الحلقة الثالثة
موضوع الحلقة: أسباب نزول القرآن والشبهات المثارة حول نزول القرآن .
ضيوف الحلقة:
1- د. عيسى بن ناصر الدريبي – أستاذ الدراسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود، وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه (تبيان) .
2- د. فهد بن مبارك الوهبي – أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة طيبة .
وسوف يكون هناك مداخلة هاتفية مع د. خالد بن سليمان المزيني الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بجامعة القصيم، ومؤلف كتاب (المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة) .
ويدير الحوار د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري .
******************************
د. عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا وسهلًا بكم في برنامجكم (أضواء القرآن). تحدثنا في الحلقة الماضية عن نزول القرآن الكريم وتناولنا عددًا من المسائل المتعلقة بنزول القرآن الكريمواليوم، بإذن الله تعالى سوف يكون حديثنا عن أسباب نزول القرآن الكريم وعن بعض الشبهات المثارة حول أسباب النزول والجواب الصحيح عن هذه الشبهات. يسعدني باسمكم جميعًا أيها الإخوة المشاهدون أن أرحب بضيفيّ الكريمين في هذا اللقاء فضيلة الشيخ الدكتور عيسى بن ناصر الدريبي أستاذ الدراسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه (تبيان)، حياكم الله يا دكتور عيسى .
د. عيسى الدريبي: حياك الله دكتور عبد الرحمن وبالإخوة المشاهدين والأخوات المشاهدات .
د. عبد الرحمن الشهري: كما أرحب بفضيلة الشيخ الدكتور فهد بن مبارك الوهبي أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة طيبة ووكيل عمادة شؤون الطلاب بجامعة طيبة، حياكم الله دكتور
دكتور. فهد الوهبي: حياك الله يا دكتور
د. عبد الرحمن الشهري: حياكم الله وأهلًا وسهلًا بكم في هذا اللقاء نبدأ أيها الإخوة في الحديث عن أسباب النزول قبل أن نبدأ الحوار مع ضيْفيْنا نبدأ بهذا الاستطلاع لآراء بعض من الطلاب حول مفهوم سبب النزول ماذا يعرفون عن أسباب النزول؟ نشاهد هذا الاستطلاع ثم نعود لــلتعليق عليه .
أسئلة الاستطلاع:
ـما هو سبب النزول؟
ـإذا قال الصحابي “نزلت في كذا” هل ذلك يدل على سبب النزول؟
ـما فائدة معرفة سبب النزول؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. عبد الرحمن الشهري: تعليقًا على هذا الاستطلاع الذي تم تسجيله مع عدد من الطلاب حول سبب النزول، ما المقصود بسبب النزول؟ نبدأ معك يا دكتور عيسى تعليقًا على هذا الاستطلاع، ونحن نحرص على مثل هذه الاستطلاعات حنى تعرف مدى معرفة أوساط الناس بمثل هذه الموضوعات التي نطرحها في حلقاتنا فنبدأ بتعريف سبب النزول للإخوة المشاهدين .
د. عيسى الدريبي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد. بداية أسأل الله أن يبارك في هذا اللقاء وأن يسددنا فيما نقول وأشكر لك دكتور عبد الرحمن ولمركز تفسير هذا البرنامج الذي أسأل الله أن ينفع به .
د. عبد الرحمن الشهري: اللهم آمين .
د. عيسى الدريبي: الاستطلاع الذي تفضلت في البداية به هو مشجع في ما سمعناه من أقوال الإخوة الذين استطلعت آراؤهم أن هناك حدّ لا بأس به من المعرفة في علوم القرآن الكربم في الجملة أو في موضوعنا الذي سنتحدث به هذه الليلة وهو أسباب النزول. فذكر بعض الإخوة فيما سمعت تعريف الشائع في تعريف أسباب النزول ومن خلال ما سمعنا من استطلاع ذكروا أن أغلبهم يعرفوا أركان أسباب النزول وأن هناك كحادثة أو شيء يقع أو يُسأل عنه أو قول يكون سببًا في نزول آية من الآيات هذا المفهوم بعمومه يجعل الإنسان يطمئن نوعًا ما أن هنالك إلمام جيد بمثل هذا الموضوع أو ربما الاستطلاع الذي كان مجموعة لمجموعة من طلبة العلم أو طلبة في الجامعة؟
د. عبد الرحمن الشهري: لا، بالعكس هي عينات عشوائية .
د. عيسى الدريبي: تعريف سبب النزول عند علماء علوم القرآن الكريم تختلف عباراتهم لكن أركانه ممكن أن نجعل لها ركنان رئيسيان.
التعريف الموجود في كتب علوم القرآن الكريم هو (ما نزل قرآنٌ بشأنه وقت وقوعه) وبعضهم يضيف (كحادثة أو سؤال)
وهنالك من يعبر بتعبير آخر فيقول: (ما نزلت الآية أو الآيات تتحدث عنه أو تبينه أو تبين حكمه أيام وقوعه) فعندنا أركان رئيسة لهذا التعريف وأن هنالك سببًا وهذا السبب قد يكون سؤالًا يُسأله النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الإخوة في الاستطلاع أن السؤال قد يكون عن شيء ماضي وقد يكون عن شيء حاضر أو أمر أو حادثة تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فتنزل آية من الآيات أو مجموعة من آيات تعالج هذا الحدث أو تجيب عن هذا التساؤل، هذا هو الركن الثاني، الركن الثالث وكثير من الذين كتبوا في علوم القرآن الكريم يقولون به وهو وقت نزول القرآن الكريم وقت وقوعه كما يعبر عنه بعض العلماء أو وقت نزوله كما يعبر بعض العلماء الآخرين. وهذا الضابط الثالث أو الركن الثالث فيه نقاش ممكن يثار النقاش حوله .
د. عبد الرحمن الشهري: أثناء الحلقة .
د. عيسى الدريبي: نعم
د. عبد الرحمن الشهري: إذن نحن نقول تعريف سبب النزول هو (ما نزل قرآن بشأنه وقت نزوله) فلا تدخل الحوادث التي سبقت البعثة
د. عيسى الدريبي: هذا القيد ذكره العلماء لإخراج الحوادث التي كانت قبل نزول القرآن الكريم وأوضح مثال لها وهو ما ذكره الإمام الواحدي صاحب “أسباب النزول” قصة أصحاب الفيل على هذا التعريف هذه القصة تخرج من أسباب النزول
د. عبد الرحمن الشهري: لماذا؟
د. عيسى الدريبي: لأنها كانت قبل نزول القرآن الكريم، لم تكن في وقت تنزل القرآن الكريم
د. عبد الرحمن الشهري: في وقت ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ربما؟
د. عيسى الدريبي: نعم، العلماء الذين يقولون هذا التعريف يرون هذا التعريف يرون أن هذه السورة سورة الفيل لم تنزل بسبب حادثة الفيل، وبهذا كل قصص الأنبياء السابقين أيضًا التي وردت في القرآن الكريم يمكن إخراجها بهذا القيد وإن كان الإمام الواحدي رحمه الله في “أسباب النزول” ذكر هذا الأمر ذكر أن سبب سورة الفيل هو قصة أصحاب الفيل وهنالك من المعاصرين من العلماء الباحثين ربما يأتي الحديث عنه يفصّلون هذا الأمر فيستثنون هذا القيد لكن الشائع الغالب عند علماء علوم القرآن الكريم أن هذه الأركان الثلاثة هي أركان تعريف سبب النزول .
د. عبد الرحمن الشهري: لعلي أنقل الموضوع دكتور فهد حول تعريف سبب النزول الذي ذكره الدكتور عيسى الآن (ما نزل القرآن الكريم بشأنه وقت وقوعه كحادثة أو سؤال) هل آيات القرآن الكريم عندما يستمع الإخوة المشاهدون الآن هل آيات القرآن الكريم كله كان له أسباب نزول مباشرة بهذه الطريقة يمكن تقسيمها إلى أقسام؟
د. فهد الوهبي: أولًا بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأسلم على خاتم النبيين وإمام المرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم الحديث في سبب النزول لا شك أنه حديث لا يزال بكراً حتى الآن هذه التعريفات المذكورة في كتب علوم القرآن، كتب علوم القرآن المتأخرة خصوصًا بالذات بحاجة إلى نقد وبحاجة إلى دراسة. تعريف سبب النزول مبني على كلمة السبب لغويًا “السبب” في اللغة هو ما يتوصل به إلى شيء والعلماء السابقون من الصحابة والتابعين كانوا يعبّرون بألفاظ توصل إلى فهم معنى الآية سواء كان هذا سبب نزول الآية أو كان تفسيرًا للآية أو كان ذكرًا لقصة الآية أو كان تنزيلاً للآية على الواقع، يعني الألفاظ الواردة عن الصحابة والتابعين لم تكن مختصة بسبب النزول المباشر، المتقدمون عمومًا من الكتاّب لم يكن لديهم تعريف ولم يكن يسمون أن هذا سبب نزول لمّا جاء المتأخرون وقالوا سبب النزول هو: (ما نزل قرآن بشأنه وقت وقوعه) حدثت هناك إشكالياّت في علوم القرآن، الإشكاليّة الأولى أنهم جاؤوا وقالوا ما هي الألفاظ التي تدل على هذا التعريف؟ فأدخلوا الألفاظ السابقة لما يقول الصحابي حدث كذا فأنزل الله كذا، أو لما يقول نزلت هذه الآية في فلان ويعتبرون أن هذه ألفاظ تدل على سبب النزول وأي سبب نزول يريدون؟ وأيّ سبب نزول يريدون؟ السبب الذي في أذهانهم وهو ما نزل قرآن بسببه وقت وقوعه
د. عبد الرحمن الشهري: السبب المباشر
د. فهد الوهبي: السبب المباشر ثم ينبني على ذلك يقولون أن الصحابي قد يكون وهِم أو التابعي قد يكون وهِم في نسبة هذا السبب لهذه الآية. وفي الحقيقة أن الصحابة والتابعين لم يكن سبب النزول عندهم مثل ما هو موجود عندنا وإنما كانوا يقصدون بأسباب النزول حالات معينة
أولى الحالات أن يفسروا الحالة بما ذكروا فيجعلون هذا السبب الذي ذكروه وقالوا أُنزلت الآية في فلان يفسرون الآية وهناك أمثلة كثيرة سأذكرها إن شاء الله في خلال الحلقة .
القضية الثانية إنهم يذكرون قصة الآية مثل قصة الفيل مثلًا قصة موسى عليه السلام لما قال بني إسرائيل أنه (آدر) وذكروها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى (69) الأحزاب) ذكروها أنها سبب لنزول الآية هم لا يذكرون أنها سبب نزول مباشر لكن يذكرون أن هذه قصة الآية .
د. فهد الوهبي: أيضًا الثالث عندهم أنهم يستدلون بالآية على معنى معين فيقولون أنزلت الآية في كذا هذا ليس المراد أنه سبب نزول مباشر يُقصد فيه استدلال وهذا استدلال متاح .
د. عبد لرحمن الشهري: يعني أن هذه القصة تدخل في معنى الآية .
د. فهد الوهبي: يعني أن هذا المعنى المستنبَط من هذه الآية يدخل فيها .
الرابع أن ينزّلوا الآية على الواقع مثل ما يقولون هذه الآية نزلت في الخوارج هذه الآية نزلت في القدرية هذه الآية نزلت في كذا هم لا يقصدون أنها نزلت يعني سبب وإنما يقصدون تنزيل الآية على الواقع
الحالة الأخيرة التي كان السلف يقصدونها هي أسباب النزول
د. عبد الرحمن الشهري: المباشرة
د. فهد الوهبي: المباشرة. ولذلك من الخطأ الآن أن لمّا نأتي إلى صحابي فنقول أنه وهِم في حكاية السبب أو أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول هذه الآية فظنّ أنها سبب له فهذا حقيقة غير صحيح
أيضًا مما حدث أن بعض الملاحظين من أهل الشبهات المعاصرين انتقدوا أيضًا هذا الفعل من الصحابة والتابعين لما قالوا مثلًا سبب نزول الآية قصة الفيل انتقدوا
د. عبد الرحمن الشهري: انتقدوا الواحدي
د. فهد الوهبي: انتقدوا الواحدي بناء على الفهم الذي هو عند المتأخرين وهذا حقيقة ينبغي أن يوضح وأن يُقال أن ما ورد من ألفاظ عن الصحابة والتابعين لا يقيّد في هذا المصطلح المتأخر وإنما يكون حالات وملابسات للنزول هي أعم من سبب النزول المعاصر .
د. عبد الرحمن الشهري: وهذا يعني كلام الدكتور فهد فيما فهمت منه أنه يشير إلى قضية المصطلحات وتحريرها والفرق بين المصطلحات عند السلف وعند المتأخرين أحيانًا دلالتها عند المتقدمين أوسع من دلالتها عند السلف مثل مفهوم النسخ ولعلنا إن شاء الله نناقشه في إحدى الحلقات. إذن هذا ما يتعلق بسبب النزول أننا نقول (ما نزل القرآن بسببه بحادثة أو سؤال وقت حدوثه) هذا التعريف الذي حرره السيوطي في “لباب النقول”
د. فهد الوهبي: ويكون هذا يقصد به جزء مما ورد عن السلف
د. عبد الرحمن الشهري: لكنه لا يستوعب كل ما ذُكر عن السلف أو نقل
د. فهد الوهبي: ولا يُحاكم عليه السلف .
د. عبد الرحمن الشهري: ولا يُحاكم عليه السلف، جميل جدًا هل بقي لديك شيء في التعريف؟
د. عيسى الدريبي: دع حلقتنا تكون نقاشاً علمياً حتى نستفيد.
د. عبد الرحمن الشهري: جيد .
د. عيسى الدريبي: ما تفضل بذكره الدكتور فهد جزاه الله خيرًا كلام جميل ومهم وواقعي لكن نفرق بين قضية اصطلاحات أهل الفنون وما اصطلح عليه أهل العلم. اصطلح علماء علوم القرآن على أحد أنواع علوم القرآن الكريموسموه أسباب النزول وعرفوه بهذا القيد، هذا لا يلزم منه أننا كما تفضل الدكتور فهد وأشرت أنت أيضًا وأكدت ذلك أننا نحاكم السلف إلى مصطلحاتنا نحن ونخطئهم بذلك فنفرِّق بين هذين الأمرين فالسلف لهم مصطلحاتهم الواسعة في قضية سبب النزول وسيأتي الحديث عنه ومما يطلقونه وهو شائع عندهم ويريدون به التفسير. كان السلف في تناولهم للقرآن الكريم وتفسيره يركزون على بيان المعنى وتأتي كل هذه المصطلحات الحديثة التي قعّدها العلماء لم تكن كاصطلاحات موجودة عندهم فيطلقون سبب النزول ويريدون به التفسير ويطلقون مثلًا النسخ ويريدون به التخصيص أحياناً أو رفع جزء من الحكم فأنا أقول نفرق بين ما اصطلح عليه العلماء واصطلح عليه أهل الفن
د. عبد الرحمن الشهري: جميل، وهذا التنبيه يصلح معنا في أسباب النزول وفي موضوعات كثيرة من موضوعات علوم القرآن. ننتقل إلى لنقطة أخرى وهي فوائد معرفة أسباب النزول ما هي الفوائد المتوخاة من معرفة موضوع أسباب النزول لعامة الناس؟
د. فهد الوهبي: الخلل في المصطلح أيضًا جاء إلى الخلل في الفوائد، الفوائد التي يذكرها علماء علوم القرآن هي فوائد في سبب النزول العام وليست في السبب الخاص فقط ولذلك أذكر أنا بعض الفوائد التي ذكرها علماء القرآن قالوا مثلًا معرفة حكمة التشريع يعني أن الله ساير الأحداث وساير لكل سبب آية مثلًا ولكل حادثة سؤال وهذا معروف من الشريعة الإسلامية.
ـ من الفوائد أن سبب النزول يعين على فهم الآية مثل قول الله (وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ (115) البقرة) قد يقرأ بعض الناس هذه الآية ويظن أنه إذا صلى على المشرق أو المغرب أو الشمال أو الجنوب أن صلاته صحيحة تقبل لكن الواقع أن هذه الآية نزلت لما اجتهد بعض الصحابة وأخطأوا في القبلة وأن صلاتهم صحيحة وهذا هو الحكم المستنبط من هذه الآية بناء على السبب
د. عبد الرحمن الشهري: لولا معرفة سبب النزول ما فهمت الآية على وجهها الصحيح
د. فهد الوهبي: ما فهمت الآية، كذلك يقع هذا من كبار القوم مروان بن الحكم أحد أمراء المدينة لما قرأ قول الله تعالى (لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ (188) آل عمران) قال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأَحبَّ أن يُحمد لما لم يفعل عُذِّب لنعذبنّ أجمعين يعني كلنا فبين له ابن عباس أن هذا في أهل الكتاب لما سألهم الرسول صلى الله عليه وسلم سؤالًا فأخفوه ثم أجابوه إجابة غير صحيحة فأحبوا أن يفرحوا بما لم يفعلوه من العمل [1]
من الفوائد دفع توهم الحصر في الآية يعني قد تأتي آية تحصر محرمات في هذه الآية وقد يظن الظان الذي يسمع الآية هذا هو كل المحرمات مثل ما قال عز وجل (ُقُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ (145) الأنعام) يظن بعض الناس أن هذه هي المحرمات السُنّة أيضًا حرّمت “كل سبع ذي ناب وكل ذي مخلب من الطير” [2] كيف تفهم هذه الآية؟ تفهم أن جاءت هذه أنها تقول للمشركين أنتم تحلِّون ما حرم الله وتحرمون ما أحل الله هذه الآية تقول لهم لا حرام إلا ما حرم الله لا أجد إلا هذه المحرمات ليس من باب الحصر الحقيقي وإنما من باب الرد على أولئك فيفهم بالسبب الآية .
د. عبد الرحمن الشهري: جميل، أستأذنك يا دكتور سنكمل الفوائد إن شاء الله تعالى لكن أستأذنك معنا مداخلة هاتفية من الدكتور عمر فلاتة الأستاذ بالمسجد النبوي حيّاكم الله يا شيخ عمر
د. عمر فلاتة: يا مرحبًا، أهلًا وسهلًا
د. عبد الرحمن الشهري: أهلًا وسهلًا بكم حياكم الله
د. عمر فلاتة: وأنتم كذلك
د. عبد الرحمن الشهري: نحن نتحدث يا شيخ حول أسباب نزول القرآن الكريم وبعض المسائل والقضايا المتعلقة بها لعلك تشير إلى نقطة مهمة أولًا وهي طريق معرفة أسباب النزول، ما هي الطريق إلى معرفة أسباب نزول القرآن الكريم؟
د. عمر فلاتة: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، في الحقيقة علماء التفسير وعلماء علوم القرآن حددوا الطريقة التي من خلالها يعرف بها أسباب نزول القرآن وهي أن تكون عن طريق السماع، بالسمع فيعرف من خلال الأحاديث الواردة عن الصحابة رضوان الله عنهم أو الأحاديث التي حضر الصحابة قصتها وأنها وقعت الواقعة المعينة وأنزل الله عز وجل الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم وبالتالي ينقلون هذه الواقعة ويشيرون إلى أنه عندما حدثت الواقعة نزل القرآن أو نزل جبريل أو أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذن الطريقة هو الطريق السمعي بالوحي
د. عبد الرحمن الشهري: ولا يدخل الاجتهاد في موضوع أسباب النزول؟
د. عمر فلاتة: لا، أسباب النزول لا تدخل في دائرة الاجتهاد بل لا بدّ أن يُنصّ عليها .
د. عبد الرحمن الشهري: هذا يدعو يا دكتور عمر إلى نقطة أخرى وهي التابعي من التابعين إذا نقل سببًا من أسباب النزول أو انفرد بذكره هل يُقال له يجري عليه ما يجري على الصحابي في أسباب النزول؟
د. عمر فلاتة: لا، هناك فرق بين ما ينقله التابعي وبين ينقله الصحابي ما ينقله الصحابي يعتبر حديثًا مرفوعًا لأنه يحكي عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو معاصر للنبي عليه الصلاة والسلام فيكون حديثه متصلًا مرفوعًا وأما ما ينقله التابعون فهذا يُعطى حكم الحديث المرسَل ويختلف العلماء في حجيّة المرسل إن كان التابعي من التابعين الكبار فهذا يعتبر حديثه متصلاً أو يعطى حكم الاتصال لأن غالب التابعين الكبار يروون عن الصحابة وشهادة الصحابي لا تضر أما إذا كان التابعي صغيرًا واحتمال أنه يروي عن تابعي آخر فيكون الحديث فيه إرسال بمعنى الانقطاع .
د. عبد الرحمن الشهري: فتح الله عليك يا دكتور عمر على هذه الفوائد ونحن حرصنا على سماعها منك يا دكتور عمر باعتبار تخصصك في الحديث النبوي شكر الله لك .
د. عمر فلاتة: شكرًا لك، جزاك الله خيرًا .
د. عبد الرحمن الشهري: شكرًا للدكتور عمر فلاتة الأستاذ بجامعة طيبة والمدرس في المسجد النبوي. نعود إلى موضوعنا في موضوع فوائد معرفة أسباب النزول، الدكتور فهد ذكر عدة فوائد ثلاث أو أربع فوائد لعلك يا دكتور عيسى إذا عندك إضافة في موضوع فوائد دراسة أسباب النزول حتى ننتقل إلى النقطة التي تليها
د. عيسى الدريبي: موضوع أسباب النزول بكل التفاصيل التي يذكره العلماء في الفوائد وتعدادها وتقسيماتها مداره على بيان المعنى، بيان معنى الآية تفسير الآية بإجمال وكل ما ذكره أهل الفن أقصد أهل علوم القرآن في هذه التقسيمات وأمثلتها هو من باب التقسيم العلمي وإلا هي كلها مدارها يدور
د. عبد الرحمن الشهري: يعني فائدتها في بيان المعنى
د. عيسى الدريبي: فائدتها في بيان المعنى سواء كان في دفع إشكال، حصر، سواء كان في تخصيص الحكم عند من يرى تخصيص الحكم بالسبب لكن بالعموم سبب النزول مهم مؤثر بشكل كبير جدًا ولهذا العلماء يقررون ذلك الإمام ابن دقيق العيد وشيخ الإسلام والواحدي وكل من كتب في علوم القرآن يقررون أن معرفة السبب مؤثر بشكل كبير في فهم المعنى ودعني أضرب مثالًا والدكتور قد ذكر بعض الأمثلة، كلنا يقرأ قول الله عز وجل (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا (189) البقرة) حينما يقرأ الإنسان منا في سورة البقرة هذه الآية ما علاقة التقوى بإتيان البيوت من أبوابها؟ فهذا يكشف عنه سبب النزول معرفة عادة العرب في ذلك الوقت فقد كانوا إذا حجّوا لا يدخلون
د. عبد الرحمن الشهري: من أبواب المنازل .
د. عيسى الدريبي: نعم، إنما كانوا ينقبون نقبًا
د. عبد الرحمن الشهري: في ظهر البيت
د. عيسى الدريبي: في ظهر البيت ويظنون ذلك من التقوى فأنزل الله (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا (189) البقرة) فكشفت هذه الآية عن هذا المعنى، وضحت المعنى وإلا لو قرأها الإنسان لا يستطيع أن يفهم إلا أن يعرف عادة العرب في ذلك الوقت وعادة العرب كشف عنه موضوع معرفة سبب النزول
د. عبد الرحمن الشهري: ويبدو لي أيضاً في هذه النقطة أسباب النزول ليست على درجة واحدة في علاقتها بالمعنى مباشرة، يعني بعض أسباب النزول يتوقف فهم المعنى على معرفتها لا تستطيع أن تفهم المعنى إلا إذا فهمت سبب النزول كما في هذه الآية وبعض أسباب النزول لا يكون لها أثر مباشر في
د. عيسى الدريبي: نعم، يوسع دائرة المعنى يكشف المعنى بشكل أكبر .
د. عبد الرحمن الشهري: جميل، تعليقات سريعة لو تكرمت دكتور فهد حول موضوع طريق معرفة سبب النزول الدكتور عمر أشار إلى هذا وأن طريق معرفة سبب النزول هو الطريق السماعي فقط النقلي
د. فهد الوهبي: بالنسبة لمعرفة طريق سبب النزول إذا كنا نتكلم عن سبب النزول المباشر الذي عرّفه الدكتور عيسى وهو (ما نزل قرآن بشأنه وقت وقوعه) لا شك أنه نقلي بدون شك لكن سبب النزول العام الذي ورد عن الصحابة والتابعين هو يحتمل خمس حالات ذكرتها فيما سبق
الحالة الأولى: التفسير والتفسير هنا قد يكون اجتهادياً وقد يكون نقلياً مثل ما يأتي أمثلة كثيرة وردت عن الصحابة إذا كان في مجال نذكر بعض الأمثلة
د. عبد الرحمن الشهري: أحسنت، وهذا أيضًا يقودنا إلى التعبيرات عن أسباب النزول (الصِّيغ)
د. فهد الوهبي: لا، قبل الصيغ هذه قضية مهمة جدًا
د. عبد الرحمن الشهري: يعني أنت الآن عندما تقول يا دكتور فهد إذا كنا نقصد بسبب النزول السبب الخاص الذي ذكره الدكتور عيسى فهذا نقلي لكن إذا كان أشمل ما يأتي أحيانًا من تعبيرات من بعض الصحابة يكون المقصود بها التفسير
د. فهد الوهبي: نعم
د. عبد الرحمن الشهري: نتحدث عن الصيغ
د. فهد الوهبي: الصيغ تأتي بخمس حالات عند الصحابة جزء منها يكون نقلياً لا يمكن أن يكون إلا نقلي
د. عبد الرحمن الشهري: مثل ماذا؟
د. فهد الوهبي: مثل سبب النزول المباشر ومثل ذكر القصة هاتان حالتان إذا ورد عن الصحابة قضية فيها ذكر قصة لآية أو سبب نزول مباشر هنا لا بد من أن نقول نقلي لم يكن باجتهاده وإنما بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو بمشاهدته، أما الحالات الثلاث الأخرى وهي (حالة التفسير) أن يكون الصحابي يقصد تفسير الآية أو يكون يستدل بالآية على أمر ما، أو يكون ينزّل الآية على الواقع هنا اجتهاد هنا يقع الاجتهاد بهذا المعنى العام وليس بالمعنى الخاص. مثال التفسير مثلًا يقول في البخاري [3] عن عبد الله بن مسعود قَالَ: جاء رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهْوَ خَلَقَكَ ». قَالَ ثُمَّ أَيّ؟ قَالَ « ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ، أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ » إلى آخر الحديث فقال: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) هذه الآية لم تنزل بسبب هذا الحديث وإنما هنا جمع الصحابي بين الحديث ودلالة الآية هذا تفسير.
مثال الاستدلال عائشة رضي الله عنها نزلت هذه الآية (َلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110) الإسراء) [4] في الدعاء هذا لا يمكن أن يكون نقلي يمكن أن يكون اجتهاد منها، تقول أيضًا عائشة: مَا أُرَى هَذِهِ الْآيَةَ نزلت إِلَّا فِي الْمُؤَذِّنِينَ (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [5]
مثال على التنزيل على الواقع في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (27) الأنفال) قال المغيرة بن شعبة نزلت في قتل عثمان، هل هذا نقلي؟!
د. عبد الرحمن الشهري: طبعًا لا يمكن أن يكون ،لأن قتل عثمان كان بعد انقطاع الوحي بفترة طويلة .
د. فهد الوهبي: الحسن يقول (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) الأنفال) نزلت في علي وعثمان وطلحة والزبير أيضًا سعد بن أبي وقاص يقول (الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ (27) البقرة) نزلت في الحرورية. محمد بن كعب القرظي يقول: لما تكلم الناس في القدر فإذا هذه الآية نزلت فيهم (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) القمر). محمد بن سيرين يقول (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) غافر) إن لم تكن هذه الآية نزلت في القدرية فإني لا أدري فيمن نزلت؟!
إذن لما نقول طريق سبب النزول النقل نقصد به إما أن يكون قصة أو علّة النزول أما بقية الألفاظ هذا يكون في الاجتهاد وأكثر الألفاظ واردة في الإجتهاد وليست في النقل .
د. عبد الرحمن الشهري: جميل، وهذا استدراك على التعريف الشائع المعروف عند الذين يكتبون في أسباب النزول .
هناك الشيخ عبد الحميد الفراهي [6] وهو من علماء الهند المتأخرين المتوفى سنة 1349هـ له رأي في دلالة مفهوم أسباب النزول يختلف مع ما ذكره الإخوة عن الإمام السيوطي والإمام الواحدي نستمع إلى رأي الشيخ عبد الحميد الفراهي ثم نأخذ بعض التعليقات حول كلامه ودلالته
عرض رأي الشيخ الفراهي في دلالة مفهوم أسباب النزول
ليس المراد من سبب النـزول ما لأجله نزل الوحي، إنما هو شأن الناس وأمرهم والحالات والواقعات التي بينها وبين ما نزل نسبة، وهذا هو معنى السبب في الصحيح من كلام العرب. ولذلك كانت القدماء يذكرون كل ما يتعلق بمضمون الآية، ولكن المتأخرين لم يفهموا منه إلا معناه المولّد فضاق عندهم فحواه، فإنهم وجدوا الصحابة والتابعين كثُر اختلافهم في بيان أسباب النزول ولا بأس به إذا كان المراد منه معناه الوسيع ولكن المتأخرين لما وجدوهم يذكرون أمورًا متباعدة في الزمان والمكان والشيء الواحد يكون معلولًا لعلل مختلفة لا سيما بهذا الاختلاف المتباعد لم يمكنهم الخروج عن الإشكال إلا بأحد الطريقتين:
- إما بتعدد النـزول.
- وإما بإجراء الجرح والتعديل في روايات صحيحة مسلّمة.
فليكن الاعتماد على أصلين:
أ ـ لا يُعتمد إلا على رواية صحيحة .
ب ـ يُستخرج شأن النزول من سياق الكلام ونظمه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
د. الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى وقد قرأنا جميعاً وسمعنا كلام العلامة عبد الحميد الفراهي وهو من علماء الهند المتأخرين كما قلت توفي سنة 1349 هجري ذكر رأياً في تعريف سبب النزول لعلنا نناقشه مع ضيفنا على الهاتف فضيلة الشيخ الدكتور خالد ابن سليمان المزيني أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة القصيم وصاحب كتاب “المحرر في أسباب نزول القرآن الكريم من خلال الكتب التسعة”، حياكم الله يا دكتور خالد. إذاً حتى يتواصل معنا الدكتور خالد نناقش الموضوع مع الدكتور عيسى، الشيخ الفراهي في كلامه الذي نقلناه على الشاشة يريد أن يوسع مفهوم ودلالة أسباب النزول كما تفضلتم في حديثكم واستدراككم قبل قليل وهو أنه يقول أن قصر مفهوم سبب النزول في تعريف حتى المتقدمين كما ذكر الدكتور فهد غير مقبول على الحوادث التي في وقعت في وقت نزول الوحي فقط وإنما ينبغي تعميمه وأن يشمل أشياء تتجاوز سبب النزول المباشر فما تعليقك؟
د. عيسى الدريبي: العلامة الفراهي رحمه الله من العلماء المتأخرين المحققين كتاباته في الدراسات القرآنية معروفة وهو فتح باباً للمتأخرين وكم ترك الأول للآخر، تركوا خيراً كثيراً، كثير منا وربما كان الحديث قبل أن تبدأ الحلقة وهو الشائع عند المتخصصين كثير مما كُتب في علوم القرآن الكريم وتقريراته يحتاج إلى نقاش ويحتاج إلى إعادة نظر وجزء من الإشكالية هو التسليم بكل ما كتب من المتقدمين فينقله المتأخرون عنهم وربما هذا الجزء مما جعله يشيع عند المتخصصين بعامة وعند طلبة الشريعة وأن أكثر من كتب في علوم القرآن الكريم من المعاصرين أغلبهم كانت كتاباتهم مذكرات لطلاب الجامعات في تخصص الدراسات القرآنية فكان يغلب عليها أحياناً عدم التفصيل الدقيق والتحقيق ولهذا نقول أنه هنالك الآن خطوة جديدة لإعادة تقييم ما كُتب في علوم القرآن بعموم وهذا بين أخذ جهة اليسار التام نسف كل ما سبق وهذا غير مقبول وبين شخص آخر يرى عدم المناقشة، لكن نحن نقول أن مثل هذا المصطلح وغيره من المصطلحات تحتاج إلى نقاش لدلالة بعض ما ذكره علماء علوم القرآن الذين كتبوا في علوم القرآن عند وضعها على المحك عند البحث عن تطبيقات أو أمثلة لا تكاد تجد شيئاً.
د. عبد الرحمن الشهري: دكتور فهد أنت في تعليقك على سبب النزول قبل قليل واستدراكك هو يؤيد ما ذهب إليه الفراهي فالإمام الفراهي يؤيد هذه الفكرة.
د. فهد الوهبي: بلا شك الفراهي وولي الله الدهلوي ودراز في بعض مقالاته هم يذهبون إلى هذا المذهب وهذا المذهب مفيد الآن للباحثين يستطيعون أن يبحثوا في ألفاظ السلف التي دخلت في أسباب النزول ولم تكن سبب نزول مباشر هذه لم تُجمع ويُخرج بالفوائد منها الفوائد في تنزيلها على الواقع الفوائد في الإستدلالات. جزء كبير ممّا يسمى بأسباب النزول هو مستنبطات وداخل في باب الإستنباط فلو جمعت هذه المستنبطات وهي قديمة من عهد الصحاب والتابعين فهي تكون فيها قوة وفيها علم وأيضًا لو درس طريق وصول الصحابة لهذا الإستنباط أيضاً تنزيلهم على الواقع وهو تحقيق المناط من الآية على الواقع الذي يعيشونه هذا يحتاج إلى دراسات، ودُرِس في بعضها.
د. عبد الرحمن الشهري: يعني يمكن أن نقول نسميها ملابسات النزول مثلاً أنها أعمّ من سبب النزول الإصطلاحي الذي ذكرناه، يعني عندما نقول سبب النزول هو ما نزل القرآن الكريم بشأنه وقت نزوله هذا تعريف للسبب المباشر أما ما ذكره الفراهي وما ذكره السلف فهو أعمّ من هذا.
د.فهد الوهبي: لو حذفنا كلمة (وقت نزوله) لقلنا (ما نزل قرآن بشأنه كحادثة أو سؤال أو قصة) هذا كله يسمى سبب نزول بالمعنى اللغوي أن يؤدي إلى شيء يؤدي إلى فهم الآية يؤدي إلى معرفة قصة الآية يؤدي إلى معرفة ما تتضمنه الآية. إذاً لو حذفنا (وقت) المشكلة في وقت الوقوع، لما نقول (وقت وقوعه) حصرناها في الأسباب المباشرة ولما حصرناها في الأسباب المباشرة حاكمنا كلام السلف ولما حاكمنا كلام السلف خطأناهم واحتجنا إلى الجمع والترجيح وفي الحقيقة هناك أسباب كثيرة ليس بينها خلاف هي أمثلة للتفسير أو هي مثلاً مستنبطات من الآية أو هي تنزيل للآية على الواقع وليس هناك خلاف في هذه الأمثلة وإنما يمكن جمعها مثل ما تجمع الأقوال في التفسير والتمثيل. والعجيب في هذا الأمر أن شيخ الإسلام في مقدمة التفسير لما ذكر سبب النزول ذكره في أي باب؟ ذكره في الخلاف الذي يظن أنه خلاف نسبي وليس خلاف حقيقي خلاف التنوع وذكره أنه مثال من الأمثلة يعني ذكر بعض المسائل وذكرها بعض المحررين في أسباب النزول هو ذكرها في باب (خلاف التنوع) ثم تعرض لأسباب النزول ثم خرج منها ورجع إلى الخلاف ممّا يدل حتى استقرار هذا الموضوع عند المتقدمين عند المحررين مثل شيخ الإسلام أن هذه العبارات لا يقصد فيها فقط السبب المباشر لأن ليس كل القرآن فيه سبب مباشر.
د. عبد الرحمن الشهري: نكتفي هذه فكرة رائعة واتضحت للإخوة للمشاهدين.
د.عيسى الدريبي: اسمح لي يا دكتور عبد الرحمن أظن لا يوجد تلازم بين أن يكون هذا اصطلاح لأهل الفن وبين قضية عبارات السلف في سبب النزول يعني الفراهي له رأيه والحقيقة رأي السيوطي رأي الزركشي.
د. عبد الرحمن الشهري: طبعاً هو السيوطي هو الذي استدرك على الواحدي ولذلك الكلام هو الآن تصحيح لهذا الكلام الذي ذكره السيوطي يعني بالمناسبة كلام الفراهي الذي ذكرناه هو استدراك على السيوطي بالذات، يعني السيوطي يقول (وقت نزوله وقد أخطأ الواحدي عندما أدخل قصة أصحاب الفيل في سبب نزول السورة) فالفراهي يقول لا، بل هي بالعكس تدخل في مفهوم النزول بصفة عامة أنها بشكل أو بآخر لها علاقة بالنزول أنها وضحت قصة نزول هذه الآية بشكل أو بآخر حتى لو كانت متقدمة أليس كذلك؟
د.عيسى الدريبي: الأمر مرتبط بتعريف كلمة السبب في اللغة وهل هو مصطلح الأصوليون أنه يلزم من وجود الوجود؟
د. عبد الرحمن الشهري: لا، المفهوم اللغوي ما يتوصل به إلى غيره.
د.عيسى الدريبي: ولهذا على المفهوم اللغوي رأي السيوطي حقيقة له اعتباره بشكل كبير والإمام الفراهي اجتهد في هذا الأمر وكما ذكر هناك من سبقه كالإمام بن حجر.
د. الشهري: دعونا قبل أن ننتقل إلى النقطة الأخرى نأخذ اتصالاً مع الأخ ضيف الله تفضل يا شيخ ضيف الله
مداخلة (ضيف الله الشمراني) معيد في قسم القراءات في الجامعة الإسلامية: أحييك يا دكتور عبد الرحمن وضيفيك الكريمين أريد أن أطرح ثلاث قضايا بشكل سريع
- الأولى فيما يتعلق بتعدد النازل ويكون السبب واحداً، أولاً بالنسبة لهذه المسألة ذكرت في بعض كتب علوم القرآن هل لهذا وجود فعلي أم هو ما اقتضته القسمة العقلية؟
- الأمر الآخر على أي هيئة يكون تعدد النازل هل يكون على هيئة آيات في سورة واحدة مثلاً أو في عدة سور؟
- الأمر الثالث ما يتعلق بصحة ما ورد في هذا الباب هل يصح ما ورد بجميع هيئاته؟
- مسالة أخرى بشكل سريع يُذكر في كتب علوم القرآن ما يتعلق باختلاف الأصوليين في (هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب) العبرة لعموم اللفظ لا بخصوص السبب وبعضهم قال العبرة بخصوص السبب، هذا الخلاف بين الأصوليين هل خلاف حقيقي أم هو صوري والأسباب مؤداه في النهاية واحد؟
د. الشهري: لماذا الخلاف بين الأصوليين بالذات يا ضيف الله؟ هذا الخلاف أيضاً وارد حتى عند الذين كتبوا في أسباب النزول؟
ضيف الله: نعم، أيضاً عند من قال العبرة بخصوص السبب من كتب في ذلك من أصوليين أو ما ذكر في علوم القرآن ما معنى العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ؟ لأن بعض العصريين يطرح (العبرة بخصوص السبب) يقصدون معنى غير الذي يقصده الأصوليون؟
د. عبد الرحمن الشهري: جميل لعل إن شاء الله تسمع جوابها شكراً جزيلاً لك بارك الله فيك. قبل أن يأتينا الفاصل نريد أن نشير إلى مسألة يا دكتور عيسى وهي التعبيرات عن أسباب النزول يعني تعرضنا لها سريعاً نريد أن نركز في أقل من دقيقتين على الصيغة التي ترد في كتب أسباب النزول للتعبير عن سبب النزول، ما هي هذه الصيغ؟
د. عيسى الدريبي: الذين كتبوا في علوم القرآن الكريم أيضاً كتبوا أن هنالك صيغتان صيغ صريحة وصيغ غير صريحة الصيغ الصريحة هذا ذكره الإمام الزرقاني فقال (تختلف عبارات القوم في التعبير عن سبب النزول فتارة يصرح فيها بذكر السبب فيقال سبب نزول الآية كذا وهذه العبارة نص السببية لا تحتمل غيرها وتارة لا يصرح بذكر السبب ولكن يؤتى بفاء داخلة على مادة النزول عقب سرد حادثة أو هذه العبارة مثل تلك الدالة على السببية) ثم ذكر أمثلة لكن حقيقة عند النظر وهذا ذكره بعض الباحثين المعاصرين ومنهم الدكتور خالد المزيني في كتابه “المحرر” ونحن نرى أن رأيه في تعقبه للزرقاني هذا مبني على استقراء يقول (واستقرأت) وكانت رسالته في الكتب التسعة وأظن هناك باحث الدكتور جلول أكملها في غير التسعة في أسباب النزول فما وجدت هذه العبارة، فتحصل عندنا صيغتان رئيسيتان هما الواردتان في سبب النزول:
- الصيغة الأولى (فأنزل الله أو فنزلت)
- الصيغة الثانية (نزلت في كذا أو أنزلت في كذا)
هاتان الصيغتان تتكرران في أقوال السلف من الصحابة والتابعين في التعبير عن سبب النزول ولكل واحد منهما حكمها
د. عبد الرحمن الشهري: إذاً صيغة (نزلت هذه الآية في كذا) غير موجودة عن السلف عفواً سبب نزول هذه الآية غير موجود يعني المتقدمين لم يستخدموا كلمة (سبب)
د. عيسى الدريبي: هم يستخدمون (نزلت) (فأنزل الله) وهذا يدخل في سبب النزول والعبارة الثانية التي يستخدمونها وهي (نزلت في كذا أو أنزلت في كذا) هذا قد يدخل في باب التفسير.
د.عبد الرحمن الشهري: وهذا الموضوع موضوع القول بأن السلف تعبيراتهم كذا وكذا يحتاج إلى استقراء قبل الحكم أليس كذلك؟ أتوقع أن الزرقاني رحمه الله عندما ذكر هذه العبارة في كتابه لم تكن مبنية على استقراء كامل ويعذر بذلك لأن كثيراً من الكتب كانت مخطوطة في زمنه فهو توقع أنه يمكن ن يكون أحد من الصحابة سبب نزول هذه الآية كذا وكذا.
د.فهد الوهبي: لكن حتى التقسيم هذه ألفاظ صريحة وهذه ألفاظ غير صريحة هذا غير صحيح لأنه الألفاظ التي قالوا أنها ألفاظ صريحة وردت فيها أسباب غير صريحة وهناك أمثلة كثيرة لهذا يعني لما يقولون نزلت حدث كذا فأنزل الله كذا ذكرت المثال السابق أن تدعو لله ثم قال في الأخير فأنزل الله كذا ذكر حادثة فأنزل الله (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ(68) الفرقان) هذا صريح الآن يسمونه سبب صريح ولكنه في الواقع عند دراسته ليس بسبب هو تفسير فإذاً حتى الألفاظ لا توجد ذكرها الدكتور خالد في كتابه أن هذه الألفاظ لا يوجد لفظ نقول له أن هذا لفظ صريح وهذا لفظ غير صريح ولكن يوجد إشارات تستطيع تفرق بين الصريح وغير الصريح:
- مثل مثلاً أن يرتبط نزول الآية بحدث مثل (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ(1) المجادلة) ارتبط بحدث آية اللعان، آية الإفك.
- ثانياً أن تتضمن هذه الآيات التي نزلت تتضمن بيان حادثة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
- والثالثة معاصرة نزول السبب.
بهذه الإعتبارات الثلاثة نستطيع أن نقول هذا سبب مباشر مؤشرات لكن ألفاظ لا يمكن.
د.عيسى الدريبي: حقيقة بالنظر في عبارات السلف هم الذين نقلوا هذه الأمور يستطيع الإنسان أن يحدد منه أن هذا سبب نزول له قرائن موجودة في الآية كما ذكر الدكتور، القرائن الموجودة هي التي تجعلنا نحدد ونقطع ونجزم أن هذه الآية فعلًا نزلت لهذا السبب أو هي تفسير لها.
د. عبد الرحمن الشهري: جزاكم الله خيراً وأستأذنكم فاصل قصير أيها الإخوة ثم نعود لإكمال حوارنا بإذن الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ فاصل إعلاني (جوال تفسير) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. عبد الرحمن الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى ولا زال حديثنا متصلاً مع ضيوفنا الكرام فضيلة الدكتور عيسى الدريبي وفضيلة الدكتور فهد الوهبي حول موضوع أسباب نزول القرآن الكريم وبعض الشبهات المثارة حول موضوع أسباب النزول وقد ناقشنا في المحور الأول تعريف أسباب النزول وفائدة معرفة أسباب النزول وطريق التعرف على سبب النزول والتعبيرات التي يُعبَّر بها في كتب علوم القرآن عن أسباب النزول. نناقش الآن يا دكتور فهد موضوع ورود أكثر من سبب نزول في الآية الواحدة آية واحدة لكن لها أكثر من سبب نزول وهذا ذكره الأخ ضيف الله في مداخلته قبل قليل عندما قال تعدد النازل والسبب واحد فقال هل هذا واقع فعلاً؟ أن هناك آيات جاء لها أكثر من سبب وهي آية واحدة؟ هل هي موجودة في سورة أو في أكثر من سورة؟ ما تعليقك على هذا؟
د. فهد الوهبي: طبعاً هذا المبحث يذكره علماء القرآن ولا شك أنه من حيث الأمثلة هو موجود في كتب علوم القرآن وكتب التفسير ويمكن أن نقسم هذا الموضوع الذي هو تعدد الأسباب والنازل واحد إلى احتمالين:
الاحتمال الأول أن تكون الآية نزلت عقب أسباب يعني جاءت أسباب متعددة ثم جاءت الآية ونزلت وهذا له أمثلة مثل ما رواه البخاري عن شقيق عن عبد الله ابن مسعود قال: قال رسول الله “من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان” قال الأشعث فيّ والله كان ذلك بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عله وسلم فقال لي رسول الله عليه الصلاة والسلام ألك بينة؟ قلت: لا، فقال اليهودي: إحلف، فقلت يا رسول الله إذاً يحلف ويذهب بمالي؟! يعني كيف يحلف ويذهب بالمال فقال فأنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً (77) آل عمران) [7] هذا الآن سبب واضح في قصة عبد الله والأشعث . نفسه في البخاري في حديث أخر عن عبد الله ابن أوفى قال “أن رجلاً أقام سلعة في السوق فحلف بالله لقد أعطى بها ما لم يعطى ليوقع فيها رجلاً من المسلمين” فنزلت (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً (77) آل عمران) [8] نفس الآية في قصة أخرى فعندنا احتمالان الآن أن تكون الآية نزلت مرة واحدة لهذه الأسباب.
والاحتمال الأخر الذي يذكره بعض علماء القرآن أن تكون الآية نزلت أكثر من مرة طبعاً الأول ليس فيه إشكال أن يكون هناك أسباب فتنزل الآية لكن المشكلة في تعدد النزول، تعدد النزول لم يرد نص عن الصحابة أو التابعين يقول أن الآية نزلت مرتين هو تخريج عقلي لبعض المعاصرين في هذا الموضوع وبتتبع الأمثلة وقد تتبعها الدكتور خالد في كتابه الماتع “المحرر” وفنّد كل هذه الأمثلة وذكر أنها لا تصح وحقيقة تحريره مفيد جداً في هذا الموضوع. إذاً إذا كان المقصود تعدد أسباب ثم تنزل آية هذا موجود إذا كانت تنزل مع كل سبب هذا غير موجود.
د. عبد الرحمن الشهري: وإن كان عقلاً لا يوجد ما يمنع منه، جميل إذاً هذا فيه إجابة للأخ ضيف الله عندما قال على أي هيئة يتعدد النزول هل هي في سورة واحدة أو في أكثر وأيضاً صحة ما ورد في هذا الباب فهناك أحاديث صحيحة أو روايات صحيحة في هذه المسألة.
نعود إلى مسألة مهمة جداً وهي من أبرز المسائل المتعلقة بموضوع أسباب النزول وهي مسألة “عموم اللفظ وخصوص السبب” يعني هل العبرة في أسباب النزول يا دكتور عيسى بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟ وهذه من المسائل المرتبطة بموضوعات أسباب النزول
د. عيسى الدريبي: إذا سمحت لي هناك إضافة لما تفضل به الدكتور فهد الوهبي وهو قضية تعدد النزول كما ذكر وأن التطبيقات شحيحة في هذا لكن ذكر بعض العلماء ومنهم ابن حجر في تعليقه على بعض الأسباب في الفتح ذكر أسباب نزول وقد تكون هذه الأمثلة شحيحة عند التتبع الدقيق لها قد تكون، القول بأن تعدد النزول عقلاً ممكن لكن تطبيقاً قليل لكن وُجِد هناك من استقرأ وقال لم يوجد ولكن وُجد ومن الأمثلة التي بين يدي آية (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ (86) الإسراء) فقد أخرج الشيخان وغيرهما من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: “كنت أمشي مع النبي في حرف بالمدينة ونتوكأ على عسيب فمر بنا نفر من اليهود فقال بعضهم لو سألتموه، فقال بعضهم لا تسرفوا فإنه يسمعكم ما تكرهون، فقالوا يا أبا القاسم حدثنا عن الروح فقام النبي صلى الله عليه وسلم ساعة ورفع رأسه إلى السماء فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال إنما الروح من أمر ربي” فهذا كان بالمدينة. أخرج الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قالت قريش لليهود أعطونا شيئاً نسأل هذا الرجل، فقالوا إسألوه عن الروح (في مكة) أنزل الله تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ (86) الإسراء) هذان سببان الآن.
د. عبد الرحمن الشهري: يتنازعان آية واحدة.
د. عيسى الدريبي: وقف المفسرون والذين يعالجون مثل هذا الأمر قبل علماء علوم القرآن موقف محاولة التوفيق أو محاولة إبداء الرأي في هذا الأمر قد يكون للدكتور فهد تعليق على هذا.
د. فهد الوهبي: والله أنا أقول مثل هذا المثال.
د. عيسى الدريبي: قال ابن كثير في تفسيره في تعليقه على هذا الحديث: هذا السياق كما يظهر يقتضي الأمر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك في المدينة مع أن السورة كلها مكية وهي سورة الإسراء وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، هذا كلام ابن كثير. ابن حجر يؤكد هذا الأمر يقول في الفتح: ويمكن الجمع بأن يتعدد النزول بحمل سقوطه في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك. أقول هذا المثال وغيره وهناك أمثلة محدودة لكن كثير من التطبيقات مثل ما تفضل الدكتور فهد عند التمحيص والتحقيق تجد أنها لا تثبت إما للطعن في إسناد الحديث أو لضعف فيها أو لغير ذلك.
د. عبد الرحمن الشهري: فتح الله عليك، أستأذنكم نأخذ مداخلة هاتفية من الأخ سالم الحارثي حياكم الله أخ سالم.
الشيخ الحارثي: الله يحييك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د. عبد الرحمن الشهري: نحن نتناقش يا شيخ سالم في موضوع هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب ما تعليقك حول هذه النقطة؟
مداخلة هاتفية الشيخ سالم الحارثي (باحث شرعي): حياكم الله وبارك فيكم، الحقيقة هذه قاعدة مهمة إنه إذا ورد العام على سبب خاص فإن العبرة بالعموم وليست العبرة بالخصوص. فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب يعني إذا ورد اللفظ العام على سبب الخاص فإن العمل على عموم اللفظ لا على خصوص السبب، لماذا؟ لأننا لو عملنا بخصوص السبب ما أدينا الدليل إلى قضايا أخرى لكن إذا قلنا العبرة بعموم اللفظ أيّ شخص تحصل له قضية مثل هذه القضية يطبق عليه النص إذن يصير الآن العبرة بعموم اللفظ وليس بالنظر إلى خصوص السبب ومن هنا صار العلماء يستدلون على أحكام الظهار بالآيات في سورة المجادلة لأن الآيات وردت بصيغة العموم مع أن الظهار لم يحصل إلا من شخص واحد هو أوس ابن الصامت رضي الله عنه ومع هذا قال الله تعالى (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم (2) المجادلة) وفي الآية التي بعدها (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ (3) المجادلة) فهذا والله أعلم أن الله لما ساق حكم القصة بأسلوب عام وليس بأسلوب خاص دل هذا على (أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) والدليل هو أن الشريعة ليست خاصة بأحد من المكلفين بل الشريعة عامة للبشرية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وهذا يناسب هذه القاعدة أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لكن يستثنى من هذا ما إذا وجد دليل يدل على أنه ليست العبرة بعموم اللفظ إنما سينظر إلى السبب هذا يستثنى.
د.عبد الرحمن الشهري: مثل ماذا يا شيخ سالم؟
الشيخ سالم الحارثي: إذا أردنا أن نجعلها قاعدة متكاملة نقول (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلا إن وجد الدليل الذي يدل على خصوص تخصيص العموم لمثل هذه الحالة) مثال ذلك ما ورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أسفاره رأى زحاماً ورجلاً قد ظُل”ِل عليه، فقال: ما هذا؟ قالوا رجل صائم؟ قال: ليس من البرّ الصيام في السفر، أنظر (ليس من البر) صيغة عموم يعني ما يمكن أن الصيام في السفر يصير من البر كان الأصل أننا ما ننظر للسبب لكن ننظر إلى اللفظ العام إن أيّ صيام في السفر ليس من البر لكن عندنا دليل على أننا ما نعمل بهذا العموم وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم صام في السفر ولا يمكن أن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ما ليس ببرّ فالعلماء وعلى رأس القائمة ابن دقيق العيد في شرحه على عمدة الأحكام عند هذا الحديث ذكر أن هذا الحديث العام لا يؤخذ به على عمومه إنما يطبق على أي حالة مثل حالة هذا الصحابي الذي تعب في السفر. فمثلاً لو سافرنا وبعضنا صائم وبعضنا لم يصم وبعض الإخوة الصائمين تعب تعباً شديداً والبقية لم يجدوا مشقة فصاموا كل هؤلاء لا نقول لهم (ليس من البرّ الصيام في السفر) ولكن الذي تعب هو الذي نقول له (ليس من البر الصيام في السفر) أما الذين لم يتعبوا صيامهم يعتبر من البرّ. إذاً صارت قاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) قاعدة لها ما يستثنيها.
د.عبد الرحمن الشهري: فتح الله عليك يا شيخ سالم وشكراً جزيلاً لهذه المداخلة القيّمة، الله يفتح عليك باسمكم جميعًا نشكر الأخ سالم الحارثي الباحث الشرعي.
دكتور فهد كنا نتحدث وكان الدكتور عيسى يناقش في مسألة تعدد النازل وأظنك كنت تقرأ من كتاب قواعد التفسير للدكتور خالد السبت يعني الأخ خالد يرى أنه قد يتعدد النزول مثل آية الروح (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ (86) الإسراء) نزلت في مكة في سورة الإسراء كما في قصة إرسال قريش لمن يسأل اليهود ونزلت في سؤال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، لكن كأني فهمت أن الرواية الأولى كأنها في الصحيح والثانية في الترمذي الإشكالية في الترجيح.
د. فهد الوهبي: هو الإشكالية
1ـ. أن حديث ابن مسعود الحديث الثاني حديث الترمذي مختَلف في وصفه وإرساله يعني لم يثبت الحديث وهذا رقم واحد.
2ـ نحن عندنا مرحلة قبل مرحلة تعدد النزول وهي كون بعض الآيات نزلت في المدينة وأُلحقت بسور مكية فلماذا نسير إلى تعدد النزول مع أنه هناك آيات نزلت بالمدينة وألحقت في سور مكية فإذن هناك مرحلة قبل مرحلة تعدد النزول، لا يُصار إلى تعدد النزول إلا بدليل صحيح وصريح. هذه الأدلة المتعارضة هذا الذي في البخاري ليس فيه إشكال لكن الذي في الترمذي في سنده إشكال حديث مختَلف في وصفه وإرساله عن ابن عباس ـ
حتى قاعدة: نحن نذكر هذا للتطبيق على قاعدة التقسيمات التي يذكرها علماء علوم القرآن عند تعدد الأسباب يلجؤنهم إلى عدة خطوات منها هذه الخطوة موجودة أن هذا الحديث موجود في الصحيحين والثاني في سنن الترمذي فيؤخذ به.
د. عبد الرحمن الشهري: مازلنا في المحور الثاني وهو محور تعدد الأسباب وتعدد النازل بها والحديث الذي ذكره الأخ سالم قضية العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب هل من تعليق حول هذه النقطة .
د. فهد الوهبي: هذه مسألة عموم اللفظ وخصوص السبب هذه ذكرها الأصوليون في القرائن التي تصرف العام عن عمومه يعني مثلًا يقولون إذا جاء الصحابي وقال قولًا يخالف الآية هل يصرف العموم؟ أيضًا إذا ورد اللفظ العام على سبب خاص هل هذا اللفظ يكون خاصًا؟ لكن المهم في هذه القضية أن الخلاف بين من قال أنه لفظ يبقى على عمومه أو يخصص كلهم لا يقولون أن يخصص بالعين (بالشخص)، بعضهم يقول يخصص بالنوع أو بعضهم يقولون أنه يبقى لفظ عام. أما دخول بعض أهل الانحراف الآن ويقولون نحن نسير على قاعدة (أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ) ويريدون بهذا أن يخصصوا الشريعة في مرحلة ما، ويسمونها بتاريخية الأحكام مثلًا وهناك نصوص للأسف عنهم تبين أن مذهبهم يُقصد به إبطال الشريعة بعضهم يقول: إن قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب قد حدثت في فترات الظلام الحضاري والانحطاط العقلي. ويقول آخر: والنصوص لا تفهم إلا بأسباب نزولها ما كان له سبب نزول معروف فلا يجوز تطبيقه ولا العمل به. مع أن الشريعة النصوص الواردة عن الصحابة رضوان الله عنهم تدل على العموم، ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه جاءه [9] رجل أصاب قُبلة من امرأة في حديث ابن مسعود فأتى رسول الله ـ فذكر له ذلك فأُنزلت (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات) فقال: ألي َ هذه؟ فقال : لمن عمل بها من أمتي، مع أنها نزلت على هذا الرجل. علي بن أبي طالب لمّا جاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال له ولفاطمة ألا تصليان؟ فقالا: أنفسنا بيد الله إن شاء بعثنا وإن شاء.. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب على فخذه ويقول (وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا) [10]
د. عبد الرحمن الشهري: مع أن هذه الآية لم تنزل في علي وإنما نزلت في
د. فهد الوهبي: نعم، أيضًا ابن عباس لما جاءه الفضل وسأله (والسارق والسارقة) أخاص أم عام؟ قال: عام. طبعًا هو هل يقصد عام يعني عمومي أو يُقطع في قدر من المال أو على عمومه بأي ّ قدر من المال لكن هذه اللفظة توضح أنها في عمومها هناك أيضًا روايات أخرى كثيرة لكن المهم أنه لا يُفهم حتى عند القائلين بأن العبرة بخصوص السبب أن تخصص الأحكام بأسبابها هم يقولون أنها تخصص بأمثلتها بمن كانت هذه حاله ويقاس عليه غيره وأما القائلون بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عموم اللفظ يقولون أن كل الناس يدخلون باللفظ من دلالة اللفظ
د. عبد الرحمن الشهري: دخولًا أوليًّا
د. فهد الوهبي: هذا الفرق، الفرق هل يدخل باللفظ أو يدخل بالقياس؟ وليس هناك خلاف أكثر من هذا .
د. عبد الرحمن الشهري: طبعًا إن شاء الله سنناقش الشبهات المثارة حول القاعدة عند المحور الثالث لكن لعلنا أيُّها الإخوة المشاهدون نعرض لكم في هذا الفاصل سؤال هذه الحلقة اليوم تبدأ مسابقة هذا البرنامج إن شاء الله تعالى وأرجو إن شاء الله لكم التوفيق جميعًا نشاهد جميعًا ونستمع إلى سؤال هذه الحلقة ثم نكمل حديثنا بإذن الله تعالى
عرض سؤال مسابقة الحلقة
نص السؤال:
اذكر مثالًا على أثر جاء فيه (فأنزل الله كذا) ولم يُعتبر من أسباب النزول؟
أرسل الإجابة برسالة نصية على الرقم 0533200575 أو على بريد البرنامج [email protected]
يحصل الفائز على نسخة من كتاب (الزيادة والإحسان في علوم القرآن) لابن عقيل المكي الذي نشره مركز تفسير للدراسات القرآنية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
د. عبد الرحمن الشهري: طبعًا نحن نهدف من هذه المسابقة تحريك وتنشيط الإخوة المشاهدين .
نواصل حديثنا حول السؤال حول تعدد النازل كأن لك تعليق يا دكتور عيسى حول هذه النقطة؟
د. عيسى الدريبي: كأني فهمت من الأخ ضيف الله أنه سأل السؤال الثاني العكس أنه قد تكون عندنا تعدد النازل والسبب واحد.
د. عبد الرحمن الشهري: نعم ستأتي معنا هي قضية أنها عدة آيات لسبب واحد هل يوجد لذلك أمثلة يا شيخ؟
د. عيس الدريبي: نعم يوجد أمثلة من ذلك ما أخرجه الإمام النسائي [11] عن ابن عباس قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت له قريش أنت خير أهل المدينة وسيدهم قال: نعم قالوا ألا ترى إلى هذا المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن يعني أهل الحجيج وأهل السدانة قال: أنتم خير منه فنزلت (إن شانئك هو الأبتر) ونزلت (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) إلى قوله (فلن تجد له نصيرا) في سورة النساء. وهنالك مثال آخر أخرجه الإمام البخاري وأحمد ومسلم والنسائي: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه و سلم فوجد عنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال: أيّ عمّ قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم به على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله والله لأستغفرنّ لك ما لم أُنهَ عنك فأنزل الله تعالى (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) في سورة التوبة وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) [12]. أمثلته قليلة لكنه موجود وهذا لا إشكال فيه .
د. عبد الرحمن الشهري: يعني أن يكون السبب واحد ولكن الآيات التي نزلت فيه أكثر من آية .
د. عيسى الدريبي: نعم
د. عبد الرحمن الشهري: جميل
د. عيسى الدريبي: هناك تعليق على قضية (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) أكّدها الدكتور فهد وهي واضحة في أن خاتمة الموضوع أن الخلاف كأنه صوري لأجل أن لا يدخل أصحاب قراءات النص الحديثة فهذا يعتبر من أهم المداخل الذي استطاعوا به أن يعتبروا من أكبر أدلتهم التي في قضية عدم العمل بالقرآن في الواقع المعاصر فيقولون القرآن نزل في وقت محدود أو في زمن محدود ولأسباب محدودة فيعتبر سبب النزول عندهم أصحاب قراءة النص الحديثة في النص القرآني أقصد القراءات المنحرفة يعتبر سبب النزول من المستندات التي يستندون عليها لكنهم يوظفونها إن صح التعبير توظيفًا يخدم هدفهم وعلى هذا فيكون القرآن الكريم على قولهم في خاتمة قولهم أن القرآن نزل نص تاريخي نزل لواقع معين لأسباب معينة فيبقى محصورًا في هذه الأسباب
د. عبد الرحمن الشهري: جميل، وكأني فهمت من الدكتور فهد أن هناك فرقًا بين قول المتقدمين (أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) وقول المتأخرين، المتأخرين يقصدون من ورائه قصر القرآن الكريم على زمن معين .
د. فهد الوهبي: على تاريخ معين فترة معينة
د. عبد الرحمن الشهري: تاريخ معين، أما المتقدمون كانوا يتحدثون هل يدخل دخولًا أوليًّا أو يدخل بالقياس
د. عيسى الدريبي: المتأخرون من أصحاب الاتجاهات المنحرفة .
د. عبد الرحمن الشهري نعم، ننتقل إلى موضوع الشبهات التي تثار حول موضوع نزول القرآن الكريم ودعونا نشير إلى أبرز الشبهات وكيف تجيبون عنها الإخوة المشاهدين. من الشبهات التي يثيرونها واطلعت عليه في كتاب محمد يوسف ألعشماوي ونصر حامد أبو زيد يقول: (إن كل آية نزلت لسبب) ما ردّ من رد على هذه الشبهة دكتور عيسى باختصار؟ هل فعلًا كل آية من آيات القرآن نزلت فعلًا لسبب؟
د. عيسى الدريبي هذا الكلام عند التأمل اليسير يسقط لأننا نحن على ما نعلم القرآن الكريم على قسمين (نزوله)
قسم نزوله نزل ابتداءً من غير سبب وهذا هو غالب القرآن الكريم،
القسم الثاني ما نزل بسبب وهذا محدود بدلالة حصره بدلالة أن العلماء ألفوا مؤلفات لعله يتيسر لك ذكر بعضها ألفوا مؤلفات في حصر أسباب النزول كالإمام الواحدي والسيوطي وابن حجر من المتقدمين وغيرهم من المتأخرين أيضًا كلهم ألفوا ممّا يدل على أنها عدد محصور فلا يمكن هذا وإنما هم يريدون من هذا أيضًا مدخل لقضية (حجْر) يبقى القرآن الكريم كنص كما يقولون تاريخية المصدر نص تاريخي في وقت معين لزمن معين ويبقى هذا الحدود فلا يعمل به لا يمكن أن نقطع يد السارق الآن لأن هذا نزل في واقعة معينة وانتهت الواقعة .
د. عبد الرحمن الشهري: انتهيت دلالة الآية بانتهاء الواقعة إذن نقول هذه شبهة باطلة ومردودة بأيسر طريق. أيضًا من الشبهات دكتور فهد يقولون بأن القرآن أزليّ موجود في اللوح المحفوظ قبل أن تقع هذه الأسبابالتي نتحدث عنها فإذا كان أزليًّا فما معنى الحديث عن أسباب النزول؟ يقولون الكلام عن أسباب النزول كلام فارغ! ليس له داعي
د.فهد الوهبي: يقولون التعارض كيف يكون القرآن أزلي ثم ينزل لأسباب؟! هو موجود طبعًا هذه الشبهة على مذهب الأشاعرة ومن يقول أن كلام الله صفة ذات فقط وليست صفة فعل يعني أنه صفة ذاتية لله وليست صفة فعلية وهذا مذهب من يقول أن الكلام كلام نفسيًا
إن الكلام على الفؤاد وإنما جُعِل اللسان للفؤاد دليلًا
لكن مذهب أهل السنة والجماعة يقولون إن كلام الله قديم النوع حادث الآحاد فهو صفة ذات وصفة فعل في نفس الوقت يعني هو ذاتيٌّ لله لا يتصور أن الله بلا كلام فهو مثل السمع والبصر والقوة والعزة فهو صفة ذات له وأيضًا هي صفة فعل يتكلم سبحانه بما شاء وقت ما يشاء ويسمع من يشاء وهذا هو المذهب الصحيح. فإذا نحن اعتقدنا هذا المذهب مذهب أهل السنة والجماعة فتنتهي المشكلة لأننا نحن لا نقول كلام الله أزليّ كله بمعنى أنه لم يتكلم كلاماً أحاديًّا، لا، نحن نقول يتكلم بما شاء متى شاء فهنا إذا جاء سبب وتكلم فهذا يعني لا إشكال عندنا كمذهب أهل السنة والجماعة
د. عبد الرحمن الشهري: يعني هذه رد على هذه الشبهة وهي مرتبطة بمذهب الأشاعرة ،
د. فهد الوهبي: نعم .
د. عبد الرحمن الشهري: نأخذ معنا اتصال معنا الأخ محمود البعداني وهو باحث في الدراسات القرآنية في مرحلة الدكتوراة حياكم الله يا شيخ محمود
اتصال هاتفي (الباحث / محمود العداني) مرحلة الدكتوراة: الله يحييك ويبارك فيك
د. عبد الرحمن الشهري: أهلًا ومرحبًا فيك، نحن نتحدث يا شيخ عن الشبهات التي أثيرت حول نزول القرآن الكريم وذكر بعضها الزملاء، الدكتور عيسى والدكتور فهد، من الشبهات يا شيخ محمود ما ذكره شحرور عندما قال أن: أسباب النزول منحصرة في الكتاب لا في القرآن، ما جوابك على هذه النقطة؟
اتصال هاتفي (الباحث / محمود العداني) مرحلة الدكتوراة:
بسم الله الرحمن الرحيم أولًا لا بد أن نتصور أن الدكتور محمد شحرور وهو سوري الجنسية يفرق بين الكتاب والقرآن فيعتبر أن الكتاب شيء غير القرآن، الكتاب ما كان من الآيات المحكمة والقرآن الآيات المتشابهة أيضًا له رأي في المحكم والمتشابه فيعتبر المحكمات هي الآيات الكونية والمتشابهات ما سوى ذلك ولو كان نصًا صريحًا يتكلم عن أحكام شرعية ونص صريح في أمور الغيبيات كأمور الجنة والنار فهو يعتبر هذا من قبيل المتشابهات المندرجة تحت القرآن
د. عبد الرحمن الشهري: وهل هذا الكلام صحيح؟
اتصال هاتفي (الباحث / محمود البعداني) مرحلة الدكتوراة:
لا شك أن هذا من الباطل وما قال به أحد أصلًا من أهل العلم لا بقضية التفريق بين القرآن والكتاب أولاً بل هم يعتبرونها من أسماء القرآن من أسمائه الكتاب الذكر الفرقان، ومن جانب آخر تفريقه ورؤيته للمحكمات والمتشابهات وأن المحكم هو القوانين الكونية وما يقتضيه الطبيعة والمتشابهات ما سوى ذلك وهذا لم يقل به أحد من المتقدمين ليس قولًا مطروحًا عند العلماء أصلًا. إذا تصورنا هذا الأمر بالنسبة للدكتور محمد شحرور فسنتصور سبب قوله في أسباب النزول وهو في الحقيقة من خلال بحثي يتبين لي أن الدكتور محمد شحرور يُنكر أن يكون في القرآن أسباب نزول أصلًا من جملة كلامه يقول: (زعم وجود أسباب للنزول يجرد الآيات والأحكام والقول الإلهي من مُطلقيته وعموميته ويجعله مقيدًا) وكذلك يقول: (إن القرآن ليس له علاقة بأسباب النزول لأنه كان سيأتي سُئل عنه أو لم يُسئل) وهذا ظاهر أنه الإشكال عند الدكتور شحرور وأمثاله ممن يقولون مثل هذا القول هو في مفهومهم للسبب فمفهومهم السبب أنه لا بد من نزول القرآن مع نزوله وهذا كما بيّن المشائخ في بداية الحلقة مفهوم خاطىء مقصودهم بسبب النزول مقصود أهل العلم شيء آخر غير هذا وهو ما نزلت الآيات مصاحبة له أو ذكرت في أثنائه، أما مسألة أن سبب النزول ما لا بد ّمن نزول القرآن معه هو الأصل أن الخطأ عندهم مثل هذا البناء
د. عبد الرحمن الشهري: عفوًا يا شيخ محمود هل ترى مثل هذه الأقوال التي يكتبها الدكتور محمود شحرور وأمثاله هي سببها الجهل بهذه العلوم الشرعية المتعلقة بالقرآن الكريم فهم ليسوا من المتخصصين فيها وإنما هم يشتغلون بعلوم الهندسة والطب ويتكلمون بمثل هذا الكلام الذي ليس لهم أيّ أصل للمتخصصين في القرآن وعلومه؟
اتصال هاتفي (الباحث / محمود البعداني) مرحلة الدكتوراة:
لاشك هذه الظاهرة ملحوظة بالنسبة لأصحاب القراءات المعاصرة أنهم في مجملهم غير متخصصين في العلوم الشرعية هم متخصصون في الفلسفة أو متخصصون في العلوم الطبيعية مثل الدكتور محمد شحرور متخصص في الهندسة الميكانيكية ومثل هذا بعيد كل البعد عن المصطلحات الشرعية وعن فهمها وحين يكتب هؤلاء في الغالب يكتبون ارتجالًا ولا يرجعون أصلًا إلى كتب أهل العلم ..
د.عبد الرحمن الشهري: جزاك الله خيراً يا شيخ محمود أشكرك على هذه المداخلة الماتعة، شكراً للشيخ محمود البعداني الباحث والمتخصص في الدراسات القرآنية وعضو بملتقى أهل التفسير. نعود إلى المحور الأخير معنا في هذه الحلقة يا مشايخ وهي مسألة (تاريخية القرآن) يا دكتور فهد يعني هذه من الشبهات التي تثار كثيراً ونريد أن نشير إليها باختصار الزعم بأن القرآن الكريم مقتصر على زمن نزوله والطعن بأن أسباب النزول هي تؤكد أن القرآن الكريم تاريخي يعني خلاص مقتصر على الوقت الذي نزل فيه ما الرد على مثل هذه الشبهات؟
د.فهد الوهبي:. مثل هذه الشبهات أولاً ينبغي ألا يكون الإنسان مثل ما قال شيخ الإسلام (إسفنجة) كل ما تأتيه شبهة يتشربها يكون مثل (الزجاجة) لكن هذه الشبهات هي تصادم أصل الدين يعني أصل الدين أن هذا الدين الإسلامي هو الدين الخاتم وسيبقى هذا الدين إلى قيام الساعة فإذا قلنا أن الأحكام الشرعية مختصة بتاريخ معين معنى ذلك أن الأجيال القادمة لا تحكم بهذا الدين ولا تحكم بهذا القرآن وهذه مصادمة صريحة للدين الإسلامي وهذا رقم واحد.
رقم اثنين أنهم يعتمدون على بعض الأدلة التي هي فاسدة وليست فيها دلالة كما قلنا من يقول أن العبرة بخصوص السبب هو يخصص الأحكام بتاريخ معين وفي وقت معين وهذا لا شك أنه غير صحيح بل هو كلام المتقدمين يقصدون أن هذا داخل قطعاً وغيره يدخل بالقياس والمتأخرين أصحاب القراءات المعاصرة يقولون لا، نحن نستدل بكلامهم على أن هذه الأحكام في ذلك الوقت.من جاء بعدهم كيف نحكم عليه وكيف نعطيه الأحكام؟ هنا نجد أنهم في الحقيقة يؤدون إلى ترك الشريعة وعدم الحكم بها.
د.عبد الرحمن الشهري: فتح الله عليك يا دكتور فهد وهذه نقطة مهمة جداً لعلنا نكون بذلك قد أتينا على أبرز الشبهات التي أثيرت حول هذا الموضوع وكثير من الشبهات التي اطلعت عليها في موضوع النزول لا تستحق أن تذكر يعني ليس لها أي أساس لا علمي ولا ينمّ عن معرفة مما يدل على أن إهمالها أولى من ذكرها أستأذنكم في اتصال هاتفي معنا الشيخ فهد الجريوي عضو ملتقى أهل التفسير لكي يطلعنا على جديد الدراسات القرآنية وهذه فقرة أرجو إن شاء الله أن تستفيدوا منها، حياكم الله يا شيخ فهد.
الشيخ فهد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييك يا شيخ عبد الرحمن وأحيي ضيفيك الكريمين الدكتور فهد الوهبي والدكتور عيسى الدريبي.
د. عبد الرحمن الشهري: ونحن أيضاً نحييك وننتظر أن نسمع منك الجديد فأنت خبير بالكتب يا شيخ فهد.
الشيخ فهد: حفظكم الله يا دكتور عبد الرحمن، فيما يتعلق بهذه الفقرة بإذن الله ستكون فقرة أسبوعية وسنعرض فيها الحديث من الدراسات القرآنية بإذن الله لكن أحب أن أشير إلى أمرين قبل أن أبدأ بعرض الكتب:
الأمر الأول أن هذه الفقرة ليست معنيّة بنقد الكتب أو تقويمها فهذا له مجال آخر إنما فقط الإشارة.
الأمر الآخر أن ليس عرضنا للكتب يعني أننا نشير لها وأن هذا إشادة لها لا ولكنه عرض ثم بعد ذلك نترك الحكم للقارئ الكريم ـ بإذن الله.
الكتاب الأول هو للدكتور صالح الرشيد وهي رسالة دكتوراه بعنوان “المتحف في أحكام المصحف” والكتاب طبع قديماً ووزعته مؤسسة الريان في عام 1424 هـ ولكن انتشاره ليس بذاك والكتاب نفد من المكتبات وأعادته دار المنهاج في حلة قشيبة فاخرة وبعد المقارنة بين الطبعتين وجد أن الكتاب أعيد طبعه فقط ولكن بدون أي إضافات فمن كانت عنده النسخة الأولى أو الطبعة الأولى فليكتفي بها. والكتاب في الحقيقة قيم في بابه فيه استقراء وتتبع ومفيد ونافع في هذا الباب.
ومن أراد الاستزادة في المسائل المتعلقة بأحكام القرآن فهناك كتاب بعنوان “فيض الرحمن في الأحكام الفقهية الخاصة بالقرآن” للدكتور أحمد ملحم من دار النفائس كتاب جيد.
وكذلك كتاب “الأحكام الفقهية الخاصة بالقرآن” للدكتور عبد العزيز الحجيلان واختصره وطبعته دار ابن الجوزي.
الكتاب الثاني “آثار الإيمان باليوم الآخر من تفسير الطبري جمعاً وترتيباً وتحقيقاً ودراسة” للدكتور سعود العقيل وهو رسالة دكتوراه وقد اشتمل الكتاب على أربعة أبواب، الباب الأول في الموت وأحوال البرزخ، الباب الثاني في الآثار الواردة عن السلف في أشراط الساعة، والباب الثالث في الآثار الواردة عن السلف في البعث وما يتعلق به، والباب الرابع في الآثار الواردة عن السلف في الجنة والنار وما يتعلق بهما والمؤلف وفقه الله قام بقراءة تفسير الإمام الطبري من أوله إلى آخره كما ذكر في مقدمته واستخرج منه جميع الآثار المروية عن السلف مما له صلة بموضوع الإيمان باليوم الآخر وجمع كلام الإمام ابن جرير الطبري وترجيحاته حول بعض المسائل.
الكتاب الثالث “هذا هو القرآن العظيم” للدكتور المعروف صاحب المؤلفات الكثيرة محمد بن موسى الشريف والكتاب في الحقيقة لم يشتمل على جميع أبواب علوم القرآن إنما مباحث منها وهي الأهم وكذلك كتبه بلغة ميسورة سهلة لقصد المؤلف أن يكون هذا منهجاً ثقافياً للطلاب حلقات التحفيظ وذكر جملة من التراجم والكتاب ممتع ولكنه يصلح لعامة الناس ولا يصلح للمتخصصين.
الكتاب الرابع كتاب “هكذا عاشوا مع القرآن قصص ومواقف” للدكتورة أسماء بنت راشد الرويشد وهو امتداد لسلسلة مؤلفات يصدرها مركز تدبر للدراسات والاستشارات والكتاب حقيقة جميل وهادف ومفيد لعامة الناس. وما دمنا تحدثنا عن مركز تدبر للدراسات فأشير إلى كتاب لطيف كذلك صدر في هذا العام من المركز وهو بعنوان “أسوار العفاف” قبس من سورة النور للدكتور عصام العويد فهو مفيد خاصة للأخوات الكريمات.
كذلك من الكتب “رسل الله وأنبيائه في القرآن الكريم” جمع وترتيب عبد الله الرذيمان وحقيقة فكرة الكتاب طريفة حيث قام المؤلف بحصر أسماء كل نبي ورد في القرآن الكريم وأثبت الآيات الدالة على ذلك من كل سورة وتحته ترجمة مختصرة لكل نبي مع ذكر شيء من فضائله وما ورد في القرآن من وصفه بالرسالة أو النبوة، وبذلك مثلاً لما أتى على اسم موسى ذكر كم مرة ورد اسمه بصفة النبوة ثم ذكر كم ورد وصفه بالرسالة وأشار المؤلف في مقدمته إلى الفائدة ذلك بقوله: لعل من يجد مثل هذا الفرق يقوده ذلك إلى التفكر والاعتبار.
الكتاب الأخير يا دكتور عبد الرحمن بعنوان “الترتيل في آيات التنزيل” للدكتورة ندى مرعشلي وقدم له شيخ قراء الشام محمد كريّم راجح وذكر الشيخ محمد وفقه الله في تقديم الكتاب ملحوظة أو فائدة مهمة لجميع من يقتني كتب التجويد فقال: هذا الكتاب مفيد لمن قرأه بتدبر ورويّة ولكنه كغيره من الكتب لا يغني عن المشافهة والتلقي من فم الشيوخ المتقنين.
أختم شيخي العزيز عبد الرحمن بكتاب ندل عليه الإخوة المشاهدين في نهاية كل مشاركة وهو كتاب “تحزيب القرآن” لفضيلة الدكتور عبد العزيز بن علي الحربي وهو حقيقة كتاب قيّم نافع في بابه قد يكون أجود ما ألّف في تحزيب القرآن والكتاب اشتمل على جملة من الموضوعات الهامة المفيدة من بين ذلك أحسن الطرق وأقصرها لحفظ القرآن الكريم وكذلك عشر وصايا لحفظ القرآن وتثبيته والتفاسير المقترحة لقراءتها مع التحزيب ومن أقوال وأخبار أهل القرآن وكذلك فكرة تحزيب القرآن أي مثلًا كيف يستطيع الإنسان أن يختم القرآن في سبعة أيام أو في ثمانية أيام أو في نصف شهر أو في شهر وهكذا ولذلك عندما أتى مثلاً عند كيف يختم الإنسان في سبع أو ثمان ذكر من قرأ بهذا التقسيم من السلف ثم يضع جدول في اليوم والمقدار ويقسم الختمة على ضوئه ويبين هل هناك سرّ للختم بهذا الرقم ثم يذكر فوائد كل طريقة في التحزيب وهكذا. أختم شيخي العزيز بفائدة من الكتاب والكتاب حقيقة مليء بالفوائد وهذه أهديها لإخواني الذين يحفظون القرآن ويظنون أنه بالختمة الواحدة أو الإثنتين يكون الإنسان قد أتقن الحفظ فيقول وفقه الله وحفظه فيقول: من طرق تثبيت القرآن عرض القرآن على حافظ فإن كان ممن تهابه أو تستحي منه فهو أدعى للنفع وأقوم وقد فعلت ذلك فكنت أختم القرآن كل خميس عرضاً حولين كاملين في كل يوم خمسة أجزاء ولا أعرض شيئاً في يوم الجمعة حتى لم أكد أخطئ بعدها ولم أكن قبلها أعد نفسي حافظاً.
أسأل لله أن يوفقنا وإياكم شيخ عبد الرحمن وهذا ما تهيأ إعداده وتيسر إيراده وأعان الله على قوله.
د.عبد الرحمن الشهري: شكراً جزيلاً للشيخ فهد الجريوي عضو ملتقى أهل التفسير على هذه الفقرة الماتعة وأرجو إن شاء الله أن نستمتع بها جميعاً وإياكم أيها الإخوة المشاهدون كل أسبوع. بقي معنا وقت يسير وهنا أسئلة في الموقع
• سؤال يسأل عن أبرز الكتب التي نوصي بها في أسباب النزول ولعلي أذكر لكم الإخوة في الإعداد جزاهم الله خيراً أعدوا كل الكتب والرسائل العلمية التي وردت في أسباب النزول وسأضعها إن شاء الله في ملتقى أهل التفسير، من الكتب التي ألفت في أسباب النزول:
كتاب “التفصيل في أسباب التنزيل” عن ميمون ابن مهران ذكر الدكتور عبد الحكيم أنيس أنه اطلع عليه وهو مخطوط وميمون ابن مهران توفي سنة 117هجرية.
” أسباب نزول القرآن الكريم” للإمام الواحدي وهذا أشهر كتب أسباب النزول المتوفى 468 هجرية بتحقيق الدكتور ماهر الفحل – دار الإيمان وهو كتاب قيم لا يستغني عنه طالب العلم.
الإمام الجعبري اختصر كتاب الواحدي في أسباب النزول وسماه “عجائب النقول في أسباب النزول” والدكتور فهد الوهبي يقول أن اسمه “بدائع افهام الألباب في نسخ الشرائع والأحكام والأسباب” كأنك اطلعت عليه يا دكتور فهد.
أيضاً من الكتب القيمة في أسباب النزول “العجاب في بيان الأسباب” للحافظ ابن حجر العسقلاني وهو كتاب من أجود كتب أسباب النزول لو اكتمل ولكن للأسف أنه ناقص وقد حقق الجزء الموجود منه الدكتور عبد الحكيم الأنيس وطبعته دار ابن الجوزي.
أيضاً من الكتب المشهورة جداً “لباب النقول في أسباب النزول” للحافظ السيوطي
ومن الكتب المعصرة المميزة في هذا كتاب زميلنا الدكتور خالد ابن سليمان المزيني “المحرر في أسباب النزول” للقرآن الكريم من خلال الكتب التسعة وكان من المفترض أن يداخل معنا الدكتور خالد لكن يبدو أن هاتفه مغلق عندما اتصل عليه الإخوة من الاستديو .
أيضاً من الكتب المطبوعة “الاستيعاب في بيان الأسباب” للأستاذ سليم الهلالي والدكتور محمد موسى نصر وطبعته دار ابن الجوزي وهناك عدد من الرسائل العلمية في هذا الموضوع أرجو إن شاء الله أن نضعها للإخوة على ملتقى أهل التفسير.
ملخص الحلقة:
يمكن في نهاية هذه الحلقة أيها الإخوة المشاهدون أن أتلو عليكم ملخصاً كتبته الأخت أم أسامة جزاها الله خيراً تحدثنا في هذه الحلقة مع ضيوفنا الكرام عن تعريف سبب النزول وقلنا أن ما نزل القرآن الكريم بشأنه كحادثة أو سؤال واستبعدنا كلمة “وقت نزوله” لأننا اكتشفنا أن كلمة وقت نزوله تقيدنا وتخرج الكثير مما روي عن السلف.
وأيضاً ذكرنا أن نزول القرآن الكريم كما ذكر الدكتور عيسى ينقسم إلى قسمين قسم نزل ابتداء وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال
وأشار الإخوة الضيوف أن الفرق بين الإطلاقات القديمة والإصطلاح المعاصر في المراد بسبب النزول هو ضرورة الإنتباه إلى هذه المسألة أثناء القراءة في كتب أسباب النزول
أيضاً ذكروا من فوائد أسباب النزول معرفة الآية أو فهم الآية على وجهها الصحيح فأن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب وذكر المشايخ أمثلة تقرب هذه الفوائد
وأيضًا تعرضنا لمسألة كيف نعرف سبب النزول وذكر المشايخ أنه يعرف سبب النزول بواسطة الرواية والأثر عن الصحابة
ثم تعرضنا أيضاً لبعض الشبهات التي تناولت هذا الموضوع وذكرنا رأي عبد الحميد الفراهي والجواب عنه أو التعليق عليه من الإخوة المشاهدين.
بقي معنا في ختام هذه الحلقة أن نشكركم جميعاً واشكر ضيوفي الكرام الدكتور عيسى ابن ناصر الدريبي أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة الملك سعود وفضيلة الشيخ الدكتور فهد بن مبارك الوهبي أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة طيبة على ما تفضلوا به كما أشكر الإخوة الذين تداخلوا معنا من المشايخ والباحثين الفضلاء وأشكر الإخوة الذين قاموا بالإعداد لهذه الحلقة في ملتقى أهل التفسير وفي مركز التفسير للدراسات القرآنية وأشكركم على متابعتكم وألقاكم إن شاء الله تعالى في الحلقة القادمة في أطيب حال، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
————
الحواشي:
[1] عن ابن أبي مليكة أن علقمة بن وقاص أخبره أن مروان قال لبوابة اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لا يفعل معذبا لنعذبن أجمعون. فقال ابن عباس وما لكم ولهذه إنما دعا النبي صلى الله عليه و سلم يهود فسألهم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم وفرحوا بما أتوا من كتمانهم ثم قرأ ابن عباس وإذ أخذ الله ميثاق الذين أتوا الكتاب – كذلك حتى قوله – يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا صحيح البخاري باب ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا
[2] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ — نَهَى عَنْ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِى مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ.صحيح مسلم باب تَحْرِيمِ أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِى مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ
[3] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ « أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا ، وَهْوَ خَلَقَكَ » قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ « ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ ، أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ » قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ « أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ » . فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) صحيح البخاري باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم)
[4] حدثنا علي حدثنا مالك بن سعير حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها أنزلت في الدعاء صحيح البخاري باب الدعاء في الصلاة
[5] حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ عُبَدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: مَا أَرَى هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ إِلاَّ فِي الْمُؤَذِّنِينَ: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.مصنف ابن أبي شيبة باب في فضل الأَذَانِ وَثَوَابِهِ.
[6] يقول الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري في موقعه الخاص في موقع الالوكة (الإمام عبدالحميد الفراهي، الهندي المولود عام 1280هـ والمتوفى سنة 1349هـ بعد حياة حافلة بالبحث العلمي والإبداع فيه وتقديم الجديد والمفيد في كثير من الأبحاث التي عَرضَ لها في مؤلفاته ودروسه.
وهو من العلماء المتأخرين القلائل الذين أتوا بالجديد في مؤلفاتهم، من حيث المنهجية العلمية التي عالجوا بها العلم، وقد كان نصيب القرآن وعلومه كبيراً من تلك الدراسات. وأنا من المحبين لتراث هذا الإمام، والناصحين بقراءة كتبه ورسائله على ندرتها وقلة انتشارها بين أيدي طلبة العلم، http://www.alukah.net/Web/alshehry/0/26652/)
الإمام الفراهي، علامة العربية والتفسير بقلم: الأستاذ أحمد حسن فرحات
يعتبر العلامة عبدالحميد الفراهي الهندي ، أحد مخضرمي القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين . حيث ولد سنة 1280 هـ في قرية فريها – من قرى مديرية أعظم كره بالهند – وكان ابن خال علامة الشرق ومؤرخ الإسلام ، الشيخ شبلي النعماني- تغمده الله برحمته – . وتوفي سنة 1349 هـ الموافق 1930 م .
ومن المؤسف أن يكون مثل هذا العلم العظيم ، مجهولا إلى حد كبير في الأوساط العلمية والثقافية ، في العالمين العربي والإسلامي، على الرغم من كتبه ومؤلفاته التي تدل على عبقرية فذة ، وعقلية مبدعة ، والتي لابد أن يكون لها أثر بارز في حاضر ومستقبل العلوم العربية والإسلامية .
اشتغل الفراهي منذ يفاعته بطلب العلم ، فحفظ القرآن ، وقرأ – كدأب أبناء العائلات الشريفة في الهند – اللغة الفارسية وبرع فيها ، ثم انصرف إلى طلب العربية ، فاستظل بعطف أخيه الشيخ شبلي النعماني – وكان أكبر منه بست سنين – فأخذ منه العلوم العربية كلها من صرفها ونحوها ، ولغتها وأدبها ، ومنطقها وفلسفتها .
ثم سافر إلى لكنو – مدينة العلم في الهند – وجلس في حلقة الفقيه المحدث الإمام الشيخ أبي الحسن السهارنفوري – شارح الحماسة وأستاذ اللغة العربية في كلية العلوم الشرقية بلاهور – فبرع في الآداب العربية ، وفاق أقرانه في الشعر والإنشاء .
قرأ دواوين الجاهلية كلها ، وحل عقد معضلاتها ، وقنص شواردها فكان يقرض القصائد على منوال الجاهليين ، ويكتب الرسائل على سبك بلغاء العرب وفصائحهم .
ثم عرج على اللغة الانجليزية – وهو ابن عشرين سنة – ودخل في كلية عليكره الإسلامية ، ونال بعد سنين شهادة B A من جامعة الله أباد ، وامتاز في الفلسفة الحديثة ، أخذها من الأستاذ بكلية عليكره الإسلامية يومئذ – … كان الفراهي عالماً بالعلوم العربية والدينية ، وفاضلا في العلوم العصرية والإنكليزية ، ثم عين معلماً للعلوم العربية ، بمدرسة الإسلام بكراتشي عاصمة السند ، فدرس فيها سنين ، وكتب وألف وقرض وأنشد . ثم انقطع إلى تدبر القرآن ودرسه ، والنظر فيه من كل جهة . وجمع علومه من كل مكان ، فقضى فيه أكثر عمره ، ومات وهو مكب على أخذ ما فات العلماء ، ولف ما نشروه ، ولم ما شتتوه ، وتحقيق ما لم يحققوه ، فكان لسانه ينبع علما بالقرآن ، وصدره يتدفق بحثاً عن مشكلاته ، وقلمه يجري كشفا عن معضلاته …
أما المناصب التي شغلها : فقد عين أستاذ للغة العربية بكلية عليكره الإسلامية، وكان بها يومئذ أستاذ اللغة العربية المستشرق الألماني الشهير يوسف هارويز، الذي استكمل العربية من الفراهي وقرأ عليه الفراهي العبرية .
ثم عين أستاذاً بجامعة الله أباد ، وبقي فيها أعواما حتى انتقل منها إلى حيدر أباد الدكن ، رئيسا لمدرسة دار العلوم النظامية ، التي كانت تخرج قضاة البلاد وولاتها. وهو الذي عمل على تأسيس الجامعة العثمانية ، والتي كانت من أحدث جامعات العالم سنا ، وأعجبها نظاما .
ثم استقال ولزم بيته، وانقطع إلى العلم، وكان قد أسس قرب قريته مدرسة عربية دينية، سميت ” مدرسة الإصلاح ” فكان ينظر في شؤونها، وكان من أعظم مقاصدها وأهدافها تحسين طريق تعليم العربية، وإيجاز قائمة دروسها المتعبة العقيمة ، وإلغاء العلوم البالية القديمة، والعكوف على طلب علوم القرآن والبحث عن معانيه ونظمه، وأحكامه وحكمه .
كما كان رئيسا للجنة المديرين “لدار المصنفين ” التي كان أحد مؤسسيها نقلًا من موقع (نظام القرآن) الخاص بالتراث العلمي للعلامة الفراهي
[7] صحيح البخاري باب كلام الخصوم بعضهم في بعض
[8] باب إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم
[9] حدثنا مسدد حدثنا يزيد هو ابن زريع حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود
: أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له فأنزلت عليه (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين). قال الرجل ألي هذه ؟ قال ( لمن عمل بها من أمتي )
صحيح البخاري باب قوله (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين)
[10] حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني علي بن الحسين أن الحسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره
: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت النبي ليلة فقال (ألا تصليان) فقلت يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إلي شيئا ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً صحيح البخاري اب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب
[11] أنا عمرو بن علي نا بن أبي عدي عن داود عن عكرمة عن بن عباس قال : لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت له قريش أنت خير أهل المدينة وسيدهم قال نعم قالوا ألا ترى إلى هذا المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن يعني أهل الحجيج وأهل السدانة قال أنتم خير منه فنزلت (إن شانئك هو الأبتر) ونزلت (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت إلى قوله فلن تجد له نصيرا) النساء
سنن النسائي قوله تعالى (إن شانئك هو الأبتر)
[12] البخاري باب (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) ومسلم باب أَوَّلُ الإِيمَانِ قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.والنسائي النهي عن الاستغفار للمشركين )