لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 48

اسلاميات

الحلقة 48

تابع سورة لقمان

(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10))

سؤال من المقدم: مرة يقول أن تميد بكم ومرة لا يقولها فما اللمسة البيانية فيها؟

(وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ) أن تميد بكم أي كراهة أن تميد بكم أو لئلا تميد بكم كما يقول النحاة، المعنى لماذا ألقى الرواسي؟ لئلا تميد بكم يقولون كراهة أن تميد بكم أو لئلا تميد بكم (إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) هود) يعني لئلا تكون من الجاهلين، (فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى (282) البقرة) كراهة أن تضل إحداهما أو لئلا تضل. إذن أن تميد بكم يعني لئلا تميد بكم. يبقى السؤال أحياناً يقول أن تميد بكم وأحياناً لا يقول أن تميد بكم (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ (3) الرعد) من دون أن تميد بكم. في مواضع قال أن تميد بكم أو تميد بهم وفي مواضع أخرى لم يقل هذا الشيء والسبب أنه إذا أراد بيان نعمة الله على الإنسان يقول أن تميد بكم وإذا أراد فقط أن يبين قدرة الله فيما صنع وليس له علاقة بالإنسان يعني إذا اراد بيان النعمة على الإنسان لهذا الأمر قال أن تميد بكم لماذا خلقها؟ فيها نعمة لئلا تميد بهم وإذا أراد مجرد بيان القدرة في الصنع وليس له علاقة بالإنسان لا يقول هذا لأن الكلام لا يتعلق بالإنسان وإنما يتعلق بصنع الجبال والرواسي. أن تميد بكم هنا لبيان نعمة الله على الإنسان هنا قال (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ) هنا الغرض بيان نعمة الله على الإنسان في هذه الرواسي. أولاً هذه مرتبطة بقوله تعالى بدأ السورة (هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ (3)) عدم ميد الأرض بهم أليست من الرحمة؟ بلى إذن هي مرتبطة بالرحمة التي ذكرها في أول السورة لما قال (هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ) وهذه من الرحمة. وهي مرتبطة بالآية السابقة (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)) إذن بيّن حكمة إلقاء الرواسي في الأرض، الحكمة منها عدم ميد الأرض، إذن هي مرتبطة بالرحمة وبالحكمة. إذن هذه مناسبة للإسم الحكيم، مناسبة في الأولى للرحمة (هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ) ومناسبة لاسمه الحكيم في الآية التي قبلها ففيها ارتباط مناسب من الجهتين. الرواسي رسى بمعنى ثبت، رواسي يعني ثابتة جبال تثبتها. لم يقل جبال مع أنه استخدمها في القرآن. هو قال (وألقى في الأرض رواسي) وأحياناً يقول (جعل في الأرض رواسي) ألقى في الأرض رواسي وقبلها قال (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فإلقاء الرواسي مناسب للعِزّة لأنه عزيز حكيم. ألقى دلالتها متقاربة من جعل، الجبال قسم منها ملقاة تأتي من فوق صخور تسقط من فوق وقسم يخرج من البراكين ثم تسقط، اختيار هنا الإلقاء مناسب للعزيز الحكيم لما ذكر عزته وحكمه قال وألقى حاكم يلقي الأوامر كما يشاء ويلقي الجبال فهي مناسبة إذن للعزيز الحكيم وفيها قوة. إذن ألقى في الأرض مناسبة للعزيز وأن تميد بكم مناسب للحكيم. فإذن هي أيضاً مناسبة للعزيز الحكيم. يجب دراسة الكلمات في القرآن من سياقها وارتباطها ببعض والمقاصد العامة للسورة ولا ينبغي أن نسلخ آية من السياق العام. قال رواسي هنا وفي آيات أخرى يذكر الجبال. المقصود بالرواسي الثوابت حتى تثبت لما يذكر مجراها ومرساها (حين تقف)، (بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا (41) هود) مسيرها وإرساؤها. الرواسي أن تميد بكم أي تثبتها. لما كان اختيار الرواسي بمعنى الثوابت لا يستخدمها يوم القيامة عند زوالها، كيف رواسي وكيف سُيِّرت؟ (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) النبأ) (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) الحاقة) ولذلك في يوم القيامة لا يستعمل الرواسي مطلقاً لأن يوم القيامة الجبال فيها حركة ورفع ودك ونسف (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ (5) القارعة) لا يستعمل في يوم القيامة الرواسي وإنما يستعمل الجبال. هنا (أن تميد بكم) مناسب للرواسي.

سؤال من المقدم: يقول تعالى (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)) قال في آيات أخرى (وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) ق)؟

(وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ). من كل زوج أي من كل صنف فالزوج تأتي بمعنى الصنف (وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) الواقعة) (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) الصافات). لكن لماذا اختار هنا زوج كريم وفي مكان آخر زوج بهيج؟. الكريم هو بالغ الجودة والنفاسة كثير الخير والمنفعة، والبهيج الذي يدخل البهجة على النفوس، إختيار كل كلمة لماذا اختار هنا بهيج وهنا كريم؟. يذكر هنا أن لقمان آتاه الله الحكمة (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ (12)) والحكمة هي بالغة الخير والنفاسة (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) البقرة) فإذن هذا الكرم مناسب لذلك الخير الكثير الذي في الحكمة. هذا زوج كريم بالغ الخير والنفاسة والجودة هكذا قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ) والحكمة بالغة الخير والنفاسة والخير الكثير لأنها مناسبة لما سيذكر بعدها من الحكمة. قد يسأل سائل لم تعددت الأوصاف والزوج واحد؟ ننظر ماذا قال تعالى في سورة ق (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)) إلى أن يقول (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10)) لما قال وزينها أليست الزينة لإدخال البهجة على النفوس؟ بلى، إذن كلمة بهيج مناسبة للزينة التي ذكرها في السماء (مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) هذه تدخل البهجة والزينة تدخل البهدة والزينة أصلاً تدخل البهجة على النفوس ثم يقول (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ) كلها يدخل البهجة. كما في سورة الحج (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)) ناسب بين الهمود وبين البهجة، هذه هامدة لا بهجة فيها مطلقاً فالوصف بحسب السياق الذي ورد، هناك كل زوج كريم لما تكلم عن نفاسة الحكمة وما سيأتي من الخير الذي ذكره في الحكمة قال من كل زوج كريم مناسب لما سيذكر ولما ذكر الزينة والنخل باسقات قال بهيج مناسب للبهجة. الموصوف قد يكون واحداً لكن الصفات تختلف وتتعدد بحسب ما تريد أن تذكره أنت في السيقا فإذا أردت أن تصف شخصاً بالعلم تقول هو عالم، الكلام على أي شيء من الصفات الكلام على الخلق تقول هذا صاحب خلق وإذا كان الكلام على الدين تقول هو تقي فالصفات تتعدد بحسب المقام والسياق.

نظرة عامة على الآية (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (11))

(هَذَا خَلْقُ اللَّهِ) هنا تحتمل أن يراد بالمصدر إسم المفعول أي هذه مخلوقاته ويحتمل أن يراد بها هذا صنعه يراد به المصدر كما ذكر وهذا من باب الإتساع في المعنى هذا صنعه العجيب وفعله العظيم وخلقه المتقن وهذه مخلوقاته كما ترى. لو قال مخلوقاته لكان معنى واحد لكن خلق الله تتسع لكل الخلق والمخلوق. (هذا) إشارة للقريب.

سؤال من المقدم: هنا قال (فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ)؟ ما قال (ما) مع أن كلاهما للإستفهام؟

(وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) ق) بمعنى الذي، (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (3) النساء). (ما) محتمل أن تكون إسم موصول وتحتمل أن تكون استفهام. هنا لو قال فأروني ما خلق الذين من دونه تحتمل دلالتين: الموصولية بمعنى الذي لو قال أروني الذي خلق قد يقال هو خلق فأرني الذي خلقه، هذه تحتمل تقول أرني ما صنع فلان أي أرني الذي صنعه، هذا إسم الموصول واستفهام أرني ما فعل هذا استفهام. (ما) تحتمل الإستفهامية وتحتمل إسم الموصول. (ماذا) إسم إستفهام قطعاً لا تحتمل الموصولية. هو أراد هنا الإستفهام إذن هم قطعاً لم يفعلوا شيئاً أرني ماذا فعل فلان؟ هذا فيه دلالة على أنه لم يفعل شيئاً. (ما صنع) يحتمل أنه صنع (أرني ما صنعت، أرني ما كتبت) هناك شيء موجود يسأل عنه. التعبير هنا قال (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ) هذا خلقه الله تعالى أروني ماذا خلق الآخرون؟ هذا صنعه الله تعالى وخلقه أروني ماذا خلق الآخرون؟ لماذ أنتم تشركون؟ ترقى من هذا السؤال إلى أمر آخر وقال (بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) انتهى إلى مسألة أن الظالمون في ضلال.

سؤال من المقدم: لماذا قال الظالمين؟ لما قال (فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ) هؤلاء الذين يعبدون من دون الله هؤلاء مشركون فهنا أراد أن يبين لهم أن الشرك ظلم عظيم. إختار الظالم لأن المشرك ظالم لنفسه أولاً وظالم لغيره. الشرك مؤدّاه إلى الظلم أولاً لأنه عبد ما لا يستحق أصلاً والعبادة هي أعلى شيء فأنت أهنت نفسك وعبدت ما لا يستحق وما هو دونك كالحجارة ثم أنت ظلمت نفسك لأنك توردها مورد الهلكة إذا ظلمت نفسك ستدخلها النار، ظلمت نفسك بأنك عبدت ما لا يستحق وأهنت نفسك هذا ظلم لها ثم أعطى ما لا يستحق شيئاً أعظم الأشياء، هذا لا يستحق العبادة ولا يستحق أن يقدّر فأنت تعطيه العبادة لذا قال بعد آيات (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) لقمان) لماذا؟ قلنا أنه ظلمٌ لنفسه لكن أنت تسوي بين القادر والعاجز، بين المنعِم المتفضل وبين المنعم عليه، هل هذا عدل؟! لو تقدم أشخاص للإمتحان للتعيين في دائرة من الدوائر فكان أحدهم أجاب عن كل الأسئلة بأبلغ كلام وأوفى تعبير وأحسن خط وآخر لم يحسن لا الكلام ولا التعبير ولا العلم ولك يحسن أن يكتب وساويت بينهما تكون ظالماً بدون شك. والفرق بين الخالق والمخلوق أكبر من هذا. إذن هو ظالم لأن الشرك لظلم عظيم (بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ضلال بيّن لا يحتاج أصلاً إلى إبانة.

(قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ (95) يوسف). ضل الطريق أي تنكّب الصراط عكس الهداية.

سؤال من المقدم: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12)) لماذا قال نشكر لله؟

(وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ) وذلك لأن الله تعالى يسند أفعال الخير لنفسه والحكمة لا يسندها قطعاً إلى غير الله سبحانه وتعالى. حتى لما قال ومن يؤتى الحكمة قال قبلها (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) البقرة) أسند إيتاء الحكمة لنفسه كما هو المعتاد في أفعال الخير. يبقى السؤال لماذا قال أن اشكر لله ولم يقل فاشكر؟ ما معنى أن اشكر لله؟ هناك فرق بين أن اشكر لله وفاشكر لله؟ ينبغي أن نعرف الفرق بين التعبيرين حتى نفهم لماذا قال أن اشكر ولم يقل فاشكر. قسم يقول (أن) تفسيرية، أن التفسيرية يسبقها ما فيه معنى القول دون حروفه أي دون حروف القول (ق، و، ل) مثل أوصى وأوحى يسبقها معنى القول أوصيناه أن افعل، لما تقول قال تصير مقول القول. (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ (131) النساء) هذه تفسيرية تفسر ما سبق، ما هي الوصية التي فسرها؟ (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ (7) القصص) ما هو الوحي؟ فهي تفسر الوحي الذي أوحاه. الأكثرون يذهبون إلى أنها تفسيرية (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ) ماذا آتاه؟ أن اشكر لله؟ لذلك قالوا هل هي الحكمة أو هي من الحكمة ولذلك قسم ذهب إلى أنها ليست تفسيرية وإنما هي وأوصيناه أن اشكر لله يعني هناك معطوف محذوف، أن اشكر لله في تقديره لمحذوف أتيناه وأوصيناه. هذا التعبير (أن اشكر) يفيد ثلاث معاني أنه آتاه الحكمة وأوصاه بالشكر وآتينا لقمان الحكمة يعني طلب منه الشكر يعني آتاك الله الحكمة فاشكر على ما آتاك، آتاك الحكمة فاشكره لأن الحكمة من النِعَم فاشكره وإن من الحكمة أن تشكر ربك ليزيد الخير (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ (7) إبراهيم). هو يشكر الله على أن آتاه الحكمة والشكر حكمة في حد ذاتها. لما قال (أن اشكر لله) تجمع ثلاث معاني أولاً أن أوصاه بالشكر والآخر لقد آتاك الحكمة فاشكر لله على ما آتاك من نعمة لأن الحكمة نعمة تستحق الشكر ومن الحكمة أن تشكر ربك. لو قال فاشكر ليس لها إلا معنى واحد يشكر على إيتائه الحكمة بينما هذه إن من الحكمة أن تشكر ربك، هذا معنى آخر جديد إن من الحكمة أن تشكر ربك لأنه لئن شكرتم لأزيدنكم إذن إن من الحكمة أن تشكر ربك حتى تستزيد من الخير في الدنيا والآخرة، إذن إن من الحكمة أن تشكر ربك وقال آتاك الله الحكمة فاشكره على هذه النعمة وهذا معنى آخر، والأمر الآخر آتيناه الحكمة وأوصيناه بالشكر هذا كله في قوله تعالى (أن اشكر لله)  لو قال فاشكر لله لا تعطي هذه المعاني وفيها ضعف، لو قال (ولقد آتينا لقمان الحكمة فاشكر لله) من الذي يشكر؟ المخاكب، هو لا يخاطب لقمان وإنما يتكلم عن لقمان بضمير الغائب ليس بضمير المخاطب فيصبح الفعل فاشكر فعل أمر للمخاطب، لم يؤتك شيئاً فتشكره على أمر لم يؤتيك إياه وإنما أعطاه شخصاً آخر؟. إذن من كل النواحي التعبيرية (أن اشكر) وليس فاشكر. ثم يأتي (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) شكر لفلان أو شكر فلاناً هل هو متعدي أو لازم؟ للشخص في القرآن يكون متعدياً (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) لقمان)، العمل تعدية شكرت لفلان صنيعه للعمل يكون مفعول به، وللشخص يتعدى باللام شكرت لفلان صنيعه، شكرت لله نعمته أو شكرت لفلان، لو شكرته على الفعل تقول شكرت عطاءك متعدياً بذاته أصل الفعل الذي تشكره بسببه يكون متعدياً بذاته وإذا كان الشكر للمنعم يتعدى باللام. لم يقل أن اشكر لنا لأنه أراد أن يبين من المتكلم. (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ) يريد أن يبين من هو الذي آتاه الحكمة فذكره باسمه الصريح فقال (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) هذا أمر والأمر الآخر أنه تعالى لم يذكر ضمير الجمع في موطن من المواطن في القرآن الكريم إلا إذا كان قبله أو بعده ما يدل على الإفراد لئلا يتوهم الشرك أصلاً ويزيل أي شائبة من شوائب الشرك حتى لا يتصور أنه إذا قال آتينا يكون أكثر من إله لم يرد في القرآن موطن واحد في ضمير الجمع لله إلا سبقه أو كان بعده ما يذكر على أنه واحد (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) لقمان) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) القدر)

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 6/8/2007م:

  1. (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) يونس)، (أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) النحل)، (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) النحل) لماذا سبحانه في الآية الأولى ولم ترد في الآية الثالثة؟ ما معنى سبحانه؟

  2. (وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) الأعراف)؟

  3. (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ (4) السجدة) هل قبل الخلق كان على العرش؟

  4. (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) وفي السجدة (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) الجنة مقصود بهم الجن فما الفرق بين الجن والجِنّة؟ وما دلالة البدء بالجن والجِنّة؟

  5. (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)) (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) النور) ما دلالة استعمال لعنة الله على الزوج وغضب الله على الزوجة؟

  6. (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) الحج) لما قال هدوا ولم يقل اهتدوا أو هداهم الله؟

  7. (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) الحج) و (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ (36) الحج)؟

  8. (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ (73) يونس) استشعار معاني هذه الآية فهل يمكن إظهار اللمسات البيانية في الآية؟