المجلس الخامس
الحمد لله
كلمة “الحمد ” لوحدها تستحق الحمد لله عز وجل.فمن عدل الله عز وجل أن جعل الكلمة التي نتقرب إليه بها ونمدحه بها واحدة وهي كلمة ” الحمد لله”. الله عز وجل علمنا أن نشترك في تلفظ وقول كلمة واحدة في الحمد والثناء …الحمد لله…دليل أننا مسلمين كلنا نقول نفس الكلمة ” الحمد لله” لا يرضى إلا بصيغة واحدة هي ” الحمد لله” هذه نعمة . فقد يكون هناك شخص يحمل من الود الذي أحمله، ولكنه أوتي من حلاوة اللسان ما لا أملك أن أقوله، فتأتي الكلمات مختلفة، لكن من رحمته سبحانه وتمام عدله أن ساوى بيننا حتى في كيفية تقديم الشكر والثناء له سبحانه.
في أي شيء نتفاوت؟ في مدى الإحساس والشعور حين أنطق بها.
وسبحانه الله العظيم لفظة الحمد فيها إعجاز حتى حين النطق بها. في القرآن .. الإعجاز الصوتي …. الحروف لها صوت، وكل حرف له تأثير : الحاء مريحة، الحاء مع الميم مع الدال ……… معجزة في إخراجها
لكن كيف أستطيع أن أجعل من لفظة الحمد، درجة ترتفع بها درجتي عند الخالق سبحانه؟؟
أولا عليّ أن أحاول أن أستحضر النعم التي وهبها الله لي من قلب صادق يعيش في حاله من حالات الشكر المجرد، والوقفة الصادقة أمام النفس في استشعار الامتنان لله سبحانه الذي أغدق علينا كافة أشكال النعم التي مهما حاولنا فلن نحيط ولا حتى بجزء يسير منها.
فالحمد لله شخص يقولها لا تغير منه شيء، ومنا من يقولها ترفعه درجات وتغير حياته.
الحياة التي نعيشها لها جانبان :واحد مشرق حلو، والثاني مظلم معتم. وكلمة الحمد لله تجعلني أركز على الجانب المشرق في حياتي وأستبعد من تفكيري ولو للحظات الجانب المظلم الذي هو في حد ذاته قد يكون نعمة من غير أن أشعر بها. . مثلا الله عز وجل ابتلاني في مرض أو زوج أو ولد… أي شيء : إذا استمر تفكيري في التركيز على شيء حرمت منه لا أستطيع مواصلة الحياة، سأعيش في حالة من اليأس والبؤس والتعاسة….لأني لا أفكر إلا فيما حرمت منه. الحياة حلاوتها ممزوجة بمرارتها ،مثلا يمريوم عليّ سعيدة واليوم اللي بعده يمر سيء……وهكذا وهذه من حكمة الله عز وجل، فالحلاوة الدائمة مملة وكذا المرارة فكانت ممزوجة من ههذ وهذه.
” لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ {28/76}القصص
هذا تدريب عملي من الله سبحانه وتعالى يربيني لأنظر للجوانب المشرقة في حياتي ولا أركز على ما حرمت منه ، أركز على النعم التي بين يديّ ……….الحمد للــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه..
هكذا أقولها ،مثلا عندي مرض ، أنظر للعين.. للبصر.. لليد… ، عشرات النعم لديّ فأشعربالخجل والحياء من الله عز وجل على تفريطي في النظر لما أعطى سبحانه
ما سبب المشاكل اللي في حياتنا ؟
لأننا نركز على مافقدناه في حياتنا وننسى كل الأبواب المفتوحة أمامنا ونركز على الباب المغلق!
مثلا زوجي تركني، ليس لدي أولاد……. فقط أركزعلى ذلك وأنسى كل النعم؟!
في كلمة واحدة .. أتدرب على النظر في الجوانب المشرقة في حياتي والتنعم بها…….الحمد لله..
سيدة لها ولد يشكي من كل شيء في الدنيا .. ليس لديّ … كذا وكذا
جاء الولد يوم حزين لأن له زميل عنده مرض وذهب للمستشفى ،وكان مرضه متأخرا… في يوم واحد تغير كل شيء ، وأصبح يقوم لصلاة الفجر ، وهو يقول : أخذت أفكر في النعم التي لديّ.. الصحة نعمة عظيمة، الحمد لله يدربني بشيء أمتلكه بيدي وليس بيد غيري …
الحسد والغيرة والحقد والنظر لما في يد غيري … هذه أسس البلاء في الدنيا حاليا، السبب فيها النظر إلى ما ليس في أيدينا وهذه قمة الجحود والنكران لفضل الله سبحانه علينا
تأثير علاقتنا إني أطالع ما في يد غيري ……. المشكلة إني ما في يدي لا أطالعه.. هنا يأتي الشعور بالحسرة والغيرة والحسد والحقد لذا فهي الحالقة التي تأكل الحسنات ، وعدم الرضا بالقضاء والقدر، وبما يقسمه لنا الله .
أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {43/32} الزخرف
الله عز وجل هو الذي فضل في الرزق،كأني اعترض على عطاء الله والقسمة التي قسمها لي، فكيف يصدر هذا مني وانا أؤمن به ربا حكيما كريما مالكا للملك!!!!!
الحمد لله …….. حالة وشعور وإحساس أشعر به طول حياتي الليل والنهار.
جعلنا الله نكررها على الأقل 17 مرة في اليوم في الفرائض وممكن تزيد مع النوافل.
في البرمجة اللغوية العصبية يقال لك كرر.. أنا ناجح ..ناجح.. القرآن العظيم من خلال هذه الآيات العظيمة وبتكرار هذه اللفظة العظيمة، يغير حياتي. سبخحانه له المثل الأعلى في كل شيء.
كذلك أكرر وأقول … الحمد لله .. الحمد لله… إلى أن يتحول إلى سلوك وشعور وإحساس، وإذا تحولت .. إن شاء الله أكثر من 90% من مشاكلنا ستحل .
الإنسان اللي يفقد نعمة أقل تعاسة من اللي عنده نعمة ولا يشعر بها ، هذه هي حياتنا مع زخم الحياة … أصبحنا استهلاكيين .. هذه اشكالية كبيرة تسبب التعاسة في الحياة .. القرآن علمنا … الحمد لله .. كل نعمة أعطاها الله لي هي عظيمة، ولكن التعاسة الحقيقية أن أمتلك النعمة فلا أشعر بها إلا حين أفقدها.
وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {16/18}النحل
الحمد لله رب العالمين .. ناس عندهم صحة .. زوج …علم .. مال
والابتلاء! كيف أصل فيه لحالة الحمد؟
كيف أشعر إن الله عز وجل رغم الابتلاء أعطانا نعم ؟!
فوائد الابتلاء :
1-الابتلاء يقربني من الله عز وجل:
قال تعالى “ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً“نحن في هذه الدنيا ضيوف .. أقوم بما فرضه الله عليّ لحين مستقرنا في الآخرة .. الابتلاء من أقرب الطرق اللي توصلني لله عز وجل، احيانا لا نجد الخشوع في الصلاة ولا البكاء من خشية الله عز وجل .. بدون الابتلاء أنا بعيدة عن الله عز وجل ” إن الله يشتاق لسماع صوت عبده بالدعاء”
” وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا {17/83}الإسراء
مجرد مس حتى ترفع يدك وتقول يارب بقلب صادق لم تشغله الحياة وزخمها الفارغ عن ربه.
2- أعمالنا في الدنيا لا توصلنا للجنة:
لن يدخل أحد الجنة بعمله. وفي قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة ، فسددوا وقاربوا ، ولا يتمنين أحدكم الموت : إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 5673
خلاصة الدرجة: [صحيح]
وأنا أطلب الفردوس الأعلى كيف أحصل على ذلك وربما عملي يقبل أو لا يقبل؟ بالابتلاء والصبروالدرجة الأعلى هي الرضى ..أحمد الله عز وجل على ما أنا فيه ، والله اختار لي لأكون فيه ..هذا حكمه وقدره ،ومادام قدر يكون فيه خير لي .
أن أنظر للابتلاء أنه حرمان ومنع ؟! هذا إحساس ما فيه رضى بقضاء الله وقدره ، هذا خلل في التوحيد، من التوحيد ما قضي َ عليّ من قضاء هو خير لي ” رضيت بالله ربا” أي بحكمه وقضائه اللي يعجبني واللي ما يعجبني
الحمد لله بوجه هذا الابتلاء ،انظر للجوانب المشرقة في الابتلاء نعمة.
هذه هي طبيعة الدنيا لكن نتفاوت .. تقديري مختلف عن تقدير رب العالمين موقفي أرضى بما اختاره الله لي .. طالما شيء لا أستطيع له دفعا، أرضى بما قسمه الله لي .. الثقة بالله عز وجل .. أحب الله عز وجل .. أثق بأسمائه وصفاته .. الحمد لله .. وجهت الحمد لله عز وجل..
اللــــــــــــــــــــــــــــــــه.. لفظ الجلالة جمعت كل أسماء وصفات الله عز وجل
” رب العالمين“ رب … هو الذي يربيني …. الحمد لله رب العالمين اعترفت بالربوبية لله عز وجل .. يارب إنت ربتني .. الابتلاء هو نوع من التربية لي” مثل أولادي أربيهم وأعلمهم لكي يصبحوا أحسن ناس “..ولله المثل الأعلى أنا أوجه بالشكر والثناء إن ربي يربيني بالنعم والابتلاءات بما يسرني وبما يضرني ..هو نفع لي..
مرات أقسو على أولادي لمصلحتهم .. ولله المثل الأعلى كل ما نمر به هو نوع من التربية لنا هنا الحمد لله تحولني إلى إنسان راضي .. مستقبل للابتلاءات بقلب واثق من ربه سبحانه مطمئن لاختياره وقضائه.
قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {9/51}التوبة
كيف تصبح حياتنا هنا في سعادة ؟! الحمد لله جمعت جميع الصفات والاسماء لله عز وجل ..الابتلاءات..والصعوبات .. والشدائد .. بعدها مباشرة .. الرحمن .. الرحيم .. لكي أزيد في الاطمئنان ..عندي رحمن وعندي رحيم ..ربنا شملنا برحمته التي وسعت كل شيء
يوجد آخرة ..جزاء من أعظم النعم .. علمني أحمده ..وأجري الحمد على لساني ..اختارني من بين الناس لأقول الحمد لله ..يستحق الحمد سبحانه ..أستحضر ما أنا فيه وتطيب نفسي وترضى بالقضاء والقدر.
واجب الأسبوع
· اتمرن على أن أستشعرنعم أعطاني الله إياها .
· اختارابتلاء أو محنة أمر بها وأفكر في الأشياء الإيجابية التي تستحق الحمد في هذا الابتلاء ذاته بمعنى اكتشاف الفوائد التي فيه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته