الحلقة 71
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. هانحن مع شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في بدائعه وروائعه القرآنية
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم.
(قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ (49) الشعراء) – (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ (123) الأعراف)
في هذه الحلقة نتحدث عن تأثير الحرف في كتاب الله عز وجل والحرف في لغة العرب مفصل من مفاصله والحرف نصف هذا الكون كما قال تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) العلق) ما هذا الذي علمه الله بالقلم لهذا الإنسان الذي لا يعلم؟ علمه أمرين الحرف والرقم (لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ (5) يونس) هذا الكون كله عبارة عن حرف أو رقم. رقم رياضيات، كل هذا الذي ترونه السموات والأرض والبحار وكل ما أمرنا الله أن نتأمل فيه هو أرقام، رياضيات، الرياضيات هي التي تحكم العالم سيارتك وأسلحتك ومياهك والعمران وبرج دبي وبرج خليفة هذا الذي يخضع للرقم تماماً كل العمران في هذه الحياة عمران متنقل عمران عقاري أو صناعي كله أرقام، هذا أمر. وجميع الشرائع والآداب الفلسفات حروف. إذن الحرف والرقم هما الشريكان في هذه الحضارة الأرضية التي نحن عليها في هذا الكون. من أجل هذا القرآن الكريم يرسم المعنى والمقصود عن طريق تغيير الحرف سواء كانت حروف المعاني أو المباني (من وغيرها) أو الواو والألف وغيرها. رب العالمين لما يقول (كهيعص) (ألم) ينبهك أن الحرف في القرآن الكريم أساسي وبتغيير حرف بسيط يتغير المعنى. فرق بين (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) آل عمران) (إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) الأنعام) (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) الزمر) (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ (122) الأنعام) كل تغيير في الحرف والحركة يرسم لك معنى جديداً. ولهذا الحرف في كتاب الله آية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اتلوه فإن الله يأجركم بتلاوته كل حرف عشر درجات لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف. أنت لما تقول (ألم) لك ثلاثون حسنة لأن كل حرف هو آية كما تقرأ الآية والحسنة بعشر أمثالها فكما تصلي ولك عشة حسنات كذلك عندما تقرأ ألم الألف عشرة واللام عشرة والميم عشرة لأهمية الحرف سواء كان من حروف المعاني أو حروف المباني، وهنا هذه الآية اليوم هذا مثال والأمثلة بالعشرات في الكتاب العزيز. رب العالمين يتكلم عن فرعون ولما جاء موسى والسحرة (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) الشعراء) كلام فرعون اختلف مرة قال (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ (49) الشعراء) باللام ومرة قال (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ (123) الأعراف) ماذا قال فرعون آمنتم به أو له؟ طبعاً الذي لم ينتبه إلى أهمية الحرف في كتاب الله عز وجل كل حرف يرسم صورة جديدة، القرآن الكريم يرسم المعاني بالحروف. والذي لا يعرف معى الحرف لا يعرف تفاصيل الصورة وكما تحدثنا في قصص الأنبياء كنا نستقرئ الحرف فرق كبير بين (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (11) طه) وبين (فَلَمَّا جَاءهَا (8) النمل) رسم هائل!. هذه الكلمات فما بالك بالحروف؟! فرعون لما رأى السحرة سجدوا وآمنوا قال (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُم) آمنتم به أي آمنتم به عقيدة. فكلما رأيتم في كتاب الله عز وجل آمنا بالله، آمنا بالكتابن آمنا بالملائكة هذا عقيدة، قد لا تكون عاملاً وقد يكون عملك ضعيفاً لكنك مؤمن بالله عقيدة فهذه كلمة (آمن) تتعدى بالباء، الفعل آمن يتعدى بالباء (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ (47) النور) (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (81) آل عمران) هذه الشهادة على عقيدة وليس على عبادة أو فعل أو شريعة. وقس على هذا حيثما وجدت (آمن به) فهو عقيدة والإخلال بها كفر. وحيثما وجدت آمن له هذا عمل، شريعة، طاعة، كل البشرية الذين آمنوا بالرسالات السماوية آمنوا بالله ورسوله اليهود والنصارى والمسلمون كلهم آمنوا وقالوا اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن موسى رسول الله هكذا قال اليهود والنصارى قالوا نشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسى رسول الله آمنوا به ونحن نؤمن بالله ورسوله هذه عقيدة الإخلال بها كفر أي خلل بها كفر. آمن لـ (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ (111) الشعراء) (فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا (47) المؤمنون) باللام وليس بالباء. مرة آمن بـ ومرة آمن لـ، مرة يعدي الفعل بحرف الجر الباء “آمنت بالله وملائكته” ومرة يعدى الفعل باللام (أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ). حتى القرآن الكريم (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ (61) التوبة) أُذن يعني سمّاع للكلام ويتأثر به (يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ). (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ (55) البقرة) هم آمنوا به أمام فرعون، (الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ (183) آل عمران) وهكذا. خلاصة الأمر عندنا آمن بـ وآمن لـ، ما الفرق؟.
آمن بالله (بالباء) تصديق عقدي أنا أصدق أن الله رب العالمين وليس رب غيره، فرعون ليس رباً وأن موسى نبي، أنا أؤمن أن الله ربي وموسى نبي هكذا قال السحرة آمنوا بموسى ورب موسى وانتهى الأمر، هذا أول ما كان الامتحان بين موسى وبين السحرة وفرعون جميع أعيان مصر حاضرون هذه المناقشة (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) طه) جاؤوا بالشعب كله يتفرج، وجاء السحرة وعملوا سحرهم بالحبال التي كأنها تسعى فهرب موسى (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) طه) فألقى عصاه فأكلت كل السحر الأسود فسجد السحرة قالوا (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) الشعراء) هذا إيمان عقائدي لم يعد فرعون ربنا وإنما الله ربنا وموسى نبي. قال فرعون هنا (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ (123) الأعراف) هذا في البدياة، آمنتك به هو نبي وربكم الله وتركتموني هنا عقيدة. ثم صار هرج ومرج وبين مصدِّق ومكذب وتحرك جيش فرعون والحرس الخاص تحرك، قال لهم موسى اتبعوني وخرج من المكان باتجاه البحر وفرعون اتبعهم في الفجر (فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ (60) الشعراء) (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) الشعراء) هذا في اليوم الثاني. في سورة طه (قال فرعون) هذه ساعة الاحتفال أول ما آمنوا به (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ (123) الأعراف)، في اليوم الثاني قال (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ (71) طه) آمنتم له يعني أطعتموه بعد أن أمركم بعد أن آمنتم به عقيدة وصدقتم أنه نبي وأن ربكم الله وسمعتم كلامه وقال لكم امشوا خلفي ونجاهم الله. آمنتم له يعني أطعتم أوامره ونواهيه وما جاء به من أحكام وتعليمات، هذه آمنتم له. كلما جاءت اللام (أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ) (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ (111) الشعراء) أنا أؤمن بأنكما نبييان وأن الله ربكم لكن أنا ما أصدق كلامكم ولا أطيعكم ولا أسمع شرعكم. التعدية باللام فيها اعتراف ضمني أنهم مؤمنون به نبياً ولم يؤمنوا له. كلما جاءت اللام بعد الإيمان نؤمن لك معناها شريعة، طاعة نحن نؤمن لرسول الله (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ (13) المجادلة). تقول أشهد أن لا إله الله وأن محمداً رسول الله هذه تؤمن به وبعد أن تؤمن به تطيع الله ورسوله (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) النور) هذا إذا آمنوا له ولم يؤمنوا به. كلما جاء الإيمان متعدياً بالباء فهذا إيمان عقدي، لما يأتي الإيمان بالله ليس هناك واحد من المسلمين اليوم إلا وعنده اعتراض على حكم من الأحكام إذا كان له إسم غير إسم الإسلام. ما من جماعة عندها إسم طائفي أو فئوي أو جزبي أو مذهبي إلا وتركت بعض أحكام الدين التي أمرنا بها النبي نفسه لم تأت في الكتاب وأحياناً تأني في الكتاب تركها لأمر طائفي هذا آمن به ولم يؤمن له، آمن به نبياً كلنا متفقون الله ربي ومحمد نبيي ولكننا لسنا متفقين على سنته هناك أحكام أمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم لكن ما طبقها بعضنا، هذا آمن به ولم يؤمن له ولهذا سيحاسب يوم القيامة على أمرين إن كان هذا الذي خالفه مما عرف من الدين بالضرورة فيلتحق به، الإسلام واضح الصلاة ركن والصلاة خمس أوقات أنت تعملها ثلاثة؟! هذا أنت آمنت به رباً ونبياً ولكن ما آمنت له. قس هذا الذي امتلأت به الديانة اليهودية والنصرانية والإسلامية كلها على حد سواء انقسمت إلى مذاهب وفئات وأحزاب وطوائف ومنهم هالك منهم الذي جره الخلاف الاختلاف إلى أن يمرق ومنهم من فيه تأويل واحتمال. إذن هذا الفرق بين آمن به ليس هناك نقاش ولا اختلاف لا إله إلا الله محمد رسول الله، عيسى رسول الله، موسى رسول الله (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ (285) البقرة) (قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) آل عمران) هذا ليس فيه نقاش، هذا آمنت به. إذا آمنت بهذا الإيمان فالباقي له حل، يكفي أنك أنت مع الباقي حتى لو دخلت النار لن تخلد فيها الخلود في النار عند إخلالك بلا إله إلا الله. حينئذ هذا الفرق بين آمنت بالله وآمنت لله وآمنت بالرسول وآمنت للرسول، هذا يعني عندك شريحتان إيمان بالعقيدة وإيمان بالشريعة وهناك فرق بين العقيدة والشريعة، العقيدة ليس فيها اجتهاد لا إله إلا الله محمد رسول الله كلمة واحدة لا رأي فيها إطلاقاً (كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) إبراهيم). عليك أن تفهم (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ (106) يوسف) لماذا؟ هو آمن بالله رباً لكن لما لم يؤمن للرسول أشرك. أتنكرون أن هناك فرق يهودية تؤمن بالله ووموسى وفرق مسيحية تؤمن بالله وعيسى وفرق مسلمة تؤمن بالله وبمحمد وخرجوا عن الدين؟ موجودون.
د. نجيب: معنى هذا أن الإيمان لا يكتمل إلا بالباء وباللام، وهذا لعله مضطرد في كتاب الله تعالى بأنه يجمع بين الإيمان العقدي والإيمان العملي قل هو الله أحد تصديق وقل يا ايها الكافرون إيمان عملي.
———فاصل———-
د. الكبيسي: هكذا هو الفرق بين آمنتم به وآمنتم له. وحيث ما ورد هذا فاعلم أن هذا إيمان بالعقيدة وهذا إيمان بالشريعة ورُبّ مؤمن عقيدة وهو منكر شريعة وهذا ينطبق على معظم الطوائف التي تنفلق من الديانات السماوية وما من دين سماوي إلا وتنفقل منه الطوائف وهذا قانون وعليك أن تعرف أنك مستهدف وعليك أن تكون حذراً من أجل هذا أعطانا الله تعالى سعة حتى لا ننزلق. نحن قلنا هناك حد أعلى حد أدنى أنت خمسين في المائة تنجح لكن تأخذ ثلاثين لا تنجح، تأخذ 120 يعني أنت تغش، أنت عابث، هذا الفرق بين التقصير وبين المروق وبين الزندقة. عليك أن تعرف أنك في امتحان صعب وعليك أن لا يكون لك عنوان آخر ما من عنوان على كلمة يهويدي أو مسيحي أو نصراني أو على كلمة مسلم عنوان جديد إلا ويقوم بناء على عدم الإيمان للنبي ببعض سنته (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) النور) وما أكثر الفتن التي أصابت أهل الديانات لكن الحمد لله هذه الأمة إصابتها بها أقل من الديانات الأخرى التي جسّمت ودخلت في العقيدة، عيسى ابن الله، العزير ابن الله هذا ليس خللاً وإنما هذا طعن في العقيدة نفسها.
الشيخ عز الدين الهاشمي من المغرب: نحن نثني على أخلاقكم العالية د. نجيب في معاملتكم مع المشاهدين وفي محاورتكم مع الدكتور أحمد. وهذه الدروس نقلة رائعة وإقلاع رشيد على طريق التجديد. أسعدني أن يكون هذا البرنامج كما أعلنتم برنامجاً شعبياً جماهيرياً يشارك فيه الجميع فالعطاء الرباني ليس محصوراً بالألقاب الدنيوية ولا الشهادات العلمية وهذا اهتمام منكم برفع مستوى العامة وترقية مداركها. وشيخنا يحمل إشارة ذكية ورسالة تربوية قوية إلى أهل العلم أن يتواضعوا وأنه ليس في العلم كبير وأن العلم بدليله لا بقائله وهذا نهج في التربية والإصلاح باعثه روح الأبوة الحانية في الإيصال لا نعثر عليه في أوراق الكتب وإنما يصدر عن ألواح القلوب (أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ (22) المجادلة) (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ (7) الحجرات) حفظكم الله ورحم الله الشيخ زايد بن سلطان حكيم آل نهيان وأخيه الشيخ راشد واتحادهم دليل على طيبهم وحبهم للإنسانية. وبرج خليف الجديد هو برج الشموخ والتحدي في علياء العطاء حفظكم الله وأمتع بكم ووفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.
د. الكبيسي: بارك الله فيك ونفعنا بعلمكم وجعلنا عند حسن الظن.
د. نجيب: وهو خير علامة على ما تفضل به من تواضع العلماء وأدبهم فهو من أهل العلم والأدب ولكنه معروف بعلمه وأدبه وتواضعه
د. الكبيسي: لا يكون العالِم إلا متواضعاً وإذا ظنّ أنه علِم فقد جهِل.
د. نجيب: تسرنا مداخلاتك يا شيخ عز الدين ونتابع معكم في الحلقات القادمة.
د. الكبيسي: برج خليفة فهذا برج العرب جميعاً كالأهرام. الأهرام علامة على الكون كله، هناك ألف برج لكن يبقى برج خليفة علامة ظاهرة إلى يوم القيامة كما يتحدث الناس كما يتحدثون عن الأهرام منذ أن بنيت إلى يوم القيامة فهي من عجائب الدنيا السبعة والآن أصبحت العجيبة الثامنة كبرج خليفة نحن لم نكن نتصور أنه بهذه الضخامة الذي رأيناه في الاحتفال فكأنه من عجائب الدنيا الثمانية. نقول حدائق بابل المعلقة هي من عجائب الدنيا السبعة، حدائق بابل وبرج إيفل وبرج بابل وبرج بيزا لا يساوي أمام هذا البرج وحمة في الجسد. أما هذا البرج فهو من أعاجيب هذا الزمان وهو فخر للعرب وطبعاً للإمارات وسمو الشيخ خليفة وسمو الشيخ محمد أثبتوا للعالم أن العرب في طريقهم إن شاء الله أنهم يواكبون العالم في الحضارة والمدنية.
د. نجيب: ألا ترى يا سيدي الشيخ أن الحرب على الإسلام قد بدأت بالإيمان للرسول قبل الإيمان بالله؟
د. الكبيسي: أعداء الإسلام أذكى من أن يشككوا بالإيمان بـ وإنما شككوا بالإيمان لـ. لماذا؟ عقيدة المسلم لا إله إلا الله محمد رسول الله قضية لا تقبل النقاش، أقوى من الضخر فعبث أن تحاول أن تعبث بهم. بعض الفرق قالوا نعبد علي بن أبي طالب أو نعبد مسيلمة أو نعبد قبراً هذا انتهى هذا لم يعد مسلماً. لكن العبث بهذا الدين بالإيمان لـ، العبث بالسنة ولهذا صار الدعوة لإلغاء السنة ودعوة مشبوهة ومصدرة ومدفوعة الثمن وتبناها بعض رؤساء الجمهوريات ويقولون القرآن يكفي، أنت حينئذ تكون قضيت على الشريعة الإسلامية بالكامل. الله تعالى قال (وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (113) النساء) الكتاب القرآن والحكمة السنة هي التي تبين توجهات القرآن الكريم وتشرحه (ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه) فأنت لما تلغي السنة تلغي نصف الإسلام النصف الذي يوجهه عملك وهو الشريعة وبالتالي أنت بدون هذا ضال. الله ربي كالمسيحي واليهودي وعيسى نبيي وموسى نبيي وزكريا نبيي ويحيى نبيي لكن شريعة ملخبطة خمسون رأياً وضاعت لا أحد يعرف شريعة موسى ولا عيسى ولا زكريا ولا يحيى. إذن المسلمون ثابتون بثبوت السُنة وكما يقول علماء الغرب ما من علم على وجه الأرض خُدم كما خدم المسلمون حديث نبيهم نقّوا هذا الحديث كما تنقي اللبن من الشعرة وكلكم تعرفون ماذا يعني علم مصطلح الحديث ومن هم المحدثون وكيف أن الله عز وجل حفظ هذا الحديث حفظاً إعجازياً ولذلك بدون الشريعة أنت لست مسلماً، المسيحي يقول عيسى الأب والبن وموسى لكن ليس هناك شريعة وليس هناك عمل، هذا هو الفرق.
برسيلا من دبي: أنا ألمانية وأعيش في ألمانيا وفي زيارة لدبي وأُسأل عن الإسلام كثيراً في ألمانيا وأنا أقول أننا لا يكتمل إسلامنا قبل أن نؤمن بكل الأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم. وأنا الحمد لله فخورة بأني مسلمة من أصل ألماني وأحاول بكل جهدي أن أتبع الشريعة الإسلامية وأنا أقرأ القرآن وأرتاح نفسياً وأحتاج للتواصل مع الدكتور الكبيسي لطرح أسئلة شخصية.
د. الكبيسي: هنيئاً لك أنك مسلمة في ذلك الجو وهذا الذي قاله المصطفى عليه الصلاة والسلام “طوبى للغرباء” فأنت من الغرباء في بلد يحيط بك من كل جانب حضارة وثقافة وتديناً واضطهاداً وحقيقة ألمانيا لم يجرب عليها الاضطهادات. أنت في ذلك المكان الركعة التي تؤديها تساوي ألف ركعة منا، قال النبي صلى الله عليه وسلم علينا نحن في هذا الزمان، قال يأتي على الناس زمان يكون أجر العامل أجر خمسين قالوا منهم؟ قال بل منكم، يعني أجر خمسين صحابياً، قالوا لم يا رسول الله؟ قال لأنكم تجدون على الحق أعواناً وهم لا يجدون. إذا كان هذا عنا نحن في بلاد الإسلام فما بالك وأنت في بلاد الغرب بهذا الحماس وهذه التقوى وهذا التمسك فأبشروا بالخير أنتم من وجهاء الجنة وهذا الامتحان الذي نجحتم فيه لا يتاح إلا لمن يحبه الله عز وجل
أم فاطمة من رأس الخيمة: سمعت عن دعاء الثمانين آية فأريد أن أعرف هل هذا صحيح؟ يقال أن هذا الدعاء مستجاب؟
د. الكبيسي: الدعاء من العبد إلى الله تعالى فليكن ما يكون، ما المانع طالما أنه دعاء وهو آية؟ قلنا هناك أدعية للغم والهم والرزق وموجود في كتاب الله عز وجل ليس فيها إشكال لكن إياك أن تشركي وإنما عليك أن تبتهلي إلى الله عز وجل بدون وسيط آخر. إياك أن يضحك عليك أحد الحسين والشيخ عبد القادر هؤلاء كلهم عباد الله نقف وإياهم يوم القيامة أمام الله عز وجل، صحيح هناك عباد لهم امتيازات مثل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم واأصحاب بدر والأنصار والأولياء الصالحون لهم امتياز لكنهم من عباد الله وعبيده وهم يوم القيامة يرجون الله كما نرجوه نحن فأنت توجهي إلى الله بالدعاء ليس بينك وبينه حجاب ولهذا قال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (60) غافر) (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (186) البقرة) ما قال قل لهم إني قريب كما قالها في آيات أخرى. الآن في كل العالم هناك أجهزة إذا كنت مطلوبة لأحد تتنصت عليك حتى لو تحدثت مع نفسك فكيف رب العالمين؟! هذا الرب الذي هو أقرب إليك من حبل الوريد ويعلم ما توسوس به نفسك ادعيه مباشرة وقولي يا رب بلا فلان، تقولين اللهم اجمعني بفلان في الجنة أو تدعي لأحد بظهر الغيب والمحبة في الله تجمعكم يوم القيامة لكن إياك أن تتوجهي بالدعاء إلى مخلوق توجهي إلى الله مباشرة.
———فاصل———
د. الكبيسي: نعود إلى قوله تعالى في سورة التوبة (يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ (61) التوبة) عقيدة (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) تطبيقاً وشريعة ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يستمع لأصحابه استماعاً عجيباً وكان إذا صافحه أحد لا يسحب يده حتى يسحب الآخر يده وإذا تكلموا أصغى لهم وإذا أشاروا عليه وإن كان يرى أن مشورتهم خطأ يشاروهم، في أحد قالوا نقاتل في البلد قالوا نخرج إليهم هو يعرف أن هذا الرأي خطأ لكن آمن لهم أي سمع كلامهم وأطاعهم برغم أن كلامهم خطأ حباً لهم وإكراماً لهم (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ (159) آل عمران) ثم لما اعترفوا بعد أن لبس لامته قال لا، هذا يؤمن للمؤمنين. انتبه لهذا في كتاب الله وسوف ترى العجب العجاب من هذا الكتاب العزيز كيف يرسم بالحرف الواحد تغيير قضية كاملة أو موضوع كامل.
أم مصطفى من أبو ظبي: هل لو لم اصلي الرواتب أكون لا أؤمن للرسول عليه الصلاة والسلام وأنا أعلم أنها مهمة لكن بسبب ظروفي في العمل؟.
د. الكبيسي: أنت أجبت عن السؤال أنت قلت أنك تعرفين أنها أمر مهم يعني أنت ما تركتيها إنكاراً ولو تركتيها إنكاراً لكان هذا خلل كبير. يقول رب العالمين (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (23) الشورى) (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ (65) الأحزاب) كيف تلعن آل بيت النبي على المنابر ثم يقولون رضي الله عنه؟! إياك أن تتمرد على الرسول ولا تؤمن له بأن تناصر من قتل آل بيته، هذه طائفة يسمونهم النواصب. وقوله تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ (18) الفتح) أهل بيعة الرضوان كيف تلعنهم؟! هؤلاء يسمون الروافض. رب العالمين في حادثة الإفك عن السيدة عائشة (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا (17) النور) كيف تلعنها اليوم؟! إذن أنت لست مؤمناً. كن حذراً وراءك موت وحساب وسوف يتخلى عنك كل من أضلك (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) الزخرف) (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (33) سبأ) انتبه أعطاك الله تعالى عقلاً وشرعاً وكتاباً، أعطاك سنة مصفاة حينئذ لن تجد عذراً يوم القيامة أنت تؤمن بالله ورسوله فإياك أن لا تؤمن لرسوله (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) التور) تصيبهم فتنة إذا كانت القضية غير الكفر ويصيبهم العذاب إذا كانت قضية كفر. إذن هذا الفرق بين تؤمن به وتؤمن له وهذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمن لأصحابه بأن يتساهل معهم ويسمعهم ويطيعهم وهم في حالة خطأ لكن خطأ ليس قاتلاً وهو إكراماً واحتراماً (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ (159) آل عمران) (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ (128) التوبة)
براء من الشارقة: عندي سؤالان الأول الرسول صلى الله عليه وسلم شفاعته هل تكون للناس جميعاً؟ أم للمسلمين خاصة؟
د. الكبيسي: هناك شفاعة عامة وشفاعة خاصة، الشفاعة العامة لكل البشرية لبدء الحساب الحديث الصحيح أن الناس يوم المحشر والشمس قريبة، ساعة المحشر يوم الفزع الأكبر يلجأ الناس إلى سيدنا إبراهيم فيقول لا أنا فعلت كذا، قالوا فليحاسبنا رب العالمين حتى لو أدخلنا النار أفضل من العذاب الذي نحن فيه ويذهبون لموسى وعيسى فيعتذرون ويذهبون إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيسجد تحت العرش فيقول له الله تعالى ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفّع هذه الشفاعة لجميع البشرية أن يحاسبهم الله ويفصل بينهم، هذه الشفاعة العامة. أما الشفاعة التي تخرج من النار إلى الجنة قال (شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي) ما من أحد منا ما ارتكب كبيرة من الكبائر لكن نحن مسلمون من أمة محمد مسلمون ونصلي انتبه للأحاديث “ليس منا” أنت مفصول من هذه الأمة، لا، أنت من الأمة لا ينطبق عليك ولا حديث “ليس منا” (شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي) إذا كنت من أهل القلبة ثم ارتكبت كبيرة وتبت منها ليس عليك شيء لكن هناك كثيرون ارتكبوا كبائر وماتوا قبل أن يتوبوا، أي مات وهو على كبيرة هذه مصيبة سوداء الذي يصر على كبيرة (وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران) هذا المسكين يقول النبي شفاعتي لهؤلاء قال صلى الله عليه وسلم: أتظنون أن شفاعتي لكم؟ قالوا نعم يا رسول الله، قال لا، شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي من كل من أثقل ظهره وأوبق كاهله” هذه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وهذا بإذن الله سبحانه وتعالى وبدون شفاعة النبي يوم القيامة لا أظن أن أمورنا سهلة. فعليك أن تكون من أمة محمد ولا تكون من أمة محمد إذا قتلت مسلماً أو إذا كفّرت مسلماً. مثلاً في صلاة الجمعة سورة الجمعة هناك ناس لا يصلون الجمعة وعندهم تأويل، هذا لا يكفّر، لماذا؟ لأن أعذار الجمعة لا حصر لها برد، مرض، نعسان، فترك الجمعة وتصليها في البيت ليس فيها مشكلة، هناك حديث من تركها بدون عذر ثلاث مرات يصيبه النفاق لكن لا تكفّر. هناك أشياء تكفِّر. إذا كنت من أمة محمد بحيث لم ترتكب كبيرة تخرجك من الملة إياك والربا وإياك والرياء وإياك والقتل وإياك وعقوق الوالدين، إذا مت وليس في صحيفة أعمالك إحدى هذه فليس عليك مشكلة. ماذا لو مات أحدنا وعليه واحدة من ذلك؟ إما أبوه وأمه غير راضين أو كان يأكل الربا حينئذ ليس لك أمل إلا بالشفاعة ولكن على أن تكون من أمته غذا كنت قاتلاً لست من أمته، إذا كنت تارك صلاة فلست من أمته، إذا كنت عاقاً لوالديك فلست من أمته. هذه الأشياء إذا تجاوزتها أبشر بما يسرك يوم القيامة بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما إذا كنت قد مت وأنت مصر على كبيرة لأنك من أمته
د. نجيب: والرابعة ترك الصلاة
د. الكبيسي: هذه تخرج من الملة كما قال الفقهاء.
سميرة من دبي: أنا أداوم على صلواتي وأقرأ القرآن ولكن أصاب بالوسوسة بالوحدانية وغيرها.
د. الكبيسي: أبشري بالخير كلنا مررنا بهذا الشيء وكنا نخاف. يقول الصحابة يا رسول الله إن أحدنا ليحدث نفسه بما يود لو كان فحمة، تأتينا أفكار في الصلاة أين الله؟ هل الله معقول؟ يقولون نتمنى أن نكون محروقين ولا تأتينا هذه الوسوسة رغم الأنف فالنبي قال أوجدتم ذلك؟ قالوا بلى يا رسول الله قال هذا صُراح الإيمان. إبليس من يأسه من ضعفه يحاول هذه المحاولات لا يوجد الله، محمد ليس نبياً، يحاول محاولات، هذه المحاولات البائسة فإذا جاءتك هذه الوسوسة فقولي بينك وبين نفسك وإبليس يسمعك قولي إخسأ يا خسيس أعرف أنك ابليس وربنا موجود وهو واحد أحد وأنا مسلمة رغم أنفك يذهب ويخنس ولن يعود بعد ذلك إذا أدركت أن هذه الوساوس محاولات يائسة من إبليس كما قال النبي ذاك صراح الإيمان. وكلنا مررنا بهذا في الصلاة وغير الصلاة شكوك فلما عرفنا أن هذا اكتمال إيمان وإبليس عرف هذا هرب فاعلمي أنك أنت بخير وهذا الذي يجري لك علامة إيجاب أن إيمانك من النوع الكامل بإذن الله.
علينا أن نعرف بأن كل خروج على هذه الأمة خروج صارخ ليس له تأويل، ما تأويل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ويخالفك في قضية فقهية تقتله؟! ليس هناك عذر. أو ما عذرك وأمك وأبوك غير راضين عنك بشكل صارخ؟! ماذا لو بعثت وأنت تضرب أمك وأبوك؟ هذا انتهى ومصيبته سوداء. إذن عليك أن تعرف أن هناك فرق بين آمنت بالله وبرسوله وآمنت لله ولرسوله
د. نجيب: معناه أن الإيمان لا يكتمل إلا بالباء واللام
د. الكبيسي: الفرق أن الباء بدونها تكفر واللام بدونها تحاسب.
(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ (37) الرعد) – (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (145) البقرة)
ننتقل الآن إلى موضوع آخر (من) هذه أعجوبة، (من قبل) و(قبل). (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ (37) الرعد) (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (145) البقرة) أحياناً تدخل (من) على (بعد) وأحياناً لا تدخل. (وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا (5) الحج) (وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا (70) النحل) وقس على هذا في كتاب الله خاصة مع قبل وبعد تأتي (من) وتحذف. رب العالمين سبحانه وتعالى في سورة البقرة (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (120) البقرة) من دون (من) والأخرى (بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ). (بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ) شيء معرّف عظيم الذي هو الدين ربنا يقول يا محمد لا تتبع أهواء اليهود والنصارى بعد الذي جاءك من العلم وهو القرآن، هذا مطلق أنت عليك أن لا تتبعهم إلى يوم القيامة هم في وادي وأنت في وادي، أنت توحد الله وهم لا يوحدون. إذن إياك أن تتبع أهواءهم إذا أتاك واحد نصراني أو يهودي حقيقي يؤمن يموسى وعيسى حقيقة فأنت وإياه تكملان بعضكما وهو الكتاب، الكتاب (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ (7) آل عمران) الكتاب هو التوراة والإنجيل والقرآن لكن هناك أهواء وفرق يهودية ومسيحية ضاعت إلى حد ما (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ) الذي هو القرآن كله. عندنا قضية واحدة وهي القبلة قال تعالى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (145) البقرة) جاء بـ (من) أي من ساعة ما تغيرت القبلة في الساعة التي جاءتك هذه الآية فوراً غير القبلة وفعلاً النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع نزلت الآية فمباشرة غيّر وجهته إلى الكعبة كما فعل المسلمون في مسجد القبلتين. (من) هنا يعني من اللحظة التي جاءك فيها هذا العلم وهو علم تغيير القبلة. هناك ليس فيها (من) من ساعة نزول القرآن إلى يوم القيامة لك موقف محدد. هنا عندك قضية محددة (من) في ساعة بابتداء في وقت محدد، بالوقت الضيق، هذا الفرق (من بعد) من ساعة معينة بالتو والثانية وتلك (بعد الذي) على امتداد التاريخ إلى يوم القيامة. هذا الفرق كلما جاءت (من) اعرف أن الوقت محدد من البداية، بعد الذي ومن بعد، والآيات كثيرة في كتاب الله عز وجل مثلاً (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (159) النساء) ما قال (من قبل موته) يعني ليس من أول يوم لكن في الثواني التي قبل ما يموت يرون سيدنا عيسى، ما من واحد من أهل الكتاب يموت إلا قبل ثواني من موته يرى سيدنا عيسى وهناك أناس أنكروه فيرى سيدنا عيسى ويقول اشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسى رسول الله لكنها لا تفيد في هذا الموقف، ما قال (من قبل) قال (قبل موته). لما يقول (من قبل) يعني قريب. وكذلك إذا قال (بعد) يعني مدة طويلة جداً. هكذا الحرف (من) يوجهك (بعد علم) (من بعد علم). (من بعد علم) من أول ما كان يتعلم، (بعد علم) تعلمه اليوم شيئاً ثم ينساه بعد ساعة أو ساعتين. (بعد علم) الشيء الذي يتعلمه اليوم ينساه بعد ساعة، (من بعد علم) من أول أيام حياته وشبابه الذي تعلّمه نساه، إذن هي مرحلتين المرحلة الأولى الإنسان عندما يكبر ويصبح في الثمانين يذهل عن معلوماته الحاضر لا يستوعب ويكبر ويكبر حتى ينسى كل شيء. هذا الفرق بين من بعد وبعد. حيثما وجدت كلمة (من) فاعلم أن وراءها معنى مغاير
د. نجيب: وهذا للمسلمين جميعاً قضية القبلة وذاك الذي كان يشرب الخمر وجاءت الآية وغيرها في أمور الصلاة والعبادات بالتو والساعة. وكذلك الجاهل الذي لا يكون عالماً بحكم معين تأتيه الآية والتوجيه النبوي فيستجيب لأمر الله تعالى. باسمكم جميعاً أشكر شيخنا الجليل الدكتور أحمد الكبيسي وكما قال عز الدين الإمام نفعنا الله تعالى به شاكرين جميعاً كل من شاركنا على الهواء لهذه العلوم القرآنية الدقيقة داعين الله سبحانه وتعالى أن يمدنا بمزيد من الفتوحات القرآنية والنبوية وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله.
بُثّت الحلقة بتاريخ 8/1/2010 م