لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 57

اسلاميات

الحلقة 57

سؤال: ما الفرق بين القضاء والقدر والأجل؟

هذا السؤال يُسأل فيه المتكلمون أهل الكلام وليس في صلب اختصاص موضوعنا ولكن أذكر عبارة واحدة لأن الكلام فيها كثير بين الفرق أذكر عبارة واحدة من مشاهير العبارات في هذا الأمر. كثير من العلماء من قال أن القضاء هو ما سُجِّل في الأزل في اللوح المحفوظ قبل أن يقع لأن ربنا سبحانه وتعالى سجل المقادير قبل أن تقع هذا هو القضاء. أما القدر فهو ما وقع تصديقاً لذلك القضاء أي الذي يقع الآن هو قدر وافق القضاء الذي سجله ربنا في اللوح المحفوظ. والأجل هو المدة المضروبة للشيء، غاية الشيء والعمر. هذا ما نذكره الآن ومن أراد التوسع يمكنه أن يرجع إلى كتب الفِرق فيه كلام كثير.

سؤال: ما اللمسة البيانية في الآية (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (223) البقرة)؟

هذا سؤال فقهي لكن أُجيب فيما يتعلق باللغة فقط. الذي يظهر من التعبير اللغوي (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ) الحرث هو وضع النبت والزرع والنسل هذا هو الحرث في اللغة (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ (295) البقرة). فاتوا حرثكم أي مكان الإنبات والنسل.

سؤال: ما معنى ألمر وكهيعص؟

أثير هذا السؤال عدة مرات ولا نقول أكثر مما قلناه في حينها أنه كثير من المفسرين ذهبوا أنه من باب التحدي للعرب أن هذا القرآن من هذه الأحرف التي تعرفونها وتتكلمون بها فالقرآن جاء بكلام معجز فاتوا أنتم من هذه الحرف بنفس الكلام وقسم ذهب إلى أن هذه تبين سمات التعبير في الآية كما في ص وق وقسم توسع وقال أنها تشمل أنصاف الأحرف المستعلية والمجهورة وقسم صاغ عبارات وهذا أمر آخر ونحن لا نستطيع أن نقول أكثر ما قلناه فيما سبق.

سؤال: (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) المؤمنون) ما دلالة الردّ (لله) على السؤال بـ من بدل الله؟

الرب هو المالك رب الدار مالكها ومن معاني الرب هو المالك إذا سألنا من رب هذه الدار؟ يقال هي فلان ويمكن أن أقول فلان. من صاحب هذه الدار؟ هي لفلان أو فلان. الجواب ممكن أن تقول فلان أو هي لفلان لكن لماذا اختار مرة قال لله ومرة قال الله؟ الجواب ممكن لأن الرب هو المالك فتجيب بلام المِلك أو تجيب بالذات، الشخص. لو قرأنا سياق الآيات في كل من الموضعين: في سورة المؤمنون السياق في الملك (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) المؤمنون) لأن كل السياق هو في الملك، عن المالك والتملك، لمن الأرض، من رب السموات؟ السياق كله في التملك. في سورة الرعد (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)) السياق ليس في المُلْك أو التملك وإنما في التوحيد. هو الرب المالك والقيم فلما كان السؤال عن المِلْك جاء بلام المِلك التي تفيد التملك (لله) ولما كان السؤال عن التوحيد وعن الواحد وليس عن التملك أجاب بالذات (الله). (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)) هذا في مقام التوحيد والسؤال عن الذات وليس عن المِلك فقال (الله). في صدر الآية في الرعد قال (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) الرب هو المالك والمتصرف والقيم والمربي فيه كل هذه الصفات وليس بدلالة واحدة.

سؤال: (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)) (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) النور) ما الفرق بين اللعنة والغضب؟

(وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)) (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) النور) اللعنة في اللغة هي الطرد والإبعاد، إبليس لعنه أي طرده من رحمة الله. مقتضى شهادة الزوج لما يرمي زوجه إذا نفذت ستكون النتيجة أنها تقتل وترجم وتُبعد من الحياة، الزوج إذا رمى زوجه بالزنا سترجم إذن ستطرد من الحياة، تُبعد من الحياة، فهو إذن كما أبعدها من الحياة يستحق اللعنة إذا كان كاذاباً يستحق الطرد والإبعاد من رحمة الله واللعنة إن كان كاذباً هذا جزاؤه كما طردها يُطرد وكما أبعدها يُبعد. أما بالنسبة للزوجة فلو فعلت ذلك فهي فعلت فاحشة كبيرة فتستحق غضب الله. الزوج قال لعنة الله عليه لأن هذه الشهادة الكاذبة ستُبعد الزوجة عن الحياة فإن كان كاذباً أبعده الله عن رحمته كما أبعدها من الحياة. وهي أي الزوجة غضب الله عليها إن فعلت كأي فاعل فاحشة لأن الزوج لا يناله شيء، شهادتها تنجيها من الحدّ لكنها لو فعلت فعليها غضب الله كأي واحد يفعل فاحشة عليه غضب الله. الزوج يرمي زوجه بالزنا دون شهداء فيحتكم إلى اليمين فلو فعل ذلك مقتضى هذه الشهادة أنها ستُرجم فإن كان كاذباً يستحق لعنة الله تبارك وتعالى والطرد من رحمة الله تعالى كما فعل بها أما هي فتستحق الغضب لأنه لا يترتيب على الزوج شيء.

سؤال: ما الفرق بين السبيل والصراط؟

السبيل هو الطريق السهل الذي فيه سهولة والصراط هو أوسع الطرق الطريق المستقيم وهو أوسع الطرق ولذلك لا يُجمع في القرآن (في اللغة يمكن أن يجمع مثل كتاب كتب). إذن الصراط هو الطريق المستقيم وهو أوسع الطرق ولم يرد في القرآن إلا مفرداً لأنه يُراد به الإسلام (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ (153) الأنعام) السبيل يجمع على سبل، يأتي مفرداً ويأتي جمعاً لأنها سهلة ميسرة للسير فيها. طرق الخير تجمع وطرق الشر تجمع (يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ (16) المائدة) طرق الخير، (وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) هذه طرق الشر وتستخدم سبل للخير والشر أما الصراط هو أوسع الطرق أياً كان (مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) الصافات) هو أوسع الطرق. ويأتي الصراط دائماً موصوفاً ومضافاً يدل على أن هذا طريق الخير وذاك طريق الشر. إذن الصراط الطريق الواسع والسبيل الطريق المنبثقة عنها، الطرق المتفرعة عن الصراط لذلك تجمعه سبل الخير، سبل الشر. السبيل عام وفيه معني السعة وكما قال الزمخشري سمي الصراط لأنه يسرط السالكين ويبلعهم، كم يسلكون الصراط يبلعهم. أصلها سراط بالسين من سرط ولكن أيضاً تقال صراط بالصاد لكن أصل الكلمة بالسين (سراط) وقد تكتب بحسب اللفظ. أصلها من سرط أي ابتلع لأنه يبتلع السالكين صراط يربطونها بستريت (straight) مستقيم وستريت (street) بالإنجليزية. اللغة العربية هي أقدم اللغات الموجودة المستعملة وليس هناك لغة أقدم منها وهناك بعض اللغات التي اندثرت.

سؤال: ما الفرق بين استخدام الجمع والمثنى في الآيات (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)البقرة) و(قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ (123) طه)؟

الذي يوضح قراءة الآيات. في البقرة كان الخطاب لآدم وزوجه (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)) ننظر ماذا قال في طه الخطاب لآدم (فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)) (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)) في البقرة (وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا) أما في طه (فَأَكَلَا مِنْهَا) في طه الكلام موجه لآدم وفي البقرة موجه لآدم وحواء إذن اهبطوا في البقرة أي آدم وحواء وإبليس، في طه آدم وإبليس وحواء تابعة. الخطاب في طه موجه إلى آدم (لا تظمأ، فوسوس إليه، فتشقى، فعصى آدم ربه،) فكان الكلام (اهبطا) لآدم وإبليس وحواء تابعة (فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ) الكلام متصل بآدم، (وعصى آدم ربه فغوى، فوسوس إليه) السياق لآدم هنا (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) الكلام على آدم فقال اهبطا وحواء ليست هي في السياق قال اهبطا أي آدم وإبليس ولما دخلت حواء في السياق في سورة البقرة قال اهبطوا أي آدم وحواء وإبليس لأن بعضكم لبعض عدو.

سؤال: قال أحد العلماء لو أن الله تعالى لم ينزل سوى هذه الآية لكفى وهي قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل)؟

لو لاحظنا هذه الآية ذكر فيها مقومات المجتمع وعوامل دوامه واستمراره وهذه كلها صفات اجتماعية العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى كلها صفات بناء المجتمع ودوامه واستمراره وذكر صفات تخريبه وزواله وعناصر إفساده وتفكيكه وهي الفحشاء والمنكر والبغي. إذن فيها عناصر بناء المجتمع والنهي عن تخريبه وتفكيكه. عناصر بناء المجتمع ذكر ثلاثة أشياء: العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وبدأ بالعدل لأن العدل واجب فرض، والإحسان ليس بمنزلة العدل والإحسان فيه وفيه وهو فوق العدل أن تحسن إلى الآخرين، إيتاء ذي القربى هذه تمتين العلاقات بين الأفراد وهي اللبنة الأولى للمجتمع. فإذن بناء المجتمع متكامل من اللبنة الأولى إلى عموم المجتمع. العدل والإحسان وهو فوق العدل. العدل هو الإنصاف أن يأخذ كل حقه والإحسان قد يكون شيئاً فردياً إحسان العادة والإحسان إلى الآخرين، إحسان العمل والإحسان إلى الآخرين وهو فوق العدل (وجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا (40) الشورى) هذا عدل (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ) هذا من الإحسان. (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) هذه مرتبة أعلى. الإيتاء العطاء وهذا لتمتين العلاقة. الآن ذكر عناصر بقاء المجتمع ودوامه واستمراره ونهى عن عناصر تفكيك المجتمع الفحشاء والمنكر والبغي هذه تهدم المجتمع ثم هذا المجتمع مؤمن بالله والرسول r لأنه قال إن الله يأمر بالعدل يعني هذا أطاع ما أمر الله به عن طريق الرسول r إذن هذا المجتمع مؤمن بالله وبالرسول r وهذه صفاته يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى التي هي عناصر بناء المجتمع ودوامه واستمراره وبقاءه وينهى عن عناصر التفكيك والتخريب هذه كافية في بقاء المجتمع. في نقض المجتمع وهدمه لم يأت بنقيض العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. الفحشاء عامة والمنكر أوسع، الفحشاء هو الإفراط في اتباع الشهوات عموماً والمنكر ما أنكره الشرع وما أنكره العقل السليم وهذه أوسع من الفحشاء والبغي خداع الآخرين. في الأمر قدم العدل وفي النهي أخر البغي وقدم ما هو أعم وهو الفحشاء ويدخل فيه البغي. مناط المحاسبة عند الله تعالى العدل. إذن الترتيب مقصود لذاته فالعدل واجب يشمل الجميع (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8) المائدة) والإحسان مرتبة أخرى

سؤال: ما الفرق بين النَعمة والنِعمة (وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) الدخان) (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) المزمل) ؟

النعمة تفضل الله تعالى على عباده وهي متعددة العافية والقوة والإيمان هذه كلها نِعم (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (34) إبراهيم) أما النَعمة فهي الرفاهية والتنعم ولين العيش والرخاء من النعيم والنعيم أحد النِعم. الله تعالى ذكر السمع والبصر والدين نعمة (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الضحى) هذه كلها نِعم والنَعمة الرخاء والرفاهية ولم ترد في القرآن إلا في الذمّ (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) المزمل) (وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) الدخان) لم ترد كلمة النَعمة في الخير أما النِعمة فكلها خير.

سؤال: ما اللمسة البيانية في تكرار (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) في سورة الرحمن؟

هذا من باب التذكير بالنِعم والتقرير فيها فإذا ذكر نعمة خاطب الثقلين (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) الآلآء هي النِعم، كل نعمة يذكرها يقول مثلاً (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ (15) فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16)) ربنا يريد أن يقرر النِعم على عباده على الثقلين الجن والإنس فيكرر هذا الشيء وهذا أمر يجري في كلامنا العادي إذا أردنا أن نذكر أحدهم بالنعمة نقرره كما نقول لقد تعهدك فلان أتنكر ذاك؟ وأدخلك المدارس وأنفق عليك أتنكر ذاك؟ وأدخلك الجامعة أتنكر ذاك؟ هذا من باب التذكير بالنعم ربنا يذكرنا بالنعم ويقررنا (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) أما العدد فهي بحسب النِعم التي ذكرها ربنا تعالى وقال القدماء لما ذكر الجنة ذكر (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) مرتين بعدد أبواب الجنة في الجنتين ولما ذكر النار ذكرها سبع مرات بعدد أبواب النار

سؤال: ما اللمسة البيانية في تكرار لفظ الجلالة الله في كل آية من آيات سورة المجادلة؟

في كل آية من آيات سورة المجادلة ورد فيها ذكر لفظ الله بلا استثناء وهناك سور أطول من المجادلة لم يرد فيها ذكر الله مثل سورة القلم، سورة القيامة، سورة المرسلات، سورة النبأ، سورة عبس وهي تتعلق بالسياق الموجود. في سورة المجادلة يذكر في كل آية ما يتعلق بالله إسناداً أو صفة أو شيء فيقتضي ذكرها وإذا لم يذكر هذا الشيء لا يحتاج كما في سور متعددة أطول من المجادلة لم يذكر فيها إسم الله. (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا (1)) (وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)) ذكر ما يتعلق بالله تعلقاً أو إسناداً أو صفة يذكر لفظ الله وآيات المجادلة كلها تتعلق بالله إما إسناداً أو تعلقاً.

سؤال: ما اللمسة البيانية في تكرار (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ) في سورة المرسلات؟

هذا من باب التهديد كما أنه في الرحمن من باب التذكير بالنِعَم كرر (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) في المرسلات من باب التهديد. كلما يذكر تهديداً يذكر (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ) كما أنه لما يذكر النعم يقول (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) لما يذكر التهديد يقول (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ) ومن اللطائف وبالمناسبة قال في الرحمن (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) وفي المرسلات (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ).

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 6/9/2007م:

  1. (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً (38) البقرة) هل هي بنفس معنى اهبطوا في الآية (اهْبِطُواْ مِصْراً (61) البقرة)؟ كل واحدة لها سياق.

  2. الجنة والحساب والعقاب هل سيكون في الأرض أو في السموات يوم القيامة لأنه ذكر أن جيء بجهنم ولم يذكر هذا في الأرض أنه جيء بها؟ الله تعالى قال (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ (48) إبراهيم) وقال أيضاً (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (31) ق) يعني قُرِّبت.

  3. (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) الرحمن) فما معنى جنتان؟ وهل هي جنة واحدة أم جنتان؟

  4. (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ (185) آل عمران) (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) الزمر) ما دلالة استخدام كلمة ذائقة مع الموت؟

  5. ما دلالة ذكر الواو مع الجنة في الآية (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر) وعدم ذكرها مع أهل النار (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (71))؟

  6. خاطب تعالى آدم لوحده ومرة خاطب آدم وحواء والخطاب كان مرة واحدة بصيغ متعددة فكيف نفهم الصيغ المتعددة في الخطاب؟

  7. (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ (66) هود) لماذا جاءت الميم مكسورة في يومِئذ؟ (يومِئذ) يوم هي مضاف إليه، اليوم يكون مجرور بالكسرة. (من عذاب يومئذ) مضاف إليه (لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) المعارج) مضاف إليه مجرور ولما لا يكون في حالة جر يكون منصوباً

  8. (رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) الأعراف) (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) طه) ما اللمسة البيانية في تقديم هارون على موسى؟

  9. يقولون أن الشيطان حاول أن يوسوس لآدم فلم يقدر عليه ثم تحول لحواء فقدر عليها فهل هذا صحيح؟

  10. ما اللمسة البيانية في كلمة ضيزى في آية سورة النجم (تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22))؟

  11. من هما الثقلان؟ الإنس والجن.

بُثّت الحلقة بتاريخ 6/9/2007م

2009-01-21 06:14:00الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost