كذلك الله يفعل ما يشاء – كذلك الله يخلق ما يشاء
نفس الموضوع في آية سيدنا زكريا قال (قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴿40﴾ آل عمران) وفي قصة السيدة مريم قال (كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴿47﴾ آل عمران) في الأولى كذلك الله يفعل لأنه فعل صغير ضمن عمل كبير ضمن عملية الإنجاب قوانين الإنجاب زوج وزوجة وحيامن وبويضات وإخصاب الخ هذه فيها خلل ما تحمل والله أصلحه قال (كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) حينئذٍ قال (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ). لكن مع مريم ما في خلل هي ليس فيها خلل لا بد من خلق جديد (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ) قال (كَذَلِكِ) بالتأنيث (كَذَلِكِ) يا مريم (اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ).
الدكتور نجيب: ما هو سر تعبير المشيئة؟ هل هذه بشارة ضمنية لأولئك الذين أصيبوا بالعقم أن هذه مشيئة الله ومشيئة الله قد تتبدل وتتغير؟
الدكتور الكبيسي: رب العالمين سبحانه وتعالى قال (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴿49﴾ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴿50﴾ الشورى) المشيئة قد تتغير كثير من الناس الآن نفهم أن هذه بويضة ذكر وإذا بها تنقلب أنثى. إن الله يشاء وإن الله يريد، يشاء قد لا ينفذ (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴿39﴾ الرعد) قال (لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ﴿31﴾ الرعد) لكنه لم يشأ وإذا أراد الله شيء لابد أن ينفذه (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴿107﴾ هود) من أجل هذا قال يشاء الله ممكن يغير رب العالمين شاء أول مرة أن يعلم ليلة القدر ثم ألغى هذا خذ الآية (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ (152) آل عمران) شاء الله أن ينتصروا في أحد ثم غير هذا قال لا أنتم لا تستحقون (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ﴿152﴾ آل عمران) حينئذٍ لما قال (اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) يعني هذا ممكن كان يتغير والأسباب التي تدعو إلى تغيير هذه المشيئة هذا باب طويل لا حصر له وأسباب من الداعي وأسباب من رب العالمين عز وجل وأسباب بالداعي نفسه بتغيير النية أو بمدى ساعة بقائه على ما كان عليه يعني أسباب طويلة (إن الدعاء والقضاء ليصطرعان) ولهذا استجابة الدعاء لها شروطها ورب العالمين قد يشاء أن يفعل لك كذا ثم يغير هذا الفعل (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ) وكذلك –بفتح اللام- وكذلك-بكسر اللام- معروفة هذه متصرفة ذلك ذلكما ذلكن حسب المخاطب.
نوحيه إليك – نوحيها إليك
أيضاً لا نزال مع مريم (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ﴿44﴾ آل عمران) وفي قصة نوح (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ﴿49﴾ هود) لماذا في الأولى (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ) وفي الثانية (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا)؟ أنت لكي تعرف هذا المتشابه يعني عليك أن تفكر فيها ليس فقط وأنت جالس بل سِر وتحرك وابحث عن مصادر عن لغة اقرأ ما قبل الآية كم آية وفي أي نسق الآية موجودة.
إتصال من الأخ خالد من السعودية: هل نفهم من معنى الآية أن العقم داخل في الهبة؟
الإجابة: لا العقم جعلٌ قال (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا) وذكرنا في حلقة خير الكلام أن الإناث أعظم من الذكور لأن الإناث سعادة الآخرة والذكور سعادة الدنيا (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴿46﴾ الكهف) والبنات زينة الحياة الآخرة كلما كانت البنات مشقة عليك وتعبت عليهم ولم تطلب منهم ثمناً وزوجتهم وأدبتهم وخدمتهم ولم تأخذ منهم نفعاً ولا شعرة لم تكلفهم بشيء فهؤلاء سوف يدخلونك الجنة في أعلى المقامات. في حين أن أبناءك يدخلونك النار يعني ابنك ماله في الآخرة لن ينفعك ينفعك في الدنيا فقط ابنتك لن تنفعك في الدنيا ولكن تنفعك في الآخرة نفعاً عظيماً وابنك لا ينفعك في الآخرة ينفعك نفعاً في الدنيا إلا إذا كان يستغفر لك بعد الموت (إذا مات العبد انقطع إلا من ثلاث ولد صالح يدعو له) ولهذا قال ولد لم يقل ابن ولد بنت أو ولد.
حينئذٍ يا سيدي الكريم هذا يهب لما قال (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا) والجعل تغيير الصيرورة كان ولم يكن لم يكن عقيماً جعله الله عقيماً إما ابتلاء لماذا؟ الله قال (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿4﴾ التين) وحينئذٍ هذا العقيم لم يكن عقيماً جعله الله عقيماً لكي يرفع درجاته في الآخرة بسبب الهمّ (يبتلى العبد على قدر إيمانه) (وإذا أحب الله عبداً ابتلاه) ولو تعلم ماذا يعني هذا الألم والهم والحزن الذي يشعران به المرأة والرجل عن العقم لعجبت وقلت يا ربي اجعلني عقيماً كالأم التي تحزن على ابنها المفقود على ابنها المريض يعني هذا الهم من العبادات الجليلة وأنت تعرف كل همٍ يفرَّج، جوع بعد شهر جاءك رزق، مريض شُفي، العقم والعقر خاصة العقم فالعقم لا يشفى (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا) وأنت هذا الهمّ الذي هو همٌ مقيم طيلة عمرك يوم القيامة تقول يا ريت رب العالمين ضاعف علي الهم عندما ترى ذلك الجزاء الهائل.
الدكتور نجيب: ولذلك سيدنا عمر كان يقول (اللهم إن كنت قد كتبتني شقياً فامحه واكتبني سعيداً) ذلك لأن المؤمن كما أنه لا يأمن من مكر الله تعالى فكذلك لا يقنط من رحمة الله تعالى فهما جناحان يطير بهما.
بُثّت الحلقة بتاريخ 13/6/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها