إتصال من الأستاذة إلهام من عمان: سؤالي الأول عن قوله تعالى في سورة البقرة (وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88) البقرة) وفي النساء (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) النساء). بالنسبة للإختلاف الذي تفضل به الإمام قبل قليل بين الأمة وأنه قدر هذه الأمة فكيف نخرج من هذا الإختلاف؟ بل كيف نعالج هذا الإختلاف وخاصة أن الله سبحانه وتعالى قال (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا (9) الحجرات)؟
الإجابة: هذه قضية ثانية أن يقتتل المسلمون مع بعض وما أكثر ما اقتتلوا! نحن نتكلم عن الخروج عن ثوابت الأمة الشرعية واحد يأتي يقتل عليّ ويجلس مكانه هذه ما فيها أي خلاف خروج عن الأمة، واحد يفطر والهلال بالسماء وهكذا واحد يلعن مسلماً قال الله عنه في القرآن رضي الله عنه هكذا أما هذا الاقتتال صار حتى بين الصالحين أنفسهم.
إلهام: طبعاً يا إمام لا يفوتني أن أقدم بين يديكم إثراء وأستغل هذه الفرصة وأقول:
علوتَ سماءً نوراً فنوراً فأشرقت السماء لنا حبوراً
بفقهٍ لم تدانه الثريا تجارة ترتجيها فلن تبورا
فيا رب المكارم عنا لقي بيوم الحشر أحمدنا السرورا
وعند الحوض لقّيه النبيا يرويه من العطش الكافورا
وجوزه الصراط كومض برقٍ ولقّيه النعيم مع القصورا
ونزلاً في الجنان يعد عداً وزوّجه من الفردوس حوراً
فكم من سُنة قد أحيا فينا وزكى أنفساً كانت قبوراً
الدكتور نجيب: بالنسبة لبقية إجابة على السؤال سنتاولها فيما بعد بالنسبة للغلف والطبع على القلوب وإن كان الشيخ تناولها في الكلمة وأخواتها.
الشيخ الكبيسي: هذا البيت الذي قالت فيه إلهام (وزكى أنفساً كانت قبوراً) هي موضوع السؤال رب العالمين يجعل ناس في وزن الفتيل وناس في وزن الذرّة وناس في وزن النقير لماذا؟ النقير مضرب المثل بالقِلّة الحقيقية الموجودة القوية وهي النقرة في ظهر النواة قوية جداً وهو لب النواة هذا النقير مضرب المثل على القلة القيمة الموجودة القيمة ورب العالمين يقول (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) هذا واحد المثل كان من جنسهم بالضبط. الجنس الآخر مثل ما قالت ابنتنا إلهام نحن كلنا أنا ونجيب وكل أصحاب الفضائيات ينهال عليهم المدح من كل مكان أولاً هذا يذهب الأجر مهما كنت لو تصير ماذا لازم قلبك يفرح وإذا فرح قلبك أن فلان مدحك فأنت خلاص أجرك راح حصلت أجرك في الدنيا فصرنا فتيل كيف؟ الفتيل شيء موجود وطويل وشايف نفسه شوفة ولونه حلو أبيض من أروع ما يكون وفعلاً ما تتقزز ولذلك قال ضرب المثل بالتفاهة يعني هناك ناس تصلي قام وصلى وكذا والخ وإذا بها صلاة تافهة جداً تافهة لا خشوع ولا أبداً فقط حركات تافهة وهناك صوم من الفجر إلى المغرب لم يأكل ولم يشرب ولكنه لم يترك مذمة أو شتيمة إلا وشتمها ولا غيبة وإلا واغتاب ونظر والخ يعني صوم تافه ليس له وزن. وحينئذٍ ضرب المثل بالتفاهة بالفتيل (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) من جنس تفاهتهم وهذا موجود في كل مكان أني أنا أفضل واحد وأحسن واحد أنا كذا وكذا وشايف نفسه شوفة ولا يقبل أحد ينتقده ولا يحكي عليه ولازم كل الناس يقدمون له فروض هو أعلم الناس وأذكى الناس وهو الوحيد على الحق والكل على الباطل تافه هايف لا علم لا منطق لا حتى سلوك ما عنده لكن له أبهة وجماعته والخ قال هؤلاء مثل الفتيل فرب العالمين هو الذي يزكّي وليس أنتم تزكون أنفسكم. أما الذرّة فهذه على الخفة رُبّ إنسان له قيمة فالذرّة لها قيمة لكن خفيفة الوزن فأحياناً الواحد يعمل عمل صالح يعني مثلاً النقير رب العالمين سبحانه وتعالى ما دمعة يقول من سالت من جفنه دمعة كجنح الذبابة لا تمس وجهه النار إذاً هذه الدمعة التي هي أقل من جنح الذبابة رب العالمين سوف يحسبها لك لأنها حقيقة موضوعية ذاتية موجودة هي دمعة (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) وقس على هذا كأصحاب الواحدة هذا بتسبيحة وتلك التي سقت كلباً يعني في أعمال جزئية صغيرة أصغر مما تتصور ولكن الله وزنها وزناً (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا). العكس هذا الذي يزكي نفسه أنا هذه الأنا المصيبة السوداء أنا الأفضل وأنا الأحسن وأنا الأتقى وأنا الأكبر وأنا الصحيح وأنتم المشركين وأنا الصح وأنتم خطأ وأنا الوطني وأنتم خونة وأنا الكريم وأنتم البخلاء دائماً أنا أنا أنا تافه تفاهة منقطعة النظير في سلوكه في تعامله في كلامه في مشيته فما هي الخيلاء؟ هي التفاهة شايف نفسه أحسن الموجودين ومطول ثوبه (من جر ثوبه خيلاء جر قطبه في النار) لتفاهته خيلاء، حينئذٍ رب العالمين على القِلة الدقيقة التي هي موجودة موضوعياً قال نقير هي التقوى بعمل بسيط جداً شربة ماء واحد حكم الله عليه بالنار وماشي على الصراط سيأخذونه على النار شاف واحد فقال له يا فلان تعالى أنت وينك؟ فقال له من أنت؟ أنت تعرفني فرد عليه قائلاً ألست فلان الفلاني؟ قال له بلى فقال له أنا ذاهب على النار فاشفع لي فسأله ماالذي فعلته فقال أنا مصيبتي سوداء فقال له أم تعرفني قال لا قال ألست في يوم من الأيام دقيت علينا الباب وكنت عطشان وسقيناك ماء؟ قال بلى والله هذا صحيح لقد وهبتونا وضوءاً فقال هذا نحن اشفع لنا قال يا رب إن هذا وهبني وضوءاً فهبه لي فقال الرب عز وجل خذ بيد أخيك إلى الجنة، بشربة ماء. هذا النقير يعني حقيقة موضوعية وقس على هذا لو تقرأ في الكتاب والسنة هذه الآية (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) التوبة) واحد جاء بتمرة ورماها والله جعل منها آية قال له المشركين يعني ألا تخجل؟ تقدم تمرة؟ قال والله هذا الذي عندي فرب العالمين جعل منها مبدأ (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) هذا نقير ولا يظلمون نقيراً من جنس العمل. الهيافة طويل عريض يتطاول بلسانه بكلامه يتطاول في العلم يتطاول في الشعر إنه أنا أنا أنا الأحسن هذا تافه وفي بعض القادة في التاريخ كل محاسن الكون لازم أن تكون لديه حتى مرة واحدة في البصرة كان واحد من بني فلان فعمل معروف مع واحد مشى له معاملة فهذا يدعو له فقال له كثّر الله من أمثالك قال والله لقد كلفت الله شططاً الله وين يقدر يجعل كثير من أمثالي أنا يادوب الوحيد والعياذ بالله هذا فتيل هذا التافه الخيط الذي في النواة ليس له لا طعم لا قيمة بل يرمى مع النواة رمي الوساخة فهذا (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) نحن ونحن ونحن على الباطل! أما الذرّة (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) مهما خفّ وزن عملك مهما كان لا يشعر به أحد يعني هناك أعمال لا تُحس لا تأتي على البال يعني مثلاً واحد ماشي ورأى كلباً قلبه قال والله مسكين هذا الدنيا حر لو أحد يأخذه شيء أقل من جزء الثانية لا أحد يشعر بها هناك أعمال قد تكون قيّمة وقد تكون بسيطة لكن في كلا الحالتين لا يشعر بها أحد إما هاجس أو خاطرة أو حزن قليل أو دمعة لكن هذا توفيق من الله أن يوفق لك هذه الأعمال فرب العالمين يضرب المثل بالقلة الموجودة الموضوعية بالنقرة النقيرة وضرب المثل بالتفاهة المتناهية بالعمل عمل تافه يعني هذا الذي يذهب للقبور ويقدم ذبائح ويذبح للحسين ويذبح للشيخ عبد القادر على أساس أن هؤلاء هم الذين يعطون ويسوي نفسه أنه هو عامل عمايل وهو عمل تافه لا يساوي هذا الفتيل، وناس فعلاً عمل عملاً صالحاً لكن لا يشعر به أحد (حتى لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله) هذا خفة الوزن خفة لكن عند الله عظيم فهذا الفرق بين (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ).
(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) الإسراء) – (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) النساء)
ننتقل إلى موضوع جديد في سورة الإسراء (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) الإسراء) وفي سورة النساء (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) النساء) الزنا بالمحارم أو زواج زوجة الأب من بعده (إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا) أضاف كلمة مقت، شخص زنا بامرأة هذه فاحشة وسبيل سيء لكنه في الحقيقة ليس مقززاً ولا مقرفاً امرأة جميلة وكذا راقصة أو مغنية أو ممثلة أو بغي جميلة جداً والله قال (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ) لكن أن تزني بمحارم؟ هذا ليس فقط فاحشة هذا قمتاً يعني مقزز مقرف يثير السخرية يثير العار المقت أشد البغضاء (لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ (10) غافر) حينئذٍ هم الاثنين زنا لكن في زنا عن زنا زنا بأجنبية فاحشة وساء سبيلاً (فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) زنا بمحرم فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً (فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا) فكلمة مقتاً تضيف إلى الزنا بالمحارم جريمة زائدة ولهذا عقوبة الذي يزني بالمحارم ليس كعقوبة الزاني رجم أو جلد لا وإنما يلقى من شاهق يصعدونه على جبل على منارة على برج ويرمى من فوق لأنه لا يسوى لخسته ونذالته وحقارته لا يساوي أن يعاقب عقوبة الرجال ولكنها من جنس عقوبة قوم لوط.
الدكتور نجيب: سيدي الفاضل ولذلك أثبت العلم أن الزنا وحتى الزواج بالمحارم كما يحصل في بعض الدول والعياذ بالله لاحظوا أن هناك أمراض معينة قد يصاب بها الطرفان والعياذ بالله فلما درسوا هذا الأمر وجدوا أنها من جنس هذا النوع من الزواج وذكرتني بهذه الآية التي بدأت أول الأمر (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) أن عبيد بن عمير من الصحابة الذين أسلموا في الفتح وكان في جاهليته يمر على جارية يتغزل بها فبينما هو أسلم بعد الفتح وهو عائد كعادتها وقفت أمامه في الطريق فلم يلقي لها بالأً فلما سألته وطلبت من المحادثة على عادتها وقفت أمامه في الطريق فلم يلق لها بالها فلما طلبت الحديث رد عليها قائلاً:
قالت هلمَّ إلى الحديث فقلت لا يأبى علي الله والإسلام
لو ما رأيت محمداً وفتيله بالفتح يوم تكسر الأصنام
لرأيت دين الله أضحى نيّراً والكفر يغشى وجهه الإظلام
هذه مواقف عظيمة، لابد أن نشكركم جزيل الشكر على هذه الحلقة القيمة المباركة التي فتح الله تعالى لنا فيها بشيخنا الجليل الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله أفاقاً وعلوماً واسعة مما أدى إلى إخواننا المشاركين أن يشاركوا معنا على الهواء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 23/11/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها