لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 168

اسلاميات

الحلقة 168

اللمسات البيانية في سورة يس

المقدم: نكمل رحلتنا في سورة يس وكنا توقفنا في اللقاء المنصرم عند قوله تعالى (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28)) ما معنى (وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ)؟

د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. الآية الكريمة (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) كأنه لم يحتج إلى إنزال جنود من السماء ليهلكهم فهم أتفه من ذلك. يبقى السؤال (وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) (وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) قسم يذهب إلى أنه ما كنا ننزل في السابق إذا أردنا أن نهلك أمة من الأمم لم ننزل عليهم ملائكة لتهلكهم أو جند وإنما نهلكهم بعذاب ربنا يُنزل عليهم عذاب فيهلكهم بصورة من الصور، لم يحتاجوا إلى محاربة. لما أهلك ربنا سبحانه وتعالى الأمم السابقة لم يُنزل إليهم جنوداً يحاربونهم.

المقدم: كان الهلاك بالعذاب

د. فاضل: كان يهلكهم بعذاب، بشيء،

المقدم: بريح صرصر عاتية، بطوفان

د. فاضل: بحجارة تنزل عليهم. أما هل كان يأتي بجنود يحاربونهم؟ لا، لم يأت بملائكة ولذلك قال (وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) قال سبحانه وتعالى هؤلاء لم ننزل عليهم جند من السماء.

المقدم: هو الحديث عن ماذا؟

د. فاضل: عن هؤلاء الذين ربنا أهلكهم بالصيحة، كذّبوا المرسلين وقتلوا الرجل الذي جاء يسعى من أقصى المدينة (قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)) (إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)) لم يمهلوه حتى عالجوه بالقتل

المقدم: بالضرب حتى القتل. إذن هنا (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ) قوم هذا الرجل، (من بعده) يعني من بعد وفاته، من بعد قتله؟

د. فاضل: نعم. من بعد قتله. يعني ما أنزلنا على هؤلاء ولا هذا شأننا في ما مضى من الزمن، ما يحتاجون.

المقدم: لماذا الآية، الآية بعد الانتهاء من المثل الخاص بأصحاب القرية وتكذيب المرسلين والحوارات التي دارت بينهم وبين المرسلين وبين الرجل الذي جاء من أقصى المدينة، ما علاقة هذا بموضوع التبليغ؟

د. فاضل: كيف فعل بهم؟ لماذا فعل؟ ما أنزل عليهم جند لكن ماذا فعل؟ كيف عاقبهم؟ سيأتي كيف عاقبهم.

المقدم: هو يقول ربنا تبارك وتعالى (ما أنزلنا – وما كنا منزلين) الأمر ما يحتاج

د. فاضل: هم أتفه من ذلك، هم أتفه من أن ينزل جنود. إذن في الماضي لا، لكن الله سبحانه وتعالى أنزل جنوداً لنصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

المقدم: أنا كنت سأسأل أن الملائكة نزلوا في بدر.

د. فاضل: في بدر ولذا قال (وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) ما قال لم ننزل أو لا ننزل

المقدم: هو (وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) معناها لم ننزل

د. فاضل: في الماضي

المقدم: في الماضي على هؤلاء الناس.

د. فاضل: على هؤلاء الناس وعلى الأمم السابقة

المقدم: لا يُفهم منها معنى المستقبل أو هنالك تناقض لأنه أنزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) آل عمران)

د. فاضل: هذا الكلام على الماضي

المقدم: يعني (وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) في الماضي والموضوع تغير مع سيجنا محمد عليه الصلاة والسلام.

د. فاضل: قطعاً.

المقدم: إذن الكفار في مكة مثلاً هم من القوة بمكان لدرجة الجنود تنزل؟

د. فاضل: إكراماً لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. قِلّة هؤلاء لأن هؤلاء محاربة أولئك لم يتحاربوا. لاحظ الرسل الآخرين ليس هناك حرب كما فعل الرسول r مع هؤلاء وإنما ربنا يأمرهم بالخروج ويحل العذاب عليهم ليست مواجهة بينما الرسول r مواجهة مواجهة في بدر، مواجهة في أُحد، غزوات

المقدم: ملاحظة طيبة ما شاء الله أحسنت. ما حدث حروب مع الأنبياء السابقين؟

د. فاضل: لا لم يحصل حروب هكذا إبتداء من سيدنا نوح ركب السفينة.

المقدم: وحل على قومه العذاب.

د. فاضل: أو بالصيحة أو بالريح أو بالغرق

المقدم: من مِنّة الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة أنه أوقف العذاب الكوني عليها أن يهلك الأمة بأسرها هكذا.

د. فاضل: ليس هذا فقط وإنما أراد أن ينصر النبي الخاتم ويمكّن له في الأرض

المقدم: وكانت له هذه الخصيصة. لكن المتأمل في هذه الآية (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) ما دلالة تكرار (من)؟

د. فاضل: (من) تفيد ابتداء الغاية

المقدم: ابتداء الغاية. إضرب لنا مثلاً من خارج القرآن

د. فاضل: لما أقول جاء من بعده يعني على إثره أما جاء بعده فتحتمل وقت قريب أو بعيد، قريب أو بعيد. من قبله متصل به، قبله يحتمل قريب أو بعيد، تسمى ابتداء الغاية.

المقدم: دخل زيد من بعد عمرو بخلاف  دخل زيد بعد عمرو؟

د. فاضل: طبعاً. من حيث الزمن. دخل زيد من بعد عمرو يعني مباشرة بعده، دخل زيد بعد عمرو تحتمل القريب والبعيد يجوز بعد ساعة ساعتين، تحتمل.

المقدم: (من) ابتداء الغاية

د. فاضل: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ (6) ق) السماء بعيدة. (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا (10) فصلت)  

المقدم: وقال (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ (26) النحل)

د. فاضل: الفوق قد يكون قريباً أو بعيداً، السقف عادة لا يكون ملاصقاً.

المقدم: الفوق يمكن أن يكون قريباً أو بعيداً لكن (من) قريب.

د. فاضل: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا (9)) لم يقل بين أيديهم وخلفهم سداً، ملتصق بهم بحيث لا يتمكنون من السير، من بين أيديهم ومن خلفهم حتى يمنعهم من السير لا إلى أمام ولا إلى خلف. ولذلك قال (من بعده) يعني لم يمهلهم يعني عاجلهم بالعقوبة

المقدم: (من بعده) أي من بعد قتل هذا الرجل الصالح

د. فاضل: لم يمهلهم، لم يتركهم مدة طويلة وإنما عاجلهم بالعقوبة

المقدم: كما سيأتي في كيفية العقوبة.

د. فاضل: كما سيأتي. يعني أنزل عليهم العقوبة بعده مباشرة

المقدم: يقول (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ) هل (ما) هنا نافية؟

د. فاضل: وإنما العقوبة ستأتي

المقدم: (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً)

د. فاضل: لم يمهلهم عاجلهم بالعقوبة.

المقدم: في الآية يلفت نظري (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ) كلمة جند بداية لماذا ليست جنود وقد ورد في موضع آخر (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ (31) المدثر)؟ ولماذا ليست ملكاً؟

د. فاضل: هو أول مرة قال (من جند) جاء بـ (من) الإستغراقية. (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ) لم يقل جنداً فجاء بـ (من) الاستغراقية التي تستغرقت النفي القليل والكثير، هذه تسمى (من) الاستغراقية.

المقدم: بمعنى كثير؟ أن الجنود كثيرة؟

د. فاضل: يعني لم ينزل لا واحد ولا أكثر.

المقدم: ما أنزل أيّ عدد بالمرة

د. فاضل: نعم. ما جاءني من رجل يعني لا واحد ولا اثنين ولا أكثر، هذا يسمى استغراق

المقدم: يعني ما جاءني أحد بالمرّة. هل يمكن أن نقول ما جاءني رجل؟

د. فاضل: هذه غير معنى، محتمل لم يجئك رجل واحد بل أكثر.

المقدم: حينما أقول ما جاءني رجل معناها ربما يكون جاءني اثنان أو ثلاثة أو أربعة؟

د. فاضل: صح، لذلك يصح أن تقول ما جاءني رجل بل رجال، لكن لا يجوز لك أن تقول ما جاءني من رجل بل رجال، لا يجوز.

المقدم: خطأ، ما جاءني من رجل بل رجال، لا يصح. ما جاءني من رجل (من) إستغراقية تنفي كُلّ على الاستغراق, بينما لك أن تقول ما جاءني رجل بل رجال.

المقدم: في قوله (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28)) يعني لا واحد ولا اثنين ولا أكثر

د. فاضل: أما السؤال الآخر الذي تفضلت به لماذا قال جند ولم يقل جنود. الجنود جمع جند، جُند يسمونه إسم جنس جمعي. في اللغة عندنا فرق بين الجمع وبين إسم الجنس الجمعي. إسم الجنس الجمعي: عندنا تفاحة نحذف التاء تصير تفاح صار الفرق بين المفرد والجمع بالتاء، تفاحات جمع، تفاح إسم جنس جمعي. تمرة تمر تمرات، هذا يسمونه إسم جنس جمعي يفرق بينه وبين المفرد بالتاء أو بالياء. رومي روم، زنجي زنج، جندي جند

المقدم: إذن يفرق بينهما بالتاء أو بالياء، جندي مفرد وجُند إسم جنس جمعي،

د. فاضل: جنود جمع جند جنود وأجناد. جمع جند جنود وأجناد

المقدم: جمع تكسير.

د. فاضل: طبعاً. إذن هذا الجنود والجند، هذا المعنى لكن سبب الاختيار لماذا؟ أنت لو قلت ما جاءني من جند أو ما أنزل من جند هذا لا واحد ولا أكثر وليست جمع

المقدم: لا جندي ولا جنديان ولا ثلاثة ولا أكثر وليس مفرد ولا جمع

د. فاضل: يعني استغراق

المقدم: لو قال من جنود؟

د. فاضل: نفى الجموع ولم ينفي الواحد أو الاثنين

المقدم: الله! ولو قال من جنود ربما يثبت واحد أو اثنين.

د. فاضل: من جند ما يثبت، حتى الواحد ما يثبته

المقدم: لو قال من جندي من السماء؟

د. فاضل: لا، الفرق بين جندي وجند. عندما تقول لأن إسم جنس الجمع ينطبق على الواحد أو الأكثر، هذا في اللغة.

المقدم: يعني جُند يتضمن معنى واحد أو جمع؟

د. فاضل: هذا نصّ عليه. لو أنت في حياتك أكلت تفاحة واحدة وسألتك هل ذقت التفاح؟ تقول نعم. أنا سألتك هل ذقت التفاح ولم أقل تفاحة. الإجابة صحيحة لأني لم أقصد الجمع، هل ذقت التفاح؟ نعم ولو أكلت تفاحة واحدة. لكن هل ذقت تفاحات؟ تقول لا. تفاح لأن الواحد والاثنين كلها ينطبق عليها، إسم الجنس الجمعي ينطبق من الواحد فأكثر كلها يشملها. فهذا شمل الواحد والاثنين والأكثر، هذا إسم جنس جمعي فشمله كله.

المقدم: ولو قال جندي واحد يحتمل الاثنين والجمع ولو قال جنود يحتمل الواحد والاثنين

د. فاضل: جند شمله كله.

المقدم: مفرد مثنى جمع

د. فاضل: كلها شملها. ولذلك هم أهل اللغة يقولون لو عاملت رومياً واحداً وقيل لك هل عاملت الروم؟ تقول نعم لأن هذا إسم جنس جمعي ينطبق من الواحد إلى الأكثر. فهذا إسم جنس جمعي فينطبق على الجميع. جنود جمع تكسير لو نفاه ما ينفي الأقلّ.

المقدم: وبالتالي هذا اختار جند. لو قال جندي يحتمل الواحد وأكثر ولو قال جنود يحتمل الواحد والاثنين.

د. فاضل: هذا أعم، الجند يشمل، الجند أعم.

المقدم: لكن إذا قال جندي واحد يحتمل اثنين فما أكثر وإذا قال جنود يحتمل أقلّ، بينما لما قال جند نفى الجميع

د. فاضل: قد لا يحتمل. حتى جندي قد ينفي الجميع بالاستغراق لكن هنا نفى أكثر نفى الواحد ونفى كل الصور. ثم أنت عادة لما تحارب لا ترسل جندياً واحداً لا تقول جندي. عادة للمحاربة ربنا لما نزّل لنصرة الرسول r أنزل جندي واحد؟ لا، أنزل آلآف. في المحاربة لا ينزل جندي واحد ولذا قال جند فأنسب كلمة هنا جند

المقدم: وقوله (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ (31) المدثر) بالجمع

د. فاضل: هذه مختلفة

المقدم: ماذا عن ملك؟ لماذا قال جند ولم يقل ملك؟

د. فاضل: الآن في مقام المحاربة.

المقدم: أليس الجنود ملائكة؟

د. فاضل: الآن مقام محاربة، الجنود بشر لكن في الحرب نقول جنود، هي حرب.

المقدم: يعني اختيار الكلمة التي تتناسب مع المقام مقام حرب تكون جنود وفي غير هذا ربما تكون ملائكة. هل تسمى مناسبة؟

د. فاضل: نعم.

المقدم: لماذا يقول ربنا (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) لماذا النفي بـ (ما) وليس بـ(لم)؟

د. فاضل: (ما) أقوى من لم في النفي في الماضي.

المقدم: مع أن الاثنان يدلان على النفي في الماضي.

د. فاضل: صحيح لكن هناك واحدة أقوى من واحدة. (لم نفعل) هو نفي لـ(فعل) تقول فلان ذهب تقول لم يذهب، حضر لم يحضر، كتب لم يكتب. (ما) نفي لـ(لقد) جواب قسم لقد كتب، نقول ما كتب لا تقول لم يكتب هذه جواب قسم (ما) (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ (74) التوبة) قال (ولقد) ولم يقل (قد). (قد) تنفيها بـ (لمّا) هذه جواب قسم (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) الأنعام) جواب قسم. (ما) من حيث الدلالة أقوى من لم. (لمّا) نفي لـ (لقد)، قد فعل نفيه لمّا يفعل، كل تعبير له نفي خاص في اللغة.

المقدم: وتقولون أن العربي سهل للدرس يا دكتور؟! العربية صعبة جداً بالمناسبة.

د. فاضل: لا، ولكن فيه دقة. لو كانت الصعوبة من دون فائدة نقول صعوبة. لكن الآن خذ أي جهاز من الأجهزة التلفزيون أو الفيديو أو الحاسبات المحمولة أو الموبايل تلاحظ أن فيه اختلاف، القديم فيه أمور أولية والجديد فيه تطور وأمور صعبة وفيه مزايا، إذا كانت هذه المزايا مهمة فالصعوبة هذه حتى تحصل على المزايا، إذا أنت مستغني عن المزايا لا تحتاجها تأخذ ما هو أقلّ. فالعربية مثل جهاز متطور بتقنية عالية. جهاز متطور جداً، هناك أمور في المعنى تحتاجها

المقدم: وبالتالي هي صعوبة بفائدة. هناك فائدة في التحصيل

د. فاضل: مثل هذه الأجهزة بالضبط. فاللغات الأخرى لا يمكن أن تؤدي هذا المؤدى لا تستطيع، لا يمكن أن تؤدي وليس عندها طريقة للتأدية وهذه معاني في الحياة جارية وكثيرة فكيف نؤديها؟

المقدم: بالمفردات وبالنظام

د. فاضل: بالنظام، ليست اختراع مفردات وإنما أنظمة تتبع.

المقدم: ثم مسالة الصياغة وفكرة النظم رصف الكلمات. حتى نفهم من هذا وما ذهبت إليه حضرتك بارك الله فيك (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) لماذا السماء وليس السماوات وهي سبع سموات؟

د. فاضل: السماء كان فيها كلام في أكثر من مناسبة. السماء قد تكون واحدة السموات وقد تكون لكل ما علاك

المقدم: كل ما علاك فأظلّك

د. فاضل: حتى لو لم يُظلّك.

المقدم: كل ما علاك فهو سماء.

د. فاضل: (أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء) المهم ما علاك، أظلك السحاب مثلاً.

المقدم: هذا السقف مثلاً سماء، السحاب سماء

د. فاضل: نعم، السحاب سماء. (وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء (22) البقرة)

المقدم: السماء كسماء السماء الأولى والثانية والثالثة

د. فاضل: هذه واحد السماوات ولذلك السماء هي أعمّ من السموات لأنها تشمل السموات وغير السموات مما علا يشملها كلها. (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ (16) الملك) كلمة السماء عامة

المقدم: إذن السماء من حيث الدلالة أعم من السموات والسموات السبع إشارة إلى السموات السبع بأعينهن إنما السماء تشمل السموات السبع وكل ما علانا

د. فاضل: (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء (125) الأنعام) (أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء (79) النحل) عامة.

المقدم: ماذا نفهم من هذه الآية يا دكتور (مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء) أنها سموات كثيرة أكثر مما نتصور؟ أم جند كثير.

د. فاضل: من أيّ مكان أرسلهم

المقدم: ليس تحديداً من السموات السبع الطباق.

د. فاضل: من أيّ مكان ما عدا الأرض، من أيّ مكان.

المقدم: إذن ما الحاجة إلى ذكر السماء أساساً؟

د. فاضل: هو في الحقيقة أمران. الأمر الأول هو لم ينزل جنداً من السماء ولكن أهلكهم بصيحة من السماء.

المقدم: أليست الصيحة من الجُند أيضاً؟

د. فاضل: ليست من الجند. يعني من أولئك المحاربين والصيحة من السماء. فهو لم يُنزِل جنداً من السماء ولكن أهلكهم بصيحة من السماء. هذا أمر، لكن لو حذفنا من السماء تصبح :وما أنزلنا على قومه من بعد من جند وما كنا منزلين” هذا المعنى لا يستقيم لأنه هو نفى كل إنزال سواء كان من السماء أو من غير السماء في هذا التعبير، نفى كل إنزال من الماضي إلى زمنه، نفي كل الماضي (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28)) نفاه كله. الإنزال هو كل نزول من مكان عالي يسمى نزولاً من حيث اللغة تقول نزلت من السطح، هذا هو النزول، حصل نزول كثير، ناس على ناس يقاتلونهم، إذا نزلوا من مكان عالي صار نزول. كان يأجوج ومأجوج ينزلون من الجبل ويفسدون في الأرض، ربنا سبحانه وتعالى يبعث ناس على ناس (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ (251) البقرة) يأتي من مكان مرتفع يكون إنزال فكيف يقول (وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ)؟ لا يصح أصلاً.

المقدم: إذن نحن نفكر في إتجاه واحد فقط. بارك الله فيك وأحسن إليك.

———فاصل———

المقدم: في قوله تعالى (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28)) لماذا (من بعده)؟ ما قال وما أنزلنا على قومه وما كنا منزلين

د. فاضل: لو حذف أي قيد من القيود يكون التعبير فيه خلل. لو حذف (على قومه) يختل المعنى، لو قال وما أنزلنا من بعده من جند من السماء ما قال على قومه

المقدم: إذن نفى الإنزال عن الجميع

د. فاضل: عن الجميع وهذا لن يصح لأنه أنزل فيما بعد لأنه أنزل في زمن الرسول r.

المقدم: وكأن (على قومه) تخصيص بفترة زمنية معينة.

د. فاضل: (من بعده) هو القصد معاقبة قومه، إذا لم يقل (من بعده) لن تظهر أن العقوبة بسبب قتله بينما العقوبة هي بسبب قتله. هو القصد بيان العقوبة بسبب قتل هذا الرجل

المقدم: يقرن هذه بتلك

د. فاضل:  فلن تظهر أنها عقوبة

المقدم: عقوبة. (مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء) لماذا من جند من السماء؟

د. فاضل: لو حذف (من جند) كيف يكون المعنى؟ وما أنزلنا على قومه من بعده من السماء، هذا ينفي كل إنزال من السماء سواء خير أو شر عقوبات أو غير عقوبات. قال تعالى (فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (59) البقرة) (إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) العنكبوت) كيف يقول هذا؟ لو حذف (من جند) لا يصح، ويكون قد منع الإنزال كلياً حتى المطر لأن المطر إنزال من السماء (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء (10) لقمان) معناه أنه لم ينزل شيئاً وهذا أصلاً لا يمكن، لا يستقيم. لو حذفنا (على قومه) لا يستقيم، لو حذفنا (من بعده) لا يسيتقيم، لو حذفنا (من جند) لا يسيتقيم، لو حذفنا (من السماء) لا يستقيم

المقدم: لا تستقيم إلا هكذا.

د. فاضل: إلا هكذا. يصير اختلال بالمعنى، كل حذف يؤدي إلى اختلال في المعنى

المقدم: يعني هذه الاية مرادة هكذا لتدل على هذه الدلالة في المعنى تحديداً؟

د. فاضل: بكل جزئياتها

المقدم: ولو حذف منها كلمة واحدة تغير المعنى تماماً

د. فاضل: ليس فقط تغير المعنى وإنما لا يصح

المقدم: التكرار في الاية (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ) والعرب تكره الأمثال وتوالي الأمثال (من)

د. فاضل: هذه (من) غير (من جند) هذه (من) استغراقية وهذه (من) ابتدائية كل واحدة لها دلالة.

المقدم: إذا كان حرف الجر (من) له أكثر من معنى فهي عملية ربما تزيد اللغة تعقيداً ومشقة في تحصيلها. هل المطلوب من كل أحد أن يكون ملِمّاً بهذه القواعد؟

د. فاضل: لا، هو إذا كان القصد التعلم والنطق الصف الخامس ابتدائي كافي عليه يتعلم النطق بصورة سليمة أما إذا أراد أن يتبحر في جزئيات اللغة فهذا أمر آخر، هذا متخصص.

المقدم: يحتاج إلى تخصص. اللغة ليست سهلة المنال لكل أحد

د. فاضل: هو كل شيء ينبغي أن يكون فيه جهد، في كل علم لا بد أن يكون هناك بذل جهد وإلا يأتي علم بلا جهد؟ لا يمكن.

المقدم: مستحيل.

المقدم: (صَيْحَةً وَاحِدَةً) بداية أين إسم كان؟

د. فاضل: صيحة خبر. يعني ما كانت العقوبة أو الأخذة إلا صيحة واحدة. مفهومة من السياق واضحة.

المقدم: السياق سياق تحدي ومحاربة

د. فاضل: ومعاقبة هؤلاء الذين قتلوا الرجل فقال (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً)

المقدم: يعني إن كانت العقوبة أو كانت الأخذة. هل يجوز في اللغة أن نحذف إسم كان؟

د. فاضل: هذا ليس حذفاً وإنما استتار للظهور لدلالة المعنى عليه.

المقدم: ويكون إسمها محذوف؟

د. فاضل: إسمها مستتر تقديره هي.

المقدم: إن كانت هي إلا صيحة واحدة

د. فاضل: ونفاها بـ(إن) وما نفاها بـ (ما) لأن إن أقوى من ما في النفي

المقدم: ألم نقل أن ما اقوى في النفي؟

د. فاضل: قلنا أن (ما) اقوى من (لم) في النفي و(إن) أقوى من (ما).

المقدم: (وإن طائفتان اقتتلوا)

د. فاضل: هذه (إن) شرطية وليست نافية. نحن نتكلم عن (إن) النافية (مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) يوسف) تريد أن تثبت أنه ملك.

المقدم: إذن (إن) في النفي أقوى من (ما) و(ما) في التفي اقوى من (لم) (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (15) يس)، (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) النجم) (إن) أقوى من (ما)، هي درجات وهذا خط بياني في التعبير.

المقدم: ما معنى صيحة؟

د. فاضل: صيحة يعني صوت شديد جداً يأتيهم بحيث ياخذهم ويهلكهم، الصيحة تُهلِك، تقتل إذا كانت قوية.

المقدم: ما إعراب واحدة؟ وما هذه الواحدة؟ مع أن صيحة كافية؟

د. فاضل: هذا يسمى نعت مؤكِّد لأن النعت قد يكون مبيِّناً وقد يكون مؤكِّداً وقد يكون له أغراض. قال الله (وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ (51) النحل) الإلهين هما اثنين، (أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (110) الكهف) هو الإله واحد، (أمس الدابر لا يعود) أمس يدل على أنه دابر،

المقدم: إذن هذا يسمى نعت مؤكِّد

د. فاضل: إذن واحدة نعت مؤكد لصيحة، صيحة واحدة، لماذا الواحدة؟ لييان بالغ قدرة الله وبيان هوانهم وضعفهم بحيث لم يحتاجوا إلا إلى صيحة واحدة كافية في إهلاكهم. إذن بيان هوانهم وضعفهم وبيان بالغ قدرة الله.

المقدم: قال (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً) وإذا قلنا صيحة بدون واحدة المعنى مفهوم.

د. فاضل: يجب أن نلغي التوكيد.

المقدم: إذا ألغينا التوكيد خارج القرآن؟ نفهم أنها صيحة واحدة أيضاً.

د. فاضل: التوكيد نحتاجه في أمور كثيرة حسب السياق. قد يقتضي السياق أن نؤكِّد، السامع لا يتصور أن صيحة تهلكهم، واحدة؟ تقول واحدة.

المقدم: لنفي أي شبهة عند السامع مثلاً أنها صيحة واحدة.

د. فاضل: لازالة الريب وإزالة كل شيء من ذهنهم.

المقدم: الآن فهمت أنهم أهون على الله سبحانه وتعالى من صيحتين. كلمة (واحدة) تؤكد هوانهم على الله عز وجل.

المقدم: إذن ما إعراب (واحدة)؟

د. فاضل: نعت مؤكد

المقدم: (فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ) ما دلالة الفاء هنا؟ ولماذا لم يقل وإذا هم خالدون؟

د. فاضل: هو جاء بالفاء و(إذا) الفجائية للدلالة على سرعة هلاكم لأن الفاء تفيد الترتيب والتعقيب و(إذا) تفيد المفاجأة، فإذن رأساً أُهلكوا.

المقدم: ترتيب وتعقيب يعني هذا خلف هذا مباشرة بنفس الترتيب لا يتخللهما شيء آخر، صيحة فخامدون.

د. فاضل: نعم وهذا ما يؤديه أيّ حرف لو جاء بـ(ثم) للتراخي (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (20) الروم) كم فرق وقت بين التراب والبعث؟ (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ (22) عبس). (فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ) يعني رأساًً. الواو لا تفيد هذا

المقدم: في قوله (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ) أقبره بعدما أماته مباشرة ترتيب وتعقيب لا تراخي ولا فترة زمنية. وهنا (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29))  

د. فاضل: (إذا) الفجائية لا تقتضي التعقيب.

المقدم: إذن (إذا) لا تدل على ما تدل عليه الفاء

د. فاضل: تدل على المفاجئة لكن لا تدل على التعقيب. ولو جاء بالواو لا تنفع هنا ولو جاء بـ(ثم) لا تنفع لا تدل على المعنى المراد. الواو ليست للتعقيب.

المقدم: والمراد هناك التعقيب.

المقدم: لماذا الخمود وليس الهمود؟

د. فاضل: هو قال (خامدون) إشارة إلى سرعة هلاكهم وانطفاء حياتهم كانطفاء السراج، مأخوذ من خمود النار وهو سكونها وانطفاء لهبها. هذا معنى الخمود سكون اللهب وذهاب الحسيس لكن يبقى الصوت.

المقدم: ما هو الحسيس؟ (لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) الأنبياء)

د. فاضل: صوتها. فذهاب اللهب يسمى خمود. الهمود انطفاء كامل والخمود قد يأتي مع الانطفاء. إذن خمدت النار خموداً إذا سكن اللهب وبقي الجمر، ذهب اللعب ولكن الجمر موجود، هذا الخمود. وقد يأت الخمود بمعنى انطفاؤها ولكن الأصل ما ذكرت في اللغة، خمدت النار أي سكن لهبها وبقي جمرها.

المقدم: وهمدت؟

د. فاضل: همدت انطفأت وماتت، هذا الهمود من حيث اللغة. والخمود قد يأتي في اللغة بمعنى الهمود لكن الأشهر ما ذكرت أن الخمود هو سرعة انطفاء اللهب وبقاء الجمر، الهمود إذا أُطفئ جمرها.

المقدم: ماذا نفهم من هذه الآية (فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29))؟

د. فاضل: بسرعة يعني لأن الهمود لا تحتاج للسرعة قد تحتاج وقت طويل, خامدون يعني بسرعة، الهمود يستغرق وقتاً حتى تموت النار. هذا واحد. إذن أولاً اختار الخمود إشارة إلى سرعة سكونهم وانقطاعهم هذا أمر، والأمر الآخر أن حركتهم وأصواتهم لأنه يقال أيضاً خمد القوم إذا سكتوا إشارة إلى أن حركتهم وأصواتهم بعد الضجيج لا تسمع لهم صوتاً. الأمر الآخر هو اختيار الخمود مناسب للصيحة. كان في مكان فيه ضجيج وصخب وصوت، ما الذي يقطع هذا الصوت؟ لازم صيحة أعلى منه، فجاءت صيحة أسكتتهم وأخمدتهم، صيحة عالية. هم في ضجيج بعد قتل الرجل ضجيج وجلبة وضوضاء فجاءت الصيحة أخمدتهم، أعلى من صوتهم. هذا أمر، الحقيقة قسم يرى أن في اختيار الخمود إشارة إلى البعث يعني القيامة.

المقدم: كيف نفهم هذا؟

د. فاضل: يقولون الخمود لا يعني الفناء وإنما ذهاب اللهب والحرارة والإنسان عندما يموت تبقى روحه.

المقدم: أود أن أفهم ما علاقة الخمود بأن الصيحة صرعتهم؟ ولو قال همداً أيضاً نفسهم نفس الدلالة.

د. فاضل: لا، خمد معناه سكت ليس مات بالضرورة.

المقدم: أنا أفهم أنهم ماتوا.

د. فاضل: قد تأتي بالمعنى ولذلك جمعها كلها واختار الوصف

المقدم: همد تحمل معنى الموت (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً (5) الحج)

د. فاضل: يعني ماتت، همدت النار ماتت، خمدت سكنت، همدت ماتت أُطفئت

المقدم: أما خمدت فلا تحتمل معنى الموت والإطفاء

د. فاضل: يعني الإنسان عندما يموت تخرج روحه. إذن هو إشارة إلى البعث قال (خامدون) لم يقل هامدون، لم يصيروا رماداً وذهبوا وإنما بقت أرواحهم. ثم حقيقة من الناحية الفنية اختيار الخمود على الهمود، صورة الجمر اليغطيه الرماد هذا الخمود هذا أشبه بحالة الجثة التي يعلوها تراب الأرض. هذا الرماد أشبه بحثة يعلوها تراب الأرض، هذه النار يعلوها الرماد وهم يحترقون في داخلها هؤلاء الخامدون يحترقون في داخل هذا الرماد، يحرقهم ربهم فيه.

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 4/5/2009م:

عبد العزيز من أبو ظبي: دكتور فاضل أنت لا تأتي باللغة وإنما تأتي بالحكمة ما شاء الله فتح الله عليكم. لدي ثلاثة استفسارات من سورة الواقعة (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22)) هنا العطف بالرفع وليس بالجرّ؟

د. فاضل: هذا سؤال لغوي. يطوف عليهم الولدان بالأباريق والفواكه والكؤوس لكن لا يطوفون عليهم بالحور العين لا يصح العطف هنا على هذا وإنما هذا جزاؤهم (وَحُورٌ عِينٌ) هذا الجزاء وليست مثل الفاكهة والشراب.

ثانياً يقول تعالى (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) الواقعة) وفي آخر السورة (وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92)) ما هو السر في التقديم والتأخير في الايتين؟

(لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) الواقعة) باللام (لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)) بدون اللام؟ فهل يمكن توضيح هذه الأمور

عبد الباسط من تونس: في الحجر (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{49} وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ{50} وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ{51} إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ{52} قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ{53} قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ{54} قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ{55} قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ{56} قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ{57} قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ{58} إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ{59} إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ{60} فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ{61} قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ{62} قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ{63} وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ{64}) لماذا في أول السورة الملائكة سلّمت على سيدنا إبراهيم ثم لم يرد السلام واستغرب وقال إنا منكم وجلون رغم أنهم بشروه ثم زاد سؤالاً آخر (فما خطبكم) إستغرب لمجيئهم بهذه الطريقة. وفي لوط نفس الأمر لكن لم يسلموا عليه وأخبروه بأنهم جاؤوا بعذاب على قومه فأريد بياناً لهذه الآيات.

في سورة مريم قال تعالى (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26)) (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)) أمرها تعال بوحي أن لا تتكلم ولكنها أشارت فهل الإشارة تدل على القول؟

فيما يخص الاستعاذة والبسملة، هل الاستعاذة واجبة وفرض قولها قبل قراءة القرآن مع أنها لم تكتب في المصحف ولا في رسائل الصحابة؟ وكذلك البسملة. هذا سؤال فقهي نحيله على برنامج وتوتصوا بالحق وبرنامج شريعة النور.

عبد المحسن من الكويت: سؤالي من شقّين ضقّ عام وشقّ خاص. الشق العام أنه في القرآن عموماً يذكر الله تعالى جرائم البشر أو ذنوب البشر ثم يضع استثنائية التوبة على سبيل المثال (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)) وفي سورة النساء قال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)) وفي سورة الفرقان (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70)) يذكر الله تعالى الذنوب ثم يضع التوبة حسب سورة البروج (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)) نريد أن نعرف بأي مناسبة يضع اله تعالى التوبة هنا وفي بعض الحالات يتوعد فقط. ما هي مناسبة وضع التوبة في سور وعدم وضعها في سور أخرى.

وائل من الأردن: (وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء (93) النحل) (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ (30) الإنسان) ما تفسير الآية؟

بُثّت الحلقة بتاريخ 4/5/2009م

 


رابط الحلقة فيديو

http://lamasatt.blogspot.com/2009/05/040509.html

2009-05-05 12:24:54الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost