وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 122

اسلاميات

الحلقة 122

الدُّكْتُوْر نَجِيْب: بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم، الْحَمْد لِلَّه وَالْصَّلاة وَالْسَّلام عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد وَعَلَى آَلِه وَصَحْبِه وَبَعْد، ما زلنا مَع شَيْخِنَا الجليل الْأَسْتَاذ الْعَلِامَة الْدُكْتُوْر أَحْمَد الْكُبَيسي حفظه الله في بيان أسرار التعبير القرآني في تلكم الآيات التي تبدو أنها متشابهة في تلكم السورة العظيمة سورة التوبة.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. ولا نزال في سورة التوبة أو في سورة براءة وأسماؤها كثيرة ومن أسمائها الفاضحة لأنها فضحت المنافقين وتقرأون فيها (ومنهم، ومنهم، ومنهم) (ومنهم من عاهد الله) (ومنهم الذين يؤذون النبي) (ومنهم من يقول ائذن لي) (فرح المخلفون ) (ولا تصل على أحد) إلى آخر هذه الفضائح التي فضح الله بها مجاميع عديدة من المنافقين في هذه السورة التي هي مرآة لهذه المجتمعات إلى يوم القيامة. كأن الله سبحانه وتعالى في هذه السورة يقول لك لا تغضب ولا تزعل ولا تبتئس هذه سنن الله في خلقه في الكون (ولو شاء الله لهدى الناس جميعاً ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) هذا نظام الكون، البستان فيه تمر وفيه برتقال وفيه شوك، فيه غزلان وفيه أفاعي، وهكذا هذا الكون. خَلْقُ إبليس كان ضرورة كخلق جبريل عليه السلام، الجنة خَلْقُها حكمة كخلق النار. هذه السورة تترجم هذا كله فعليك أن تعلم أن كل مملكة وكل حكم وكل جماعة وكل دين وانظر سيدنا موسى ماذا فعلوا به (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) الأحزاب) وسيدنا عيسى (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) مريم). إذاً هذا واقع الكون الذي نشهده الآن. العالم كله يشهد الآن هذا العالم كله على هذا في كل دولة في كل مجتمع بل في كل أسرة، هذا هو نظام الكون ولهذا رب العالمين عز وجل خلق مخلوقات لا تخطيء ولا تعصي وهي الملائكة (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) التحريم) وخلق خلقاً لا يحسنون وهم الشياطين وخلق خلقاً يستطيعون أن يحسنوا ويستطيعون أن يعصوا وهؤلاء هم أكرم الناس لأن الله سبحانه وتعالى يريد من مخلوقاته أن تعبده وهي قادرة على أن تعصيه. هذا هو الإبداع الذي كرّم الله به بنو آدم (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ (70) الإسراء) أن هذا الإنسان مخيّر يستطيع أن يعصي ولكنه لا يعصي ولكن ليس كلهم يستطيع منهم من يعصي ومنهم من يستطيع أن يعصي ولا يعصي هذا هو الفرق بين ما سنتكلم عنه في هذه الحلقة بين قوله تعالى فريقين من المنافقين وأنتم تعرفون أن المنافقين أنواع ودرجات كالمؤمنين وكالصالحين وكالفاسقين والظالمين ليسوا على وتيرة واحدة هناك ظلم أشد من ظلم وهناك إيمان أقوى من إيمان وهناك إيمان يبلى وإيمان يتجدد وهناك قتلة وهناك مجرمون وهناك ظَلَمة ولكن بدون قتل هناك قتل بدون رحمة وهكذا هو الكون. وحينئذٍ يوم القيامة (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) السجدة)/ هذه هي الخلاصة.

في هذه الآية 87 يقول على هذا الفريق رضوا بأن يكونوا مع الخوالف (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87) التوبة) الخوالف جمع خالِفة والخالِفة هي المرأة التي تبقى في بيتها عندما يسافر زوجها تسمى خالفة جمعها خوالف وإذا سافرت مع زوجها تسمى ضعينة فالضعينة هي المرأة التي ترافق زوجها في السفر والخالِفة هي التي تبقى في بيت زوجها إذا سافر زوجها فرب العالمين يعيّر هؤلاء المنافقين الذين يرفضون أن يذهبوا للدفاع عن أوطانهم ودينهم وجبنوا وخافوا أو أحبوا الدنيا أو لم يؤمنوا بقلوبهم أو أرادوا أن يستهزئوا منهم من قال رضوا بأن يكونوا مع الخوالف مع النسوان والحريم. ومرة قال (وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ) طبع فعل ماضي مبني للمجهول طيب من الذي طبع؟ مجهول

د. نجيب: كما قال في الآية الأخرى (مع القواعد) النساء القاعدات أقعدهن العجز

د. الكبيسي: العجائز. وفي الآية 93 (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) التوبة). في الآية الأولى الذي طبع مجهول من الذي طبع؟ هو بأصل خلقته ولد هكذا ولد مجبولاً على القسوة والدناءة والمشاكسة يعني أهله وأولاده خائفون منه زوجته شقية معه إنسان مشاكس في كل حال صعب بليد قاسٍ ليس في قلبه رحمة والخ. وهناك من رب العالمين قال العكس عنه قال (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران) وهناك أناس صح هم ولدوا هكذا ولدوا على نفس القسوة ولكن فيهم نفور لله ورسوله هم كلهم أعلنوا في الظاهر إيمانهم لكن نفاقاً، الأول أعلن نفسه نفاق يعني مصالح يقول لك أحصّل غنائم وهكذا هذا طُبع فقط فقد بقي على بلادته وحسه المكثف في القسوة كما هي نشأته وأصل التكوين. وهذا الثاني كرهه للإسلام وكرهه للإيمان وكرهه لله عز وجل يسخر من الله ومن القرآن ومن الأديان لا يؤمن بها، وهذا موجود إلى الآن ففي يوم من الأيام كانت نصف الكرة الأرضية تسمى الشيوعيون الماديون ومسميات يقولون هذا الكلام كانوا يكرهون الله والرسل والأنبياء والأديان ويسخرون منهم ويضحكون عليهم هؤلاء طُبِع على قلوبهم هم ولدوا هكذا في أصل التكوين. وهناك قوم في زمانهم والآن هم في الظاهر مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والأنبياء لكن هذا الإيمان فقط على لسانه وفي نفس الوقت يكفر بالله وبرسوله يقتل ويذبح ويعذب وينهي أمماً وشعوباً وقومه كما ترون الآن! يعني هذا الذي يفعل بشعبه هذا الذي ترونه ويدعي أنه مسلم ويروح عالمسجد ويصلي وهو يكره الله ورسوله والمسلمون الذين يصلون والذين ما يصلون لأن فيه قساوة هائلة الأول طبع على قلوبهم الثاني طبع الله على قلوبهم أي أضاف إليهم قسوة جديدة. وفي البداية يجب أن نفهم معنى كلمة طبع وهذه منظومة كما قال الدكتور نجيب قبل دقيقة كنا قد تحدثنا عنها ختم على قلوبهم طبع على قلوبهم على قلوب أقفالها الخ هذه تحدثنا عنها في برنامج الكلمة وأخواتها. هناك فرق بين الختم والطبع أنت الآن عندك رسالة كتبتها وانتهيت أخذت الظرف وأغلقته يقال ختمه هذا الظرف مختوم لا زيادة عليه. كونك ختمته صار من طبعه أن يذهب إلى البريد وتخليه أنت في الحافظة البريدية والبريد ينقله إلى صاحبه هذا من طبعه. بعد أن ختمته هذا الختم يؤدي به إلى هذا الطريق الذي لا طريق غيره طريق البريد. أنت عندك سراج ملأته بالغاز فهذا أنت ثم قفلت الشيشة يقال ختمته بعد ذلك لما ختمته صار من طبعه أن يضيء فكل شيء تختمه بعد ما تزيد عليه سواء كان زجاجة أو موضوع أو كتاب أنت ألّفت كتاباً آخر كلمة هي الحمد لله رب العالمين ختمت الكتاب من طبعه أن يذهب إلى المطبعة فصار هذا مطبوعاً وهكذا. فهذا القلب رب العالمين عز وجل عندما يختمه بهذه القسوة بالخلق بأصل الخلقة أو بالزيادة، أنت لاحظ أن العبارتين الآيتين واحدة تتكلم عن أصل الخِلْقة أن هذا الإنسان من سلالة رديئة توارثوا القسوة والبلادة والظلم وقتل الناس وهناك في التاريخ أسر تفعل هذا وهناك إنسان فعلاً هو وأولاده على نفس النسق من القسوة البخيل الأسرة كلهم بخلاء الأسرة كلهم كرماء الأسرة كلهم محاربون أشداء الأسرة كلهم جبناء وقاعدون مع الحريم مع الخوالف وهكذا. فحينئذٍ الذي هو بأصل الخلقة هذا طُبِع على قلبه طبع على قلوبهم وإذا كان لا في الحقيقة هناك زيادات على هذا لأن قسوته وبلادته وإجرامه غير طبيعي ويكره الله ورسوله والأنبياء يضيق بهم ذرعا (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45) الزمر) أحياناً الواحد منهم يشمئز لما يسمع القرآن أو الآخرة هذا إن الله يضيف إليه عز وجل يضيف إليه طبعاً فحينئذٍ يصبح له طبعان الطبع الذي بأصل الخلقة والطبع الذي أضافه الله بشكل مباشر. هذا الفرق بين طُبِع على قلوبهم بأصل الخلقة وهم بالآلاف والملايين وبين طَبَع الله على قلوبهم إضافة إلى ما طُبِع عليها بأصل الخلقة هذا الفرق بين الحالتين ونتكلم عن الموضوعين بقدر ما يتسع الوقت.

ونشير إلى السر في التعبير لماذا في الأولى طبع وفي الثانية طبع الله؟ لماذا في الأولى مبني للمجهول والذي طبع غير معروف وفي الثانية ذكر أسم الله قال طبع الله؟ يعني هذه فيها أكثر من دلالة يعني لو أخذنا الآيات الواردة في هذا تعرف شوف رب العالمين عز وجل من صفاته وأسمائه أنك إذا تقربت منه شبراً تقرب منك باعاً (أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه) وإذا اقرب إلي عبد ذراعاً تقربت إليه باعاً والعكس (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) التوبة) الجزاء من جنس العمل. وحينئذ رب العالمين له فعل وله رد فعل فعله أن يغفر ويرحم الخ ورد الفعل تحبه يحبك اذكروني أذكركم ونفس الشيء (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) فحينئذٍ رب العالمين عز وجل بهذا الطبع إن كان بأصل الخلقة قال طبع على قلوبهم رب العالمين هؤلاء ما وصل الحد بهم من الرداءة إلى حد كما تفضلت إلى أن يهددهم بلفظ الجلالة. ونقرأ بعض الآيات في الأعراف (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) الأعراف) وفي يونس 74 (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) يونس) وكما قلنا الله يعلم أن هذا منافق فما كان ليؤمن أن الله يعلم أن هذا طبع على أن لا يؤمن مخلوق، منذ ولادته لا يؤمن ميئوس منه (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25) الأنعام) قال عليه (فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ). وبالأعراف نفس الشيء (وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ) يطبع الله على قلوب الكافرين وهكذا (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) الروم) (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) غافر) وهنا بين السبب إما سفاهة أو كبرياء أو لطمع في الدنيا أو لاستهتار أو لعدم الخ يعني كل واحد له سبب موجب ولهذا هؤلاء طبع الله (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر) (أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) محمد) ما في فائدة. وعكسها (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) محمد) مقابلة هذه مع هذه والله يعلم الغيب (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) ق). إذاً فرب العالمين ما ظلمهم يتعامل مع واقع وهو مختار المخلوق الوحيد المختار هذا الإنسان فالله سبحانه وتعالى ما ألزمه أن يكون هكذا قاسي وجبار ومارد أبداً بل هو باختياره (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) الحج) قال كثير من الناس وليس كلهم لأن الإنسان مختار فرب العالمين يعلم أن هذا أختار الكفر ولا فائدة منه ولا يرجى إيمانه فزادهم كفراً وطغياناً وطبع على قلوبهم.

إذاً هذا هو الأمر الفرق بين طُبِعَ على قلوبهم وبين طَبَعَ الله على قلوبهم ولفظ الجلالة إذا ذكر هذا حرب (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (279) البقرة) هكذا. يقول رب العالمين (إذا تقرب عبدي إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً وإذا جاءني يمشي جئته أهرول) هكذا رب العالمين والعكس صحيح إذا علم الله من عبده نفوراً ميئوساً منه زاده نفوراً هكذا يعني نحن الآن هناك جبارون في الحياة ورب العالمين عز وجل تعجب كيف هذا صار إنساناً يعني مثلاً المعذبون في السجون وهؤلاء في كل التاريخ هناك فتق العيون وقطع الألسن وقطع الأعناق والخ والآن أنواع التعذيب الوحشي الكهربائي ومش عرف إيش وكما نسمع في الإعلام فماذا تقول لعبد يفعل كل هذا بدون رحمة ولا شفقة والله شفنا مناظر في التلفزيون تبكي.

د. نجيب: وهذا يتكرر في التاريخ والأيام تعيدها نفسها وما أشبه الليلة بالبارحة وهذا من قوانين هذا الكون

———-فاصل———

د. الكبيسي: إذاً هكذا هو الأمر الفرق بين طبع على قلوبهم وطبع الله على قلوبهم على مدى نسبة القسوة (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) البقرة) الحجارة يطلع منها شوية ماء. وحينئذٍ يا سيدي الكريم رب العالمين يعلم أن هنالك قلوب لا يمكن أن تلين ورب العالمين يعلل لماذا حصل هذا؟ منهم من قال (فهم لا يعلمون) ومنهم من قال (فهم لا يفقهون) على الذين طبع على قلوبهم قال (فهم لا يفقهون) لماذا؟ العلم غير الفقه فالفقه هو فهم العلم أما العلم فهو أن تعرف معلومة تعرف مثلاً أن الصلاة خمس أوقات لماذا؟ فلسفتها؟ هذا فهم وفقه فالفقه هو كله في الفهم إّذاً (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) الأنبياء) سيدنا داوود ليس أقل علماً بل أكثر علماً لكن فهم السر الدقيق. وكما تعرفون أن أشرف ما في هذا الكون هو العلم ما في عبادة أعظم من العلم (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) فاطر) والعلم أنواع بعضه أفضل من بعض يعني مثلاً أنتم تعرفون أن العلم واحد من قوى الإنسان فقوى الإنسان إما قوى العدل أو قوى الشهوة وقوى الغضب هذه القوى هي كلها فضيلة بين رذيلتين إن قلّت رذيلة وإن زادت رذيلة وإذا استوت فهي الاستقامة. يعني مثلاً قوة الشهوة إذا قلّت فهو العطل وإذا زادت فهو الشبق وإذا استوت فهي العفة الغضب إذا قلّ فهو الجبن وإذا زادت فهو الظلم والاعتداء وإذا استوت فهو العدل هكذا إذاً. فقوة العلم إذا قلّت فهو الجهل وإذا زادت فهو المكر وإذا استوت فهي الحكمة كإبليس عندما بطر بعلمه وزاد بعلمه حتى صار إبليساً. إذاً العلم هذا بعضه أفضل من بعض بحسب المكان يعني مثلاً قلنا أن أشرف الأعمال العلم بس العلم يتفاوت شرفه يتفاوت نوعه هناك ما هو شريف لموضوعه يعني هناك علم شريف محبوب كريم لأن موضوعه شريف كالطب فالطب يتعلق بالإنسان والإنسان أكرم مخلوقات الله فلأن الطب يتعلق بهذا الإنسان الذي هو أكرم مخلوقات الله فهو علم شريف. وهناك ما هو شريف لغايته لا لموضوعه كعلم الأخلاق وكما تعرفون علم الأخلاق هذا في النهاية يوصل الإنسان إلى أن يكون جليلاً ومتجلل عند الله عز وجل وتعرفون ماذا تعني الأخلاق. وهناك علم شريف بحسب الحاجة إليه كعلم الفقه علم الحلال والحرام أنت بدونه تضيع وهذا الفقه شريفٌ لأنك محتاج إليه كالهواء بدونه أنت كيف تعبد الله؟ وهناك علمٌ شريف بحسب وثاقه وقوته في الحكم بين الكون وهو الرياضيات فالرياضيات هي الحكم بين كل هذه المخلوقات في هذه الأرض. الرياضية التي تثبت أن هذا صح وهذا خطأ وانظر حولك كل شيء حولك الذي يزنه بين الصواب والخطأ هو الرياضيات لأنها بهذا المقام وحينئذٍ يبقى العلم الأعلى من كل ذلك هذا الذي قال (فهم لا يعلمون) هو العلم الإلهي علم التوحيد أن الله واحد، هذا أشرف العلوم لأنك بدون هذا العلم لا قيمة لك حتى لو عمرت كل هذا الكون طب ورياضيات وفقه وغير ذلك. الأول أن تقول لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبك وأن تعرف فلسفة لا إله إلا الله ولهذا مما يلفت النظر أن هذه الأمة وحدها من دون كل الأمم التي أتقنت لا إله إلا الله إتقاناً لا يضاهيها فيه أحد لماذا؟ لأنها أدركت علم الإلهيات وعلم التوحيد كما لا يدركه أحد. من أجل هذا هي الأمة الوحيدة التي حفظ الله لها قرآنها إلى يوم القيامة ما تحرّف فيه ولا حرف واحد. هذا واحد، الأمة الوحيدة على وجه الأرض التي تؤمن بالوحي منذ أن خلق الله آدم وإلى أن تقوم الساعة بالوحي الصريح أو الضمني ولهذا نحن الأمة الوحيدة (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة) (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) آل عمران) هذا من أين آتى؟ أتى من إتقان هذه الأمة لهذا العلم الشريف علم التوحيد وعلم الإلهيات. إذاً فرب العالمين على هؤلاء الناس قال لماذا هؤلاء صاروا بهذه المكانة التافهة (وطبع على قلوبهم)؟ قال لأنهم (لا يعلمون) والآخر ليس فقط لا يعلم بل حتى لا يفقه لا يفقه ما خفي هناك شيء اسمه العدل والرأفة والرحمة هذه التي وراء النصوص. فلسفة النصوص هذا هو الفقه، وحينئذٍ (لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد). فإذا كنت أنت من النوع الأول الذي طبع على قلوبهم فهم لا يفقهون أما هذا لا يعرف أصلاً ما سمع عن رب العالمين والله سبحانه وتعالى ولا العدل ولا الأخلاق ولا الرأفة ولهذا قال (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) الفرقان). هناك من الناس من هم أقسى من الأفعى وأقسى من الوحش وأقسى من الأسد المفترس إذاً هؤلاء الناس منهم من لا يعلم ومنهم من لا يفقه من أجل هذا رب العالمين عز وجل قال (وطُبِع على قلوبهم) هؤلاء وهؤلاء (وطبع الله على قلبوهم فهم لا يعلمون).

إذاً العلم الإلهي هذا حتى لا نطيل عليكم الكلام كيف تتوصل إليه؟ الطريقة المثلى لكي تتوصل إليه وللعلم طبعاً هذا العلم يوهَب أنت عليك أن تحاول أنت لما تزوجت تحاول أن تأتي بولد لكن الذي أعطاك الولد رب العالمين (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) غافر) (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) النحل) لكن أنت باشر بالأسباب. من أجل هذا ما دمت تقول لا إله إلا الله وحاولت أن تتعلم هذه الفلسفة فلسفة لا إله إلا الله فإن الله سبحانه وتعالى يهبك إياها وأنت لو تعرف في التاريخ ناس وصلوا إلى هذا المقام إلى أن أصبحوا يطيرون في الهواء كما تعرف في كتاب الله. يعني هذا العبد الصالح مع النبي صلى الله عليه وسلم وكثير من صديقي الأنبياء وما نعرفه من الصالحين يعني هذه الآيات أعجوبة العجائب (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) البقرة) عجائب إذا أوغلت في علم الإلهيات الذي هو بداية علم التوحيد الذي يوصلك إلى توحيد الله إلى عين اليقين عين اليقين حينئذٍ أنت لا بد أن تكون إنساناً متغيراً مختلفاً بحيث أنت عبارة عن قرآن يمشي على الأرض وهذا العلم اللدني (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) الكهف)

الدكتور نجيب: بالنسبة لعلم الإلهيات من بدايات الإسلام وفي فجر الإسلام ظهرت فرق إسلامية كلها تحاول أن تحرِّف مسار هذا العلم كالمعتزلة والقدرية والمرجئة الخ

الدكتور الكبيسي: والله يا سيدي ما فيهم واحد إلا وهو يعلم أنه إنما جاء لكي يلوي عنق هذا الدين ويتخذه مطية (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) النمل). ولذلك هذا من قوانين هذا الكون وانظر الآية (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17) الرعد) ما في وحي ينزل إلا معه خرافة معه ناس مخرفين ومخربين ومحرفين الخ وباسم العقلانية وأسماء أخرى كثيرة ولذلك سلعة الله غالية (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) إذاً ما هو فضلك على الآخرين؟ فضلك أن الله أعطاك هذا العقل وأعطاك هذا الوحي وعليك أن تصغي وأن تسمع وأن تطيع. وحينئذٍ لو قرأت ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام وتأمل قوله تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) محمد) تدبر فيها آية آية بأبسط العقول ناهيك عن أحسن العقول سوف ترى عجباً وأنك مهتدٍ لا محالة.

د. نجيب: أقرأ بعضهم عندما يفارق الحياة يقول “يا ليتني أموت كما تموت العجائز على الفطرة” وقد أفنى حياته في القيل والقال والفلسفة.

د. الكبيسي: هذه فطرة الله التي فطر الناس عليها. نحن قلنا أنه إذا زاد العلم عن حده كلاهما رذيلة فالاعتدال هو الحكمة (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) البقرة) حينئذٍ الباب لمعرفة هذا كله هو ذكر الله عز وجل، لو تعلم ماذا يعني أن تذكر الله سبحانه وتعالى؟ (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) العنكبوت) (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) الأحزاب) وذكر الله سبحانه وتعالى يفتح الآفاق تصور (أنا جليس من ذكرني) (أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه) (إن لله ملائكة سيارين يتتبعون حِلَق الذكر) الذكر هذا هو الذي يفتح عقلك ودماغك لكي تقترب من الله عز وجل. وحينئذٍ إن الله فما تقول في عبد من عباد الله الله معه، ما قال عبدي معي بل أنا مع عبدي إذاً فأنت مهتدٍ (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ).

بعض الأحاديث الواردة الصحيحة فيما يتعلق بالذكر كما قال تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران)

د. نجيب: لماذا قال هنا فعلوا ولم يقل عملوا؟

د. الكبيسي: قال فعلوا هنا لأن الفعل واحد والعمل كثير والفعل خطأ ويكون من ضعف الإنسان وحتى لو كان متعمد لكن سرعان ما يعود الأوّاب. وقال صلى الله عليه وسلم (ما أصر من استغفر) ورب العالمين يعرف أنه خلقك خطأ وهو أرادك خطاء لكن على أن تكون تواباً وكما في الحديث (إن عبداً أذنب ذنباً فقال يا رب أذنبت ذنباً فاغفره لي فيقول الرب علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي) ثم فعله مرة ثانية ثم الثالثة يعني على مدى سنينه في الأخير قال (فليفعل عبدي ما يشاء) إذا كان كل ما أذنب على شرط أنه لما أذنب واستغفر هو مش ناوي يعود لكن عاد بذنب آخر وكلنا نخطئ بالشهر مرتين ثلاث أربع بل باليوم مرة مرتين ذنوب متعدد وأنت ف كل مرة تنوي أن لا تعود وتتألم والندم توبة ولكنك عدت. فإذا كنت تستغفر وتتوب في كل مرة فلتفعل ما تشاء، يالله! ورب العالمين سمى نفسه غافر وغفور وغفّار. غافر لذنب واحد غفار للذنوب الكثيرة غفور هو بطبعه غفور صفة مشبهة حينئذٍ أنت تتعامل مع الغفور (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم جاء بقوم يذنبون فيستغفرون) والله قال (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ (222) البقرة) ما قال يحب التائبين بل التوابين أي كثيرو التوبة الأواب. يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث القدسي (لا يذكرني عبد في ملأ إلا ذكرته في الرفيق الأعلى) ولهذا ذكر الله عز وجل أن يبقى لسانك رطباً بذكر الله، وسألوا رسول الله عن خير الأعمال قال (أن تموت ولسانك رطب بذكر الله) ما هي أحب العباد؟ قال (أن يكون لسانك رطباً بذكر الله) وهكذا إذاً ذكر الله عز وجل كما قال المصطفى (ذهب الذاكرون بكل خير، سبق المفرِّدون قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات) وأنت لاحظ الآية (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) هكذا هو الأمر.

أم نائل من أمريكا: يا شيخ عندي سؤالين أول شيء أولادنا كيف نجعلهم يداومون على ذكر الله وان لا يكونون من الغافلين لأن في هذه الحياة تعرف دائماً هنا كله شغل ودراسة وركض، وسؤالي الثاني في قوله تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) الرعد) مثلاً هل هذا أن الإنسان كان ممكن أن الله كان سيعطيه عطاء ولكن حرمه منه بذنب ارتكبه أو العكس؟

الإجابة: السؤال الأول كلنا ونحن صغار كانوا أهلنا يعلمونا لما ننام ماذا نقول وماذا نقرأ وفعلاً كنا حافظين أدعية النوم وكل ما كبر سنة علِّميه دعاء معين كدعاء دخول البيت والخروج منه علميه عندما يصبح وعندما يمسي وهكذا قليلاً قليلاً تصير عنده حصيلة هائلة ثم علميه السهل علميه سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم هذا طفل ثلاث سنوات يحفظها ونحن أطفالنا حافظينها، هذا لما تعودينها عليه تعرفين ماذا تعني هذه؟ هذه (من قالها في اليوم مائة مرة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم غفر الله ذنوبه ولو كانت كرمل عالج كزبد البحر) وقيسي على هذا من الأذكار السهلة كآية الكرسي مثلا والأذكار التي بعد الصلاة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والأطفال سريعو الحفظ فالأطفال حافظين عجائب الآن حافظين أغاني وأشكال وألوان من التلفزيون. حفظيهم الأذكار وهذه إذا تعلمها في الصغر تنقش في قلبه لا يتركها فيصبح ذكاراً وإذا كان الإنسان ذكاراً ملأ الله قلبه بالإحسان. الشيء الثاني يا بنتي فعلاً الرزق بالأعمال كما قلتي بالذنب ويذهب وبالطاعة يأتي (من أحب أن ينسأ في عمره وأن يزاد في رزقه فليصل رحمه) (إن العبد ليُحرَم الرزق بالذنب يذنبه) والأعمار تزيد وتنقص والأرزاق تزيد وتنقص وحينئذٍ تتبعي النصوص التي فيها كيف يزيد الرزق واحد قال يا رسول الله أنا رزقي شحيح قال له: تزوج فإن الله سبحانه وتعالى يقول (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ). وعندك القرآن كلما وجدت الفاء هذه فاء التفريع تأكدي ماذا وراءها سيدنا موسى عليه السلام لما راح خائف وتعبان وخرج منها خائف يترقب وورد ماء مدين (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) القصص) جوعان عطشان خائف مطارد جلس تحت شجرة قال (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) ووراءها فاء، هذه الفاء أعجوبة وردت في القرآن أربعين مرة (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) القصص) وراح وصار مليونير وتزوج بنت سيدنا شعيب أمن بعد خوف وبعد كم سنة رجع إلى أهله فتتبعي أين الفاء كلما وجدت الفاء فاء التفريع كما يسميها النُحاة، قال سيدنا يونس (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) الأنبياء) هذه الفاء أعجوبة العجائب فتتبعيها في القرآن الكريم ونحن إن شاء الله في هذه البرامج القصيرة في رمضان في خمسة دقائق سنتتبع ماذا بعد الفاء،هذه الفاء أعجوبة العجائب فتتبعيها في القرآن الكريم.

إذاً رب العالمين بآية يغيّر وبآية يعطي وبذنب ينقص (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ)

———فاصل——

وهناك عبادات يعني رب العالمين بسقيا كلب غفر لبغي وواحد يصوم النهار ويقوم الليل ولكنه كان مرابياً أو عقّ أمه فحينئذٍ عليك أن تعلمي (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) ولهذا (فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) الأعراف).

إذاً بقي عندنا الموضوع الآخر والأخير في هذه المجموعة وهو في الحالتين هذه الجماعة وهذه الجماعة الذين طبع الله على قلوبهم وطُبِع على قلوبهم مرة قال لواحد (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) التوبة) قال (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) ثم ينتقل نقلة أخرى إلى 105 (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) التوبة) لماذا؟ ما الفرق؟ التي في البداية عن المنافقين فعلاً ثم قالوا نحن كذا ونحن سنتوب وهم منافقون يتكلمون شيئاً ويعملون شيئاً آخر فلهذا الله قال (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) لأن نياتكم لا يعلمها إلا الله.

أم نور من العراق: شيخنا تكلمت عن الأعمال التي تدخلك الجنة صلة الرحم ونحن نصل أرحامنا ولكن عندنا بعض الأرحام عندما نصلهم يؤذون بكلام جارح أو غيره وليس قصدنا أن نقطع الرحم ولكن قصدنا أن نبعد الأذية؟

الإجابة: اسمعي يا بنتي حفّت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات أقول لك شيء ألم تري عميان؟ ناس بهم سرطان؟ ناس قتلوا أولادهم كلهم؟ وكل هؤلاء يقولون الحمد لله فأنت ابتلاك رب العالمين بشوية أرحام غير جيدين فاعلمي واسمعي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سألوه: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال (على ذي الرحم الكاشح) الأرحام الذين يؤذونك هؤلاء عندما تصلينهم أنت دخلت الجنة بغير حساب كلما كان أرحامك يتكلمون عليك ويسبوك ويؤذونك الخ وتصليهم يالله حينئذٍ تكونين قد بلغت القمة في النجاة يوم القيامة. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس الواصل بالمكافئ) لأن الذي يصل رحمه الذين هم جيدين معك وجاءوا بهدية لك وتردها لهم، لا، (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها) يعني صلة الأرحام الذي قطعكم وآذاكم وما يصلكم ولا يسألك عنكم وآذاكم وأنت تذهبين إليه وتقولين خذ يا عمي خذ يا خالي خذ يا خالتي هنا النجاة العظمى هذا خير من الجهاد في سبيل الله. إذاً عليك أن تعلمي أنه كلما كان الرحم كاره وكاشح كثير الأذى على الرحم الكاشح فأنت في خير.

د. نجيب: المجموعة الذين قال تعالى عنهم (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ)

د. الكبيسي: هؤلاء هم المنافقون الذين تخلفوا وراحوا وسوا مشاكل وقالوا نحن آسفين ولن نعيدها وسنتوب ويعتذرون الخ. أما المجموعة الأخرى ناس خلطوا عمل صالح بسيئ فهم صالحين لكن عندهم أخطاء (وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) التوبة) (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) عسى في لغتنا تعني الترجي يعني عندما تقول لشخص تأخذني معك في السيارة؟ يرد ويقول عساني أستطيع يمكن لا، لكن عسى من رب العالمين للتأكيد كالملوك الكرماء الملك الكريم تقول له يا صاحب الجلالة والله أنا محتاج فلان شيء يقول لك إن شاء الله عسى سأفعل عساني أفعل يعني سيفعل هذا الملك فكيف رب العالمين! فـ(عسى) بالنسبة لله ليست ترجي للثبات والثبوت. وكلنا هكذا كلنا من الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) فعليكم أن تنفقوا ومحمد صلى الله عليه وسلم صلى عليكم إلى يوم القيامة قال (وعزتك وجلالك لا أرضى وواحد من أمتي في النار) وقال (شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي) فصلوا عليه وسلموا. حينئذٍ يقول رب العالمين (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) لماذا أضاف هنا المؤمنون؟ لأن المؤمنون شهداء وهذا من ميزة هذه الأمة انتبهوا جيداً ثق لو كنت فاسقاً وشهد لك سبعة من جيرانك بأنك إنسان طيب ابن حلال وأكرمتهم وصالح سوف يحاسبك الله على ما كان منك (من شهد له سبعة من جيرانه بخير شفّعهم الله فيه على ما كان منه) ولذلك تلاحظون أنتم في الجنازة نقول رحمة الله عليه والله كان طيب ابن حلال إذا شهد له سبعة أو عشرة أو عشرين واحد نجا فرب العالمين قال إذا واحد عنده خطيئة وأراد أن يكفِّر بالصدقات بالعطاء دعوا الناس يعرفون حتى يشهدون له (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ). وأنتم تعرفون حديث الشفاعة جاء بكل صديق شفاعة كل صديق أنت تصادقه سيشفع لك أو أنت تشفع له فكل واحد ينجو منكم سوف يشفع للآخر. وحينئذٍ المؤمنون إذا عرفوا عنك أنك ابن حلال وطيب وتصلي وإنسان جيد وكلما أذنبت تستغفر فإن الله يحاسبك على هذا ولو كانت سريرتك غير هذا. وحينئذٍ يوم القيامة رب العالمين كما في الحديث (يأخذك في كنفه) كنفه يعني كهذه العباءة لما تشاور طفلك تضعه داخل العباءة وتلفها عليه وتحكي معه إن الله يأخذك في كنفه ويقول لك ألم تفعل كذا؟ تقول بلى يا رب، ألم تذنب كذا؟ بلى يا رب، ألم تفعل كذا؟ قال بلى يا رب، ألم أسترك في الدنيا؟ قال بلى والله لقد سترتني، قال وأغفرها لك اليوم، لماذا؟ بشفاعة هؤلاء الناس شهد له كثير من الناس سبعة على الأقل إذا شهد لك يوم القيامة سبعة على الأقل بأنك كنت على خير فقد نجوت بشهادتهم وهذه صلاحيات أعطاها الله لهذه الأمة، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (143) البقرة) وهذا الرسول الشهيد وعدكم بأنه سوف يشفع لأهل الكبائر من أمته فإياك أن تخرج من هذه الأمة لا تكن غشاشاً لا تقتل لا تكون حاكماً ظالماً يشبع شعبه قتلاً وفي السجون وتعذيباً والله العظيم هذا خالد مع فرعون كما قال تعالى. حينئذٍ زيادة كلمة (والمؤمنون) أن رأيهم فيك يوم القيامة فعال ولهذا حاول أن تتجمل أمام الآخرين لكي يشهدوا لك بأنك كنت على خير وأنت تعتذر مع الله عز وجل وتصحح وتصلح سريرتك أن تكون في السر كما أنت في العلانية شيئاً فشيئاً إلى أن تلقى الله وقد تبت من كل سيئاتك. وحينئذٍ شفاعة هؤلاء القوم والأحاديث في الشفاعة عجيبة صديق يشفع، جار يشفع، حتى الحيوان يشفع الحيوان إذا أكرمتها وأطعمتها ورفقت بها. إذاً لما أضاف الله (والمؤمنون) هذا لمن يكون عمله صحيح وهو مؤمن حقيقي إيمان كامل ليس منافقاً ولا مخاذلاً لكنه خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) وقد تاب عليهم فعلاً. وحينئذٍ إذا شهد لهذا المؤمن صادق الإيمان شهد له سبعة من الناس من جيرانه من طلابه من أصدقائه من موظفيه والله مدير عام كان سيئاً لكن سبحان الله سبع موظفين فعلاً شهدوا له بالخير قالوا والله هذا كان طيب وابن حلال ويمشي المعاملات وما كان يرتشي رب العالمين يشفِّعهم فيه على ما كان منه. حاكم من الحكام إذا شفع له شعبه بأنه كان رقيقاً وعادلاً وكريماً والله ادخله الله الجنة على ما كان منه. ولهذا أول السبعة الذين يدخلون الجنة إمام عادل، هذا الإمام العادل يحبه الناس وإذا أحبه الناس أحبه الله، كل حاكم من يحبه شعبه يحبه الله سبحانه وتعالى وإذا أحب الله حاكماً لا يحاسبه ولا يعذبه ولا يعاقبه ويجعله معه في الفردوس الأعلى عن يمين الرحمن (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) القمر) أما الحاكم الظالم الغاشم القاتل المجرم الذي يفعل بشعبه ما لا يفعل العدو ولا المستعمرين ولا المحتلون فهذا نعوذ بالله منه يوم القيامة بل نعوذ بالله منه في الدنيا لأنه لا يفارق هذه الدنيا إلا فراق خزي وعار يلعنه أهل السموات والأرض. هذا الفرق إذاً بين (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) هذا فقط عن المنافقين لأن المؤمنون لا يعرفونهم أنت منافق أنت كافر ومشرك وملحد بالظاهر تدعي الإيمان أنا لا أعلم فقط رب العالمين يعرفهم ويخبر رسوله (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) المنافقون)

الدكتور نجيب: العجيب أن الله سبحانه وتعالى يشهد ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يستر عليهم وكتم أمرهم إلا عن حذيفة بن اليمان ولما توفي عبد الله بن أبي بن سلول زعيم المنافقين قبل أن تنزل آية الاستغفار قال ابنه أتذكر يا رسول الله عندما أعطى أبي عمك العباس قميصه في بدر فنزع الرسول صلى الله عليه وسلم قميصه والبسه إياه. شكراً جزيلاً وقد ضاق بنا الوقت سيدي الشيخ وللحديث بقية إن شاء الله في الحلقة القادمة والحلقات المتتالية داعين المولى سبحانه وتعالى أن يتم نعمته على شيخنا الجليل في الدارين وأن يمكّنه من مواصلة هذه الحلقات القرآنية الثرية المباركة وإلى اللقاء في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بُثّت الحلقة بتاريخ 10/6/2011م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.

———–

الحلقة 122 (10-6-2011)

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2443

على

 

على