قصص القرآن

من بدائع القصص النبوي – 4

اسلاميات

أرض التوبة

 

عن رسول الله صلى الله عليه وسلـم أنه قال : ( كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً ، فسأل عن أعلم أهل الأرض ، فدل على راهب ، فأتاه) .

القاتل (نادماً) : إني قتلت تسعة وتسعين نفساً ، فهل لي من توبة ؟ .

الراهب (في غباوة وجهل) : لا .

الرجل يقتل الراهب فيكمل به المائة .

ثم يسأل عن أعلم أهل الأرض ، فيدلونه على رجل عالم .

القاتل : إني قتلت مائة نفس ، فهل لي من توبة ؟ .

العالم ( في ثقة) : نعم ، ومن يحول بينك وبين التوبة !! انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فأعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء .

(ينطلق الرجل حتى إذا نصف الطريق ]وصل نصفه[ أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب) .

ملائكة الرحمة : جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى .

ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيراً قط .

(يأتيهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم) .

الملك (يحكم) : قيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له .

(الملائكة تقيس ما بين الأرضين فتجد التائب أقرب إلى الأرض التي أرادها بشبر ، فتقبضه ملائكة الرحمة).

 

من فوائد القصة :

قال الله تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } .

1-      المذنب لا ييأس من رحمة الله ، ولو ملأ الأرض ذنوباً ، بل يجب عليه أن يتوب إلى ربه حالاً ، قال الله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } .

2-      لا بد للجاهل من سؤال عالم بالكتاب والسنة حتى يحل مشكلاته .

 

3-      لا يجوز للعابد أن يفتي الناس إذا كان جاهلاً ، ولو تزيا بزي العلماء ، فإن ضرره أكثر من نفعه ، وقد يعود بالوبال عليه كما في هذه القصة ، ولو كان هذا الراهب عالماً لما سد باب التوبة على من سأله ، ولما عرض نفسه للقتل .

4-      العالم : هو الذي يفتح للناس باب التوبة ، ويغلق باب القنوط من الرحمة ، فهو كالطبيب يأخذ بيد المريض نحو الشفاء ، ويفتح له باب الرجاء) .

5-      على المذنب إذا أراد توبة أن يهجر أصحابه الذين اشترك معهم في الذنب ، وأن يهجر الأماكن التي يرتادها للمعصية .

6-      على التائب أن يرافق الصالحين ليعتاد فعل الطاعات وترك السيئات ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل) .

7-      التحاكم إلى عالم بالكتاب والسنة مشروع عند الاختصام .

8-      لا تحتقر مذنباً مهما فعل ، لأنك لا تدري بم يختم له : ففي الحديث : ( أن الرجل ليعمل عمل الجنة فيما يبدو للناس ، وهو من  أهل النار ، وأن الرجل ليعمل عمل النار فيما يبدو للناس ، وهو من أهل الجنة ) – زاد البخاري ( وإنما الأعمال بخواتيمها) .

 

من الكتاب القيم: من بدائع القصص النبوي الصحيح

 للأستاذ / محمد بن جميل زينو