اللمسات البيانية في سورة يس
المقدم: توقفنا في اللقاء المنصرم في سورة يس عند قوله تبارك وتعالى (وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46)) وتناولنا بعض الجوانب البيانية فيها بالشرح والتحليل وأفدنا من كلامكم كثيراً. واليوم نشرع بقوله تبارك وتعالى (إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) لماذا قال (إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) وليس “إلا أعرضوا عنها” وربما يكون المعنى الدلالي متقارب فما القيمة البيانية لسياق هذه الآية؟
د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. (وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) فرق بين لو قال أعرضوا، طبعاً هو جاء بإسم لفاعل (معرضين) وأعرض فعل، جاء بإسم الفاعل لأنه كما نعلم الإسم يدل على الثبوت
المقدم: حتى في المشتقات أيضاً؟ إسم فاعل، إسم مفعول؟
د. فاضل: نعم، طبعاً وبعضها أثبت من بعض.
المقدم: أثبت من المشتقات؟
د. فاضل: نعم. الصفة المشبهة أثبت من إسم الفاعل. فهذا جاء بإسم الفاعل ليدل على أن هذا الإعراض هو وصفهم الثابت يعني هذا شأنهم هذا ديدنهم لم يقل “إلا أعرضوا” فيكون الإعراض حادث وإنما هذا شأنهم. حتى جاء بـ (كان)
المقدم: لو قال الفعل ربما يكون حادثاً.
د. فاضل: ثم قال (إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) يعني هذا الإعراض حاصل أصلاً.
المقدم: هل نفهم من الكينونة هنا أنهم كانوا وتغيروا مثلاً باعتبار أن (كان) يدل على الماضي فربما يتغير في قابل الأيام أو الآنيّة؟
د. فاضل: محتمل، لكن هم كانوا معرضين ليس الآن وإنما الإعراض فيهم حاصل لم يحدث قال (إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) يعني الآية إذا جاءت وجدتهم معرضين.
المقدم: هذا المفهوم أنهم هم معرضون من بادئ الأمر
د. فاضل: وجدتهم هكذا. فرق بين أعرضوا يعني الإعراض حاصل عند نزول الآية لكن تجدهم معرضين عنها.
المقدم: قلوبهم غُلف مغلّقة منذ البداية. ما دلالة تقديم قوله تبارك وتعالى (عنها) على معرضين في قوله (إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) لم يقل معرضين عنها؟
د. فاضل: أغلب التقديم في مثل هذا للقصر. الإعراض خاص بآيات ربهم لا يطيقون سماع الآيات بينما في الكلام فيما بينهم يسمع بعضهم لبعض، يسمعون ما عداها لكن هذا الإعراض هو خاص بالآيات هذا التقديم للقصر لو قال “إلا معرضين عنها” لم يدل على أن الإعراض هو مقصور على هذا لكن عندما قال (إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) يعني قصر الإعراض عنها وسماع ما عداها.
المقدم: هذه الآية خارج القرآن الكريم كسياق لغوي حتى نعمل على استكمال اللمسات البيانية الموجودة فيها، ربما قال “إن تأتهم آية من آيات ربهم كانوا عنها معرضين” فلماذا لم يقل ربنا تبارك وتعالى بالشرط وقال نفس النسق الذي جاء في القرآن الكريم؟
——–فاصل———
د. فاضل: كان السؤال لماذا لم يقل “إن تأتهم آية من آيات ربهم كانوا عنها معرضين”؟ التعبير القرآني (وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ) يفيد الدوام والاستمرار يعني يحصل كلما جاءتهم آية (وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا) هذا فيه الدوام والاستمرار يعني كلما جاءتهم آية كانوا عنها معرضين. هذا الشرط لا يفيد بهذا الشيء يعني إذا قلت إن جاءني محمد أُكرمه لو جاءك مرة واحدة فأكرمته كان كلامك صادقاً، ليست مثل كلما جاءني أُكرمه أو كلما جاءني أكرمته. إن يأتيني محمد أُكرمه، جاءك فأكرمته. بينما هذا (وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا) مثل ما جاءني إلا أكرمته أو لا يأتيني إلا أُكرمه هذا فيه الدوام والاستمرار
المقدم: إذن هنالك لمسة بيانية معينة من ذكر قوله تبارك وتعالى (مِّنْ آيَةٍ)؟ ما قال ما تأتيهم آية
د. فاضل: (من) تفيد الاستغراق جميع الآيات.
المقدم: إذن هنالك فرق بين من آية وآية؟
د. فاضل: هو أكثر من فرق، أولاً هذا الأسلوب أسلوب الاستثناء المفرّق أنه هذا التعبير حتى مع عدم وجود (من) هذا يفيد الاستمرار والدوام. بخلاف لو قال بالشرط لا يفيد الاستمرار بالضرورة لو حصل مرة واحدة كان كلاماً صحيحاً، هذا أمر. الأمر الآخر وجود (من) الذي أفاد الاستغراق جميع الآيات، كل الآيات وهذا أيضاً لا يمكن أن يأتي بالشرط. وجود (من) الزائدة هذه لا تأتي بأسلوب الشرط وإنما جاءت هنا والذي سوّغها وجود النفي قبل وجود (إلا) حتى لو وقعت بعد (إلا) لا تأتي (من) لأنها تفيد الإثبات. إذن هنالك أمرين في هذا التعبير الأمر الأول أنه يفيد الاستمرار والدوام أن هذا يحصل كلما أتتهم آية ثم أيضاً وجود (من) الذي لا يمكن أن تأتي مع الشرط، لا يجوز أن نقول “إن تأتيهم من آية” لأن (من) الاستغراقية الشرط الأول أن تكون مسبوقة باستفهام أو نفي أو شبه جملة لا يصح غير ذلك.
المقدم: تكون مسبوقة بنفي أو استفهام أو شبه جملة
د. فاضل: أو شبههما. يعني النهي يقصدون به. النفي موجود وقبل (إلا) لو كان بعدها لم يصح مجيء (إن) لأنه يصير إثبات، الشرط هذا لا يصح أصلاً مجيء (إن). فإذن فيها دلالتان في الاية الأولى الاستمرار والثانية الاستغراق وهذين المعنيين غير موجودين في الاقتراح الذي ذكرته “إن تأتهم آية من آيات ربهم كانوا عنها معرضين”.
المقدم: ربما يتصور السامع العادي أن الدلالة أو المعنى ربما يكون متقارباً
د. فاضل: لا ليس متقارباً. هو يفهم منها شيئاً
المقدم: تأتي آية يُعرضوا
د. فاضل: لو حصل مرة واحدة بالشرط يكون صحيحاً لكن في الآية ما تأتيهم إلا كانوا عنها معرضين صارت الدلالة ظاهرة إضافة إلى الاستغراق أما الشرط فلا يفيد الاستغراق.
المقدم: في قوله (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (47)) الملاحظ في الآية في صدرها قال (أنفقوا) وفي العجز قال (أنطعم) فلماذا لم يقل أطعموا؟ مع أن الحديث حول الإطعام وليس الإنفاق كما نفهم من الآية؟
د. فاضل: أنفقوا أعمّ، الإنفاق يشمل الإطعام وغير الإطعام. لو قيل لهم هذا هم أقلّ من ذلك لا يفعلوه، أقل من الإنفاق العام وهو إطعام المحتاج الذي يفتخرون به ويفعله الإنسان مروءة أحياناً. يقولون أعط فلان ديناراً يقول لا أعطيه درهماً، فهو لا يعطي أقل الأشياء فكيف ينفق؟!
المقدم: إذا كانوا هم لا يُطعمون أساساً
د. فاضل: فكيف ينفقون؟!
المقدم: وبالتالي يستحيل إنفاقهم
د. فاضل: يبين كيف إعراضهم عن هذا الأمر، يمتنعون عن أي شيء حتى إطعام المحتاج الذي قد يفعله الإنسان مروءة
المقدم: ومعروف عند العرب القدامى، قِرى الضيف موجود.
د. فاضل: ويفتخرون به
المقدم: إستخدام أدوات الشرط وما يعتور بعضه مكان بعض لماذا جاء ربنا تبارك وتعالى في هذه الآية بـ (وإذا) تحديداً؟
د. فاضل: معناها أن هذا يقال لهم كثيراً. كما ذكرنا أكثر من مرة أن (إذا) تستعمل لكثير الوقوع بمعنى أن هذا القول قيل لهم كثيراً (أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ)
المقدم: يعني لم يُطلب منهم مرة واحدة.
د. فاضل: مع الإلحاح تجدهم معرضين عن هذا الأمر.
المقدم: لماذا يأتي في القرآن الكريم في مثل هذه الآيات تحديداً بعض صيغ المبني للمجهول (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ) من الذي قال؟ لماذا جاءت (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ) بصيغة المبني للمجهول مع أن الذي قال المفروض أن يكون معلوماً.
د. فاضل: أولاً القائل معلوم هنا حتى لو لم يقل. لكن هنالك أمر آخر أن هذا لا يتعلق بذكر القائل هو لا يتغير الحكم بتغير القائل، هذا القول هو على إطلاقه لو قاله أي واحد ينبغي أن يؤخذ به هذا من قبيل أن تنظر إلى المقول لا إلى القائل. “الحكمة ضالّة المؤمن” لا يضرك من اي وعاء خرجت، هذا الأمر يقوله من يقوله لا ينبغي أن ننظر إلى من قاله وإنما ما هي قيمة القول نفسه لا يتغير الحكم أياً كان قائله. ثم لو ذُكِر القائل أحياناً الإنسان لا يقبل القول من قائل معين ويقبله من غيره. يمكن لو قال لا يسمع منه بسبب القائل لا بسبب القول، هذا احتمال نحن في حياتنا العادية نرى هذا الأمر تقبل القول من أحدهم ولا تقبله من آخر. فهنا المهم أن ننظر في المقول لا في القائل، هؤلاء هذا القول من قاله لهم، أيّاً قاله لهم لا يقبلونه ويرفضونه هذا من شدة الإعراض وبخل كبير.
المقدم: من القائل هنا؟
د. فاضل: المؤمنون (قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا). هناك ملاحظة في الآيتين اللتين مرّتا (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)) وهذه الآية (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (47)) هناك نظرة في هذه الآيات. لاحظ من الايتين الآية الأولى أُمروا بالإتقاء (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) والإتقاء من حقوق الله، متعلق بالعبادة الفردية الشخص نفسه وقد يتعلق بالآخرين إلى حد ما لكن هو من حقوق الله والأمر الآخر هو الإنفاق وهو من حقوق العباد. إذن جمع الآن حق الله وحق العباد في الآيتين. إذن معنى هذا أن الدين وأوامر الله قسمان قسم يتعلق بالنفس وإصلاحها وتقوى الله وحقوق الله وقسم يتعلق بحقوق العباد، أوامر الله سبحانه وتعالى هي أمرين إما تتعلق بالنفس وإتقاء الله سبحانه وتعالى وحقوقه وحقوق العباد.
المقدم: ماذا في بناء هذه الآية من ملاحظات؟
د. فاضل: نلاحظ بناء القول للمجهول. قبل هذا الأمر هو جاء بـ (من) التبعيضية (أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ) يعني شيئاً مما رزقكم، ليس كل الذي رزقكم، أنفقوا مما أنعم الله به عليكم حتى يهون على النفس الأمر ليس كله.
المقدم: إلى هذه الدرجة وصلوا من البُخل والشُحّ؟
د. فاضل: مما رزقكم الله حتى لو كان قليلاً حتى ييسر الأمر. أسند الرزق إلى الله (أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ)
المقدم: ليس من رزق أنفسكم.
د. فاضل: هو ربنا رزقكم وتفضل عليكم فأنفقوا شيئاً مما أعطاكم الله (وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ (77) القصص) ربنا أعطاكم فأنفقوا شيئاً من هذا الذي أعطاكم. بيّن كما ذكرت الآن من القائل (قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ) معنى ذلك أن الذي كان يقول لهم هذا القول هم المسلمون، المؤمن هو الذي يأمر بالخير والإنفاق والإشفاق على خلق الله. لكن الملاحظة أنه في الآية التي قبلها (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)) لم يذكر القائل، من الذي قال. هنا قال (قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ) معنى أن القائل المؤمن. في الآية الأولى لم يبيّن، لماذا؟ لأن الآية الأولى قطعاً معلوم من القائل لأنه لما قال (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) لا يقوله كافر (وما خلفكم) يعني الآخرة، فلا يقوله إلا المؤمن الذي يؤمن بالحياة الآخرة هذا لا يقوله كافر لأنه لا يؤمن بالآخرة (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (48)). إذن الآية الأولى القائل معلوم وإن لم يصرِّح به لأنه لا يقوله إلا مؤمن.
المقدم: والآية الثانية أيضاً؟
د. فاضل: لا، الآية الثانية محتمل أن يقوله الكافر مروءة
المقدم: على أساس أن الإنفاق ليس من أسس العقيدة
د. فاضل: ممكن أن يقوله واحد. هو قال (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ) الكفار يعتقدون أن الله هو الذي رزقهم لأنه في القرآن قال (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (31) يونس)
المقدم: هم يؤمنون بهذا
د. فاضل: (أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ) مروءة أنفقوا مما رزقكم الله، يعتقده الكافر والمؤمن (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ) إذن هم يؤمنون أن الله هو الخالق وأنه هو الرازق والأمر بالإنفاق قد يكون مروءة وقد يفتخرون به، ذاك لا، الإيمان باليوم الآخر، لا. فذاك معلوم من القائل وهذا ليس معلوماً من القائل فبيّن القائل أن هذا الذي يقوله المؤمن (قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ) أراد أن يبين أن المؤمن هو الذي يأمر بالخير، هو يدعو إلى الإنفاق، هو المشفق على خلق الله، هو المشفق على الفقراء بينما تلك الآية معلوم أنه لا يقوله إلا المؤمن فهناك فرق بين الأمرين.
المقدم: فيما تفضلت به في تضعيف هذه الآية (أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ) لماذا قال (أطعمه) ولم يقل “لأطعمه”؟ مع أنه كثيراً ما يقترن جواب الشرط باللام كما في قوله تبارك وتعالى (لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا (65) الواقعة) (وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ (67) يس) (فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) الأنعام) اقترنوا باللام فلماذا لم يقترن باللام هنا؟
د. فاضل: اللام في جواب (لو) تفيد التوكيد والتوكيد يؤتى به فيما ينبغي التوكيد وما يحتاج إلى توكيد.
المقدم: يؤتى بالتوكيد لإزالة الشك؟
د. فاضل: قد يكون لإزالة الشك أو قد يكون لتقوية الأمر. ما كان أصعب في ميزان العباد، في عقول العباد يؤكَّد، صعب تصوره أو صعب تنفيذه يؤكِّد. أنت ضربت مثالاً في (فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) الهداية صعبة وأجمعين أصعب، أنت أحياناً تقضي مع أناس سنين لكن لا تهديهم
المقدم: سيدنا نوح بقي مع قومه كثير!
د. فاضل: إذن الهداية صعبة وأجمعين أصعب فجاء باللام (فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)
المقدم: لإظهار أنها سهلة هيّنة من لدن الله سبحانه وتعالى
د. فاضل: قلت صعبة في ميزان العباد، هو يخاطب العباد (أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ) الإطعام ميسور يأتيك ضيف تطعمه، تأخذه للمطعم تطعمه.
المقدم: الأمر لا يحتاج إلى توكيد من بساطته وسهولته.
د. فاضل: هذا ليس مثل ذاك، الهداية مثل الإطعام؟َ
المقدم: والمسخ؟
د. فاضل: هل تستطيع أنت أن تمسخ أحداً الآن؟
المقدم: مستحيل.
د. فاضل: (لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ (155) الأعراف) الإهلاك إمسك الآن مدفع رشاش تهلك، والآن نرى كم الناس يهلك بعضهم بعضاً! أما المسخ فهل تستطيع أن تمسخ؟ إذن قال (لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ)
المقدم: ما قال لأهلكتهم لأن فيه سهولة
د. فاضل: بينما قال (وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ)
المقدم: لإزالة ما قد يتصورة العقل البشري من صعوبة تحقيق هذا الأمر فأزاله الله سبحانه وتعالى بالتأكيد.
د. فاضل: طبعاً، هذه ليست مثل تلك.
المقدم: كل حرف في اللغة يأتي في مكانه بدلالة معينة؟
د. فاضل: طبعاً. كان يتردد السؤال دائماً أنه في سورة الواقعة مع الطعام والماء قال (لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)) (لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)) هي بمقدار الصعوبة.
المقدم: سبحان الله وإن ما من شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى حاشاه لكنه يخاطب عقلية معينة. الوليد بن المغيرة كان يفهم هذا الأسلوب؟! يفهم أن هذا هو كان ديدن العرب في كلامهم؟ أم بلاغة القرآن الكريم كانت على نحو ينماز على جميع أنحاء بلاغة العرب؟
د. فاضل: كيف لا يفهم؟ هم يفهمون هذا الكلام لكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا مثل هذا الكلام، فرق بين يفهم ويفعل.
المقدم: هو فهم أن الله تعالى لم يأت باللام هنا ثم أتى بها لكذا وأتى بها في موضع آخر لكذا.
د. فاضل: هم لما عجزوا عن الإتيان بسورة مثل سورة الإخلاص أو النصر أو الكوثر تبينوا فيها أمر فوق ما يستطيعونه.
المقدم: (إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ما المقصود بهذه الاية؟
د. فاضل: (إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) يعني ما أنتم إلا في ضلال ظاهر غير خافي على أحد. أنتم تأمرونا أن نطعم من لو يشاء الله أطعمه، لو أراد ربنا أن يطعمهم لأطعمهم، ربنا الذي هو رزقنا قادر يطعمهم، هو يجيعهم وأنت تأمرنا أن نطعمهم؟ (إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ظاهر مبين. والضلال على قسمين ضلال خفي لا يعلمه إلا ذوي البصيرة وضلال ظاهر يظهر في سلوكه وفي اعتقاده وفي كلامه، يتكلم كلاماً معروف اي واحد يعرفه أنه ضلال ظاهر في الرسالة في الوحي وغيره. أما الضلال الخفي فأمر آخر يمكن أن يتكلم في الصفات فيشط أو في يتكلم في أمور أخرى في العقيدة فيشط أو يفسر بعض الأمور تفسيراً يشطّ مثلاً الذي ينكر الحديث ويقول لا نحتاجه. هنالك ضلال بيّن ظاهر وضلال خفي لا يعرفه إلا ذوي العلم والبصيرة يحتاج إلى إيضاح حتى تبين هذا الضلال. ضلال بيّن يعني يحتاج إلى علم حتى يبين الضلال. إذن الضلال قسمان. أنتم ضلالكم ظاهر كل واحد يعرفه هكذا يقول الكفار للمسلمين أنتم في ضلال ظاهر لا يحتاج، ما هذا الكلام الذي تقولونه (أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)؟! ضلالكم ظاهر أي واحد يعرفه، هكذا يقول الذين كفروا للذين آمنوا (إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) مبين عن نفسه لا يحتاج إلى إيضاح.
المقدم: ظاهراً بلا دليل. هل النفي بـ (إن) هنا له دلالة معينة بدلاً من النفي بـ (ما) مثلاً مع أن الكل يدل على النفي؟
د. فاضل: (إن) أقوى في النفي عموماً من (ما). (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) النجم) (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) جواب القسم. (إن) أقوى لأنهم هم يشكون في الوحي ويعرفون أنه ليس ضالاً
المقدم: وأنه لا ينطق عن الهوى، إذا ثبت الوحي انتهى الأمر.
د. فاضل: إذا ثبت الوحي لكن الإنسان يمكن أنه لا ينطق عن الهوى لكنه ليس بالضرورة أنه مصيب. قد يكون إنساناً مخلصاً
المقدم: قد لا ينطق الإنسان عن الهوى لكنه ليس وحياً
د. فاضل: طبعاً كثيراً ينطق بالحكمة، قد لا ينطق عن هوى ولكنه قد يخطئ في كلامه. لم ينطق عن هوى، هو هذا الذي اعتقده وتصوره في اعتقاده لكنه ليس بالضرورة أنه وحي أو أنه مصيب. إذن (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى) ممكن، يحتمل لكن (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) هذه أصل المسألة.
المقدم: لو ثبت الوحي عندهم لانتفت كل الشبهات.
د. فاضل: جاء بـ (إن) لأنها تحتاج لتوكيد (إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) يؤكدون أنهم في ضلال
المقدم: يعني أنتم في ضلال، في ضلال، في ضلال.
—–فاصل——–
المقدم: إذن (إن) أقوى في التأكيد (إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ). هل هناك موضع آخر في القرآن يستخدم الإثنين معاً؟
د. فاضل: (مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) يوسف) إثبات الملكية لسيدنا يوسف.
المقدم: في قوله تبارك وتعالى في هذ الآية استعمال (في) مع الضلال (إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ما دلالة استعمال (في) وليس (على) مثل (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) سبأ) لماذا استعمال (في) تحديداً؟
د. فاضل: لاحظ المفسرون أن القرآن يستعمل أفعال الهداية أو الهداية بـ (على) والضلال بـ (في). (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِم (5) لقمان) (إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ (28) هود) (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) النمل).
المقدم: هل لهذا دلالة محددة؟
د. فاضل: نعم، (على) للإستعلاء والتمكن و(في) هي للظرفية (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) المؤمنون) (فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) يعني ساقط في الضلال، (فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) التوبة) يعني ساقط فيه والذي في لُجّة لا يتمكن من نفسه ليس كالمستعلي على الشيء الذي يُبصر ويرى ويتمكن ويتثبت ولذلك القرآن يستعمل الهداية بـ (على) هكذا لاحظ المفسرون (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِم (5) لقمان) (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) سبأ) (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) المؤمنون) (فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) التوبة) هذا استعمال لطيف حقيقة.
المقدم: لفتة طيبة. (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (48) يس) ما معنى الآية؟
د. فاضل: الوعد مقصود به متى يوم القيامة لأنه كانوا يعدونهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)) هم (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ) لم يقل قالوا لأن هذا القول يدل على استمرارهم في الإنكار أنه لم يقولوا ذلك مرة واحدة (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)
المقدم: وعلى هذا الأساس اختار يقولون وليس قالوا؟
د. فاضل: نعم، للدلالة على الاستمرار في هذا القول. المؤمنون يعدونهم بالآخرة ويحذرونهم منها وهم يستمرون في الإنكار (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)؟
المقدم: (مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) يس) ما معنى (ما ينظرون)؟
د. فاضل: النظر هو وقوع الشيء من غير ترقب له فوراً يراه حاصلاً من غير أن يترقب يفجأه الأمر، فيه فجأة من دون أي ترقب
المقدم: ما الفرق بين ينظرون وينتظرون؟
د. فاضل: قسم فسر النظر بالانتظار أحياناً لكن ينتظرون فيه ترقب، هذا من حيث اللغة
المقدم: من حيث اللغة أن النظر فيه فجأة والانتظار فيه ترقب
د. فاضل: غالباً وإن كان أحياناً ينظرون قد يكون بمعنى انتظر. لكن الملاحظ في القرآن أنه يستعمل ينظرون من غير ترقب هكذا يقع بغتة خاصة فيما يتعلق بالساعة وحدوثها أما الانتظار ففيه ترقب وهذا الأكثر في القرآن الكريم وإن قالوا قد يكون النظر بمعنى الانتظار. حتى البناء انتظر أطول من نظر، انتظر كأنما فيه ترقب وطول وقت بينما النظر رأساً يقع لا يراه إلا واقعاً.
المقدم: وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى
د. فاضل: في الغالب. ربنا سبحانه وتعالى (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66) الزخرف)
المقدم: هذه مؤكدة ليس فيها انتظار.
د. فاضل: وقال في مكان آخر (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا (18) محمد) (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ (53) الأعراف) لكن قال (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) الأحزاب) (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ (30) السجدة) فيها ترقب، (فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (71) الأعراف) هو توعد وتهديد.
المقدم: وفي قوله (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) الطارق)؟
د. فاضل: هذه غير معنى
المقدم: إذن ليست كل المادة (نظر) (ن-ظ-ر) تدل على دلالة معينة؟ هنالك اختلاف؟
د. فاضل: نعم، نظر قد يكون نظر عقلي. وهنا بمعنى الترقب والانتظار لا يرون الأمر واقعاً هكذا بغتة. فإذن في الاية (مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) يس) لهذا اختار ينظرون لأنها تبغتهم وهم في الأسواق ما ينظرون إلا وهي تقع وهم غير مترقبين.
المقدم: مع أنه جاءت الأشراط الآن ومتوقع أنها تأتي يوم جمعة.
د. فاضل: ربنا يوم القيامة الناس مشتغلين في الدنيا لا تقوم الساعة على رجل يقول لا إله إلا الله.
المقدم: الحمد لله، هي بخير. مع أن أحداً من الذين يشتغلون بالإعجاز العددي أرسل لي كتاباً يقول فيه أن يوم القيامة سيكون في سنة 2032 بحسابات عددية في القرآن الكريم، يستخرد كلمة القيامة والصاخة ومفرداتها ثم يجمعها أو يقسمها أو يطرحها في العدد 19 ويقول أن القيامة تقوم في سنة 2032.
د. فاضل: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ (187) الأعراف)
المقدم: سبحانه. بالرغم من أنه لدينا أشراط كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم؟
د. فاضل: (فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44) النازعات)
المقدم: (فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا) هل تعني فيم أنت من ذكرى الساعة؟
د. فاضل: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا (43) النازعات)
المقدم: أنا ما فهمت ما معنى (فيم)؟
د. فاضل: أين تعرف أنت؟ هي بعيدة عنك المسألة.
المقدم: (فيم) بعيدة، ظننت أنها تعني أنت يا محمد من علامات الساعة
د. فاضل: أين أنت من علامات الساعة؟ (إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا) الأمر يرجع إلى الله.
المقدم: ونعم بالله.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 27/7/2009م:
أبو لوط من السعودية: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) المرسلات) أنا غير مقتنع بتفسير الآية الذي أجده في التفاسير فهل أنا واهم؟.
محمد من أبو ظبي: الآية 111 من سورة هود (وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ (111)) وفي سورة يس (وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)) ما الفرق بين (كُـلاًّ) (كُلٌّ)؟
د. فاضل: الآية الأولى (وَإِنَّ كُـلاًّ) إنّ تنصب ما بعدها أما في يس فهي (إن) هذه مبتدأ.
في سورة الزمر (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)) ما المقصود بـ (من)؟ لم يقل حافين حول العرش؟
مهى من مصر: في سورة النساء في ميراث الكلالة، وردت الكلالة مرتين في السورة (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ (176)) وفي الثانية (لم يكن له ولد) فما الفرق بين الآيتين (ليس له ولد) و (لم يكن له ولد)؟
أبو ليث من العراق: وردت كلمة الحوت ثلاث مرات في القرآن فلماذا لم ترد كلمة سمك؟ فهل كلمة سمك غير عربية فصيحة؟
وردت كلمة إبن بالهمزة في القرآن مثل عيسى ابن مريم مع أنها وقعت بين عَلَمين والقاعدة الإملائية أن كلمة إبن إذا وقعت بين علمين تكتب بدون همزة.
د. فاضل: إذا وقعت بين علمين ووقعت صفة، شرط أن تقع صفة ليس فقط بين علمين، لو وقعت خبراً وجب عليك أن تثبت الألف لو قلت فلان بن فلان مخبراً عنه لا بد أن تحذف الألف (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ (30) التوبة) (إبن) بالألف لو قلت عزير بن الله همذا يصير إقرار بالكفر، إقرار بأنه ابن الله، لو حذف الهمزة وحذف التنوين كان يكون إقرار بأنه ابن الله، لو قال عزير بن الله يكون ابنه فعلاً لكنه قال عزيرٌ لا تعني ابنه. يحذف التنوين من المنصرف وتحذف الهمزة إذا كان بهذا الشرط بأن يكون صفة أن تقع بين علمين وأن تكون الكلمة صفة وأحياناً يعربونها بدل ليس وقوعها بين علمين فقط.
وردت كلمة الله في القرآن بدون ألف خنجرية فوق الشدة علماً أن كلمة الله في كل كتب الصحاح تكتب بألف خنجرية فوق الشدّة فلماذا؟
د. فاضل: هذا خط، هذا فرق بين الخطاط وليس له علاقة. لو رجعت لحافظ عثمان ستجد الألف في الغالب، هذا يتعلق بالخطاط الحديث وليس بخط المصحف، الآن لو عدت إلى خطاط آخر مثل حافظ عثمان ستجد كلمة (الله) مكتوبة بالألف فوق الشدة.
د. طه من السعودية: في سورة النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ (135)) وفي التوبة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ (8) المائدة)
أحمد من السعودية: في سورة الكهف (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (26)) قرأت في التفاسير فوجدت أن هذا كلام أهل الكتاب من اليهود والنصارى وهم يتكلمون عن عدد السنين يقولون أن هذا عدد أورده في القرآن الكريم فلماذا ذكر العدد في أول الآية ثم نفاه في آخر الآية؟
وردت أيضاً مع الخضر (تستطيع وتستطع وتسطع) فما الفرق بينها؟
هناك حديث أرّقني كثيراً أذكره للدكتور ليبحث فيه وهو حديث الرسول r صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري حديث رقم 46 وفي مسلم رقم 43، الحديث رواه عبد الله بن مسعود، كلا الحديثين رواهما عبد الله بن مسعود، قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك” علماء الفقه أوّلوا ذلك إلى أن هناك أربعين يوماً ثم أربعين يوماً ثم أربعين يوماً يعني 120 يوماً فهل العلقة مثل ذلك تعود في مجموع الخلق الأربعين الأولى أم أربعين يوماً جديدة؟ وهل المضغة تعود في مجموع الخلق الأربعين الأولى أم أربعين يوماً جديدة؟ أنا أريد أن أعرف معنى (مثل ذلك). الحديث الثاني في مسلم للراوي نفسه (إن أحدكم يجمع في بظن أمه أربعين يوماً ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك) أنا تتبعت علمياً في عملية الخلق فوجدت في أحاديث ثانية لحذيفة أنه يروي عن الرسول r صلى الله عليه وسلم أن الملك ينزل على النطفة بعد 42 ليلة، فهل الأربعين هذا تنص على النطفة والعلقة والمضغة أم أن لكل واحدة أربعين يوماً؟
د. فاضل: سل أهل الحديث عن هذا.
بُثّت الحلقة بتاريخ 27/7/2009م
رابط الحلقة من قسم الفيديو
برنامج لمسات بيانية للدكتور السمرائي الحلقة 183 الجزء 1
برنامج لمسات بيانية للدكتور السمرائي الحلقة 183 الجزء 2
برنامج لمسات بيانية للدكتور السمرائي الحلقة 183 الجزء 3
برنامج لمسات بيانية للدكتور السمرائي الحلقة 183 الجزء 4
برنامج لمسات بيانية للدكتور السمرائي الحلقة 183 الجزء 5
2009-07-28 08:18:30الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost