذين كفروا من قومه)

الأعراف إستخدم في ردود أفعال المعارضين أو المكذبين بالأنبياء مرة قال (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ (66) الأعراف) ومرة قال (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ (75) الأعراف) فما الفرق بينهما؟

في سورة الكهف (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)) وبعدها قال تعالى (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ (19)) كيف ملئت منهم رعباً ثم هم رأوا بعضهم فلِمَ لم يخافوا؟

(فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ (19)) ما معنى ورِقكم؟

في القرآن الكريم يستخدم الفعل المضارع في وصف أفعال أهل الجنة (يحلون فيها، يلبسون، يشتهون) أما في أفعال أخرى في الآخرة يستخدم الفعل الماضي فهل من لمسة بيانية في هذا الخصوص؟

بُثّت الحلقة بتاريخ 16/4/2009م

 

رابط الحلقة فيديو

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1311

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1312

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1313

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1314

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1315


2009-04-17 07:57:14الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost