الحلقة الرابعة: (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً)
قبل أن أبدأ نشكر الذين أرسلوا لنا فاكسات في هذه المادة وفيها فاكسات مفيدة جداً واليوم وصلنا من الأخ أحمد محمد خطّاب من ليبيا فاكس من ست ورقات ويبدو أن الرجل حفظه الله من أهل العلم ففيها علمٌ غزير، كما وصلنا من ألمانيا من أبو السرمد 14 ورقة جمعت فيها عدة آيات من الآيات المتشابهة وفاكسات كثيرة وهذه سهلت لنا الأمر. من الفاكسات التي وردتنا تقريباً أحصيت كل الآيات المتشابه التي فيها زيادة أو نقص وهذا جهدٌ عظيم من المشاهدين وبذلك أغنونا عن العناء بأن نبحث عنها بين آيات القرآن الكريم وما علينا إلا نبحث فيها وبعض الفاكسات جاءت وفيها محاولة جادة وجيدة في بيان الفروق في هذه الزيادات أو النقص ومنها هذا الفاكس الذي جاء من الأخ أحمد محمد خطاب من ليبيا.
(أحيا به الأرض بعد موتها) و(أحيا به الأرض من بعد موتها):
اليوم نتكلم في موضوع جديد الفرق بين أنزل ونزل كما قال تعالى (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴿65﴾ النحل) أنزل غير نزل أنزل هنا وبعد موتها بدون من، الآية الأخرى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا ﴿63﴾ العنكبوت) الآية الأولى أنزل وبدون من والآية الثانية في العنكبوت (مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا) وهذا في الحقيقة وارد في عد أماكن في كتاب الله بين الإنزال والتنزيل. رب العالمين يقول لبني إسرائيل (وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴿57﴾ البقرة) هذا في البقرة، في طه قال (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴿80﴾ طه) ولا يمكن أن يكون هذا عبثاً، في الفرقان يقول (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴿48﴾ الفرقان) في ق (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا ﴿9﴾ ق) وعن الملائكة (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ ﴿111﴾ الأنعام) نزلنا آية أخرى (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا ﴿8﴾ الأنعام) وهكذا إذاً سنبحث في هاتين الآيتين في تنزيل الماء ومرة أخرى أو ثانية أو ثالثة أكرر أن هذا الموضوع المتشابه في كتاب الله يحتمل كل من ينقدح ذهنه في فرق بين الآيتين ولن تضيق هذه الآيات بتأويل حتى لو بلغ ألف تأويل. من أجل ذلك لا تتقيد بما قاله المفسرون، ربما تجد مفسراً من المفسرين قال فرقاً واحداً وقال الآخر فرقاً آخر ولكن هذا ليس اختلافاً كما قلنا وإنما هي وجوه أخرى وهذه سنة في هذا الكتاب العزيز استجابة أو استفادة من قوله عليه الصلاة والسلام (هذا الكتاب لا تنقضي عجائبه) ومن عجائبه أن الكلمة القرآنية تعطي عطاءً جديداً في كل جيل على وفق معارف ذلك الجيل وحضارتهم وعلومهم وحتى يوم القيامة عندما نطّلع على التأويل النهائي سنجد أننا كنا بعيدين عن هذا البحر المتلاطم وإنما كنا نسبح على شاطئه فقط فلا يضيقن أحدٌ بأحدٍ إذا أبدى رأياً جديداً وإنما هي آراء تتراكم وفي الغالب كلها صحيحة.
إذاً آيتان (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا). مقدماً نقول الفرق بين أنزل ونزّل عدة علماء تكلموا فيها وربما يكون كلما تكلموا فيه صحيحاً. نضيف إلى هذا رأياً آخر لا يتعارض مع الآراء الأخرى وهو أنزل مرة واحدة يعني دفعة واحدة أنزلت الشيء، نزّلته باستمرار يعني أنزل الله الماء دفقة مطر مطرت يوم يومين ثلاث أيام هذا أنزله، تأمل لو أن المطر بقى عشرين عاماً ينزل فرضنا هذا يعني الآن في بعض الدول الغربية على مدار السنة هذا نزّل وهكذا. أنزل القرآن ليلة القدر ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (أنزل الله القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر) الله تعالى قال (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿1﴾القدر) (ثم نزِّل) انظر إلى دقة المصطفى صلى الله عليه وسلم (ثم نزِّل بعد ذلك في عشرين سنة) لم يقل أنزل لما أنزل مرة واحدة دفعة واحدة قال أنزل ولما باستمرار على مدى 23 سنة باستمرار قال نزِّل هكذا وهذا رأي آخر يضاف إلى آراء أخرى أحببت أن أختار منها هذا لأنه يخدم قضيتنا اليوم في هاتين الآيتين.
إذاً رب العالمين عز وجل يتكلم بالآية الأولى عن الأمطار التي تنبت الزرع الموت الموسمي الأرض الآن تموت بالصيف والشتاء وبالربيع تحيا وكل سنة مكان عشب ثم يموت العشب ثم تموت الأرض ثم في العام القادم وهكذا هذه كلمة أنزل يأتي مرة واحدة مرة واحدة في السنة في فصل الربيع مثلاً وهكذا كل كلمة أنزل يعني تأتي إما دفعة واحدة أو مرة واحدة على الوجه المعتاد مثل أغلق وغلّقت، أغلق الإغلاق المعتاد وغلقت اتخذت كل الوسائل والأسباب. وحينئذٍ كلمة أنزل معروف أن الأرض يأتي المطر ثم تخضر ثم ينتهي الموسم تعود ميتة مرة ثانية وانتهى الأمر وحينئذٍ الآية الأخرى (نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا) هذا يتكلم عن إحياء مطلق لموتٍ كان مطلقاً أيضاً. في هذه الآية على كثرة ما تناولها المفسرون بالتأويل وربما لم يفرقوا والغالبية العظمى لم يفرقوا بين هذه وهذه، يعني عنده (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) مثل (نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) وما انتبه إلى هذا وقلنا هذا ليس عيباً فيهم لكن هذا مسألة عصر. والقليل الذي قال هناك فرق قال نزّل للتشديد والتكثير. لو تأملنا في الآيات ودائماً نحن نعرف بأن التفسير بالمأثور (أوتيت القرآن ومثله معه) والله تعالى قال (إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴿19﴾ القيامة) وقال r (إن هذا القرآن لا تقضي عجائبه) وفي كل جيل تتبع كل التفاسير ترى أن كل عصر تتطور النظرة إلى الآيات أبعد قليلاً مما سبقهم في الجيل السابق وهذا كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم وكما أخبر القرآن بنفسه أن هذا من طبيعة هذا القرآن (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴿53﴾ فصلت) يعني هذا القرآن في كل جيل فيه معجزات، كل جيل يأتي مفسرون أو مأوِّلون يجدون في هذا القرآن معجزةً جديدة تتلاءم وظروف هذا العصر يعني كم الآن في القرآن الكريم عرفنا عن قضايا الفلك وقضايا الأقمار الصناعية وما يأتي من اكتشافات وقد أسلم بعض العلماء الكبار لأنهم وجدوا أن هذا الكلام لا يمكن أن يقوله بشر وهذا سوف يجري ويتم إلى يوم القيامة. نقول في هاتين الآيتين (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) ونزل المطر وماتت الأرض مرة ثانية وهكذا بشكل عام. الأرض عندما خلقها الله عز وجل خلقها ميتة ما فيها لا عمران ولا شيء والآية رب العالمين يقرأها علينا كيف أن الله خلقها بسبعة أيام ولكن خلق فيها أقواتها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام هذه معروفة أن الله سبحانه وتعالى خلق الأرض على هذا الأساس ثم تطور الأمر يوماً بعد يوم قال (وَبَارَكَ فِيهَا ﴿10﴾ فصلت) رب العالمين قال (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا ﴿12﴾ فصلت) لكن كلمة وبارك فيها (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴿10﴾ فصلت) أقواتها معروفة ما هي البركة؟ البركة يحدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن بركتين عظيمتين هما أساس إحياء الكرة الأرضية زراعة وصناعة وحضارة وعلماً وأدياناً وفلسفات هذا الموت الحقيقي هناك (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) هذا موت موسمي، هنا (نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا) من بعد موتها أي من بداية الأرض كانت ميتة بلا فلسفة ولا حضارة ولا أنبياء ولا أديان ولا ولا الخ، فرب العالمين نزل ماءً مستمراً متدفقاً إلى يوم القيامة وليس هذا فقط أخبرنا النبي r أن هذا الماء ينبت وينبع من الجنة. تأمل أن في هذه الأرض نهران أساسهما ومنبعهما من الجنة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم والعجيب الذي وجدته أن نفس هذا الحديث موجود في الإنجيل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم والحديث جاء في الصحيح صحيح مسلم والبخاري وهذا طبعاً متفق عليه والمتفق عليه قضية لا يناقش فيها، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفرات والنيل هما من أنهار الجنة وقد جاء في كتاب بدء الخلق في صحيح البخاري ومسلم في باب ذكر الملائكة (رُفِعت إلى سدرة المنتهى منتهاها في السماء السابعة نبْقُها مثل قلال هَجَر وورقها مثل آذان الفيلة فإذا نهران ظاهران ونهران باطنان فأما الظاهران فالنيل والفرات) وأحاديث كلها بهذا كما ذكرها مسلم وغيره. والأحاديث الواردة في الفرات نفسها في التوراة في المسيحية وبحسب رواية الكتاب المقدس (إن الفرات يُعدُّ أحد أنهار الجنة جنة عدن جناتٍ عدنٍ يدخلونها) أضاف الإنجيل وطبعاً العهد الجديد والقديم أضاف أنه ليس فقط في الجنة وإنما من جنة عدن لكنه تكلم عن الفرات وحده. إذاً لو رب العالمين أراد أن يحدثنا أن هذه الأرض عندما خلقها خلقها ميتة من العلوم والأديان والحضارات وما الذي أحيا هذه العلوم التي تملأ الآن الأرض؟ وهؤلاء الأنبياء الكرام الذين جاءوا بالرسالات؟ وهذه الأديان التي رشدت البشرية؟ وهذه الفلسفات والقيم والمدنيات التي نعرفها جميعاً؟ ينص الحديثان كما تشير هذه الآية إلى أن الإحياء جرى في هذين الواديين وادي الرافدين ووادي النيل. خطر ببالي خاطر قلت إذاً لماذا اليهود ادّعوا أن أرضهم الموعودة من الفرات إلى النيل وهؤلاء في كتبهم المقدسة أن الفرات من أنهار الجنة أما كيف ينبع من الجنة هذه قضية لو تأملت فيها تبدو صعبة هذه كل الكرة الأرضية لا توازي أنملة في عالم الجنة حينئذٍ ليس من الصعب ورب العالمين أنزل الكثير أنزل الحجر الأسود وأنزل العلوم وأنزل رسل وأنزل رسالات وأنزل خيرات وأنزل ملائكة إلى هذه الأرض هذه قضية تأمل فيها تراها سهلة عند الله عز وجل حينئذٍ كون اليهود يدعون أن بلادهم من الفرات إلى النيل هذا يعني أنهم يريدون أن يقولوا إننا نحن أي اليهود أو اليهودية مصدر كل الحضارات والأفكار الصحيحة وكل ما عداها باطل والجنة مخصوصة بنا والجنة يوم القيامة لنا وحدنا وأن كل الناس في النار الخ هذا معروف عنهم. في حين أن الله عز وجل يقول أنه أحيا بهذين الواديين الكرة الأرضية كلها، كل الكرة الأرضية التي كانت ميتة من أي قيمة من القيم أو دين من الأديان أو حضارة من الحضارات كلها تغرف من هذين الواديين كل حضاراتها وأديانها وفلسفاتها وقيمها وعدلها وسلامها والتاريخ كله شاهدٌ على ذلك. كل الأنبياء حركتهم ما بين وادي الرافدين وما بين وادي النيل، بداية الخلق ابتداءً من العراق وهي بابل فهذه المنطقة المأهولة كلها، جميع المنطقة المأهولة أول ما خلق الله الأرض هذه المنطقة نينوى إلى الكوفة وإلى أربيل هذا مثلث عراقي معروف هناك هبط سيدنا آدم وهناك نوح وطوفان نوح والشلالات والتنور وكل ما جاء في كتاب الله عز وجل تلك هي الحركة ثم يتحرك الرسل من هناك إلى هذا الطريق إلى مكة إلى الشام إلى فلسطين إلى النيل. إذاً هذان الرافدين أو النهرين (وادي النيل ووادي الفرات) هما أساس الحياة في هذه الكرة الأرضية كلها قرون طويلة وآلاف السنين وليس في الأرض حضارة ولا علمٌ ولا دينٌ ولا رسلٌ ولا أنبياء إلا بعد أن فعل الله ذلك كله في هذين الواديين حصراً. من أجل هذا تجد هذين الواديين بعد أن أفرغ الله فيهما علمه وخيراته ورحماته كما في الحديث كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف حول الكعبة وتعرفون الكعبة كانت أركاناً الركن اليماني والركن الحجازي والركن الشامي الخ ولكل ركنٍ دعاء فكان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف في الكعبة ويدعو مع كل ركنٍ بأهله “اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا” الخ فخلفه رجل يقول يا رسول الله وعراقنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه إلى أن سأله أعراقيٍ أنت قال نعم قال: (إن إبراهيم عندما أحرقه العراقيون أراد أن يدعو الله عليهم فأرسل الله له جبريل قال يا إبراهيم ربك يقول لا تدعو على أهل العراق فقد جعلت فيهم خزائن رحمتي وخزائن علمي) خزائن رحمتي يعني الخير وفعلاً هذين الرافدين على خلاف مصر التي فيها من العلوم والفلسفات والأديان هل تعلمون أن في مصر بعض العوائل الفرعونية أول من وحّد الله عز وجل من الأمم التي لم يأتها نبي يعني وحدوا الله عز وجل اعتماداً على فكرهم وعلى التأمل في الحياة يعني أهل فلسفات وأهل حضارات. العراق جعل الله فيه كل خير الدنيا من أجل هذا وبعد أن نشأت الحضارات وامتدت في العالم كله وأصبحت هناك أمم عظيمة هذا العراق ما قويت أمة إلا وطمعت فيه من الروم والتتار والفرس وطبعاً في العصر الحديث الإنجليز والآن الأمريكان وكل العالم يطمع في هذا البلد وكل العالم عينه على هذا البلد لأن الله جعل فيه علمه ورحمته. إذاً هذان الواديان متآخيان من حيث أنهما هما قلب الكرة الأرضية وهما قلب هذه الحضارة الدنيا (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴿63﴾ العنكبوت) حينئذٍ هذان الواديان في العراق كان العرب أصل الحضارة وفي مصر كان الفراعنة أصل الحضارة ثم تطورت العراقيون العرب مع الفراعنة إلى أن أصبحت الأمم على ما هم عليه إلى أن دخل الإسلام وقبل الإسلام كانوا اليهود. طبعاً لا ننكر أن اليهود كانوا نصف العالم من حيث الدين الأول وحيٍ مجردٍ ينزل بكتاب هو التوراة وقبل التوراة كانت وريقات أوراق وصحف الخ. أول وحيٍ مجرد يأتي الوحي مع جبريل عليه السلام هو على بني إسرائيل. وبنو إسرائيل كما تعرفون هم الثقل الكبير في وادي النيل وفلسطين كما هو معروف كما هو في القرآن الكريم. والقرآن الكريم يتحدث عنهم من الصفحة السابعة في الأول إلى الصفحة السابعة في النهاية ولا ينكر تأثيرهم ولكن الله سبحانه وتعالى أخبر العالم كله بمن هم هؤلاء القوم والقرآن مليء بذلك وستأتي بعض الآيات التي تشير إلى هذا مما فيها متشابه. من أجل ذلك يبقى هذان الواديان مرتبكان ليس فيهما استقرار لكثرة ما فيهما من مطامع والتاريخ المعاصر شاهدٌ على ما نقول إضافةً إلى التاريخ الماضي الذي امتدت حدود المصريين إلى عدة مساحات حولهم في إفريقيا وفي سوريا وفي فلسطين، والعراق وبابل تعرفون أيضاً تاريخ العباسيين الخ. حينئذٍ نقول هذا الذي نقول به يطمئننا إلى أن الله سبحانه وتعالى له في هذين الواديين شأن وكل الأنبياء حصراً في هذين الواديين حركة وتشريعاً ودعوة وفي هذين الواديين نبتت كل حضارات الأرض وما من حضارة على وجه الأرض إلا وأصولها في هذا الوادي أو في هذا الوادي. حينئذٍ نقول أن كل هذه الحضارات والعلوم التي بدأت في هاتين الحضارتين يُعتبر هذان الواديان مبدأ تحضّر العالم ومن هنا كم هي الجريمة تتضاعف وتبدو همجية جداً عندما يأتي جيشٌ يدّعي أنه متحضر ثم يمسح هاتين الحضارتين مسحاً كما حصل في التاريخ لمصر من الفرنسيين وغيرهم وكما حصل للعراق أيضاً من الإنجليز وغيرهم الآن هذا الاحتلال الهمجي الذي نقض هذه الحضارة حجراً حجراً وشبراً شبراً. طبعاً علم الحضارة من يقرأ التاريخ ويقرأ عن عناصر الحضارة في هذا البلد في هذا الوادي وادي النيل ووادي الفرات يرى عجباً. أما إبداعاتهم الأدبية والتاريخية والفنية والعمرانية والأخلاقية والفلسفية قضية إلى الآن لم يصل العالم إلى أدنى مستوياتها ولكن القوة غلبت، قوة السلاح وقوة الجيش ثم الخلل الذي أصاب هاتين الحضارتين على امتداد التاريخ في بعض مفاصل هذه الحضارة أثر تأثيراً مؤقتاً ولكن الحضارة الأصيلة كحضارة هاذين الواديين لا يمكن أن تنقطع وإنما لله فيها شأن يمكن أن تستمر إلى يوم القيامة كما تخبرنا النصوص أنه إلى يوم القيامة هناك أثرٌ قادمٌ لهاتين الحضارتين في إصلاح الدنيا. إذاً هذا الذي جرى كلمة نزّل الاستمرار إنزال النيل والفرات بل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لو أن أحدكم وضع إصبعيه في أذنيه لسمع هدير هذين النهرين.
إتصال من الأخ عامر من الشارقة: لك الفضل أيها الشيخ الجليل إن جعلت الآلآف بل الملايين من هذه الأمة العظيمة التي شرفها الله تعالى بحمل وقراءة قرآنه الكريم منكبة على تصفحه وسبر أغواره وتفاسيره بعد أن أعطيت للكلمة دورها وللحروف معانيها ومقاصدها وأبعادها مما جعلنا جميعاً أمام فهم أعمق وأدل لمعانيه ومقاصده. ولعل الآية الكريمة في سورة العنكبوت (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)) سيفتح الله لك فتحاً مبيناً لأنك تنصر دينه ويهديك سبله فإنك من المحسنين والله معك ووفقك الله.
إتصال من الأخ سنان من الأردن: أضيف مشاركة في هذه الحلقة. أولاً هناك ثلاث مراكز للطاقة في الكرة الأرضية هذه مراكز رئيسية وحيوية جداً بالضبط كما هو تنفس الكرة الأرضية، الطاقة الإلهية وهي النور الإلهي ثلاث مراكز تكمن في القدس وفي الكوفة وفي مكة المكرمة هذه هي رئتين الكرة الأرضية للطاقة هذه فيها كل العلم وفيها لك القوة وفيها كل النور الإلهي. ثانياً الماء الذي يقصد فيه وهو النور الإلهي (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴿35﴾ النور) النور الإلهي الذي هو أيضاً فيه الطاقة وفيه العلم وفيه القوة وفيه كل شيء وفيه الخير والسلام ومحتوياته هي أسماء الله الحسنى كلها التي فيها القوي والقدير والعليم والجبار والمتكبر وفيها السلام واللطيف والودود والخ فهذه تأخذ من تلك. فالماء الذي ذُكر فيه إذا هو جاء من الجنة فهو عبارة عن النور الإلهي والدليل أن النور الإلهي موجود في الجنة وليس موجوداً في النار في جهنم معاذ الله فجهنم هي عبارة عن نار سوداء بلا نور فكلما ازداد المؤمن نوره وازداد إيمانه ازداد نوره فزادت درجاته في الجنة وهذا الذي حصل في الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى عندما التقى النور الإلهي في نور سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فجبريل توقف فلم يستطع التقدم إلى الحدود التي تقدم فيها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وهذا اعتبره سؤالاً إذا تحب أن تجيبني؟ الإجابة: التأويل الأول مسلم 100% ولقد أضفت إلينا فتحاً جديداً نضيفه إلى ما قلنا من حيث أهمية هذين الواديين. الذي قلته ثانياً نحن قلنا تأويل وقلنا من البداية أن المتشابه لا يضيق بتأويل وأن التفسير الإشاري عند سلفنا الصالح معتبر لكن نعتبر أن هذا رأيك وتأويل عليك أن تثبته جيداً لماذا؟ لأننا تكلمنا في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال النيل والفرات بالاسم وحديث متفق عليه فإذا كان متفقاً عليه أنت لا تتكلم. ثم التوراة والإنجيل تكلمت عن الفرات بنفس المعنى فبالتالي مع هذين النصين الكريمين يمكن أن نقول أننا الآن نتكلم عن الفرات والنيل من حيث أنهما واديان كانا أساس الحضارة في العالم وكل العالم لم يكن موجوداً عندما كانت الحضارة وبعد أن وجد العالم الفرس والرومان واليونان والخ كلهم كان هذان الواديين لهما فضل على العالم جميعاً وإلى هذا اليوم أنت تعرف أن السلام والأمن والتسامح والخير والفلسفات والآداب والقيم والمُثُل، حفظ الجوار وحفظ الأنساب وحفظ العوائل وحفظ الأسر وكرامة المرأة وشرفها الخ كلها في هذين الواديين واضحة وضوح الشمس من حيث الأنساب وآصالها وفروعها ومن حيث القيم الاجتماعية والتكافل الاجتماعي المتراص الخ كل ما في هذين الواديين على امتداد الزمن لا يزال مثار للمنصفين أما العدو عدو لا يرى فيك خيراً حينئذٍ هذا الذي قلنا امتثالاً لقوله النبي صلى الله عليه وسلم عن النيل والفرات من أنهار الجنة وما جاء في التوراة من أجل هذا نميل إلى أن الماء هو هذا الماء نفسه ولكن طبعاً النور له اعتباراته وكما تفضلت وعليك أن تتحمل مسؤولية تأويلك ولعلك تبحث هذا جيداً وربما تقنعنا به في يوم من الأيام أما التأويل الأول رائع.
هذا هو الأمر، الكلام في الحضارتين معروف حضارة وادي النيل وحضارة وادي الرافدين معروفة وإطلالاته على العالم وكل ما في العالم في النهاية من علوم وآداب وأخلاق بداياتها هناك وما جاء في كل الكتب الفلسفية وحتى الكتب المقدسة من حديث عن مصر وعن العراق وعن بابل معروف هذا لا ينكره أحد.
د. نجيب: ويبدو أن الاستفادة ودوام هاتين النعمتين أيضاً مقرونة بقضية أخرى وهي مدى المحافظة على هذه الرسالات التي أنزلها الله تعالى وفي هذا العصر عندما فرطنا في هذه الرسالات وهذه القيم التي أنزلها الله تعالى حرمنا من نعمة هذين الواديين ومن بركتهما فكما ذكرت عن بني إسرائيل من قبل أن التابوت الذي أنزله الله كان بركة وخيراً ووقاية لهم ما داموا كانوا متمسكين بذلك المنهج أما عندما خرجوا عن ذلك المنهج لم يعد ذلك التابوت الذي أنزله الله وقاية ووجاء وحماية لهم.
د. الكبيسي: وأضف إلى هذا من بركة وحضارة هذين الواديين أن المسيحية واليهودية عندما خرجت من هذين الواديين تحرفتا بالكامل وفي هذين الواديين بالمائة مائة باقية على صوابها.
إذاً أن يأتي النهران من الجنة أمرٌ في كتاب الله وفي الكتب السماوية إنما هي قضية تضم إلى كثيرٍ من الأشياء والآمال والملائكة التي تنزل من السماء كما قال تعالى وكما رصدت وكالة ناسا في هذا المعنى (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ﴿43﴾ النور) وطبعاً هذا أيضاً وكالة ناسا نفسها قبل سنتين أذاعت أنها رصدت في السماء الأعلى جبال من الثلج الهش تنزل إلى مكان معين حتى تصبح برداً وهذا من دواعي تأويل القرآن الكريم المتشابه منه ونحن طبعاً موعودون ببحثٍ عن هذه الجبال الثلجية التي هي تنزل من السماء من الدكتور عامر الهاشمي الذي وعدنا أن يكمل هذا البحث ثم سنلقيه على أسماعكم. طبعاً الحقيقة هذا الباب الآيات المتشابهة بلا حصر ولا ينبغي أن نقف عند آيتين فقط في موضوع واحد لكي نواصل أكبر أو نشرح أكبر عدد من الآيات علينا أن نسرع قليلاً.
(وترى الفلك مواخر فيه) و (وترى الفلك فيه مواخر):
عندنا آية (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿14﴾ النحل) وآية أخرى تقول (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿12﴾ فاطر) هذا ليس نفس المعنى ففي قوله (الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ) هنا رب العالمين يلفت نظرك إلى آيات الله في الملاحة في الفلك نفسها في البوارج والسفن الحربية والتجارية وكيف أن الله سبحانه وتعالى أنزل قوانين لهذه الملاحة عندما يقول (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) تلك (مَوَاخِرَ فِيهِ) هنا (فِيهِ مَوَاخِرَ) قدّم البحر عليك أن تتأمل في آية الله في البحر نفسه وقوانينه هذه واحدة.
إتصال من الأخ هشام خليفة من أبو ظبي: أحيي سماحة العلامة الشيخ الكبيسي الذي أضاف بهذا البرنامج شيئاً جديداً من حيث المعلومات البسيطة التي عندي وأنا أعمل واعظاً في الهيئة الإسلامية وشؤون الأوقاف في هذه الدولة الكريمة. وأنا أسجل لك بكل حب وتقدير هذه الملاحظات الجديدة ولي الشرف أن أقول أنني ألاحظ كما يلاحظ كثير من إخواني العلماء وطلبة العلم أنك قد أضفت شيئاً جديداً لم يسبقك إليه لا أقول أحد بل الكثير الكثير ممن تكلموا في كتاب الله عز وجل فالمتتبع لكل كتب التفسير يرى أن المتشابهات يعيدونها إلى المصدر فقط أن الرحمن الرحيم مثلاً تعود إلى الرحمة بين شمولية وخاصية أما سماحتك فقد أجبت وأبدعت أنك أعدت كل كلمة في القرآن الكريم بل كل حرف وكل تشكيلة بين رفع وضم وكسر وتقديم وتأخير إلى معنى جديد وهذا ما يليق بكلام الله عز وجل. فكلام الله عز وجل جديد كامل متطور باقٍ يتعلق بكل الجزئيات والكليات وهو بمعنى جديد في كل آية ولو كان الظاهر التشابه والمشابهة. ومن هنا أسجل لك وللأمة أمثال هذا العلم الناضج الحكيم الذي سبر أغوار الكلمة ومعنى اللغة العربية التي لا يستوعب هذه المعاني إلا اللغة العربية. ثم أحيي هذه النظرة الجديدة لمعنى ما كان من سبب الحضارة العالمية والتي أضيف إلى سماحتك معلومة بسيطة أرجو أن توافقني عليها أن امتداد الوادي وادي الفرات والنيل يمتد كما أرى وكما قرأت من بعض الكتب من حدود تركيا إلى الجزيرة العربية فيدخل في هذا الإطار بلاد الحجاز والمدينة ودولة الإمارات حيث أنه ذكرت كتب التاريخ فهذه كلها تدخل في هذا الإطار فهذه المنطقة منطقة الخليج والبحرين وما إلى ذلك كان لها دور حضاري كبير جداً لأنها كانت على مشارف العالم الشرقي فكانت هي ناقلة لهذه الحضارات التي كانت متواصلة بين حضارة الهند والحضارة القديمة في بلادنا العربية. على كلٌ أنا لست هنا إلا في معرض التحية والشكر الكبير وتسجيل هذه السابقة لسماحتك وهنا اذكر قول بعض المستشرقين الذين قيموا كتب الإمام عبد الوهاب الشعراني رحمه الله حيث قالوا أنه قد سبق غيره في كثيرٍ من الكتب وأنا أقول بكل تواضع وبحب وأدب أنك قد سبقت كثيراً من العلماء في هذا البحث وهذه بادرة أسجلها لتلفزيون دبي ولهذا البرنامج القيم ولأخي الدكتور نجيب الذي حقيقة من أبدع ما رأت عيني من مقدِّم بدماثة الأخلاق وسعة العلم والإطلاع بارك الله فيكم وشكراً لكم. الإجابة: أحييك يا أخي وأشكرك على هذا المدح الذي والله لا أستحقه ولكني أحييك على هذا الانتباه خاصة في القضية الأخيرة التي هي جديدة في البحث، ما أقول صُدَف لكن من توفيق الله كنت أمس في ندوة وكان معنا رجلٌ دكتور هو مدير أحد المحطات الفضائية وله إلمام بهذا الباب جغرافية الخ وتكلم عن الفرات بمثل ما تكلمت به وقد نقل ذلك من كتب غربية كثيرة وقد طلبت منه هذا البحث قال والله البحث أنا نسيته في بغداد وليس عندي نسخة وسوف أوافيك بنسخة جديدة ومثلما تكلمت أنت بالضبط أن الفرات يمتد من تركيا إلى السعودية إلى الإمارات إلى خورفكان تحت الأرض وقال عدة بحيرات هي فقاعات أرضية من هذا النهر تكلم كلاماً عظيماً وأن الفرات يشمل كل هذه البقاع وكلمة الشرق الأوسط تشمل كل في نطاق الواديين وهذان الواديين أوسع بكثير مما تعارفنا عليهما في الجغرافيا. ولذلك الواديان وادي الرافدين ووادي النيل أوسع من الجغرافية الرسمية الآن وما قلته صحيح جداً وهذا أيضاً يفرحك أنه أدخل فيها القدس ومكة والمدينة وأنت تعرف والكل يعرف حتى اليهود والنصارى يعرفون من هي هذه المراكز العظيمة وجزاك الله خيراً.
إتصال من الأخت أصيل من العراق: أهنئكم ببرنامجكم الرائع فلطالما قرأنا في كتاب الله تعالى قوله (أفلا يتدبرون القرآن) وأرجو أن يكون برنامجكم مفتاحاً لقلوب الكثير من الناس ممن يطمع في تعلم القرآن وفهمه. ولدي إضافة فيما يتعلق بدخول حروف الجر بين لفظ الجلالة وكلمة الرسول r في مواطن من القرآن الكريم وعدم دخولها في مواطن أخرى وتبيان الفرق فيما بينها. في قضية الإيمان قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (15) الحجرات) (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (9) الفتح) مردت 12 مرة ولم تدخل الباء على أي منها لم يرد آمن بالله وبرسوله وإنما وردت بالله ورسوله، عدم دخول الباء يشير إلى أن الإيمان بالرسول نابع وهو امتداد إيماننا بالله أي أن ما بُعث به محمد r إنما هو من عند الله ولذلك لم تدخل الباء على كلمة (رسوله) لأنه لا فرق بين أن نؤمن بالله وبين أن نؤمن برسول الله r لهذا جمع الله تعالى بين لفظ الجلالة ورسوله بحرف الواو. على صعيد آخر وجدنا أن حرف الباء قد دخلت على كلمة الرسول في قضية الكفر قال تعالى (وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ (54) التوبة) وهنا دخول الباء ضروري لأن الكفر بالله مختلف عن الكفر برسول الله، فالكفار لم يؤمنوا بوجود إله واحد قادر على البعث والنشور وهذا كفرهم بالله أما كفرهم برسول الله ذلك أنهم كانوا يلقبون الرسول محمد r قبل أن يُبعث بالصادق الأمين وكان معروفاً بينهم بخلقه الكريم فلما بُعث فيهم قالوا عنه ساحر أو مجنون (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ (36) الصافات) (وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) ص) وهذا كفرهم برسول الله وبمعرفتهم له وفي هذا قال تعالى (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (33) الأنعام).
عرفنا الفرق بين (مَوَاخِرَ فِيهِ) و (فِيهِ مَوَاخِرَ)، عندنا (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴿3﴾ المائدة) في آية أخرى (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ﴿173﴾ البقرة) في قوله (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) هذا أصلاً هو من كافر يذبح للصنم (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) هذا من مسلم لكنه أخطأ الهدف كما هو الحال يقول هذا للشيخ الفلاني والولي الفلاني وهذا أيضاً داخل في هذا الباب على نسقٍ آخر.
(لا تعجبك أموالهم وأولداهم) و (لا تعجبك أمولاهم ولا أولادهم):
إذاً ننتقل إلى بعض الأشياء الأخرى التي بعث بها الأخ أحمد محمد خطاب وهي كثيرة جداً أقرأ عليكم بعضها الآية تقول (وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ ﴿85﴾ التوبة) الأخرى تقول (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ﴿55﴾ التوبة) هذه الثانية فيها “ولا” هؤلاء المنافقين أموالهم وأولادهم الذين جاءوا من الخارج وكانوا يحاربون المسلمين كما هم الآن الناس أموالهم وأولادهم الآن في الغرب حضارة واستقرار يعني قطعاً هم الآن وصلوا مبلغاً عظيماً في إعداد الثروات وإعداد الأسر والأولاد وتربيتهم وعلمهم الخ فرب العالمين يقول لا تنبهروا بهذا لأن لكم ميزات لا يملكونها ومن أجل هذا عليك أن تنظر ماذا أعطاك الله سبحانه وتعالى وأن تترفع وأن ترتفع وتتقدم حتى تكون بمستوى هذه الرسالة التي جاءتك.
(وأرسل في المدائن حاشرين) و (وابعث في المدائن حاشرين):
يستمر الأخ محمد أحمد خطاب كلام جداً جميل يتكلم عن موسى (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿111﴾ الأعراف) في آية أخرى (وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿36﴾ الشعراء) اقترب جداً الأخ أحمد من الموضوع ما معناه قال وأرسل لعامة الشعب واحد يلقي خطاب يلقي خطبة بالناس وابعث للملوك والرؤساء والقادة والسادة ولهذا قال عندما قال (وَابْعَثْ) قال (يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ ﴿37﴾ الشعراء) إذاً يعني على أئمة القوم.
(خلا بعضهم إلى بعض) و (خلوا إلى شياطينهم):
كذلك أيضاً في قوله تعالى (وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴿76﴾ البقرة) وقوله (وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ﴿14﴾ البقرة) في قوله (خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ) أي شياطين مع بعض أو الكفار مع بعض أما قوله (وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ) أي خلوا إلى رؤسائهم وإلى قادتهم والخ.
يعني محاولات هائلة وأنا فعلاً فوجئت بهذا السيل الجارف طبعاً هذا الأخ أحمد والأخت سرمد بعثوا لنا 17- 18 ورقة بها تقريباً مائة حالة والآخرون كثيرون كالدكتور عامر الهاشمي بعث لنا ما يقارب الثلاثين صفحة الحمد لله رب العالمين فهذه الأمة لا تزال بخير وهؤلاء كلهم منهم الطبيب والمهندس وأستاذ اللغة العربية يعني متنوعين معنى هذا أن الأمة بخير ورب العالمين سبحانه وتعالى سوف يبعث هذه الأمة من جديد ما دام مثقفو المسلمين من عدة اختصاصات بهذا الاقتراب من كلام الله عز وجل وهذا هو الحقيقة الواقعة في هذه الأمة ولا تغرنكم القشرة الزائلة التي تظهر في الإعلام وغيره فإن لهذه الأمة شأنٌ آخر إن شاء الله وأسأل الله تعالى لكم التوفيق.
بُثّت هذه الحلقة بتاريخ 28/3/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.