تابع آيات الصيام
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185))
(وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) البقرة) هذه اللام فيها احتمالان احتمال أن تكون اللام زائدة في مفعول فعل الإرادة يعني يريد لتكملوا العدة والقصد منها التوكيد لأن فعل الإرادة يتعدى بنفسه (يريد الله أن يخفف عنكم) (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وهنا جاء باللام وهو يقع كثيراً في مفعول فعل الإرادة للتوكيد فاحتمال أن تكون هذه اللام مزيدة في مفعول فعل الإرادة بقصد التوكيد. والآخر يحتمل أن يكون للتعليل والعطف على علّة مقدرة وذكرنا أمثلة وهناك أمور يريدها لكن الآن هو ذكر مناط الأمر وذكرنا جملة أمثلة مثل قوله تعالى (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) الأنعام) فقلنا لام التعليل والعطف على علة مقدرة ليس فقط لهذا الأمر وإنما ليقيم الحجة على قومه وليكون من المؤمنين وليستدل على الصانع لكنه ذكر مسألة واحدة. وذكرنا قوله تعالى (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) البقرة) الآن المقصود العلة ولكن هناك علل بدلالة الواو أن هنالك علل أخرى محذوفة لا يتعلق الآن غرض بذكرها لأنها ليست فقط لهذه العلة لأن أصل السؤال أنى يحيي الله هذه بعد موتها، فأماته الله، ما ذكرها بينما هو صاحب الشأن فذكر ما هو أهم وهنالك أمور أخرى وعِلل لكن ما ذكرها وإنما ذكر ما يتعلق بإرادة المتكلم وهو أن يجعله آية للناس وذكرنا كيف يكون العطف على مقدّر (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (36) النساء) في غير العلّة، قلنا وبالوالدين على أي شيء معطوف؟ ليس هناك شيء والمعنى أحسنوا بالوالدين إحساناً، وهذا كثير في القرآن الكريم وفي لغة العرب.
(فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) المؤمنون)(وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73) الزخرف) الفاكهة التي يزرعها في البساتين ليست فقط للأكل وإنما يعصر منها ويجفف والاستفادة منها لا يكون بالأكل فقط وإنما لها فوائد كثيرة منها الأكل، تعمل منها مربيات وأشياء كثيرة وتبيع أما في الجنة فلا تبيع منها ولا تجفف (لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ) للأكل فقط. أما قوله (وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) لها فوائد كثيرة والأكل واحد منها. ومن هذا نفهم قوله (ولتكملوا العدة). أول شرط لمن ينظر في القرآن التبحر في علم اللغة وفي علم الاشتقاق
(وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) (ما) تحتمل معنيين بمعنى التي والمصدرية بمعنى الهداية ونرجح المعنيين فهما مرادان، أي على الذي هداكم وعلى هدايته لكم. السياق أحياناً يعين على فهم دلالة واحدة. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ (23) الأحزاب) بمجرد أن قال (عليه) تحدد معنى (الذي) ولو لم يقل عليه لاحتملت ما الموصولة أو المصدرية فطالما لم يحدد يُطلق.
سؤال من المقدم: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)) هذه الآية جاءت بين آيات الصيام فلماذا؟
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ (187)) هذا يدل على أن الصيام من دواعي الإجابة وقوع هذا الدعاء بين آيات الصيام إرشاد العباد إلى أن يلحوا بالدعاء ويكثروا منه لأن الصائم مجاب الدعوة في صومه وعند فطره فإذن وقوع هذه الآية بين آيات الصوم إرشاد للعباد على أن هذه فرصة ودعوة لهم بأن الصائم لا ترد دعوته.
سؤال من المقدم: ما دلالة استخدام (وإذا) بدل (وإن)؟
(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) ما قال قل لهم كتب عليهم الصيام كذلك في الدعاء لم يقل قل لهم وإنما قال (فإني قريب) مع أنه في آيات أخرى عندما يكون هناك سؤال يقول قل، مثلاً (يسألونك عن المحيض قل هو أذى) أما في هذه الآية تكفل الله تعالى بالإجابة مباشرة (فإني قريب). هو يُدعى سبحانه وتعالى بلا واسطة وهو يجيب مباشرة حتى نلاحظ معظم سألك في القرآن يأتي بعدها (قل). ثم إنه قال (أجيب دعوة الداع) لم يقل إن شئت أو إن شاء ربك وإنما قال أجيب دعوة الداع كأنه أجاب بينما نلاحظ في آية أخرى (قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) الأنعام) لم يقطع بينما في آية الصيام فالإجابة لا بد أن تكون إما يعجل له أو يُدّخر له أو يرد عنه بمقدارها من الأذى كما في الحديث، أجيب دعوة الداع لم يعلقها بشيء.
(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ (180) البقرة) هذا مقطوع الوقوع وقال (إذا جاء نصر الله والفتح) (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ (86) النساء) هذا كثير الوقوع، وقال (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) هذه قليلة. قال (إذا سألك) وقال (إذا دعان) هذه إشارة أن المطلوب من العبد الإكثار من الدعاء وعليه أن يكثر من الدعاء وفيها الدعاء شرط الإجابة (أجيب دعوة الداع إذا دعان) جعل الله تعالى الدعاء شرط الإجابة ومن باب التوكيد قدّم الإجابة على الدعاء. مثلاً إذا جئت إليّ أُكرمك، أنت بنيت كلامك على الإجابة حتى النحاة يقولون لما تقول أكرمك إن جئتني، هو قال له أُكرمك هذا شبه متفق عليه من قبل النحاة. بنى على الإخبار بالإكرام وهنا ربنا بنى على الإجابة، الإجابة بفضل الله متحققة والله تعالى يريد من العباد أن يدعوا والدعاء شرط الإجابة. وقال تعالى أجيب دعوة الداع وليس أجيب الداعي لأن الدعوة هي المطلوبة بالذات. يجيب ماذا تريد أنت أي يجيب الدعوة. وربنا يغضب إذا لم يدعوه العبد ويحب الملحاح في الدعاء وغضب ربنا على أقوام لأنهم لم يدعوه (وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ (43) الأنعام) (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) المؤمنون) (قل أعوذ برب الفلق) أي ادعُ وقلها لا في نفسك فقط، عندما يقول أعوذ يعني أنه يحتاج لمن يعينه فينبغي أن يقولها.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 4/10/2007م:
-
u بعدما مشى مع العبد الصالح الأحداث التي حصلت معه هي نفسها التي حصلت معه في حياته قبل هذا عندما ألقته أمه في اليم وعندما قتل أحد بني إسرائيل وعندما سقى للبنتين.
-
(فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) المعارج) و (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) الكهف)؟ قاعدة خطان لا يقاس عليهما خط المصحف وخط العروض، المصحف في البداية لم تكن مستقرة فخط المصحف لا يقاس عليه وخط العروض لا يقاس عليه. كانت كتابتهم في وقت معين هكذا.
-
(فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ (39) الرحمن) هذا مغاير لآيات تؤكد سؤال المجرمين عما كانوا يعملون (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) الأعراف) (وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) الزخرف)؟ هذه مشاهد من يوم القيامة في مشهد لا يتكلمون ولا يُسأل أحد وإنما صمت عام يبقى الناس أربعين ألف سنة لا يتكلمون ثم بعد ذلك يكون السؤال والجواب. إذن هي مشاهد قبل الحساب في المشهد الأول لم يتكلم أحد (وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) طه) والملائكة لا يتكلمون، هذا المشهد ليس فيه كلام يبقى الناس لا يتكلمون ثم يذهبوا إلى آدم وحتى يقول البعض اللهم أرحنا من هذا ولو إلى النار.
-
(لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى (24) الحشر) الحسنى مفرد والأسماء 99 جمع، (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) طه) العلا جمع عليا (العلا جمع والسموات سبع). المفرد في الصفات مع غير العاقل تفيد أكثر من الجمع يعني عندي أشجار كثيرة أكثر من أشجار كثيرات، أشجار كثيرات قليلة وأشجار كثيرة كثيرة. المفرد مع غير العاقل أكثر من الجمع. الصفات جمع كثيرة فنقول العليا ويصح العلا لكن أولى أن يقال العليا كما نقول الأجذاع انكسرن والجذوع انكسرت، وأكواب موضوعة ما قال موضوعات فإذا جمع يكون قليلة ويقول غرف مبنية لا يقول غرف مبنيات. إذا أفرد الصفة في غير العاقل تكون كثيرة وإذا جمع يكون أقل. اللغة الأعلى أن يقال الصفات العليا والأسماء الحسنى بالإفراد، السموات العلا بالجمع جمع عليا علا، هذه قاعدة لغوية.
-
(قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء (44) البقرة) (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ (33) الأنعام)؟ قد إذا دخلت على المضارع من معانيها التقليل وقد تأتي للتحقيق والتكثير كما في قوله (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء (44) البقرة) (قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ (64) النور) هذا تحقق. إذن من المعاني التقليل وليس معناها التقليل. إذا دخلت (قد) على المضارع من أحد معانيها التقليل. (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء (44) البقرة) ليس معناها التقليل وإنما التحقيق والتكثير وهذا شأن بقية الحروف لها أكثر من معنى. هذه اللغة الأعلى في التعبير وهذه لغة العرب وأحد المعاني هو التقليل وليس كل المعاني.