الحلقة 165
(إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) طه)
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. ما زلنا في سورة طه يتناول فيها شيخنا الجليل الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ما تبقى فيها من تلك الآيات المتشابهة.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. والحديث في سورة طه متجدد ومتعدد من حيث أن فيها عبارات وفيها عبر وفيها أفكار وفيها مبادئ ونحن أخذنا مقتطفات من هنا وهناك ووقفنا عند أهمية الوزارة (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30)) سنذكرها في نهاية هذه الحلقة ما تبقى من أحكام الوزارة. قبل ذلك في هذه السورة مبادئ إلهية، من قوانين هذا الكون علينا أن ننتبه إليها جيداً إضافة إلى بعض حالات يوم القيامة ما مفهومها؟ يعني مثلاً في الآية 74 من سورة طه (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا) ما هو النوع الثالث؟ الإنسان إما يكون ميتاً أو حيّاً، يقول لا، لا يموت موتاً مستمراً ولا يحيا حياة مستمرة ولهذا مرة قال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ (56) النساء) فهو يموت ويحيا يموت ويحيا لا هو ميت ولا هو حيّ وهذا العذاب للمشركين الذين يقتلون الناس. وهذا لا يطلق إلا على من لا يعترف بالله عز وجل ولا يؤمن به وله علاقة بالله ولا بصلاة ولذلك يرتكب ما يرتكب بلا ضوابط. هذا المجرم الذي يئن منهم التاريخ من آدم إلى يومنا هذا، هذا يقول عليه رب العالمين وإلى يوم القيامة (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً) في حق الله مشرك يقتل يذبح مثل فرعون مثلاً (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) طه) ما يموت ولهذا ماذا يقولون لمالك؟ (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) الزخرف) دعنا نموت نهائياً، قال لا إنكم ماكثون. قد ترتبك لماذا لا يموت فيها ولا يحيا؟ هاتان الحالتان لا ثالث لهما فعلاً الإنسان إما حي وإما ميت ولكنه ليس حياً دائماً وليس ميتاً دائماً وإنما مرة هذه ومرة هذه إلى ما شاء الله.
الدكتور نجيب: وثقة بسيطة: كلمة المجرم يطلق على كثير من الناس الذين يرتكبون ذنباً ولكن حقيقة القرآن يقول غير هذا؟
الدكتور الكبيسي: هذا اصطلاح، المجرم هو الذي يشرك بالله عز وجل فالذي يرتكب ذنباً يعتبر مجرم نسبي والذي يشرك بالله مجرم مطلق هكذا
د. نجيب: فالقرآن الكريم لا يطلق كلمة مجرم إلا على المشرك والمشرك الذي يسرف في حق الله تعالى ثم في حق الناس،
د. الكبيسي: الآية 79 ( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79) طه) يعني هو ما أضل قومه يعني ما هداهم فلماذا رب العالمين كرر؟ والقرآن الكريم ليس فيه تكرار بلا فائدة فما فائدة وما هدى؟ قال لا، كثير من الناس من آدم وإلى أن تقوم الساعة يبدأ بحياته مجرم ما يصلي يمنع أهله من الصلاة يجعلهم ملحدين كما حدث كثيراً من قبل وإلى هذا اليوم هناك أسر من حزب من الأحزاب يقتل ويذبح ويسفه ويبيد لكنه اهتدى بعد ذلك وغير كل ما فعله وبدأ يعتذر وبدأ وبدأ فكان ضالاً فاهتدى. هذا فرعون ما فعل هذا وإلا كثير في التاريخ ناس كانوا مشركين وقتلوا ثم لما آمنوا بالله عز وجل هدأوا وصلحوا وغفر الله لهم وكل إيمان بعد كفر فإنه مغفور فالإسلام يجبّ ما قبله. وعلى حكاية الوزارة الوزير قد يكون كذا وقد يكون كذا الوزير كما تحدثنا في الحلقة الماضية عن الوزير فالوزير هو عين الملك عين الحاكِم وبالتالي يشير عليه بالحق يتصيد له الحِكَم ينصحه يخلص له في المشورة إذا استشاره فلما سيدنا موسى قال له يا فرعون رب العالمين أخبرني بأنك إذا أسلمت يبقى لك ملكك إذا آمنت بالله لن ينزعك من الملك ولكن أن تعبد الله وحده قال له دعني حتى أستشير هامان
د. نجيب: وهل أهلك فرعون إلا هامان؟!
د. الكبيسي: فقال له أخبرنني موسى أأني إذا آمنت بالله فإن ملكي سوف يبقى قال له أبعد أن كنت إله يعبد تصبح عبد يعبد؟ وقالها بطريقته الخاصة ففعلاً قال له لا أنا أبقى كما أنا. ففعلاً هذا المستشار أو الوزير هو الذي يسير فإذا رأيت حاكماً ظالماً فاعلم أن تحته مستشارين مجرمين وكما تعرف الحديث: إذا أراد الله بالملك خيراً هيأ له بطانة صالحة”
د. نجيب: أو معنى الحديث.
د. الكبيسي: هذا أولاً ثانياً ( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ) وكثير ناس في التاريخ انصلحوا وأصلحوا والآية (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) آل عمران) (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71) الفرقان) يعني واحد عاش أربعين خمسين سنة يقتل في الناس ما تعبت؟؟!!! يعني ما انهديت؟!! يعني وفي ناس والله تتوب إلى الله رأينا كثيراً من الناس كانوا مجرمين حزبيين قاتلا كان يشتغل في المخابرات يعذب الناس وتاب وفي ناس مستمرين على نفس الوساخة ونفس الإجرام وأصابهم مكر الله عز وجل ففرعون هذا معناه (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى) هذا القسم الأول كان يمكن أن يهديهم في النهاية قال لا ما هداهم بقى على هذا استمر على هذا وإذا معناها ما في زيادة في الآية
ثم الآية (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) طه) طبعاً المفسرون اختلفوا في هذا كثيراً لكن الرأي الراجح الذي رجحه الرازي وغيره فعلاً شيخي الذي يستمر عن إعراضه عن الله ونحن قد رأينا أفراد واحد اثنين ثلاثة يجلس إلى السبعين والستين وهو يشرب الخمر يسكر ولا يصلي ولا يصوم وعنده خير لكن تجده كئيباً كآبة لا يصدقها العقل يعني أتعس الناس أسعد منه، ولهذا هذه الآية ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126)) واحد المفروض بعد الأربعين ينصلح وبعد الخمسين ينصلح أكثر والستين خلاص وصل إذا وصل العبد الستين بوأ له التوبة بما يحب وإذا استمر معنى هذا أصابه مكر الله عز وجل ولهذا العيشة الضنك الناس قالوا في القبر لا، نحن نتكلم عن الدنيا فالقبر شيء ثاني. ولاحظ الناس الذي هو مجرم بطبيعته أو سكّير بطبيعته أو إنسان لا يحلل ولا يحرّم أو الحاصل لا علاقة له بالله لا صوم ولا صلاة لا حج ولا زكاة وهذا موجود. بالخمسينات والاربعينات تجده دائماً ساهماً وواهماً وكئيباً ومنعزلاً لا يسلم على أحد ولا يسلم عليه أحد هذا معيشته ضنكاً لأن الله سبحانه وتعالى جعل بالذكر تنشرح الصدور
د. نجيب: تظهر علاماته في الدنيا قبل الآخرة
الدكتور نجيب: قبل الآخرة. والمعاناة التي يعانيها كثير من الناس من ضيق الصدر والوساوس علاجها الذكر
د. الكبيسي: فعلاً شيخي كل من يسأل نقول له اقرأ هذه مائة مرة وهذه مائة مرة “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجاً” إذا هكذا الذكر ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الرعد)
د. نجيب: إلى عهد قريب كان الناس يداومون على الأوراد قبل صلاة الفجر أو بعد صلاة الفجر قبل غروب الشمس والآن بحكم وسائل الإعلام والملهيات الكثيرة أعرضنا عن هذه الأمور التي داوم عليها كبار الناس
الدكتور الكبيسي: والله نحن في طفولتنا وصبانا وشبابنا ما كنت ترى كئيباً ما كان أحد ما يصلي أو ما يصوم ولا أحد يشرب خمر واحد مرة واحد كان يبيع في بيت شعر للبدو يسكر ويطيح في الطين فكان هو الوحيد وفعلاً كان كئيباً. لكن كما تفضلت عموم الناس على قلة الرزق وعلى بساطة الحياة كانوا مستبشرين كرماء أسخياء لطفاء مبتسمون دائماً يتحملون كل شيء لأنهم فعلاً ذكّارون والمسجد كان يصلى فيه بالصبح بقدر ما يصلى فيه بالظهر والعصر، تلاوة القرآن الأحاديث النبوية عندهم تدور
د. نجيب: الأوراد اليومية والآن نحن نقطع بالسيارات المسافات الطويلة من دبي إلى أبو ظبي إلى الشارقة وغيرها ما المانع أن نستغل هذه الساعات في الاستماع إلى القرآن؟
د. الكبيسي: ولحسن الحظ وهذا لاحظته في هذه الدولة المباركة أين ما مشيت في كل الدولة تلاقي بين كل عشركيلومتر لافتة اذكر الله يعني فعلا تفزّ وحيث ما كنت تجد المساجد فهذه اللافتات التي فيها اذكر الله، واحد غافل يراها رأساً يقول لا إله إلا الله حتى في الشوارع الآن ما أن تراها حتى تقول لا إله إلا الله وكم مرة تراها في اليوم. وحقيقة الذكر كان شائعاً في كل العالم العربي والإسلامي وكانت له مجالسه وطرقه وأساليبه والناس كلهم يحفظون الأوراد المأثورة الآن لانشغال الحياة وكما تعرف أنت الذي جرى في العالم.
أخيراً ( وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) طه) ما هي الكلمة التي منعت العذاب عن الناس؟ يعني هذا الذي يجري في العالم الآن يعني لولا كلمت سبقت من ربك لعُذِّب هؤلاء الناس الذين يعذبون المسلمين والعرب والإنسانية جميعاً في كل مكان في فلسطين في غيره لماذا ما ينزل العذاب؟ قال سبقت كلمة من الله وهي (سبقت رحمتي غضبي) ألزمَ الله نفسه عز وجل بهذا الحديث القدسي (سبقت رحمتي عذابي) ولهذا قال ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً (45) فاطر) فرب العالمين بهذه الكلمة أنه أجّل العذاب في الآخرة وكان العذاب في الدنيا كثيراً ما كان العذاب في الدنيا فرب العالمين منذ أن قال هذا الكلام “سبقت رحمتي غضبي” كفّ العذاب عن الناس ويحاسبون يوم القيامة.
د. نجيب: وكم من القضاة والفراعنة قد عذبوا وقتلوا ولكنهم ماتوا موتة طبيعية أرجع الله تعالى عذابهم إلى يوم القيامة. نعود إلى شيخنا الجليل بعد الفاصل.
———-فاصل——-
د. نجيب: وفي هذا الأمر إمهال من الله سبحانه وتعالى لا إهمال لعل هؤلاء الذين أسرفوا على أنفسهم يتوبون ويعودون إلى الله سبحانه وتعالى
د. الكبيسي: حتى لو قبل الموت بدقائق (فمنكم من يعمل عمل أهل النار حتى لا يبقى بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب)
د. نجيب: وعذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا
د. الكبيسي: ما في أصلاً أي تقارب أو تناسب بين عذاب الأخرة وعذاب الدنيا فالنار غير النار والزمهرير غير الزمهرير كما أن النعيم غير النعيم مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. الآية الأخيرة هي (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنْ اهْتَدَى (135) الأنبياء) فطيب هو المهتدي هو من أصحاب الصراط المستقيم ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) الفاتحة) يعني اهتدينا ولكن يقول ( مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ ) هذا واحد ( وَمَنْ اهْتَدَى ) اثنين، ما الفرق بينهما؟ أصحاب الصراط السوي هذا نحن الآن في الدنيا ونمشي على الطريق وآمنا بالله موحدين توحيداً خالصاً ونصلي خمس أوقات ونصوم رمضان وإذا أذنبنا استغفرنا ولم نقتل أحداً وهكذا نحن على الصراط المستقيم وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون وأصحباهم من الذين أنعم الله عليهم من الصديقين والشهداء وغيرهم فنحن أصحاب الصراط السوي أما الذي اهتدى الذي مات واستقر خلاص وصل الواصلون الفرق بين الاثنين السالكون والواصلون يعني واحد يسافر من هنا إلى أبو ظبي هذا ما وصل هذا أصحاب الصراط السوي والآخر وصل ونائم ومستريح عندأهله أو بالأوتيل هؤلاء الذي اهتدى ولهذا عليك أن لا تأمن مكر الله فقد تكون سالك ولكن في الأخير ما توصل يعني سالك ثم يصل وما أكثر السالكين الذين لم يصلوا.
هكذا نعود أيضاً في النهاية أن حسن اختيار الوزير من توفيق الله كما في الحديث الصحيح الذي ذكره الدكتور عن السيدة عائشة (إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له) الجعل تغيير صيرورة لم يكن فكان جعلت من الماء ثلجاً لم يكن فكان. فالحديث الصحيح عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل وزير صدق إن نسي ذكّره وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه” رواه أبو داوود والنسائي وانب حبان وكثيرون. وهذا الدعاء دعاء النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم اللهم فارفق به اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشقّ عليهم اللهم فاشقق عليه”. وهذا جاري تلفتوا حولكم وقلبوا كل حكام العرب والمسلمين هناك من يسّر على أمتهة وسهل عليها وأسعدها تراه سعيداً مباركاً بصحة وعافية وحب يسير وحده بالشارع أو بسيارته ولا يخاف كما يقال إلا الذئب على غنمه. وهناك أناس أذاقوا شعوبهم الهوان والسجون والاعتقالات والتعذيب الذي رأينا بعضه بأعيننا والله كأنك في جهنم ورب العالمين انظر ماذا فعل بهم (اللهم فاشقق عليه) شقّ عليه مشقة سيذكرها التاريخ إلى يوم القيامة. هذا الذي جرى في التاريخ وجرى أمامنا الآن عند بعض الذين أذاقوا شعوبهم الويل تفاصيله الدقيقة مرعبة، هذا من صنع الله ومن دعوة النبي عليه الصلاة والسلام (اللهم من شق عليهم فاشقق عليه). ولهذا الحاكم العادل الدعاء له عبادة مجلسه من الضامنين (ثلاثةٌ العبد فيها على الله ضامن أن يدخل الجنة) منها مجلس إمام عادل تعزّره وتوقره، إذا دخلت إلى مجلس إمام عادل دعاك، ذهبت ليه تهنئه بأمر ما وجلست في مجلسه واحترمته وعزّرته وقمت له بما ينبغي من إجلال ثم قلت يا صاحب الجلالة يا سمو الأمير يا صاحب السيادة ترى في فلان شيء خطأ في الدولة فقط أريد أن أنبهك يقول لك جزاك الله خير بارك الله فيك هذا المجلس أنت فيه ضامن على الله بأنك إذا عشت عشت في خير وإذا مت دخلت الجنة على ما كان منك وهذا هو معنى الضمان. (ما كان في مجلس إمام عادل وما كان في مجلس علم) إذا كنت في حلقة علمية وواحد منكم مات في تلك الساعة فقد ضمن على الله على ما كان منه. (وما كان في مسجد جماعة) إذا كنت في مسجد جماعة فمتّ فأنت ضامن وهذا حدث رأينا أحد أصحابنا مات في المسجد ورأينا والله واحداً في بغداد ما كان من أهل الدين يعني كان عميد كلية وأخلاقه عالية وطيب وابن حلال ولكنه رجل حزبي ويصلي صلاة بسيطة يعني وماشي مع الناس ومات يوم الجمعة في مسجد
د. نجيب: ومنهم من مات ساجداً في الحرم
د. الكبيسي: يعني يبدو أن حسن الخلق له مكانة (أقربكم مني يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا) هذا الرجل دينه دين واحد حزبي من هذا الزمان لكن عنده خلق حسن هائل لا يكذب لا يتهم لم يشي بأحد إذا واحد سجن يروح يتوسط له يعني هكذا معروف في بغداد وفي المسجد قبل أن يصعد الإمام واسمه سعد الله مات الرجل وهو ساجد قلت يا الله! ويوم جمعة حتماً أن بينه وبين الله سبباً هائلاً وكنت موجوداً في الجامع وقلت يارب ارزقني ميتة مثل هذه. وواحد حججنا وبعدين ذهبنا إلى المدينة وزار النبي ومات في المدينة أيّ ميتة هذه حج وتطهر وزار النبي ومات في المدينة وكنت أحد المشيعين وأثناء وضعنا له في اللحد قلت يا رب ارزقني ميتة كهذه.
نرجع نتكلم على شروط الوزير مثل ما قال سيدنا موسى أن يكون له لساناً صادقاً يعني أن ينقل الحقيقة كما قال سيدنا موسى ( فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) القصص) الردء هو النائب عنك الذي هو في خدمتك ولا تشك في ولائه أبداً إذا يصدقني ينقل عني الحقيقة، الشيء الثاني لما اقول الكلام وما يفهمون الناس وهو رئيس وزراء فيطلع يشرحه سواء كان في التلفزيون أو كتيب أو بيان يقول هذا المرسوم من رئيس الدولة يشرح يبين وبالأمس الدولة هنا أصدرت مرسوم اعفاء المدينين فخرج بيان يشرح هذا المرسوم، هذا ردءأ يصدقني. يشرح يبين يقول للناس يفهم هذا من شروط رئيس الوزراء, وأن يكون عدل في دينه مأمون في أخلاقه يعني فيه خلق لا يختلف فيه اثنان بحيث أنه لا يؤذي أحد متعمداً عمداً ورأينا هنا حكاماً ما يفكر للانتقام لنفسه ولا مرة لم ينتقم واحد منهم لنفسه ولا مرة واحدة وإنما كأنه لم يفعل شيئاً فهو أب للجميع. اثنين أن يكون بصيراً بأمور الرعية فهو رجل خبير ويعني له بصر وإذا وقعت مشكلة سريعاً ما يجد لها حلاً وهذا هو المطلوب وخاصة من وزير التفويض. يقول المفسرون فليحذر السلطان أن يولي الوزارة لئيماً بخيلاً ويعادي هذا وهذا يوم من الأيام حكى عني وضربني ويحقد على هذاويطرد هذا لا ينبغي أن يكون رئيس الوزراء من هذا القبيل إطلاقاً. اثنين في ناس منذ أن يصير في مكان أو موقع يتكبر على كل أقاربئه لم يعد يكلم أحداً كأنه إنسان آخر ليس منهم هو من أهلهم نفس العائلة نفس الأسرة نفس الأقارب فلا ينبغي أن يتولى هذه المناصب الرفيعة من إذا وصل جفى أقاربه ومعارفه وأهله يتكبر عليهم لأنهم لم يعودوا من مستواه بل عليه أن يزداد تواضعاً بين الناس. على كل حال يقول ليس من المستشار أو رئيس الوزراء الصالح أن يكتم شيئاً عن رئيسه إطلاقاً مهما حدث عليه أن يخبره بكل صغيرة لماذا؟ لأن موضع الوزير من المملكة كموضع العينين من الرأس معنى هذا أن رئيس الوزراء هو العينان اللتان ينظر بهما رئيس الدولة. شيخي الكلام في هذا الموضوع في كتب السياسة في ابن قتيبة وغيرها قرأت عجباً ولهذا دامت دولة المسلمين ألف عام. أكثر دولة في العالم دامت ملك المسلمين، ما هذا؟! ولذلك لما تقرأ أدب السياسة عن شروط السلطان ورئيس الوزراء والحاكم والقاضي والحجّاب شيء شيء يا الله أمة أصيلة مؤلفات لا حصر لها.
د. نجيب: لكن للأسف الشديد نحن بعيدون عنها. نواصل هذا الحديث لشيق بعد هذا الفاصل
——فاصل——–
د. الكبيسي: انتهينا من سورة طه ما عدا موضوع صغير جداً وندخل الآن إلى سورة الأنبياء ولكن قبل أن ندخل في سورة الأنبياء بقي ما يقوله بعض فلاسفة هذه الأمة يقولون: كان يقال حِلية الملوك وزينتهم وزراؤهم. وفي كتاب كليلة ودمنة لا يصلح السلطان إلا بالوزراء والأعيان. وقالوا أشرف منازل الآدميين في الدنيا أولاً النبوة ثم السلطان ثم الوزراة هذه أشرف منازل الدنيا في هذا الكون الذي نحن فيه. ويقول أول ما يُظهِر نُبْل السلطان وقوة تمييزه وجودة عقله في انتخاب الوزراء واستفتاء الجلساء ومحادثة العقلاء واختيار الأعوان. هذه الصفات التي تخلّد الوزير وتبقي ذكره، هذا آخر ما وصلنا إليه تقريباً من هذا البحث الطويل في كتب السياسة والملك في تراث هذه الأمة العجيبة. وعندما تقرأ ما كتبوا تدرك أيُّ عظمة وسلطان كانت قصور الخلفاء في التاريخ الإسلامي الذي دام ألف وخمسمائة سنة فيه من الحكماء والعقلاء وأصحاب الحنكة والحرب والسلم ومن العلماء وقالوا أنه لا بد من صحبة العلماء لكن العلماء وليس القُرّاء نحن الآن في هذا الزمان نقرأ ولهذا لخبطنا الكون معظم مأساة الأمة الآن الفكرية من أهل الدين سواء كان متدينين أو أحزاب أو علماء أو قرّاء لأنه مجرد يقرأ ويخربط. كانوا مجتهدين كأبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد وابن حيوى وابن عباس
د. نجيب: والاجتهاد يحتاج إلى معرفة الواقع
د. الكبيسي: وهؤلاء كانوا فلاسفة الأمة يعني كان أحدهم يغير الحكم الذي حكم به اليوم بعد اسبوع لاختلاف الحالة ونحن تواجهنا مشاكل في القرن الواحد والعشرين ونأتي بكتاب من القرن الخمسة عشر هجري لما يكون يركبون بعير ويطبقه عليهم الآن وذلك اليوم سمعت قرار أن النفقة ثوب ونعول هذا مصيبة!!
المهم خرجنا من طه ونحن مع طه إلى يوم القيامة ( طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) طه) وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يأخذ نفسه بالشدة في عبادة الله حتى كان يقيم الليل إلى أن تورمت قدماه (طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) طه) ولكن النبي عليه الصلاة والسلام يقال له كيف تعبد الله بهذا القدر وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال (افلا أكون عبدا شكورا).
سورة الأنبياء
( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) الأنبياء) – ( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) الشعراء)
أول آية اثنين من سورة الأنبياء وفعلاً هذه الآية جاءت بتحف جميلة وعظيمة عن لقطات من حياة الأنبياء بما فيهم سيدنا موسى أيضاً في هذه السورة المباركة كباقي آي سور القرآن الكريم. الآية 2 ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) الأنبياء) هذا في سورة الأنبياء 2 في سورة الشعراء آية 5 نفس الآية لكن مكان من ربهم قال من الرحمن ( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) الشعراء) لماذا هناك من ربهم وهنا من الرحمن؟؟ كلاهما وارءها محدث انتبه لهذه القضية شغلت المسلمين وذهبت دمائهم فيها أنهاراً ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) ( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ) رب العالمين عز وجل ناس لا يحبهم يعني حاربوه حرباً شعواء يعني أحيانا عندك عدو من الأعداء لكن مهذب يعني واحد ما يؤمن بالله لكن قاعد يعني زعلان ومحتار ومش فاهم كيف أعبد الله وأنا ما أشوفه بينما هذا الصنم أمامي أشوفه لكن يا ربي ما أكرهك ما أعرف أنت موجود الخ يعني كان مؤدباً هذا ( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَنِ ) هو طيب لكن عقله لا يفهم بينما ذاك جبار كأبي لهب وغيره وشنّ الراية والذبح على المسلمين ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ ) من ربهم القوي القاهر وهو أول وصف وهي كلاهما ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) الفاتحة) وجمع جمعة هائلة ولهذا الفرق بين ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ) ( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ ) الفرق هذا، قسم منهم الذين ناصروا الله العداء سب وشتم كالشيوعيين والأحزاب وما شاكل ذلك كما هو الآن في كل العالم ارهاب وما ارهاب ويصورون النبي صلى الله عليه وسلم صور قليلة الذوق لا تدل على أصالة ولا حضارة ولا حقوق إنسان الخ، يعني يبارز رب العالمين العداء في حين هذا الإسلام الجميل كيف يتكلم عن سيدنا موسى وعن سيدنا عيسى وعن السيدة العذراء مريم وسورة مريم سورة كاملة هذا الخطاب الجميل الخطاب الراقي القدسي وهذا الكلام الراقي عن سيدنا المسيح عليه السلام المسلم ملزم بأن يقدس المسيح وموسى عليهما السلام تقديسه لمحمد (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة). هذه الأمة الراقية والنقية ذات الباع الطويل في الآداب والأخلاق هذا التفوق الأخلاقي الذي لا تملكه أمة أخرى أسماؤنا كلنا تسعين في المائة منها أسماء بني إسرائيل إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وهارون واشكال وألوان ونعتز بها ونتلذذ فيها ونفتخر بها وعندما نقول عيسى نقول عليه السلام مريم عليها السلام موسى عليه السلام هذا الأدب الراقي. هناك ناس ليسوا مسلمين لكن يتكلم بأدب وبإخلاص وبذوق رفيع يعني. إذاً الذين يبارزون الله بالعداء بسوء خلق ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ ) سينتقم منهم شر انتقام وهذا (الرحمن) لماذا؟ فرب العالمين عز وجل عندما يتكلم عن الرحمن أحيانا يتكلم عن العذاب مع العذاب يقول الرحمن. ولو أن كلمة الرحمن يغلب عليها أنها تأتي مع الرحمة لكن أحياناً تأتي مع العذاب
د. نجيب: ( يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45) مريم) متوقع منتقم أو جبار ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِي اللَّهُ وَمَنْ مَعِي أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (29) الملك)
د. الكبيسي: هذا الأدب الراقي وهو في الحقيقة يستدرج في الحقيقة لطف الله ورحمته. وإنسان كهذا ثق في النهاية أنه لا يموت إلا وهو يؤمن بمحمد. يعني واحد مسيحي يعبد الله عز وجل يقول أنا ربي الله وما يشرك وما يثلث لكنه مسيحي وما ينقصه إلا أن يقول وأؤمن بمحمد فقط هذه أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول كما هو بقية الناس على الأقل زحزح عن النار يعني لم يعد خالداً. ورب العالمين إذا شاء أن يصلحه يصلحه أما أن هذه الصور والسفاهات والأكاذيب هذا أبعد ما يكون عن أن يوفقه لله للصواب
د. نجيب: ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ ) في الغالب أولئك الذين حق عليهم القول أما من الرحمن فهناك أمل إن شاء الله
د. الكبيسي: على الأقل باجتناب الخلود في النار
د. نجيب: وليس أدل على هذا بأبو لهب الله سبحانه وتعالى قال ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ (3) المسد) هذا هو حي ما كان بإمكان أن يقول لا إله إلا الله؟! لو قالها لأبطل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
د. الكبيسي: لو قالها نفاقاً لشفع له فالنفاق جريمة وليس شركاً. لكن عقد على لسانه وقلبه أصابه مكر الله والفرق بين الآيتين هو هذا ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) الأنبياء) – ( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) الشعراء)
الدكتور نجيب: وفعلاً كثيراً ما يتكرر لفظ الرحمن اسم الله الرحمن في مواضع يتوقع بعدها العذاب والانتقام
الدكتور الكبيسي: هذا تلطف، استدراج لعلك تؤمن
د. نجيب: فهي موازنة بين الرحمة والعذاب وربك الغفور ذو الرحمة كما أنه شديد العقاب
د. الكبيسي: فما من إنسان يبقى مشركاً إلى أن يموت إلا وقد استنفذ الله معه كل الطرق، تألّفه، اُنظر إلى نفسك وما حولك غير معقول أن هذا ما خلقه أحد ما أبقى الله سبحانه وتعالى عذراً لأحد يوم القيامة لا يمكن لإنسان ( أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) الأعراف) أبداً ما في مشكلة إطلاقاً إلا أن يكون أصابه مكر الله نعوذ بالله.
السؤال الآن ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ) هنا مصيبة من مصائب الناس كلمة في القرآن كلمة في الحديث عملت لنا فرقاً وطوائف وأناس تقتل ناس راح ضحيتها علماء كل واحد منهم يساوي الكرة الأرضية كلها كالبخاري وغيره. هذه الآية كلمة (محدث) البخاري وامثاله مات ولم يصلي عليهم أحد لأنهم زنادقة تصور!! هذا مكر الله أيضاً واحد يقول كلمة حق الأمة كلها تتكالب ضده وفيه عليه أدلة في الكتاب يعني مثلاً هذا الذي يطعن في السيدة عائشة والقرآن يقول ( يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) النور) وهو يقرأ القرآن يا أخي القرآن يقول كذا؟!! ويقول لك عن الإفك ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) النور) الخ هذا انتهينا منها لكن هناك طوائف كثيرة مصرة على أن عائشة بغيّ وسيدخل بهذا النار لماذا؟ ليس لأجل عائشة ولكنه يكذب القرآن.
ثم قال ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) ويلعنهم يا أخي هذا الكتاب القرآن يقول هكذا؟ يقول ما أدري!! واحد قتل وسفك وسحل وذبح وغيّر نظام الكون ونظام محمد صلى الله عليه وسلم كاملاً ومع هذا إذا واحد تكلم عليه يطلعوه إياه مشرك وقاتل ومش عارف الخ أمة بأكملها ولهذا ( قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) .
هذا محدث طلع واحد يهودي اسمه بشر المريسي كان سقاءً بالكوفة والكوفة كلها مدارس دينية كل علماء الأمة كانوا بالكوفة والبصرة وهذا الرجل تنقل وهو صار مسلماً أو قد يكون مدسوساً وهو يهودي ذكي وفعلاً يوم يومين شهر شهرين صار من العلماء وطلع حكاية خلق القرآن هل القرىن مخلوق أم لا؟ فانقسموا ناس يقولون مخلوق وناس يقولون حادث وناس يقول كذا والبخاري رضي الله تعالى عنه الذي مات شهيداً بالحزن قال يا جماعة القرآن لفظه حادث ومعناه قديم. اللفظ هذا الله ما قال قل هو الله أحد الله ما عنده قاف كاف لام معناه عنده لسان وحلق، الله قال كلام ثم يسر هذا الكلام للذكر يعني يسّره بالصيغة التي أنزلها على محمد وجعلها باللوح المحفوظ أنزلها جبريل (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ (17) القمر) فقال المعنى قديم مع الله عز وجل. معنى الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم هذا المعنى نفسه قديم كَقِدَم الله لكن هذه الصيغة التي نقلت لنا هذا المعنى هذا حادث وأتى بأدلة على هذا على قوله المصريين ما تخرش المية.
د. نجيب: شيدي الشيخ ما أحيلى ما تتفضل به ولكن الوقت انقضى باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الجليل الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله داعين الله تعالى أن يتم عليه النعمة في الدارين ويوفقنا لاستكمال هذه المعاني الجليلة على لسان الشيخ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله.
بُثّت الحلقة بتاريخ 13/7/2012م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.
============
الحلقة 165 (13-7-2012)