تابع سورة الحديد
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20))
نظرة عامة على الآية: قال الله تعالى (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) أجمَلَ ربنا سبحانه وتعالى حقيقة ما يعيشه الناس في الحياة الدنيا في هذه الآية ورتّبها بحسب ترتيبها في حياتهم. بدأ باللعب (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب) واللعب يقع في دور الطفولة والصبا فبدأ به. وقد يأتي اللعب نقيض الجِدّ. أصل اللعب في دور الطفولة والصبا ويُطلق أحياناً على نقيض الجِدّ (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ (65) التوبة) (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) الزخرف) (قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) الأنبياء) أي غير جادّين. اللهو عادة يكون في دور الفتوّة والشباب بعد دور الطفولة. ثم اللهو أعمّ من اللعب لأن الكبير قد يلهو في أمور يضيق صدره في أمور فينتقل إلى أمر يلهو به بعض الشيء. ثم ذكر الزينة والزينة مقصد من مقاصد الشباب والنساء في دور بداية اكتمال أنوثتهن – خاصة النساء – وحتى الشباب يتزيّن لا يرضى كما كان طفلاً يلبس ما تعطيه أمه. ثم ذكر بعدها التفاخر وهذا أكثر ما يكون في شأن الرجال يتفاخرون بأعمالهم وبأنسابهم ومآثر ما يفعل هو وما فعل آباؤه وأحسابه لذلك الشعراء يفتخرون بآبائهم وأحسابهم وأنسابهم (أولئك آبائي فجئني بمثلهم). هذه المفاخرة هي أن ينسب الخير إلى أهله ونفسه كالشجاعة والكرم. ثم ذكر التكاثر في الأموال والأولاد وهذه مرحلة جادة يبدأ يشتغل بجمع المال والإنجاب لأن الحياة تقوم على هذين الأساسين المال والولد ولا تستديم الحياة بلا مال وولد وقدّم المال لأنه جمعه أكثر يشتغل به أكثر. حتى الوقت، الأولاد يهتم بهم وهم أعلى شيء والمال يتركه لهم لكن جمع المال يحتاج إلى وقت وإلى الذهاب إلى المحلات التجارية والأسواق فيبقى مع المال أكثر بكثير مما يبقى مع ولده. غالباً الأموال مقدمة على الأولاد في القرآن الكريم وفي مواطن تتأخر. في مواطن الحُب تتأخر الأموال (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة) هذه في المحبة ولا يمكن أن يرقى المال إلى محبة الأولاد. المال في خدمة الأولاد ويتركه لهم. فحينما يقدّم يكون حسب الموضع. في الانشغال يقدّم المال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ (9) المنافقون) لأنه يشتغل بها كثيراً أما الأولاد أقل وإن كانوا في ميزان الآباء أثقل لكنه سيرحل ويترك الأموال لهم. وختم بالأولاد وهذه هي مراحل الحياة وأطوارها أجملها ربّنا تعالى وهي أطوار الناس في الحياة ثم صوّرها بقوله تعالى (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
سؤال من المقدم: هل هناك ترتيب مقصود لذاته في هذه الآية؟
هي هكذا حسب الأطوار في الحياة رتبها وذكرنا التقديم والتأخير وقلنا أنه ليس هنالك نمط واحد للتقديم والتأخير إنما هو السياق ومدار الاهتمام. العرب يقدّمون ما هم ببيانه أعنى وما هو أهمّ، الأهمية التي بحسب السياق فمرة نقدّم المتقدم ومرة نقدّم المتأخر، مرة نقدّم من القلّة إلى الكثرة ومرة من الكثرة إلى القلة ومرة نبدأ بالأفضل ثم ننتهي إلى المفضول ومرات أخرى تبدأ بالأدنى ثم الأعلى، المفضول ثم الفاضل. الذي يحدد التقديم والتأخير هو المقام ففي قوله تعالى مثلاً (والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين) البلد الأمين هو مكة وهي أفضل من طور سنين لكنه أخّرها وبدأ بطور سنين. هناك دواعي للتقديم والتأخير تُنظر في سياقها والمقام الذي قيلت فيه (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ (2) التغابن) بدأ بالمفضول (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) هود) تأتي بحسب كيف وضعها في السياق هو الذي يحدد التقديم والتأخير وتقدر كل حالة بقدرها. (فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا (69) النساء) لما ذكر الذين أنعم الله عليهم بدأ بأعلى النِعم (النبيين). إذن هو حسب المقام الذي تقال فيه.
سؤال من المقدم: قال تعالى (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو) عدد أشياء كثيرة وفي غير موطن في القرآن قال (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ (32) الأنعام) فقط ولم يذكر بقية الأطوار كما في آية الحديد، لماذا؟
أحياناً يقتصر على اللعب واللهو لأن ما ذكره بعدها يندرج (الزينة وما بعدها) يندرج في اللهو فإذا أراد أن يفصّل فصّل وإذا أراد أن يُجمِل وقف عندها. الزينة قد تُلهي والتفاخر يلهي والتكاثر يلهي. الله تعالى سمّى المال والبنون زينة (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46) الكهف) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ (9) المنافقون) دخلت في الزينة والزينة دخلت في اللهو. ما ذُكِر في الزينة دخل هنا في اللهو. قال تعالى (ألهاكم التكاثر) دخل التكاثر في اللهو، أطلق التكاثر. لما فصّل في آية الحديد (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) فصّل وعندما أراد أن يُجمِل يقف عند الأصل والباقي يدخل فيه (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ (32) الأنعام) وقف عندها وما مثّل (إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) محمد). يقولون البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال أراد التفصيل يفصّل، أراد الإجمال يُجمِل.
سؤال من المقدم: ما معنى الإجمال والتفصيل في القرآن الكريم ؟ من المستشرقين من يقول لِمَ يُجمِل هنا ويفصّل هنا مع أن الدلالة وصلت؟
أحياناً يريد أن يوضح المسألة ويعطيها أبعادها، أحياناً يكتفي بكلمة أو كلمتين وأحياناً يشرح أدق الأمور ويتعرض لها. هذا ليس تكراراً وإنما هو تفصيل يريد أن يوصل المعلومة كاملة في كل أبعادها وفي كل أحوالها. ثم إن الناس ليسوا سواء في الفهم والاستيعاب. إذا قلت (لعب ولهو) كم واحد يُدخِل فيها ما ذكر؟ كم شخص سيذكر الأموال والزينة والأولاد؟ قليل. يفصّل للجميع وكل آية تضيف ملمحاً في إطار السورة حتى تتضح جميع جوانبها.
سؤال من المقدم: قدّم الله تعالى اللعب على اللهو في هذه السورة وفي آية سورة العنكبوت قدّم اللهو على اللعب (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)) فما دلالة تقديم اللهو؟
قلنا ليس هنالك أمر يقضي بتقديم كلمة على كلمة وإنما هو السياق. لو لاحظنا سياق العنكبوت تقدّم هذه الآية قوله تعالى (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)) الرزق مدعاة إلى الالتهاء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ (9) المنافقون) ربنا تعالى ذكر أمرين: البسط والتضييق، الذي بسط له رزقه يلتهي بجمعه والذي قُدِر عليه رزقه يلتهي للحصول عليه حتى يعيش فإذن سيكون مدعاة للهو فقدّم اللهو. ما دام قدّم البسط في الرزق والتضييق سيكون مدعاة للهو (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) الفجر) (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) العاديات) الخير فسروه بالمال. (قُدِر عليه رزقه) أي ضيّقه. (نقدر عليه) أي نضيّق عليه، حتى في قصة ذي النون (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) الأنبياء) هو هنا في هذا المكان لم يجد أذناً صاغية ولم يجد من يستجب له قال أذهب إلى مكان آخر والله تعالى يوسّع عليّ في مكان آخر (لن نقدر عليه) أي لن نضيّق عليه، هناك متسع وهذا اجتهاد من ذي النون قال أذهب إلى مكان آخر فيه متسع والله تعالى لن يضيّق عليّ لكنه لم يخرج بإذن ربه ولكنه اجتهاد من تلقاء نفسه لذا قال تعالى (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) الصافات) مليم أي أتى ما يُلام عليه، ملوم يُلام لكن مليم أتى فعلاً يُلام عليه، لماذا خرجت من دون إذن؟ لذا قال (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) ولذا قيل للرسول r (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) القلم). إذن نقدر يعني نضيّق.
سؤال من المقدم: ما المقصود بالكفار في الآية (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا)؟
المفسرون ذهبوا إلى أمرين في تفسير الكفار قسم يقول الكافرون بالله الجاحدون لأن هؤلاء هم الذين يغترّون بالدنيا وقسم قال هم الزُرّاع لأنها من كَفَر البذرة أي سترها في الأرض وأصل كفر في اللغة ستر ومنه الكفر أي ستر الفطرة المؤمنة لأن رب العالمين سبحانه وتعالى خلق الناس فطرتهم مؤمنة. فإذن المفسرون قسم من قال الكفار هم الزُرّاع وقسم يقول هم الجاحدون وأنا يترجّح عندي أنهم الكفار الذين يكفرون بالله وآياته لأنهم يغترّون بالدنيا وقد يكون المعنيان مقصودان وليس هناك مانع أن يعجب هؤلاء ويعجب هؤلاء.
سؤال من المقدم: في موضع آخر في القرآن قال تعالى (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ (29) الفتح) وهنا قال (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا) فما الفرق بين الآيتين واللمسة البيانية في كليهما؟
اختيار كل كلمة في مكانها أنسب اختيار. الزُرّاع في آية الفتح أنسب ولا يقال يعجب الكفار ليغيظ بهم الكفار، الزُرّاع أفضل. ليس هذ فقط هذا تشبيه بصورة محمودة وإنما هناك فرق بين الزُرّاع. هذه الآية في سورة الفتح في أصحاب محمد r (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) اختار كلمة الزُرّاع لأن الزارع يزرع ما ينتفع به هو وينفع الآخرين وهؤلاء ليسوا كالذين ذكرهم (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا) غيث نزل في الأرض وخرج النبات وقد يكون فيه أدغال وحشائش لا تنفع الناس. هناك تصريح بالزُرّاع وقّيدت الآية بـ (نبات) وهو أي نبات نبت في الأرض وقال تعالى (كمثل غيث) ولم يقل مثل زارع والغيث عندما يمطر يُخرِج حشائش الأرض التي لو خرجت في حديقتك ستقلعها. في آية الفتح ذكر الزُرّاع لأن الزارع لا يزرع الحشائش وإنما يزرع ما ينتفع به هو وينفع الآخرين. ذاك كمثل غيث، الغيث أنت لا تسيطر على ما يُخرِجه فقد يُخرِج مما تريد وما لا تريد. آية الفتح وقعت في صورة محمودة في تشبيه أصحاب الرسول rr (محمد رسول الله والذين معه). ثم إن الزُرّاع كأنما هناك من زرعه فخرج أي خرج بأمر مقصود. مثال ذلك قوله تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (110) آل عمران) ما قال خرجت لأن ربنا أخرجها إخراجاً، هذه الأمة الإسلامية ربنا أخرجها بالصورة التي أرادها أُخرجت للناس ولم يقل خرجت من تلقاء نفسها. (خرجت) يعني خرجت من نفسها وليست برسالة، أخرج فعل متعدي (أخرجته)، خرج فعل لازم (خرجت من البيت). (أُخرجت للناس) أي أن الله سبحانه وتعالى أخرجها على نمط معيّن كما يريد ولم تخرج من تلقاء نفسها كما تخرج الحشائش والأدغال في النبات. الزارع ينتقي ويعلم ما يزرع وهذه الأمة أُخرِجت إخراجاً إلى الناس ولم تخرج من تلقاء نفسها وفق منهج معين معدّ واختيار دقيق. هذه الأمة أُخرجت بهذا المنهج لهذا الغرض للناس كافة. تلك الآية خرج كما تخرج الحشائش بالغيث يُعجِب من يُعجِب وأما في سورة الفتح إختار الزُرّاع يزرعون وينتقون ماذا يريدون. كنتم خير أمة أخرجت للناس أخرجها ربنا بصورة معينة ولغرض معين منهج معيّن واختيار معين وباصطفاء معين (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ (75) الحج). هذا هو الفرق بين كمثل غيث أعجب الكفار نباته هذا تشبيه حالة مذمومة بينما آية الفتح في الثناء والمدح في وصف سيدنا محمد r والذين معه.
سؤال من المقدم: هل كلمة الزراع جمع زارع؟
الزُرّاع جمع زارع مثل كُتّاب وكاتب وواعظ وعّاظ. وعندنا زارعون جمع وأحياناً الكلمة يكون لها أكثر من جمع مثل كلمة ساجد تُجمع على سُجّد (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا (29) الفتح) وسجود (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة) وساجدين (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) الشعراء) يكون هناك أكثر من جمع للكلمة. وعندنا ميّت تُجمع على ميّتون (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) الصافات) وموتى (إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى (39) فصلت) وأموات (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء (154) البقرة) كلها جمع ثم تختلف بين القِلّة والكثرة ودلالات أخرى.
سؤال من المقدم: في سورة الواقعة قال تعالى (أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)) ولم يستعمل الزُرّاع لماذا؟
لما يذكر ضمير التعظيم يذكر جمع المذكر السالم.
سؤال من المقدم: ما اللمسة البيانية في الالتفات في الضمير في الآية (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا)؟
ذكر مآل الزرع الذي خرج بالغيث حتى يخرج منه إلى تشبيه الحياة الدنيا كيف هي بعد أن ذكر أنه يُعجِب الكفار نباته ذكر ما سيؤول وذكر النتيجة حتى ينتقل منه إلى الآخرة. قال (ثم يهيج) يتحرك أول مرة ثم ييبس، هاج تأتي بمعنى يبس وتأتي بمعنى تحرك في النمو ثم يبس، هاج الزرع تأتي في اللغة بمعنى يبس الزرع وفي القرآن. يبس فتراه مصفراً. لكن بالنسبة للسؤال (فتراه مصفراً) الإسناد يختلف عن يهيج ويكون حطاماً ما قال ثم يكون مصفراً هذا يدلنا على زوال الزينة لأن الزينة تتعلق بالناظر لأنه قال قبلها (وزينة) لما قال فتراه مصفرّاً أي زالت الزينة بالنسبة للناظر لأن الزينة تتعلق بالناظر وإلا لماذا يتزين؟ لذا قال (فتراه مصفراً). الخطاب موجّه لكل سامع ولكل ناظر (فتراه مصفراً) كما قال تعالى (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) الحجر) لأن الزينة تتعلق بالنظر لذلك الأعمى لا يرى الزينة فالزنية ليست للعُمي وإنما للمبصرين. (فتراه مصفراً) أي الزينة زالت لأنه علّقها بالرؤية لأن الزينة تتعلق بالرؤية. ولم يقل وتراه حطاماً أنت تراه حطاماً لكن أحياناً الذي تراه أنت حطاماً له قيمة كبيرة والقيمة لا تتعلق بالرؤية لكن الزينة تتعلق بالرؤية. أنت قد ترى حطاماً لكنه قد يكون ثميناً جداً وقيمته عالية لا تقدر الأمور بما ترى. الحجر الصناعي أجمل من الطبيعي لكنه ليس أغلى منه هذا الأمر لا يتعلق بالرؤية. هذا يكون حطاماً وليس تراه حطاماً إذا رأيته حطاماً هذا لا يتعلق بقيمته لأن الرؤية لا تقدّر القيمة وإنما تقدّر الزينة، قد يراه حطاماً وفيه فائدة كبيرة أنت تراه هكذا ولكنك لا تحسن تقديره. (ثم يكون حطاماً) أي أصبح حطاماً لا فائدة فيه ولا يتعلق برؤيتك له وتقديرك، رؤيتك تتعلق بالزينة. هذا الأمر في تقييم حقيقة الأمر وقيمته الحقيقية وهذا لا يتعلق بالزينة وإنما يتعلق بالمعرفة الحقيقية والقيمة الحقيقية فقال (ثم يكون حطاماً) أصبح حطاماً لا فائدة فيه. إذن فرق بين تراه مصفراً وثم يكون حطاماً. (فتراه مصفراً) يعود على الزينة وعلى رؤيتك للشيء أما يكون حطاماً فهو حقيقة الأمر ذهبت الحياة الدنيا وتحطمت ولم يبق فيها شيء (إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو) تحطمت وذهبت زينتها وأصبحت حطاماً فلِم تغترّ بهذا؟ لو قال في خارج القرآن فتراه مصفراً ثم تراه حطاماً لا يُفهم هذا المعنى أنت تراه ولكن لا تقدّر قدر الشيء لكن ما يعرفه أصحاب الشأن قد ترى أشياء حطاماً تراها حطاماً ولا تقدّر قيمتها لكن هناك صاحب شأن من يعرف قيمتها وفرق بين تراه وبين يكون. الإسناد في (فتراه) لكل ناظر.
سؤال من المقدم: ما دلالة اتسعمال (ثم) والفاء في الآية (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا)؟
لما قال يهيج إنتهى. هي كلها (ثم والفاء) عاطفة لكن الفاء للترتيب والتعقيب و(ثم) للترتيب والتراخي أي مدة. (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ (22) عبس) الميت يُقبر فوراً (فأقبره) (ثم) للتراخي (ثم إذا شاء أنشره) النشور بعد الموت بآلآف السنين وليس مباشرة. (ثم يهيج) يبس (فتراه مصفراً) فوراً تراه مصفراً فاستعمل الفاء. (ثم) تحتاج لوقت.
سؤال من المقدم: في هذه الآية قال تعالى (ثم يكون حطاماً) وفي آية أخرى قال (ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا (21) الزمر) فما الفرق؟
لو عدنا إلى السياق وقراءة كل آية يتضح الفرق. هذه الآية عرفناها، كل الكلام عن الغيث وما يخرج منه. في آية الزمر قال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ) هو الذي أنزل ما قال في آية الحديد أنزل غيثاً وإنما قال (كمثل غيث) لم ينسبه إلى نفسه سبحانه، (فسلكه ينابيع في الأرض) الله سبحانه وتعالى هو الذي سلكه، (ثم يخرج به زرعاً) الله سبحانه وتعالى يُخرِج، (ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يجعله حطاماً) الذي أنزل من السماء ماء وسلكه ينابيع في الأرض وأخرج به الزرع هو الذي جعله حطاماً. ولو قال يجعله حطاماً في آية الحديد ليس هناك إسناد لله سبحانه وتعالى أما في سورة الزمر فالاسناد لله تعالى ابتداء من أول الآية إلى آخرها هو الذي جعله حطاماً. في آية الحديد ليس هناك إسناد لله تعالى أما في الزمر فالاسناد لله تعالى ابتداء.
سؤال من المقدم: هل الماء والغيث كلاهما مطر؟ ذكر الغيث في آية الحديد وماء في آية الزمر وهناك فرق بين الماء والغيث لكن الماء والغيث في الآيتين هو ما ينزل من السماء لكن هذا الماء الذي ينزل من السماء قد يكون غيثاً وقد يكون مطراً بحسب التعبير القرآني. المطر يستعمله الله سبحانه وتعالى في العقوبات (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84) الأعراف) لم يستعمل القرآن المطر إلا في العقوبة (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ (40) الفرقان) (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ (74) الحجر) (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ (173) الشعراء) أما الغيث فيستعمله في الخير. هذا في الاستعمال القرآني أما في الحديث فاستعمل المطر للخير ولكن للقرآن خصوصية في الاستعمال اللغوي نخصص لها إن شاء الله تعالى حلقات لنتحدث عنها لأنه موضوع كبير. والعرب فهمت هذا الفرق من الاستعمال. (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) الشورى). إذن في القرآن الكريم يذكر المطر للعذاب.
سؤال من المقدم: ما دلالة تقديم العذاب على المغفرة في الآية (وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)؟
العذاب يسبق المغفرة والرضوان في الآخرة: عذاب الموقف قبل الحساب وقبل القضاء والدخول في الجنة أو النار والناس ينتظرون خمسين ألف سنة قبل القضاء، هذا العذاب الأول. ورود النار لجميع الخلق (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) مريم) هذا عذاب قبل دخول الجنة، قسم من الناس يعذّبون ثم ينتهي عذابهم ثم يخرجون إلى الجنة وليس العكس لا يمكن أن يكون أحد في الجنة ثم يدخل النار، إذن العذاب يسبق المغفرة. وتقديم المغفرة على الرضوان لأنها تسبق الرضوان لأن الرضوان في الجنة والمغفرة قبلها حتى يدخل الجنة يجب أن يكون هناك مغفرة إذن العذاب قبل المغفرة والمغفرة قبل الرضوان.
ونلاحظ أنه في العذاب قال تعالى (عذاب شديد ومغفرة من الله) ولم يقل عذاب من الله لكن في المغفرة قال ومغفرة من الله للدلالة على سعة رحمة الله تعالى ما ذكر الجهة المعذِّبة وإنما قال (عذاب شديد) بينما في المغفرة نسبها له سبحانه وتعالى فقال (ومغفرة من الله) لا ينسب تعالى السوء إلى نفسه أبداً (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) الجن) مع أنها إرادة الله تعالى في الحالين. وكذلك قوله تعالى (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) الشعراء) (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ (51) فصلت).
سؤال من المقدم: في آية الحديد قال تعالى (ومغفرة من الله ورضوان) وفي مواضع أخرى في القرآن استعمل مرضاة وغفران فما الفرق؟
عندنا المغفرة وغفران ورضوان ومرضاة. كلمة غفران لم ترد إلا في موطن واحد في قوله تعالى (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة) في طلب المغفرة من الله تعالى. إذن كلمة غفران مخصصة بطلب المغفرة من الله تعالى، هذه دعاء أي نسألك المغفرة (غفرانك ربنا). إذن غفران تستعمل في طلب المغفرة ومن الله تعالى تحديداً. المغفرة لم تأت في طلب المغفرة أبداً وإنما جاءت في الإخبار وفي غير الطلب (وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً (268) البقرة) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ (6) الرعد). في طلب المغفرة فقط يستعمل كلمة غفران ومن جهة واحدة وهي المغفرة من الله عز وجل. لم تأت المغفرة في الطلب وقد تأتي من غير الله سبحانه وتعالى كما في قوله (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) البقرة) قد تأتي من العباد. إذن المغفرة ليست خاصة بالله سبحانه وتعالى ولها أكثر من جهة ولم يستعملها القرآن في طلب المغفرة. الغفران مختصة بطلب المغفرة ومن الله تعالى تحديداً.
مرضاة ورضوان: الرضوان من الله سبحانه وتعالى فقط ولم ترد في القرآن من غيره (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ (21) التوبة) (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ (109) التوبة). المرضاة من الله تعالى ومن غيره ولم تستعمل في القرآن إلا في ابتغاء وطلب الرضا من الله تعالى ومن غيره (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ (1) التحريم) (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ (207) البقرة) في الابتغاء وفي طلب الرضا فقط أما الرضوان فهو في الابتغاء وغير الابتغاء. الرضوان عام وخاص بالله سبحانه وتعالى والمرضاة أخصّ من الرضوان وهو من الله تعالى وغير الله وهذه أيضاً من خصوصيات القرآن الكريم في الاستعمال اللغوي.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 14/5/2007م:
-
يميل القرآن الكريم إلى حذف ما هو معلوم أحياناً فما الحكمة من ذكر (فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ (63)) في سورة يوسف مع أن هذا الأمر واضح من السياق في قوله (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62))؟
-
ما سبب سقوط التاء في اللغة العربية كما في قوله تعالى (ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82) الكهف) و(فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) الكهف)؟
-
ما الفرق بين أتى وجاء في سورة مريم (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27))؟
-
هل يصح في النحو أن يقال نستمع وإياكم ونشاهد وإياكم؟ نعم يصح (إياكم) مفعول معه.
-
في الخصوصيات في القرآن الكريم الظنّ في القرآن بمعنى اليقين هل هي خاصة بالقرآن (إني طننت) أي أيقنت؟ وما اللمسة البيانية في استعمال لفظ الظن بدل اليقين؟
-
ما اللمسة البيانية في ذكر وحذف (في) في الآيتين (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ (165) الأنعام) و (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ (39) فاطر)؟
-
ما الفرق بين عام وسنين؟ وهل كلمة سنين في (طور سنين) مشتقة من سنة؟
-
ما دلالة ذكر وحذف الواو في آيتي سورة الزمر (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (71) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (73))؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 14/5/2007م
2009-01-20 15:05:03الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost