لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 175

اسلاميات

الحلقة 175

اللمسات البيانية في سورة يس

المقدم: نكمل رحلتنا مع سورة يس متعلمين من علم حضرتك وما منّ الله به تبارك وتعالى عليك مستنبطين اللمسات البيانية الموجودة وكنا في اللقاء المنصرم توقفنا عن قول الله تبارك وتعالى (لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)). كنا توقفنا عند قوله تعالى (أَفَلَا يَشْكُرُونَ). (أَفَلَا يَشْكُرُونَ) إذا نظرنا إليها هي صيغة استفهام وفي مكان آخر في غيرما موضع في القرآن الكريم يقول ربنا تبارك وتعالى (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) الواقعة) فكيف نفهم هذا الاختلاف ونقف على اللمسات البيانية في هذه الكلمة؟

د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. بعد هذه الآية الكريمة (لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)) السؤال أنه قالها بالاستفهام. ربنا لما سأل هذا السؤال بعد أن ذكر هذه النعم أفلا يستدعي ذلك شكر المنعم الذي أمدهم بذلك وبما أنعم عليهم؟ هذه الفاء سببية تفيد السبب، بعد ما ذكر من الجنات والحب وما إلى ذلك وما عملته أيديهم ألا يستدعي هذا الشكر؟

المقدم: أصلها خارج القرآن أفلا يشكرون الله على ما أعطاهم من نعمة.

د. فاضل: نعم. فهو عرض لكن بصيغة الاستفهام والإنكار على من لا يشكر (أَفَلَا يَشْكُرُونَ) ألا يستدعي ذلك شكر المنعم الذي أمدهم بهذه النعم الجليلة؟. أما السؤال الذي تفضلت به (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) الواقعة) (لولا) نسميها نحن حرف تحضيض، من حروف التحضيض

المقدم: تحضيض بمعنى ماذا؟

د. فاضل: بمعنى الحث بشدة. ذاك عرض بصورة الاستفهام (أَفَلَا يَشْكُرُونَ) يعني عرض ألا يستدعي ذلك الشكر؟ هنا (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) هذا تحضيض على الشكر لكن بها شدة وطلب. التحضيض هو الطلب بشدة حتى بعضهم يقول بشدة وإزعاج.

المقدم: يعني اشكر اشكر بشدة وإزعاج.

د. فاضل: المهم يكون التحضيض أشد من الطلب عندنا في البلاغة. عندنا أدوات عرض وأدوات تحضيض التحضيض أشد لأنه يحث على الشيء، حثّ. يبقى السؤال لماذا اختلفت الصيغة؟.

المقدم: في قوله (أَفَلَا يَشْكُرُونَ) هذا ليس فيها تحضيض

د. فاضل: فيها طلب بالشكر ألا يستدعي ذلك الشكر؟

المقدم: (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) فيها حضّ وحثّ وإزعاج على الشكر اشكروا، لماذا اختار هنا هذه الصيغة؟

د. فاضل: السياق في سورة يس هو تعداد النعم الحب والجنات وما عملته أيديهم وذكر الآيات والدلائل ومظاهر الرحمة، هذا في يس. في الواقعة هو تحذير وتوعّد وتهديد

المقدم: السياق مختلف تماماً.

د. فاضل: تبدأ الآيات (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴿٦٠﴾ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ) هذا تحذير، (وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾) جاء بـ(لولا)

المقدم: يحضّهم ويحثّهم على التذكر

د. فاضل: فيها تحذير. ثم لما يستمر (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ﴿٦٣﴾ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴿٦٤﴾ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴿٦٥﴾) هذا تحذير (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ﴿٦٦﴾ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴿٦٧﴾) (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ﴿٦٨﴾ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴿٦٩﴾ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴿٧٠﴾) إذن السياق مختلف. هذا السياق فيه تحذير وتهديد فإذن يحثهم هو على الشكر فيه شدة وذاك المقام مختلف. ثم نلاحظ أطلق الشكر هنا قال (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)

المقدم: في الواقعة

د. فاضل: في الواقعة وفي يس أطلق الشكر في الحالتين

المقدم: بمعنى ماذا؟ غير مقيد بماذا؟

د. فاضل: لم يقيده بالنعمة أو بالمنعِم. هو أحياناً يقيده بالنعمة ربنا يقول (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ (114) النحل)

المقدم: مع أنه سبق طلب الشكر نِعَم لكن ما قيده بالفعل

د. فاضل: (وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ (19) النمل) هذا شكر للنعمة. (وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) البقرة) هذه للمنعم (وَاشْكُرُواْ لِلّهِ)، تلك للنعمة (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ). هذا للمنعم (وَاشْكُرُواْ لِلّهِ) (كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ (15) سبأ)

المقدم: حتى مع داوود الأمر اختلف (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا (13) سبأ)

د. فاضل: هنا أطلقه حتى يتم الشكر للنعمة وللمنعم

المقدم: إذن هناك شكر النعمة وشكر المنعم

د. فاضل: هنا أطلق (أَفَلَا يَشْكُرُونَ) يعني اشكروا النعمة واشكروا المنعم.

المقدم: ولهذا لم يقيدها سبحانه وتعالى

د. فاضل: لم يقيدها. يطلب منهم أن يشكروا النعمة وأن يشكروا المنعِم.

المقدم: أليس شكر النعمة هو شكر المنعم؟

د. فاضل: ليس بالضرورة. هناك تحديد واضح للمسألة أن يبوء بنعمته عليه ويعترف بنعمته عليه ما يرى من عافية يعرفها ويذكرها

المقدم: شكر النعمة يقيد النعمة بشكرها أو بما طُلب منه عملها ويشكر المنعم أن أعطاه هذه النعمة. ولهذا أطلق سبحانه وتعالى في يس وفي الواقعة، ما قيّده.

المقدم: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36)) ماذا عن هذا الترتيب؟

د. فاضل: الأزواج هي الأصناف أو الأنواع. ذكر الأزواج مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون. بدأ بالأرض ثم بالأنفس ثم بما لا يعلمون. ترتيب هذه المذكورات هو بحسب ما يقتضيه السياق. قبل قليل تكلم عن الأرض (وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)) هذا الكلام عن الأرض فبدأ بالأزواج مما تنبت الأرض لأن الكلام عن الأرض. إذن لما ذكر الأرض وما أخرج وما فيها من أصناف من حب وجنات قال (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ) والسياق كان في الأرض. ثم من أنفسهم لأنهم هم المستفيدين، الناس هم المستفيدين في الأرض هم سكانها وهم المستفيدين، هم يأكلون من الحب والثمر إذن هم المستفيدين وهم السكان. الأرض أولاً لأن الكلام على الأرض ثم الناس لأنهم مستفيدين منها فقال (مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ)

المقدم: مما تنبت الأرض الزرع ومن أنفسهم؟

د. فاضل: الأزواج الذكر والأنثى

المقدم: الأبناء يعني؟

د. فاضل: الأزواج (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (45) النجم)

المقدم: هل هناك أزواج مما تنبت الأرض؟

د. فاضل: كلمة أزواج أصلها الصنف يعني التماثل، التشابه

المقدم: ولهذا سمي الزوج زوجاً

د. فاضل: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) الصافات) يعني نظراءهم، أصنافهم.

المقدم: (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ (40) هود)

د. فاضل: ذكر وأنثى صنفان،

المقدم: مما تنبت الأرض ومن أنفسهم، ذكوراً وإناثاً. (وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ)

د. فاضل: ربنا خلق أشياء أخرى لا نعلمها.

المقدم: لكن (وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ) لا يعلمون هم أم تنسحب علينا نحن؟ هم لا يعلمون ونحن لا نعلم؟

د. فاضل: نحن إذا علمنا أشياء فقد غابت عنا أشياء كثيرة. ما أدرانا ماذا في الكون مما خلقه الله سبحانه وتعالى؟ نعلم القليل

المقدم: (وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (8) النحل) سبحانه وتعالى.

المقدم: (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37)) فكرة عامة عن هذه الآية

د. فاضل: بعد أن ذكر الأرض قبل قليل واستدل بأحوالها على التوحيد الحشر إستدل بعدها بالليل والنهار

المقدم: لكن استدلاله بالأرض كان للدلالة على البعث والنشور والحساب

د. فاضل: والتوحيد وما إلى ذلك.

المقدم: والليل والنهار؟

د. فاضل: أيضاً جاء بعد آية أخرى على قدرة الله وتغيير الأمور فكان استدلال في المكان والزمان

المقدم: ما معنى آية هنا؟

د. فاضل: علامة لقدرة الله.

المقدم: علامة أم معجزة؟

د. فاضل: لا ليس بالضرورة. أصلاً كلمة معجزة جاءت متأخرة ما كانت موجودة معجزة لا في الحديث ولا في القرآن، هذه آيات

المقدم: (فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ (12) النمل)

د. فاضل: آيات. كلمة معجزة وضعت لاحقاً هذه تسمية. هي آية ربنا يذكر آية ولا يذكر معجزة.

المقدم: (هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً (73) الأعراف) ما يذكر معجزة.

د. فاضل: لكن فيما بعد قال العلماء قالوا معجزة لأنها تعجز أما هي آية.

المقدم: الله سماها آية

د. فاضل: طبعاً، في القرآن لم يذكر كلمة معجزة. لكن لا بأس استعملها العلماء على أنها تعجز الآخرين ووضعوا لها شروط التحدي.

المقدم: لكن لو أردنا الصواب نقول آية كما سماها ربنا تبارك وتعالى.

د. فاضل: هي آية

المقدم: (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ)

د. فاضل: هذا دلالة على قدرته سبحانه وتعالى كما ذكر الأرض وما تنبت وما فيها (وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)) علامة على قدرته ذكر علامة الليل يسلخ منه النهار فصار الاستدلال بالمكان والزمان. المكان هو الأرض والزمان هو الليل والنهار. إذن الآيات صارت تشمل الزمان والمكان

المقدم: شاملة الزمان والمكان

د. فاضل: الليل والنهار، الزمان والمكان نسلخ منه النهار.

المقدم: (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37)) نلاحظ أن ربنا سبحانه وتعالى هنا قدم الليل على النهار وفي موضع آخر في فصلت نجد العكس يقول تبارك وتعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)) ويستمر إلى قوله (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً (39)) عُكِس الترتيب في فصلت عنه في يس كيف نفهم هذا الترتيب ودلالته؟

د. فاضل: التقديم والتأخير ذكرنا في أكثر من مناسبة أنه متناسب للسياق، تقدم هذا أو هذا حسب السياق. الكلام في يس عن الحشر، الكلام عن الحشر (وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) يس) والأرض آيتها على الحشر أدل من الليل والنهار. إحياء الأرض الميتة أدل على الحشر من الليل والنهار وتعاقبهما. وذكر في مكان آخر قدرة الله وما إلى ذلك. لكن على الحشر فبدأ بها ثم جاء آية الليل والنهار بعدها. لو لاحظنا السياق في سورة فصلت السياق في توحيد الله وعدم السجود لغيره فإن قسماً من الكفار كانوا يسجدون للشمس والقمركما في الآيات (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فصلت) إذن السياق اختلف هم يسجدون لآيات آيات الليل والنهار

المقدم: هم كانوا يسجدون للشمس والقمر فنهاهم الله عن عدم السجود للشمس والقمر

د. فاضل: طبعاً. في سورة سباً قال (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ (24) النمل) إذن المسألة اختلفت، هذه مسألة عقيدة.

المقدم: إذن يعبدون مخلوقات

د. فاضل: مخلوقات من آيات الليل والنهار

المقدم: التي هي من معجزات الله سبحانه وتعالى.

د. فاضل: القمر آية الليل والشمس آية النهار علامتها، فإذن لما كان السياق اختلف الآن يتكلم في العقيدة فاختلف الترتيب (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ (37) فصلت) الأرض ليس لها دلالة ما أحد عبد الأرض، كيف يسجد للأرض؟!

المقدم: حتى سيدنا إبراهيم تكلم لما رأى القمر بازغاً

د. فاضل: حتى ذكر الأرض خاشعة في سياق هذه الآيات (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً (39) فصلت). ثم لاحظ (إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى (39) فصلت) فإذن السياق اختلف ذاك في الحشر وفي الإحياء

المقدم: إذن السياق هو الذي يتحكم في مسألة صياغة الكلمات ونظم الألفاظ بجوار بعضها بعضاً.

د. فاضل: لا شك، والتقديم والتأخير، وينظر العناية في السياق

المقدم: (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ (37)) ما معنى سلخ؟

د. فاضل: نزيله. سلخ الشاه يعني إزالة الجلد في الأصل. ولذلك قسم من المفسرين القدامى قالوا هذا يدل على أن الليل هو الأصل والنهار طارئ.

المقدم: لا نفهم هذا بمجرد تقديم الليل على النهار؟

د. فاضل: لا، لأنه قال نسلخ

المقدم: أحسنت. ليس مجرد التقديم هوالدلالة. إذن الليل أولاً ونسلخ منه النهار

د. فاضل: أصبح هم حتى يقولون كالشاة والنهار كالجلد من فوق فيسلخه، النهار جلد فهو غلاف من فوق يأتي من الشمس. الليل هو الشاة الأصل والنهار هو الجلد. فإذن هو هذا الواقع والحقيقة الليل هو الأصل والظلمة هي الأصل.

المقدم: سنأتي إلى قوله تعالى (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)) لكن نفهم من (نسلخ) أن الليل هو الأصل

د. فاضل: الليل هو الأصل. ونلاحظ أنه قال (يسلخ) ولم يقل ينسلخ

المقدم: ما الفرق؟

د. فاضل: يسلخ يعني ربنا هو الذي يتحكم هو الذي يسلخ هو الذي يفعل لم يقل ينسلخ منه النهار لم يجعله أمراً طبيعياً وإنما بفعله هو وتقديره هو.

المقدم: الأمر لا يسير بنفسه، كله بقدر الله

د. فاضل: لم يقل ينسلخ منه النهار

المقدم: وإذن ربما لا نستطيع أن نفسر الليل والنهار كعملية طبيعية.

د. فاضل: ربنا هو الذي قدّرها (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38))

المقدم: لو أمعنا النظر إلى هذه الدرجة في القرآن الكريم ربما نرد كل شيء بالفعل أنها ليست مجرد ظواهر طبيعية

د. فاضل: ظواهر طبيعية بتقديره هو، هو وضع لها السنن الت يتعمل فيها فهو واضع السنن وهو خالق السنن كلها

المقدم: هل يجوز لنا أن نقول مثلاً أن دوران الشمس أو دوران الأرض هو الذي يخلق الليل والنهار؟

د. فاضل: بتقدير الله

المقدم: لأن الذي خلقهم هو الله سبحانه وتعالى.

د. فاضل: بتقدير الله. قال يسلخ ولم يقل ينسلخ

المقدم: لكن إستخدام صيغة نسلخ في حد ذاتها أليست فيها قوة وعنف وشدة؟ لماذا لم يقل ينبلج مثلاً؟

د. فاضل: كيف ينبلج؟ هو يسلخ منه، والظلمة صعبة على الناس إذن نسلخ منها

المقدم: (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) أما أفهم خراج القرآن أن يقول فإذا الأرض مظلمة لم قال (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ)؟

د. فاضل: ما معنى مظلمون في اللغة؟ مظلمون يعني دخلوا في الظلام أظلمنا مثل أصبحنا دخلنا في الصباح، أعتمنا دخلنا في العَتَمة.

المقدم: في العَتَمة وليس العتْمة؟. لكن نقول أعتمنا

د. فاضل: أعتمنا يعني دخلنا في العتمة. ويقولون أنهرنا يعني دخلنا في النهار وأليل دخل في الليل وأمسينا دخلنا في المساء وأضحينا دخلنا في الضحى.

المقدم: ولهذا يقال ليل أليل شديد الحلكة والظلمة

د. فاضل: صحيح. (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) يعني دخلوا في الظلام

المقدم: حينما يسلخ ربنا تبارك وتعالى النهار عن الليل، ينزع النهار عن الليل ندخل في الظلام.

د. فاضل: ممكن أن تقول فإذا الأرض مظلمة لكن لماذا قال (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) لماذا اختار (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) ولو قال فإذا الأرض مظلمة صحيح لكن لماذا هذا الإختيار؟

المقدم: مع أنها آية؟ في صدر الآية قال (وآية لهم)

د. فاضل: صحيح ولكن حتى يبين أثر النعمة عليهم في الليل والنهار (عليهم) لأن النعمة في تعاقب الليل والنهار. فإذا قال الأرض مظلمة هذه للأرض لكن (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) حتى يتبين أثر النعمة عليهم بتعاقب الليل والنهار. ربنا سبحانه وتعالى يقول (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) القصص) إذن لما قال (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) أن تقول فإذا الأرض مظلمة أقول لك صحيح لكن سبب الاختيار (أَفَلَا يَشْكُرُونَ)

المقدم: لكي يشعرنا بنعمة الحقيقية في وجود النهار.

د. فاضل: (أَفَلَا يَشْكُرُونَ) هذه أيضاً نشكرها، داخلة في الشكر نشر ربنا عليها سبحانه وتعالى. قال نسلخ ما قال ينسلخ كله من تقدير الله سبحانه وتعالى (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ). ثم جاء بـ (إذا) الدالة على الفجائية ثم جاء بالفاء لم يقل ثم لتدل على أنها تتحول رأساً.

المقدم: ما زال الحوار عن من؟ عن قوم بائدين؟ أم لنا؟ (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) (وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) (أَفَلَا يَشْكُرُونَ)؟

د. فاضل: عامة، للبشر عموماً (أَلَمْ يَرَوْا (31) يس) عامة للكل.

———فاصل————

المقدم: في قوله تبارك وتعالى (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)) ما معنى هذه الآية؟

د. فاضل: طبعاً تجري بمعنى تسير، المستقر.

المقدم: تجري أليس فيها معنى سرعة السير؟ ما قال تمشي.

د. فاضل: فيها. تمشي للعقلاء. المستقر يعني حدّ موضع الاستقرار أو زمن الاستقرار، كلمة مستقر ممكن أن تكون إسم زمان وممكن أن تكون إسم زمان. يشترك فيها المصدر الميمي وإسم المكان وإسم الزمان. مستقر كل الصيغ من غير الثلاثي كلها يشترك فيها حتى إسم المفعول أحياناً يشترك فيها. يشترك فيها إسم المكان والزمان إذن (تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا) يعني لها حد سواء كان هذا الحد زمان أو مكان

المقدم: هنا أيضاً فيها توسع، ما قيّد زماناً ولا مكاناً معيناً.

د. فاضل: طبعاً. يعني لها فلك لا تتعداه، هي في فلك وهي تنتهي إلى حد لا تتعداه في مكانها سواء في الفلك أو مثلاً في الشتاء لا تتعدى وفي الصيف تنتهي إلى مكان في فلكها ومشارقها في الشتاء والصيف في مكانها وزمانها. والزمان أيضاً هي لها زمن محدد سواء كان الزمان في كل عام في أزمنة المشارق كلها إلى آخر الزمن أو إلى أجلها المضروب لها في يوم القيامة

المقدم: كلها تحتمل

د. فاضل: طبعاً كلها تحتمل. ما في الدنيا وأجلها في الآخرة والمستقر فلكها ومطالعها إلى آخر مطلع في المكان وفي الزمان

المقدم: (لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا) لِمَ لم يقل لمستقرها؟

د. فاضل: ربنا سبحانه وتعالى وضع لها مستقراً تسير فيه في الفلك وفي المكان.

المقدم: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا (38)) هل هذه آية أيضاً معطوفة على (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ (37))؟ هذه كلها آيات؟

د. فاضل: كلها آيات

المقدم: إذن مسألة الأرض والأزواج والأنفس والليل والنهار والشمس

د. فاضل: والقمر كلها آيات.

المقدم: إذن في قوله (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)) لماذا نصب القمر ورفع الشمس إذا كانت كلها معطوفة؟ لم يقل والقمرُ؟

د. فاضل: هذا نسميه في النحو إشتغال. يعني وقدرنا القمر قدّرناه.

المقدم: ما معنى اشتغال؟

د. فاضل: إذا كان هنالك فعل متعدي نصب ضمير الإسم المتقدم.

المقدم: هل يمكن أن تضرب لنا مثالاً من خارج القرآن؟

د. فاضل: محمداً أكرمتُهُ، “محمداً أكرمتُ” مفعول به مقدّم مثل (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) الفاتحة) (وربك وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) المدثر) (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ (66) الزمر) مفعول به مقدّم مع (محمداً أكرمتُ) بدون ضمير الهاء. لو قلنا (محمداً أكرمتُهُ) الآن نصب المفعول به.

المقدم: إذن الفعل نصب المفعول به الضمير، من الذين نصب محمداً؟

د. فاضل: أكرم نصب المفعول به الضمير فنقدّر فعل محذوف يفسره المذكور أكرمت محمداً أكرمت

المقدم: ولهذا نقول اشتغل بنصب الضمير عن نصب الإسم الظاهر.

د. فاضل: نسميه اشتغال (وَالسَّمَاء رَفَعَهَا (7) الرحمن)

المقدم: (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ (106) الإسراء)

د. فاضل: يعني وفرقنا قرآناً فرقناه. هذا نسميه إشتغال. (وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس) يعني أحصينا كل شيء.

المقدم: في خارج القرآن بلغة أصلها (وأحصينا كل شيء أحصيناه)

د. فاضل: القرآن دقيق. وفي الاشتغال يجوز فيها الرفع والنصب إلا مواطن يجب النصب هذه يدرسها الطلاب في الكليّات مواطن وجوب النصب، مواطن وجوب الرفع. لكن في مثل هذا الموطن يجوز النصب والرفع في مواطن أخرى لكن ربنا في هذه الأمور إذا كان لَبْس يزيد اللبس ويضع كل شيء في محله.

المقدم: وهنا القمر مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور بعده (قدّرناه)

د. فاضل: يعني قّدرنا سيره وقدّرنا منازله وأي شيء من هذا. إذن (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ) إذن هذا مفعول به. (حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) العرجون العود الذي فيه البلح إسمه العرجون مقوّس

المقدم: هل هو مقوّس من ثقل التمر؟

د. فاضل: لا، هو مقوّس بطبيعته قد يكون من التمر. إذا قَدُم دقّ وانحنى واصفرّ.

المقدم: العرجون هو العرق في البلح، وقديم؟

د. فاضل: صار قديماً، كيف يصير؟ قدُم وانحنى واصفر يصير كالعرجون مثل الهلال قال (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) هو رفيع أصفر وضعيف نحيف دقيق

المقدم: (حَتَّى عَادَ) ولم يقل صار؟

د. فاضل: لأنه هو كل شهر يعود، كل شهر في نفس الحالة.

المقدم: إن هذه ليست خاصة بعلامات القيامة؟

د. فاضل: لا، قدرناه منازل

المقدم: هذا منزل وهذا منزل

د. فاضل: هذا كل شهر

المقدم: ولو قال صار؟

د. فاضل: لم يعط هذا المعنى بالدقة. اللغة تحتمل لكن هذا أدق لأنه كل شهر يعود إلى هذه الحالة.

المقدم: صار فيها معنى التحول.

د. فاضل: التحول العودة إلى سابق الأمر.

المقدم: لماذا كالعرجون القديم؟ هل هذه بدايته؟

د. فاضل: بدايته ونهايته.

المقدم: سبحان الله. هذه أيضاً آية. وتقدير القمر منازل آية كله معطوف على (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37))؟

د. فاضل: كل هذه آيات من آيات الله. في الشمس لما قال (تجري) قال (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) ما جعلها هكذا من نفسها تجري كما تشاء بدون تقدير ولذلك علق عليها (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)) لم يقل تجري من نفسها عبثاً أو عشوائياً (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) يعني هي ليست بنفسها هكذا وإنما قدر ربنا هكذا وهذا قدّره

المقدم: مع حركة الشمس والقمر

د. فاضل: قدّره كما قدّر ذاك، قال (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ (39))

المقدم: لفتة طيبة. إذن هي ليست حركة طبيعية وليست ظواهر طبيعية.

د. فاضل: تقدير العزيز العليم. لما قال قبل قليل (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)) وهنا قال (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ) يعني أيضاً تقدير العزيز العليم، ما يعيد نفس العبارة لأنه نفس الكلام.

المقدم: قدرناه تعود على العزيز العليم سبحانه وتعالى.

د. فاضل: تقدير العزيز العليم.

المقدم: في نفسي شيئ من العزيز العليم هل هي من المهيمن مثلاً؟

د. فاضل: والعلم لأنها تحتاج إلى علم

المقدم: هذه تحتاج إلى هيمنة وسيطرة وعلم

د. فاضل: وإلى علم. هذه كلها حسابات، قال (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) الرحمن). هذا علم

المقدم: أحسنت.

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 1/6/2009م:

حامد من السودان: سألت سابقاً عن أن إسم سيدنا إبراهيم في سورة البقرة ورد 15 مرة ولم يرد بياء بينما ورد بالياء في باقي القرآن الكريم.

في سورة الأحقاف الآية 11 قال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ)

ناهد من أبو ظبي: نرجو أن تعطينا في كل حلقة قاعدة من قواعد اللغة العربية حتى نقرأ القرآن بوعي.

عارف من سلطنة عمان: نرجو من الدكتور أن يشرح لنا اللمسات البيانية للمصحف كاملاً.

أم محمد من أبو ظبي: رب العالمين يذكر (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) و (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هل كلمة العالمية تعني نفس الشيء؟ وكيف الرسول r صلى الله عليه وسلم رحمة العالمين يعني كل العوالم؟

د. فاضل: لا، فرق بين عالَم وعالمين. عالَم مطلق وعالمين هذا جمع مذكر يسمونه ملحق بجمع المذكر السالم يخصّ العقلاء فقط. العوالم هي العامة ولذلك قالوا هذا الجمع أقل من المفرد. لأن العالَم مطلق تقول عالم الحشرات. العالمين لا،

المقدم: نقول الحمد لله رب العالمين.

د. فاضل: هو الآن يتكلم عن الناس في سورة الفاتحة (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)) الكلام ليس عن عالم بعينه، إلى أن يقول (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)) الكلام عن تقسيم الخلائق.

المقدم: إذن العالمين في سورة الفاتحة خاصة بالناس تحديداً

د. فاضل: بالعقلاء عموماً. العالمين المكلّفون من الجن والإنس.

المقدم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) يعني المكلفين.

د. فاضل: فرق بين العالم والعوالم والعالمين.

سألت سابقاً عن قوله تعالى (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا (5) الحج) هل هي عقاب أم جزاء؟

د. فاضل: هذه طبيعية.

د. صالح من سوريا: لي تعقيب صغير وسؤال للدكتور فاضل. التعقيب بالنسبة للظلام الكوني (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37) يس) الأشعة الشمسية التي تطلع من الشمس لا تُرى بين الشمس والكرة الأرضية إلا عندما تصطدم بالغلاف الجوي الذي يقيس ثمانين كيلومتر. ولو ترى الصور المرسلة من المركبات الفضائية في الخارج لوجدت ظلام كوني كله والكرة الأرضية ظلام وهناك ثمانين كيلومتر شريط ضيق جداً على نصف الكرة الأرضية ولو راقبت الكرة الأرضية وهي تدور كأن هناك أحد ما يسلخ هذا الشريط سلخاً كجلد الشاة.

السؤال: تعقّبت كلمة العباد والعبيد في القرآن الكريم فوجدت عباد وعبادي 96 مرة وكلمة عبيد 5 مرات فقط في لحظة مخاطبة الله عز وجل لهم يوم القيامة والتعقيب (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) هل هناك من لمسة بيانية بين العباد والعبيد؟

د. فاضل: قسم من أهل اللغة فرّقوا بين العباد والعبيد قالوا العباد من العبادة والعبيد من العبودية أي الرِّقّ. وذلك قالوا أكثر ما تكون العباد من العبادة في مقام الثناء والمدح لكن مع ذلك وردت مفردة وفي مقام الإضلال (فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) الفرقان) هذه كلمة عباد أكثر ما توضع في مقام العبادة وفي مقام الثناء. وكلمة عبيد في نفي الظلم عنهم (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) مطلقة عامة. ونفصل فيها القول لاحقاً إن شاء الله.

غازي من السعودية: ذكر الجنة في القرآن دائماً (تجري من تحتها) هل (من) تعني ابتداء الغاية أم هي مباشرة تحت الجنة؟ ما الفرق بين (تجري من تحتها) أو (تجري تحتها)؟

د. فاضل: شرحنا سابقاً الفرق بين تجري تحتها وتجري من تحتها وقلنا كل الذي يقال (تجري من تحتها) هي أعلى من (تجري تحتها) لأن معهم الأنبياء أما (تجري تحتها) فليس معهم الأنبياء (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ليس معهم الأنبياء بينما الآيات الباقية كلها تذكر الذين آمنوا وعملوا الصالحات معهم الأنبياء فتكون تلك أعلى. (تجري من تحتها) يعني ابتداء الجريان، تفجير العيون، منبع الأنهار من تحتها أما تجري تحتها تمر عليها وليس بالضرورة أن تنبع من تحتها.

بُثّت الحلقة بتاريخ 1/6/2009م


رابط الحلقة فيديو

http://www.archive.org/details/lamasat010609

2009-06-02 06:00:51الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost