وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحقلة 14

اسلاميات

 

الحلقة 14

نبدأ بالاستدراكات التي استدركها علينا بعض مشاهدينا من سورة البقرة:

(وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴿26﴾ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿27﴾ البقرة) – (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿25﴾ الرعد)

من الأخ عامر حجي حمود من الأنبار الرمادي في العراق استدركنا في قوله تعالى (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴿26﴾ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿27﴾ البقرة) تنتهي بقوله (أولئك هم الخاسرون)، نفس الآية في سورة الرعد (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿25﴾ الرعد) هنا تنتهي (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) فلماذا في النقض الأول في البقرة قال أولئك هم الخاسرون والنقض الثاني في الرعد قال أولئك عليهم اللعنة ولهم سوء الدار؟ الخطاب في البقرة لبني إسرائيل وبنو إسرائيل من حقهم بل من واجبهم أن يتّبعوا سيدنا موسى وهم اتبعوا سيدنا موسى إلا أنهم حرّفوا في هذا الدين، المهم أنهم على شريعتهم وعلى ما أوجب الله عليهم من إتباع التوراة وما جاء به سيدنا موسى عليه السلام وعندما حرّفوا حرّفوا ضمن المشروع، ضمن هذا الدين فرب العالمين قال هؤلاء الذين نقضوا الميثاق. والميثاق هو الذي أخذ الله به على البشرية (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴿172﴾ الأعراف) الميثاق الذي أخذه الله على كل بني آدم أنني أنا الله لا إله إلا أنا وقالوا بلى، فمن كفر بعد ذلك فقد نقض الميثاق. الميثاق الثاني للأنبياء جميعاً وأممهم أن يؤمنوا بمحمدٍ عليه الصلاة والسلام (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴿81﴾ آل عمران) هذان هما الميثاق، جميع البشرية أخذ الله عليها هذا الميثاق، بعض البشرية حرّفوا ونقضوا هذا الميثاق إما كُلاً أو جزءاً، جزءاً هم بنو إسرائيل ولهذا الله قال أولئك هم الخاسرون نقضوا بعض ما جاء به سيدنا موسى ولم يتبعوه وحرفوه وإلى هذا اليوم هم يتّبعون هذا التحريف والله قال هم خاسرون لأنهم لا يزالوا أتباع سيدنا موسى، هذا في سورة البقرة. في سورة الرعد خطاب للمسلمين المسلمون إذا نقضوا العهد وتركوا الإسلام وحرفوه واتبعوا ما جاء به بنو إسرائيل (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) فانحراف بني إسرائيل جزئي، انحراف المسلم الذي يترك دينه ويتبع ما جاءت به التوراة في تعليماته في أوامرها في ولائه لهم في خدمته لهم (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) فاليهود الذين حرّفوا (أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) لأنهم ضمن دينهم. المسلمون الذين حرّفوا تبعاً لإرادات اليهود ومشيئتهم وهذا في التاريخ كثير (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ). هؤلاء اليهود صنعوا من المسلمين فرقاً فرقاً أعدى ما تكون للإسلام نفسه (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) هذه أول مشاركة.

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا) – (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ )

من سوسن بابان من أمريكا تقول (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ﴿93﴾ البقرة) في نفس البقرة (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ ﴿63﴾ البقرة) في الأولى ساعة ما نتق الله الجبل – وهذه قضية معروفة شرحناها في قصص الأنبياء رفع الله الجبل جبل الطور على رؤوس بني إسرائيل لكي يأخذوا ما جاء به موسى بعد أن اشتطوا مع موسى اشتطاطاً كبيراً كما هو واقع الحال – فرب العالمين في البداية قال اسمعوا ما سوف أقول، واسمعوا هذا في الأول ثم لما سمعوا ما قال الله عز وجل ولم يأخذوا بذلك أمرهم بأن يأخذوه قال (خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ) في الكتاب في التوراة وإياكم أن تنسوه.

(يردونكم) – (يردوكم)

سؤال آخر في البقرة 109 – طبعاً هذه قضية نحوية ولكن يجب أن نجيب السائلين – (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ ﴿109﴾ البقرة) يردونكم فعل مضارع مرفوع بثبوت النون هذه قضية نحوية، في آية أخرى في البقرة (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ ﴿217﴾ البقرة) لماذا هناك يردونكم بالنون وهنا يردوكم؟ وهذه (حتى) تنصب بأن مضمرة بعدها (حتى يرجع إلينا موسى). إذاً حتى يردوكم هي حتى أن يردوكم فيردوكم فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد حتى وعلامة نصبه حرف النون فهذه ما فيها تشابه وإنما قضية نحوية لا أكثر ولا أقل.

(وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) – (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)

نرجع إلى ما كنا قد أعددناه قلنا هذه نهايات سورة البقرة (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿284﴾ البقرة) تبدوا أولاً وتخفوا ثانياً هذه في البقرة، وفي آية أخرى يقول (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴿29﴾ آل عمران) إذاً مرة بدأ بما تخفيه أنت في صدرك أو تبديه في الثانية بدأ بما تبديه أولاً ثم تخفيه فلماذا قدّم؟ لماذا مرة قال أهم شيء عندك الذي تخفيه ومرة أهم شيء عندك الذي تبديه؟ فمرة بدأ بتخفيه وهو مهم مرة بدأ بتبديه فهو مهم إذاً لماذا هناك الإخفاء أخطر وهنا الإبداء أخطر؟. الذي حصل ما يلي كما تعرفون أولاً رب العالمين تكلم مرة عن المحاسبة ومرة عن العلم لما يقول (يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) يعني بالشر الشر عادة يُخفى ولا يُظهر فرب العالمين يخاطب الذين يخفون الشر ويفعلونه كثيراً قال رب العالمين أعلم وأكرم وأشد إحاطة بالعلم منكم بما تخفونه في صدوركم. فأنت عندما تفعل منكراً تبديه ومنكراً تُخفيه فرب العالمين عز وجل يعرف ما تبديه ويعرف ما تُخفيه. من أجل هذا لماذا قدم ما تبديه (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ)؟ هذا عن الشر ترتكبون الذنوب قدّم إن تبدوا من حيث أن إبداء الذنب أخطر بكثير جداً من إخفائه. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ارتكب من هذه القاذورات) يعني الذنوب الحدود (شيئاً فاستتر) لا أحد يعرف وأخفاها (فهو بستر الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفى عنه ومن أبدأ صفحته أقمنا عليه الحد) لماذا؟ لأنه يفسد الجماعة هذا الذي يجاهر بشرب الخمر بالزنا بالقمار علناً وأمام الناس وتخرج في الشارع هذا تحدي للنظام للمجتمع ولستره ولكرامته ولواجهة الجماعة الإسلامية والمجتمع الإسلامي الذي ينبغي أن يكون مجتمعهم نظيفاً فكونك أنت تتحداهم بهذا الشكل، ماذا لو مشى أحد الناس عارياً في الشارع؟ أو مشت امرأة عارية؟ يا أخي لا بد أن تستتر الستر في هذه الحالة هذا ضرورة فرب العالمين بالمسيئين قال يحاسبكم فكلمة يحاسبكم يعني الآن أنتم ترتكبون ذنوباً، أيهم أخطر الذنب الخفي أو الذنب الظاهر؟ الذنب الظاهر في تحدي للجماعة وللمجتمع وللشعب وللحكومة وللقوانين والنظام والآداب يعني كلام طريف يعني خدش الآداب العامة، هذا بالإضافة إلى الذنب فيه وقاحة وفيه مجاهرة (ومن أبدى صفحته أقمنا) (لعن الله المجاهرين الذي يرتكب ذنباً في الليل وقد ستره الله يصبح فيحدِّث به) يقول فعلت بالأمس كذا وكذا والله شربت خمراً وفعلنا كذا وفلان شيء هذا ملعون. فرب العالمين لما بدأ قال (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) بدأ بأنه كيف أنت تبدي الذنوب؟! أنت استتر لعل الله يغفر لك هذا بالذنوب. أما بالأعمال لا قال (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ ) من حيث أن المفروض أن الأعمال الحسنة مفروض يعني يقول (تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله) (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴿271﴾ البقرة) الإخفاء أبعد عن الرياء والسمعة وفيها إخلاص لله عز وجل. من أجل هذا رب العالمين يبدأ بالأهم من حيث أنه بالذنوب الإبداء مصيبة وهو الخطأ والخطورة في الذنب. أما في الإنفاق الإصرار بالعطاء أفضل والإبداء غير مرغوب فيه (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ﴿274﴾ البقرة) قدّم السر. إذاً المطلوب في الذنوب أن لا تبدي فالإبداء جريمة ثانية يعني جريمة مغلّظة ولهذا قدمها (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ) في الإنفاق قال (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ) أولاً عرفنا الفرق بين تبدوا وتخفوا. لكن لماذا مرة قال قلوبكم مرة قال صدوركم؟ هناك (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ) هنا (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ) مكان آخر إن تخفوا ما في قلوبكم. هذه مقصودة النفس مكمن الشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴿14﴾ آل عمران) الشهوة والهوى هذا من النفس وخالِف النفس والشيطان واعصهما فلما يقول في أنفسكم يعني من باب الشهوة. لما قال (فِي صُدُورِكُمْ) الهواجس والعواطف والأحاسيس من وساوس وعواطف مختلفة من كرهٍ وحبٌ وحقد وبغضاء وانكسار وحزن وألم الخ حينئذٍ لما يقول كما في الآية (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴿49﴾ العنكبوت) (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴿19﴾ غافر) هكذا كل هذه السيئات الخطيرة التي نحاسب عليها يوم القيامة والتي مكمنها الصدور من فخرٍ ورياء وطمع وجشع وحبٍ وكرهٍ وما شاكل ذلك ما فيها من سوء هذا يرجع إلى الصدور لأن الصدر هو مكان القلب وفي القرآن الكريم هذا موجود. إن تخفوا ما نفوسكم من الشهوات أو ما في صدوركم من الوساوس وعلى هذا النحو وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ﴿50﴾ أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ﴿51﴾ الإسراء) (وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ ﴿80﴾ غافر) وهكذا كما قال عن الشيطان (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿5﴾ الناس) (وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴿16﴾ ق) إذاً كل نوع من أنواع الجرائم القلبية هذه لها قسم من الصدور وقسم من النفوس وقسم من القلوب. هكذا هو الفرق بين قوله تعالى (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) وبين (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ) في الخير أن عليك أن تُخفي ولا تُبدي في الخير عليك أن تكون قدوة ولاحظ الفرق في الآية الأولى قال (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) إذاً قضية إجرام أما هنا قضية إنفاق عمل صالح فقال يعلمه الله (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) وهكذا الآيات بعضها يكمل بعض من حيث كل كلمة في الآية هي التي توجّه هذا التغيير في التقديم والتأخير أو زيادة حرف أو نقصانه أو زيادة حركة أو نقصانها عليك أن تقرأ ما حول الآية لكي تعرف ماذا أراد الله بهذا وفي قوله (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴿5﴾ الأحزاب) هذه النية فالنية في القلب معنى هنا على النيات لاحظ هنا أن للنفس وظيفة وللصدر وظيفة وللقلب وظيفة. والآن ثبت علمياً وهذا من إعجاز القرآن ثبت علمياً أن الدماغ له ارتباط بالقلب فالقلب ليس فقط مجرد آلة تضخ الدم بل ثبت علمياً الآن أن القلب ليس فقط مجرد آلة تضخ الدم وإنما هناك ربط في العمل بين الدماغ وبين القلب من حيث أن عمل الدماغ مرتبط بعمل القلب من حيث أن كلٌ منهما يرسل للآخر إشارات ولهذا رب العالمين قال (تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) ما قال تعمدت أدمغتكم. هذا لأول مرة في التاريخ يثبت الآن أن القلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم وإنما فيها من عمل الدماغ شيء فلهذا الله قال (تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ).

(لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا)

نأتي للآية الخامسة (لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴿152﴾ الأنعام) (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴿286﴾ البقرة) وعندنا (لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴿233﴾ البقرة) عدة صيغ والسياق واحد يعني مثلاً (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴿233﴾ البقرة) هنا رب العالمين يتحدث عن أن الأب مكلّف شرعاً بأن يُنفق على أولاده فالتكليف هنا أثر من آثار عقد الزواج قضية فقهية صرفة ولهذا قال (لَا تُكَلَّفُ) ما قال أنا أكلفك يُكلّف سواء كان من القانون من الشريعة من النظام من العُرف كل أب مكلّف طبعاً (مبني للمجهول) من الذي كلفه؟ إما العُرف أو الرحم أو القانون أو الفقه وكله في النهاية يرجع إلى مشيئة رب العالمين لكن التكليف المباشر ليس من الله عز وجل وإنما إما من النبي صلى الله عليه وسلم عندما حدد حجم الإنفاق، الإنفاق على الأولاد تكليف من عدة مصادر قال (لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا) فيما يتعلق بإنفاق الأب على أطفاله وهذا في حالة الطلاق فما بالك في حالة الزواج؟! ولما يقول (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) هذا عندما يكون هناك حكمٌ شرعي منصوصٌ عليه بالقرآن الكريم بالتعيين يعني الله قال صل (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴿43﴾ البقرة) واحد مريض واحد مسافر واحد عنده عذر قال (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) هذا التكليف إذاً ليس مبنياً للمجهول هنا تكليف من رب العالمين سبحانه وتعالى. ثم هنالك صيغة عجيبة قال نحن (لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) رب العالمين يتكلم بصيغة التعظيم بنون المتكلم (لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) على سبيل المثال الملك عندما يقول نحن الملك أمرنا بما هو آتي هذه قضية دستورية قضية تتعلق بالأمة قضية أساسية جداً أنت لاحظ القرآن الكريم حيثما تكلم رب العالمين بصيغة الجمع معناه هو يفعل شيئاً لا يستطيع أحد غيره أن يفعله، فقط هذا من اختصاص الله (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ﴿12﴾ يس) رب العالمين فقط يفعل هذا واثبات مبدأ التيسير (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ﴿23﴾ الحجر) (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ﴿24﴾ يوسف) من الذي يستطيع أن يصرف السوء عن رجل في غاية الجمال شباب عمره 25 سنة مع امرأة ملك في غاية الجمال تراوده شهوراً وسنيناً وهو صامد من يفعل هذا؟ قال نحن (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴿24﴾ يوسف) (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴿31﴾ القمر) من الذي يفعل هذا صوت كالقنبلة الفراغية يقتل كل من يسمعه؟! (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴿49﴾ القمر) وهكذا فحينئذٍ لما يقول (لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) يتكلم مع المؤمنين المتميزين المخصوصين القلة (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿1﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴿2﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴿3﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴿4﴾ المؤمنون) يعني كم صفة وصفة (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴿60﴾ المؤمنون) ولهذا الله قال (لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) يتكلم مع ناس مؤمنين في غاية الرقيّ أخذوا أنفسهم يعني الأنبياء والصدّيقين ومن على شاكلتهم من أتباعهم ولهذا اختص هؤلاء (لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) بياناً وإظهاراً لقدرهم عند الله عز وجل حيث خاطبهم الله خطاباً حاضراً مباشرة وجهاً لوجه. إذاً عرفنا الفرق بين يكلف وتكلف ونكلف الخ.

(فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) – (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ):

ننتقل إلى الموضوع الآخر رب العالمين قال (سبقت رحمتي غضبي) هذا شيء معروف، وفي كل القرآن عندما تأتي على المغفرة والعذاب يقول يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴿284﴾ البقرة) يقدّم المغفرة على العذاب ما من موضوع في القرآن الكريم رب العالمين تكلم عن عباده الصالحين والطالحين ثم قال (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴿284﴾ البقرة)، في آل عمران (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿129﴾ آل عمران)، وفي المائدة (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴿18﴾ المائدة) هكذا موضع واحد فقط خالف هذا النسق العظيم من تقديم المغفرة أملاً واستبشاراً ورحمة تطبيقاً لقوله تعالى (سبقت رحمتي غضبي) ورحمة الله واسعة (ليرحمنّ الله الناس رحمة يوم القيامة يتطاول لها إبليس)، موقع واحد قال وهو في المائدة في سورة المائدة فقط تكلم عن هذا. الفرق أنه قال (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿40﴾ المائدة) لماذا هذه فقط التعذيب فيها مقدّم؟ ما هو نسق الآيات التي قبلها؟ رب العالمين أرحم لعباده من آبائهم وأمهاتهم تكلّم رب العالمين عن جرائم خطيرة بشعة إذا استشرت في أي مجتمع تُنهيه، تُلقي الخوف والرعب وعدم الاستقرار كما هو في بعض بلدان العالم العربي الآن كالعراق والصومال وما لف لفهما. تكلم رب العالمين عن جريمتين عظيمتين الأولى قطع الطريق الحرابة (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿33﴾ المائدة) يا الله! حرابة، يعني رب العالمين شن الحرب عليهم سموها آية الحرابة أنت تخيل أنت في مجتمع ما إن تخرج من بيتك يقتلونك، عندك سيارة يقتلوك ويأخذوها عندك في البيت شيء بسيط يقتلوك ويأخذوه لا تخرج من بيتك لأن هؤلاء (يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا) وهو قطع الطريق سواء كان بالداخل أو بالخارج ما دام صار قتل فهي حرابة، كل من يستعمل القتل للآخر بمجتمعه في الشارع في الطريق في الطرق العامة سلباً ونهباً وانتقاماً وطائفية وحزبياً هذا محارب لله ورسوله ولهذا أنت انظر إلى العقوبة (تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ) تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ثم إذا عاد لفعله تقطعهم بالعكس حتى يصبح مقطعاً (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) كل هذا متى؟ إذا لم يتب، قبل أن يُلقى القبض عليه. شخص قطع الطريق وقتل فلان والخ وقال تبنا إلى الله والآن هنالك وسائل إعلام هناك صحافة وهناك تلفزيونات وقال نحن الجماعة الفلانيين تبنا إلى الله ونعتذر عما فعلنا من قتل مواطنينا وقتل الناس الذين يمشون في الشارع وهجومنا عليهم في بيوتهم الخ نحن نعتذر ومستعدين نحن للعقوبة سنسلم أنفسنا للسلطة. هذا إذا تاب لا يفعلون به شيئاً ولكن يعاقب عقوبة أخرى من حبس أو أن يرجع الأشياء هذا أولاً. الثاني وراءها مباشرة السارق (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿38﴾ المائدة) والسرقة هذه أن تكسر حِرزاً، تكسر باب تكسر بيتاً، الناس نائمون تخرق الجدار والناس نائمون بالليل تروّعهم ثم تسرق ما عندهم تقطع يدك وتربط هذه اليد في عنقك شهر يعني والله العظيم عقوبات تقشعر منها الأبدان ولهذا أحاطها الله بسياج من الشروط بحيث ما تطبق إلا في المليون حالة حالة لرعبها (سبعين شرطاً) حتى توقع عليك عقوبة القطع. وحينئذٍ إذا تطبقت عليك الشروط فمعناها أنت مجرم خطير لا مجرم مثلك على وجه الأرض كل الشروط الإجرامية توفرت في هذه الجريمة تقطع يدك مثل جزاء المحصن (وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴿2﴾ النور). بعد هاتين الجريمتين بعد قتل الناس في الشوارع كما يحدث في العراق وفي الصومال وفي دول أخرى قادمة – نعوذ بالله من هذا كما يراد للعرب جميعاً – هذا إذا لم يتب قبل أن تلقي الشرطة عليه القبض، هو متى ما ألقت الشرطة عليه القبض فهذه هي العقوبات ولا يحق لقاضٍ أن يحكم بغير هذا، القاضي فقط يبلّغ حكم الله يا فلان أنت قطعت الطريق قتلت فلان وفلان وفلان وحققنا ووجدناك أنت القاتل أو أنت اعترفت فعقوبة الله عليك أن تقطّع يداك ورجلاك من خلاف يد يمنى مع رجل يسرى أو تُنفى من الأرض إذا كنت ما قتلت.

الدكتور نجيب: سيدي الشيخ هذه الآية الكريمة التي تناولتها يا حبذا لو تنتقل أيضاً في سورة المائدة الذي يقول الله سبحانه وتعالى لسيدنا عيسى (يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴿116﴾ المائدة).

الدكتور الكبيسي: جميل دكتور نجيب هذه أيضاً التفاتة منك كعادتك التفاتة رائعة، نحن قلنا بأن آية المائدة وهذه أيضاً في المائدة نحن قلنا في المائدة الآية الوحيدة التي قدّم فيها الله العذاب كل آيات العذاب والمغفرة والرجاء الله قدم الرجاء المغفرة أولى وأقرب إلى العبد التائب إلا في هاتين الجريمتين العذاب أرجى وأكثر احتمالاً. لا يوجد شيء أكبر من ترويع المسلم (من روّع مسلماً روعه الله يوم القيامة) من أعظم الجرائم كالأعرابي وطبعاً الإعرابي يحب الحذاء جداً ولهذا يحمله بيده ويمشي من شدة حبه للحذاء إلى اليوم فواحد إعرابي نائم نعسان قليلاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم جعل رأسه على الحذاء ونام في واحد من الصحابة مزّاح وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه كان لطيف جداً اسمه نعيمان فنعيمان سحب الحذاء من تحت رأس الإعرابي بهدوء جداً استيقظ الإعرابي فما وجد الحذاء فبدأ يصرخ يا رسول الله يا رسول الله فسأل النبي ما هذا الصوت؟ فقالوا هذا إعرابي، فقال من روّعه؟ فقالوا له القصة عن نعيمان وكذا فقال صلى الله عليه وسلم (من روّع مسلماً روعه الله يوم القيامة) والقضية هنا على حذاء! ما بالك أن تروعه بالقتل؟! والله الآن هذه المدن في العراق وفي الصومال وغيرها لا يستطيع أحد أن يخرج من بيته. ما قاله الدكتور نجيب الآن على قول سيدنا عيسى وهذه التفاتة هائلة لم تأت على بالي في قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿116﴾ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿117﴾ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿118﴾ المائدة) قال العزيز الحكيم وليس الغفور الرحيم على عادة القرآن. وبالتالي كان نسق القرآن أن يقول غفور رحيم لكن لا هنا العزيز لماذا؟ لأن هذا موضوع الشرك والله قال لا تشركوا وهم قالوا الله ثلاثة انتهى الأمر ليس هناك رحمة. والشفاعة ليس سيدنا عيسى الذي يشفع بل شفاعة سيدنا محمد. إذاً سيدنا عيسى عليه السلام قدّم العذاب لأنها قضية شِرك بالله يغفر للمسيئين ولكن الله لا يغفر أن يشرك به فقدّم العذاب. إذاً هناك حالتان وحديتان وكلاهما في سورة المائدة تقديم العذاب على المغفرة وما عدا هذا في كل القرآن تحت أي ظروف الله سبحانه وتعالى يقدّم المغفرة ولهذا (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله) كما قال عليه الصلاة والسلام.

د. نجيب: أيضاً ختام الآية الكريمة بالعزيز الحكيم على خلاف عادة القرآن (غفور رحيم)

الدكتور الكبيسي: هذا يدل على أنه مع الشرك ليس هناك أمل مع أن الأمل موجود في كل جريمة في الحديث (لن يزال المؤمن بخير ما لم يرتكب دماً حراماً) فكيف دم وتخويف وتكفير وتشريك يعني جرائم متتالية أي رحمة؟! (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ). الأول في الدنيا والثاني في الآخرة نسأل الله العافية.

(بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) – (مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ):

ننتقل إلى موضوع آخر أيضاً في البقرة (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿120﴾ البقرة) (الذي) إسم موصول، في البقرة أيضاً (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿145﴾ البقرة) (ما) أيضاً إسم موصول. مرة يقول له إن اتبعت أهواء اليهود (بعد الذي جاءك من العلم) مالك من الله من ولي ولا نصير. وراءها (من بعد ما جاءك) وليس الذي من بعد ما جاءك من العلم لماذا مرة يقول (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) في نفس السورة وراءها ببضع آيات؟ لماذا مرة قال الذي ومرة قال ما؟ هذه من الآيات التي فيها معاني هائلة، أنا أريد أن أتكلم معك فأقول لك هل فهمت الذي قلته لك جيداً؟ هذا (الذي)، أو أقول لك هل فهمت ما قلته لك جيداً؟ هذه (ما) وكلاهما موصول فما الفرق؟ عندما قلت هل فهمت ما قلته يعني في قضية واحدة كأن أقول لك يا فلان اذهب إلى أمك وقل لها أن تعد لنا الشاي يعني موضوع واحد وصغير وليس مهماً كثيراً وفيه احتمال فكلمة (ما) الموصولة تعني شيئاً واحداً محدداً وليس من الخطورة بمكان لكن لما أقول لك شيء خطير ومتعدد وموضوع أقول هل فهمت الذي قلته لك؟ فرب العالمين يقول يا محمد إياك أن تتبع اليهود والنصارى بأهوائهم، أهواؤهم نوعان النوع الأول موضوع واحد فرعي وهو القِبلة (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴿144﴾ البقرة) إلى أن قال (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿145﴾ البقرة) بعد ما جاءك من العلم بعد ما جاءك من العلم الخاص العلم المحدود الخاص بتحويل القبلة، هذا الموضوع واحد فرعي وقد أخبرناك أن القبلة الآن للبيت الحرام وليس لبيت المقدس فهذه المعلومة اتبعت أهوائهم بعد ما جاءك من العلم الصغير المحدود في هذا الموضوع، الثاني لا يتحدث عن أنك أنت ربما أنت أو واحد من أمتك سوف يتبع ما يقوله اليهود والنصارى بالكامل يعني يغيّر (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) كل القرآن، الذي جاءك من العلم كل القرآن هذا (الذي) ولهذا (الذي) تثنى وتجمع اللذان والذين وتدخل عليها ألف ولام التعريف والخ حينئذٍ ولهذا تسبقها الإشارة (أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ ﴿62﴾ الإسراء) (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي﴿52﴾الزخرف) وهو موسى وذاك شيطان على آدم أبو البشر، (الذي) هذا مهمة جداً حينئذٍ إذا رأيت كلمة (الذي) في القرآن وبنفس الآية الأخرى فيها (ما) اعرف أن هذه غير هذه فهذه تتكلم عن قضية عامة خطيرة (بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) يعني كل القرآن جاءك هذا القرآن كله هذا العلم وعلمك ما لم تكن تعلم وأنت حينئذٍ تخالف هذا؟ هذا (الذي) في مسألة خاصة فرعية كما غيرنا كثير نحن الآن عندنا كثير من (ما) (مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) وبالتالي علينا أن ننتبه إلى هذا الفرق.

إتصال من الأخت أم جواد من أمريكا: أنا أريد أن أسألك عن قضية الطلاق في أمريكا هل معترف فيها إسلامياً؟

الإجابة: الطلاق بلفظ المطلق والباقي كله عبارة عن شروط قانونية مثل واحد يشتري بيتاً يبقى الورق والوثيقة عبارة عن أشياء قانونية، الزواج هو شهود اثنين زوجتك نفسي قبلتك هذا شرعاً والباقي شروط قانونية التسجيل بالمحاكم ولا بد من ذلك.

السؤال: طيب إذا هو لم يقل الطلاق؟

الإجابة: لا يقع الطلاق.

السؤال: حتى لو أخذت حكم من المحكمة؟

الإجابة: لا حكم المحكمة يعتبر طلاق يعني يعتبر وقع الطلاق فالقاضي يطلق على الرجل حتى لو لمطلقة يقول طلقت عليك امرأتك القاضي ولي فحكم القاضي صحيح إذا أصدرت المحكمة حكماً بالطلاق وقع الطلاق حتى لو لم يتلفظ المطلِّق بذلك يسمى فسخاً على كل حال له أحكام فقهية لكن أصبحتما مفترقين.

إذن هذا الفرق في كل القرآن الكريم بين ما والذي. يعني هما آيتان تقريباً الواحدة وراء الأخرى بينهم آية واحدة فرق لماذا (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) يعني جئت لك بجزئية عن القبلة (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) هذا (ما جاءك من العلم) بالقبلة، الثانية (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ) بكل الإسلام بكل ما يريدون بكل التشريعات (بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) هذا القرآن كله، كله جاءك ولهذا هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن لأمته أيضاً وما أكثر الذين في تاريخنا القديم والمعاصر من ترك كل هذا وذهب يقلِّد ما عند اليهود والنصارى وهذا موجود إلى اليوم وإلى يوم القيامة. فالخطاب لهؤلاء الذين تركوا كل دينهم واتّبعوا ما يأمر به اليهود والنصارى حينئذٍ هذا (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ).

إحدى المستمعات تقول (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴿191﴾ البقرة) (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴿217﴾ البقرة) وهذه ناقشناها في حلقة خاصة عن هذا الموضوع.

الدكتور نجيب: بمناسبة الفتنة أكبر من القتل وأشد من القتل ابن كثير له مقولة جميلة يقول: كانت الفتنة أشد من القتل لأن القتل قتلٌ للأبدان يبعثها الله يوم القيامة أما الفتنة فهي موتٌ للقلوب والقلوب لا تُبعث ولا تحيا وإنما تُبعث على ما ماتت عليه حيّة كانت أو ميتة كانت أو اختلطت ظلمتها بالنور وطاعتها بالمعصية فلذلك كانت الفتنة والعياذ بالله والتي نشهدها اليوم أشد من القتل.

الدكتور الكبيسي: وهي أشد وقعاً وأكبر حجماً كما قلنا وشرحناها في وقتها أشد من القتل وأكبر من القتل.

بُثّت الحلقة بتاريخ 6/6/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها