أبواب الجنة – باب تربية البنات
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين وصحابته الأكرمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
(قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ (28) القصص) هكذا هو الأمر من العبادات الجليلة التي تفتح لك أبواب الجنة على مصاريعها أن تحسن تربية بناتك وأن تحسن إليهن وأن تأدبهن وأن تحسن تأديبهن وأن تصبر على لأوائهن وأن تبقى أباً حتى لو أصبحن أمهات أو جدات تبقى أباً لهن وترعاهن من قريب أو بعيد. بهذه الخدمة للبنات تدخل الجنة من غير حساب (قالوا يا رسول الله وثنتين، قال وثنتين) الحديث كان “من كان له ثلاث بنات”.
إذاً كل من له بنتان وحتى لو قيل وواحدة؟ لقال النبي وواحدة، ولكن النص توقف عند اثنتين، من كان له بنت أو بنتان فأكثر فليعلم أن هذه البنت أو هاتين البنتين هما من أبواب الجنة فما عليك إلا أن تشعرهما بأبوتك وأن يشعرا أنك أب فعلاً إذا غبت عنهما إشتاقا إليك وإذا كنت بينهما فرحا بك يعلمان ما تفعل لهما وأنت حَدِب عليهما في كل ساعة وفي كل يوم وفي كل أعمالهم سلباً وإيجاباً بقوةٍ ولين تربية وتهذيباً وإكراماً وعطاءً. وهذا ما فعله سيدنا شعيب عليه السلام كما قص علينا القرآن تلك القصة العظيمة التي هى عبرة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ (111) يوسف) (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ (28) القصص) أشار إليهما فهما موجودتان، هذا التزويج الكريم، إختار لهما القوي الأمين.
إذاً إكرام المرأة عموماً من العبادات الجليلة (خياركم خياركم لنسائه) وما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم سواء كانت أماً أو بنتاً أو أختاً أو عمةً أو خالةً. قال أحدهم (يارسول الله قد أذنبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة؟ قال: هل لك أم؟ قال: لا، قال: هل لك خالة؟ قال: إلزم أقدامها فإن الجنة هناك) إذاً العمة أو الخالة كل إناث أسرتك كلهم أبواب من أبواب الجنة وخاصة البنتان، البنتان بعد الأم مباشرة من حيث أنك مسؤول عنهما وهما مرتبطتان بك ارتباطاً عظيماً على خلاف الذكور، الذكور لهم دنياهم ولهم طاقتهم. البنتان يقيّدهما الشرع وتقيدهما التقاليد القاسية جداً الشرع يقيدهما بالحلال والحرام والتقاليد تقيدهما بالعيب وهذا أقسى من الحلال والحرام من حيث أن الحرام ربما يغفره الله عز وجل ولكن الناس لا يغفرون والحرام لا يورَث والعيب يورَث. فإذا كنت أباً حنوناً وحنيناً ومخلصاً ووجدن في كنفك الرعاية والتهذيب والتأديب بدون تخويف بدون قسوة بدون إرهاب كما هو الغالب مع الأسف الشديد فأنت بهذه الرحمة تدخل الجنة. دخلت إمرأة ومعها بنتان إلى السيدة عائشة رضي الله عنها فأعطت للمرأة ثلاث تمرات فأعطت هذه المرأة تمرة لإبنتها وتمرة للأخرى وبقيت بيدها تمرة لكي تأكلها ولكنها كانت تحدث السيدة عائشة فلم تأكلها البنتان كل منهما أكلت تمرتها وبدأن يتطلعن إلى التمرة التي بيد أمهم فقسمتها قسمين وأعطت كل واحدة نصف التمرة وبقيت هي هكذا فلما جاء المصطفى صلى الله عليه وسلم حكت له القصة فقال (رحمتهما رحمها الله). حينئذٍ هذه هي الأمومة والأبوة.
إذا أردت أن تعرف بأنك عند الله عظيم فاسأل بناتك وأولادك هل أنك إذا عدت إليهم يفرحون أو يخافون؟ يقبلون عليك أم يهربون منك؟! (يؤتى بالعبد وما له حسنة فيقول الرب خذوا عبدي إلى الجنة فتقول الملائكة بمَ يا رب وليس له حسنة؟ قال إنه كان يرحم أهله) .
إذاً إكرام البنات بالذات في هذا العصر المطلاطم والأخطار تحيق بهن من كل جانب وإذا بك أب عظيم كريم واعٍ عينك عليهن وقلبك معهن بالرحمة والرأفة والتعليم والشدة أحياناً والحزم من حيث التقويم والتهذيب ولولا وخز الإبرة ما استقام الثوب.
فإذا كان في بيتك بنتان وإذا كان في بيتك ولو بنت واحدة فاعلم أن هذا بابك إلى الجنة ونسأله تعالى أن يعين الآباء على لأوائهن وما أكثر لأوائهن في هذا الزمان وأن يحسن الأباء تأديب بناتهن فنسأله تعالى أن يفتح لهم أبواب الجنة كما وعد النبي عليه الصلاة والسلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.