الحلقة 192
اللمسات البيانية في سورة يس
المقدم: في اللقاء المنصرم توقفنا عند قوله تعالى (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60)) وناقشنا فيها عدة نقاط منها لم إختار العهد ولم يختر الوصية سبحانه وتعالى وإسناد العهد إلى ذات الله تبارك وتعالى ولم يسنده إلى مجهول أو إلى أيّ من الأنبياء والرسل. في قوله تبارك وتعالى (يَا بَنِي آدَمَ) لماذا هذا النداء تحديداً وليس مثلاً “يا أيها الناس”؟
د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. ربنا هنا ناداهم ببني آدم إشارة إلى عداوة الشيطان يذكِّرهم عداوته وكيف أخرج أباهم من الجنة فحذّرهم من طاعته كما تحّر شخصاً يريد أن يشارك شخصاً في تجارة وهو أوقع بأبيه مصيبة فادحة جداً فيذكّره فيقول يا ابن فلان
المقدم: يذكّره بالحادثة الأولى بين إبليس وبين أبينا آدم.
د. فاضل: ولذلك ربنا سبحانه وتعالى لا يستعمل بني آدم إلا في موطن التذكير بأبيهم مع إبليس وفي مقام التكريم كما أسجد لهم ملائكته تحديداً. مثال (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا (27) الأعراف) في نفس السياق قبلها (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) الأعراف) بعدها (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (35) الأعراف) كلها في سياق قصة آدم وإبليس. في مقام التكريم قوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الإسراء) كما كرّمهم في الأولى فأسجد لهم الملائكة قال (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) لا يستعمل يا بني آدم إلا في هذين الموطنين إما في سياق تذكيرهم بما حصل لهم مع أبيهم آدم وفي سياق التكريم، هنا (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ)
المقدم: يذكّرهم بالحادثة الأولى. (أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ) ما المقصود بعبادة الشيطان؟
د. فاضل: يعني الطاعة، يذكرهم أن لا يطيعوه فيما يوسوس لهم في قلوبهم ويزيّنه في قلوبهم، هذه الطاعة ليس المقصود عبادة كالصلاة وغيرها ليس بالضرورة.
المقدم: هناك عبدة الشيطان ظهرت من فترة؟
د. فاضل: هناك وهي عبادة الشيطان أوسع من هذا، كيف؟ أنت لو أطعته طاعة مع الخضوع والاستسلام والانقياد فأنت عابد له، لا تختص بالسجود. في القرآن الكريم سمى عبادة الأصنام عبادة الشيطان. إبراهيم عليه السلام لما قال لأبيه (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) مريم) وقال (يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44)) ماذا قال له أبوه؟ (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ)
المقدم: يقصد ما لا يسمع ولا يبصر أم الشيطان؟ أم كلاهما؟
د. فاضل: تنفيذ مقاصد الشيطان هي عبادة له، طاعة له. ليس بالضرورة إقامة الشعائر
المقدم: ليس بالضرورة إقامة الشعائر أو طقوس معينة، الرضوخ لكلامه وطاعته هذه عبادة.
د. فاضل: أنت تنفّذ مقاصده فهذه عبادة. ربنا سمى عبادة الأصنام عبادة الشيطان (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا) (يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ)
المقدم: الأصنام لا تملي عليه أي شيء وربما الشيطان ربما يملي عليه أن يعبد
د. فاضل: هو الذي يُملي ويزين ويطيعوه. فإذن هي طاعة له في وسوسته والابتعاد عن منهج الله وهذه عبادة للشيطان بأي صورة كانت وليس بالضرورة أن تقيم له شعائر وما إلى ذلك.
استطراد من المقدم: كيف نعلم أننا نطيع الشيطان أو لا نطيعه؟ ونحن لا نراه ولا نسمعه مجرد وسوسة ربما لا يتحقق الإنسان منها.
د. فاضل: نحن عندنا الشرع الذي أعطانا إياه الله سبحانه وتعالى فكل خروج عنه فهو طاعة للشيطان،
المقدم: أحسنت، نسير وفق شرع الله الذي أنزله ربنا
د. فاضل: كل خروج عنه هو طاعة للشيطان.
المقدم: إذن عبادة الشيطان بهذا المعنى معناها واسع جداً.
د. فاضل: طبعاً، واسع لأن أن تطيعه في وسوسته وليست كل طاعة لا شك أن الطاعة مختلفة، أنت تطيع الوالدين هذا أمر آخر، أنت تطيع أولي الأمر، هذا أمر آخر. نحن نقصد في المقاصد الشرعية.
المقدم: كما سيأتي في تضعيف هذه الآية قال تعالى (وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61)) استخدم نفس لفظ العبادة للشيطان ولذات الله تبارك وتعالى
د. فاضل: صدقت، لأنك لو أنت نفّذت المقاصد الشرعية فهي قمة العبادة، كيف تعبده؟ تنفيذ الأوامر، يعني أنت عندما تطيع ربك أنت عبدته، عندما تصلي وتنتهي فأنت عبدت ربك
المقدم: أأتمر وأنتهي هذه العبادة.
د. فاضل: نعم وإلا كيف تكون العبادة؟
المقدم: نحن حصرناها في الصلاة والزكاة والصيام والحج
د. فاضل: هذا جزء من العبادة، كل عمل شرعي تقصد به وجه الله كل عمل تقصد به وجه الله هو عبادة.
المقدم: ولهذا استخدم نفس الفعل لذات الله تبارك وتعالى وللشيطان.
د. فاضل: “إنما الأعمال بالنيات”
المقدم: قد يكون الفعل واحداً لكن النية مختلفة.
المقدم: في قوله تبارك وتعالى (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60)) ما معنى مبين؟
د. فاضل: مبين يعني ظاهر العداوة مُظهر لها لأن أبان لها معنيين، أبان بمعنى ظهر وبمعنى أظهر، أبان الرجل بمعنى ظهر أمره، بان أمره، اتضح أمره،
المقدم: كشفت صورته مثلاً أم باطنه؟
د. فاضل: بأي شكل من الأشكال أنت كشفته وظهر أمره لك. وقد يكون بمعنى أظهر لك أمره، هو أظهر أمره، هو أبان عما في نفسه.
المقدم: هو الفعل أبان لازم ومتعدي؟
د. فاضل: نعم، أبان الرجل ظهر أمره وانكشف أمره، أبان أمره أظهره. مثلاً (إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (8) يوسف) ظهر لهم، لم يُظهر هو إضلاله.
المقدم: هل ضلال هنا بمعنى حب؟
د. فاضل: هم هكذا قالوا. (فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) النساء) ظاهراً واضحاً، (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (25) هود) يعني أُظهِر إنذاري لكم، مبين عما فيه، أبينه. إذن مبين له معنيين إما أن يكون ظهر أمره حتى لو يُظهره هو ظهر بالتصرف وقد يكون أظهره. والعدو قسمان قسم مُظهِر لعداوته وقسم مخفيها والعداوة قسمين قسم عداوة ظاهرة بينة وقسم خافية. الشيطان هو ظاهر العداوة ومظهرها، هو الإثنان معاً، هو ظاهر العداوة وأظهرها، تكلم لربنا صراحة قال (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) الأعراف) هذه إظهار لعداوته، (وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) النساء) هذا إظهار للعداوة فهو أظهرها. والمعنى الثاني هو ظاهر العداوة. إذن عدو مبين هو ظاهر العداوة غير خافية على أحد وهو أظهرها أيضاً لأن العدو أحياناً لا يُظهر عداوته، الشيطان عداوته واضحة وهو أظهرها إذن الأمرين معاً بينما قد يكون العدو أحياناً لا يُظهر العداوة ويحفر لك من تحت حتى يوقع بك.
المقدم: إذن الشيطان لم يكن موفقاً بإظهار هذه العداوة وهذا من رحمة ربنا بنا.
د. فاضل: ربنا حذّرنا منه والشيطان قالها صراحة ومع ذلك الناس كما قال تعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ (116) الأنعام)
المقدم: من خلال تجوالكم في القرآن الكريم ما هو السبب الحقيقي الذي تستشفه من البناء اللغوي لهذه العداوة وهذا الحقد من إبليس لبني آدم؟
د. فاضل: هو كان سبباً في إخراجه من ديوان الملائكة وكان سبباً في لعنته.
المقدم: فلماذا لم يسجد له؟!
د. فاضل: يقال في القصص لا نعلم مدى صحة هذا الأمر. يقال أن إبليس قال يا رب أريد أن أتوب وأنت التواب الرحيم وأنت الغفور الرحيم، أنا يا ربي أخطأت وعصيت أمرك وأنا الآن أريد أن أتوب فماذا أفعل؟ هل تبقى اللعنة تلازمني وفي الآخرة أريد أن أتوب فماذا أفعل وأنت التواب الرحيم، أنا أعترف وأُقرّ. قال تعالى أتريد أن تتوب؟ قال نعم، فقال إذهب إلى قبر آدم واسجد له، قال يا رب وهو حيّ لم أسجد له!
المقدم: هل ربما يتوب الشيطان برغم ما حدث منه؟ أم أنه كما قال ربنا (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الأعراف) هناك فئة محددة لهم التوبة؟
د. فاضل: الجن منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، وهم مكلّفون وقد آمنوا بالرسول r.
المقدم: لكن الجن يحتجون بأن إبليس قال لله تبارك وتعالى (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) الأعراف) إذن الله هو الذي أغواه.
د. فاضل: هذا أمر يطول سنأتي إليه في حينه.
المقدم: في قوله تعالى (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) يس) ما هو سر تقديم (لكم) على (عدو مبين) ولم يقل مثلاً في خارج القرآن إنع عدو مبين لكم؟
د. فاضل: (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) اختصاص، هو عدو لنا خاصة، وكأنها وظيفته. لو قال إنه عدو مبين لكم كان يحتمل معنى آخر، كان يبين لنا العداوة لكن العداوة لغيرنا، هو يبين أن عنده عداوة ولكن لا يجب أن تكون العداوة لك، هذا من حيث اللغة يحتمل.
المقدم: مبين عداوته
د. فاضل: أبنت لفلان عداوتي لفلان.
المقدم: دقة متناهية في استخدام الكلمات داخل آي القرآن الكريم!
د. فاضل: (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) لكم على وجه لخصوص ليس لأحد آخر. لو قال عدو مبين لكم يختلف المعنى.
المقدم: وفي قوله تبارك وتعالى (وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61)) هنا قال ربنا تبارك وتعالى صراط، ما قيمة ذكر الصراط؟ الصراط نفهمه بمعنى منهج أو طريق واضح فلم قال صراط تحديداً وليس منهج أو طريق؟
د. فاضل: ذكر الصراط كما يقول المفسرون قال هذا يدل على أن الإنسان سالك مجتاز وليس مقيماً.
المقدم: ما معنى الصراط أولاً؟
د. فاضل: الصراط بمعنى الطريق الواسع،
المقدم: ممهّد؟
د. فاضل: المستقيم هو الممهّد، الصراط هو أوسع السُبُل.
المقدم: أليس الصراط المشدود على جهنم يوم القيامة؟
د. فاضل: هذا واحد من الصُرُط. (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) على الطريق المستقيم في الدنيا
المقدم: في الدنيا وليس في الآخرة
د. فاضل: ذاك أمر آخر. ثم يوضع الصراط على متن جهنم هذا في الآخرة
المقدم: إذن الصراط يوم القيامة مستخدم بالمعنى الدلالي للكلمة طريق واسع
د. فاضل: نعم. لما قال (وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) الصراط أنت تحتاج إلى السلوك. لماذا الصراط؟ لتسلك فيه، إذن أنت أيها الإنسان سالكٌ مجتاز، أنت سالك تحتاج إلى صراط إما إلى صراط معوجّ فيذهب به إلى النار أنت سالك سالك.
المقدم: وجود الصراط يقتضي أنك سوف تسلك وتجتاز طريقاً ما
د. فاضل: لا بد، أنت ماشي فإما إلى سُبُل جهنم وإما إلى الصراط المستقيم. فإذن هذا دلالة إلى أن الإنسان سالك مجتاز يحتاج إلى طريق، هو ماشي.
المقدم: إذن نفهم أن كلمة مستقيم ربما أضافت شيئاً للمعنى؟
د. فاضل: طبعاً. مستقيم معناه أقصر الطرق إلى المقصود حتى لا تضلّ
المقدم: تحديد وتركيز لهدف واضح.
د. فاضل: الإنسان المقيم ماذا يفعل بالصراط؟ لا يفعل به شيئاً لكن معناه أنت أيها الإنسان سالك لا بد له من ذلك إما هذا وإما طريق الضلالة
المقدم: ولو في الآية خارج القرآن أو في النسق كلمة منهج مثلاً؟
د. فاضل: منهج ليس بمعنى الصراط بالضرورة، لا يعني بالضرورة سلوك.
المقدم: هذا معنى جديد عندما نقول صراط يعني أنت سالك سالك، ماشي ماشي فاختر لنفسك.
د. فاضل: أنت لست مقيماً، أنت مسافر إذن تحتاج إلى الطريق وهذا هو الطريق الابتعاد عن عبادة الشيطان وعبادة الله أن تطيع الله وتعبده هذا هو الصراط المستقيم، الإثنان معاً (أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61))
المقدم: هنا قال تعالى (أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61)) قدّم سبحانه وتعالى النهي عن عبادة الشيطان عن عبادته تبارك وتعالى فكيف نفهم هذا في سياقيات اللمسات البيانية؟
د. فاضل: لأن عبادة الشيطان تفسد عبادة الله. لو عبد الشيطان فلا تنفع معه عبادة بعد.
المقدم: هذا غير قوله اعبدوني ولا تعبدوا الشيطان
د. فاضل: أولاً لا بد أن ينهانا عن عبادة الشيطان. مثلاً إنسان سالك للطريق وهو ضل الطريق فأنت لا بد أن توقفه عن الضلال عن سلوك الطريق الضال ثم ترجعه إلى الطريق المستقيم، عبادة الله مع عبادة الشيطان لا تنفع بل تضر
المقدم: ولهذا نهاه ربنا بادئ ذي بدء عن عبادة الشيطان ثم يرجع إلى الطريق الصح.
د. فاضل: لا بد. لأن هو الآن ضال سالك في طريق ضلال ولا بد أن توقفه عن هذا الطريق.
المقدم: إذا فهمنا أن الله تبارك وتعالى الله خلق الجن والإنس لعبادة الله سبحانه وتعالى
د. فاضل: ما الإشكال فيها؟
المقدم: هو قال (لا تعبدوا الشيطان) وإبليس من الجن الذين خُلقوا لعبادة الله عز وجل
د. فاضل: إذن هو خالف، كشأن كثير من البشر الذين يخالفون الأوامر ويعبدون الشيطان. لو رأيت إنساناً ساقطاً في الوحل أو في بركة فأولاً تخرجه من البركة والوحل ثم تنظفه أم تنظفه من الوحل وهو في البركة؟ نخلّصه ونخرجه ثم ننظفه، تخرجه من طريق الشيطان أولاً ثم تضعه على الطريق السليم. ثم إن النواهي أيسر من التكاليف، أن تنتهي عن شيء أيسر من أن تفعل شيئاً. أن لا تفعل شيئاً أيسر.
المقدم: أتصور أن الأمر أصعب، يعني إفعل هذه صعبة
د. فاضل: ولا تفعلها؟! في العمل هل عدم الصيام أسهل أو الصيام؟
المقدم: عدم الصيام اسهل. الطاعة تحتاج إلى مشقة،
المقدم: التكاليف فيها مشقة عموماً إذن النهي عن الطاعة أسهل، وعدم الصلاة أسهل من الصلاة.
د. فاضل: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا (132) طه) فنهاه عن عبادة الشيطان هذه سهلة ثم جاء بالطاعة
المقدم: إذن من حيث خِلقة الإنسان يستطيع أن ينتهي عن عبادة الشيطان، هو ميسر لعبادة الله سبحانه وتعالى. إذن ما بال الناس تقول أنا غير قادر على العبادة؟!
د. فاضل: التطاليف صعبة ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم :ما أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا”
المقدم: لم يقل فانتهوا ما استطعتم. هذه حكمة بالغة.
د. فاضل: ما أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم.
المقدم: لكن خارج نطاق التكاليف القرآنية التي من عند الله سبحانه وتعالى، لا يقال أنا لا أستطيع أن اصلي خمسة فروض! بعضهم يقول فاتوا من الدين ما استطعتم وأنا أستطيع وقتين ثلاثة فقط.
د. فاضل: لا، التكاليف تكاليف لكن النهي فانتهوا تماماً.
المقدم: ما قال فانتهوا ما استطعتم.
المقدم: (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)) ما معنى جبلّ؟ ولماذا اختارها ربنا تبارك وتعالى في هذا النسق تحديداً؟.
د. فاضل: الجِبِلّ هو الخلق الكثير
المقدم: إذن لمَ لم يقل الخلق الكثير؟
د. فاضل: الخلق الكثير معناها الجِبِلّ لو قال جبلاً وحدها معناها خلقاً كثيراً ولما قال جبلاً كثيراً معناها كثرة كاثرة. ليس معناها فقط خلقاً كثيراً وإنما الكثرة الكاثرة إذن تختلف جِبِلاً كثيراً عن خلقاً كثيراً.
المقدم: لو قال خلقاً كثيراً معناها جِبِلّ ولو قال جبلاً كثيراً لكان معناها خلقاً كثيراً كثيراً
د. فاضل: طبعاً (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) يوسف)
المقدم: مسألة الكثرة في القرآن الكريم لا بد أنها تحتاج لدراسة مرة أخرى. يقال في المثل هذا إنسان جبلّته هكذا، هل لها أكثر من معنى؟
د. فاضل: هذا بمعنى الطبع. مادة (جبل) لها أكثر من معنى تجمع ست معاني: الكثرة كما ذكرنا يعني حيّ جِبِل يعني كثير، ومن معانيها الغلظة والشدة ومنها الجَبَل، يقال أجْبَل الشاعر إذا صعب عليه القول، والجَبْل الضخم ومن معانيها جِبِلّ معناها قبيح الصورة،
المقدم: إذن ربما يقصدون فلان جِبِلّة يعني قبيح
د. فاضل: قد يكون. فإذن كلمة جبل مادة جبل لها ثلاثة معاني الكثرة، الشدة والغلظة والقبح فاختار (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا) حتى يجمع هذه المعاني كلها.
المقدم: يعني خلقاً كثيراً فيهم شدة وغلظة
د. فاضل: وقست قلوبهم وذكر في القرآن (فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ (22) الزمر) وهذه مناسبة لما فعله أصحاب القرية برسلهم وقتلوا هذا الرجل، هذه مناسبة جداً في هذا السياق، كانوا غلاظ شداد قساة حتى (لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) يس) ثم قتلوا هذا الرجل الذي قال (إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)) هذه شدة وقسوة وغلظة فقتلوه، هذه قسوة وقُبح. إذن هذه مناسبة حتى في السياق.
المقدم: ولو قال خلق؟
د. فاضل: لا، ليس فيها هذا الأمر فهي في سياقها. بالإضافة إلى أن الكفر هو قبح في الباطن واسوداد في الباطن بخلاف الإيمان
المقدم: إذن هو حتى عندما ضلّ إبليس من بني آدم أضل فئة ضالّة أصلاً فيها صفات من القبح والغلظة والشدة
د. فاضل: عندما يضل تكون هذه صفاته.
المقدم: الجِبِلّ الذين أضلّهم إبليس هل كانت هذه صفاتهم قبل الإضلال أو بعد؟
د. فاضل: ليس بالضرورة.
———-فاصل——-
المقدم: في قوله تبارك وتعالى (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)) لماذا (تعقلون) تحديداً؟
د. فاضل: لأن مجرد العقل كافي لا يحتاج إلى علم، لم يقل “أفلم تكونوا تعلمون” وإنما هو كافي أنه بمجرد العقل إذا عرفتم هذه المسألة وأن هذا شأن إبليس، ليس بالضرورة أن تكون عالماً، فقط مجرد العقل أي إنسان عاقل هو يعلم هذا الأمر ويكفي فيخاطب العقل وهو أيسر شيء بالنسبة للمكلّف.
المقدم: مجرد فهم بسيط لا تحتاج إلى كثير علم.
د. فاضل: مكلّف عاقل فقط عنده عقل لا يحتاج إلى علم أصلاً. حتى جاء بالفاء الدالة على السبب (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ)
المقدم: لماذا لفظ الإضلال تحديداً ؟
د. فاضل: هو قال (وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) إذن تارك هذا الصراط هو ضالّ
المقدم: ما معنى ضلّ؟
د. فاضل: أخرجه عن الطريق المستقيم، الضلال هو الخروج
المقدم: غير المغضوب عليهم ولا الضالين الذين تنكبوا الصراط.
د. فاضل: مناسب مع الصراط لو ترك الصراط يكون ضلّ الطريق، يقال دابّة ضالة، فلان ضالّ يعني تاه عن الطريق. فعندما ذكر الصراط المخالِف عن الصراط هو ضالّ
المقدم: الملاحظ أن الله تبارك وتعالى عندما يتحدث عن طريق الله عز وجل يُفرِده دائماً صراط، مستقيم، سبيل أما عندما يتحدث عن الشيطان يقول سُبُل بالجمع فهل لهذا دلالة؟
د. فاضل: الصراط واحد أما السُبُل فقد يجمعها (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ (153) الأنعام) (يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ (16) المائدة) سبل السلام يعني طريق الخير فقد يكون هنالك سبيل عام ثم هنالك سُبُل في الطريق قد تكون طرق الخير وقد تكون طرق الخير الكثيرة فهي أيضاً تسمى سبلاً أما الصراط فواحد وهو أوسع السبل.
المقدم: الصراط سبيل واسع.
المقدم: (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) يس) نلاحظ أن الخطاب ربما تغير من حالة إلى حالة، في سورة الطور قال (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) الطور) كيف نفهم الفرق بين الآيتين؟.
د. فاضل: أولاً بعد أن ذكر الذين أضلهم الشيطان ذكر مآلهم وحالهم (هذه جهنم) أوقفهم على شفير جهنم
المقدم: كأنهم يرونها رأي العين
د. فاضل: لم يقل تلك وإنما قال (هَذِهِ جَهَنَّمُ)
المقدم: يعني هي أمامهم مع أنهم يخاطبهم في الدنيا
د. فاضل: إنتقل بهم باعتبار ما سيكون في الآخرة (هَذِهِ جَهَنَّمُ) متى هذا الوعد؟ (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) فإذن أوقفهم هناك، إذن هذه قريبة أوقفهم عليها. أما لماذا قال في سورة الطور (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ)؟
المقدم: (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ )
د. فاضل: ربنا سبحانه وتعالى قال في الطور (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)) عندما قال يدعّون إلى نار جهنم ذكر النار قال (هَذِهِ النَّارُ)
المقدم: هل جهنم دركة والنار دركة أو النار إسم جامع لجميع دركات النار؟ نجد في القرآن هاوية وسقر وويل؟
د. فاضل: جهنم لها سبعة أبواب (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ (44) الحجر) وهي دركات بمقابل الجنة. هي دار الشقاء وهي أقسام وهي دركات وبعضها أشد من بعض كما أن في الجنة درجات وبعضها أعلى من بعض فجهنم بمقابل الجنة يعني إسم لدار الشقاء في الآخرة التي يُعذّب فيها والجنة إسم لدار النعيم في الآخرة فجهنم إسمها العلم
المقدم: كما أن الجنة إسم علم على جميع الدرجات الموجودة. أعتقد أن جهنم وسقر هذه دركات منفصلة حتى يقولون جهنم لعصاة الموحدين فقط وكأن جهنم هذه منعزلة لكنكم بهذه النظرة تعيد فكر جديد للأذهان
د. فاضل: هذا ما نعرفه أن جهنم بمقابل الجنة وهي دار الشقاء وهي مقسمة لدركات سقر ولظى وهاوية والسعير والحطمة والجنة درجات، هذه دركات وتلك درجات.
المقدم: هل بحثت في هذه الأسماء؟ جهنم؟ ما المعنى اللغوي لهذه الكلمة؟
د. فاضل: جهنم إسمها العلم بما فيها كلها من صور عذاب النار، نار جهنم هي نوع واحد من العذاب، هنالك أمور أخرى.
المقدم: جهنم نوع من أنواع العذاب الواحد؟ كثير صور العذاب إذن؟
د. فاضل: نعم صور العذاب كثيرة والعذاب بالنار أحدها.
المقدم: يا رب سلِّم، أجارنا الله وإياكم منها.
المقدم: قال تعالى (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) نقف عند كلمة (توعدون) وفي الطور قال (تكذبون) (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ) فما دلالة الاختلاف وما اللمسة البيانية الموجودة في كلتا الآيتين؟
د. فاضل: بالنسبة لتوعدون وتكذبون كل واحدة مناسبة في سياقها، في سياق يس قال (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (48)) قال تعالى (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) هذا هو الوعد. متى هذا الوعد؟ هذا ما كنتم توعدون حتى في القرآن ورد (هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ). في الطور قال (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)) عندما قال للمكذبين ناسب (تُكَذِّبُونَ).
المقدم: هم في الطور كذبوا بهذا اليوم
د. فاضل: نعم كذبوا. هناك قال (مَتَى هَذَا الْوَعْدُ) ناسبها (تُوعَدُونَ) فهي بحسب سياقها.
المقدم: (اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64)) أي يوم؟
د. فاضل: إيقافهم لما قالوا متى هذا الوعد؟ قال لهم اليوم
المقدم: فنصّ على ذكر اليوم.
د. فاضل: اليوم، هذا اليوم، لما قالوا متى هذا الوعد؟ اليوم هذا الوعد. متى؟ اليوم ولذلك تكررت كلمة اليوم.
المقدم: اليوم في الدنيا أو اليوم في الآخرة؟
د. فاضل: في الآخرة لأنه قال (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)) (اصْلَوْهَا الْيَوْمَ) كلها جواب للوعد، متى؟ اليوم. أهل الجنة اليوم (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ) اليوم، (اصْلَوْهَا الْيَوْمَ) اليوم. إجابة عن السؤال متى؟ اليوم.
المقدم: لم لم يقل بما كفرتم مع أن يوم القيامة حدث ويحدثهم عن أشياء ماضية (بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ) مضارع لم يقل بما كفرتم؟
د. فاضل: قال (كنتم) بما فيها استمرار على الكفر في الماضي، كفرتم ليس فيها إستمرار، ليس بالضرروة. (بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ) هذا الماضي المستمر. كنتم توعدون يعني دائماً توعدون مستمر، بمقابل (كُنتُمْ تُوعَدُونَ) (بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ)، كانوا يوعدون فكانوا يكفرون، كلما وعدوا كفروا، عندما كان الوعد مستمراً كان الكفر مستمر فمناسب لقوله (كُنتُمْ تُوعَدُونَ) (بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ).
المقدم: الملاحظ أن كلمة تكفرون هنا عامة لم تقيّد بشيء مثلاً تكفرون بالله، بالأنبياء، بالرسل، بالملائكة، باليوم الآخر
د. فاضل: الكفر يحتمل معنيين، الكفر نقيض الإيمان والكفران الذي هو نقيض الشكر (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ (112) النحل) لم تشكر، (وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152) البقرة) اشكروا لي بعكس كفران النعمة (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ)
المقدم: هنا (بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ) ماذا؟
د. فاضل: شيئين: ضد الإيمان وعدم شكر المنعِم، يكفرون بالله وعدم شكر المنعِم وحتى السياق يناسب هذا الإطلاق، هم كفروا بالله وجحدوا نعمه. أحيا الأرض الميتة وأخرج منها حباً فهم يأكلون (وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) يس) وخلق لهم من الأنعام (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) يس) (وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73) يس) هذه كلها نعم فكفروا به ولم يشكروها
المقدم: كفران النعمة عدم شكرها، عدم تقييد النعمة بشكرها، لا تُستَغل فيما رزقوا من أجله.
د. فاضل: المفروض أن يشكروا المنعِم بما تفضّل عليهم.
المقدم: المفروض أن الإنسان إذا معه مال وينفقه في غير طاعة الله هو كفر بالله ما قيد النعمة بشكرها
د. فاضل: كافر للنعمة. فإذن هو أطلقها لأن السياق فيه أمرين الإيمان بالله كفروا باليوم الآخر وجهنم وكفروا بالنعم لم يشكروها فهو أطلقها إطلاق ما حصل منه كفر النعم والكفر بالله.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 5/10/2009م:
عارف من سلطنة عمان: في سورة البقرة (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا (126)) جاءت بلداً نكرة وفي سورة الأنبياء (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا (35)) جاءت بالتعريف فما اللمسة البيانية في ذلك؟
د. فاضل: (بَلَدًا آمِنًا) هذا قبل أن يكون بلداً هذه دعوة إبراهيم عليه السلام قال اجعله بلداً، فلما أصبح بلداً قال إجعل هذا البلد آمناً. كل واحدة في موقف وفي زمن مختلف. الأولى قبل أن يكون بلداً وعندما صار بلداً قال (اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا).
في سورة النحل (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)) وفي النحل (ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)) فما الفرق بين بطونه وبطونها بالتذكير والتأنيث؟
ما الفرق بين الحليب واللبن؟
محمد من أبو ظبي: سورة الأنبياء الآية 91 (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا) وفي سورة التحريم الآية 12 (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا) ما الفرق بين فيها وفيه؟ ولماذا؟
سورة الشورى الآية 12 (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ) وفي سورة القصص الآية 83 (وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ) وفي العنكبوت (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ (62)) ما دلالة الاختلاف بين الآيات الثلاث؟
في سورة الأحزاب الآية 31 (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا) لماذا لم يقل ومن تقنت منكن؟
عزيز من العراق: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿١﴾ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴿٢﴾ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿٣﴾ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾) ما معنى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) هل هم جميعاً أم الفئة الذين هم عن صلاتهم ساهون؟
د. فاضل: ليس فقط عن صلاتهم ساهون وإنما أيضاً مراؤون ويمنعون الماعون، السهو والرياء ومنع الماعون جمعها كلها (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ﴿٥﴾ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴿٦﴾ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿٧﴾).
أبو القاسم من قطر: هل يمكن أن يطبع هذا البرنامج على سيديهات حتى نستفيد منه في البحوث، أتمنى أن كل ما قدمتموه من برامج يوثق على سيديهات وتباع حتى يمكننا شراءها ونستفيد منه.
ما معنى كلمة يجتبي؟ وبماذا تختلف عن كلمة يصطفي؟
سارة من العراق: أصغر متابعة للبرنامج ذكرت بعض الأبيات عن اللغة العربية.
بُثّت الحلقة بتاريخ 5/10/2009م
جودة عالية avi
http://ia311036.us.archive.org/1/items/lamsat051009/lamasat051009.AVI
mp4جودة عالية
http://ia311036.us.archive.org/1/items/lamsat051009/lamasat051009_512kb.mp4
رابط صوت mp3
http://ia311037.us.archive.org/1/items/lamsat051009/lamasat051009.mp3
روابط الحلقة من قسم الفيديو
برنامج لمسات بيانية للدكتور السمرائي الحلقة 192 الجزء1
برنامج لمسات بيانية للدكتور السمرائي الحلقة 192 الجزء2
برنامج لمسات بيانية للدكتور السمرائي الحلقة 192 الجزء3
2009-10-07 06:20:10الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost