الحلقة 84
(وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) – (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وبعد. ها نحن مع شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في بدائعه وفرائده القرآنية.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. نستفتح هذه الحلقة بقوله تعالى (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ (25) البقرة). هذا التعبير جنات تجري من تحتها الأنهار كلما جاءت هذه الآية وهي مكررة أربع خمس مرات تأتي على هذه الصيغة فيها (من) (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ). مرة واحدة في سورة التوبة جاءت بدون (من) (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) تجري تحتها الأنهار بدون (من). و(من) هذه من حروف الجر الفعالة وكل حروف الجر فعالة من حيث أنها تغير المعنى تغييراً جذرياً (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ (136) البقرة) (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (84) آل عمران) كل واحدة في باب. وكما تحدثنا مرة (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا (5) الحج) (لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا (70) النحل) إثبات أو حذف (إن) يغير المعنى بصورة جديدة.
ما هو الفرق بين (تجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ) وجاءت مرة واحدة في القرآن الكريم في الآية 100 من سورة التوبة وقبلها بخمس آيات جاءت (من تحتها)؟ هنا (تحتها) فقط وكلما في البقرة وآل عمران والزمر والخ جاءت من تحتها الأنهار (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) لما نقرأ السياق نعرف لماذا. هذه سورة التوبة اللي فيها تحتها بدون من تبدأ هكذا (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) أحياناً ما يكون في الآية كلمة (أَبَدًا) خالدين فيها فقط. وفرق كبير بين خالدين فيها وبين أبداً. خالدين فيها مدة طويلة أما أبداً مستمرة سرمدية. إذاً الكلام فقط في السابقون السابقون. والسابقون السابقون في كتاب الله عز وجل هم أصحاب الجنة العليا مقصورة الرحمن أي هم ندماء الملك. كل الشعوب لها ملك وهذا الملك له ندماء دائماً موجودون في احتفالاته، في استشاراته، في موائده، مع ضيوفه، إذا سافر هناك رجال من الكياسة والعلم والفهم والذكاء والإخلاص هم صفوة رعية الملك يستصحبهم دائماً ولهم عنده حظوة. هذه الحظوة رب العالمين خصها بشريحة واحدة هم السابقون الأولون من كل الأنبياء، جميع الأنبياء لهم سابقون وهم الذين آمنوا بهم لأول مرة. هنا قال (مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ) السابقون في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث شرائح: المهاجرون الذين هاجروا من مكة إلى المدينة هذا واحد، والأنصار أهل المدينة الذين استقبلوهم وآووهم والذين ساروا على طريقهم وهم أهل بيعة الرضوان (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) الفتح). فرب العالمين عن هؤلاء الثلاثة قال (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ميزة ما بعدها ميزة. إذاً لما نأتي إلى سورة الواقعة ورب العالمين يقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أقسام وثلاث شرائح (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) الواقعة) كيف تعرَّف السابقون؟ قال ما تعرف لأنهم السابقون فقط ليس هناك تعريف آخر. يعني واحد قال لك كيف حال الملك اليوم؟ واحد عنده ملك عادل محبوب يقول لك كيف حال الملك؟ تقول له هو الملك ما في تعريف ثاني تقول له كان نائماً، جالساً؟ لا لا لا يعرف الملك إلا باسمه لعظمته السابقون ليس لهم تعريف ولهذا مش مبتدأ وخبر (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) ليست مبتدأ وخبر كلاهما مبتدأ وهذه جملة عجيبة (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) كأنها كلمة واحدة لا يخبر عن السابقين إلا بالسابقين ما في خبر ثاني فهي كلمة واحدة مثل أنت أنت وأنا أبو فلان وشِعري شِعري وأنت أنت أيها الرجل أنت أنت ما تُعرَّف إلا أنت أنت. يعني أنت لعظمتك لا تعرف إلا بأنت السابقون لا يعرفون إلا بأنهم سابقون وهؤلاء جميع الأنبياء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم الأنصار والمهاجرين والرضوانيين وسيدنا عيسى سمّاهم الحواريين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) الصف) إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة أنصار سيدنا عيسى أفضل من وأعلى من الذين حاربوه وفعلوا ما فعلوا. إذاً هذه الآية الوحيدة في كتاب الله التي رفع منها من لماذا؟ لما تقرأ الأحاديث وتقرأ آيات الجنة في كتاب الله عز وجل وتقرأ الأحاديث طبعاً قضية لا يمكن أن يحيط بها عقل لا يمكن مستحيل ولا تخيُّل يعني حتى خيالك الفكري يعجز ويعجز قاصر جداً عن أن يتخيل ولا واحد أصلاً مستحيل. إذا كنت مثلاً تقرأ حديثاً صحيحاً متفق عليه أن آخر واحد يخرج من النار يعني هذا رجل مرة بحياته قال لا إله إلا الله أو خطر بباله أن الله واحد (أخرجوا من النار من كان في قلبه ذرة من إيمان) هذا له بقدر الكرة الأرضية عشر مرات فتخيل إذاً ما هذا المُلك؟ ولهذا قال (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) الإنسان) هذا يأخذ بقدر الدنيا عشر مرات إذاً الصالحين ماذا يأخذون؟! ولهذا هذه الفردوس الأعلى التي تحدث القرآن عنها والنبي صلى الله عليه وسلم قال (سلوا الله الفردوس الأعلى فإنها مقصورة الرحمن) هذه المقصورة فيها نوعين من المقربين نوع خدم مسؤولون مكلّفون وهم الملائكة (الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ (172) النساء) هؤلاء كما أن الملك عنده حجاب وعنده سكرتارية وعنده حرس مقربون جداً من الملك لكن مقربون بشغل مقربون مكلفون أما الضيوف شيء ثاني هؤلاء يقومون على خدمة الضيوف وكلاهما مقرَّب لكن هذا مقرب بالعمل وهؤلاء لثقة الملك بهم قرب هؤلاء الملائكة وهم 120 صف حول الجنة وبالتالي هؤلاء في خدمة ندماء الملك جُلاس الملك كما قال الله (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) النساء) الذين هم أهل الفردوس الأعلى (سلوا الله الفردوس الأعلى فإنها مقصورة الرحمن). هذه للسابقين السابقين. حينئذٍ إذا عرفت هذا إذاً لا بد إذا كان هذا الآخَر الذي تجري من تحته الأنهار بيوتهم على أنهار ليست كما في الحديث (أتظنون أن أنهار الجنة في أخدود) لأن الأنهار عندنا في الدنيا في أخدود في مكان محفور في مكان منخفض لا، هناك على الأرض لأنها تمشي على الأرض تسيح سيحاً ولها أحواض من ذهب وزمرد وأنواع الأحجار الثمينة. هذا تجري تطلع يعني تجري يعني الآن الذي على البحر هناك القصور على البحر والبيوت على البحر تجري من تحتهم البحر لكن لا، هؤلاء السابقون من ضمن نعيمهم الذي لا يمكن أن يناله غيرهم أن بيوتهم في الماء كيف؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول هناك من الأنهار والنبي تحدث عن أنهار الجنة عجب، عجب أنهار من ماء ومن لبن ومن خمر الخ يقول هناك من هذه الأنهار من تنبع من تحت جبال من المسك الأظفر فلما سألوه ما هذا المسك الأظفر؟ قال (الذي ليس فيه خلطة) من زعفران من مسك خالص جبال، هذا البيت فوق هذا الجبل بيت قصر فوق هذا الجبل بقدر الدنيا 100 مرة. إذا كان آخر واحد عشر مرات فنحن مائة مرة حينئذٍ هذا الماء تحته فعلاً وليس يمر من تحته وهذا فقط الأنصار والمهاجرون والرضوانيون وجميع صديقي الأنبياء والمرسلون السابقون.
د. نجيب: جعلنا الله تعالى من أهل هذه الجنان. نكمل بعد الفاصل.
——-فاصل————
د. نجيب: لذلك جاءت في سورة التوبة باعتبار هذه السورة من آخر السور التي نزلت بعد غزوة تبوك التي محّص فيها الأمة.
د. الكبيسي: وبالتالي ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة التي هي من أواخر السور أن أهل الفردوس الأعلى هم هؤلاء بالحصر قال (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ). حينئذٍ أنت لاحظ رب العالمين سبحانه وتعالى لما تكلم عن الأصناف الثلاثة جعل السابقون في الأخير لكن لما بدأ يفصلهم بدأ بالسابقين ولهذا يقول (عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) الواقعة) من طبيعة هذه الجنة ليس لهم خلف يعني مستحيل واحد يعطيك ظهره دائماً متقابلين يعني افرض واحد معك ولما يتركك ويروح ما يعطيك ظهره بطريقة ما من قوانينه يمشي وكأن وجهه إليك وليس هناك أحد فوقك إطلاقاً لا يمكن أن يصعد أحد فوقك لأنهم هم الفوق. هناك أهل جنة آخرين لهم فوق يقول النبي صلى الله عليه وسلم (ينظر أهل الجنة إلى أهل الفردوس الأعلى كما ينظر أحدكم إلى الكوكب الدري) حتى قالوا يا رسول الله كيف نتواصل؟ قال (خيلٌ من ذهب لا تبول ولا تروث لها جناحان تغمزها فتطير إلى حيث تشاء) يعني مراكب فضائية فالنبي صلى الله عليه وسلم عبّر لهم بأنها خيل من ذهب حينئذٍ هؤلاء لهم فوق والفردوس الأعلى ليس لهم فوق هم فوق الجميع لأنها مقصورة الرحمن ولهذا هؤلاء الأصناف الثلاثة في كل الأمم وخاصة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم السابقون السابقون الذين هم الأنصار الذين هم استقبلوا المهاجرون الذين هم يعني أهل مكة الذين تركوا ديارهم وذهبوا إلى المدينة بعد أن قتل بعضهم والخ والذين آووهم ونصروهم أهل المدينة والذين جاؤوا أهل بيعة الرضوان الذين الله قال (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) هؤلاء حصراً هم شعب الفردوس الأعلى مع السابقين. والله تعالى قال عن السابقين (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14)) من أصحاب الرسل وهم كثيرون عندنا 3000 رسول عندنا 25 واحد في القرآن لكن الأنبياء بالآلاف وكل واحد عنده أمة من السابقين السابقين وكما قلنا سيدنا عيسى الحواريون والحواريون بالآلاف إذاً قال من الأمم جميعاً هناك جمهور كبير لكن من هذه الأمة قلة وهم الأنصار والمهاجرين والرضوانيين. ولهذا تصور سيدنا خالد وهو سيف الله المسلول وتعرفون من هو خالد بل إن خالد شهرته أعظم من كثير من المهاجرين والأنصار نحن قسم لا نعرفهم لكن خالد نعرفه. مرة تلاحى في كلام فسيدنا خالد رفع صوته قليلاً على عبد الرحمن بن عوف وعبد الرحمن مهاجر فسمعه النبي يرفع صوته قليلاً على عبد الرحمن فقال له (يا خالد دع عنك أصحابي والذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مِثْلَيْ جبل أحد ذهباً ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه) يعني لو هذا المهاجر والأنصاري والرضواني أخذ حنطة أو قمح أو طحين أو دقيق بحفنته وأعطاها هذه عند الله أفضل منك لو تصدقت بجبلين من ذهب كأحد ما هذا المركز؟! ولهذا سب الصحابة كفر هؤلاء الذي جاء بهم (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) فلما نقول الصحابي المقدس هؤلاء الصحابة نوعان نوع من حيث لغة الحديث والفقه ونقل الشريعة كلما من رأى النبي والنبي رآه. لكن لا لما نقول الصحابة من حيث القدسية فقط ثلاث شرائح التي قال الله تعالى عنهم (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) وهم الأنصار المهاجرون الرضوانيون فقط هؤلاء هم المقدسون وبعد ذلك الطلقاء والخ الله قال (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد). إذاً هؤلاء الثلاثة حصراً جاءت قصورهم بيوتهم جناتهم تحتها الأنهار بالضبط على النهر، نهر ينبع من تحت جبل من اذخر من مسك من كافور وفيه من الأحجار الكريمة ما فيه قصر أو جنة هذا الأنصاري أو المهاجر أو الرضواني فوق هذا تجري تحتها الأنهار مباشرة .فحرف (من) يغير المعنى كاملاً يعني فرق كبير بين تجري تحتها الأنهار التي هذه خاصة (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) تحتها وليس من تحتها على الرصيف أو على الشاطئ تحتها مباشرة يعني هي على قمة النهر. يا الله ما هذا القرآن العجيب الذي لا تنقضي عجائبه ولهذا قال (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) يوسف) لا يصلح أمر فهمه إلا بهذه اللغة المعجزة التي لا يمكن للغة أخرى أن تحمل معناه. لاحظ رب العالمين لما قال (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9)) جعلها باستفهام أما (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) من غير استفهام لأنه لا يحيط بها عقلك، أنت ممكن تكون على الميمنة نحن كلنا ميمنة كلنا ميمنة نصلي ونصوم ونحج وحسناتنا أكثر شوية من سيئاتنا فنحن أصحاب اليمين نعرفهم الذي يصلي والذي كذا والذي ارتكب كبيرة وتاب لكن السابقون ليس في وسع عقلك بأن يحيط بهم لأنه من اللامعقول رب العالمين اصطفاهم (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ (68) القصص) أنا أسألك سؤال لماذا عرفة؟ لماذا ليست جبال الهملايا؟ جبل لبنان؟ هذا شغل الله والله اختاره وصار مقدساً الطور بيت المقدس، لماذا عيسى وموسى ومحمد؟ لماذا لا يكون شخص آخر؟ (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ) رب العالمين اختار صديقوا وأنصار ومهاجروا كل نبي جعلهم هم السابقون السابقون أنت لو تعرف كيف سبق يعني أنت خذ النبي صلى الله عليه وسلم تعرفون السيرة كيف صارت؟ واحد ما كان يقدر يسلم عليه وكفار قريش وجاءت أمم من الشرك وكذا وأبو بكر يضرب وسيدنا علي يضرب وهؤلاء هاجروا وأخذوا أموالهم وضربوهم ثلاث سنين في شعب أبي طالب ماتوا من الجوع كان أحدهم يبحث في الرمل فيجد جلد بعير كان يبول أحدهم يسمع خشخة تحت البول يحفر وإذا جلد بعير فيغسله ويشويه يقتات عليه ثلاثة أيام! وهكذا هؤلاء الناس فعلاً عند كل الأنبياء صلبوا وقتلوا وذبحوا وشردوا (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) حينئذٍ هؤلاء بيوتهم ليس من تحتها الأنهار عالرصيف عالشاطيء لا، بل بيت يأخذ نهر كامل فوق النهر جبل من مسك ومن اذخر ومن رمل وفوق هذا الجبل جنة كاملة بقدر هذه الأرض يمكن 200 مرة وإذا كان آخر واحد جنته بقدر هذه الدنيا عشر مرات. ولكي نقرب المعنى أنا مرة سمعت في السبعينات لما صعد القمر وعلى ما أذكر جاء إلى إذاعة الإمارات وألقى هناك محاضرة وقال عندما كنت في مكان ما من الفضاء كان حجم الكرة الأرضية في ذلك الفضاء المقابل للقمر بالضبط بحجم الزيتونة هذه الكرة الأرضية بمكان من القمر من الفضاء الموازي للقمر بحجم الزيتونة بالنصّ يقول (فكنت أقول في نفسي كل أهلينا وبحارنا وقاراتنا على هذه الزيتونة؟) نعم على هذه الزيتونة. وبالتالي إذاً كيف الآخرة؟! (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) الإنسان) وهناك المكان متمدد والخلايا حية (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) الذاريات) بأيد يعني بقوة، الخلايا حية جنات تمشى وتتكلم والجماد يتكلم وكل شيء ينمو قوانين (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب) يمكن هناك مهندسين وعباقرة بناء وعقار مهما تخيلوا لن يصلوا إلى أدنى بل مستحيل يقترب من واقع الحياة والمادة يوم القيامة. ولهذا قال هؤلاء الأنصار المهاجرون الرضوانيون رضي الله عنهم ورضوا عنه (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (تحتها) وليس (من تحتها) كالباقين وكلنا من تحتها قصورنا على الأنهار أنهار من لبن مصفى وأنهار من خمر وأنهار من ماء الخ غير آسن لكن هذا السريع هذا شريحة هذه مقصورة الرحمن يعني أحدنا أو أحدكم دخل إلى الشيوخ أو الملوك وفي هناك حاشية معروفة بالوجاهة والأصل الطيب والرأي السديد والولاء والإخلاص ويستشارون ويكلفون بالأعباء ومستعد للتضحية إلى حد يضحي بحياته هذه حاشية الشيوخ والملوك. وحينئذٍ ما بالك بحاشية الله يوم القيامة جُلاسه! (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة ) هم هؤلاء وقال إمام عادل. وحينئذٍ هؤلاء المقربون (تحتها الأنهار) وليس (من تحتها) وانظر ماذا يقول على الجنة يعني هذا الحديث كما قلنا قبل قليل عن سيدنا خالد يقول لواحد (لو أنفق منكم..) أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء كلهم أصحاب النبي ونقول رضي الله عنهم الباقين مئات الآلاف وخالد سيف الله المسلول فاتح الدنيا يقول له لو أنفقت جبلاً ذهب ما تساوي حفنة قمح أو طحين من عبد الرحمن بن عوف يا الله! ما هذا! ولذلك سُلِّطت عليهم السهام من أعداء هذه الأمة.
———-فاصل———-
الدكتور نجيب: تذكرت كلمة للعقاد في مجال السابقين يقول حتى السابقون هؤلاء بعضهم أسبق من بعض فذلك يقول عن سيدنا أبي بكر يقول (أما أبو بكر رضي الله عنه فقد آمن بمحمد النبي صلى الله عليه وسلم أما عمر فقد آمن بالنبي محمد) لما رأى علامات النبوة ومعجزاتها آمن لكن سيدنا أبو بكر آمن بمحمد مجرد محمد قال فقال صدقت ولم يكمل نبي أوحى إليه قال صدق،
الدكتور الكبيسي: لم ينتظر أو يطلب منه دليل بل قال صدقت هم اثنين سيدنا علي وسيدنا أبو بكر وفي البداية خديجة رضي الله تعالى عنها هؤلاء الثلاثة.
نادية من أبو ظبي: ذكرتم سابقاً أن موعد البرنامج سيكون السابعة والنصف ولكنه ما زال في نفس الوقت
د. نجيب: إن شاء الله في الدورة القادمة.
د. الكبيسي: يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله سيدنا علي ما معنى قوله تعالى (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) مريم)؟ قال (والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوقٍ بيض لها أجنحة عليها رحال الذهب) مراكب فضائية لكن النبي قال (أُمِرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) ففي زمانهم لا يستطيع أن يقول لهم مراكب فضائية فقال جِمال بيضاء طبعاً بيضاء والنبي صلى الله عليه وسلم لما تكلم عن البُراق والبراق مركبة فضائية هائلة لكنه قال هو شكله مثل شكل النسر.
ملاك من ليبيا: سؤالي عن السابقون هل ممكن أن نكون في مرتبة السابقون؟
الإجابة: لا، إطلاقاً السابقون لم يرتكبوا كبيرة ولم يخطئوا إلا أخطاء مما هي من قوانين البشر هذا واحد. الشيء الثاني يا بنتي هو أحياناً يكون لك أجر مثل أجرهم يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا واحد قال بعد الصلاة سبحان الله 33 مرة والحمد لله 33 والله أكبر 33 صار من السابقين لكن هذا من حيث الأجر لكن ليس من حيث المقام. يعني أنت ممكن يكون عندك مال أكثر من أمير الدولة يمكن أمير الدولة عنده مائة ألف وأنت عندك مليون ولكن أنت لست في قدره ويبقى قدره عالياً حتى لو كان عندك أنت. وفعلاً كل ملوك الدول هناك من رعيتهم من عنده أموال أكثر من الملك لكن يبقى هذا ملك بقدره بقيمته بجلاله عائلة مالكة ولهذا العائلة المالكة لا يخل بكونها عندها مال أو ما عندها مال هي كونها مالكة هذا عظمة. هذا السابقون كونه من السابقين أنت قد يبلغ أجرك يوم القيامة مثل أجرهم لكن ما تبلغين منزلتهم أبداً. لا يمكن أن يكون ملياردير يصير ملك لا فالملك هذا سلالة وعائلة ولها شروط والخ. وحينئذٍ السابقون لهم شروط ولهم فضلٌ عظيم لكن رُبّ رجل عنده أجر بعمل ما مثل أجرهم يعطونه أجره ويعطونه فلوسه ومقامه لكن ما يصير من السابقين فالسابقون لا يتكررون إطلاقاً.
د. نجيب: كأن الأخت تشير إلى قوله تعالى (سَابِقُوا (21) الحديد)
د. الكبيسي: سابقوا هنا بالعمل سابق بالعمل حتى تسبق غيرك في دخول الجنة فدخول الجنة كما تحدثنا من قبل دخول الجنة في ناس من أول يوم وفي ناس بعد مائة سنة فقال أسرعوا حتى تدخلوها من أول يوم لكن السابقون أصلاً لا يمرون على الحساب ولا يعرض ويستقبل من ساعة الحشر بهذا الاستقبال الحافل ويدخل معززاً مكرماً في موكب إلى مقامه والله قال (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) محمد) لما يدخل الجنة التي أعدها الله له التي هي بقدر الأرض بـ500 مرة وفيها من النعيم ما لا يمكن وصفه يعرفها كأنه بناها بيديه. هؤلاء شريحة لن تتكرر، لماذا؟ لا يمكن أن تكوني أنت كأبي بكر كما قال الدكتور نجيب ولا مثل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مثل الحسن. يعني الآن عندنا الآن في هذا الزمان عندنا ناس من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ناس من السلالة الطاهرة من آل البيت لكن مستحيل لو طلع إلى آخر السموات لا يصبح مثل فضل علي ولا فضل الحسن ولا فضل الحسين ولا فضل فاطمة وفي ناس يمكن الآن يصلون تهجد أكثر من أبو بكر وعمر لكن ما يصير مثل أبوبكر وعمر هذا شيء ثاني ما يتكرر هذا اختيارات رب العالمين، اختيارات.
إياد من دبي: سيدنا الشيخ أنت قلت أن السابقون السابقون هم في مكانة موجودة وهم ليسوا موجودين ويمكن نحن ما نكون منهم الآن لكن الآية الكريمة تشير إلى أن (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) يليها (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14)) يعني ممكن يكون قليل من الآخرين هل من الممكن نكون نحن منهم في زمنا هذا؟
الإجابة: لا، ثلة من الأولين من بني آدم من البشرية الذين هم صديقوا وأنصار ومهاجروا الرسل وما أكثرهم بالآلاف بل بمئات الآلاف. وفعلاً إذا قست السابقون من أمة محمد الذين هم الأنصار المهاجرين والرضوانيين يطلعون بالنسبة للأمم السابقة قلة وفعلاً هذا الرأي الراجح. وهناك رأي آخر يعني لها تفسيرات أخرى لكن هذا الذي هو مفتى به ثلة من الأولين من الأنبياء هذا السابقون ليس فقط من أمة محمد كما قلنا قبل قليل الحواريون من السابقين لأنهم أنصار (مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ) فحينئذٍ هؤلاء من السابقين كذلك مع سيدنا موسى وسيدنا إبراهيم كل الرسل حتى نوح (وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) هود) هؤلاء القليل من السابقين.
مخلص من الأردن: عفواً شيخنا العزيز ما مرتبة أبو بكر بعد سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم هل يعتبر أنه أفضل رجل بعد سيدنا الرسول؟
الإجابة: أفضل رجل من آل البيت هو سيدنا علي. يا ابني في البخاري ومسلم كنا نفاضل بين أبي بكر وعمر وعثمان ولا نفضل عليهم أحد، وعلي لا يوضع معهم لأن علي من آل البيت علي من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقاس على هذا وسيدنا علي قال (نحن أهل بيت لا نقاس على أحد ولا يُقاس علينا أحد) فطبعاً أفضل الصحابة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم الباقين العشرة المبشرين والأنصار والبدريين الخ لكن الشخص الثاني في الفضل بعد النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا علي.
عبد الحافظ من أبو ظبي: في القرآن الكريم يقول تعالى (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) الشعراء) ما هي أوصاف هؤلاء المتقين؟
الإجابة: نحن تحدثنا عن المتقين بإسهاب، هناك المتقين تقوى عمل وتقوى عبادة وتقوى حكم وتقوى معاملات. المتقون فصائل كثيرة والمتقون طبعاً المتقون هؤلاء الناس لهم لكل شريحة تقواهم، هناك علماء متقون وهناك تجار متقون وهناك مجاهدون متقون. هي تبدأ إسلام كما قال تعالى (قُولُوا أَسْلَمْنَا (14) الحجرات) لا تقول آمنا ثم يصير إيمان عام ثم يصير إيمان خاص ثم يصير تقوى بعد التقوى الإسلام الأخير وحينئذٍ كل هؤلاء درجات كما قال تعالى (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا (132) الأنعام) تحدثنا عنها في أكثر من حلقة فيما يتعلق ما معنى المتقين.
يونس من ليبيا: في قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)؟
الإجابة: (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) الذين اجتمعت الأمة على أنهم أهل الرضوان والله قال (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الله رضي عن ثلاثة صراحة هو إن شاء الله راضي عنا جميعاً لكن الذي ورد في القرآن الكريم رضى خاص ولهذا أنصار ومهاجرون ورضوانيون.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (ومن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم) الذين هم من جماعة الغرفات (كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق بين المشرق والمغرب) قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء فقط؟ قال (لا والله والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين وهم السابقون المهاجرون والأنصار) الذين قال عليهم في حديث آخر قال (الذين أطعموا الطعام وافشوا السلام ووصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام) أي أولئك الذين استقبلوه في المدينة معه المهاجرون وهم الأنصار. لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم واستقبلوه بالمدينة ذلك الاستقبال الهائل وقد وصل المهاجرون قبل النبي واجتمعوا جميعاً الأنصار والمهاجرون قال لهم بعد ما كان ذلك الاستقبال وطلع البدر علينا وتعرفون الذي حصل قال (أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام) هذا خاص بالأنصار والمهاجرين. ويقول صلى الله عليه وسلم (إن للمؤمن في الجنة) أنت لما تسمعها عقلك يبقى حائراً ولهذا أنت لا تفكر فيها.
جميلة من ليبيا: سؤالي عن السابقون السابقون لو يوضحها الشيخ أكثر؟
الإجابة: السابقون يا ابنتي السابقون جماعة من شرائح الصحابة وليس كل الأصحاب، الأصحاب من حيث الاصطلاح كل من رأى النبي والنبي رآه لكن من حيث التقديس والفوز ومن حيث السبق هو محصور هذا بشرائح ثلاثة الأنصار المهاجرون الرضوانيون الذين قال الله تعالى عنهم (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ) (وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) لكن درجات.
من الأحاديث التي تبين شيء مما لا يمكن إدراكه يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً للمؤمن فيها أهلون لا يرى بعضهم بعضاً) من سعتها وذلك قوله تعالى (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) الرحمن). هذا حديث عن أنهار الجنة يقول النبي صلى الله عليه وسلم (أنهار الجنة تخرج من تحت تلال أو جبال المسك). عن أنس قال (لعلكم تظنون أن أنهار الجنة في أخدود الأرض؟ لا والله إنها لسائحة على وجه الأرض إحدى حافتيها اللؤلؤ والأخرى الياقوت وطينة الأرض الأظفر قال أنس: ما الأظفر يا رسول الله قال: الذي لا خلط فيه). أما عن شجر الجنة وهذا أيضاً من العجائب أولاً يقول (ما من شجرة في الجنة إلا وساقها ذهب) (ومن الأشجار يسير الراكب في ظلها عاماً وفي غدوها مائة عام). وقوله تعالى (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) الواقعة) يقول (ارتفاعها كما بين السماء والأرض ومسيرة ما بينها خمسمائة عام). يعني أنت في هذه الحالة كيف تستطيع أن تفسر هذا الذي يجري؟! من أجل هذا كما قال صلى الله عليه وسلم (ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على عقل بشر). وحينئذٍ إذا كنا قد فاتتنا من السابقين فلنكن من أصحاب اليمين كما قال الصحابة الكرام الذين قالوا للتابعين لما سألوهم: هل أنتم من السابقين؟ قالوا: لا قالوا: هل أنتم أصحاب المشأمة؟ قالوا: لا قالوا: هل أنتم أصحاب الميمنة؟ يعني مؤمنين فكل المسلمين ما عدا الذين هم من السابقين هم من أصحاب الميمنة. فإذا زادت حسناتك على سيئاتك فذاك الذي يدخل الجنة من غير حساب وكل من يصلي إلى القبلة ما لم يصب دماً حراماً وما لم يكن عاقاً لوالديه فإن هذا بالضبط ستكون حسناته أكثر من سيئاته كونه يحج كونه يصوم رمضان وليلة القدر يقوم والمكفرات بالمائة مائة كل أهل القبلة ما لم يكن قد أصاب دماً حراماً أو عاقاً لوالديه فإن حسناته أكثر من سيئاته وذاك الذي يدخل الجنة من غير حساب. لا يحاسب ولا يمر على العرض فهو لا يمر من الحشر على الجنة على طول بالاستقبال كما قلنا بالمراكب البيضاء الفضائية. ومن تساوت حسناته وسيئاته والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (فذاك الذي يحاسب حساباً يسيراً قالوا: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: العرض) هذا يُعرَض لكن لا يحاسب رب العالمين ينظر في صحيفته ويقول له إلى الجنة. (وأما من زادت سيئاته على حسناته فذاك الذي أثقل ظهره وأوبق كاهله) الكبائر التي ما تاب عنها فهو لو تاب عنها ما كان عليه ذنب (فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له) (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) الفرقان) واحد من أهل القبلة ولم يصب دماً حراماً ولا هو عاق لوالديه لكنه في الحقيقة ارتكب كبائر هنالك غيبة زنا والخ ومات ولم يتب والنبي صلى الله عليه وسلم يقول هو لو تاب ما عليه ذنب، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. لكنه مات ولم يتب من كبيرته فالنبي قال (ذاك الذي أثقل ظهره وأوبق كاهله وذاك الذي أشفع له) ولا يشفع له إلا إذا كان من أهل القبلة قال (شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي) وليس من أمته من لا يصلي ولهذا أول ما يُسأل العبد يوم القيامة عن الصلاة وهذا لكل من يسمعني إياك والتهاون في الصلاة فالصلاة أول سؤال تُسأل عنه فإن حسُنت حسن سائر عملك.
أبو خليفة من الشارقة: في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) الأحزاب) ممكن الشيخ يشرح لنا هذا؟
الإجابة: الصدر هذا لا بد أن يغطى نساء النبي صلى الله عليه وسلم حجاب كامل لأنهن ليس كأي النساء ما عدا نساء النبي صلى الله عليه وسلم فلهن الوجه والكفان إذا شئن والمهم هذا الصدر أن يغطّى كما كان سابقاً في الجاهلية على كل حال أصبحت القضية من الوضوح بمكان.
الدكتور نجيب: سيدي الشيخ كيف إذاً نوفق بين قوله تعالى الذي صنف فيها المؤمنين منهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق للخيرات (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر) هذا للأمة؟
الدكتور الكبيسي: كل الأمة. هؤلاء الثلاثة أصناف هم أصحاب الميمنة منهم السابق الذي لا يحاسَب ومنهم هذا الذي يحاسب حساب يسير وهو العرض الذي خمسين وخمسين وذاك الظالم لنفسه. أما السابقون أمة أخرى لهم حصانة دبلوماسية فهؤلاء مع الملك. أما أصحاب اليمين فهم ثلاثة أقسام ظالم لنفسه مقتصد وسابق بالخيرات يعني الشافعي أبو حنيفة ومالك معقول هؤلاء يحاسبون؟! الله أعلم هؤلاء من سابقين الميمنة وهناك خمسين وخمسين نحن المساكين خمسين وخمسين الله يقول روحوا أما هذا الذي عنده كبائر وما تاب عنها لكنه من أهل القبلة.
د. نجيب: فالسابقون هنا هم المقربون كما في الآية الكريمة
د. الكبيسي: والملائكة المقربون هم خدمهم وهم المقربون مع الرحمن في مقصورته في الفردوس الأعلى هذا شيء ثاني لا يقاس عليهم.
الدكتور نجيب: شيخ بالنسبة لهذه الأصناف الثلاثة ما المقصود بالمقتصد؟
الدكتور الكبيسي: المقتصد الذي كما في القرآن تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (32) فاطر) الذي تعلم القرآن وعلّمه ذاك السابق، الذي تعلمه ولم يعلمه مقتصد، الذي ما تعلمه هذا الذي ظلم نفسه. فهذه الآية خاصة في أهل القرآن (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) ما قرأ القرآن أو قرأه ونسيه (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) قرأه وتعلمه لكنه ما علّمه لا علّم أولاده ولا علم أحد (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ) ذلك الذي علم وتعلم ولهذا قال (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) إذاً هذه خاصة بأهل القرآن فقط.
الدكتور نجيب: فما بالك في هذا العصر الذي توافرت فيه الفضائيات والحمدلله وتيسرت الأمور لا شك أن الأجر أعظم في تعليم القرآن وتعلمه.
د. الكبيسي: وهناك مئات من الشباب حافظين القرآن حفظ هائل والحمدلله
د. نجيب: والشابات والحمد لله. وتعليم القرآن الكريم ينبغي أن تتوسع دائرته في هذا العصر وخاصة أن وسائل هذا التعلم والتعليم قد تعددت وتنوعت وخاصة بوجود الفضائيات
د. الكبيسي: وجائزة سمو الشيخ محمد بن راشد القرآنية أثمرت حركة قرآنية في الإمارة
د. نجيب: وفي العالم كله والحمدلله حلقات هذا التعليم في كل منطقة وفي كل مسجد. باسمكم جميعاً أقدم شكرنا لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي على هذه الإفادات العلمية الخفية الدقيقة على أمل أن نلتقي بكم في الحلقة بعد الأسبوع القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 7/5/2010م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها
—————-
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2169
على
تحميل الحلقة صوتيا mp3 ( بحجم 5 ميجا تقريباً )
على