الحلقة 74
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل) – (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) الأنعام) – (وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف)
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. نتحدث في هذه الحلقة عن أسلوب من أساليب الكتاب العزيز يرشدنا إلى أسلوب من أساليب الله تعالى في خلقه وهي سنة من سننه لا تتغير ولا تتبدل كما قال عن ذلك سبحانه وتعالى (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) فاطر) يعني إن ما جرى على الأمم السابقة منذ أن خلق الله البشر في هذه الكرة الأرضية إلى يوم القيامة، الذي جرى على الأمم السابقة في كل جيل في كل قرن هو الذي يجري عليها في كل حياتها إلى يوم القيامة نسخة واحدة (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) يعني إن الله سبحانه وتعالى لا يبدل هذا الأسلوب وهو أن كل أمة تحكمها قوة باطشة غادرة قاتلة تذهب بشكل لا يمكن تصوره ولم يكن يخطر على بال الذين ذهبوا من شدة سيطرتهم وقوتهم (كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) الروم) إذن دائماً هذه السُنة، هذا الأسلوب لن يتبدل بأسلوب آخر، رب العالمين مثلاً ربما يُضعفهم، لا، لا بد لكل قوة غاشمة باطشة باتجاه قوم آخرين شعبهم أو شعب آخر فلا بد أن تذهب (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل) (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) بقت نفس السنة لكن رب العالمين فقط يبتلي بها مثلاً الأمريكان أو الروس، لا، الكل جميع البشرية من له كتاب أو ليس له كتاب، يؤمن بالله أو لا يؤمن بالله الأسلوب واحد في قطع دابر الظالمين (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل) (فانظروا) بالفاء، انظر طيف يرسم القرآن الكريم بالحرف، (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل) وفي آية أخرى (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) الأنعام) هنا (ثم) وهناك بالفاء، وهناك وانظروا بالواو (وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف). قبل أن نبدأ في تفسير هذه الظاهرة التي تتوالى من أول التاريخ إلى آخر التاريخ عندما تقوم الساعة فقط نفرق بين بعض الكلمات. الذين كانوا يتابعوننا في البرنامج القديم “الكلمة وأخواتها” يعرفون الفرق بين الكلمات، هناك فرق بين سافر وسار وخرج ورحل وهاجر قلنا هذا في أكثر من مرة، قلنا أن السفر هو انتقالك من بلد إلى بلد آخر ويمكن أن يأخذ أساليباً كثيرة وسمي السفر سفراً لأن فيه همّ الفراق، السفر نوع من أنواع الحزن ولهذا سمي السفر سفراً لأنه فيه حزناً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج من مكة قال إنك من أحب البلاد إليّ ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت ولهذا طمأنه سبحانه وتعالى قال (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ (85) القصص). تأمل كم أن الإنسان في وطنه أو موطنه إذا سافر لأي غرض يشعر بالحزن وسمي السفر سفراً لهذا لكن هذا السفر يأخذ عدة حالات، هذا السفر يمكن أن يكون خروجاً. خروج إذا جاءكم عدو مباغت على غفلة العدو صار على الحدود أو صار فيضان أو صار نوع من البلاء مصل بعض البلدان صار فيها وباء (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ (243) البقرة) قال خرجوا ولم يقل سافروا ولا هاجروا ولا ساروا (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) صار طاعون خرجوا بسرعة في غاية السرعة والهروب هذا الخروج. عندنا الهجرة أن ذاك المكان لم يعد يصلح لك أعداؤك فيه كثير سواء كان الأعداء من البشر أو المرض تهاجر (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ (100) النساء) (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا (97) النساء) ناس بقوا في أمكانهم واضطروا إلى تبديل دينهموخرجوا من دينهم فهذا ليس عذراً أن نحن هؤلاء أخافونا أو قتلونا، كان عليهم أن يهاجِروا. عندنا الرحيل، الرحيل أن تخرج من قطرك إلى قطر آخر يعني تعبر الحدود (إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (2) قريش) إلى الشام واليمن رحلة بعيدة تقطع فيها بحار هذه رحلة ورحيل. عندنا السير وهو موضوع حلقتنا السير السفر المنظم الذي تخضع فيه لرئيس وقائد، هذا أرقى وأعظم وأنفع أنواع السفر. وأنواع السفر كثيرة تحدثنا عن حوالي عشرين نوعاً. السير أنتم مجموعة من الناس، وفد لكم قائد وفد مفاوضات أو مثلاً ذهبتم مجموعة تدرسون في الخارج ولكن لكم رئيس ومدير هذا سير، أنتم جيش ذاهبون لكم قائد، هذا سير، أنتم مجموعة موظفين أو ضباط شرطة أو مخابرات المطلوب أن تذهبوا للبيت الفلاني لتأتوا بمعلومات مهمة في مسألة تتعلق بالأمن ولكم رئيس ولك أوامر كل سفر يرأسك فيه رئيس وتخضع أنت للأوامر وعندك مهمة مقدسة جليلة كريمة لوطنك يسمى سيراً. موسى بعدما قضى عشر سنوات يعمل عند شعيب وانتهت المدة رب العالمين أوحى إليه أن يخرج لأن النبوة قادمة فسار باهله (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا (29) القصص) خرج لمهمة عظيمة، سار وجميع أهله ساروا تحت إمرته وبانتظام وحدود. إذن رب العالمين يأمرنا أن نذهب مجموعة متجانسة مختلفة الاختصاصات تخضع لأمر للوصول إلى مهمة عظيمة لأنفسهم أو لبلدهم أو شركتهم ولكنهم ذهبوا في منظومة ليس كل واحد واحد، من أجل هذا رب العالمين يأمرنا أول مرة قال (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل) ثم قال (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) الأنعام) هنا (ثم) وهناك بالفاء، ثم قال وانظروا (وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف).
أما قوله (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل) هنا المقصود والهدف النظر. قلنا في حلقة سابقة النظر هو العلم والمعرفة (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) ص) الأيد القوة (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ (47) الذاريات) يعني بقوة وخبرة وقدرة هائلة والأبصار العقول إذا اجتمعت قوة حركة الجوارح بالعمل مع قوة الذكاء أصبح العمل كاملاً، عقل وقّاد وفكر وقّاد وناس خبراء بالعمل “صنايعية” هؤلاء بنوا العالم. نحن نعرف في جيلنا الماضي الآن كما قلنا أن هناك شعوب تعرف بدقة صناعتها اليديوة لأن عندها قدرة هائلة. رب العالمين يقول إذهبوا على هذا الشكل ناس عندها فكر تخطط لكم تأمركم بما تريد وناس لها قوة وقدرات تعمل هذه المجموعة قال (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل). الغريب العجيب أن الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن يكون هذا السير في العالم فقط لدراسة الحكومات الظالمة القاتلة المبيدة انظروا ماذا حصل بها بالضبط وكيف سقطت ولماذا كان سقوطها مدوياً باعتباره عقاباً أو نتيجة حتمية لكل ظالم مهما كانت قوته، رب العالمين قال (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا (9) الروم) هناك امبرطوريات!.
ما الفرق بين انظروا، فانظروا، ثم انظروا؟
فانظروا الهدف هو أن تدرس أحوال تلك الدولة التي سقطت، في التاريخ آثار، لماذا سقط هتلر؟ تذهب إلى ألمانيا وتسال الناس ما هي الأسباب التي جعلت أمة هتلر الذي كان يقاتل أوروبا ويقاتل الدنيا وجيوشه وصلت إلى ليننغراد وتملأ الجو والبر والبحر، ماذا الذي أسقطه؟ إبحثها لتأخذ منها العبرة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ (111) يوسف) لكي تتجنبوها، هذا هدف السير (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا) فانظروا بالفاء إذن معناها النظر هو النتيجة التي تترتب تماماً على السير، السير ليس مقصوداً وإنما المقصود النظر والدراسة، مجموعة، مخابرات، مثقفين، أصحاب كفاءة يعطونك معلومات لماذا سقطت دولة هتلر أو دولة موسوليني أو دولة الروم أو الفرس؟ لماذا سقط فرعون وعاد؟ هذه لا تتغير، نفس الأسباب (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) فاطر) فهي موجودة. الأسباب التي سقط فيها فرعون وعاد وثمود والنمرود سقط فيها هتلر وسقط فيها غورباتشوف نفس الأسباب لن تتغير (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) فاطر). إذن الهدف لما قال (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا) الهدف هذا مخابراتي. لما قال (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) الأنعام) الهدف السير أولاً، إذهب اكتشف لدولتك طرقاً جديدة، أسواقاً جديدة إعمل اتفاقيات، الهدف السير إذهب وتعرف على العالم. ثم غذا حققت أهدافك مما ذهبت لأجله عقدت إتفاقيات، اطلعت على أحوال الدول الأخرى ونشاطاتها واقتصادياتها وجمعت معلومات هائلة إذا عندك وقت ثم انظر إلى تلك الدول التي في ذلك البلد الذي سقط منذ زمان، أنت الآن تذهب إلى ألمانيا وروسيا هي دول قائمة، لماذا سقطت الدول القيدمة. أنت بـ (ثم) أنت هدفك أن تتعامل مع الحكومة الحالية لكي تستفيد أنت وتفيد. (ثم) كواجب ثانوي إذا عندك وقت أيضاً حاول كما يقول الفرنجة انظر لماذا سقط هتلر؟ لماذا سقط موسوليني؟ لماذا سقط ستالين؟ لماذا سقط فرعون (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي (51) الزخرف)؟
ثم قال (وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف) هذا أنت مطالَب ليس فقط بالسير، لا تبحث عن الآثار ولا كيف سقط هتلر ولا غيره، لكن الآن ما هو وضع العالم الآن، كل دولة في العالم لها حكومة وفلسفة واقتصاد وتقاليد انظر إلى حال العالم الآن ما الذي يعجبك فيه وما الذي لا يعجبك؟ ما الذي يمكن أن تتعلم منه سواء كان تتعلم لكي تطبِّق أو تتعلم لكي تشتري. هذا الفرق بين العِظَة والعِبرة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ (111) يوسف) (وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (34) النور) فهذا القصص تتبع أخبار الأولين، أخبار الدول كلها السابقة والامبرطوريات والقوى العظيمة التي حكمت التاريخ عليك أن تعرف أنك مطالب بأحد أمرين إما أن تكون عبرة بحيث أنك وجدت وضعاً غيجابياً في الدولة الفلانية اقتصادياً، سياسياً، إجتماعياً عليك أن تعبر إليهم لكي تتعلم منهم وإما أن تكون عظة، هذه الدولة التي اشبعت شعبها جوعاً وقتلاً واعتقالاً وتعذيباً حتى كرهها الناس والناس ينتظرون اليوم الذي ينتهون منهم وإذا انتهوا منهم سيقطعونهم إرباً، إتّخِذ هذه عظة عليك أن تتعظ منهم بحيث لا تفعل فعلهم. فالعظة أن تجتنب هذا الذي تراه والعبرة أن تتقدم من الذي تراه بأن تطبقه.
———–فاصل———–
إذن عرفنا الفرق بين (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل) (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) الأنعام) (وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف) (فانظروا) المهم من السفر التدقيق. (ثم انظروا) المهم السير تطلعون على أحوال الأمم، أما (وانظروا) المهم النظر وفي كل الحالات مجموعة من الناس منظمون ولهم هدف عظيم وعندهم قدرات المجموعة اختصاصاتها مختلفة واحد سياسي وآخر جغرافي وآخر اقتصادي يشكلون مجموعة عظيمة لكي تقدم تقريراً هائلاً عن هذا السير الذي ساروه. ونحن نعلم بأن السير أي السفر المنظم الذي له هدف ويخضع لقواعد صارمة، السير هو حركة هذا الكون كله، كل هذا الكون يسير، الجبال تسير (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) الطور) الشمس تسير (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ (40) يس) الرياح تسير (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ (22) الحجر) البذور الأشجار الحضارات، البحار كلها تسير بنظام وقانون لم يختلف منذ أن خلقها الله في هذا الكوكب وإلى يوم القيامة. غذن هذا السير أي السفر المنظم لهذف محدود، للخبرة والتعلم والابداع والانتاج وتحسين الحياة هذا شأن الكون كله، كل الشعراء والعلماء والفلاسفة كلهم ساروا إما للتعلم أو التعليم وانظر ما حولك في الكون ما ومن، ما من مخلوق في هذا الكون إلا وفلسفته السير سواء رأيناه أو لم نره، الطيور والأسماك والحيتان كل شيء في هذا الكون فلسفته السير (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل) (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) الأنعام) (وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف).
الآن نستعرض بعض الآيات لكي نعرف كل آية أين ركزت وعلى اي زاوية. في سورة يوسف (أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (109)) لاحظ هنا قال (أفلا تعقلون) لأننا لسنا بحاجة إلى فيلسوف لكي نعرف أنه مهما كانت الحياة هنا ناعمة عظيمة فإن الحياة الآخرة هي أفضل، لسنا بحاجة إلا لعقل ليس مجنوناً، ليس متخلفاً قال (أفلا تعقلون). ثم رب العالمين في آية أخرى يبين أن هؤلاء الذي يسيرون لا بد أن يكونوا في وضع صحي هائل وعلمي هائل وعقلي هائل (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) الحج) القلب والعقل مشترك في هذا الباب، ثبت علمياً أن العقل والقلب مشتركان في العملية المعرفية والقلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم، ثبت علمياً أن القلب له أثر في الدماغ وهذا من إعجاز القرآن الكريم. القرآن وحده هو الذي بيّن لنا أن العقل والقلب كلاهما يعمل في نفس الإتجاه وفي نفس الدورة (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) لا بد أن يكون عقلك وقاداً وقلبك حياً وآذانك تسمع جيداً لكي تقوم بدورك في الاستخبارات والاستعلامات وتلاقح الحضارات ونقل الخبرات لكي تعمر هذا المجتمع ورب العالمين قال (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا (61) هود).
أبو غاية من أبو ظبي: أسال عن الآية (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) والحديث الذي ذكرته ما حكم من هاجر وسكن في بلاد غير المسلمين؟
د. الكبيسي: إذا كانت هذه الدولة تمنعك من دينك لا بد أن تهاجر (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97) النساء) ظالمي أنفسهم يعني تركوا الدين إما ارتدوا أو صاروا مشركين. قيل لماذا كفرتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها.
الاية 46 من سورة الحج (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) تبين ما هي مواصفات هؤلاء الذين يذهبون من بلد إلى بلد لكي يعمروا الحياة بالتعاون مع البلدان الأخرى. المخابرات في أذهاننا أنهم عمل شرير يقتلون، من قال هذا؟! هذه شعبة من الشعب تحفظ الأمن في الداخل، تحفظ السلطان. المخابرات كما قال تعالى (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ (188) الأعراف) المخابرات تفعل هذا، تعرف أين أنت أين تبيع بضائعك؟ من أين تشتري؟ من هو عدوك؟ من صاحبك؟ من هم الجواسيس؟ فهو عمل في غاية الإتقان العلمي.
يقول تعالى في سورة فاطر (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)) يعني هذا النظام نظام أن الله سبحانه وتعالى يقدم مقدمات ونتائج على أي سلطة، على أي قوة في الكون، القوة والقدرة والسلطة أمر محكوم بمشيئة الله مباشرة من دون أسباب والله مع الحاكم إذا عدل ومن المجالس الذي يضمن الله فيها عباده ما كان في مجلس إمام عادل وعدل ساعة خير من عبادة ستين سنة وأول السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل. إذن رب العالمين عز وجل يقول بأن هذا قضية عامة (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) ما من حاكم قاتل مجرم، ولهذا قال تعالى مرة (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) النمل) وفي آية أخرى (فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ (137) آل عمران) ومرة (وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف). إذن هكذا هو الأمر رب العالمين ينبهنا إلى وعلى أنه لا بد أن يكون هذا العالم مستقراً عادلاً هانئاً يعيش الناس فيه بسلام لا يعتدي أحد على أحد وكلٌ له حدوده والحرية للجميع ورب العالمين قال (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (99) يونس) وقال (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ (256) البقرة) وقال إن طريق الله عز وجل يتسع للجميع طريق يتسع لليهود والنصارى والمسلمين وحسابهم على الله يوم القيامة إياكم أن تتعاملوا مع الناس وكأنكم أرباب، أنت كافر وأنت مشرك، لا، هذا ليس لك، هذا لله يوم القيامة كما أخبرنا في كتبه المنزلة. فيما عدا ذلك تعامل مع الناس بسلام وأمن ولذلك ما من أحد يظلم أحداً وبيده قدرة وقوة غاشمة إلا رب العالمين قال انظروا ماذا فعلنا به.
الآيات كثيرة، رب العالمين يقول لك أنت انظر ماذا في محيطك (وانظروا) بالواو، انظروا الآن ما في الكون. أنت الآن تعيش في هذا المجتمع انظر إلى ما حولك ما الذي جرى؟
أحمد من أبو ظبي: أسأل عن معنى الآية القرآنية (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) البقرة)
د. الكبيسي: هذا الموضوع يستغرق خمس حلقات، فيه كتب مؤلفة، هذه الآية عظيمة. إن شاء الله نتكلم عنها في إحدى حلقات برنامج خير الكلام على قناة سمادبي.
أحمد: هل معنى كلمة آية في الاية آية قرآنية؟
د. الكبيسي: نعم آية قرآنية وآية عملية كلاهما.
نرجع إلى (وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف) والمكذبين والمجرمين والظالمين، عبرة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ (111) يوسف) إذا كانوا جيدين، تعلم من بعض الدول السماحة والاستشارة والديموقراطية حققوا العدالة في بلدانهم، حققوا الأمن لشعوبهم، حققوا الغذاء. أنت انظر في العالم العربي، أنت عربي مسلم في هذه البلاد انظر حولك إلى جميع الدول العربية والإسلامية وادرس ما فيها وما هي أوضاعها وما جرى وما يجري فيها لماذا جرى ويجري فيها لكي تتعلم.
إيمان من العراق: المهاجرون الأوائل عبروا بالبحر إلى الحبشة والحبشة هي إثيوبيا الحالية؟
د. الكبيسي: نعم.
رب العالمين يقول انظروا. قبل أن تنظر تأمل في الأحاديث النبوية الواردة في كل زمان ومكان. هناك أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم جلس مع أصحابه عدة مرات من صلاة العصر ومن بعد العشاء إلى أن تطلع الشمس يخبرهم عما هو حادثٌ إلى يوم القيامة، وقد أخبر عن قتل الحسين وعن المغول وعن مقتل سيدنا علي ومقتل عمر وتكلم عن الخوارج وتكلم عن أحوالنا الآن والذين بعدهم إلى يوم القيامة. تأمل الآن في أوضاعنا هناك دول عربية أو إسلامية في الحقيقة عاش شعبها شقاء ما بعده شقاء تعذيب وسجون وقتل وجاءت حكومات لا تدري من اين ضابط دمر الدنيا كلها أشبعهم جوعاً وقتلاً وتدميراً وأفقر الناس ودمر كل البنى التحتية وجعل الناس تموت جوعاً، هذه حالة. وهناك حالة حكومات متوالية اصيلة لها تاريخ اشبعت شعبها أمنً وغذاءاً وصلاحاً وزراعة حتى صارت مثلاً في العالم، لماذا هذا ولماذا هذا؟ انظر ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في أوضاعنا الآن “لا تقوم الساعة حتى يكون الروم أشد الناس عليكم” والروم هم الغربيون ” وهم يومؤئذ أمنع الناس من ظلم السلطان” تأمل! صدق رسول الله. هذه الهجمة الغربية على الإسلام والمسلمين المصطنع لكنهم مع ذلك في بلدانهم مع شعوبهم من أعدل الناس. “لا تقوم الساعة حتى يظهر فيكم التمايز” هذا لأول مرة الآن، في السابق كنت تمشي من بخارى وسمرقند إلى الأندلس كلكم سواء نفس اللباس ونفس الحركة كما يقول صاحب كتاب “الإسلام والجماعة المتحدة” كاتب أميركي يقول ما من أحد استطاع أن يقيم أمة واحدة موحدة كمحمد، هذا رجل أميركي يقول أنت تدخل على بيت في أقصى المشرق والبيت في أقصى المغرب لا تنكر منهم شيئاً نفس العادات ونفس التقاليد من فعل هذا؟ الآن لا، ليس فقط دولة تختلف عن دولة وإنما في الدولة الواحدة مدينة تختلف عن مدينة في عاداتها في تقاليدها في عباداتها وفي اعتقاداتها، هذا شيعي وهذا سني، هذا سلفي وهذا صوفي، وحينئذ تمايز والناس لا تسلِّم على بعضها، هذا ما يجري الآن فعليك أن تدرسه.
أم حيدر من العراق: ألا تشعر أن العراق أحق الناس بك؟ العراق بحاجة إليك وإلى نصائحك ونتمنى عودتك
د. الكبيسي: إن شاء الله بإذن الله, وبارك الله بالإمارات وحكام الإمارات ونحن نتواصل معكم مرتين في الأسبوع ونحن على اتصال دائم بشعبنا في العراق ولا بد أن نجتمع يوماً إن شاء الله لكن لولا أنهم أخرجوني ما خرجت لكن في الغالب العراق الآن يتشافى ويتعافى حكومة بعد حكومة إن شاء الله وإن شاء الله الانتخابات القادمة ربما تأتي بحكومة تتقدم خطوة إلى الأمام. وإن شاء الله العراق بعد سنتين ثلاثة أربعة بشعبه الموحد الذي بدأ يتوحد وبدأ يتخلص من هذا الذي فُرِض عليه وساذكر بعد قليل ماذا جرى إن شاء الله سيكون لكم عراق تفخرون به بإذن الله.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم القتل” وهذا حصل، انظر إلى الجزائر والصومال والعراق وأفغانستان وباكستان، صدق رسول الله، لكن عليك أن تدرس لماذا حصل هذا؟ لكن أن نبقى ساكتين وهذا يجري، هذا سرطان يسري بسرعة فعليك أن تعرف لماذا حصل هذا كل دولة عليها أن تبعث ناس يدرسون الموضوع لماذا في العراق كل هذه القتول؟ لماذا هذا الخلاف في الصومال؟ مسلمون يقتلون مسلمين، ما الذي جرى؟ لماذا؟ كما سقط الفرس والروم في التاريخ دولتان لا ثالث لهما في الأرض؟ لماذا سقطتا سقوطاً مدوياً؟ لشدة ما ظلموا والآن كما قال تعالى (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) فاطر)
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا وعناهم من أمرهم ما عنانا
دولتان سقطتا والآن دولتان في التاريخ المعاصر، روسيا وأميركا، دولتان قويتان لا ثالث لهما في الأرض، قطبان رئيسيان في الأرض سقط أحدهما والثاني يبدو يترنح، لماذا؟ السؤال، المفروض أننا ندرس، سؤال: اوروبا خاصة بريطانيا وفرنسا وبعض الدول اتسعمروا البلاد الإسلامية لماذا لم يسقطوا إلى الآن؟ لماذا الإتحاد السوفياتي؟ وأميركا العظيمة التي جميع أوروبا وروسيا لا تساوي عندها شيئاً لماذا سقطوا؟! الأوروبيون مستعمرون لكنهم ما قتلوا وما ابادوا بل على العكس نفعوا، جاؤوا بحضارة وجاؤوا بنُظُم وعمروا البلدان
————-فاصل————
إذن من أراد أن يحكم البلاد حكماً عادلاً حضارياً مما يريده الله عز وجل ويرضى عنه ورب العالمين يتعامل مع الحكومات في الدنيا على العدل والظلم بغض النظر عن الدين (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) هود) رب العالمين لا يعذب الحكومات غير المؤمنة وإنما فقط يعذب الحكومات الظالمة أما الحكومات غير المؤمنة أياً كان دينها ضعيفاً ولكنها عادلة تحقق العدل لشعوبها فإن الله لا يعذبها في الدنيا بل تزدهر وتعمر فعليك إذن أن تسير في الأرض لتعرف ماذا يجري. لماذا بلدان كانت عامرة مثل مصر وليبيا والعراق وسوريا وبعض الدول الأخرى في يوم من الأيام كانت عامرة مزدهرة بخيرها برخائها بعلمائها بأهلها كانت قبلة الناس لجمالها وتاريخها العظيم. التاريخ قائم على واديين وادي الرافدين ووادي النيل، لماذا هذا البؤس الذي حل بهما الآن؟! عليك أن تدرس هذا. ووالله إن أية حكومة عربية أو إسلامية لا تدرس هذا لهي حكومة تغضب الله ورسوله في الوقت الذي جميع حكومات العالم شرقه وغربه تدرس هذا دراسة دقيقة بكل التفاصيل واين نحن من ذلك!
لماذا أوروبا بقيت قائمة وهاتان القوتان العظيمتان اللتان تتقاسمان الأرض انهارتا؟ ادرس هذا وعلِّم شعبك وبث الروح المعنوية والله تعالى قال (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا (12) النور) أوروبا استعمرت لكنها عمّرت عواصمنا كلها بينما القوتان العظيمتان دمرتا دماراً هائلاً هائلاً هائلاً وبالتالي محقت أفغانستان والعراق والصومال ولهذا لا بد أن تترنح.
عصام من بريطانيا: أنا مدرِّس الأخلاقيات الطبية في جامعة بيرمنجهام وجامعة ليستر ونذكر للناس أن نقل الأعضاء لما الشخص يموت موتاً سريرياً يكون المخ قد خرب وليس هناك عودة ونوقع نحن كأطباء أن الوفاة تحققت ونسمح بنقل الأعضاء فأنا من الناحية الإسلامية سمعنا منك من قبل (حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا (61) الأنعام) الموت لم يكتمل لكن الروح أخذت فلذلك إسلامياً لما تأخذ الأعضاء من الشخص الذي مات موتاً دماغياً تكون الروح خرجت من الجسم؟
د. الكبيسي: لا، الروح لا تزال ولو أنه ميت موتاً دماغياً إلا إذا مات موتاً نهائياً ووجب دفنه. إذن الموت الحقيقي النهائي هو الذي يُدفن متى ما صار هذا المريض آن له أن يدفن شرعاً وقانوناً هذا صار ميتاً إفعل به ما تشاء وفعلاً أعظم خدمة أن تستفيد من أعضائه في سبيل العلم وهذه يوم القيامة سوف تكون في حسنات هذا الميت لأن هذه من أعظم الصدقات الجارية. فرق بين من يترك إبريقاً في مسجد أو في مكان صالح أو يضع كتباً في مدرسة وبين من يقدم جزءاً من أعضائه بعد أن يموت تستفيد منه البشرية بعلوم هائلة هذه قطعاً سيكافئه رب العالمين عليها مكافأة عظيمة. لكن ما دام يتنفس لا يجوز هذا. طبعاً أنت تعلم أني أنا لا أُفتي لكن هذه المسالة أعرفها من شدة ما نقول فيها ومع هذا تستطيع أن تسأل الشيخ سلطان العلماء والدكتور الحداد وهما مفتيان.
عصام: تعليم الأطباء في الجامعات أننا نوافق على كتابة أن المريض توفي متى كانت هناك علامات على أن المخ تخرّب بشرط أن لا يكون الشخص معه توقف دماغي
د. الكبيسي: أنت قلت الآن المفيد، كلامك في غاية الحكمة، إسمعها مني وأنا المسؤول لا تسأل رجل دين وإنما إسأل طبيباً هل يمكن أن تستعملوه أو لا تستعملوه هذه القضايا التي يحكم بحلالها أو حرامها أي بالإمكان وعدم الإمكان، بأخلاقياتها أو عدم أخلاقياتها الأطباء وليس نحن. في قصية المرض إسألوا الأطباء وليس المشايخ، الطبيب والطبيبة هما اللذان يفتيانكم هذه قضية علمية لا نعرف فيها نحن.
أم محمد من دبي: الآية الكريمة في سورة الانشقاق (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ (22)) وفي سورة البروج (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19)) ما الفرق بينهما؟
د. الكبيسي: واقع الحال. عندنا فرق بين كافر ومشرك، الكافر هو المشرك المحارب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ (123) التوبة) المشركون الذين يحاربونكم هؤلاء الكفار لكن المشرك الذي لا يقاتلنا فليس لنا معه شيء وإنما مه الذي يقاتلنا ويحمل السلاح. هؤلاء كفروا وكذبوا ليس فيها مشكلة هذه معروفة في البلاغة العربية.
أم عبد الله من رأس الخيمة: أريد أن أدرس الزكاة وتأثيرها على الاقتصاد لكن لا أجد المراجع.
د. الكبيسي: إذهبي للمكتبة هناك كتب عن الزكاة والاقتصاد.
يقول صلى الله عليه وسلم “لا تقوم الساعة حتى يصلي في المسجد المائة والمائتان ليس فيهم مؤمن” تصور! عليك أن تدرس هذا! كيف يصلون وليس بينهم مؤمن؟ نعم لأن بينهم بغضاء “المتصارمان لا ترتفع صلاتهما فوق رأسيهما شبراً” متباغضون هذا شيعي وهذا سني وهذا غيره لا يكلم أحدهما الآخر وينظر إلى الآخر شذراً، هذا يطيل ثوبه وهذا يقصر ثوبه وهذا يضع يديه على صدره وآخر يسدل يديه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ليس فيهم مؤمن لأنه لا ترتفع صلاتهما فوق رأسيهما شبرا. “البغضاء هي الحالقة لا أقول حالقة الشعر ولكنها حالقة الدين” في رمضان في عرفة في النصف من شعبان في ليلة القدر لا يُغفر لمتصارمين، ليسا مؤمنين، هكذا هو الحال ونقول صدق رسول الله. علينا أن نسأل لماذا حصل هذا؟ السؤال الآن هذه الأزمة العالمية في كل العالم في أميركا والغرب يمر بأزمة مالية ومن ضمنها الإمارات لماذا في هذا الوقت بالذات الذي تمر فيه بعض إمارات الدولة لشدة عمرانها وانفتاحها على هذه الحضارة العظيمة والمدنية الرائعة التي يتحدث عنها الناس صار فيها شيء من الحرج، لماذا في هذا الوقت بالذات؟ البترول صار له قرون في البحر لماذا فتحه رب العالمين الآن؟! دبي في هذه الأزمة التي وضعت أيدينا على قلوبنا في هذا الوقت بالذات رب العالمين فتح لهم هذا الباب الذي لم يكن يعلمه إلا الله! كما قال رب العالمين “تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله يأخذ بيديه كلما عثر” لاحظوا الفرق بين عثر وتعثّر، عثر هو لا يعرف أن يمشي هذا عثر، تعثر هو بارع في المشي لكن وضعوا أمامه الصخور والأشواك وحفروا له الحفر متعمدين أن يقع الإمارات هكذا تعروا ولم يعثروا. لكن أسأل سؤالاً هل في جميع الكرة الأرضية أميركا روسيا أوروبا عرب مسلمين هل هناك دولة ما تفضلت عليها الإمارات بمساعدة من نوع ما؟! والله هذه ظاهرة في التاريخ لم تحدث إلا اليوم. ليس هناك دولة عربية أو إسلامية أو شرقية أو غربية إلا وجاءت إلى الإمارات ووجدت في الإماراتيين حكومة وشعباً هذا السخاء فرب العالمين قال “تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله يأخذ بيديه كلما عثر” بالله عليكم إذا كان رب العالمين ياخذ بيديه إذا عثر فكيف إذا تعثر وأُجبِر على هذا التعثر؟! هذه عبرة. على كل الدول أن تتخذ من الإمارات قدوة في صنائع المعروف لأن صنائع المعروف تقي مصارع السوء. نحن لا ننكر أن هناك دولاً عربياً غنية تساعد لكن ليس بهذه الجزالة وليس بهذا العطاء اللامحدود حكومات وشعباً جميع الإمارات وخاصة في دبي، حاتم الطائي لا يساوي كرمه شيئاً مقابل شيوخ الإمارات ومع هذا لم نسمع في صحيفة أو غيره، هناك دول يعطون لن يشنعون في الصحف أعطينا لكن ما يوم من الأيام منّت الإمارات وخاصة حكومة دبي على أحد من الناس على كثرة من تعطيهم في العالم. الآن جاء دور الحصاد “تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله يأخذ بيديه كلما عثر” “السخي حبيب الله” والسخاء خُلُق الله الأعظم, رب العالمين دفع القتل عن السامرائي لأنه سخي مع أنه كان يستحق الإعدام لأن ارتد عن دينه وأمر الناس بالردة. إذن هذه عبرة وعلى جميع الدول أن تتعلم أن هذا الضيق يصيب كل الناس كما أن المرض يصيب كل الناس والحزن يصيب كل الناس الضعف والقوة تصيب كل الدول ولكن دولة في قمة النشاط وقمة الإنطلاق والعالم كله يتحدث عنها والذي يأتي إليها لا يصدق ما تراه عيناه من هذا الإبداع وهذه العظمة غير المألوفة في التاريخ قطعاً صار فيها شيء من التوقف قليلاً وإعادة النظر وكان ممكن لا سمح الله أن تحص أمور لا يُحمد عقباها. في هذه الأزمة ولأول مرة رب العالمين يهديهم إلى حقل بترولي عظيم جداً جداً يعوضهم عن كل ما يلحق بهم من خسائر من هذه الأزمة العالمية التي جاءتنا من الخارج، هذه عبرة وحديث العالم كله اليوم في الإذاعات لماذا في هذه الساعة بالذات؟! لماذا في هذه الأزمة بالذات؟! هكاذ هو رب العالمين إياك أن تحسب الله بعيداً وإياك أن تحسب الله غافلاً (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) ق) هذا للدول والأشخاص للجماعات الصالحين والطالحين. إذن (وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف) وانظروا بالواو، الآن ماذا يجري الآن؟ انظروا إلى العراق كان من أغنى الدول وإلى مصر كانت من أنعم الدول كانت في الخمسينات جنة الله في أرضه، لماذا هذا الشقاء؟! صار فيها ظلم واعتقالات وتعذيب ولذلك إفعل الخير تلق خيراً واغرس الشر تلق شراً إن في ذلك لعبرة. ونهنئ الإمارات ونهنئ دبي بهذا الفتح العظيم ونسأله تعالى أن يتم عليهم النعمة ونهنئ سمو الشيخ محمد بن راشد وجميع شيوخ الإمارات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 5/2/2010م
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2076
تحميل الحلقة فيديو
على
http://www.megaupload.com/?d=YM9UWGHUhttp
http://www.megashare.com/1788422
http://www.mediafire.com/?nmdlycjnjmn
http://www.filefactory.com/file/a21cf6b/n/5-2-2010_wmv
http://www.filefront.com/15517995/5-2-2010.wmv/
( بحجم أقل من 6 ميجا )
على
http://www.megaupload.com/?d=7XJVM6WY
http://www.megashare.com/1788977
http://www.mediafire.com/?miyymydyloy