الحلقة 52
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في التفريق بين الآيات القرآنية كما سبق وأن بيّن الفروق بين الكلمات القرآنية.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. موضوعنا الأول لهذه الحلقة موضوع التقوى والتقوى هي الصيغة العملية لكلمة الإسلام. الإسلام عقيدة والتقوى عمل. نقف في هذه الحلقة عند أربع مصطلحات علينا أن نفرق بينها. عندنا كما جاء في الكتاب العزيز (لباس التقوى) وعندنا (كلمة التقوى) وعندنا (خير الزاد التقوى) وعندنا (أهل التقوى). فالتقوى هذه رب العالمين عز وجل جعل لها هذه العناوين في كتابه الكريم وعلينا أن نفرق بين كل مصطلح ومصطلح آخر. قبل كل شيء باختصار شديد وبدونأن ندخل إلى عمق معناها اللغوي هي أن تجعل بينك وبين الله وقاية كما تتقي النار والله تعالى قال (واتقوا النار) فإذا كان هناك شيء تحذر منه فعليك أن تتوقاه، أنت لا يمكن أن تحمل النار بيديك وإنما تتوقى هذه النار بشيء تقبس به النار هذه تسمى تقوى. إذن أنت كيف تضع بينك وبين الله وقاية؟ لأن لله نوعين من الأسماء والصفات هناك أسماء جلال وهناك أسماء جمال. أسماء الجمال الرحمن الرحيم الكريم الودود الحليم الغفار الغفور وكلنا نعشقعها وكلنا نأمل فيها يوم القيامة. لكن إن لله صفات جلال القوي المتكبر الجبار المنتقم عليك أن تجعل بينك وبين هذه الصفات وقاية عليك أن تتقي غضب الله وأن تتقي كبرياء الله وأن تتقي جلال الله. هذه التقوى هي مجمل الحركة الاسلامية في العلاقة بينك وبين الله من وراء لا إله إلا الله. عندما تصبح مسلماً بلا إله إلا الله كل ما تفعله داخل في التقوى والتقوى لها بحث طويل تحدثنا عن بعض جوانب هذه الكلمة العظيمة.
(وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى (197) البقرة) – (وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ (26) الأعراف) – (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى (26) الفتح) – (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56) المدثر)
اليوم نحصر كلامنا في هذه المصطلحات، رب العالمين قال (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى (197) البقرة) (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ (26) الأعراف) ما هو لباس التقوى؟ قال تعالى أيضاً (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا (26) الفتح) (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56) المدثر) كيف هو أهل التقوى؟. هذه المصطلحات الأربعة نقف عندها لنفهم الفرق بينها.
الأولى كما قال تعالى (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) لعل بعضكم لا يعرف أن خير الزاد التقوى هو زاد الحاج. عندما تذهب إلى الحج فإن أعظم عباداتك في هذا الحج هو أن تتزود بالزاد من بلادك ولا تصبح عالة على أهل الحرم. سبب النزول أن بعض اليمنيين المسلمين جاؤوا إلى الحج ليس معهم أي زاد لا طعام ولا مال ولا أي شيء وقالوا كيف نذهب إلى الله ولا يطعمنا؟ وبالتالي قالوا نحن متوكلون على الله. فرب العالمين بيّن أن هذا خطأ، الصواب أن تأتي بما تستطيع من زاد من طعام من ملابس وصدقات وهبات وأنت تنفق في الحرم إنفاق من لا يخشى الفقر لأن الحسنة بمائة ألف وهذه فرصة لذا لا ينبغي أن تذهب وأنت عالة على أهل الحرم تتسول كما يحدث الآن هناك أناس يأتون إلى الحج فقط لكي يستجدي وهناك عصابات تأتي بالمعوقين ينثرونهم على طريق الحجيج يستجدون الناس وكلنا رأينا هذا، واحد مقطوعة يده وآخر أعمى وأطفال وصغار وكبار، هذا سوء لا حدود له في الشرع الإسلامي (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) أي الزاد الذي يأتي به الحاج من ماء إلى طعام إلى عصير إلى أي شيء وكلما جئت بزاد كثير لكي تستغني به عن المسألة ولكي تغني به من حولك فأنت حينئذ تزودت خير الزاد. ما من زاد في حياتك أعظم ولا أخير من هذا الزاد. تحدثنا مرة عن إطعام الطعام وقلنا كيف أن إطعام الطعام هو الصدقة العليا (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) ولذلك رب العالمين جعل في إطعام الطعام بركة، ما من أحد يُعرَف بالكرم إلا بإطعام الطعام. واحد بنى عشر مساجد كل مسجد بمليونين أو ثلاثة ملايين دولار لا أحد يعرفه، واحد يعطي صدقات بالملايين لا أحد يعرفه، إذا فتحت دارك أو فتحت مجلساً أو ديواناً تُطعم الناس فيه مثل حاتم الطائي وغيره ذاع صيتك ورب العالمين يمدحك (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) الإنسان) (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) البلد) إطعام الطعام فيه بركة هائلة في الدنيا والآخرة. ولهذا رب العالمين سبحانه وتعالى كرّم الذين يُطعمون الطعام في الدنيا والآخرة, إذن عليكم أيها الحجاج عندما تذهبون إلى الحج أن تذهبوا وأنت في بالك أن لا تعتمد على غيرك ولا تتسول أو تطلب وتقول أنا زاهد ومتوكل على الله وأنا ضيف الله ونحن ضيوف الرحمن، صحيح ضيوف الرحمن لكن لا تتسول. هل هناك من يذهب للملك وهو في حالة مزرية؟! لا، أنت كن في هيئة كريمة عزيز النفس ورب العالمين سيعطيك. الملك يعطيك ويهبك على قدر هيئتك فاجهل هيئتك محترمة أنت يكفي أن تأتي الله شعثاً غبراً أن تأتي على بعير أو في طائرة لابساً ملابس الإحرام تلبي لكن لا ينبغي أن تكون يابساً تأتي لتتسول أو تعتمد على الآخرين هذا ليس من صنع الحجيج لأن الحجيج ضيوف الله وضيف الملوك لا بد أن يكون محترماً ومن احترامه أن تكون سخياً وبالتالي عليك أن تذهب إلى الحج وأنت سخيّ اليد لأن الحاج مبارك ويكفي أن الحاج ضيف الرحمن يكفي أن الله عز وجل يطّلع عليك وأنت في عرفة ويقول “قد غفرت لعبادي جاؤوني شعثاً غبراً” رغم وجاهتهم ومكانتهم وغناهم جاؤوا وأيديهم ملئ أكرموا بها أهل الحرم وما كانوا عبئاً عليهم ولهذا الحاج مستجاب الدعوة لستة أشهر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج”. فعليك أن تذهب إلى بيت الله الحرام وأنت حاج وأنت وجيه عند الملأ الأعلى جئت متزوداً بزاد تنفع نفسك وإخوانك وجيرانك والناس بحيث لا تكون عالة تتسول على الطريق اللقمة أو عينك في اللقمة التي يأكلها غيرك، لست أنت من ضيوف الرحمن. إذن وتزودوا أيها الحجيج فإن (خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) الزاد زاد الحاج وهذه تقوى وهذا معنى (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).
ننتقل إلى الأعراف (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ (26) الأعراف) عرفنا زاد التقوى، الآن ما هو لباس التقوى؟ ما هو لباس التقوى؟ هل هي العباءة؟ هل هو البشت؟ لباس التقوى لباس الحرب الكريمة المشروعة عندما تدافع عن أرضك وعرضك وبلادك ودينك من عدو غاصب غاشم معتدي قد اقتحم عليك أرضك وعرضك وبلادك فقط طمعاً فيما عندك من مال أو ثروة أو حقداً فعليك أن تقف وقفة الرجال فأعظم لباس تلبسه في حياتك لباس الحرب، لامة الحرب، الدرع، ولذا قال تعالى (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ (80) الأنبياء) وهذا البأس هو أن تكون قوياً أمام عدوك. رب العالمين سبحانه وتعالى استعمل كلمة الإرهاب التي يعيّرنا بها العالم الآن ونحن نفتخر بها نحن إرهابيون لكن بأي معنى؟ الإرهاب في القرآن قال (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60) الأنفال) بحيث لا يشن الحرب. القرآن الكريم إستعمل كلمة الإرهاب لصناعة السلام وعدم قيام الحرب، كيف؟ أنا قوي ومسلح وليس هناك من يطمع بما عندي وحينئذ بهذه القوة أنا أكفّ الحرب وهذا فعلاً ما حصل في التاريخ.
رب العالمين جعل اللباس ثلاثة أنواع (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ) يواري سوءاتكم أي يغطي العورة، كل لباس يغطي عورتك فهو لباس خاص لتغطية العورة. الثاني الريش للجمال، أنا أغطي عورتي باللباس الطويل بثوب هذا لباس لغطاء العورة للمرأة والرجل لكن البشت والبدلة هذا جمال للهيئة للشخصية للتجمّل هذا الريش، الرياش هو الأثاث الزائد الذي هو للتباهي. ثم الثالث لباس الحرب (وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ) الإشارة في (ذلك) إلى لباس الحرب. ذكر في الآية ثلاثة أنواع من اللباس: لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى الذي هو لامة الحرب ذلك خير من الأولين لأنك أنت بهذا تصون العالم وتحقق السلم ولا يطمع فيك طامع والحروب كلها طمع فيما عندك, لماذا اتسعمر الغربيون العالم العربي؟ لأن فيه ثروات هائلة بترول وذهب وفوسفات وكبريت ويورانيوم ليس هناك خير إلا وجعله الله تعالى في هذه الأمة وفي هذه المنطقة وكل واحد جاءنا بحجة حقوق الإنسان كما فعلوا في دارفور واكتشف أن عندهم بترول، واتهموا البشير وتركوا الذين يبيدون أمماً وشعوباً! مثل قصة قناة السويس جاءت الشر على مصر كانت كل دولة تريد أن تستعمر مصر لأجل قناة السويس. حينئذ لو كنت قوياً ما صارت الحرب ورب العالمين قال (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا (40) الحج) والآن حصل هذا هُدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد لأنه صار ضعيفاً. أنت بضعفك هذا جرّأت الآخر على الحرب وأنت الذي سببت إشاعال الحرب بضعفك، قال تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60) الأنفال) ليكن عندك سلاح حتى يرهبك عدوك فإذا أرهبك عدوك لا يشن عليك الحرب وإنما يضطر إلى أن يعمل معك معاهدات صادقة ويتفاهم معك ويتحاور لتقسيم الخير. المياه تقسم والبترول يقسم لكن بالعدل والإنصاف. البترول في العراق منذ ظهر سنة 1918 والناس بملاليم هم يغرفون غرفاً هذا ليس عدلاً لأن الإنجليز جاؤوا واحتلوه ونحن ضعفاء. وإلى هذا اليوم الضعيف يُجتاح ولو كنت قوياً لفرضت بقوتك السلام العالمي فلكي يكون السلام عالمياً فعلى كل دولة أن تكون قوية وأن يكون عندها من لباس الحرب ما تدفع به الطامع والمغتصب والإرهابي ولهذا قال تعالى (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ) هذه الإشارة إلى هذا الذي يحقق السلام والأمن والاطمئنان والاحترام بين العالم وتعايش الشعوب وأمان الطرق العامة والسياحة والتزاور وتبادل الحضارات (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ (81) النحل) تقيكم الباس أن يقتل بعضكم بعضاً ولذلك (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) سبأ) هذا من فضل الله عز وجل هذا خير من كل ما أعطاكم الله عز وجل ولهذا قال (أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ) أنزلنا عليكم بالإلهام لم ينزل الله تعالى الملابس من السماء ولكن قال أنزلنا عليكم أي أنزلت عليكم الفكرة هذا فكر بالبنطلون وهذا فكر بالشروال كل الأزياء التي هي لستر العورة أو للجمال أو للحرب كلها من إلهام الله عز وجل وإلا آدم ما كان يعرف هذا. ولهذا كلما تطور الزمن وكلما تقدمت الحياة تتطور الحياة والملابس والأسلحة وتتمدن وكل هذا من فض الله ينزله على عباده بالإلهام والفتح كما قال تعالى (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ (2) فاطر) وهذه كلها رحمات وهذه الرحمات ينبغي أن نستعملها بالمحبة والوئام وأن نشترك فيها جميعاً عندك خير أعطيني قسماً وعندي خير أعطيك قسماً، عند الغربيين حضارة واختراعات وطيارات أعطونا قسماً ونحن عندنا بترول وفوسفات ويورانيوم وذهب نعطيهم وتصبح الحياة في غاية الجمال هذا من فضل الله. فإذا كنت ضعيفاً ليس عندك لباس خير وإنما كل لباسك ملابس وأزياء وترف وليس عندك أي قوة والناس يجتاحونك اجتياحاً فهذا لا ينفعك مهما كنت جميلاً باذخاً في ملابسك لن تنفعك وإنما يجتاحوك بدبابة كما فعلوا في العراق جعلوها خراباً. ولو كنت قوياً ما استطاع أحد أن يجتاحك وحينئذ أنت بقوتك تفرض على الناس أن يكونوا مسالمين وتفرض السلام العالمي على البشرية كلها ولهذا معسكران بقوا خمسين سنة الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية عدوان لكنهما متصافيان لأنهما متكافئان في القوة هذا عنده سلاح ذري وهذا عنده سلاح ذري لذا اضطروا للتعايش والتسامح والتعاون العالمي وفعلاً العالم صار سعيداً بهذا السلام وحينئذ (وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ) أعظم ما تنتجه الدولة هو أن تكون قوية بلباس الحرب الذي تفرض به السلام العالمي وأن لا تعتدي على أحد وأن لا تشن الغارة على أحد وأن لا تطمع بما في يد الآخر طمعاً محرماً، هناك طمع حلال نحن نحتاج بترول أعطونا فنتفاوض معهم، أعطونا من طائراتكم نتفاوض، أما تأتي بدباباتك وبإسم حقوق الإنسان وتستولي على كل شيء وبعد خمسين عاماً تتركها خراباً هذا لا يستقيم ولكن نحن المذنبون، نحن كنا ضعفاء. هذا هو لباس التقوى ذلك خير.
د. نجيب: وهذا من شأن القرآن الكريم أن يقرن بين السلم والحرب (وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ (25) الحديد). اللباس في الأول اللباس المعتاد ستر العورة والجمال والثاني؟
د. الكبيسي: الثاني أنت تحقق به السلام العالمي ولهذا الآن لماذا لا تحارب الدول الأوروبية؟ في السابق حاربوا لكن لما قوت كل الدول ما حصل حرب بين الاتحاد السوفياتي وأميركا وبالتالي هذا الذي يلهمه الله لعباده من لباس الحرب وأسباب القوة كل واحد مهذب جالس في بلاده نتعاون على أن نعيش في هذه الكرة الأرضية الفسيحة التي تتسع لكل البشرية، هذا لباس التقوى والله تعالى قال (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ) جعلهم كلهم أقوياء أعطاك أنت قدرة لتكون قوياً ولو كنت ضعيفاً لأكلوك، هذا توازن في القوى.
(وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى (26) الفتح) كلمة التقوى “لا إله إلا الله” نحن مهما درسنا ومهما قرأنا لا نستطيع أن نستوعب حجم هذه الكلمة. هذه الكلمة هي بضاعة جميع الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) الأنبياء) أو (فاتقون) لا إله إلا الله إذا صحّت من قلبك فقد أصبحت من أهل التقوى على ا كان منك. نقرأ بعض الأحاديث وأكثرها متفق على صحتها وأنا أقول دائماً المتفق على صحته من الأحاديث إنكاره كفر لأنه بلغ مرحلة اليقين. نقرأ بعض الأحاديث حتى نعرف ماذا تعني لا إله إلا الله. قبلها كما شرحنا سابقاً قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا (25) إبراهيم) فروعها لا تنتهي أنت كل ما عندك من خير من بعادات وخير وكرم وسجايا ورحمة وبر الوالدين كلها تتفرع من لا إله إلا الله. بدون لا إله إلا الله كله لا قيمة له مهما فعلت ومهما عبدت ومهما أحسنت لا قيمة له. أمك وأبوك أنت تقول يا أبي مهما كنت سيئاً أو حسناً فأنت أبي. إفرض أنك أنت عالم وحكيم وفيلسوف وتقول لأبيك أنت لست أبي، لا قيمة لك عنده. (إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا) نقرأ بعض الأحاديث المتفق عليها في الغالب لكي نعرف ماذا تعني لا إله إلا الله ولكي نفهم الأحاديث فهماً علمياً منطقياً وليس فهماً ساذجاً “من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق” يقولون إذن نعمل ما نشاء، هذا كلام فارغ. نأخذ الأحاديث وبعضها يكمل بعضاً ويكمّل بعضاً. “قالوا يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبه” (رواه البخاري) أنت إذا قلتها مصدقاً أن الله ربك وإلهك ومحمد نبيك ورسولك وتؤمن بجميع الأنبياء فأنت إذن أصبحت في كنف الله من أجل هذا أنت مؤهل لأن تتمتع بجميع الرحمات التي سينزلها الله على عباده يوم القيامة وهي 99 رحمة ومن ضمنها شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم. حديث آخر عن عبادة بن الصامت يقول النبي صلى الله عليه وسلم من شهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه دخل الجنة وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان منه من عمل”. السؤال لماذا عيسى عليه السلام بالذات؟ عيسى عليه السلام كان خلقه معجزة وأن اليهود حاربوه حرباً شعواء إلى هذا اليوم وبالتالي جعل الله سيدنا عيسى فتنة للأمة (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) هذا اختبار، سلعة الله غالية. مثل سيدنا موسى معروف فلان ابن فلان ونشأ في قصر فرعون ليس هناك مشكلة لكن امراة جاءت بولد وقالت هذا أنا ولدته، أين زوجك؟ ليس عندها رجل، قالوا (مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) مريم) 90% مما كانوا في ذلك الزمان كذبوه ورجموه واتهموا العذراء عليها السلام بالزنا. فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل من ضمن قوة لا إله إلا الله، من ضمنها أن تشهد أن عيسى رسول الله. لماذا؟ المسلمون جميعاً وكثير من غير المسلمين يشهدون أن لا إله إلا الله ولكن البقية الباقية ترفض. إذن لا بد أن تعرف أن محمداً رسول الله وأن عيسى رسول الله وبالتالي إذا عرفت هذين رسولي الله فأنت مؤمن حتماً بالباقين من باب أولى فحينئذ أنت تكون قد الممت إلماماً كاملاً بالعقيدة التي أرادها الله بالكامل.
أم محمد من الكويت: أسأل عن أمراض القلوب كيف التخلص منها؟
الإجابة: قال تعالى (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) الشعراء) لا بد أن يكون قلبك سليماً من الحقد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة. تتخلصين منها بالرياضة بالعفو والتسامح والحلم بالتحلم والعلم بالتعلّم والذنوب بالتوبة المستمرة والاستغفار.
عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم قال يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثاً قال ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرّمه الله على النار، قال يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال إذن يتّكِلوا. وأخبر بها معاذ عند الموت تأثّماً. يفسر هذا من قال لا إله إلا الله (الأحاديث يفسر بعضها بعضاً) حتى نفهمها فهماً حضارياً يتناسب مع العقيدة الإسلامية الصحيحة. “يقول من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة، قيل يا رسول الله وما إخلاصها؟ قال أن تحجزه عن محارم الله” شرط دخولك الجنة على ما معك من ذنوب إذا قلت لا إله إلا الله مخلصاً بها قلبك. إخلاصها أن تجزك عن محارم الله، عليك أن تقف عندها. وبالتالي من قال لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبه مخلصاً بها قلبه وعلامة الإخلاص أن لا إله إلا الله تحجزك عن محارم الله تمنعك عندما تقع تستغفر فوراً. وهذه علامة تأثير لا إله إلا الله يوم القيامة فأنت داخل الجنة على ما كان منك. من عقيدة هذه الأمة أن كل ابن آدم خطّاء، ثانياً وأن خير الخطائين التوابون، ثالثاً (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران) وقال النبي ما أصرّ من استغفر ولو عاد سبعين مرة يعني أنت خطاء بقوانينك إذا كنت خطاء وأنت لاهي وغير مهتم تقول لا إله إلا الله هذا نوع من الغرور “ولا تغتروا”. إنما لا إله إلا الله إخلاصك لها أنك لا ترتكب المحارم بتأثير فهمك للا إله إلا الله وأن الله مطلع عليك ولكن إذا أذنبت وتبت إلى الله تعالى فإنك مخلص في هذا الموضوع.
—————-فاصل—————-
إذن هذه هي كلمة التقوى لا إله إلا الله محمد رسول الله وهي بهذه العظمة ولكن بشروطها: من شرط فعاليتها أن تحجزك عن محارم الله فإنك عندما تقولها مصدقاً بها قلبك ومخلصاً بها وإخلاصها أن تحجزك عن محارم الله فإذا وقعت فيها فعليك أن تتوب بسرع (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) النساء). الشرط الثاني يقول عن رفاعة الجهني قال أقبلنا مع رسول الله حتى إذا كنا بالكديد (والكديد منطقة في مكة) فحمد الله وقال أشهد عند الله لا يموت عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صدقاً من قلبه ثم يسدد إلا سلك في الجنة”. هناك “أن تحجزه عن محارم الله” يعني ما يصر على الذنوب، قد يرتكب الذنوب لكن ما يصر عليها (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران) وهنا يسدد يعني يأتي بالفرائض مثلما تسدد الدين تسدد الذي عليك ليس أكثر يسدد يعني يؤدي الفرائض. إذن أولاً أن لا تصر على الخطايا وثانياً أن تسدد الفرائض وهذا ما يفعله كل مسلم وبدونه ليس مسلماً هكذا تضمن إذا فعلت ذلك أن لا إله إلا الله تصل إلى هذا الحد. القيد الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قال بعد لا إله إلا الله قطّ مخلصاً إلا فتحت له أبواب السماء حتى يفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر”، هذا القيد الثالث. القيد الأول بحدث متفق عليه “أن تحجزه عن محارم الله” فإن فعلها تاب فوراً، ثانياً أن يسدد الفرائض، ثالثاً أن يجتنب الكبائر.
أم عبد الله من سوريا: واحد عمل كبيرة لكنه ندم وتاب ولم يرجع لكنه لا يمكن أن ينزعها من باله
الإجابة (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) الفرقان) توبة نصوح بألا يعود ولا ينوي العودة فإذا عاد لا بد أن يحدث لها توبة جديدة وهذا من كرم الله وسعته.
أم يوسف من الشارقة: إذا قال الإنسان لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله هل يجب أن يُكمل وأن عيسى عليه السلام رسول الله؟
الإجابة: هذا حديث صحيح، كعقيدة إسلامية نحن مسلمون جميعاً لا تفرق بين أحد من رسله لكن النبي خصص عيسى عليه السلام لأن فيه إشكال وخاصة عند غير المسلمين من أهل الكتاب لذلك النبي صلى الله عليه وسلم ركز على سيدنا عيسى لأنه إياك وأنت مسلم أن يكون في نفسك ذرة شك في أن سيدنا عيسى رسول الله وأنه من نفخة الله في مريم وأن مريم عذراء وأن هذا من إعجاز الله عز وجل وأن سيدنا عيسى بهذا المقام الرفيع أعطاه الله من المعجزات شيئاً عجيباً يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص. رب العالمين يخبرنا سيدنا عيسى سوف يلاقى عنتاً في حياته وبعد موته وإلى الآن واليهود يلعنونه ويتهمونه ويطعنون في مريم وعليك أنت المسلم أن تنأى عن هذا وأن لا يكون في قلبك ذرة شك في سيدنا عيسى عليه السلام بالذات لأن وجوده معجزة. آدم وعيسى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) آل عمران) من هذا القبيل فقط من حيث الاعتقاد أما الصيغة فهي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله. ثم تقول آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله كل الرسل لا نفرق بين أحد من رسله.
صقر من السعودية: هل التقوى خاصة بالمسلمين؟
الإجابة: لا، التقوى عند كل البشرية من آدم إلى أن تقوم الساعة، كلٌ له تقواه وما من رسول إلا جاء بهذه التقوى باعتبارها التطبيق العملي للعقيدة النظرية لا إله إلا الله فهي كلمة عامة والقرآن شاهد على ذلك.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بوصية نوح لابنه؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال أوصى نوح ابنه فقال يا بني إني أوصيك باثنتين أوصيك بلا إله إلا الله فإنها لو وضعت في كفة ووضعت السموات والأرض في كفة لرجحت بهن وهذا أكيد. السموات والأرض مخلوقات لا تساوي عند الله جناح بعوضة كل سمواتنا الحالية في هذا الكوكب الذي نحن فيه والأرض التي نحن عليها والله لا تساوي عند الله جناح بعوضة بل أصغر من جناح بعوضة ما قال تساوي جناح بعوضة وإنما قال لا تساوي جناح بعوضة (وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ (77) النحل) فعلاً هو أقرب. سمعت أرمسترونغ مرة عندما ألقى محاضرة هو قال بالطبع مصطلحات علمية أنا لا أحسنها لكن فهمت منه ما يلي: يقول من فضاء معين موازي للفضاء الذي فيه القمر من ذلك الفضاء الكرة الأرضية نسبتها إلى ذلك الفضاء كحبة الزيتونة فكنت أقول في نفسي كل أرضنا وبلادنا ومحيطاتنا كلها بهذه الزيتونة؟! وفعلاً هذه السموات والأرض إلى عرش الرحمن لا تساوي قطرة حبر من رأس القلم. فعلاً لو وضعت لا إله إلا الله في كفة ميزان وكل هذه السموات الدنيوة والأرض الدنيوية وضعت في الكفة الأخرى لرأيت أن لا إله إلا الله أثقل. فيقول نوح لابنه أنا أوصيك بها. وأوصيك بسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء. هذا معنى (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا (26) الفتح) هذه الاية معجزة، ليس على وجه الكرة الأرضية اليوم منذ أن جاء الإسلام إلى يوم القيامة ليس على وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله بالصيغة التي يقولها المسلم أبداً ليس هناك شائبة شرك لا إبن ولا أب ولا عُزير ابن الله ولا الحسن ولا الحسين ولا البدوي ولا الجيلاني، لا إله إلا الله صافية نقية فيها من الجلاء والوضوح ما لا تجده في اي أمة على وجه الأرض ولهذا تقول الآية (وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا) أي كانوا أهلها. رب العالمين شهد أن أهل لا إله إلا الله هم هذه الأمة حصراً إلى يوم القيامة من أجل هذا قال (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ (110) آل عمران) هذا الإيمان الصافي النقي في هذه الأمة شرّف الله تعالى به هذه الأمة وهذا من إكرام المصطفى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) سيدنا عيسى ليس قاصراً، سيدنا موسى ليس قاصراً، سيدنا إبراهيم وهكذا كل الأنبياء لكن ما استطاعوا أن ينقلوا أممهم كما نقل المصطفى أمته إلى هذا التوحيد الخالص الصافي.
أم حسان من رأس الخيمة: هل من أهل التقوى من غير المسلمين من يدخل الجنة؟
الإجابة: الأحاديث تقول من قال لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبه دخل الجنة. وأنا واثق أن هناك فئات قليلة في أميركا وبريطانيا يقول لا إله إلا الله بالشكل الذي نقوله ليس هناك إبن ولا أب وإنما هم أناس صالحين يقولون إله واحد والشرط الثاني رب العالمين قال (قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ (91) البقرة) عليك أن تقول كما يقول المسلمون لا نفرق بين أحد من رسله يمكن أن تكون مسيحي أو يهودي لكن تؤمن بكل الرسل أما أن تصل إلى سيدنا عيسى وتقول محمد كذاب إذن أنت تكذب بالتوراة والإنجيل كما لو أن مسلماً طعن بسيدنا عيسى فإنه يكذب القرآن. الشرطان الأساسيان أن تؤمن بأن لله رسلاً من آدم إلى محمد أولهم آدم وخاتمهم محمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام، ثانياً أن الله واحد لا شريك له، هذا موجود بأفرادأ و جماعات محودوة جداً من غير المسلمين وقطعاً إذا حصل هذا فهم ناجون.لنكن واقعيين واحد يعبد حجرة أو بقرة أو بوذا وواحد يقول أنا أعبد الله عز وجل وأنا من أتباع عيسى أو أتباع موسى مؤمن بالتوراة والإنجيل فهل يعقل أن يكون هذا مثل هذا؟! صحيح أن هذا يمكن أن يكون عنده نقص لكن ذاك خارج ليس مسألة نقص وإنما غير موجود الذي يعبد الحجر مطلقاً والذي يعبد الله ولكن فيه شائبة، وعندنا من المسلمين من يعبد غير الله شيخه أو رئيسه أو واحد من البشروصلت به الخرافة إلى هذا الحد. لكن واحد يقول الله ربي وهو صادق في هذا، هذا لا يتساوى مع الذي يعبد البقرة وبوذا وغيره. الله تعالى قال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) البقرة)
د. نجيب: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ (199) آل عمران)
د. الكبيسي: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) آل عمران)هؤلاء موجودون ولا ينبغي أن نقول غير هذا.
وآخراً (وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56) المدثر) هو أهل التقوى وإياك أن تتقي غيره. إياك أن تتقي غير الله ومن الشقاء أن تأتي يوم القيامة وأنت تساوي بين رب العالمين وبين بشر أو بين رب العالمين وبين صنم. إياك أن تحسب حساباً لتقواك لغير الله تدخل في الرياء وفي النفاق. هو أهل للمغفرة وهو أهل لأن يُتقى ما من أحد يغفر كما يغفر الله لك وما من أحد ينبغي أن تتقيه كما تتقي الله عز وجل (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ). كرر كلمة أهل مرتين وكان ممكن أن يقول أهل التقوى والمغفرة. أهل التقوى شيء وأهل المغفرة شيء آخر، رب العالمين أهل أن يتقى فهو الجبار وأهل للمغفرة لأنه الغفور الرحيم فكلمة أهل لها معنيان كل معنى مع صاحبها إذن هو أهل التقوى وأهل المغفرة. هذه كلمة التقوى بهذه السعة التي ذكرنا الآن نتفاً صغيرة من جوانبهما التي لا تحصى وإلا بحث التقوى في كتاب الله عز وجل بحث عظيم وشديد وعلينا أن نتوقف قليلاً كلما مرت بنا كلمة التقوى، هناك المتقين، هناك الذين اتقوا، كل كلمة تقوى، اتقوا، متقين، كل واحدة تعطي معنى جديداً فإذا كنت ممن يتدبرون القرآن فاعلم أن هذه الكلمة هي لب هذا الكتاب ولب هذا الدين.
أبو سامي من النمسا: أنا متزوج امرأة نمساوية مسيحية تعاملها إسلامي وقالت لا إله إلا الله استجابة لإلحاح أولادنا ولا أدري هل قالتها من قلبها وهي تصوم معنا رمضان لكنها لا تصلي فكيف يكون وضعها؟
الإجابة: ما دامت قالتها ولو مرة واحدة فهي مسلمة وتجري عليها أحطام الإسلام. أما التقوى فهي وظيفتك، أنت علّمها الصلاة وحببها بالإسلام بسلوكك. نحن المسلمون في هذا العصر شوهنا هذا الدين وصرنا عبئاً عليه في العراق الآن لم يعد هناك عراقياً يريد هذا الدين لأن هذه الطوائف والعناوين الإسلامية في العراق كلها كاذبة قتلة طماعة سارقة كل واحد يريد الدين على مقاسه حتى يسرق ويقتل وترك الناس الدين. حببوا الناس في هذا الدين بالتعامل “الدين المعاملة” هذا دين يحب الناس جميعاً، يحب النصارى واليهود ولا يفرق بين أحد من الرسل، يدعو لصلة الجيران والرحم والوالدين. حبب الدين لهذه المرأة بسلوكك معها أولاً وبسلوكك مع أولادك ومع جيرانك ومع الشارع نظِّف الشارع مرة وقل لها هذه شعيرة إسلامية والإسلام يأمرنا أن ننطف الشارع لأن هؤلاء يفهمون هذه الأمور (إماطة الأذى عن الطريق). أما الكلام في الذات والصفات واللحى والعمائم المقرفة دعونا منها. بالتعامل رأيت رجلاً يتقلب في ربض الجنة بشوكة نحّاها عن طريق المسلمين. ليس بالرشاشات والقتل وخرق العيون وقطع الأطراف. إتقوا الله وعلى كل حال أنت المسؤول عن هذه المرأة وإذا أفلحت في إسلامها فأنت يوم القيامة مبرز ومشهور بهذه الخصلة العظيمة.
د. نجيب: نسأل الله تعالى أن يلزمنا كلمة التقوى والحمد لله على هذه الكلمة وأن ينعم علينا بلباس التقوى وأن يرزقنا ايضاً زاد هذه التقوى وأصبح العلم سيدي الفاضل خير شاهد على كلمة التقوى فما من يوم إلا وهذه المخترعات والمكتشفات تؤكد وحدانية الله تعالى وهذه الكلمة وتؤكد هذا الإعجاز العلمي الذي يزخر به هذا الكتاب الكريم. شكراً جزيلاً سيدي الشيخ ونشكر إخواننا المساهمين معنا على الهواء وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله.
بُثّت الحلقة بتاريخ 12/6/2009م