وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 98

اسلاميات

الحلقة 98

(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) الأنبياء) – (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) المؤمنون)

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. يتفق هذا البرنامج في هذه الحلقة المباركة وفي هذه الأيام المباركة التي نحتفل بذكرى الإتحاد التي كانت أبرز وأهم حدث في العصر الحديث، والآية المباركة التي نتناولها في هذه الحلقة ذات علاقة قوية بهذا الحدث الذي يعد إن شاء الله علامة صادقة على تحقيق معاني القرآن الكريم سواء تلك التي تتمثل في الدولة أو تلك التي تتمثل في الأمة. ولعل شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله يُتحفنا في هذه الليلة المباركة على عادته بمقومات هذه الأمة وهذه الدولة مرتبطة أحداثها بهذه الذكرى العظيمة.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. آيتان في كتاب الله عز وجل تتحدثان عن فلسفة الأمة وعن فلسفة وحدة الأمة، متى تكون الأمة أمة ومتى تكون الأمة واحدة. الأولى في سورة الأنبياء 92 (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) الأنبياء) انتبهوا إلى قوله تعالى أمةٌ واحدةٌ مرفوعة (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) انتبهوا إلى كلمة (فاعبدون). هذه تتحدث عن وحدة الأمة عقائدياً. الآية الثانية في سورة المؤمنون آية 52 (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) المؤمنون) أمةً واحدًة مفتوحة ونحن قلنا من قبل أن القرآن الكريم ليس فيه زيادة الحرف والكلمة والصيغة كلها تعني صورة ثانية. الأولى (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةٌ) والأخرى (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً) وفي الأولى (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) والأخرى (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ). طبعاً تعرفون كلمة الأمة تطلق على جماعة موحدة إما على أرض تسكن على أرض معينة كالذين على الجزيرة العربية كلهم عرب فهؤلاء أمة، أو تطلق على أصل والأصل واحد فالأمة العربية من أصل واحد عدنان وقحطان كما تعرفون. وإما على دين واحد والدين يطلق عليه أمة (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) الزخرف) على أمة أي على دين. وقد تطلق على رجل جمع صفات الخير بشكل يلفت النظر، نحن عادة كل البشرية كل واحد منا عنده خصلة رائعة كل واحد من البشر يتميز بخصلة يعني يُشهَر بها ويُعرف بها ويمتدح عليها والخ هذا كريم حاتم الطائي كريم عرف بالكرم فمدح عليه فهو مشهور بالكرم ليس أمة لكن عرف بالكرم. مثلاً معن بن أبي زائدة عُرف بالحِلم فهو حليم فعرف بهذه الصفة، خالد بن الوليد عرف بالشجاعة عمر بن الخطاب عرف بالعدل علي بن أبي طالب بالقتال والجهاد والعلم وهكذا. أما إذا اجتمعت في إنسان واحد عدة صفات وعدة خصلات رائعة يسمى أمة (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ (120) النحل). المقصود عندنا في هاتين الآيتين الأمة التي يجمعها جامع، بني إسرائيل أمة، قوم عاد أمة، قوم ثمود أمة، العرب أمة، المسلمون أمة الخ. فيما يتعلق بهذه المناسبة الجليلة على قلب كل عربي ومسلم من حيث أنها التجربة الوحيدة الناجحة نجاحاً في عصرٍ لم تنجح فيه تجربة أخرى. هذه الأمة في هاتين الآيتين رب العالمين يحثنا على أننا ينبغي أن نبقى موحدين في الاعتقاد بـ(لا إله إلا الله) وهذا قضية مفروغ منها كما قال عليه الصلاة والسلام (لا أخشى عليكم أن تشركوا بعدي) والتطبيق العملي يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. منذ جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم وإلى يوم القيامة ما من أحد على وجه الأرض يمحِّص لا إله إلا الله إلا هذه الأمة، ما فيها ولا شائبة شرك مطلقًا. حينئذٍ (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً) إن حرف مشبه بالفعل هذه اسمها وأمتكم خبر أمة صفة واحدة صفة ثانية (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) ما فيها مشكلة كأن الله يخبرنا أن هذا واقع (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي (14) طه) ما في إشكال

د. نجيب: بدليل قال (فَاعْبُدْنِي)

د. الكبيسي: كما قال د. نجيب باعتبار (فاعبدوني) باعتبار وحدوني وأنتم تعرفون بأن التوحيد في هذه الأمة  قضية مفروغ منها لا تشغل بالنا من حيث ما عندنا مشكلة فيها. (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) أمة مرفوعة (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) اعتقاداً اعتقدوا بأني أنا الله لا إله إلا أنا وهذه قضية مفروغ منها. طبعاً هذا في سورة الأنبياء، نأتي على نفس الآية أختها في سورة المؤمنون. أولاً أضاف الواو (وإن) (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) هناك قال (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ) وهنا (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ)، ثم قال (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) هناك قراءة أخرى لكن نحن نعتمد هذه القرآءة. كيف نعرب أمةً؟ يقول لك حال، هذه أمتكم في حال كونها موحَّدة حينئذٍ تستقر تقواكم لي، بدونها ما تستقر. (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ) حال كونها أمةً واحدةً حينئذٍ اتقوني ويقول وراءها (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) المؤمنون) يا الله! كأن الله سبحانه وتعالى يعنينا نحن. قال هذه الأمة الواحدة الموحدة بالعقيدة والتوحيد والعمل والإيمان والتطبيق العملي جغرافياً وحكماً وأصولاً وأعراقاً يأتيها يوم تتقطع زبراً. والزبر جمع زُبْرَة والزبرة القطعة الكبيرة من الحديد (آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ (96) الكهف) يعني قطع كبيرة حتى أعمل منها هذا السد. (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا) قطعة طائفية، قطعة حزبية، قطعة فئوية، ناس ارتدوا، (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ). هذا ما صار بالأولى أبداً بالتوحيد كلكم أمة موحدة لكن بالتطبيق العملي الفعلي علاقات اجتماعية والاقتصادية والسياسية والجوار والحكومات لا، تغيرتم! بقيتم موحدين من حيث أنكم أمة موحدة بـ (لا إله إلا الله) بهذا الدين ولكن على التطبيق العملي على التقوى التي هي السلوك. الإيمان في القلب ولكن العمل بالجوارح، بالقلب هائل! إلى يوم القيامة أنتم أمة واحدة لا تشركون بالله شيئاً وهذه قضية عجز عنها كل الأمم ما عداكم أنتم. ما من أمة توحد الله عز وجل بالشكل الذي يوحده المسلمون وهذه قضية مشهود بها. يعني نحن بعد 15 قرن نتوجس أن يكون واحد يشرك، أن يكون واحد يستغيث، أن يكون واحد يزور قبر، عندنا هذا الهاجس بعد 15 قرنًا برغم كل ما أصابنا من اختراقات وتغريب واستشراق ومحاولات لا تزال لا إله إلا الله ناصعة قوية لا فيها دخن ولا فيها شك! (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ) إقرار من الله سبحانه وتعالى أن هذه أمتكم أمة واحدة ما في مشكلة، ما فيها احتمال، أما الأخرى فيها احتمال. (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) إذا كانت في حال كونها أمة واحدة اتقوني هناك يقول أنتم موحدون اعبدوني بالتوحيد انتهينا ما فيها احتمال ما فيها شك. هنا قال لا (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) وفيها واو سواء كان واو عطف أو واو قسم هذه قضية خطيرة أخطر من الأولى من حيث أن الأولى عندكم من توفيق الله عز وجل ما فيها، لا إله إلا الله عند هذه الأمة دستور يعني فطري ولهذا يسمى دين الفطرة (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) الروم) مثل الهواء. من بركة النبي صلى الله عليه وسلم قال (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ (2) الجمعة) تزكية هائلة ولهذا نحن ما عندنا نجاسة، الشرك نجس (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (28) التوبة) قال لا، أنتم زاكون بمحمد صلى الله عليه وسلم. (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ (151) البقرة) الوحيد ما نجح أحد من الأنبياء والرسل بأن يعلِّم أمته لا إله إلا الله صافية نقية ما فيها إشكال إلا محمد صلى الله عليه وسلم وإلا كل الأمم أشركت في النهاية لكن مشكلتنا أين؟ بالتطبيق العملي بالتقوى تقوى الحاكم مع المحكوم، الجار مع الجار، الأب مع الابن، البائع مع المشتري يعني كلنا عندنا مشاكل ولهذا قال (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا) أصبحوا كقطع الحديد كتلة حزبية وكتلة فئوية وكتلة طائفية والخ كما ترون شوفوا العراق والصومال وهذا جرى في التاريخ صح بنسب مختلفة لكن جرى مثله مات النبي صلى الله عليه وسلم وصارت مشاكل وراءه رأساً. حينئذٍ هذا القرآن الكريم بهذا الإعجاز اللغوي الذي لا يمكن لبشر أن يفعله، المناسبة بين (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةٌ) و (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً) فرق هائل وبين (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) وبين (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)

د. نجيب: وهذا دليل على أن الإيمان وحده لا يكفي بل لا بد له من العمل كما أن العمل لا ينفع بدون إيمان

د. الكبيسي: نعم لكن ما هو الفرق؟ أن الاعتقاد بالقلب (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) الأنبياء) وحدوني. أنت الوحيد الذي نجحت، محمد صلى الله عليه وسلم الوحيد الذي نجح في أن يعلم أمته أن الله واحد لا شريك له والتزمت الأمة بهذا من النبي إلى يوم القيامة. ولهذا أهل الردة نحن نفهمهم خطأ فهم لم يرتدوا عن الإسلام ولكن قالوا لا ندفع الزكاة ناس بدو وعنده البعير يساوي سيارة موديل 2012 وبالتالي عنده 400 أو 500 ناقة أو جمل ما يخرج زكاتها سبع أو عشر جمال!! فلا يعطيه قال اصرف عن الزكاة فحروب الردة لم يرتدوا عن الإسلام بل قالوا نحن لا نريد أن نزكي فارفعوا عنا الزكاة فقط. والآن كثير من الناس لا يزكون الآن. إذاً هذه الأمة بـ (لا إله إلا الله) أعجوبة! إن الله أراد أن تكون خاتم الأنبياء وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنما مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا زاوية نقصت فيها لبنة فجعل الناس يطوفون به ويعجبون لِم لَم تكمل هذه الزاوية؟! وهذه اللبنة؟! قال صلى الله عليه وسلم أنا اللبنة وأنا خاتم الأنبياء). إذاً الوحيد من الأنبياء الذي أفلح هذا الفلاح المنقطع النظير هو محمد صلى الله عليه وسلم حتى في كتاب أمريكي لواحد مستشرق تحت عنوان “محمد والجماعة المتحدة” والكاتب مسيحي أمريكي والكتاب موجود في السوق يقول (لم يستطع أحد من الأنبياء أن يكوِّن أمة موحدة متحدة إلا محمد تدخل على مسلم في أقصى المشرق والمسلم البريطاني والسويدي والعربي والفارسي والتركي والروسي والصيني تدخل عليهم كلهم نفس الصلاة نفس الصيام ونفس الأذكار يعني كأنهم في أسرة واحدة) هذا فعل هذا الدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا من إكرام الله له (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) آل عمران) (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) مِنّة والمنة هي العطية التي لا يعطيها غيرك فقط فما الفرق بين الهدية والهبة والمنة؟ المنة أنا أعطيك شيء لا يمكن لغيري أن يعطيك إياه فهذه مِنّة (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ) مِنّة! (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ) والتزكية طهارة مع رائحة زكية ولهذا الشرك معدوم في هذه الأمة إلى هذا اليوم وإلى يوم القيامة ولهذا قال (فَاعْبُدُونِ) ما في إشكال. المشكلة أين؟ في الثانية (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) أمتكم هذه هي أمتكم في حال كونها أمة واحدة فليس دائماً أنتم هكذا ولهذا إذا وجدت جهداً اتحادياً أو وحدوياً فاعلم أن هذا جهد يحبه الله ورسوله لهذه الأمة (من أتاكم وأنتم جميع يريد أن يفرق جمعكم فاضربوا رأسه بالسيف كائنًا من كان) فلسفة هذه الأمة لا تقوم إلا على وحدة أو إتحاد.

————فاصل———–

الدكتور نجيب: لا شك أن هذه الوحدة التي تمثلت في هذه الأمة وخاصة ثباتها على التوحيد على مر العصور مستمدة من طبيعة الشخصية المحمدية عليه الصلاة والسلام وما خصها الله سبحانه وتعالى بها من خصائص وخاصة أن هذا الدين هو آخر الأديان وهذا النبي هو آخر الأنبياء فكان من منة الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة أن نسبها إلى هذا النبي الذي خصه الله تعالى بخصائص مما تفرق في الأنبياء السابقين جميعاً،

الدكتور الكبيسي: يعني الدين يا شيخي الكريم الدين يعني تحته أمة واحدة لكن من أعراق مختلفة وصفات مختلفة ولغات عديدة لكن جمعها الدين. فرب العالمين عز وجل جعل الأديان عاملًا موحِّدًا وقال تعالى في خطابه لكل الأنبياء والرسل (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) المؤمنون) لكل الأنبياء، فوحدة الأمة التي تنتمي إلى دين ضرورة قصوى لنجاح ذلك الدين ولهذا

الدكتور نجيب: وكان من منة الله أن هذه الأمة هي التي تمثلت بهذا النمط،

الدكتور الكبيسي: هي مرحلتين المرحلة الأساسية هي العقيدة (اعبدوني) والثانية اعملوا بينكم،

د. نجيب: وللأسف كل الأمم السابقة عطلت الاثنتين

د. الكبيسي: لا، عطّلت الأولى، يعني مثلاً الأمم الأوروبية عطلوا الأولى تعطيل كامل ما في توحيد لكن الثانية أقاموا العدل فيما بينهم وهم فعلاً الإتحاد الأوروبي أو الإتحاد الأمريكي الخ عكسنا وفي الحقيقة نحن فشلنا الآن وفشلنا بسببهم هم، هم الذين جاؤوا وأفشلونا يعني نحن إلى الآن أمة واحدة عقيدة وتقوى الدولة الإسلامية من المشرق إلى المغرب إلى أن جاء هؤلاء الغربيون عام 1918 ثم مزقونا إلى ما نحن عليه وهم عائدون الآن يفتتون الفتات فالعراق الآن يقسم وسوريا والصومال والسودان كلها قادمة. إذاً نحن إلى أن احتك بنا الغرب ما كان بينا وبين الغرب مشكلة هذه معروفة وحينئذٍ هذا أمر طارئ والإسلام يحدثنا أن هذا سيزول وأن الوحدة قادمة لا محالة.

إتصال من الأخ الشاعر محمود نور مهنئًا بعيد الإتحاد.

إتصال من الشيخ عز الدين من المغرب مهنئًا بعيد الإتحاد.

الدكتور نجيب: مقومات الدول والأمم التي قامت خاصة في العصر الحديث أو قديماً كلها كانت تسعى لغايتين أولاً الاقتصاد والأمن، الشيوعية عندما قامت على هذه الدعوة والحركات الأخرى التي ذهبت أدراج الريح ولم يبق لها أثر بل لفظها أهلها وما كانت إلا شعارات زائفة. هذه النعمة العظمى التي من الله بها علينا (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) قريش) الحمد لله يعني برزت في هذه الأرض الطيبة في ظل هذا الإتحاد والحمد لله رب العالمين نجد هذا الأمن وهذا الرزق الذي يُجبى إلى هذه البلاد من ثمرات كل شيء من كل مكان وهذه الأرض في أصلها صحراوية لا تنبت إلا الكلأ وإلا العشب

الدكتور الكبيسي: في الحقيقة يا شيخي أسباب كثيرة جعلت هذا الإتحاد متميزاً على غيره يعني لو هناك هذا الإتحاد قبل مائتي عام ربما يكون اعتياديًا لكن كونه في هذا العصر الذي كما تفضلت ورب العالمين كما قال (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا) وأنت تعرف أن هذه الأمة منذ عام 1918 يعني من بداية القرن العشرين كم تقطعت زبراً فكرياً وطائفياً وسياسياً وقومياً! ويعني كما هو واقع الحال. في هذا الجهد المكثف لتفريق هذه الأمة وتمزيقها وهذا مستمر إلى الآن وربما إلى سنوات قادمة، في هذا الخضم يعني فرق بين زهرة تنبت في بستان وبين زهرة تنبت في صحراء فرق جدًا كبير! هذا الإتحاد نبت في هذه الأرض العربية القاحلة قاحلة بسياساتها وتفريقها وتفرقها ولذلك هذه الدولة هيأ الله لها رجالاً لا تدري كيف، يعني هذا التجانس فيما بين الأسر الكريمة الحاكمة من أصلٍ واضح ناس يعرفونهم حق المعرفة وهم يعرفون شعبهم حق المعرفة، اثنين لم يعد حاكم ومحكوم هناك أسرة ورب أسرة يعني الشعب كله أسرة واحدة هذا شيء جديد. ثم هذا الاستقرار والاستمرار وهذا الازدهار الهائل في كل الجوانب والمجالات فهذه الدولة بهذا الإتحاد كان حقلاً خصبًا لرجالات سياسياً واقتصادياً وتعليمياً يعني تلفت النظر وحينئذٍ هذا الذي يجري هنا أنا واثق أن الأمة الآن تحتاجه من حيث أن الأمة فرغت من كل تلك الزُبر.

د. نجيب: الحمد لله

——-فاصل———

الدكتور نجيب: عندما ذكرت سيدي الشيخ هاتين الآيتين الكريمتين تذكرت في بداياتها هذه الحلقات الأولى تناولت آيتين لهما علاقة بهما الآية الأولى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران) والآية الثانية (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا (286) البقرة) عندما راجعت كتب التفسير جلها تقول أن إحداهما ناسخة للأخرى ولكن كان لك تعليق آخر وهو أن الأولى كما هي هنا للعقيدة والثانية تتعلق بالتكاليف،

الدكتور الكبيسي: اتقوا الله ما من أمة تتقي الله حق تقاته بـ(لا إله إلا الله) كهذا الأمة في توحيدها أما الثانية اتقوا الله ما استطعتم (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) لا ينبغي نحن كلما تعذر علينا فهمها فنقول أنها ناسخة ومنسوخة هذه فيها جرأة! هذا القرآن الكريم الله تعالى قادر الذي ينسخ شريعة بشريعة قادر أن ينسخ آية بآية ما هي مشكلة لكن ما دام التوفيق مكنًا فلم تأتي على النسخ؟! أنت أول مرة أنت فرقت بين الفرق بين (فَاعْبُدُونِ) (فَاتَّقُونِ) ؟ فرقت بين أمةً وأمةٌ لما تفرق بين هذه وتعرف أن هذه بالعقيدة وهذا بالعمل اليومي بالعلاقات بين الناس وفعلاً العلاقات بين الناس فيها خلل في بعض أجزاء التاريخ وهذا من واقع الإنسان كالإنسان يبدأ قوياً ثم فتياً ثم الخ. حينئذٍ نحن الآن فيما يتعلق بالأولى (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ) (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) ليس هناك أمة بهذا الإجماع الدقيق على وحدانية الله إلا هذه الأمة. أما الثانية لا، الإنسان الواحد نفسه يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لكل عمل شَرّةٌ ) شِرّة يعني نشاط (ولكل شِرّة فترة) وهذا عادي

د. نجيب: اتقوا الله ما استطعتم و (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)

د. الكبيسي: ولهذا كيف رب العالمين هذه الصلاة التي هي عماد هذا الدين يقول لك إجمع واقصر في السفر والمرض وهكذا. إذاً العقيدة لا تهاون فيها ولا عذر، العمل لا، التقوى تختلف فلكل واحد له تقواه كماً وكيفاً

د. نجيب: ولذلك ختمها بقوله تعالى (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) في معرض الردة والعياذ بالله.

اتصال من فضيلة الدكتور سيف الجابري مدير البحوث والإفتاء في دائرة البحوث والشؤون الإسلامية في دبي في مشاركة بمناسبة عيد الإتحاد.

د. الكبيسي: سبحان الله! إذا أراد الله شيئًا هيأ أسبابه، فرب العالمين عز وجل تأييده لهذا الإتحاد بعد التوفيق لأن التوفيق بالمعقول هيأ له أسبابه يعني ليس دائماً يحدث أن يهيأ الله سبحانه وتعالى لمشروع كشخصية زايد وشخصية راشد شخصيتان متفردتان متميزتان لا نظير لهما في هذا العصر الذي نحن فيه ولهذا نحن قلنا لما رب العالمين يقول (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً) الأمة تطلق أحياناً على الرجل الذي جمع عدة صفات وبلا مجاملة ولا مغالاة الذين يعرفون زايد عن قرب وراشد عن قرب فعلاً يعجبون كيف اجتمعت بهم كل هذه الصفات؟! حكمة وعقل وفكر ونظر وسخاء منقطع النظير وعدل لا تشوبه شائبة! ثم هذا التواضع مع الناس ومع الشعب والله لو عددت كل واحد منهم وصفاته فعلاً إن كل واحد منهما كان أمة. وبالفعل هذه أحد أعمدة النجاح،

الدكتور نجيب: شيخ ما تفضلت به من توفيق الله سبحانه وتعالى أن اجتمع هذان الرجلان في عصر ومصر واحد وكل منهما قد كمل الآخر في إسعاد شعبه ووطنه،

الدكتور الكبيسي: كل منهما يسند الآخر وكل منهما يكمل الآخر وكل منهما حريص على شعبه وحقيقة الكلام يطول عن هذه الكوكبة من الأسر الكريمة العريقة الأصيلة التي تتمتع بأخلاق وتاريخ وقيم وفكر وتضحيات نادر ما تجتمع هكذا ولهذا رب العالمين شاء لهذه الدولة أن تقوم لكي يبقى الأمل العربي قائماً. تخيل لو لم تكن حاشى هذه الدولة موجودة؟ يعني لأصاب الناس باليأس يعني هذا الانحطاط الذي فيه العالم العربي هذا غير مألوف لكن يقول لك ما دام عندنا هذه الزهرة ممكن أن تكون مثلها في يوم من الأيام إن شاء الله وأنا واثق أن السنوات القادمة سوف تبعث العرب جميعاً على أن ينهجوا هذا النهج بصورة أو بأخرى لأنهم بدون هذا يضيعون فوجود هذه التجربة الناجحة تقوي العزائم وتقوي الحركة وهذا إن شاء الله قادم،

الدكتور نجيب: شيخي أحب أن تركز قليلاً على قضية العدل وأساسها في الدولة والأمة،

الدكتور الكبيسي: يا سيدي ليس العدل حقيقة هذه الدولة ليس العدل الذي تتميز به فقد تجاوزته إلى الإحسان (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ (90) النحل) وقلت هذا للشيخ زايد مرة شخصياً. واحد عنده واحد قاتل هذا العدل أن تقتص منه فهذا هو العدل (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) البقرة) النفس بالنفس والإحسان أن تعفو. هذه الدولة الآن من بداية تأسيسها إلى هذا اليوم تجاوزت العدل إلى الإحسان ولذلك كان سمو الشيخ زايد رحمة الله عليه إذا صارت حالة قصاص يرضي أهل القتيل بأي شيء يريدونه فقط لكي يعفوا عن القاتل، فهو ليس العفو عنده لمن لم يقتل ولكن حتى القتل بالحق وهو القصاص وهو بالحق لا يريد هذا، تجاوز العدل إلى الإحسان. وأنت تعرف الآن يعني هناك وقائع وحقائق عن سمو الشيخ محمد بن راشد أعجوبة العجائب فقد تجاوزوا العدل إلى الإحسان تماماً. وهكذا ما تسمعون عن سمو الشيخ خليفة. إذاً هذه الدولة فيها رعاية من رب العالمين يد الله معها بالتوفيق ثم هذا الشعب الموفق الموحد كأنهم أسرة واحدة أنت تدخل على شعب أهل الإمارة هذه وتلك فلا ترى فرقًا ولا واحد فكلهم كأنهم قبيلة واحدة إذاً هناك عناصر في هذه الدولة من قادتها ومؤسسيها وطبيعة شعبها وتوفيق الله عز وجل وتأييده جاءكم الإتحاد الذي يباهي به العرب جميعاً. لا ينبغي أن ننسى تاريخنا وتراثنا وهذه الدولة تأخذ القديم وتأتي بالجديد تزاوج بينهما فهي هكذا استمرار خالد يعني أصلها ثابت وفرعها في السماء (أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) إبراهيم) وهذه الأصالة لك جذور ولك مستقبل واعد لكن أنت أصولك قائمة وهذه هي الأصالة،

الدكتور نجيب: شيخي الغريب دائماً يحن إلى وطنه وينتظر أن تنتهي إجازته لكي يعود إلى بلده وفي هذه الدولة التي جمعت جنسيات مختلفة من المسلمين ومن غير المسلمين والله من الأوروبيين ومن العرب وغيرهم من اتخذ هذا الوطن بالنسبة له يعتبره وطنه الأول لا وطنه الثاني ولا تجد له حنين إلى وطنه كحرصه على بقائه في هذا البلد،

الدكتور الكبيسي: هو في الحقيقة كما تفضلت ما من أحد يأتي إلى هذه الدولة من غيرها إلا ويقول هذه هي الجنة وقسم يقول والله ما بعد يعني قد يكون هناك قطر أفضل من قطر لما تصل إلى الإمارات تقول ما بعدها إلا الجنة لأن هذا الكمال وهذا الجمال والتوافق والأمن والعدل والخير وذوبان الفوارق بين الناس يعني غريبهم وقريبهم سواء يعني فيها قيم هائلة،

الدكتور نجيب: ومن الأمور الملاحظة أن الإنسان له حقوقه كائناً من كان مواطناً كان أم وافداً عربياً أو أجنبياً مسلماً أو غير مسلم يجد من هذه الحقوق ما لا يستطيع أحد أن يتعدى عليه،

الدكتور الكبيسي: والله يا سيدي كل من يأتي إلى هذه الدولة كأنه هو من مواطنيها

يا ضيفنا لو جئتنا لوجدتنا   نحن الضيوف وأنت رب المنزل

ما في أحد يشكو من هذه الدولة أي شكوى بخلاف أي دولة عربية أخرى.

د. نجيب: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم علينا هذا الخير وهذا اليمن والبركة وأن يديم علينا العلاقة الوثيقة بين الراعي والرعية كما هي بين الوالد والولد شاكرًا جميع الإخوة الذين شاركوا معنا على الهواء الشاعر محمود نور والشيخ عز الدين من المغرب والدكتور سيف الجابري. باسمكم جميعًا أتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة شيخنا الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله وإلى اللقاء في مناسبة قادمة.

بُثّت هذه الحلقة بتاريخ 3/12/2010م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيرا وتم تنقيحها.


من قسم الفيديو

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2354

تحميل الحلقة فيديو صيغة
على

Sharebase.to

Badongo

( بحجم 5.5 ميجا تقريباً )

على


Sharebase.to

Filedude